أطروحة الدكتوراه بوضياف ياسين
أطروحة الدكتوراه بوضياف ياسين
أطروحة الدكتوراه بوضياف ياسين
العنوان
إنعكاسات الشراكة األورو-جزائرية على االقتصاد الجزائري
من إعــداد
ياسين بوضياف
1
.
.
.
.
" "
.
. 2013
. :
2
ش
س َ ْ َ ْش ُ هللاَ "
َّ َ ْ َ ْ َ ْ َ ":ش ُ ه هللا ه ق
3
: س
ه ه ق م م ط ظ
م ه ط ل ه ق ض ه
ه ؤ فق ش ه ق ق
ه س م 5991إ ش
ه ظ ظ
ى ه ف ط س ض س ه
ع ش م ل ه ط ش غ ه ش
ش فق ق ئ ه ط ل
ش ط غ ش س فق ض
س ط- - س
5 ج ه ه س
ف ف ث ط ل شق 2
ى أل ه غ
. ش
4
Abstract:
A long time ago, The Mediterranean region has received a great
international attention due to its history and as being a cradle of the ancient world
civilizations, and due to the relationship between the Mediterranean countries that
push them to make regional economic blocs to meet the external threat. These
countries has initiated a several agreements, the most important of which was the
Barcelona Conference of 1995 in Spain, in reaction to American policy and its
attempt to dominate the region in the context of a unipolar world, system. All this
has made the EU reconsider its internal home arrangement on the one hand and
its return to control over the Mediterranean with different policies on the other.
The purpose of this partnership is to re-dominate indirectly through contracting a
partnership with the countries of the South Mediterranean, including Algeria,
which is one of the countries that signed the Association Agreement and some of
the subsequent agreements that came to evaluate the Barcelona process and
reformulate a new pattern presented by France-Union for the Mediterranean.
This initiative is a response to the European Union's policy and its double standard
in regard to programs such MEDA I and MEDA 2 for Eastern Europe and the
Mediterranean countries, which have proved the outstanding difference in the
policy of support and the hidden intention of the European Union to increase the
Union's geography and interests without taking into consideration the other
Partners.
5
countries in particular by developing its economies and institutions, granting the
preferential advantage of local products to foreign products and encouraging
investment outside oil revenues.
6
Résumé :
Depuis longtemps, la région de la méditerranée, a été le centre d’intérêt
mondiale, Elle a reçue une attention considérable, car elle est caractérisé par son
historique , et représente aussi le berceau des civilisations anciennes , et sa relation
avec les pays méditerranée a poussé à bâtir les blocs économiques régionaux pour
faire face au danger externe , et cela en faisant plusieurs conventions notamment
le congrès de Barcelone de l’année 1995 , en Espagne , en réaction de la
politique américaine , qui tente dominer la région
7
Ce partenariat a causé un certain déséquilibre dans les rapports
commerciales , ce qui a poussé l’Algérie a refaire une politique générale
économique commerciale complémentaire , pour se lever contre les politiques
occidentales et en particulier la politique européenne , et cela en développant leur
économies et leurs entreprises par l’ octroi d’un avantage préférentiel au produit
local et en encourageant l’investissement loin du pétrole.
8
الصفحة العنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوان
.I اإلهداء.
المبحث األول :األهمية االستراتيجية لمنطقة البحر األبيض المتوسط في ظل العولمة51 .
9
15 ثالثا :أهم التكتالت في العالم المتقدم.
52 سادسا :العوامل التي ساعدت على إخفاق مشروع برشلونة للشراكة.
الفصل الثاني :تطور سياسات اإلتحاد األوروبي في ظل مشروع الشركة األورو55 -
متوسطية.
582 خامسا :تطور سياسة الطاقة المشتركة لالتحاد األوروبي تفاديا للهيمنة الخارجية.
سادسا :األهمية الجيواستراتيجية للطاقة في عالقة االتحاد األوروبي بجنوب المتوسط581 -
الجزائر نموذجا-
10
555 المبحث الثاني :أبعاد السياسات االوروبية المتوسطية بعد مشروع برشلونة.
552 المبحث الثاني :إتفاق الشراكة الموقعة بين الجزائر واإلتحاد األوروبي.
ثالثا :واقع سياسات اإلستثمار األجنبي المباشر والتجارة الخارجية للجزائر في ظل 581
الشراكة مع التركيز على بعض السياسات.
188 المبحث الثالث :تقييم السياسات األوروبية وأثرها على اإلقتصاد الوطني.
11
152 ثانيا :اآلثار السلبية إلتفاق الشراكة بين أوروبا والجزائر على اإلقتصاد الوطني.
151 ثالثا :تقييم الشراكة األورو-متوسطية وأثرها على دول جنوب المتوسط.
ثالثا :السيناريوهات المحتملة للعالقة بين االتحاد األوروبي واإلتحاد المغاربي273 -
الجزائر بالخصوص-
283 الخاتمة.
12
185 المصادر والمراجع.
211 المالحق.
13
فهرس الجداول:
األغلفة المالية األولية للمشاريع اإلتحاد من أجل المتوسط للفترتين 512 81
ما بين .1858-1888
قوائم السلع والمنتوجات التونسية التي تم االتفاق بشأنها بخصوص 525 82
التفكيك الجمركي.
515 عدد مناصب العمل ونسبة البطالة للفترة ما بين .1888-5881 81
581 تفاصيل إزالة الرسوم الجمركية بين اإلتحاد األوروبي والجزائر. 55
14
.1858-1885
111 التبادل السلعي بين الواليات المتحدة و إفريقيا لعام 1852 52
دول المغرب العربي والفوارق بينها في حجم االحتياطات النفطية 125 51
والديون الخارجية لسنة .1852
115 تطور تدفق الهجرة المغربية نحو أوروبا مابين .1885-1888 51
المهاجرون الموقوفون لدي وصولهم إلى إسبانيا على الحدود 111 51
الجنوبية البحرية ما بين .1888-1885
إجمالي المساحات ونسبة األرض الصالحة للزراعة ونسبة الرعوية 111 55
منها في دول االتحاد المغاربي.
15
فهرس األشكال:
يوضح الفرق بين المبلغ المخصص والمبلغ المستهلك من قبل ميدا 18 81
5لدول جنوب المتوسط.
الفرق بين المبلغ المخصص والمبلغ المستهلك من قبل ميدا 58 1 82
لدول جنوب المتوسط.
شكل يوضح إجمالي استهالك اإلتحاد األوروبي من الطاقة وفق 581 82
مصدرها.
يوضح أهم الشركاء الموردين األساسين التي تعتمد عليهم الجزائر 518 81
لعام .1851
ارتفاع مجموع البطالة لبعض بلدان جنوب المتوسط بين الشباب 521 81
خالل العام .1852
أهم معيقات االستثمار في الجزائر بحسب تقرير التنافسية لعام 182 58
16
.1851-1855
17
مقدمـ ــة
18
مقدمــــــة:
إن التغيرات التي أدخلها التحول الواقع في طبيعة النظام الدولي بعد نهاية الحرب
أثر مباش ار على منطقة البحر األبيض المتوسط ،والتي كانت إحدى ساحات
الباردة كان لها ا
الصراع واالنقسام بالغة األهمية أثناء الحرب الباردة ،حيث عرف المجال المتوسطي مرحلة
جديدة من المقاربة السياسية و اإلقتصادية و اإلستراتيجية إثر اإلنفراد األوروبي واألمريكي
بالمتوسط وتراجع الهيمنة الروسية وبروز ضغوطات أمنية واضحة في المنطقة باإلضافة إلى
طم وحات إقتصادية وتجارية تبناها اإلتحاد األوروبي تجاه دول جنوب المتوسط والتي برز
على إثرها أول توجه إقليمي أورومتوسطي ،سعى لوضع شراكة إقليمية بين دول ضفتي
المتوسط ،و شكل التحول في المنطقة مستجدا جيو سياسيا وجيو اقتصاديا مباش ار ،مما دفع
بالفاعلين في المتوسط إلى إظهار نزعة أكبر نحو التواصل اإلقليمي ،فكان االتحاد األوروبي
طرفا مهما في مواكبة التحوالت بنزعة منفتحة وسعى لتطوير سلوكه الدبلوماسي والتعاوني
بالشكل الذي ال يتضرر من هذه التحوالت.
شكلت هذه التحوالت اإلقليمية والدولية التي تعرض لها العالم بشكل عام والمنطقة
العربية بشكل خاص في تسعينيات القرن العشرين ،وما نتج عنها من إنعكاسات على
المنطقة المتوسطية ،منعرجا مهما في ضرورة عقد اتفاقيات شراكة وتعاون بين كل أطراف
المنطقة سواء مع االتحاد األوروبي أو إعادة تفعيل العالقات بين البلدان العربية كتنشيط
إتحاد المغرب العربي و تفعيل السوق العربية المشتركة لمواجهة التحديات فوق إقليمية ،فكان
لدول االتحاد األوروبي المبادرة بعقد إتفاق الشراكة وتعاون مع كل أطراف دول المتوسط من
أجل الخروج من الهيمنة األمريكية بحكم أن المنطقة شهدت صراعات سواء الحربين
العالميتين أو الحرب الباردة التي كانت أوروبا الخاسر األكبر فيها وتفرد الواليات المتحدة
األمريكية بزعامة العالم و قيادته ،مما استوجب على أوروبا صياغة عالقات جديدة مع
محيطها اإلقليمي وهو ما تم صياغته سنة 5881ببرشلونة والذي ضم جميع الدول
المتوسطة وشمل جميع المجاالت السياسية و اإلقتصادية و األمنية ،وهذا ما كانت تطمح
إليه دول شمال المتوسط.
19
أما بالنسبة لدول الضفة الجنوبية ونخص بالذكر دول اإلتحاد المغرب العربي الذي
عمل على عقد شراكات عديدة مع االتحاد األوروبي ،فكان للجزائر نصيب من هذه الشراكة
نظر لندرة وشح الموارد المالية الداخلية خاصة
ا بإعتبارها وسيلة من الوسائل الحديثة،
باعتمادها في الغالب على الريع البترولي ،و ترى الجزائر من خالل هذه الشراكة أنها آلية
من آليات النهوض باالقتصاد الجزائري وبالتالي التوجه نحو التنافسية.
في المقابل ،إن إهتمام االتحاد األوروبي بالجزائر لما تتوفر عليه من إمكانات بشرية
ومصادر إقتصادية جعل منها مصدر إهتمام أوروبي تتنافس عليه كل دولة أوروبية على
حدى مع الجزائر قصد كسب أكبر قدر ممكن من اإلستثمارات فيها ،ومع ذلك عرف هذا
اإلهتمام األوروبي نوعا من عدم اإلستقرار في الفترة التي شهدت فيها الجزائر الإلستقرار في
العشرية السوداء ( العقد األخير من القرن العشرين الماضي) وهذا ما إنعكس سلبا على
العالقات الجزائرية األوروبية وأدخل الجزائر في عزلة دولية.
إذا كانت الشراكة فعل جوهري في عالقات شمال – جنوب و شريطة عليها أن تكون
فعلية ومبنية على أسس موضوعية وقائمة على مبدأ المصالح المشتركة والمتبادلة بين الدول
،بمعنى آخر تكون هذه الشراكة في خدمة جميع أطراف الشراكة دون إقصاء مع ضرورة
األخذ بخصوصية كل طرف في التطورات الحاصلة بهدف تحقيق منافع كل األطراف .وعلى
هذا األساس نطرح اإلشكالية التالية:
20
ما مدى ساهمة الشراكة األورو -جزائرية في ترقية اإلقتصاد الجزائري ،ومدى
إنعكاسات ذلك على السوق المحلي في ظل التغيرات الراهنة؟ وهل الشراكة إختيار
إستراتيجي في سبيل تحقيق التكامل بين الطرفين؟
-5تعد منطقة المتوسط ذو أهمية كبيرة في تفعيل العالقات االقتصادية بين دول ضفتى
المتوسط لما لها من مصلحة على جميع دول ضفتي المتوسط.
-1التكامل االقتصادي هو عملية إرتباط دولتين أو أكثر في شكل إتحاد إقتصادي تكون
فيه العالقات بين هذه الدول أوثق مما هي عليه مع باقي دول العالم.
-2تعتبر الشراكة الدولية حتمية أملتها البيئة المحيطة في العالقات ما بين الدول ،إذ ال
يمكن للجزائر أن تبقى بمعزل عن هذه البيئة الدولية وما شهدته من تغيرات فرضتها العولمة
االقتصادية.
-2تعد السياسات االقتصادية النابعة من البيئة المحلية تساهم بشكل كبير في ترقية
االقتصاد واالستثمار المحلي الجزائري.
21
-1إن للشراكة األورو-جزائرية آثار إيجابية على أوروبا وسلبية على االقتصاد
الجزائري.
ثالثا :مبررات إختيار الموضوع :هناك عدة مبررات إلختيار هذا الموضوع منها:
-توجه الدول الغربية إلى السيطرة و اإلستيالء على ثروات الدول العربية سواء
بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
-إن تناول هذه الدراسة من زاوية التحليل هو تحديد أهمية مالمح وخلفيات كل
طرف داخل الحوض المتوسط ،و رؤية كل طرف لهذه الشراكة بما يخدم مصالح
دولته.
-حاجة الدولة الجزائرية باألخص إلى فتح مجال الشراكة من خالل تحرير التجارة
وغيرها.
-توقيع الجزائر التفاقية الشراكة األورو -متوسطية وكذا أهمية الموضوع لالقتصاد
الوطني.
-إمكانية البحث في هذا الموضوع نظ ار لتوفر المادة العلمية و المراجع ،وتم
الخوض فيه من قبل العديد من الباحثين االقتصاديين والسياسيين وأصحاب القرار
من زوايا مختلفة إما على المستوى الوطني أو على المستوى الدولي.
-رغبتي في الدراسة والتعمق في موضوع الشراكة المتوسطية و في مختلف
المجاالت خاصة الجانب اإلقتصادي منها ،ومحاولة إيجاد آليات و ميكانيزمات
تجعل طرفي الشراكة في مستوى واحد و دون فرض أي شروط أو قيود من قبل
دولة على دولة أخرى.
-5إبراز دور وجهود دول ضفتي المتوسط األوروبي والجزائري على حد سواء ،في عقد
اتفاقيات شراكة في مختلف المجاالت اإلقتصادية و األمنية والسياسية قصد إعادة
إرجاع مكانة المتوسط بين األمم خاصة بعد نهاية الحرب الباردة وتراجع مكانة
أوروبا من جهة وجعل البحر المتوسط مسرحا لتنافس الدول الكبرى من جهة أخرى.
22
-2دراسة اآلثار االقتصادية وانعكاسات الشراكة األوروبية الجزائرية على واقع االقتصاد
الوطني الجزائري.
-3إبراز أهم إتفاقيات الشراكة الخاصة باالستثمار األجنبي المباشر والتجارة الخارجية
وتبيان آثارها وإنعكاساتها على االقتصاد الجزائري.
-4محاولة التنبؤ بمستقبل العالقات األورو -جزائرية من خالل القوانين التي تحدد
العمل في ظل الشراكة من جهة ،وكذا في ظل التحديات العولمة االقتصادية من جهة
أخرى التي تجعل من الشراكة األورو-جزائرية تأخذ عدة مسارات ،مما يستدعي إعادة
تقييم الشراكة األورو -جزائرية.
كما تهدف الدراسة بشكل أساسي إلى تقييم مدى نجاح سياسة الشراكة األوروبية الجزائرية
في تحسين واقع االقتصاد الجزائري ،والوقوف على مواطن القوة والضعف في السياسات
المطبقة بين الطرفين.
من خالل حديث عن عالقة اإلقتصاد الجزائر باالقتصاد لالتحاد األوروبي وما نتج
عنها من إنعكاسات على اإلقتصاد الوطني بحيث عرفت الجزائر في العقد األخير من القرن
العشرين الماضي تغيرات جذرية في جميع المجاالت خاصة في المجال اإلقتصادي نتيجة
التغيرات في معادلة القوة في العالم التي فرضت نظاما جديدا وهي العولمة ،والذي تحمل
في طياتها إقتصاد السوق وتحرير التجارة الدولية ،هذا حتما سينجر عنه إنفتاح الجزائر نحو
إقتصاد السوق مما يؤثر بشكل أو بآخر على االقتصاد الجزائري ومؤسساته ،و لذلك اعتمدت
الدولة الجزائرية الشراكة كخيار إستراتيجي لمواجهة هذه التغيرات و اإلرتقاء بالمؤسسات
الجزائرية نحو األفضل.
كما أن موضوع الشراكة األورو -جزائرية له أهمية واسعة من قبل المهتمين بالشأن
االقتصادي لما يحمله من وزن على العالقات بين الطرفين -األوروبي و الجزائري.-
23
لذا ستحاول الدراسة تقديم أطر نظرية حول مفهوم الشراكة والتعاون على حد سواء
وإعطاء كيفية الممارسة االقتصادية بين الطرفين من خالل النظريات اإلقتصادية التي تبرز
نمط االقتصادي المتبع وكيفية التعامل معه من خالل النظرية الكنزية وغيرها ،كما حاولت
الدراسة فهم أهم السياسات األوروبية المتبعة تجاه منطقة المتوسط و كيف تعاملت معها دول
كل على حدى وعلى رأسها الجزائر.
الضفة الجنوبية ٌ
األهمية العملية :تبرز من خالل مايلي: ب-
عرفت الجزائر أزمة مالية و إقتصادية حادة في منتصف عقد التسعينات من القرن
العشرين مما دفعها إلى إعادة جدولة ديونها من جهة وُفرض عليها إعادة هيكلة اقتصادها
تماشيا مع األوضاع االجتماعية واالقتصادية للبالد من جهة أخرى ،مما جعلها تبحث عن
حلول للخروج من األزمة.
إن هذه الدراسة تعكس واقع و إهتمام دولي ،خاصة األوروبي منها بدول جنوب
المتوسط وذلك ما تم التركيز عليه في ثنايا البحث ،إذ ركزت جهود اإلتحاد األوروبي
بمختلف اإلتجاهات والقضايا سواء األمنية واالقتصادية والثقافية مما جعلها تسيطر بطريقة
حضارية على حوض المتوسط وإبعاد الخطر القادم من الشرق أو من الغرب ،كما تم دراسة
أهمية الجانب االقتصادي بين الجزائر واالتحاد األوروبي باعتباره أحد أهم القضايا التي
تشغل الطرفين و الذي خرج بعدة إتفاقيات وكان أبرزها التوقيع على إتفاق برشلونة ودخول
حيز النفاذ بين الجزائر واالتحاد األوروبي عام .1881
لكل دراسة علمية أكاديمية حدود نظرية و زمانية ومكانية نبرزها فيما يلي:
24
أما الحدود الزمانية فسأتناول في هذه الدراسة -إنعكاسات الشراكة األورو-جزائرية
على اإلقتصاد الجزائر -بدأ من خروج الجزائر من النظام االقتصاد الموجه وإتباع النظام
اإلقتصادي الرأسمالي الذي فرضته عليها العولمة ،أي بعد تعديل الدستور سنة 5858وما
بعدها ،والتحوالت السياسية واالقتصادية التي عاشتها الجزائر خالل تلك الفترة من الالستقرار
السياسي واألزمة اإلقتصادية بعد تراجع أسعار النفط هذا من جهة الطرف الجنوبي ،ومن
جهة أخرى سأتناول االتحاد األوروبي وما شهده من تحوالت بعد إقرار األحادية القطبية
ونهاية الحرب الباردة عام ،5888واألزمات السياسية التي عاشتها المنطقة ،هذا كله يوحي
بضرورة إعادة النظر في العالقات بين أطراف منطقة المتوسط وتفعيلها وهذا ما تم من خالل
مؤتمر برشلونة لسنة .5881
أما عن الحدود المكانية :فتنحصر حدود الدراسة على منطقة البحر األبيض
المتوسط بين طرفين هما االتحاد األوروبي المتقدم والجزائر كدولة من دول الجنوب النامية.
ستعتمد الدراسة على مجموعة من المناهج واألدوات التي تمكننا من التقرب من
تحليل الظاهرة المدروسة وتمكننا من التحقق من الفرضيات المقدمة ،سواء كانت هذه
المناهج رئيسية أو مكملة فكلها تساعد على فهم الموضوع محل الدراسة بشكل علمي
ومنطقي و موضوعي ،وهذا باستخدام منهجية متكاملة ،من خالل توظيف عدة مناهج
أهمها:
لقد استدعت دراستنا االستعانة بالمنهج التاريخي بدليل أننا البد من دراسة االتحاد
األوروبي تاريخيا وكيف نشأ وتطور وأهم المبادرات التي ساعدت على قيام تكامل أوروبي
من جهة و التطرق على االقتصاد الجزائري وسياساته من خالل تبيان النهج االقتصادي
المتبع منذ االستقالل وتطوراته وأهم اإلصالحات التي باشرتها الجزائر من أجل تنمية
التعاون بين الطرفين(األوروبي والجزائري) في القرن العشرين إقتصادها ،وكيف كان
وبدايات القرن الواحد والعشرين.
25
ب -المنهج الوصفي:
كما استعنا بالمنهج الوصفي مع التحليل الذي من خالله يمكن التوصل إلى معرفة
دقيقة وتفصيلية عن عناصر الظاهرة موضوع البحث ووصف وتحليل سياسات دول االتحاد
األوروبي من جهة و الجزائر من جهة أخرى ،من أجل فهم الظاهرة المدروسة وسهولة
تحليلها.
هذا باإلعتماد على لغة األرقام والبيانات اإلحصائية من خالل الجمع والتبويب ثم
التحليل والتفسير للمعطيات الكمية من أجل االستدالل بها في العالقات بين المتغيرات ،ومن
ثمة إستخالص النتائج بحيث يمكن التعبير كميا عن سلوك االتحاد األوروبي تجاه الجزائر
من خالل المبادالت التجارية والسياسات االقتصادية بين الطرفين وتحليل هذه اإلحصاءات
لمعرفة العالقة التي تربط الطرفين إقتصاديا وتجاريا في حوض المتوسط وكذا معرفة
مؤشرات مساعدة لفهم العالقة بين الطرفين(الجزائر و أوروبا).
