كاثار
الكاثار هي حركة دينية لها جذور غنوصية بدأت في منتصف القرن الثاني عشر.[1][2][3] وقد اعتبرتها الكنيسة الرومانية الكاثوليكية آنذاك أنها طائفة خارجة عن الدين المسيحي. كانت الكاثارية موجودة في معظم مناطق أوروبا الغربية، وهي من أصل فرنسي جنوبي.
الاسم الكاثار Cathars يأتي من اللغة اليونانية καθαροί والتي تعني الطاهر.
المعتقدات
مصطلح مشتق من الكلمة اليونانية Katheroi وتعني "الأطهار Pure Ones". يعتنق الكثاريون مذهب الثنوية اللاهوتي الذي يعترف بوجود قوتين إلهيتين ندّين لبعض، واحدة خيرة والأخرى شريرة، تتصارعان منذ الأزل. ويؤمنون بأن العالم كله شرير لأنه من خلق الشيطان، رب الشر. والروح، التي أصلها من عالم رب الخير، محتجزة داخل الجسد المادي. ولتحرير الروح، يجب الخضوع لشعائر تعرف باسم consolamentation. بعد سنوات من امتحان صارم من الصوم والتعليمات، يجب أن يتعمّد المؤمن على أيدي الذين استلموا من قبل شعائر consolamentation. على متلقي الأسرار بعد هذا، أن يقسم بأن يبقى أعزباً، وأن لا يتملك عقارا، وألا يذهب لحرب وألا يأكل أي طعام نتج من اتصال جنسي. ينال المؤمن بعد المعمودية لقب "الكامل the Perfect" ويسمح له بتلاوة صلاة الرب Lord’s Prayer. أولئك الذين ماتوا دون أن يحصلوا على consolamentum سيتجسدون من جديد (نفس الروح في جسد جديد)، ويحصلون على الخلاص فقط عندما تنقى أرواحهم من العناصر المادية. مثل هذه التعاليم تحتم إعادة تفسير الكتاب المقدس. أجزاء كثيرة من العهد القديم نظر إليها بعين الشك أو أحيانا كانت ترذل. مذهب التجسد مرفوض عندهم. وكان ينظر ليسوع كملاك الذي كانت آلامه وموته ظاهرة فقط.
التاريخ
مصادرأو أصول حركة الكثاريين تبدأ بالأعمال التبشيرية لحركة البوغوميل Bogomils، وهي مذهب ثنوي ظهر في الجنوب الشرقي لأوروبا القرن 11. خلال القرن 12 جُلبت معتقدات البوغوميل لغرب أوروبا عن طريق المبشرين والجنود العائدين من الحملة الصليبية الثانية (1147-1149). حوالى عام 1150 أسست أول أبرشية كثارية في فرنسا. بعد سنوات قليلة أسست أبرشيتان في منطقتي ألبي Albi ولومباردي Lombardy. بنهاية القرن 12، كان للكثاريين أحد عشر أبرشية خمسة في فرنسا وستة في إيطاليا. كان التهديد الملحوظ الذي أثاره المذهب الكثاري ضد الكنيسة السائدة واضحا، ما دعى البابا إينوسنت الثالث Pope Innocent III أن يعلن حرباً صليبية على الكثاريين سنة 1209. أتبع ذلك عشرون سنة من الحرب الضروس، التي خربت خلالها مدنهم وأبرشياتهم في الجنوب الفرنسي. في أسوأ وأفضع فصول تلك الحرب، ذبح تقريباً معظم سكان مدينة تولوز Toulouse، من كثاريين وكاثوليك. استمرت المقاومة حتى 1243 عندما تم الاستيلاء على حصن مونتزغر Montsegur الكثاري في جبال البيرينيه Pyrenees ودمر. أولئك الذين رفضوا أن يتخلوا عن معتقداتهم كانوا غالباً ما يعذبوا أو يلقوا في النار حتى الموت. وبالرغم من الاضطهاد المستمر، استمرت الحركة الكثارية خلال القرن 14، متلاشية فقط في القرن 15.
ازدهر الكاثار في جنوب فرنسا في المنطقة التي كانت معروفة باسم (أوكسيطانيا Occitània) منذ حوالى 850 م، وبحكم موقعهم الجغرافي في شمال شبه الجزيرة الأيبيرية – غاليا (بلاد الغال) وفتح المسلمين للأندلس فقد اصطدم الاوكسيطان مع المسلمين في موقعة "بلاط الشهاداء" – معركة تولوز – (721)، التي وصفها مؤرخون مسلمون مثل ابن حيان (987-1076) وابن الأثير (1160-1233) والمقري (1591-1632). إلا أن العرب هزموا في معركة بواتيه الشهيرة (أكتوبر 732)٬ [تسمى في التاريخ الإسلامي معركة بلاط الشهداء] التي قادها (أود) زعيم الأوكسيطان و(كارل مارتل) غريم أود السابق عندما لم يجد من يستنجد به لصد المسلمين، قتل في المعركة عبد الرحمان الغافقي قائد المسلمين. ولما هدأت الأمور بين الأكتيان والمسلمين جيرانهم في الجنوب (الأندلس) انتعشت حضارة الاكسيطان وحاولة إنشاء دولة مستقلة حوالى سنة 950. في هذا الجو من الانفتاح والتسامح تنامت الحركة الدينية المعروفة بحركة الكاثار التي أستعملت كذريعة للحملة كاثار الصليبية في سنة (1209-1229) وإقامة محاكم التفتيش (1229) وأخيرا ضم أراضي تولوز لممتلاكات ملك فرنسا (1271) والذي سبق أن ضم أقاليم الأكيتان والبروفانس مؤديا إلى اندثار الحضارة الأكسيطانية مع الوقت مع الهيمنة التدريجية للثقافة الفرنسية ولاحقا انتشار اللغة الفرنسية جنوبي فرنسا.
بعدما حاول بابا الفاتيكان إينوسنت الثالث دحر الكاثارية بلا نجاح يذكر، أعلن حملة صليبية ضد لانغودوك عارضا أراضي الفرقة الدينية المنشقة لأي نبيل فرنسي يستعد لحمل السلاح ضدها. وكان العنف شديدا حتى حسب معايير القرون الوسطى، ما أدى إلى حصول فرنسا على مناطق أكثر ارتباطا بحضارة ولغة كاتالونيا (انظر الأوكسيتانية). ويقدر أن ما بين 200,000 إلى مليون شخص قتلوا في هذه الحملة الصليبية. وكان لهذه الحملة دور في إنشاء رتبة الدومينيكان وكذلك محاكم التفتيش القرون الوسطى.
الرموز
كان إيمانهم بأن كل المواد ناتجة من الشر لم يشجع الكثاريين استعمال الرموز، من بينها الخبز والخمر المقدس والتعميد بالماء. على كل، يمكن تفسير بعض الأفعال الطقسية المقدسة على أن لها مدلول رمزي. خلال عملية consolamentum يُعمَّد المرشح ببسط الأيدي، دليلاً على حضور الروح القدس Holy Spirit. يميز "الكامل the Perfect" من الكاثار بملابسه السوداء التي يرتديها. لا يوجد لهم أتباع معاصرون. ليس للحركة مركز قيادي. كانت سائدة في المناطق المحيطة بمدينة تولوز جنوب فرنسا.
مراجع
- ^ Lambert، Malcolm (1998). The Cathars. Oxford: Blackwell. ص. 21. ISBN:0-631-14343-2.
- ^ Rosenberg, Alfred (c. 1980). "Myth of the 20th century". ص. 93. اطلع عليه بتاريخ 2017-01-25.
- ^ Pays Cathare