تبرز أهمية المنهج المقارن من خالل هذه الدراسة كمقارنة بين السياسات األوروبية -
في توحيد الدول األوروبية إقتصاديا و كذا السياسة اإلقتصادية للجزائر التي تعتمد على
المحروقات بشكل عام والتي خاضت عدة إصالحات متتالية بسبب إنعدام الرؤية المستقبلية
لها هذا من جهة ومن جهة أخرى مقارنة بعض البلدان العربية فيما بينها وكيف كان تأثير
الشراكة األورو متوسطية عليها وإبراز أهم النتائج التي تأخذ بها الدولة الجزائرية.
يعد هذا االقتراب من بين أقدم اإلقترابات المستخدمة في تحليل النظم والظواهر
السياسية ،ففي القرن التاسع عشر تناول "كارل ماكس" السياسة وظواهرها من مدخل
االق تصاد على أساس أن الظواهر السياسية تشكل بفعل حقائق االقتصادية وقد تم إستخدام
26
هذا اإلقتراب بحكم الظاهرة المدروسة في دراستنا من خالل دراسة النظام السياسي الجزائري
وكيف يحقق التنمية اإلقتصادية.
-كتاب لعلي الحاج :بعنوان ":سياسات دول االتحاد األوروبي في منطقة العربية بعد
الحرب الباردة" ،الصادر عن مركز دراسات الوحدة العربية بلبنان سنة ،1881حيث
تناول هذا الكتاب السياسة األوروبية تجاه الوطن العربي ومدى تأثير التحوالت اإلقليمية
والدولية على هذه السياسات في تسعينيات القرن الماضي ،حيث استهل الباحث دراسته
بعرض مفاهيم عن النظام الدولي وهياكله وإلى التحوالت الدولية بعد الحرب الباردة ،ثم
انتقل إلى األبعاد االستراتيجية األوروبية في المنطقة العربية التي جسدت الشراكة
األورومتوسطية وما تمخض عنها من أبعاد اقتصادية وأمنية وثقافية واجتماعية.
-كتاب لرشيد بوعافية وجليدي نور الدين :بعنوان " :االقتصاد الجزائري 18سنة من
االستقالل" ،الصادر عن منشورات مخبر االقتصاد الرقمي في الجزائر سنة ،1851
والذي تم فيه دراسة الجوانب المختلفة للسياسة االقتصادية الجزائرية وتطوراتها منذ
االستقالل وما انجر عنها من إيجابيات وسلبيات وإعطاء اإلحصاءات والبيانات لتحليل
الوضع االقتصادي في الجزائر ،لكن دون ربطها بالمتغيرات الخارجية التي لها تأثير
في السياسة االقتصادية الوطنية .إذ قسم الباحثان دراستهما إلى خمسة فصول بدأ
بتاريخ تأسيس الدولة الجزائرية ثم فترة االستعمار تليها فترة االستقالل وما نتج عنها من
إصالحات شملت جميع المجاالت ليصل في األخير بعرض جوهر االقتصاد الجزائري
في األلفية الثالثة وما يجب أن تقوم به الجزائر لفرض وجودها في الساحة السياسة
واالقتصادية ،بالتركيز على أهم السياسات االصالحية التي عاشتها الجزائر منذ
االستقالل إلى غاية العقد األول من القرن الواحد والعشرين.
27
-كتاب لكريم مصلوح حول" :التعاون والتنافس في المتوسطـ" ،عن مركز الجزيرة
للدراسات بقطر سنة ،1852حيث تم تقسيم دراسته إلى أربع فصول بحيث استهل
دراسته عن المتوسط وجذوره التاريخية ،وركز في الفصلين الثاني والثالث على التنافس
في المتوسط بين أطراف داخلية وأخرى خارجية ودعا إلى ضرورة التعاون من خالل
بناء شراكة مع كل أطراف حوض المتوسط لمواجهة الخطر الخارجي ،وإنتهى في
األخير إلى ضرورة إعادة رسم المتوسط من خالل تقييم المشاريع والسياسات التي
قامت بها أوروبا تجاه جنوب المتوسط ،بحيث تم التركيز في دراسته على الجانب
األمني وذلك من خالل عالقة االتحاد األوروبي بدول جنوب المتوسط بحيث قدم
تفسي ار نظريا لعالقات األورو-متوسطية وخاصة المركب األمني .وكذا بين التنافس بين
أوروبا و أمريكا على قيادة المتوسط مما جعل المخاوف األوربية من الهيمنة األمريكية
في حوض المتوسط باعتبارها قائدا لحلف الناتو ،لكنه أهمل الجانب االقتصادي
والثقافي في معادلة الشراكة واعتبر أن المحدد األمني في العالقات بين دول ضفتي
المتوسط هو المحدد الجوهري واألساسي في بناء عالقات التعاون.
-كتاب لهايدي عصمت كارس :بعنوان ":المستمر والمتغير في السياسة الخارجية
لالتحاد األوروبي تجاه جنوب المتوسط في أعقاب الثورات العربية" ُ ،نشر عن المكتب
العربي للمعارف في القاهرة سنة ،1851والذي تم التناول فيه محددات السياسة
الخارجية لالتحاد األوروبي تجاه جنوب المتوسط سواء الداخلية أو الخارجية ،و تم
التركيز على االعتبارات األمنية واإلست ارتيجية كمحدد لسياسة الخارجية لالتحاد
األوروبي في مسعاه إلى نشر الديمقراطية والحكم الراشد فيما بعد الثورات العربية التي
شهدتها منطقة جنوب المتوسط ،كما تم التأكيد على ضرورة استمرار التعاون األمني
بين االتحاد األوروبي ودول جنوب المتوسط لمواجهة التهديدات األمنية النابعة من
جنوب المتوسط المؤثرة على األمن األوروبي كالهجرة غير الشرعية وأمن الطاقة و
اإلرهاب.
-كتاب لبوزيد أعمر :بعنوان ":شركاء أم متنافسون؟ سياسة الصراع والتكامل في
العالقات األمريكية –األوربية إتجاه منطقة غرب المتوسط (النفط و االرهاب نموذجا)،
الصادر عن دار قرطبة بالجزائر سنة ،1852حيث تم التطرق في الفصل األول إلى
28
االطار النظري للدراسة بحيث استعرض فيه األسس النظرية للبحث ،إلى جانب
محاولته إعطاء دالالت للمعاني و المفاهيم كالتعاون والتنافس والشراكة والتكامل
للتقريب الباحث فهم العالقات بينها ،و تم التطرق في الفصل الثاني إلى معالجة
األهمية االستراتيجية (الجيو –استراتيجية و الجيو –إقتصادية) لمنطقة المتوسط بحيث
تم التركيز على التهديدات التي قد تلحق المتوسط كاإلرهاب والهجرة السرية ،وقد تم
تناول في الفصل الثالث مظاهر ودوافع التنافس األوروبي -األمريكي حول منطقة
غرب المتوسط وذلك من خالل عرض كل منافس أهم المشاريع التي تجعل منه يفوز
بغرب المتوسط واإلستيالء على الثروات ،أما في الفصل الرابع واألخير إهتم بمعالجة
وتحليل مظاهر التبعية األمنية األوروبية للواليات المتحدة ،وهذا من خالل إعتماد
مكافحة اإلرهاب والسيطرة على مناطق النفوذ من خالل شركات أمريكية في غرب
المتوسط.
-كتاب لبشار خضر :بعنوان ":أوروبا من أجل المتوسط من مؤتمر برشلونة إلى قمة
باريس ( ")1885 -5881عن مركز الدراسات الوحدة العربية ببيروت لسنة ، 1858
تم فيه معالجة السياق التاريخي لعملية برشلونة والتحوالت السياسية و اإلقتصادية التي
مست منطقة المتوسط ،ودور الواليات المتحدة األمريكية في محاولة السيطرة على
المنطقة وكذا إعطاء تفسير جوهري للشراكة األوروبية المتوسطية وتأثر أوروبا إيجابيا
من الشراكة العربية وإعطاء شراكة بديلة منها :السياسة الجوارية األوروبية واالتحاد من
أجل المتوسط.
-كتاب ليحي صافي :بعنوانLe développement de l'économie " :
"algérienneلسنة ،1855وهو عبارة عن مجموعة من المقاالت حول الوضع
االقتصادي في الجزائر وتطوره عبر فترة إقتصاد السوق ،وطرح أهم العراقيل التي
تواجه االقتصاد الجزائري مع تقديم بعض اإلقتراحات والحلول للخروج من االعتماد
على االقتصاد الريعي.
أطروحة الدكتوراه لعمورة جمال :بعنوان" دراسة تحليلية وتقييمية إلتفاق الشراكة -
العربية األور -متوسطية" والمقدمة في جامعة الجزائر ،كلية العلوم اإلقتصادية وعلوم
التسيير لسنة ،1881بحيث قسم دراسته إلى ستة فصول فتم تناول في الفصل األول
29
إلى العولمة وإنعكاساتها على الدول النامية و تناول في الفصل الثاني واقع اقتصاديات
الدول العربية المتوسطية ،أما في الفصل الثالث تناول الشراكة العربية المتوسطية ،وفي
الفصل الرابع تطرق إلى آثار الشراكة العربية األورو-متوسطية وفي الفصل الخامس
أما الفصل األخير فتناول واقع الشراكة
عالج التكامل العربي كآلية لتفعيل الشراكة َّ
األورو-جزائرية ،كيفية تأثير العولمة االقتصادية على إقتصاديات الدول الضعيفة
بإبراز فوارق االقتصاديات العربية الهشة ،و ضرورة الدخول الى شراكة حقيقية بين
أوروبا والعالم العربي فيما يسمى بالشراكة األورو -متوسطية حتى تضمن البقاء على
الساحة اإلقليمية ،كل هذا من أجل جعل االتحاد األوروبي القوي في المعادلة وهو
الذي يفرض شروطه على الدول العربية خاصة في مجال اإلستثمار األجنبي.
-أطروحة دكتوراه لــــ :شريط عابد "دراسة تحليلية لواقع وأفاق الشراكة االقتصادية األورو
–متوسطية حالة دول المغرب العربي" أطروحة دكتوراه في العلوم االقتصادية ،جامعة
الجزائر ،كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير ،1882 ،قام الباحث بتحليل الوضع
اإلقتصادي العالمي والوضع اإلقتصادي لدول المغرب العربي وما نتج عن عقد إتفاق
الشراكة بين المغرب العربي و االتحاد األوروبي من خالل التركيز على الجانب
االقتصادي للشراكة األورو-متوسطية مع إعطاء تصور لمستقبل الشراكة بين الطرفين.
لدراسة هذا الموضوع إرتأينا وضع خطة مكونة من أربع فصول إضافة إلى مقدمة
وخاتمة وقد تناولنا في المقدمة أهمية الدراسة وأهدافها وأدبياتها وكذا اإلشكالية والفرضيات
التي تم عرضها وأهم مناهج و اإلقترابات في الدراسة باإلضافة الى خطة الدراسة.
خصصنا الفصل األول :بعنوان ":اإلطار المفاهيمي والنظري للدراسة" بحيث تم
تركيز على المتوسط والشراكة بين البلدان المتوسطية ،حيث تناولنا في المبحث األول
األهمية االستراتيجية للبحر المتوسط من خالل التعريف به والتطورات التي شهدتها المنطقة
المتوسطية ،أما في المبحث الثاني فتم دراسة التكامل االقتصادي باعتباره آلية أساسية لعقد
شراكة قوية بحكم أن الدول حاليا تعيش مرحلة التكتل والتحالفات لذا وجب على دول ضفتي
المتوسط عقد مثل هذه الشراكة التي تعد آلية قوية للحد من األطماع خارج المتوسط ،أما في
30
المبحث الثالث تناولنا ماهية الشراكة األورمتوسطية وما نتج عنها من إتفاقيات ثنائية بين
دول الضفتين والمتمثل خاصة في مؤتمر برشلونة لعام ،5881وخلصنا إلى خالصة
وإستنتاجات.
وفي الفصل الثاني :المعنون ب ـ ـ " :تطور سياسات االتحاد األوروبي في ظل
مشروع الشراكة األورومتوسطية" ،والتي تم عقدها بين بلدان المتوسط كافة ،وذلك
من خالل ثالث مباحث تناولنا في المبحث األول نموذج التكامل األوروبي دراسة
في المقومات والمسار حيث تطرقنا فيه تطور االتحاد األوربي من نهاية الحرب
العالمية الثانية إلى إنشاء مجموعة الحديد والصلب كبادرة أولى إلعادة تفعيل
أما المبحث الثاني تناول تطور السياسات االتحاد األوروبي بعد
الوحدة األوروبيةَّ ،
مشروع الشراكة ،إذ أبرزنا فيه أهم السياسات التي تم االتفاق عليها من قبل االتحاد
األوروبي وفي المبحث الثالث سلطنا الضوء على بعض تجارب للشراكة المنعقد
بين االتحاد األوروبي من جهة و بعض دول جنوب المتوسط ومنها تونس
والمغرب و مصر من جهة أخرى ،كما خلصنا إلى خالصة وإستنتاجات.
31
و في األخير أوردنا الخاتمة والتي تتضمن أهم نتائج الدراسة والتوصيات التي وصلت
إليها الدراسة في معالجة الظاهرة المدروسة ،باإلضافة إلى ملخص للدراسة زائد الفهرس.
عاش ار :صعوبات الدراسة :من خالل قيامنا بالبحث صادفنا مجموعة من الصعوبات والتي
نوجزها فيما يلي:
-قلة الدراسات التي تناولت تقييم فعلي لمسار الشراكة األوروبية –الجزائرية خاصة
من طرف جنوب المتوسط مما يوحي إلى صعوبة تقييم آثار الشراكة بين
الطرفين.
-تضارب في األرقام واإلحصاءات وأحيانا عدم حداثة هذه األرقام مما يصعب
علينا التحليل الدقيق والذي بدوره يصعب علينا الرؤية اإلستشرافية.
-قلة الكتابات التي تتضمن التحليل العلمي المبني على اإلحصاء من قبل الباحثين
في الجزائر على عكس دراسات اإلتحاد األوروبي الذي له إحصاءات دورية لكل
ما تعلق باإلقتصاد وهذا هو جوهر الفرق بين الجزائر واإلتحاد األوروبي.
32
الفصل األول :االطار المفاهيمي والنظري
للدراسة
33
تمهيد:
لقد أصبحت منطقة المتوسط في العقد األخير من القرن العشرين الماضي فظاءا
لإلستقطاب بين قوى عالمية وساحة للرهانات فيما بينها ،وهذا نتيجة منطقية لما أفرزته
الحرب الباردة ،وبروز قطبيه أحادية تنفرد بقيادة العالم والنفوذ.
كما لم يغب حوض البحر المتوسط يوما عن االهتمام الدولي العالمي ،فكان وال يزال
ذا أهمية إستراتيجية باعتباره معب ار حيويا بين المحيط األطلسي والمحيط الهندي ،لذا كان
دائما محل الصراع والنزاعات الدولية ،خاصة بين الدول الكبرى منها ،واشتد الصراع خاصة
في فترة الحرب الباردة بين الواليات المتحدة واالتحاد السوفيتي سابقا -بالرغم من كونهما
بلدين غير متوسطيين ، -إال أن سياسة االستقطاب التي كانت سائدة أدت إلى بروز هذه
الحقيقة االستراتيجية.
34
المبحث األول :األهمية االستراتيجية لمنطقة البحر األبيض المتوسط في ظل العولمة.
حظيت منطقة المتوسط قديما بأهمية إست ارتيجية كبيرة عند الفينيقيين القدامى ،كما
عند البيزنطيين والرومان و المسلمين ،و قد كانت السيطرة فيها سجاال بينهم األمر الذي
جعل منها فضاء لالحتكاك وتعاقب العديد من الحضارات عليها وكذا مسرحا للعديد من
الصراعات والحروب.
حين نتحدث عن البحر األبيض المتوسط البد أن نشير أنه في البداية إلى "فرناند
)*(
وهو مؤرخ فرنسي الذي اعتبره العديد من الباحثين أبرز " برودل Frenald Brodel
مؤرخ في القرن العشرين ،إ ْذ ارتبطت حياة "برودل" بالبحر األبيض المتوسط منذ شبابه حين
استعد إلعداد رسالة دكتوراه حول البحر المتوسط عام ،5825ولم يتح له أن يكتبها إال في
المعتقل حين اعتقله األلمان أثناء الحرب العالمية الثانية ،وكان موضوع دراسة الدكتوراه التي
نشرت ككتاب عام 5821وهو " البحر األبيض المتوسط في عصر فليب الثاني" ،والذي
يعتبر نظرة موسوعية نادرة ،حيث جعلته يعالج السياسة واالقتصاد واالجتماع والثقافة من
)(1
هذا المؤرخ الفرنسي الذي كان له دور كبير في تشخيص البحر خالل منهج مترابط.
األبيض المتوسط من خالل أبعاده الحضارية و اإلنسانية والثقافية و االجتماعية ،و بحكم
البيئة التي عاش وتعايش معها ،مما جعله يكتب ويفصل في مفهوم المتوسط من الناحية
التاريخية والحضارية والمستقبلية.
)*(
فرنالد بروديل )5851-5881( :مؤرخ فرنسي ومن رواد مدرسة أنال في التاريخ حيث تم التركيز في كتاباته على
ثالث مشاريع أساسية وتتمثل في الدراسة المكثفة والعميقة على شخصية البحر األبيض المتوسط وله مؤلفات عديدة عن
المتوسط والتطور التاريخي الذي حصل فيه وكما تم التركيز على الحضارة األوروبية والنظام الرأسمالي ،وثالثا تم البحث
عن الهوية الفرنسية غير المكتملة من خالل عدة أبحاث نشرها في عدة مؤلفات.
)(1
ياسين السيد ،البحر األبيض المتوسط باعتباره منطقة إستراتيجية ،اإلسكندرية :مركز البحوث البحر األبيض
المتوسط ،ديسمبر ،1881ص.82.
35
وإن منطقة بحر المتوسط استقرت من حواليه أمم وشعوب تتكلم بلغات مختلفة ولكنها
جميعها تشعر بواجباتها وهي تلتفت حول هذه المائدة التي نسميها البحر المتوسط وتشعر
بضرورة العمل على توفير المزيد من االطمئنان والسالم لهذا الموقع الذي ق َّل ما يوجد له
نظير في العالم كله ،من حيث إستعابه وإستقطابه لشتى الحضارات ومختلف التيارات ولقد
كان فعال مركز العالم القديم والحديث حسب تعبير " هالفورد ماكيندر Halford
)*()(1
." McKinder
إشتق إسم البحر المتوسط من كلمتين التينيتين هما "Medius" :أي المتوسط و
" "Terraأي األرض) ،(2وهو البحر األبيض المتوسط( ( La Méditerranéeوهو البحر الذي
يتوسط القارات الثالث :إفريقيا ،وأوروبا و آسيا ،من خالل ثالث حلقات وصل بين القارات وهي
مذيق جبل طارق في المغرب وقناة السويس في مصر ،أما الثالثة فتقع في تركيا وهي مضيق
البوسفور ،ومن هنا جاء اسم المتوسط أو البحر الذي يتوسط األرض) .(3كما أطلق عليه الرومان
عرف البحر األبيض المتوسط في النصوص المصرية القديمة بأسماء عدة منها االسم
الشهير" األخضر العظيم" ،إال أن المؤرخين أرجعوا التسمية إال كلى من البحرين المتوسط والبحر
)(4
األحمر لمكانة البحر في التجارة المصرية ،وكذا لحيويته وانتعاش المنطقة بالتجارة.
)(1
عبد الهادي التازي ،محطات مضيئة من تاريخ البحر المتوسط ،الرباط :مطبوعات أكاديمية ،سلسلة دوريات،5881 ،
ص.52
)*(
هالفورد ماكيندر ،1441-1681 :جغرافي بريطاني مختص في الجغرافية السياسية (الجيوبوليتيكا) حيث كتب كتابه
الشهير المحيط الجغرافي للتاريخ عام ،5882وله نظرية سماها نظرية ماكندر والذي يفسر فيها بأن العالقات الدولية تقوم
على أساس الموقع الجغرافي لمختلف البلدان
)(2
نازلي معوض أحمد" ،السياسة المتوسطية للجماعات االقتصادية األوروبية" ،مجلة السياسة الدولية ،مصر،5852 ،
ص.21 .
بكرة مصباح تنيرة " ،الوطن العربي في المنظور االستراتيجي لالتحاد األوروبي :التحديات والطموح " مجلة شؤون )(3
36
بحر األبيض المتوسط ،بموقعه المركزي يعتبر نقطة إلتقاء الشرق مع الغرب في السابق
والشمال مع الجنوب في الوقت الحالي ،لذا يطلق عليه علماء الجيو -سياسة من األوروبيين بـإسم
"قلب العالم" ومن يسيطر على هذه الجزيرة يحكم العالم ،وهذا بحكم األحدث التاريخية من حروب
)(1
بدأ بالحملة الصليبية األولى 5881م5888-م بعد صليبية وفتوحات إسالمية قديما وحديثا.
)*(
سنة 5881في " كليرمونت" جنوب فرنسا من أجل تخليص القدس خطبة البابا "أوربان الثاني"
من المسلمين و إعادة السيطرة على البحر المتوسط بعد ما كان العرب المسلمين يتحكمون فيه
وتفرض إتاوات على السفن التجارية مما أدى إلى قلق الحكام األوروبيين بالضرورة على السيطرة
)(2
على هذا الحوض االستراتيجي التي له منافع كبرى مستقبال.
حسب المعادلة الشهيرة " لماكيندر" " :من يحكم شرق أوروبا يسيطر على قلب األرض ،ومن
يحكم قلب األرض يسيطر على الجزيرة العالمية ،ومن يحكم الجزيرة العالمية يسيطر على العالم".
ومستقبل العالم حسب "ماكيندر" يتوقف على حفظ التوازن بين األقاليم الساحلية ،وكما يشير الباحث
العربي المختص في الجغرافية السياسية "جمال الدين حمدان" إلى أن منطقة "الهالل الداخلي" أو
المسماة كذلك منطقة االرتطام استطاعت أن تؤكد وجودها وتفرض نفسها على التوازن العالمي بين
قوى البحر و البر ،وأن تخضع أحدهما أو كالهما لسيطرتها ،إال أن هذا الدور ال يمكن أن يكتمل
تماما إال بنوع من الوحدة بين أجزائها سواء كانت هذه الوحدة منبثقة من الداخل (كما هو الحال
)(3
لدول شمال المتوسط) أو مفروضة من الخارج كحال دول جنوب المتوسط.
)(1
بكرة مصباح تنيرة ،المرجع السابق الذكر ،ص .511
)*(
أوربان الثاني :5888-1042ولد باسم أوتو الالجيري ،كان البابا من عام 5855إلى 1099وهو معروف بإطالقه
الحملة الصليبية األولى ( )5888-5881وهو الذي تولى الكرسي البابوي في إحدى عشرة سنة ،وذلك من سنة 5855إلى
سنة ، 1099وكان هو اآلخذ لقرار الحروب الصليبية على المشرق اإلسالمي وكان أوربان رجال ذكيًّا سياسيًّا ،وكان
مفوها ،وكان أيضا جريئا حاسما ،وكان مطلعا على أحوال العالم المعاصر له ،ذكره مايكل هارت في كتابه
خطيبا َّ
الخالدون المئة و جعله في المركز الخمسين في قائمة األشخاص األكثر تأثي ار ،وتعتبر دعوة البابا أوربانوس الثاني للحروب
الصليبية هي بداية االنطالق للدولة الدينية في أعتى صورها كما أنها كانت البداية لظهور ما يسمى بصكوك الغفران.
دمحم العروسي المطوي ،الحروب الصليبية في المشرق والمغرب ،تونس :دار الغرب اإلسالمي ،5858 ،ص.15. )(2
)(3
جمال الدين حمدان ،استراتيجية االستعمار و التحرر ،القاهرة :دار الهالل ،5811 ،ص.128 .
37
بحر األبيض المتوسط بمنظور "المنهج الحضاري" هو ساحة وصل بين أرجاء البر يحيط
ك ِ هِ َِ ِِ َِ َ ُغ ِ َضِهِ
به ،مصداقا لقوله عز وجل في كتابهَُّ " :
َ ََّ َ ُ ُ ْ َ ْ َ َِ ْ ِ َ ْفُ ْ ُ
ّلل َّ ِ
ْ ْ َ ْ
ث آل ، 52حيث أن في هذه اآلية الكريمة بين هللا عز وجعل مكانة البحر ََ ََّ ُ ْ َ ْش ُ ُ َ "
في حياة االنسان وفي تطور حضارته وازدهار تجارة االنسان ،وحوض المتوسط بهذا المنظور هو
مجال تفاعل حضاري يجري في أقطاره حضارتين عريقتين هما الحضارة األوروبية في شماله وغربه
والحضارة العربية االسالمية في جنوبه وشرقه وهما –البحر وحوضه -يحتالن موقعا متمي از في
)(1
عالمنا ويقومان من ثمة بدور خاص في حوار الحضارات و ازدهارها العمراني.
في هذا السياق تجلت حقيقة المتوسط في كتابات تاريخية وجغرافية وأدبية توارثناها عبر
مختلف العصور جميعها تعاملت مع المتوسط –بح ار و حوضا -باعتباره منطقة واحدة ،وقد ذكره
)*(
في "تاريخ االدب الجغرافي العربي" عن " الزياني والغزالي" ومن أبناء أغناطيوس كراتشكوفسكي
القرن الثامن عشر ميالدي هذان المؤرخين والجغرافيين العرب اهتموا بالكتابة عن المتوسط بحكم
السفر في أرجائه واالحتكاك بملوك وأمراء المنطقة ،لذا كل اقليم في حوض المتوسط له اسهاماته
)(2
الخاصة به لصالح المتوسط وهذا ما جعل النظر للمتوسط بعيون مختلفة.
إن تبني مفهوم صحيح " للمتوسط " هو مدخل لصنع مستقبل زاهر له ولشعوبه أساسه تعزيز
التعارف بينهم وتحقيق تعاونهم على ما فيه خي ار لإلنسانية ،وهذا ما سنبرزه فيما يلي:
)(1
أي مستقبل لحوض البحر األبيض المتوسط واالتحاد األوروبي؟ رؤية لمستقبل العالقاتأحمد صديق الدجانيَ ،
الثقافية والتعاون بين ارجاء المتوسط ،الرباط :مطبوعات أكاديمية ،سلسلة دوريات ،5881 ،ص .81
)*(
أغناطيوس كراتشكوفسكي :ولد أغناطيوس كراتشكوفسكي في (فيلينوس) عاصمة ليتوانيا وعاش في طشقند وتعلم فيها،
ثم أكمل تعليمه الجامعي في بطرسبرغ سنة 5881في قسم اللغة العربية كلية الدراسات الشرقية .وصل بيروت خالل
إعداده للماجستير في رحلة للشرق التقى فيها بالعديد من العلماء والمفكرين العرب واألجانب .عمل أمينا لمكتبة اللغات
الشرقية في جامعة (بطرسبرغ) وأستاذا للغة العربية ،أُنتخب عضوا في األكاديمية العلوم السوفيتية وتم انتخابه عضوا في
المجتمع العلمي بدمشق 5812م .وقف آثاره جميعا على األدب العربي موليا جل اهتمامه للمخطوطات العربية وتحقيقها،
يسجل له الريادة في اكتشاف مخطوط (المنازل والديار) ألسامة بن منقذ و(رسالة المالئكة) للمعري كما نشر كتاب (البديع)
البن المعتز.
)(2
نفس المرجع ،ص .85
38
-5المتوسط بمنظور الجغرافية السياسية :إذ يتوسط المتوسط العالم القديم بحسب
تعريف "جمال الدين حمدان" أو ما سماها "ماكيندر" بالجزيرة العالمية وهي تضم
سبعة أثمان سكان العالم.
-1المتوسط بمنظور علم اإلنسان :حيث تعيش على سواحل المتوسط أقوام وملل
تواصلت فيما بينها وقد أشار شيخ " الربوة األنصاري الدمشقي" في كتابه" نخبة
الدهر في عجائب البر والبحر" إلى المسلمين والنصارى و الفرنج وبني األصفر
وهو يتحدث عن المتوسط في القرن الرابع عشر ميالدي في فصل كامل سماه
":في ذكر بحر الروم المسمى باليونانية مانيطس" وهو يسميه أحيانا بحر
طنجة وسبتة ،شأن الجغرافيين و المؤرخين المسلمين الذين أطلقوا عليه أيضا
بحر مصر وبحر الشام والبحر الكبير ،ونستلهم من هذا كله ومن تعدد األسماء
ومعنى هذا أن المتوسط هو لجميع الشعوب التي تعمره.
-2المتوسط بالمنظور االقتصاد :باعتباره حافال بالثروات في بحره وبره ومن أهم
الطرق التجارة الدولية ،سوقه حيوية وفيه أكبر الشركات العالمية في شماله
وأكبر مستهلك في جنوبه ،مما جعله محل إهتمام دولي كبير.
-2المتوسط بالمنظور األدب والفن :إن الولع بالمتوسط من قبل األدباء والفنانين
والكتاب ،والذي شمل الكثير من خارج حوضه ألسباب كثيرة ولسحر المتوسط
)*(
في رواية قصيرة بعنوان: حيث تحدث "توماس مان " Thomas Mann
"الموت في البندقية" عن الفنان " أشنباخ" القادم من ألمانيا إلى المتوسط ناشدا
الراحة على الشاطئ كان يثير اهتمامه مشهد الشاطئ ويسلب لبه أكثر من أي
شاعر االسكندرية اليوناني (-5512 وقت مضى .كما أحب " كافافيس"
)5822الشاطئ في االسكندرية هو اآلخر مدحه في العديد من مؤلفاته ،كما
)*(
توماس مان :و أديب ألماني ولد في سنة 1875وتوفي في 1955في زيورخ ،تحصل على جائزة نوبل في األدب
لسنة .5818كتب لمان العديد من الروايات الشهيرة ،مثل موت في البندقية ،والتي قام لوتشانو فيسكونتي سنة 5815
بتحويلها لفيلم حمل نفس االسم وكتب كذلك على المتوسط وسحره .باإلضافة الى الرواية القصيرة التي أخذت شخصية
أشنباخ .وهو ما أبرزناه في الموضوع.
39
ساهم " نجيب محفوظ " في روايتة خاصة " السمان و الخريف" في االشادة
)(1
بمنطقة البحر األبيض المتوسط.
كل نظرة للمتوسط من وجهة نظر الباحثين والكتاب واالقتصاديين وغيرها تبرز مدى
اهتمامهم بهذا البحر وعشقهم لما يحتوي من حضارة وثروة اقتصادية وأدبية وغيرها ،وهنا
)(2
يبرز االهتمام منذ زمن بعيد بحكم التراث الحضاري الذي يملكه البحر األبيض المتوسط.
تبلغ مساحة البحر األبيض المتوسط حوالى 2ماليين كلم 1ومتوسط عمقه حوالى 5188
)(1
و يؤكد علماء متر ،ويقدر علماء اإليكولوجيا (البيئة) أن مياهه تتجدد كل 58سنة تقريبا،
الجغرافية الطبيعية والبشرية أن حوض البحر المتوسط يمثل وحدة حقيقية وأن الساحل الجنوبي
يتكامل مع الساحل الشمالي ،في حين يبلغ طول البحر من الشرق إلى الغرب بـ 222 :ميال بحريا
مشكال الخط المستقيم من مذيق جبل طارق إلى بيروت ،أما عرضه فهو متفاوت يتراوح مابين
مضيق الدردنيل التركي و مناء بور سعيد المصري ،و 258ميل بحرية بين ميناء مرسيليا الفرنسي
)(2
وميناء بجاية بالجزائر.
إن طول هذه المسافات الساحلية مع سواحل جزيرتي قبرص ومالطة مجتمعة تبلغ 58855
ميال ،وهذا يعني أن البحر المتوسط لشساعته وتنوع مناطقه زاد من حيويته ،إذ °ينقسم البحر
األبيض المتوسط بواسطة سلسلة جبلية تحت الماء تمتد بين صقلية و تونس إلى حوضين ،غير أن
)(1
أحمد صدقي الدجاني ،مرجع سابق ذكره ،ص . 581
)(2
نفس المرجع ،ص .582
)(1
عصام الحناوي ،الموسوعة العربية للمعرفة من أجل التنمية المستديمة ،المجلد الثاني :البعد البيئي ،لبنان :الدار
العربية للعلوم ،1881 ،ص .82
التحديات التكاملية لدول إتحاد المغرب العربي في إطار مشروع الشراكة األورو -متوسطية ،رسالة ماجيستير ،كلية العلوم السياسة واإلعالم ،جامعة
" ) (2دمحم سليم سمارة" ،
الجزائر ،1881 :ص.528
40
الحوض الشرقي أعمق من الحوض الغربي ،وأقصي عمق له ب ـ1882 :م وذلك في المنخفضين
)(3
الهلييني الواقع بين اليونان وإيطاليا.
من خالل ما سبق نستنتج أن الخصائص الجغرافية جعلت من الدول المحاذية له تتخذ
سياسات عبر مختلف العصور من أجل السيطرة والهيمنة على ممراته من أجل زيادة مداخيل خزينة
الدول القوية عبر فترات من التاريخ ،وهو في األلفية الجديدة (القرن )15يشهد نوعا جديدا من بسط
النفوذ على خيراته وعلى منافذه.
إلى جانب الموقع الجغرافي الخاص بالبحر األبيض المتوسط وأهميته فإنه يحتوي على
ثروات استراتيجية تعد حيوية بالنسبة القتصاد الدول الغربية الصناعية ،وتتمثل هذه الثروات خاصة
في النفط والغاز اللذين تزخر بهما منطقة المغرب العربي والخليج العربي وكذا منطقة بحر قزوين.
برزت مكانة البحر المتوسط تجاريا من خالل عبور ناقالت النفط و كذا األنابيب النفطية
والغازية إلى دول أوروبا والواليات المتحدة األمريكية ،هذا وقد تراجعت مكانة البحر المتوسط تجاريا
بعد إكتشاف القارة األمريكية وظهور الم حيط األطلسي كمركز جديد للتجارة العالمية جعل من مكانة
البحر المتوسط يفقد وزنه التقليدي ،إال أن ظهرت موجة االستعمار في القرن التاسع عشر والتي
نشطت الموانئ المتوسطية خاصة في مستعمرات الضفة الجنوبية التابعة للضفة الشمالية ،مما أدى
إلى إحياء المنطقة مجددا في حين ما تزال منطقة البحر المتوسط منطقة الصراعات والتوترات لذا
المر) ،(1وهذا ارجع إلى عدة اعتبارات منها
سماه مجموعة من الكتاب ببحر المتاعب أو البحر ُ
االنفجار الديمغرافي ،األصولية ،التطرف ،اإلرهاب ،الهجرة والصراع العربي اإلسرائيلي...الخ(2).في
حين هذا ال يمنع من أنه يعتبر ذا أهمية إقتصادية كبيرة ويساهم في جذب ماليين السياح سنويا،
)(3
عبد القادر رزيق المخادمي ،االتحاد من أجل المتوسط –االبعاد واآلفاق ،-الج ازئر :ديوان المطبوعات الجامعية،
،1888ص .51
) (1ميشال كابرون ،أوروبا في مواجهة الجنوب :العالقات مع العالمين العربي واإلفريقي ،ترجمة :نعيمة أديب ،لبنان :ب د ن ،5881 ،ص.82
)(2
مصطفي بخوش ،حوض البحر األبيض المتوسط بعد نهاية الحرب الباردة -دراسة في الرهانات واألهداف ،الجزائر:
دار الفجر للنشر والتوزيع ،1858 ،ص.21
41
لمناخه الدافئ ومناظره الجميلة ،باإلضافة إلى إحتوائه على منتجعات ذات شعبية عالية كجزر
)(3
اليونان و الريفي ار الفرنسية وااليطالية.
إن دراسة حوض المتوسط حضاريا يبرز لنا تعدد الحضارات والديانات واألقليات
واللغات هذا كله لتعدد األجناس ،بحكم قدم المنطقة واعتبارها منطقة حضارية بفسيفساء من
الحضارات السابقة منها الهندية والصينية و الفارسية ،وحسب "فرنان بروديل" فإن دائما وجد
أثر في منطقة البحر األبيض المتوسط هما الحضارة العربية
بأن الحضارتين التي تركت ا
اإلسالمية(جنوب المتوسط) والحضارة األوروبية المسيحية (شمال المتوسط) ،والمتتبع للتاريخ
الحضاري للمنطقة يجد بأن هناك اختالف جوهري بين الحضارات ،مما زاد من حجم
)(1
الصراعات والنزاعات في حوض المتوسط.
على مصر بين 5185م و5585م و االحتالل الفرنسي للجزائر 5828وتونس والمغرب
حتى منتصف القرن العشرين الماضي ،هذا الصراع كان بين دول الضفتي في حين شهدت
المنطقة الشمالية لحوض المتوسط مزيدا من الحروب لم تكن دول الضفة الجنوبية طرفا
فيها ،كالصراع بين دول المحور (ألمانيا وإيطاليا) ،والحلفاء (الواليات المتحدة األمريكية،
)(3
عبد القادر رزيق المخادمي ،مرجع سابق ذكره ،ص.18
)(1
Fernaand Braudel , La Méditerranée, L espace et l Histoire, paris: Flammarion,
1986 , p .158.
نابليون بونابارت :)1621-1184(:قائد عسكري ،وأول إمبراطور لفرنسا بعد الثورة التي أطاحت بالملكية عام )*(
،1164واستطاع توحيد أرجاء واسعة من أوروبا بالقوة ،لكنه ُمني بهزائم متوالية كانت آخرها معركة "واترلو" عام
،1815حيث لجأ عقبها إلى القوات البريطانية التي نفته إلى جزيرة سانت هيالنة بالمحيط األطلسي ،ومات هناك بعد
ستة أعوام ،وهو في الـ 11من عمره.
42
بريطانيا وفرنسا) أثناء الحرب العالمية الثانية ،مما أدى بهذه الصراعات إلى نمو واتساع هوة
الخالف بين ضفتي البحر األبيض المتوسط) .(2إال أن هذه الخالفات تقلصت بظهور مفاهيم
إن الحديث عن العولمة االقتصادية يقودنا إلى التأصيل النظري لمفهوم العولمة التي تثير
جدال كبي ار تتعدد بشأنها اآلراء وبحوث الدارسين لها في مختلف المجاالت االقتصادية والسياسية
والثقافية و االجتماعية ،خاصة مع زوال المعسكر الشرقي االشتراكي وانفراد أمريكا بقيادة العالم،
كثر الحديث في العولمة وتصدير نماذج اقتصادية وثقافية معولمة.
انطالقا من اعتبار العولمة كظاهرة واختالف وجهات النظر حول الداللة المعرفية
يعرفها على أنها ":الدخول بسب تطور الثورة للمصطلح فإننا نجد "برهان غليون"
المعلوماتية والتقنية معا في طور من أطوار التطور الحضاري ،يصبح فيه مصير اإلنسانية
موحدا أو نازعا للتوحد".
يعرفها أيضا "دمحم عبد الجابري" بأنها ":إرادة الهيمنة وبالتالي قمع وإقصاء للخصوصية،
فهي إحتواء للعالم وتوحيد االستهالك وخلق عادات استهالكية على النطاق العالمي ،والعولمة
هي زيادة التشابك والترابط بين الدول والمجتمعات والتفاعل بينها وعلى المستويات كلها فيما
يسمى العالقات الدولية").(1العولمة التي يجري الحديث عنها اآلن بمثابة نظام أو نسق ذو
أبعاد تتجاوز دائرة االقتصاد ،و العولمة اآلن نظام عالمي أو يراد لها أن تكون كذلك لتشمل
مجال المال والتسويق والمبادالت التجارية واالتصال ...الخ ،كما يشمل أيضا مجال السياسة
والفكر و اإليديولوجيات مما يجعل العالم قرية صغيرة تحت نظام عالمي واحد.
)(2
أحمد كاتب ،خلفيات الشراكة األوروبية المتوسطية ،الجزائر :إبن نديم للنشر والتوزيع ،1852 ،ص .55
)(1
دمحم عابد الجابري" ،العولمة والهوية والثقافة :عشرة أطروحات"،مجلة المستقبل العربي ،بيروت ،5885 :ص.51.
43
كما يعرفها "نورمان جيفان" على أنها تشير إلى مجموعة من العمليات االقتصادية
والسياسية و اإليديولوجية ،ويوجد عند أساسها االقتصادي تدويل التمويل واإلنتاج والتجارة
واالتصاالت الذي تقوده أنشطة الشركات العابرة لألوطان ،واندماج أسواق رأس المال والنقود
)(2
وتضافر تقنيات الكومبيوتر واالتصاالت السلكية والالسلكية.
في المقابل ،تشير األبحاث في العقد األول من القرن الواحد والعشرين إلى ما يشبه
إجماعا للرأي حول المقصود من العولمة خارج المجتمع األكاديمي حيث يتجه من يتم سؤالهم
عما تجعلهم كلمة العولمة يفكرون به في إجاباتهم ،إلى التركيز على القضايا االقتصادية
ومنها الرأسمالية والنقود وقطاع األعمال الكبيرة ،والتوسع في عدد المؤسسات الكبرى ،كما
يذكر في األغلب الوجود القوي المستمر للشركات المتعددة الجنسيات والتي تتزايد أعدادها
)(1
بشكل مستمر.
إن مصطلح العولمة منشأه غربي وطبيعته غربية ،والقصد منه تعميم فكره وثقافته
ومنتوجاته على العالم بما يضمن حضارة غربية عالمية واحدة ،فهي ليست نتيجة تفاعالت
حضارات غربية وشرقية ،انصهرت في بوتقة واحدة ؛ بل هي سيطرة قطب واحد على العالم
ينشر فكره وثقافته مستخدما قوة الرأسمالي الغربي لخدمة مصالحه .فهو من مورثات الصليبية
فروح االستيالء على العالم هي أساسه ولبه ولكن بطريقة نموذجيه يرضى بها المستعمر
ويهلل لها بل ويتخذ هذه الصليبية الغربية المتلفعة بلباس العولمة مطلبا للتقدم .يقول "بات
روبرتسون)*( ":لم يعد النظام العالمي الجديد مجرد نظرية ،لقد أصبح وكأنه إنجيل".
)(2
دمحم غربي" ،تحديات العولمة وأثرها على العالم العربي" ،مجلة اقتصاديات شمال إفريقيا ،العدد ،81الجزائر1888 :
ص .11
)(1
أنابيل موني ،بيتيسي إفان ،العولمة :المفاهيم األساسية ،ترجمة :آسيا دسوقي ،بيروت :الشبكة العربية لألبحاث و
النشر ،1888 ،ص.58.55.
بات روبرتسون :من مواليد 5828سياسي أميركي وداعية مسيحي ،ترشح للمنافسة على رئاسة الحزب الجمهوري )*(
عام ،1466وأسس إمبراطورية من المؤسسات اليمينية المسيحية .اشتهر بتصريحاته المثيرة للجدل وبعدائه لإلسالم.
44
بعد إعطاء تعريف للعولمة البد من إعطاء لمحة عن تطورها التاريخي ،حيث صاغ
الباحث "روالند روبرتسون )**( ،" Roland Robertsonوالمدافع والمؤيد للعولمة ،نموذج
تطور العولمة مقسما على المراحل التالية:
أ -المرحلة الجنينية :التي تمتد ما بين القرن الخامس عشر ميالدي وحتى منتصف القرن
الثامن عشر ميالدي ،وفيها ظهرت المجتمعات القومية وتعمقت األفكار الخاصة
بالفرد و باإلنسانية.
ب -مرحلة النشوء :وتمتد من القرن الثامن عشر ميالدي حتى عام 5518م ،والتي نشأت
في هذه الفترة االتفاقيات الدولية والمؤسسات المتعلقة بتنظيم العالقات بين الدول
والشعوب.
ت -مرحلة االنطالق :استمرت من عام 5518م إلى العشرينيات من القرن العشرين.
ث -محلة الصراع من أجل الهيمنة :هذه المرحلة تمتد من العشرينيات حتى منتصف
التسعينيات القرن الماضي ،حسب روالند روبرتسون ،إن ظهور المجتمعات القومية
أدى إلى تبلور مفاهيم العالقات الدولية ،وحدوث الحرب العالمية األولى ،ونشأة
عصبة األمم ،إلى نهاية الحرب الباردة وهيمنة القطبية األحادية بزعامة الواليات
)(1
دليل على هيمنة قطبية واحدة تقودنا إلى إتباع نموذج معين المتحدة األمريكية.
للعولمة.
روالند روبرتسون :من مواليد 5825هو عالم االجتماع والمنظر العولمة الذي يحاضر في جامعة أبردين في )**(
اسكتلندا ،المملكة المتحدة كان أستاذا لعلم االجتماع في جامعة بيتسبرغ ،وفي عام 5855شغل منصب رئيس رابطة علم
االجتماع الديني ،وقد ركزت نظريات روبرتسون بشكل كبير على اتباع نهج أكثر الظواهر والنفسي واالجتماعي من أن من
المنظرين أكثر المادية الموجهة مثل ايمانويل والرشتاين أو فريدريك جيمسون لروبرتسون ،فإن الجانب األكثر إثارة لالهتمام
في العصر الحديث (أو ما بعد الحداثة) هو الطريقة التي وضعت الوعي العالمي أنه يضع مسيرة من "مراحل" التي تستحوذ
على الجوانب المركزية من عصور مختلفة في التاريخ العالمي ،مؤكدا أن المرحلة الخامسة ،اليقين العالمي والتي تم
التوصل إليها .ومن األعمال الرئيسية روبرتسون هي العولمة :النظرية االجتماعية والثقافة العالمية ( )5881وحدة التخزين
تحرير حداثة العالمية .في عام ،5851وكان عالم االجتماع أول من استخدم مصطلح العولمة في عنوان مقال
االجتماعية .تعريفه 1992العولمة بأنها "ضغط العالم وتكثيف الوعي في العالم ككل" كان لها الفضل فيما التعريف
األول من نوعه للعولمة ،من خالل تحليل أكثر تفصيال للتاريخ هذا المصطلح يشير إلى أن لديها العديد من المؤلفين.
ويقال أيضا أنه صاغ منتدى العالمية والمحلية على المدى عام 5881
)(1
أحمد ثابت ،العولمة وتداعياتها على الوطن العربي ،بيروت :مركز الدراسات الوحدة العربية ،1882 ،ص.52.
45
واختالف التعريفات حول مصطلح العولمة بين االقتصاديين والسياسيين و مختلف
الباحثين كان البد من تحديد أنواع للعولمة إلعطاء صبغة تكاملية للمفهوم كما يلي:
العولمة المالية :وتصف السوق العالمية اآلنية للمنتجات المالية المتعامل بها في
)*(
عبر العالم على مدى أربعة وعشرين ساعة يوميا .وبالتالي فإن "المدن المالية"
العولمة المالية هي الناتج األساسي لعمليات التحرير المالي والتحول إلى ما يسمى
باالندماج المالي مما أدى إلى تكامل وارتباط األسواق المالية المحلية بالعالم الخارجي
من خالل القيود على حركة رؤوس األموال ومن ثمة أخذ تتدفق عبر الحدود إلى
)(1
األسواق العالمية.
العولمة التكنولوجية :تشكل تكنولوجيا المعلومات عامال محف از في مشروع العولمة
،بسبب التطورات التي سايرتها تكنولوجيا المعلومات خالل تسعينيات القرن العشرين
في كل من تجهيزات وبرامج الكومبوتر باإلضافة إلى قطاع االتصاالت الذي أدى
إلى إحداث تقدم واسع في مجال المعلوماتية سواء لجهة تسهيل عملية الحصول على
مختلف المعلومات أم لجهة فتح آفاق جديدة أمام األرباح وتوسيعها في مختلف
القطاعات االقتصادية ،وتوفير تكنولوجية المعلومات شبكة اتصال تسهل وصول
السلع واألفكار والموارد إلى جميع االفراد والدول بغض النظر عن أماكن التواجد
الجغرافي ،فهذه التكنولوجيا العالمية تنتج قنوات أثبتت فعاليتها في مجال تبادل
)(2
المعلومات وأصبحت المحرك األول لتحقيق االندماج العالمي.
)*(
تضم عددا كبي ار من المصارف والمؤسسات التجارية والبورصات المالية البارزة عالميا،
مدن عالمية ُّ
المدن المالية :هي ٌ
هامة عالميا في سوق ثمة من بينها بعض المراكز المالية العالمية اختصا ار ( ) IFCوهي مدن تكون ذات مراكز َّو َّ
تضم على األقل سوق أسه ٍم مالية واحدة .ومنها مدن لندن نيويورك هونغ كونغ طوكيو
ُّ المعامالت المالية ،وغالبا ما
جنيف.
جامعة بسكرة ،1881 :ص .181 )(1
صالح مفتاح" ،العولمة المالية" ،مجلة العلوم االنسانية ،عدد،81
)(2
على: االنترنت في عليه يوم ،1851-82-51متاح االطالع العولمة" ،تم التكنولوجية و "
http://www.globalization101.org
46
العالم ،هذا مما أجبر لدول العالم ضرورة مسايرة التكنولوجيا المعلوماتية وجرها في تيار
العولمة.
العولمة االقتصادية :وتصف نظم اإلنتاج المتكامل الجديدة التي تمكن "الشركات
الكونية" من إستغالل المال والعمل عبر العالم على إتساعه.
العولمة السياسية :تعمل على انتشار "األجندة الليبرالية" المؤيدة لخفض إنفاق
)(3
الدولة ،والتحرير التشريعي والخصخصة واالقتصاديات المفتوحة بوجه عام.
و أيا كان األمر فيمكن القول بعدما سردنا أنواع العولمة وما ينتج عنها لشعوب العالم فإن
)(1
جوهرها يتمثل في سهولة حركة الناس والمعلومات والسلع بين الدول على النطاق الكوني.
و عموما ،فإن العولمة هي التي من خاللها تصبح شعوب العالم متصلة ببعضها البعض
)(2
في كل أوجه الحياة منها ،ثقافيا و اقتصاديا ،سياسيا و تقنيا وبيئيا.
أما صندوق النقد الدولي الذي ركز على الشق االقتصادي للعولمة لما تتطلبه مهامه
في ذلك ،وهذا ال يعني إهمال األبعاد األخرى فيرى بأن العولمة هي " :تعبير عن التعاون
االقتصادي المتنامي لمجموع دول العالم والذي يحتمه ازدياد حجم التعامل في السلع
والخدمات وتنوعها عبر الحدود ،باإلضافة إلى تدفق رؤوس األموال الدولية واالنتشار السريع
)(3
للتكنولوجيا".
)*(
وأثرها على اقتصاديات العالم. -2العولمة االقتصادية
)(3
بيتر تيلور ،كولن فلنت ،الجغرافيا السياسية لعالمنا المعاصر :االقتصاد العالمي ،الدولة القومية ،المحليات،الجزء
األول ،ترجمة :عبد السالم رضوان ،إسحق عبيد ،الكويت :عام المعرفة ،1881 ،ص.15.11
)(1
فضل هللا دمحم سلطح ،العولمة السياسية :انعكاساتها – وكيفيت التعامل معها ،جامعة االسكندرية :مكتبة بستان المعرفة
لطبع ونشر والتوزيع ،1888 ،ص .52
)(2
عاطف السيد ،العولمة في ميزان الفكر ،مصر :مطبعة االنتصار ،1885 ،ص .85
)(3
ياسين السيد ،العولمة والطريق الثالث ،القاهرة :ميريت للنشر و المعلومات ،5888 ،ص .88
)*(
لقد تم التركيز على العولمة االقتصادية بحكم مصدر العولمة أساسا هذا من جهة وبحكم أساس دراستنا البد من
التركيز على العولمة االقتصادية واهم مؤسساتها وكيف تؤثر على عالقات الدول فيما بينها .ولكن دون اهمال الجوانب
االخرى للعولمة.
47
لقد ارتبطت العولمة في بعدها االقتصادي بعمل ونشاط الشركات متعددة الجنسية ،كما
ارتبطت بالمؤسسات العمالقة للتمويل الدولي وأبرزها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي،
وكذا المنظمة العالمية للتجارة ،األمر الذي يؤكد على أن التجارة الدولية تشكل المدخل
الرئيسي نحو التكامل واالندماج االقتصادي الدولي ،والقاطرة التي تقود النمو االقتصادي
العالمي(4).هذا من جهة ،ومن جهة ثانية تشير ظاهرة العولمة االقتصادية إلى تزايد حرية
)(1
إذ تعتبر األفراد والشراكات في القيام بمعامالت اقتصادية مع نظرائهم في بلدان أخرى.
العولمة االقتصادية عملية إندماج عميقة لالقتصاديات العالمية ،وخصوصا بين االقتصاديات
المتطورة ،وعن تأثير قيام منظمة التجارة العالمية في تنظيم التجارة العالمية واإلشراف على
)(2
فتح األسواق ،وكذا تأثير التكتالت االقتصادية الدولية على الدول الضعيفة اقتصاديا.
وفي هذا الشأن يمكن القول أن مسيرة " عولمة االقتصاد العالمي" ،بمعنى إندماج
االقتصاديات العالمية ضمن نطاق النظام االقتصادي الرأسمالي ليست جديدة ،فقد بدأت منذ
عقدي الستينات والسبعينات من القرن العشرين على إثر النمو الكبير في اقتصاديات أوروبا
الغربية والواليات المتحدة األمريكية واليابان بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ،وفي
إقتصادات شرق وجنوب شرق أسيا نتيجة لآلثار االقتصادية الهامة لحربي كوريا وفيتنام.
وعليه فإن العولمة في شقها االقتصادي تهدف إلى تحويل العالم إلى منطقة اقتصادية
موحدة ،تختفي فيها الحواجز والقيود وتندمج اقتصاديات عالمية ضمن نطاق النظام
االقتصادي الموحد ،ومن أهم مالمحها مايلي:
)(4
عابد شريط ،دراسة تحليلية لواقع وأفاق الشراكة االقتصادية األورو-متوسطية – حالة دول المغرب العربي -أطروحة
دكتوراه في العلوم االقتصادية جامعة الجزائر ،كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير ،الجزائر ،1882 ،ص.21.21 .
)(1
حكومة دبي ،العولمة االقتصادية فرص أم تحديات؟ ،قطر :إدارة الدراسات االقتصادية والمالية ،دائرة المالية،1881 ،
ص. 2 .
)(2
الجمهورية اليمنية ،مستقبل التكتالت االقتصادية العربية في ظل العولمة االقتصادية ،اليمن :المركز الوطني
للمعلومات ،1881 ،ص.1.
48
)(3
-التطور السريع في تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت.
-تزايد دور التجارة االلكترونية ونسبتها إلى إجمالي التجارة العالمية ،وهذا نظ ار
إلحصاءات المقدمة في قطاع الخدمات أن زيادة نمو رأسمال من 82مليار دوالر
عام 5885إلى 288مليار دوالر في عام 1881إلى ما يفوق 118مليار دوالر
عام ،1858هو في تزايد مستمر على حساب قطاعات أخرى.
-إنهيار نظام النقد الدولي عام 5815بحيث أعلن الرئيس األمريكي " نيكسون"
" Nixonفي عام 5815بعدم إلتزام بلده بشراء وبيع الذهب مقابل الدوالر وبذلك
إنهار نظام السعر الثابت "نظام بروتن وودز" وبدأت بذلك دول العالم تعوم عمالتها
مقابل الدوالر بحيث أنها تحدد القيمة الخارجية لعمالتها مرفقا لتفاعل قوى
)(1
السوق(العرض والطلب) ،وتزايد األزمات االقتصادية وسرعة انتشارها.
من خالل ما سبق نستنتج بأن التأصيل الفكري للعولمة االقتصادية عرف
"أدم سميث")*(" مع االقتصادي
تطو ارً
)(2
وهنا نشير لدافيد ريكاردو")**( ،و هي فكرة التقسيم للعمل على أساس المزايا المطلقة.
إلى أن نطرح مثل هذه األفكار الليبرالية لم يكن باألمر السهل في عهد كان يطغى فيه
المذهب التجاري في نهاية القرن السابع عشر ميالدي.
) (3عبد الوهاب الرميدي" ،التكتالت االقتصادية اإلقليمية في عصر العولمة وتفعيل التكامل االقتصادي في الدول النامية :دراسة
تجارب مختلفة" ،أطروحة دكتوراه ،في العلوم االقتصادية ،جامعة الجزائر ،كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير،الجزائر:
،1881ص.88.
) -(1غالب أحمد عطايا "،العولمة و انعكاساتها على الوطن العربي" ،ورقة مقدمة إلى الملتقي التربوي األول لمواد
الجغرافيا واالقتصاد والدراسات االجتماعية وعلم النفس ،اإلمارات العربية المتحدة :يوم ،1881/82/28-18 :ص.52.
)*(
أدم سميث : 1141-1123فيلسوف واقتصادي ليبرالي ،يعد مؤسس علم االقتصاد السياسي وواضع مبادئه
األولى في كتابه المشهور "ثروة األمم" الذي نشر عام .1118وقد قامت على أفكاره ونظرياته أسس "المدرسة
الكالسيكية" في االقتصاد.
دافيد ريكاردو :1623-1112اقتصادي وسياسي إنجليزيُ ،ي ّ
)**(
عد من أبرز رموز المدرسة الكالسيكية في االقتصاد،
وهو مؤلف أحد أهم الكتب في تاريخ االقتصاد السياسي "مبادئ االقتصاد السياسي والضرائب" ،وصاحب عدة نظريات
اقتصادية من أشهرها نظرية" الميزات النسبية" في مجال التجارة الدولية.
) -(2نادية العقون" ،العولمة االقتصادية واألزمات المالية :الوقاية والعالج – دراسة ألزمة الرهن العقاري في الواليات
كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم
المتحدة األمريكية ،"-أطروحة دكتوراه في العلوم االقتصادية ،جامعة الحاج لخضر بباتنة،
التسيير،
الجزائر .1852 :ص.21.
49
أما من وجهة نظر برنامج األمم المتحدة اإلنمائي ،فيعرف العولمة على أنها ":ذلك
التكامل االقتصادي ،و الثقافية والتكنولوجية ونظم الحكم ،ومن سماته الرئيسية هي :تقليص
المكان والزمان وإختفاء الحدود ،مما يربط الناس بشكل أعمق" .وهذا ما أشار إليه تقرير
التنمية البشرية لسنة 1885على أهمية التكامل الذي يعتبر من أهم عناصر العولمة
االقتصادية إلى جانب عناصر أخرى نوردها فيما يلي:
-األسواق الجديدة :وهي األسواق المالية المرتبطة حول العالم والتي تنجز التعامالت
عن بعد ،ومنها بورصة لندن ،بورصة نيويورك ،بورصة هونغ كونغ .
-األدوات الجديدة :وهي الروابط عبر االنترنت منها الهاتف المحمول ،وشبكات
االعالم.
-الالعبون الجدد :وهم منظمة التجارة العالمية ،ذات التأثير على الحكومات الوطنية،
والشركات متعدية الجنسية ،ومنظمات غير حكومية.
-قواعد جديدة :أ ي أن اتفاقية متعددة األطراف بشأن التجارة والخدمات والملكية الفكرية،
)(1
ومع ذلك فإن انتعاش تستند إلى قواعد تجبر الدولة الوطنية على تطبيق مبادئها،
عمليات التدويل ،خالل إنتقال رؤوس األموال ،أو من خالل إنتقال السلع والخدمات،
)(2
كان بمثابة واقعا جديدا يعزز روح األفكار الليبرالية.
إذن إن العولمة االقتصادية وتأثيراتها على اقتصاديات العالم ساهمت بشكل كبير في
اإلنفتاح االقتصادي العالمي ،مما أنتجت لنا سوقا ال حدود لها ويغلب عليها طابع الجودة
والمنافسة ،مما يفرض على دول العالم الثالث ضرورة مواكبة هذه الظاهرة العالمية.
نشأت العولمة االقتصادية من االقتصاد الرأسمالي ،وهذا األخير يعتمد على التبادل
التجاري الحر ،المنافسة ،اقتصاد السوق ،االعتماد المتبادل بين اقتصاديات الدول ،باعتبار
)(1
آصيفا طايع ،العولمة والديمقراطية والتنمية في إفريقيا :التحديات والتوقعات ،القاهرة :مركز البحوث العربية للدراسات
العربية واالفريقية والتوثيق ،ب س ن ،ص.85.
)(2
رحيم حسين" ،اإلطار الفكري والمؤسسي للعولمة االقتصادية :من كينز إلى ستيغليتز" ،مجلة اقتصاديات شمال
إفريقيا ،العدد ، 81الجزائر ،1885 :ص.58.
50
العولمة االقتصادية نتاج الفكر الرأسمالي الذي يقوم أساسا على قدرة رأس المال على الحركة
الدولية ودون عراقيل روتينية إدارية أو سياسية ،فتح األسواق المالية ورفع الحواجز والقيود
الجمركية ،وهي معطيات تجسدها التكتالت االقتصادية العالمية ومؤسسات المالية الدولية
كصندوق النقد الدولي ،البنك الدولي لإلنشاء والتعمير ،ومنظمة التجارة العالمية ،ولكي نقف
عند درجات تأثير هذه المؤسسات على اقتصاديات دول العالم من خالل سياساتها المتبعة،
يجدر بنا أن نتطرق إلى كل منها على حدى كما يلي:
ويمكن تعريف البنك الدولي أيضا على أنه ":المؤسسة االقتصادية العالمية المسؤولة عن
إدارة النظام المالي الدولي واالهتمام بتطبيق السياسات الكفيلة بتحقيق التنمية االقتصادية
)(2
للدول األعضاء".
كما أن الغرض من البنك هو العمل على تسهيل االستثمار الدولي لرؤوس األموال
لألغراض االنتاجية على أن يكون دوره مساعدا للسوق الدولية لرأس المال وليس بديال عنها.
ويتكون هذا البنك من أعضاء هم أعضاء صندوق النقد الدولي ويشتركون في رأس
ماله وتوزيع الحصص على األعضاء وفقا لحصصهم في الصندوق تقريبا مع اختالفات
يسيرة وتقسم حصة كل عضو على ثالث أجزاء:
)(1
-خليل السحمراني ،منظمة التجارة العالمية والدول النامية ،بيروت :دار النفائس ،1882 ،ص.51.
) -(2أحمد السليمان ،موجز االقتصاد السياسي ،جزء ،1سوريا :مطبعة جامعة دمشق ،5811 ،ص.211.
51
%1 -5من الحصة تدفع للبنك مباشرة ذهبا أو دوالرات أمريكية وهذه تكون قابلة
لإلقراض.
% 55 -1من الحصة تدفع في شكل عمالت محلية للدولة العضو ،وهذا ال تكون قابلة
لإلقراض إال بموافقة العضو.
%55 -2من الحصة تدفع في شكل عمالت محلية للدولة العضو وهذه ال تكون قابلة
لإلقراض إال بموافقة العضو.
ومن الواضح أن الجزء المخصص من رأس مال البنك لإلقراض جزء صغير ولذلك فإن
البنك يعتمد بصفة أساسية على اإلقراض أو على ضمان قروض الدول لتمويل العمليات
التي يساهم فيها ،فالبنك قد يتدخل ضامنا للدول الراغبة في االقراض من سوق رأس
)(1
المال.
كما أن حقوق الدول األعضاء لم تكن متساوية في التصويت ،بل إن هذه الحقوق
كانت مرهونة بمدى مساهمة الدول العضوة في رأس مال البنك ،مع األخذ بعين االعتبار
الوزن االقتصادي للدولة ،مما جعل هذا البنك خاضعا لسيطرة الدول الصناعية الكبرى والتي
تملك نسبة رأس المال بـ %21 :أو يزيد عنها ،حيث أن الواليات المتحدة األمريكية تتمتع
بدور مميز في هذا البنك ،إذ تملك وحدها %55من رأس المال بالمقابل يبلغ عدد دول
األعضاء فيه بـ 551 :دولة ،مما يوحي بأن الدول القوية والتي تساهم برأس مال كبير لها
)(2
سلطة القرار داخل البنك وتوجيه سياساته.
وعليه فإن سياسة البنك الفعلية هي تحديد السياسات االقتصادية للدول النامية)*(،
فالقروض وعلى الخصوص تلك المتعلقة باإلصالح االقتصادي كانت عبارة عن تنفيذ
سياسات اقتصادية معينة أكثر منها تنفيذا لمشروعات محددة ،قد برز ذلك من خالل المناداة
)(1
منير نوري ،السياسات االقتصادية في ظل العولمة ،الجزائر :ديوان المطبوعات الجامعية ،1858 ،ص .585
) - (2خليل السحمراني ،المرجع سابق ذكره ،ص.51.
)*(
لقد كان ل لبنك الدولي من خالل السياسات الموجهة لبلدان العالم الثالث من االستحواذ المستمر و الالمشروع على
ثروات الشعوب وخاصة شعوب بلدان أسيا وإفريقيا وأمريكا الالتينية وإفقارها وإذاللها والعمل على استثمار رؤوس أموال هذه
الدول وخاصة الغنية منها لصالح االقتصاد الرأسمالي وقبول الودائع المالية وخاصة من البلدان المنتجة للنفط بهدف تعظيم
األرباح لصالح المؤسسات المالية والتحكم بهذه األموال من قبل البنوك والشركات الغربية.
52
بالخصخصة وعدم تدخل الدولة ،فالبنك ليس سوى مشروعا للسيطرة على اقتصاديات الدول
عبر التحكم في سياساتها االقتصادية ،فإذا كانت تلك السياسة تخدم مصالح الدول الكبرى
من خالل القروض مع التسهيالت ،وإذا كان األمر العكس يصبح الحصول على تلك
القروض من ضمن األمور المستحيلة.
ب -صندوق النقد الدولي" International Monetary Fund " IMF ":
يعتبر صندوق النقد الدولي مؤسسة متخصصة من مؤسسات األمم المتحدة و ال يشترط
في العضوية أن تكون الدولة عضوا في هذه المنظمة ،ويبلغ حاليا عدد أعضاء هذه المنظمة
552دولة ،حيث حدت حصة كل عضو فيه وفقا للدخل القومي للدولة العضو ولمدخراتها
المالية وميزانها التجاري وغيرها من المؤشرات االقتصادية األخرى ،كما يتوجب على الدولة
العضو أن تدفع %11من حصتها بالذهب أو بالدوالر األمريكي ،و %11بعملتها الخاصة،
حيث قام الصندوق بوظيفتين هما:
-الوظيفة األولى :كانت مصرفية ،وتمثلت في مد أعضائه بوسائل دفع دولية عند
الضرورة في شكل قروض أو تسهيالت إئتمانية.
-الوظيفة الثانية :كانت رقابية ،كان يعمل على رقابة تصرفات دول األعضاء بما يكفل
تحقيق االستقرار ألسعار الصرف ،والعمل على إزالة نظام الرقابة على الصرف بغية
)(1
إنعاش حركة التبادل التجاري القائم على المدفوعات المتعددة األطراف.
في هذا السياق يقوم الصندوق بتطبيق سياسة وخطط التقشف المالي وفتح الحدود
وعمليات الخصخصة في أكثر من سبعين دولة مدانة في العالم الثالث وشرق أوروبا،
وتطبيقا لهذه االجراءات فقدت هذه الدول السيادة االقتصادية وسلطة الرقابة على السياسة
الجبائية و المالية ،وأجبرت على إعادة تنظيم البنوك المركزية وو ازرات المالية وتخلت على
المؤسسة العمومية ،وبمعنى أدق وجدت نفسها تحت وصاية إقتصادية وسياسية في شكل
حكومة موازية ليست مسؤولة أمام المجتمع المدني أو المواطنين بصفة عامة ومكونة من
المؤسسات المالية الدولية وموظفيها.
)(1
خليل السحمراني ،مرجع سابق ذكره ،ص.58 .
53
وفي المقابل ساعد تطبيق برامج إعادة الهيكلة على عولمة السياسات االقتصادية الكلية
تحت الرقابة المباشرة لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ،اللذين يعمالن بالتنسيق مع
)*(
ولندن .ويقوم هذا الشكل الجديد من الهيمنة الذي يمكن المصالح القوية كنادي باريس
تسميته باستعمار السوق ،بتطويع وإخضاع الشعوب والحكومات إلى برامج وأجندات
)(1
الصندوق.
من خالل ما سبق نستنتج أن كال المؤسستين الصندوق والبنك في الظاهر يعمالن على
تنمية ومساعدة اقتصاديات الدول النامية ومنح قروض وهبات ،لكن في حقيقة األمر هما أداة
للتدخل في شؤون الداخلية للدول وفرض إصالحات سياسية وإقتصادية وإجتماعية
ومالية...الخ ،تابعة لنموذج الرأسمالي الليبرالي وليست نابعة من خصوصية الدول النامية.
وفي هذا السياق يمكننا أن نستدل بحديث نائب رئيس البنك الدولى مع رئيس بعثة
الصندوق إلى كولومبيا حيث قال ":أنت تلوي ذراعهم األيمن ونحن سنلوي ذراعهم األيسر"
)(2
بمعني أن كال من البنك والصندوق وجهان لعملة واحدة.
)*(
مموليين من 91دولة تعد
من أكبر االقتصادات في العالم ،نادي باريس :هو مجموعة غير رسمية مكونة من مسؤولين ماليين ّ
إعادة جدولة وهى مجموعة تقدم خدمات مالية مثل وانضمت لهم مؤخرا إسرائيل عام 0292لتصبح المجموعة مكونة من 02دولة ،
عليها ،والغاء الديون بين الدول المثقلة بالديون للدول المديونه بدال من اعالن افالسها أو تخفيف عبء الديون بتخفيض الفائدة الديون
بعد أن تكون الحلول البديلة صندوق النقد الدولي غالبا ما يتم التوصية بها أو تسجيلها في النادى عن طريق ودائنيها .الدول المديونه
لتسديد ديون تلك الدول قد فشلت .وينعقد اجتماع النادي كل ستة اسابيع في باريس ،في مقر وزارة االقتصاد والمالية الفرنسية.
رامون فرنانديز" وقد تولدت الفرنسية (وزارة المالية) ،وحاليا ً المدير العام للخزانة هو" دائرة الخزانة ويرأسها أحد كبار المسؤولين في
و دائنيها المختلفين ،وقد دونت أو األرجنتين فكرة ذلك النادي من المحادثات التي عقدت في باريس عام 9191لنقاش األزمة بين
.قننت مبادئه وإجراءاته في نهاية السبعينات من القرن العشرين في سياق الحوار بين الشمال والجنوب
) (1عمار جفال " ،قوي ومؤسسات العولمة :التجليات واالستجابة
العربية" ،المجلة الجزائرية للعلوم السياسية واالعالمية ،العدد ،85:جامعة
الجزائر ،كلية العلوم السياسية واالعالم ،الجزائر ،1885 :ص.511.511.
جاك بوالك ،البنك الدولي وصندوق النقد الدولي عالقة متميزة ،ترجمة :أحمد منيب ،القاهرة :الدار الدولية )(2
54
ج :المنظمة العالمية للتجارة" Organisation Mondial de Commerce "OMC" :
-1التعريف بالمنظمة:
إن المنظمة العالمية للتجارة الصادرة عن إتفاقية جولة األورغواي عام 5882هي
منظمة حديثة النشأة ،تأسست في 85جانفي 5881مقرها جنيف بسويسرا ،كما تتولى مهمة
تنظيم التجارة الدولية ،وبعد االتفاقيات التي تم التوصل إليها من خالل جولة األورغواي ،التي
والتي َّ
وقع بيانها الختامي )(1
تعتبر آخر جولة من المفاوضات التجارية المتعددة األطراف،
في اجتماع مراكش أفريل 5882م ،والتي على إثرها تأسست منظمة التجارة العالمية رسميا
في أول جانفي 5881م .و هي مؤسسة دولية مستقلة من الناحيتين المالية واإلدارية ،وغير
)(2
خاضعة لمنظمة األمم المتحدة".
وهي أيضا منظمة دولية تُعنى بتنظيم التجارة بين الدول األعضاء وتشكل منتدى
)(3
للمفاوضات متعددة األطراف".
إن تأسيس هذه المنظمة تعتبر مرحلة جديدة من خالل التحول الجذري في النظام
االقتصادي العالمي والسيما فيما يتعلق بمسار تطور المبادالت الدولية نحو إلغاء الحدود
االقتصادية التقليدية ،و هي منظمة الوحيدة المختصة والمهتمة بالقوانين الدولية المعنية
بالتجارة ما بين األمم ،في حين أن مهمة المنظمة األساسية هي ضمان إنسياب التجارة
بأكبر قدر من السالسة واليسر والحرية.
مما ال شك فيه أن هناك مبررات قادة بالضرورة إلى إنشاء المنظمة بعد فشل الغات
" "GATTمن جهة وزيادة الطلب على فتح التكتالت الدولية هذا ما جعل الدول الصناعية
)(1
ناصر دادي عدون ،دمحم متناوي " ،انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة :األهداف والعراقيل" ،مجلة الباحث،
العدد 82الجزائر ،1882 :ص .11
)(2
دمحم مطر ،االلتزام بالمعايير المحاسبة والتدقيق كشرط النضمام الدول إلى المنظمة العالمية للتجارة ،ب ب ن ،ب د
ن ،5885 ،ص. 58.
)(3
ناصر دادي عدون ،دمحم متناوي ،المرجع السابق الذكر ،ص .12
55
تلجأ إلى ضرورة وجود منظمة دولية تحمي تجارة الدول الصناعية ،ومن بين أهم األسباب
الداعية إلى إنشائها باإلضافة إلى أسباب أخرى نوجزها فيما يلي:
-األزمات التي واجهها االقتصاد الرأسمالي في الثمانينات و إنتشار موجة حمائية التي
هددت بنشوب حرب تجارية بين الدول الرأسمالية حيث تقدمت دول عديدة من بينها
دول االتحاد األوروبي بطلب إلنشاء منظمة التجارة العالمية و رفضت الواليات
المتحدة األمريكية ذلك.
-نتيجة التسارع والتكثيف لعملية التدويل ونشاط الشركات المتعددة الجنسيات والتوجه
نحو سوق دولية واحدة مما يتطلب وجود اتجاه تنظيمي نحو جعل السوق الدولية حقل
قانوني واحد لتسهيل عمل الشركات العمالقة والحد من المعوقات التي تقابلها لدى
الدول التي تنقل إليها استثماراتها.
-اهتمام و حرص الدول الصناعية الكبرى على مواصلة سيطرتها على النظام
اال قتصادي العالمي ،وعلى لملمة نزاعاتها االقتصادية المتالحقة حتى ال تتحول
سيطرتها على األسواق إلى سيطرة واهية ،كما سعت تلك الدول إلى محاولة وقف
التدهور الذي أصاب النظام التجاري المتعدد األطراف بسبب ما عرف بإجراءات
)(1
المنطقة الرمادية في تلك الفترة.
-شعور الواليات المتحدة األمريكية بتراجع نفوذها االقتصادي حيال تزايد نفوذها
العسكري و السياسي ،مما دفعها باتجاه تحسين وضعها وزيادة سيطرتها االقتصادية.
-عيوب إتفاقية الغات" "GATTالسابقة في النطاق وآليات االلزام والتنفيذ ،حيث توجد
ثغرات قانونية في اتفاقية الغات في مجالي الزراعة والمنسوجات جعلت تلك التغيرات
الباب مشرعا أمام الدول للتنصل من إلتزاماتها القانونية ،مؤدية إلى عرقلة إنسيابية
التجارة ،في حين لم تستطع الواليات المتحدة األمريكية إقناع اليابان وال الصين في
ظل اتفاقية الجات بفتح أسواقها كاملة أمام المنتجات والسلع األمريكية ،وكما لم تشتمل
اتفاقية الجات تجارة الخدمات التي أثبتت أهمية كبيرة في التجارة العالمية.
)(1
فهمي أماني" ،منظمة التجارة العالمية" ،مجلة السياسة الدولية ،العدد ، 511القاهرة :أكتوبر ،5881ص.588.
56
-3مبادئ المنظمة العالمية للتجارة:
بمعنى أن منتجات أي دولة طرف في المنظمة يجب أن تلقى نفس المعاملة التي
تلقاها منتجات أية دولة متعاقدة أخرى ،ويضمن هذا المبدأ شرط المعاملة التجارية
)(1
المساوية بين الدول األطراف في المنظمة.
إزالة هذه القيود سواء كانت جمركية أو غير جمركية كالحصص الكمية ،ولكن يستثني
من ذلك تجارة السلع الزراعية وتجارة الدول التي تعاني من عجز جوهري مستمر في ميزان
المدفوعات.
وذلك لغرض فض المنازعات التجارية الدولية بدال من الذهاب إلى االجراءات االنتقامية
)(2
التي تسبب في تقليل حجم التجارة الدولية.
يقصد بهذا المبدأ االعتماد على التعريفة الجمركية وليس على القيود الكمية (التي تفتقر
إلى الشفافية) أي أن تكون التعريفة محددة على الكيف إذ اقتضت الضرورة تقييم التجارة
الدولية وبذلك ينبغي على الدول التي يتحتم عليها حماية الصناعة الوطنية ،أو عالج العجز
في الميزان المدفوعات أن تلجأ لسياسة األسعار والتعريفة الجمركية مع االبتعاد على القيود
)(1
عبد الواحد العفوري ،العولمة و الجات -الفرص والتحديات ،القاهرة :مكتبة مدبولي ،1888 ،ص.21.
)(2
دمحم سيد عابد ،التجارة الدولية ،االسكندرية :مكتبة ومطبعة االشعاع الفنية ،1885 ،ص.221.
57
الكمية مثل الحصص (حصص االستيراد) ،ويرجع ذلك إلى أنه في ظل قيود األسعار يمكن
)(3
بسهولة تحديد حجم الحماية أو الدعم الممنوح للمنتج المحلي.
ويقصد بها عدم التمييز بين الدول األعضاء أو عدم معاملة أي دولة معاملة تفضيلية
على حساب الدول األخرى حيث تتساوي كل الدول األعضاء في ظروف المنافسة في
األسس ويستثني من ذلك الدول التي تنتمي إلى إقليم إقتصادي معين والدول األعضاء في
االتحادات الجمركية ومناطق التجارة الحرة وما تمنحها لبعضها البعض من تفضيالت ال
)(1
تخضع لمبدأ الدولة األولى بالرعاية.
تهتم هذه المنظمة ب توفير الحماية للمستهلك والمنتج معا ،حيث أن كالهما يعلم أهمية
ضمان االستمرار في الحصول على السلع مع ضمان اختيار أوسع من المنتجات تامة
الصنع ومكوناتها وموادها الخام وكذلك بخدمات إنتاجها ،وبذلك يضمن كل من المنتجين
والمصدرين أن األسواق الخارجية ستظل مفتوحة دائما لهم ،ويمكن تلخيص مهام منظمة
التجارة العالمية فيما يلي:
)(3
منير نوري ،مرجع سابق ذكره ،ص .581
طارق فاروق الحصري ،االقتصاد الدولي (:نظريات التجارة الدولية ،ميزان المدفوعات ،سعر الصرف ،السياسات )(1
التجارية الدولية ،المنظمات االقتصادية الدولية ،التجارة االلكترونية ،األزمة المالية العالمية) ،مصر :المكتبة العصرية،
، 1858ص.582. 581
58
-
التعاون مع المنظمات الدولية األخرى ذات العالقة بصنع السياسات االقتصادية
)(2
العالمية.
إن إدارة االقتصاد العالمي في القرن الواحد والعشرين تتخذ عدة أشكال اقتصادية في
ضوء التطورات االقتصادية العالمية ولكنها لن تكون بأي شكل من األشكال مستندة إلى إدارة
وهيمنة دولة واحدة ،وإن مسألة هيمنة الواليات المتحدة األمريكية على مقدرات االقتصاد
العالمي هي مسألة دقيقة لذا ال يمكن قبول "نظرية فوكوياما" حول نهاية التاريخ وسقوط
)*(
اإليديولوجيات.
وكما قد ظهرت تشوهات في االقتصاد الدولي بسبب ذلك فإن إرساء قواعد السلوك
االقتصادي على قاعدة اقتصادية جديدة هي أمبرلة اإلقتصاد وأدلجته وعولمته من أجل
إسقاط منطق الحواجز والحدود االقتصادية بين الدول.
)**(
" الذي كان ألكثر من وإن ما يدعو إلى االنتباه أنه حتى " االنكتاد UNCTAD
ربع قرن يرفع شعار التنمية في البلدان النامية من خالل إقامة النظام االقتصادي الدولي
الجديد ومبدأ التكافل أو الترابط االقتصادي أخذ اآلن يبشر بآلية اقتصاد السوق بوصفه
الطريق األمثل في إقامة العالقات االقتصادية المتكافئة والنهج األوفر حظا في تحقيق النمو
في االقتصاد العالمي ،لذلك اختفت االشارة إلى النظام االقتصادي الدولي الجديد من تقارير
االنكتاد وجرت االشارة إلى البرنامج المتكامل للسلع والصندوق المشترك بشكل عابر في
مقررات االنكتاد التاسع عام 5881في جنوب إفريقيا ،فاالتجاه السياسي الدولي اآلن هو
)(1
السيطرة الرأسمالية وخاصة الشركات المتعددة الجنسيات.
)*(
للمزيد حول سقوط االيديولوجيات أنظر إلى كتاب فرانسيس فوكوياما حول نهاية التاريخ وخاتم البشر ترجمة :حسين
أحمد أمين ،القاهرة :مركز األهرام للترجمة و النشر.5882 ،
)**(
االونكتاد :مؤتمر األمم المتحدة للتجارة والتنمية والتي يعرف باختصار باالنجليزية UNCTADتم إنشائها كهيئة
حكومية دائمة علم 5812وهو الهيئة الرئيسية التابعة لجهاز األمانة العامة لهيئة األمم المتحدة في مجال التجارة والتنمية
ويبلغ عدد األعضاء المؤتمر األونكتاد حاليا 555دولة عضوا.
)(1
رواء زكي الطويل ،األمن الدولي واستراتيجيات التغيير و االصالح ،األردن :دار أسامة للنشر و التوزيع ،ب س ن،
ص .512.512
59
-1أوجه االختالف بين المنظمة العالمية للتجارة مع الجات :GATT
تم إنشاء المنظمة العالمية للتجارة OMCبناءا على األحكام األصلية لالتفاق العام
للتعريفات والتجارة ،GATTلتتوافق بذلك مع أهدافها وجل مبادئها ،رغم ذلك فإنها تختلف
عن الجات في عدة نقاط نذكر منها:
-تقوم المنظمة العالمية للتجارة باإلشراف على تنفيذ القوانين الخاصة بالقضايا التجارية
وهذا ما لم نجد له أثر في الجات ،التي كانت لوائحها غير الزامية.
-تمتاز المنظمة العالمية للتجارة عن االتفاقية العامة بإنشائها لجهاز تسوية المنازعات
الذي يحدد طبيعة عمل وأسلوب تشكيل طرق التحكيم وجهاز االستئناف والتزامات
الدول وحقوقهم في إطار جهاز تسوية المنازعات.
-امتازت المنظمة التجارة عن اتفاقية الغات في إنشائها لمجالس فرعية تشرف على
تجارة السلع وتجارة الخدمات وكذلك حقوق الملكية ذات الصلة بالتجارة ،وهي مجالس
دائمة ،خالف لما كان معمول به من قبل ،حيث كانت الجات تقتصر على لجان
العمل ولجان الخبراء والتي لم تكن توصياتها ملزمة ألحد.
-كانت الجات عبارة عن اتفاقيات تجارة بين الدول ،أما منظمة العالمية للتجارة فهي
منظمة مهمتها توفير اإلطار العام والمبادئ العامة للعالقات التجارية بين الدول
)(1
األعضاء ،خاصة فيما يتعلق باتفاقيات التجارة التي أسفرت عنها جولة األورغواي.
ما يمكن أن نستنتجه هو أن إتفاقية الغات كانت عبارة عن أداة متعددة األطراف حيث
تمت الموافقة على سلسلة من االتفاقيات ،وذلك على أساس متعدد الجوانب ،أي على أساس
انتقائي بينما المنظمة العالمية للتجارة ،فقد حضيت بموافقة وقبول أعضائها ككيان موحد
لذلك فإن جميع االتفاقيات التي تشكل هذه المنظمة هي اتفاقيات متعددة األطراف وتشمل
التزامات بعضوية المنظمة ،بمعنى ال يمكن قبول اتفاقيات معينة ورفض اتفاقيات أخرى من
طرف األعضاء بل القبول بجميع االتفاقيات.
60
المبحث الثاني :التكامل االقتصادي كآلية للشراكة.
إن التغيرات التي طرأت على العالقات االقتصادية والنقدية العالمية بعد إعادة إعمار
أوروبا ،أثبتت أن من المستحيل تماما إقامة تبادل حر للتجارة على النطاق العالمي
وبالدرجة نفسها من الصعوبة اللجوء إلى اإلكتفاء الذاتي وتطبيق السياسات الحمائية في
المجال التجاري واستنادا إلى ذلك كان يقتضي األمر إيجاد وسائل تحقيق تعاونا من شأنه أن
يقيم تدريجيا وعلى النحو متناسق مجموعات اقتصادية كالتكتالت االقتصادية االقليمية
والدولية في ظل سوق تنافسية عالمية واسعة ،هذا ما جعل دول ضفتي المتوسط عقد
اتفاقيات من أجل التكامل المتوسطي وهذا ما سنتناوله فيمايلي:
ال تزال نظرية التكامل تعاني من حيث التعريف من بعض الثغرات ،إذ يرجع أصل كلمة
التكامل ( )Intègrationإلى الالتينية والتي استعملت ألول مرة عام 5118في قاموس
أكسفورد اإلنجليزي والذي أورده بمعنى تجميع األشياء كي تؤلف كال واحد ،وهذا المعنى
)(1
يتفق تماما مع المعنى العام لكلمة التكامل ،هذا من الناحية اللغوية والداللية للكلمة.
أما من الناحية االصطالحية للكلمة وحسب موسوعة العلوم السياسية فإن المصطلح
يستخدم لإلشارة إلى ":نمط من التفاعالت ينشأ من مجموعة عناصر تملك من أسباب
)(2
التقارب ما يجعلها نواة لبناء واحد أو كيان مشترك".
كما عرفها األمريكي أرسنت هاس ( )A.Haasالتكامل بأنه ":العملية التي تضمن تحول
الوالءات والنشاطات السياسية لقوى سياسية في دول متعددة ومختلفة نحو مركز جديد تكون
لمؤسساته صالحيات تتجاوز صالحيات الدول القومية القائمة" ،أما بالنسبة لهدف التكامل
فيرى هاس أنه ":إذا فهمنا الوضع الحالي على أنه سلسلة من التفاعالت و التمازجات بين
)(1
نزية عبد المقصود دمحم مبروك ،التكامل االقتصادي العربي وتحديات العولمة مع رؤية اسالمية ،االسكندرية :دار
الفكر الجامعي ،1881 ،ص .58
)(2
اعمر بوزيد ،مرجع سابق ذكره ،ص.11.
61
العديد من البيئات الوطنية من خالل المشاركة في المنظمات الدولية ،فإن على التكامل أن
يحدد العملية التي يتم من خاللها زيادة هذا التفاعل بهدف المساعدة التي تتالشى فيها
)(1
الحدود بين المنظمات الدولية والبيئات الوطنية".
بأنه تلك العملية التي تجد الدول نفسها راغبة أو عاجزة )*(
و عرفها أيضا " ليون ليندبرغ"
عن إدارة شؤونها الداخلية الرئيسية باستقاللية عن بعضها البعض ،وتسعى بدال من ذلك
التخاذ ق اررات مشتركة في هذه الشؤون أو تفوض أمرها فيها لمؤسسة جديدة" ).(2
)**(
الذي يعتبر من أكثر الباحثين استخداما لنظرية اإلتصال وكما قدم "كارل دويش"
والنظم في بحثه حول ظاهرة التكامل ،حيث طرح فيها نموذجين لتحقيق ما يراه " أمن
المجتمعات" كما يحدد شروطا لوجود كل منهما وذلك كما يلي:
النموذج األول :وهو قائم على ما يسميه بـ":األمن الموحد" حيث تصبح مجموعة من
الوحدات السياسية المستقلة سابقا وحدة واحدة ،ولها حكومة مشتركة ،وتصبح بذلك حكومة
مركزية مثل الواليات المتحدة األمريكية.
النموذج الثاني :وهو قائم على ما يسمي بـ" :األمن التعددي" حيث يترابط أمن الدولة
المشتركة في هذا النموذج مع احتفاظها جميعا بحكوماتها المنفصلة وباستقاللها القانوني.
بمعنى أنها من الناحية القانونية منفصلة ،لكنها من الناحية األمنية مترابطة ،إذ تشترط
الدراسة لهذه النموذج ثالث شروط لتحقيقه هي:
)(1
دمحم بوعشة ،التكامل والتنازع في العالقات الدولية الراهنة –دراسة المفاهيم والنظريات ،-بيروت :دار الجيل،5888 ،
ص.511.
)*( ليون ليندبرغ :من مواليد 5821بالواليات المتحدة األمريكية ،وأستاذ فخري في جامعة" ويسكونسون ماديسون" ،وكان
اهتماماته التدريسية حول اإلقتصاد السياسي والسياسة األوروبية ،ومن بين مؤلفاته التكامل األوروبي ،السياسة من التضخم
و الركود اإلقتصادي.
)(2
جيمس دورتي ،روبرت بالتسغراف ،النظريات المتظاربة في العالقات الدولية ،ترجمة :وليد عبد الحي ،الكويت :دار
كاضمة للنشر والترجمة والتوزيع ،5851 ،ص.111 ،
)**(
كارل دويش :اعتمد كارل دويش في تحليله للعالقات الدولية على مفهومي االتصال الدولي والتكامل الدولي ،بحيث
يعتبر هذا األخير النتيجة المحصلة بفعل الجهود المبذولة لتحقيق التصال بين األطراف الدولية ،ويستمد مفهوم االتصال
الدولي عند -دويش -داللته من االتصال االجتماعي الذي يرى فيه أنه المسؤول عن بلورة الطابع القومي ،مما قاد
المجتمعات السياسية إلى الدولة القومية ،وذلك من خالل عملية التنشئة االجتماعي والسياسية في المجتمع الواحد.
62
-اتساق القيم بين صناع القرار في كل الدول المشاركة.
-االستجابة السريعة و المشتركة لمواجهة ما قد يعترضها من مشكالت.
)(1
-قدرة صناع القرار فيها على التنبؤ المشترك لسلوك بعضهم البعض.
ب-التكامل االقتصادي:
انطالقا من ثمانينات القرن العشرين الماضي والتي تربط التكامل االقتصادي بمبدأ
الكفاية االنتاجية من خالل استغالل اإلمكانيات البشرية ،على عكس ما كان سائدا في
الخمسينيات إذ أكد المفكرين االقتصاديين والسياسيين بأن أهمية التكامل لن تتحقق بسرعة و
بالشكل المطلوب دون تكامل اقتصاديات الدول المعنية في شكل اتحادات جمركية أو مناطق
تجارة حر ،وقد أخذت الدعوة للتكامل االقتصادي تتوسع وتتزايد أهميتها في أواخر القرن
العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين.
أما "بيال بالسا" يعرف التكامل االقتصادي على أنه ":عملية وحالة في آن واحد،
َّ
والمراد بالعملية هو أنه ينطوي على االجراءات والتدابير والوسائل التي تستخدم في العملية
التكاملية ،والتي تؤدي إلى إلغاء التمييز بين الوحدات المنتمية إلى دول قومية مختلفة ،وإذا
نظرنا إليه على أنه حالة فإنه يتمثل في زوال مختلف التفرقة بين االقتصاديات القومية للدول
)(3
،ومن هذا التعريف للكاتب الذي ركز بين متغيرين باعتبار التكامل كحالة من األط ارف
)(1
اعمر بوزيد ،مرجع سابق ذكره ،ص.12.
)*(
جاكوب فينر :1411-1642 :حيث كان أستاذ لجامعة شيكاغو مابين 5851-5851ومن 5821-5858
)(2
عبد القادر رزيق المخادمي ،التكامل االقتصادي العربي في مواجهة جدلية االنتاج والتبادل ،الجزائر :ديوان المطبوعات
الجامعية ،1888 ،ص.12.
)(3
بيال بالسا ،نظرية التكامل االقتصادي" ،ترجمة :رشيد البراوي ،القاهرة ،دار النهظة العربية ،5812 ،ص.58.
63
جهة واعتباره كعملية من جهة أخرى ،لكن لم يشرح لنا كيف تتم عملية التكامل بين دول
مختلفة اقتصاديا وثقافيا و سياسيا.
وبعبارة أدق فإن عملية تحقيق إعتماد متبادل بين اقتصاديات مجموعة من الدول
بدرجات مختلفة قائمة على أسس معينة ،مستخدمة في ذلك مداخل مختلفة بهدف زيادة
وتدعيم القدرة االقتصادية واالجتماعية للدول األعضاء).(1
وحسب هذا التعريف فإنه أعطى لنا تعريف سطحي ودون ذكر أهم األسس التى يقوم
عليه التكامل بين البلدان المختلفة الغنية والفقيرة منها ،ودون إعطاء لنا سبل و آليات و
شروط تحقيق هذا التكامل بحث أن للتكامل االقتصادي له عدة شروط منها القرب الجغرافي
مثال أو قرب اقتصاديات الدول التي هي محل تكامل باإلضافة إلى االرادة السياسية للبلدان.
)*(
يعرفه بأنه ":عملية تحتوي جانبين –جانب سلبي في حين نجد العالم "جان تينبرجين"
–والذي يقتضي إزالة التمييز وكافة االجراءات التقليدية ،وإزالة التعريفات الجمركية وأنظمة
الحصص وزيادة الحرية في المعامالت االقتصادية وجانب إيجابي-يقتضي تسوية التفاوت
القائم في السياسات التجارية ووضع سياسات ومؤسسات جديدة تتمتع بصالحيات اإلجبار"
)(2
.
من خالل التعاريف السابقة يمكننا القول بأن التكامل االقتصادي هو عبارة عن جميع
اإلجراءات التي تتفق عليها دولتان أو أكثر قصد إزالة العراقيل على حركة التجارة الدولية
وعناصر اإلنتاج فيما بينها ،والعمل على التنسيق بين مختلف سياساتها االقتصادية من أجل
بلوغ أهداف اقتصادية معينة ،غير أنه من الضروري التمييز بين التعاون االقتصادي
) -(1حامد عبيد حداد" ،التكامل االقتصادي والتنسيق الصناعي العربي دراسة تحليلية" ،مجلة كلية اآلداب ،العدد ،88ب
س ن ،ص.125 .
)*(
جان تينبرجين 5882 - 1903 :ولد في الهاي بهولندا وتلقى تعليمه بجامعة ليدن وحصل على الدكتوراه في الفيزياء
عام 5818وشغل وظيفة أستاذ بكلية االقتصاد 5822وأصبح أستاذا متفرغا من ، 1956وعموما فقد كان في الفترة من
5818و حتى 5821إحصائي بالمكتب المركزي لإلحصاء بهولندا وفى الفترة 5825-5821إنضم إلى عصبة األمم
األمانة كخبير وفى الفترة 5811-5821شغل وظيفة مدير مكتب التخطيط المركزي للحكومة الهولندية.
)(2
– Miroslavn. Jovanovic and Richard g.n lipsey. International Economic integration
limits and prospects-. Second edition London routledge.1998.p.05.
64
والتكامل اإلقتصادي ،فالهدف من التعاون االقتصادي () Coopération Economique
)(1
أما هو تخفيف أثر العقبات الموجودة في العالقات االقتصادية الدولية والتقليل منها،
التكامل االقتصادي ( ) Intégration Economiqueيذهب إلى أبعد من ذلك حيث يعمل
على إزالة هذه العراقيل وتوفير الشروط المالئمة لزيادة فاعلية وعمق العالقات االقتصادية
بين الدول(.)2
ومن هنا فإن فكرة التكامل االقتصادي ترتبط بتحقيق تغيرات هيكلية وآثار واضحة
المعالم في االقتصاديات الوطنية للدول األطراف في التكامل( ،)3كما يختلف أسلوب التكامل
أيضا وفقا لدرجة تقدم الدولة ونظامها االقتصادي ،فيعتمد التكامل االقتصادي في الدول
الرأسمالية المتقدمة على مبدأ النظام الحر أي مذهب الحرية الكاملة وهذا األسلوب المتبع في
االتحاد األوروبي ،كما يقتضي هذا المبدأ بإلغاء العوائق أمام تحركات السلع واألشخاص
ورؤوس األموال التي تحركها قوى السوق ،كما يأخذ في الدول النامية االشتراكية بمبدأ
االقتصاد المخطط وتدخل الدولة وفقا لوضعها االقتصادي لتحقيق أغراضها االقتصادية.
)(1
جمال عمورة ،مرجع سابق ذكره ،ص.155.
()1
سامي عفيف حاتم ،اإلتجاهات الحديثة في اإلقتصاد الدولي والتجارة الدولية ،التكتالت اإلقتصادية بين النظرية
والتطبيق ،القاهرة :الدار المصرية اللبنانية ،1881 ،ص.21 .
()2
دمحم لبيب شقير ،الوحدة اإلقتصادية العربية :تجاربها وتوقعاتها ،الجزء األول ،بيروت :مركز دراسات الوحدة العربية،
،5851ص.21.
)(4
جمال الدين عويسات ،العالقات االقتصادية الدولية و التنمية ،الجزائر :دار هومة للنشر ،ب ب ن ،ص.12.11
65
-يساهم التكامل االقتصادي في زيادة معدالت التبادل التجاري في الدول األعضاء ،كما
يؤدي إلى زيادة القوة التفاوضية ألنه كلما زاد عدد األعضاء كلما كانت هناك قوة
تفاوضية أفضل مع الدول األخرى ومن ثمة يزيد حجم تجارتها مع العالم الخارجي.
-يؤدي التكامل االقتصادي إلى تحقيق الوفرات االقتصادية نتيجة إتساع نطاق السوق
الذي يؤدي إلى زيادة الطلب على منتجات المشروعات ذات المرونة ،مما يزيد بدوره
)(1
من إستغالل أكبر طاقة إنتاجية ممكنة.
-3شروط التكامل االقتصادي:
أكدت الدراسات لمختلف تجارب التكامل االقتصادي أن نجاح هذه األخيرة يتوقف على
مجموعة من الشروط لتجنب فشل محاوالتها ومن أهم هذه الشروط نذكر ما يلي:
أ -التقارب الجغرافي :يعتبر التقارب الجغرافي من أهم الشروط األساسية لنجاح التكامل
االقتصادي بين مجموعة من الدول التي تصبوا إلى تشكيل كتلة اقتصادية ،وهذا
لتسهيل انتقال السلع والخدمات داخل المنطقة التكاملية ،كما يخفض التكاليف لذا فإن
التقارب الجغرافي يعد من دعامات التكامل بين الدول لسهولة االتصال بينها واتساع
)(2
نطاق تبادلها التجاري وتيسير انتقال عناصر االنتاج،
ب -االرادة السياسية :تعد االرادة السياسية عنصر أساسي لما لها من وزن كبير
باعتبارها أحد شروط قيام التجمعات االقتصادية ،فغياب االرادة السياسية من أهم
أسباب فشل التكامل االقتصادي ،وألنه عندما يقف القرار السياسي موقفا غير مواتيا
للتكامل ،فهذا يعرقل العملية التكاملية لذلك فال مناص من اإلقرار بأن اإلرادة السياسية
تمثل ركن أساسي الزم لقيام عملية التكامل الجماعي ،وهي ركن يفرضه مبدأ السيادة
الوطنية التي تتمتع به الدول كافة) ،(3وعليه فإن اإلرادة السياسة شرط للتكامل
االقتصادي من أجل مشروع تنموي بين الدول محل التكامل قصد مواجهة التحديات
)(1
خاطر إسمهان ،دور التكامل االقتصادي في تفعيل االستثمار األجنبي المباشر دراسة حالة دول مجلس التعاون
الخليجي ،رسالة ماجستير ،كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير ،جامعة دمحم خيضر ببسكرة ،1852 :ص.1.
)(2
- Yadwiga Forowicz, Economie Internationale, Benchemin, Quebeq : 1995.p.265.
)(3
محمود الحمصي ،خطط التنمية العربية واتجاهاتها التكاملية و التنافرية :دراسة لالتجاهات اإل نمائية العربية المعاصرة
إزاء التكامل االقتصادي العربي ،1461-1481بيروت :مركز دراسات الوحدة العربية ،5858 ،ص.582.
66
والتكتالت االقتصادية المحايدة ،خاصة ونحن نعيش عصر التكتالت في العديد من
المجاالت.
ت -تجانس االقتصاديات القابلة للتكامل :بحيث يجب أن يكون التكامل بين اقتصاديات
ذات هياكل متجانسة ومتماثلة وقابلة للتكامل ،وتكاملها يعنى خلق فضاء حقيقي
متضامن بحيث ال وجود لإلختالفات االقتصادية بين الدول األعضاء ،و إال
سيسيطر إقتصاد بلد ما على إقتصاديات الدول األخرى ،وفي هذه الحالة تتشكل وحدة
اقتصادية مسيطرة ،كما كان الحال مع مجلس التعاون االقتصادي المتبادل
(الكوميكون) إذ كان يسيطر اإلتحاد السوفياتي سابقا في المجال االقتصادي والسياسي
على دول األعضاء ،مما قلص دور المجلس الفعلي.
ث -تنسيق السياسات االقتصادية القومية :و التي تتمثل في حرية تنقل السلع بين
مختلف الدول التي تظم تكامل إقتصادي ،وهذا التنسيق ينبغي أن يتناول شؤون
التعريفة الجمركية والسياسة التجارية تجاه الدول الواقعة خارج المنطقة ،وشؤون
األوضاع اإلجتماعية وسياسة اإلستثمار ،وتنظيم المفاوضات و تنسيق التشريعات
والسياسات اإلقتصادية من خالل وضع أجهزة متخصصة لذلك.
ج -تشابه المصلحة المشتركة :يهدف التكامل إلى تحقيق المصالح المشتركة بين الدول
المتكاملة والتي تتمحور أساسا حول تحسين وتطوير مستوياتها االقتصادية ،شريطة
تنظيم العالقات بصورة تكفل توزيع المكاسب بشكل عادل ومتوازن حيث يضمن عدم
)(1
إستحواذ أحد األطراف على المكاسب دون أطراف أخرى.
ومجمل القول هنا هو أن نجاح التكامل االقتصادي يعتمد بالدرجة األولى على مدى
تباين التخصص اإلنتاجي في دول األعضاء حيث يمكن هذا التباين من الحصول على مزايا
التي يحققها التكامل االقتصادي للدول األعضاء أمام التشابه في التخصص االنتاجي في
الدول قد يفقدها مزايا التكامل.
)(1
كمال مقروس" ،دور المشروعات المشتركة في تحقيق التكامل االقتصادي :دراسة مقارنة بين التجربة األوروبية والتجربة
المغاربية" ،رسالة ماجستير ،كلية العلوم االقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير ،جامعة سطيف ،1852 :ص.52.
67
وفي نفس السياق نستنتج أن من شروط عملية التكامل توفير وسائل النقل
واالتصاالت بين الدول المتكاملة إقتصاديا حتى يسمح بقلة تكاليف النقل بين هذه الدول،
وفي المقابل تعتبر الروابط الثقافية واالجتماعية كالدين والتاريخ والتقارب الثقافات واللغات
عنص ار أساسيا وعامل مهم ومحف از كبي ار لقيام تكامل متناسق ولهذا فإن االقتصاديات التي
تكون متجانسة في القيم والنظم االجتماعية والسياسية والثقافية هي قادرة على تحقيق تكامل
إقتصادي على عكس االقتصاديات المتعارضة في القيم والنظم.
للتكامل اإلقتصادي أهداف عديدة ليست كلها إقتصادية بالضرورة بل هناك أهداف
سياسية واجتماعية و عسكرية ،باإلضافة إلى أن هناك أهداف معلنة وأخرى غير معلنة
سنوجزها فيما يلي والتي سيتم التركيز على األهداف االقتصادية بالدرجة األولى ومنها:
يسعى كل تكتل إ قتصادي إلى تحقيقها واالستفادة الفعلية من جميع الفرص الممكنة التي
يوفرها تقسيم الكفؤ للعمل و منها:
-الرغبة في تأمين الوصول إلى األسواق الكبرى للحصول على مزايا االنتاج إذ يشجع
التكتل على توجيه االستثمارات توجيها اقتصاديا سليما ،و إعادة التكوين الحر للسلع
ورأس المال والعمل وإزالة كل العوائق.
-يؤدي التكامل االقتصادي بالدول األعضاء في المنطقة التكاملية إلى وضع يتجه نحو
التخصيص األمثل للموارد االقتصادية وإحتواء االقتصاديات الوطنية في كيان إقتصادي
جديد يعرف بعملية التكامل.
-تزويد الدول األعضاء باإلجراءات الضرورية والكافية إلحداث التغيرات الالزمة في
الهياكل االقتصادية للدول في المنطقة التكاملية ومن بين هذه اإلجراءات:
-5إجراءات خاصة بإنشاء السوق الموحدة التي تتضمن التدابير الخاصة برفع العراقيل
الجمركية بين دول األعضاء في المنطقة التكاملية وإقامة تعريفة جمركية موحدة تجاه العالم
الخارجي.
68
-1إجراءات تتعلق بتنسيق السياسات وتجانسها والمتضمنة التدابير الخاصة بالسياسات
االقتصادية الداخلية والخارجية منها السياسة المالية والنقدية والتجارة الخارجية.
)(1
-2إجراءات تتعلق باإلشراف وتتمثل في إجراءات توحيد المؤسسات االقتصادية والنقدية.
-2تحقيق الوفورات الداخلية ،حيث تؤدي عملية التكامل إلى اتساع األسواق مما يؤدي إلى
زيادة الطلب على المنتوجات في الدول األعضاء في المنطقة التكاملية أي زيادة االنتاج
وانخفاض تكاليفه.
تحقيق الوفورات الخارجية و يحصل ذلك نتيجة إتساع األسواق إال أنها تنتج عن -1
تحسينات مختلفة خارج الصناعة ،أي تترتب عن تنقل عناصر اإلنتاج و إحتكاك المنظمين
)(2
ببعضهم البعض.
يؤدي التكامل االقتصادي إلى تغيير الهيكل االقتصادي للدول األطراف في التكامل، -1
حيث يلعب دو ار فاعال في تحويل إقتصادها من إقتصاد زراعي أو إستخراجي أولي إلى
)(3
صناعي متقدم ،وكما يؤدي إلى إستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة في عملية اإلنتاج.
-1رغبة الدول في أن ُتلزم نفسها بسياسات أفضل بما في ذلك الديمقراطية و إحترام
حقوق االنسان.
دفعت ضغوط العولمة االقتصادية والدول إلى اإلكتفاء من خالل أسواق أكبر ومنافسة -5
)(4
متزايدة للوصول إلى التكنولوجيا واالستثمار األجنبي.
) -(1عبد المطلب عبد الحميد ،السوق العربية المشتركة ،الواقع والمستقبل في األلفية الثالثة ،القاهرة :مجموعة النيل
العربية ،1882 ،ص.52.
) -(2عبد الحميد براهيمي ،أبعاد االندماج االقتصادي العربي واحتماالت المستقبل ،بيروت :مركز دراسات الوحدة العربية،
،5858ص .185
ص.81.
69
التكامل االقتصادي يؤدي إلى تنويع اإلنتاج بطريقة إقتصادية ،وهذا قد يحمي -8
)(1
اقتصاديات الدول األعضاء من بعض االنتكاسات والتقلبات والسياسات األجنبية
من خالل ما سبق ذكره نالحظ أنه من الضروري التمييز بين أهداف التكامل بين كل
من الدول الصناعية والدول النامية ،حيث تسعى غالبا الدول الصناعية في إطار التكامل
إلى االستفادة من عوائد الكفاءة الناتجة عن إزالة العراقيل المفروضة على األنشطة
اإلقتصادية القائمة ،وزيادة حجم التجارة اإلقليمية للدول األعضاء وتوسيع نطاق السوق وهو
ما يسمح باالستفادة من تحقيق وفورات الحجم الكبير ومزايا التخصص.
أما بالنسبة للدول النامية فإن المكاسب التي يفرزها هذا التكامل ال يكون بنفس القدر من
الفعالية والحركية االقتصادية المحققة في الدول المتقدمة ،حيث أن الهياكل الصناعية في
الدول النامية تتسم بالهشاشة وعدم التأهيل وبالتالي فإن أهداف التكامل في الدول النامية هي
)*(
أهداف هيكلية.
وعليه فإن التكامل االقتصادي ال يعتبر هدفا في حد ذاته ،بل أداة أو وسيلة لدفع عملية
التنمية االقتصادية في هذه الدول إلى األمام ،لكن ينبغي اإلشارة أن االعتماد على مجرد
إلغاء القيود على حركات السلع وعناصر اإلنتاج بين الدول ليس هو األسلوب المالئم
للتكامل لتحقيق التنمية ،بل أن التكامل التنموي يتطلب قيام إستثمارات وتنسيق السياسات
بين مختلف هذه الدول ،باإلضافة إلى وجود أهداف سياسية من التكامل االقتصادي ،وهي
وضع سياسات تخدم اقتصاديات دول التكامل ،بالتنسيق مع األهداف اإلجتماعية التي تحقق
الرفاه االجتماعي لمواطني التكامل.
)(1
حامد عبيد حداد ،مرجع سابق ذكره ،ص.122.
)*(
لمزيد من اإلطالع في أهداف ومزايا التكامل اإلقتصادي ،راجع :عبد الحميد براهيمي ،مرجع سبق ذكره ،ص-111.
.118
70
إن الترابط االقتصادي بين الدول وال سيما من خالل التجارة والتدفقات المالية يجعل
إقتصاديات الدول تتأثر ببعضها البعض ،وقد ظهرت التكتالت االقتصادية كنتيجة للقيود في
العالقات الدولية وكمحاولة جزئية لتحرير التجارة بين عدد محدود من الدول ،كما تتخذ
التكتالت عدة أشكال قد تختلف فيما بينها من حيث االندماج بين األطراف المنظمة وتهيئة
الظروف نحو إيجاد الوحدة االقتصادية بإزالة جميع العقبات التنظيمية ،كما أن هذا االتحاد
االقتصادي االقليمي أو الجهوي وهو المسار الذي يؤدي بعدة دول لتكوين مجال جمركي أو
إقتصادي موحد ،بناءا على إتفاقية متغيرة تنتج عدة أشكال من التكامل حسب التركيبة
)(1
وهذا ما يقودنا السياسية والهيكلية ودرجة تحرير االقتصاد التي تصل إليها دول األعضاء،
إلى اإلشارة إلى أهم مراحل التكامل االقتصادي التي نوضحها فيما يلي:
يهدف هذا النظام إلى تخفيض العوائق التجارية ،بمعنى أن تقوم مجموعة صغيرة من
الدول المشتركة في االتفاق بتخفيض العوائق التجارية على الوردات من الدول المشتركة
األخرى ،في حين ال تقوم هذه بالمعاملة بالمثل ،أي ال تخفض العوائق التي تفرضها على
بقية الدول األعضاء ،ومن أمثلة هذا النوع من االتفاقيات المعاملة التفضيلية كالتي تمنحها
)(3
وتحتفظ الدول دول المجموعة االقتصادية األوروبية لوارداتها من عدد من الدول النامية،
)(1
-J.E. MITTAINE et F. PEQUERUL : Les unions économiques régionales, Paris :
édition ARMAND COLIN, 1999 , P. 14.
)(2
السيد دمحم أحمد السريتي ،التجارة الخارجية ،مصر :الدار الجامعية ،1888 ،ص.188.
)(3
دمحم يونس دمحم ،علي عبد الوهاب النجا ،اقتصاديات دولية ،مصر :الدار الجامعية ،1881 ،ص.511.
71
األعضاء في هذا النظام بالحق في صياغة ورسم نمط سياستها الجمركية وغير الجمركية
دون الخضوع إلجراءات مشتركة مع باقي الدول األعضاء.
في منطقة التجارة الحرة التي يتم التخلص من كافة الرسوم الجمركية بين الدول
األعضاء ،وغير الجمركية ولكل دولة الحرية في فرض رسوم أو تخفيضها فيما بين تلك
)(1
الدول وأية دولة أخرى غير عضو في المنطقة التجارية الحرة ال تمنح لها هذه الميزة.
ونظ ار إلختالف التعريفة الجمركية من دولة ألخرى تجاه العالم الخارجي ،فإن دول منطقة
التجارة الحرة تتبع " قواعد المنشأ" حيث تمنع هذه القواعد إستيراد السلع إلى داخل المنطقة
من قبل الدولة التي هي عضو بمنطقة التجارة الحرة ذات التعريفة األقل ثم إعادة تصديرها
)(2
لدولة ذات تعريفة جمركية أعلى.
ومن بين مناطق التجارة الحرة التي قامت خالل القرن العشرين الماضي نذكر منطقة
ومنطقة التجارة الحرة ألمريكا الشمالية (،(**))NAFTA )*(
التجارة الحرة األوروبية ()EFTA
غير أنه ومن اآل ثار الناتجة عن منطقة التجارة الحرة ما بين الدول األعضاء من خالل
اإلبقاء على إختالف معدالت الرسوم الجمركيـة في تجارة دول المنطقة مع الدول غير
)(3
األعضاء في المنطقة نوجزها فيما يلي:
) - (1العيد رزق هللا" ،العالقات التجارية بين الدول العربية واالتحاد األوروبي" ،رسالة ماجستير ،كلية العلوم االقتصادية
فرع نقود ومالية ،1881 ،ص .1
)(2
أحمد الكواز" ،التجارة الخارجية والتكامل االقتصادي اإلقليمي" ،جسر التنمية ،العدد ،55 :المعهد العربي للتخطيط
بالكويت ،مارس ،1888ص.5،8.
)*(
تشكلت ( )EFTAسنة 5818بين النمسا ،فنلندا ،النرويج ،السويد وسويس ار.
)**(
تضم ( )NAFTAكل من الواليات المتحدة األمريكية ،كندا والمكسيك ،تم اإلتفاق بين هذه الدول على إقامة هذه
المنطقة في سبتمبر ،5882ودخلت حيز التنفيذ في جانفي .5882
)(3
حسين عمر ،التكامل االقتصادي أنشودة العالم المعاصر ،مصر :دار الفكر العربي ،5885 ،ص.28،21 .
72
-إنحراف التجارة :بمعنى حدوث تحايل بعض الدول على الحواجز الجمركية ،كأن تقوم
دولة معينة بإستيراد سلع من دول غير أعضاء في المنطقة بتعريفة جمركية منخفضة
بدال من الحصول عليها من دولة عضو في المنطقة ،وهذا أمر يتناقض مع األهداف
التي يرمي إليها إنشاء منطقة تجارة حرة وهو توسيع نطاق التجارة فيما بين دول
المنطقة.
-إنحراف اإلنتاج :بمعنى إنتقال بعض المنتوجات المصنعة من الدول ذات التعريفة
الجمركية المرتفعة نسبيا إلى الدول ذات التعريفة الجمركية المنخفضة نسبيا بين دول
المنطقة ،خاصة إذا تعلق األمر بمنتوجات تحتوي على مواد أولية بنسبة كبيرة لكنها
غير متوفرة في دول المنطقة وهذا ما يستدعي إستيرادها من الخارج ،خاصة إذا كان
الفارق في التعريفة الجمركية أكبر من الفارق في تكاليف اإلنتاج.
-
إنحراف اإلستثمار :أي أن إنحراف اإلنتاج قد يؤدي إلى إنحرافات في اإلستثمار،
باعتبار أن المستثمرين األجانب سوف يوجهون أموالهم إلى الدول التي تكون فيها
الرسوم الجمركية على المواد األولية و المنتوجات نصف مصنعة منخفضة نسبيا،
وهذا من أجل أن يضمن هؤالء المستثمرون تكاليف إنتاج المنتوجات التامة وأسعار
بيع هذه األخيرة عند المستوى الذي يجلب المستهلكين وتحقق للمستثمرين عوائد مجزية
في نفس الوقت ،وهذا ما يؤدي بطبيعة الحال بإحجام المستثمرين األجانب على
اإلستثمار في الدولة العضو في منطقة التجارة الحرة ذات التعريفة الجمركية المرتفعة
)(1
نسبيا.
ج -االتحاد الجمركي (:)Custom Union
يتشكل هذا االتحاد عندما تتفق مجموعة من الدول على إزالة التعريفة الجمركية في ما
بينها واالتفاق على تعريفة جمركية موحدة تجاه الغير مثل مجلس تعاون لدول الخليج العربي
عام ،1882وكذا منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى منذ عام ،1881ويعد هذا االتحاد
الجمركي شكال من أشكال التكامل االقتصادي يحاول أن يعالج عيوب منطقة التفضيل
الجمركي ومنطقة التجارة الحرة وفيه تلغي الرسوم والحواجز الجمركية فيما بين الدول
)(1
جمال عمورة ،مرجع سابق ذكره ،ص.182.181
73
األعضاء باإلضافة إلى توحيد التعريفة الجمركية بين أعضاء منطقة التكامل إزاء العالم
الخارجي وبذلك تتحقق حرية انسياب السلع بين الدول األعضاء.
وال ينطوي اإلتحاد الجمركي على حرية إنتقال األشخاص أو رؤوس األموال ،بل إن
االتحاد الجمركي هو دمج لألقاليم الجمركية للدول األعضاء فيه بحيث تصبح إقليما جمركيا
)(1
واحدا.
ويتميز االتحاد الجمركي على منطقة التجارة الحرة في تقيد حرية أي دولة عضو في
عقد إتفاقيات مع دول الخارجية ،أو حتى تجديد االتفاقية المعقودة مع هذه الدول إال بموافقة
الدول األعضاء ويرجع ذلك إلى الرغبة في حماية الدول األعضاء من تدهور مركزها
التنافسي ،وفي الوقت الذي تتخلص دول االتحاد من مشاكل قواعد المنشأ فإنها تواجه مشكلة
)(2
تنسيق السياسات ،حيث يجب إتفاق جميع دول االتحاد على تعريفات موحدة لكافة السلع.
د-السوق المشتركة ):(Common Market
وفقا لهذا المرحلة من مراحل التكامل فإنه يتم إلغاء كافة الرسوم الجمركية بين الدول
األعضاء وتلتزم كل دولة بسياسة موحدة في مواجهة كل الدول خارج السوق ،وهو بذلك
يشبه االتحاد الجمركي ولكن يضاف إليه حرية حركة عناصر االنتاج من العمل ورأس المال
بين الدول األعضاء في السوق ،وهذا ما تحقق في االتحاد األوروبي في عام ،5882حيث
تم رفع الرسوم الجمركية على السلع الصناعية داخل االتحاد وتم االتفاق على تحديد سعر
موحد للمنتجات الزراعية في عام 5815وفي عام 5818تم االتفاق على تخفيض القيود
على حركة العمالة ورأس المال لكي يتم إ ازلتها في عام .5882
ه-اإلتحاد اإلقتصادي):(Economic Union
يعتبر درجة أعلى من السوق المشتركة وهو تنظيم تقوم فيه الدول األعضاء بتوحيد
كافة سياساتها االقتصادية بما في ذلك السياسات النقدية والمالية و االجتماعية ،ويعتبر
التنسيق عنص ار أساسيا في تطوير اإلتحاد االقتصادي فهو يستدعي اإلزالة التدريجية
إل ختالفات في التشريعات والممارسات اإلدارية والسياسات الوطنية والسعي لتحقيق تكاملها
) -(1هشام محمود اإلقداحي ،العالقات االقتصادية الدولية المعاصرة ،االسكندرية :مؤسسة شباب الجامعية،1888 ،
ص.185.
)(2
أحمد الكواز ،مرجع سابق ذكره ،ص.88.
74
لتكوين سياسة عامة على مستوى هذا التنظيم ،وذلك بغرض إقامة هيكل إقتصادي متكامل
يوحد كافة السياسات االقتصادية والمالية لتحقيق وحدة اقتصادية تضم شتى األقاليم.
ولقد أخذت دول السوق األوروبية المشتركة تسير في هذا االتجاه منذ أواخر الستينات وذلك
)(1
إذ يعتبر االندماج االقتصادي أعلى من خالل تنسيق كافة السياسات االقتصادية لها.
مرحلة من مراحل التكامل االقتصادي ،فهو يتضمن إضافة إلى ما نصت عليه اتفاقية
االتحاد االقتصادي والسوق المشتركة تعاونا إقليميا يتصل بتفاعالت تحدث بين عدة دول
تنتمي إلى حيز جغرافي محدد ويطلق عليها التفاعالت اإلقليمية والتي تسعى لتحقيق جهود
التعاون االقتصادي واألمني بين عدة دول في منطقة جغرافية معينة.
وفي هذا السياق نقوم بالتفرقة بين التعاون االقتصادي والتكامل فالتعاون يعني إزالة
بعض العقبات في العالقات االقتصادية الدولية واالتفاقيات التجارية وإجراءات التنسيق بين
الدول من قبيل التعاون االقتصادي بإتباع مراحل محددة تنتهي بإنشاء سلطة فوق قومية،
وهذه السلطة العليا تكون ق ارراتها ملزمة لكل دول األعضاء وعليه فإن التكامل االقتصادي
هو درجة أعلى من التعاون االقتصادي.
و -االتحاد النقدي . (Monetary Union):
ويتطلب هذا االتحاد إنشاء هيئة نقدية مركزية تصدر عملة موحدة تكون من
صالحياتها مسؤولية السياسة النقدية للكتلة االقتصادية ،وكمثال على ذلك إصدار عملة
اليورو الخاصة باالتحاد األوروبي بداية من عام ،5888وفي هذا اإلطار يعرف " ماخلوب
"F.Machlupإصطالح التكامل النقدي على أنه ":مجموعة من الترتيبات الهادفة إلى
تسهيل المدفوعات الدولية عن طريق إحالل عملة مشتركة محل العمالت الوطنية للدول
)(2
األعضاء في المنطقة التكاملية".
وعليه فإن مراحل التكامل االقتصادي في نظرية التكامل الغربي التي حددها "بيال
بالسا" تمر بخطوات محددة وهي منطقة التجارة الحرة التي تلغي فيها الضرائب بين الدول
)(1
–Sidney.j.Wells. with revisions by E.W Brassloff, International Economics, Manchester:
General Editor Brian Chapman, P.274.
)(2
- F.Machlup,A history of Thought on Economic Integration, Macmillan, London: 1977.
P 190.
75
األعضاء واالتحاد الجمركي حيث تزيل العوائق أمام إنتقال السلع وتوحيد التعريفة الجمركية
في مواجهة الدول خارج اإلتحاد و السوق المشتركة وفيها تلغي التعريفة الجمركية كافة
العوائق أمام حركة السلع واألشخاص ورؤوس األموال واإلتحاد االقتصادي الذي له
خصائص السوق المشتركة باإلضافة إلى تنسيق السياسات االقتصادية للدول األعضاء وتلك
هي المرحلة التي تعيشها حاليا دول االتحاد األوروبي بعد إتفاقية "ماستريخت" ثم التكامل
االقتصادي التام الذي يشمل الوحدة النقدية وتوحيد السياسات التجارية واالجتماعية وسياسة
التوزيع للثروة ،وهذا بإنشاء مؤسسات فوق قومية تكون ق ارراتها ملزمة لكل دول األعضاء
وتلك هي المرحلة لم يصل إليها أي تكتل اقتصادي بعد بما فيها االتحاد األوروبي ،والشكل
رقم( )85يوضح ذلك.
أحمد الكواز" ،التجارة الخارجية والتكامل االقتصادي اإلقليمي" ،جسر التنمية ،الكويت :العدد ،55المعهد المصدر:
العربي للتخطيط بالكويت ،مارس ،1888ص .8،
76
هناك العديد من التكتالت االقتصادية اإلقليمية في العالم تتفاوت في درجة تكاملها
حسب المراحل التي أشرنا إليها سابقا ،كما تختلف في حجمها ودرجة تأثيرها على التجارة
العالمية ،وفي هذا اإلطار سوف نبرز أهم التكتالت االقتصادية في العالم المتقدم والعالم
النامي:
يعتبر اإل تحاد األوروبي من أكبر التكتالت االقتصادية في العالم وأكثرها إكتماال من
)(1
إذ حيث البنى والهياكل التكاملية ومن حيث االستمرار في إستكمال المسيرة التكاملية،
ظهرت الفكرة األولى إلنشاء االتحاد األوروبي سنة 5811من طرف الدول األعضاء في
االتحاد بينيليكس ( (BENELUXوهي بلجيكا ،هولندا ،لوكسمبورغ إلقامة مزيد من التعاون
مع الدول األوروبية وتم االتفاق بين هذه الدول من جانب وألمانيا الغربية (سابقا) وفرنسا
وإيطاليا من جانب آخر على مشروع إتفاقية المجموعة االقتصادية األوروبية الذي يعني
إقامة سوق أوروبية مشتركة لتحقيق الوحدة االقتصادية على المدى الطويل ،وقد تم التوقيع
على االتفاقية في روما بتاريخ 11مارس 5811لتصبح سارية المفعول بداية من 85
جانفي .5815
)(1
-كرم خدا فوزية " ،التكتالت االقتصادية العالمية وانعكاساتها على الدول النامية" ،مجلة العلوم السياسية ،بغداد:
العدد ،22ب س ن ،ص.511.
) -(2ناصر سليمان " ،التكتالت االقتصادية اإلقليمية كإستراتيجية لمواجهة تحديات اإلنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة
–دراسة حالة الجزائر ،" -مجلة الباحث ،الجزائر :العدد ،1881 ،85ص.55.
77
إن اإلتحاد األوروبي من حيث اإلمكانيات فإن هذا التكتل يهيمن تجاريا على أكثر
من ثلث التجارة العالمية ،حيث يحقق حجم تجاري خارجي يصل متوسطه حوالي 518
مليار دوالر ،وهو بذلك يفوق تجمع "نافتا" ،في حين يعتبر أكبر دخل قومي في العالم ،و
يعتبر أضخم سوق إقتصادي داخلي حيث بلغ عدد سكانه 258مليون نسمة وبمتوسطات
دخل فردي مرتفعة نسبيا.
لقد تم التوقيع على إتفاقية "نافتا" بين ثالث دول هي الواليات المتحدة األمريكية وكندا
والمكسيك في نوفمبر 5882وبدأ العمل بها في جانفي ،5882وبموجب هذه االتفاقية تتم
إزالة القيود المفروضة على تجارة السلع والخدمات بين الدول الثالث ،و تتيح هذه الدول فيما
بينها على تدفق االستثمارات مع تخفيض القيود المفروضة سواء القانونية أو الجمركية أو
الحمائية ،إذ تمثل هذه المنطقة تجمع إقتصادي قوي بناءا على عدد سكانه الذي يقدر
بحوالي 282مليون نسمة (2)،و بالرغم من أن هذا التكتل ال يضم إال ثالث دول فإنه يمثل
أ كبر منطقة تجارية حرة في العالم ،حيث بلغ حجم اقتصاده عند النشأة ما يقارب 1تريليون
دوالر ،و وصل الناتج المحلي اإلجمالي له إلى 118مليار دوالر وحجم التجارة الخارجية له
إلى 5851مليار دوالر أي تسيطر على %51من التجارة العالمية ،ناهيك عن اإلمكانات
التي تتمتع بها الواليات المتحدة األمريكية من مستويات تكنولوجية وصناعات متقدمة
)(1
-كرم خدا فوزية ،مرجع سابق ذكره ،ص.511.
) -(2عبد القادر دمحم عطية ،اتجاهات حديثة في التنمية ،االسكندرية :الدار الجامعية ،1882 ،ص.121.
78
)(3
هذا ما يجعل منها منافس قوي ألوروبا وكل بلدان وثروات طبيعية وقدرات مالية هائلة،
الصناعية.
بعد الموجة الواسعة من التكتالت االقتصادية التي شهدتها الدول المتقدمة ،والتي
فرضتها العولمة االقتصادية اتخذت الدول النامية منهج التكامل االقتصادي الغربي الناجح،
فأفرزت العديد من التكتالت االقتصادية ،منها ما نجح و البعض األخر لم ينجح بسبب عدة
عوامل متفاوتة ،بقيت عائق دون وصولها للهدف األسمى وهو االندماج التام ،ومنها:
نشأت رابطة دول جنوب شرق آسيا كنوع من الحلف السياسي عام 5811م في
مواجهة الشيوعية في جنوب شرق آسيا ،وجاء إنشاء الرابطة بمبادرة خمس دول وهي ماليزيا،
)(1
مع إنضمام كل من الدولتين بروناي وفيتنام ومن إندونيسيا ،سنغافورة ،تايالندا ،الفلبين.
المتوقع إنضمام كمبوديا والوس وبورما أيضا ،ويهدف هذا التكتل إلى بناء اقتصاد متكامل
قوي يرتكز أساسا على تشجيع الصادرات وزيادة التبادل التجاري بين دول المنطقة.
وقد أرسى هذا التكتل االقتصادي خطوة هامة على طريق تأسيس جبهة منظمة
مضادة للواليات المتحدة األمريكية بالرغم من بقاء النمو محدودا ،فالتجارة لم تتجاوز %1في
عام ،5858و %1في عام 5851وهناك العديد من األسباب وراء عدم نجاح هذه
االتفاقية كعدم وجود رغبة حقيقية في دعم التجارة البينية بين هذه الدول من جانب متخذي
)(2
القرار.
)(3
-كرم خدا فوزية ،مرجع سابق ذكره ،ص.511.
-علي خالفي ،رابطة دول جنوب شرق آسيا (االسيان)" نموذج الدول النامية لإلقليمية المنفتحة " ،الجزائر :مجلة )(1
79
ويالحظ أن تكتل رابطة جنوب شرق آ سيا يتزايد دوره في التجارة العالمية بشكل مطرد
بدليل أنه بعد أن كانت صادراته تمثل بـ %2.1:من إجمالي الصادرات العالمية عام
،5851وحوالى %55.2من إجمالي صادرات الدول النامية ،فقد وصلت هذه الصادرات
إلى حوالى %1.1من إجمالى الصادرات في العالم وحوالي %51.5من إجمالي صادرات
الدول النامية في ،5882إذ أصبح عدد األعضاء تسعة ( )8عام ،5881وهو يهدف إلى
إقامة منطقة تبادل حر ثم إتحاد جمركي ،وهو حاليا يسيطر على %11من التجارة العالمية
)(1
باإلضافة إلى أن رابطة جنوب وتبلغ تجارته البينية %21من إجمالي تجارته مع العالم،
شرق آسيا كان لها وضع مميز في مفاوضات الجات مما زادها قدرة على المساومة
الجماعية والتفاوض.
وفي 18نوفمبر من سنة 1882وقعت الصين إتفاقا تاريخيا مع زعماء دول جنوب
شرق آسيا األعضاء في رابطة اآل سيان يقضي بإقامة أكبر منطقة تجارة حرة في العالم،
والتي تعد سوقا ألكثر من 5.5مليار نسمة ،و ترغب بعض الدول كالهند واليابان وكوريا
الجنوبية وأستراليا ونيوزلندا في توثيق العالقات مع دول اآلسيان وإقامة منطقة تجارة حرة
)(2
مماثلة وبالتالي إقامة سوق أسيوية موحدة بحلول عام 1818م.
)(1
-J.E .Mittaine et F. Pequerul , Les unions économiques régionales, armand colin,
Paris : 5899.P.47.
)(2
علي خالفي ،مرجع سابق ذكره ،ص.52
80
انطالقا من طبيعة بنيتها االجتماعية واالقتصادية والسياسية ،ومن الناحية األخرى بالمتغيرات
الدولية ذات االنعكاس المباشر وغير المباشر على تطور األوضاع البنيوية للدولة الوطنية
)(3
المغاربية ،وهو األمر الذي نتج عنه قيام إتحاد بين دول المغرب العربي الخمس.
إن مشروع إتحاد المغرب العربي كمشروع إندماجي جهوي والذي تأسس بموجب
معاهدة مراكش التي تضبط مؤسسات االتحاد وآليات عمله ،حيث وقع ملوك ورؤساء الدول
المغاربية الخمسة وهم (المغرب ،الجزائر ،ليبيا ،تونس ،وموريتانيا) ثالث وثائق تتضمن
إعالن قيام إتحاد المغرب العربي ومعاهدة إنشائه ،وقرار المصادقة على أعمال لجانه حيث
)(1
في حين أن رحبت الجماهير العربية بهذه الفكرة وبالتالي اإلعالن عن ميالد االتحاد،
البادرة األولى كانت في زرالدة بالجزائر في 51جوان 5855واالتفاق على مشروع مراكش
وهذا األخير أعلن عن ميالد االتحاد المغرب العربي.
) - (3صبيحة بخوش" ،إتحاد المغرب العربي بين دوافع التكامل االقتصادي والمعوقات السياسية ،"1881-5858أطروحة
دكتوراه ،جامعة الجزائر :قسم العلوم السياسية والعالقات الدولية ،1881 ،ص.588.
)(1
الحاج اسماعيل زرقون" ،المغرب العربي والصراع الدولي" ،مجلة الواحات للبحوث والدراسات ،جامعة غرداية :العدد ،8
،1858ص .118
81
)(2
ثم الوصول إلى إرساء إتحاد اقتصادي كآخر وأسمى مرحلة يبلغها إتحاد المغرب العربي.
حيث إنطلقت عملية البناء لالتحاد بصورة محتشمة رغم كونها تشكل محاولة ذات بعد
إقتصادي ،إجتماعي وسياسي لتحقيق تجربة إقليمية تتبوأ مكانة خاصة في مواجهة أوروبا
من جهة وتشكيل بوابة للقارة األفريقية من جهة أخرى.
)*(
بين ليبيا من جهة والواليات المتحدة وبريطانيا من وكما ساهمت " أزمة "لوكربي"
جهة أخرى في عرقلة اإلتحاد ،وهي القضية التي عرقلت نمو العالقات بين االتحاد األوروبي
ودول أوروبا المتوسطية وهذه األخيرة كانت من أولويات االتحاد المغاربي واعتبرها أحد أهم
اآلليات االقتصادية في دفع مسيرة التنمية داخل المغرب العربي.
باإلضافة إلى مشكلة اإلرهاب التي ساهمت هي أيضا في عرقلة اإلتحاد من خالل
غلق الحدود مع المغرب مثال ،لكن النظام الجزائري تصرف مع القضية بكل عقالنية و
إحترافية و إعتبر القضية داخلية ومن أولويات السياسة الداخلية ولو كان ذلك على حساب
السياسة الخارجية.
وعلى الرغم من توافر عوامل الوحدة بين دول المغرب العربي ،متمثلة في وحدة الدين
واللغة والتقاليد والثقافة والتشابه إلى حد كبير في االقتصاد والظروف الطبيعية والمناخية و
الجوار والروابط االجتماعية ،إال أن كل هذه العوامل المشتركة التي لم تتوافر ألي تجمع
إقليمي آخر في العالم سوى الوطن العربي ،لم تخدم االتحاد المغاربي على تحقيق أهدافه،
)(2
Fathalah Oualallou , Après Barcelone:le Maghreb est nécessaire , ED , Lharmattan,
1996,p.144.
)*(
أزمة لوكربي :قضية جنائية ترتبت على سقوط طائرة ركاب أميركية تابع لشركة طيران بان أمريكان أثناء تحليقها فوق
قرية لوكربي في اسكتلندا سنة ،5855عقب إجراء تحقيق مشترك مدته ثالث سنوات من قبل شرطة دامفريز وغالواي
ومكتب التحقيقات الفيدرالي األمريكي ،أصدرت أوامر بالقبض على إثنين من الرعايا الليبيين في نوفمبر 5885في عام
،5888قام الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي بتسليم الرجلين للمحاكمة في كامب زايست ،بهولندا بعد مفاوضات مطولة
وعقوبات األمم المتحدة ،وفي عام 1885حكم على ضابط االستخبارات الليبية عبد الباسط المقرحي بالسجن مدى الحياة
بعد إدانته بـ 118تهم قتل فيما يتصل بالتفجير في أوت 2009أفرجت عنه الحكومة االسكتلندية ألسباب إنسانية بعد
إصابته بسرطان البروستاتا.
82
في حين استطاعت المجموعة األوروبية التحول إلى كيان اقتصادي موحد ،إذ وصلت إلى
مرحلة االندماج الكامل قبل عام ،1888على الرغم من إختالف الثقافات وتباين المذاهب
واألديان.
إن ارتباط مصالح التكتالت االقتصادية االقليمية المعاصرة بمنظمة التجارة العالمية
يدعو إلى التفكير مليا فيما ستؤول إليه العالقات بينهما فتيارات التجارة واالستثمارات الدولية
التي تشكل نواة النظام التجاري الدولي تتمركز بالدرجة األولى في الدول الصناعية الكبرى
وهذه األخيرة ال تنفصل في عالقاتها عن منظمة التجارة العالمية بأي حال من األحوال وهذا
من المرجح أنه سيقود التكتالت االقتصادية االقليمية إلى االنصهار في ظل المنظمة التجارة
العالمية ألن موجات التحرر العالمي للتجارة وفق المنهج اإلقليمي من المتوقع استمرارها
حتى عام ،1818وبعدها ستنصهر في بوتقة واحدة لتشكل إتفاقية عالمية واحدة يتحول
)(1
العالم بمقتضاها إلى منطقة تجارة حرة عالمية واحدة.
) -(1سامي عفيفي حاتم ،االتجاهات الحديثة في االقتصاد الدولي والتجارة الدولية ،القاهرة :الدار المصرية اللبنانية،
،1881ص .21
83
المبحث الثالث :ماهية الشراكة األورو متوسطية.
إن أوروبا وبحكم الترابط الجغرافي والتاريخي الذي يجمعها بضفة المتوسط الجنوبية في
إطار ما أسماه البعض بـ" :النظام العالقاتي" ،بحكم أن ألوروبا سياسة متوسطية تقليدية تعود
إلى أقدم العصور لكنها كانت تفتقد إلى عنصري "النظامية و الشمولية" ،اللذان تعرفهما
حاليا ،إنها سياسة نشأت ثم تكونت فتبلورت وبعد ترسبت لمدة تاريخية طويلة ثم إستقرت في
تجلياتها الحالية ،وبعد نضجها الكامل بغض النظر عن نقصها واالنتقادات الموجهة إليها –
في الصورة ما يعرف" بالشراكة األورو متوسطية" بأبعادها السياسية واالقتصادية واألمنية و
االجتماعية ،وبما ت فرع عنها من سياسات تابعة أو مكملة منها سياسة أوروبا الجوارية و
االتحاد من أجل المتوسط.
إن التوجه للشراكة ساعد أوروبا من خاللها إلى بلورة وتبني "سياسة متوسطية" واضحة
المعالم سواء في أهدافها أو في مبادئها ووسائلها ،وعليه فإن هذه السياسة ليست وليدة تاريخ
محد د وإنما هي نتاج سلسلة من التراكمات انتهت بعدها إلى صياغة واضحة وشاملة لها،
وهذا ما يقودنا إلى تحديد هذا المصطلح بدقة لما له من أهمية في تاريخ االقتصاد العالمي
ككل:
تنبع جوهر الشراكة من فكرة متأصلة في المجتمع الدولي أال وهي فكرة "التعاون" القائمة
على مبدأ المصالح المشتركة والمتبادلة بين الدول إال أن الشراكة كآلية للتطور والتنمية
ظهرت مؤخ ار بحيث نجد معظم دول العالم بدأت تفرض الخوصصة أو اللجوء إلى الشراكة
كشرط سابق أو مالزم للحصول على المساعدات التقنية و االقتصادية ،ومن هنا سوف نبرز
ماهي الشراكة و ماهي المفاهيم المتداخلة معها.
84
-يقصد بالشراكة :هي تلك العالقة المحددة الزمن والقائمة على أساس التعاون المشترك
)(1
من أجل تحقيق المصالح واألهداف المشتركة لألطراف.
وكما تعتبر كذلك الشراكة بمثابة عقد أو إتفاق بين مشروعين أو أكثر قائم على التعاون
بين الشركاء ،وتتعلق بنشاط إنتاجي أو خدماتي أو تجاري ،على أساس ثابت ودائم وملكية
مشتركة ،وهذا التعاون ال يقتصر على مساهمة األطراف في رأس المال وإنما يشمل
المساهمة الفنية الخاصة بعملية االنتاج واستخدام براءة االختراع والعالمات التجارية والمعرفة
التكنولوجية والمساهمة في كافة عمليات االنتاج و التسويق ،ويتقاسم الطرفان المنافع
)(2
واألرباح التي سوف تتحقق من هذا التعاون.
وبمعنى آخر فإن مؤتمر برشلونة إستعمل مصطلح -الشراكة – بمعنى وضع إطار جديد
للعالقات االقتصادية واألمنية والثقافية والسياسية بين اإلتحاد األوروبي ودول جنوب و شرق
المتوسط ،وقد يكون من األجدر التعرض لمسألة الشراكة هذه باعتبارها أهم هدف لظاهرة
التكامل واالندماج اإلقليمي.
في حين ُقدمت عدة مفاهيم لمصطلح الشراكة نوجزها فيما يلي:
هناك من يعتبر أنه مع تغيُّر الوضع الدولي ،رأت أوروبا أنه ال بد من إعادة التوازن في
عالقاتها بين العرب من جهة وإسرائيل من جهة ثانية ،فلقد كانت تلك العالقات قائمة في
صالح إسرائيل ودعمها من أوروبا للسيطرة على منطقة الشرق األوسط ومحاولة إستبعاد
)(3
الواليات المتحدة األمريكية عن المنطقة.
)(1
أحمد يحي راشد ،منى حسين سليمان" ،الشراكة والتنمية الحضرية المستدامة للبيئات التراثية بين الواقع والطموح :رؤية
مستقبلية لمنطقة القاهرة القبطية" ،المؤتمر اإلقليمي العربي لتحسين الظروف المعيشية من خالل التنمية الحضرية
المستديمة ،القاهرة :ديسمبر .1882
) -(2كمال رزيق ،فارس مسدور" ،الشراكة الجزائرية األوروبية بين واقع االقتصاد الجزائري والطموحات التوسعية القتصاد
االتحاد األوروبي" ،الملتقي الوطني األول حول :االقتصاد الجزائري في األلفية الثالثة ،كلية العلوم االقتصادية والتسيير،
جامعة البليدة :ماي ،1881ص .128
) (3دمحم بوعشة ،التكامل والتنازع في العالقات الدولية الراهنة -دراسة في المفاهيم والنظريات -ليبيا :دار الكتب الوطنية،
،5888ص.518
85
و يعتبرها البعض اآلخر على أنها تشير إلى نصيب أو النسبة الذي يرجع إلى هذا أو
)(1
ذاك جراء مشاركته في عملية ما ،وهو النصيب الذي يحدد مستوى وأهمية الشراكة.
إن أوروبا لها أهداف واضحة في الشراكة ألنها هي التي دعت إلى هذه الشراكة مع
الدول المغاربية ثم توسعت إلى دول متوسطية أخرى عربية وغير عربية ولها األهداف نابعة
من اعتبارات داخلية وعوامل خارجية ،وهنا نتسائل :هل للعرب أهداف من وراء هذه الشراكة
التي جاءت من أجل حل مشاكل أوروبا الداخلية والخارجية سواءا اقتصادية أو سياسية أو
أمنية ،وبناءا عليه فإن الشراكة ال تعني التوازن بين الطرفين عند التعامل وال تعني تقديم
مساعدات في شكل إستثمارات منتجة ،إال أن األوروبيين وبسبب تفوقهم العلمي والتكنولوجي
وتغلغلهم الثقافي في البلدان العربية خاصة المتوسط منها ،سوف يفرضون منطقهم السياسي
في إطار الشراكة وخارجها.
حيث جعلت الدول األوروبية من الشراكة المتوسطية بعدا استراتيجيا لهذه والتي تعتبره
آلية في يد المؤسسات االقتصادية من أجل التعاون مع بعضها البعض قصد إنجاز مشروع
معين من خالل توفير وتكثيف الجهود والكفاءات الالزمة مع تحمل األعباء والمخاطر التي
تنجم عن هذه الشراكة بصفة عادلة.
في حين حظيت إستراتيجية الشراكة باهتمام الفكر االقتصادي الدولي فصاغ لها عدة
)*(
على أنها تتمثل نظريات قصد ضبط مفهومها فعرفها " يفلين ليكلر " Yveline Lecler
)(1
كمال رزيق ،فارس مسدور ،مرجع سابق ذكره .ص .125
إيفيلين ليكلر :هو أستاذ في العلوم السياسية بجامعة ليون تحصل على شهادة دكتوراه في العلوم االجتماعية من شرق )*(
وجنوب آسيا في EHESSبباريس ،5858ومخولة لإلشراف على البحوث ) (HDRفي العلوم السياسية (جامعة ليون ،)1
وهي عضو في الشبكة الدولية والشبكة األوروبية ( ،)GERPISA EastAsiaNetيركز عمله على اليابان وإلى حد أقل
في تايالند ،ويشمل بحثه دراسة المشاريع الصغيرة والمتوسطة والمناطق الصناعية من مصادر خارجية ولكن أيضا
السياسات الصناعية واالبتكار والسياسات البيئية والطاقة اليوم ،وذلك تمشيا مع القضايا الحضرية بما في ذلك الحراك
الجديد ،وقد نشرت العديد من الكتب بما في ذلك ديناميات االبتكار اإلقليمي :تحديات السياسة في أوروبا واليابان وغيرها.
86
في كل أشكال التعاون بين المؤسسات أو المنظمات لمدة معينة من أجل تحقيق األهداف
التي تم تحديدها مسبقا ،وحسب "يفلين" فإن الشراكة تقتصر فقط على المؤسسات الكبرى
للدولة دون االهتمام الواسع بالشرائح الصغرى للمؤسسات.
وفي المقابل يرى بعض المختصين االقتصاديين إن التكامل والشراكة في الحقيقة نفس
المدلول إذ يستدلوا إلى أن حضارات الشمال أو الغرب تحاول في كل مرحلة خلق وسائل
جديدة لالستمرار في بسط سيطرتها على دول الجنوب ،وإحدى وسائل المرحلة الجديدة تتمثل
فيما ُسمي بالشراكة ،وقد استطاعت أن تسيطر بهذه الوسيلة أو تلك بسب تفوقها العسكري
واالقتصادي والمعرفي والتكنولوجي والثقافي واإلعالمي.
وفي ظل هذا التفوق الشاسع كيف يمكن بناء شراكة مع دول المغرب العربي ،إذ أنها
شراكة تكرس تفوق القوى وهيمنة من ناحية وتعمق تبعية الضعيف وتخلفه من ناحية ثانية،
وهذا ما سنوضحه من خالل هذه الدراسة.
ولكي تكون الشراكة مثمرة ومستقرة يجب أن تكون متكاملة ،وليس كما هي اآلن قائمة
على الشكل الثنائي ،أي بين االتحاد األوروبي كامال وبين دول الجنوب المتوسط منفردة هذا
ما أدى إلى ضعف الشراكة بين الطرفين وإفراغها من محتواها.
لم تكن الشراكة األورو متوسطية وليدة اليوم بل كانت نتيجة سلسلة من المفاوضات
واالتفاقيات توجها إعالن برشلونة والذي يعتبر بمثابة انطالق الشراكة الفعلية بين دول حوض
)(1
أوشن ليلي" ،الشراكة األجنبية والمؤسسات االقتصادية الجزائرية" ،رسالة ماجستير ،جامعة تيزي وزو :كلية الحقوق،
،1855ص.52 ،
87
المتوسط ،ويمكن تقسيم مسار العالقات إلى مرحلتين مرحلة ما قبل ندوة برشلونة ومرحلة ما
بعدها ،ومنها نبرز أهم السياسات التي إتخذتها دول األطراف للوصل إلى شراكة فعلية بين
الضفتي.
كانت األطر الفكرية لنظرية " فرناند بروديل" األسس األولى لمحاوالت الربط المؤسساتي
بين المجموعة األوروبية ودول المتوسط ،حيث جاءت السياسة المتوسطية المسماة الجزئية
مباشرة بعد اإلمضاء على معاهدة روما عام ،5815التي حددت عالقة دول المجموعة
األوروبية مع جوهرها اقتصادي ،وهي تتمثل في إتفاقيات إنتساب مع دول المغرب العربي،
إ ْذ طالبت كل من تونس والمغرب عام 5812بفتح المفاوضات لتوقيع عقود االنتساب مع
الدول الستة األعضاء في المجموعة األوروبية ،و أمضت هذه األخيرة معاهدات تفضيلية
خاصة بالشراكة والتجارة مع اليونان وتركيا بين عامي 5811و 5812وفي هاتين
االتفاقيتين كانت المجموعة األوروبية تبحث عن االستقرار في جهتها الجنوبية ضد الخطر
األكبر وهو توسع االتحاد السوفيتي في حوض المتوسط.
إن االتفاقيات التي عقدتها دول المجموعة األوروبية مع األطراف المتوسطية المختلفة
هي عبارة عن إتفاقيات تجارية تفضيلية مدتها خمس سنوات وال تشمل المساعدات المالية،
بل تقف فقط عند حد التعامل التفضيلي ،إ ْذ بلغت الصادرات الزراعية في التعامالت داخل
االتفاقية مثال حوالي % 18من صادرات الزراعة المغربية وحوالي %18من الجهة
)(1
التونسية نحو دول المجموعة األوروبية.
إن معظم عالقة المجموعة األوروبية بدول المتوسط حتى سنة 5811ذات بعد
اقتصادي وتجاري واضح ،ولكن حين بدأ البرلمان األوروبي ( )5815-5818يطرح
)(1
Bichar Khadra, LEurope et la Mèditerranèè gèopolitique de la proximitè, Paris :
1997, P 251.
88
ويناقش فكرة صياغة سياسة متوسطية شاملة لم تعد خافية األهداف السياسية البعيدة المدى
والتي تتلخص في السعي نحو تمكين النفوذ السياسي للمجموعة في المنطقة ،وتم مناقشة
الخطوات العريضة لهذه السياسة في قمة باريس عام .5811
وفي هذا الصدد اصطدمت السياسة المتوسطية الشاملة بمعارضة الواليات المتحدة
األمريكية لعدة أسباب منها ،التفضيالت التجارية التي عزمت الجماعة تقديمها في إطار هذه
السياسة والتي تتعارض مع المفاهيم األمريكية حول كيفية تنظيم االقتصاد العالمي ،وكما
اعترضت الواليات المتحدة األمريكية على بعض أنواع المعامالت التفضيلية التي قدمتها
الجماعة لدول خارج أوروبا ،حيث فرضت الواليات المتحدة إشتراك أوروبا في أي صورة في
اقتصاديات النفط العربي الخاضعة للسيطرة األمريكية.
كما انعكست التحفظات االقتصادية األمريكية على مواقف الدول األوروبية من أسس
السياسة المتوسطية ،فلقد وضع اإلنقسام بين إتجاه بريطانيا وألمانيا من ناحية والذي دافع
عن تبني أسس ال تتعارض والمصالح األمريكية ،وبين االتجاه الفرنسي الذي تسانده إيطاليا
والذي يدافع عن سياسة نشطة تقود في األجل الطويل إلى إنشاء منطقة تجارة حرة بين
المجموعة األوروبية وبين دول جنوب المتوسط.
ومن أهم التحديات التي كانت تواجه السياسة المتوسطية هي مدى قدرتها باعتبارها
سياسة شاملة على التعامل مع االختالفات بين االتفاقيات القائمة بين الجماعة وبين عدة
دول متوسطية ،فلم يكن من الممكن أن تأتي هذه السياسة بقواعد محددة أو مشتركة لتعاملها
)(1
مع كل الدول المتوسطية على اختالف العالقات السياسية فيما بينها.
وتقوم االتفاقيات التي جاءت بها السياسة المتوسطية الشاملة للمجموعة األوروبية على
ركائز ثالث وهي كالتالي:
أ -التفضيالت التجارية :ألن هذه االتفاقية تفتح المجال لمنتوجات الدول األوروبية سوق
تضم 288مليون مستهلك كما تقترح تحرير المنتوجات الصناعية كلية ماعدا المواد
النفطية المكررة وبعض أنواع النسيج ،إال أن الشروط الفالحية غير مشجعة.
)(1
نادية محمود دمحم مصطفي ،أوروبا والوطن العربي ،بيروت :مركز دراسات الوحدة العربية ،5851 ،ص.152.152
89
ب -التعاون المالي والتقني :االتفاقيات المبرمة في 5818تعرض مساعدات مالية
لتحقيق التنمية االقتصادية في الدول المتوسطية ،لكنها إعتبرت غير كافية كونها ال تغطي
إال جزء بسيط من المشاريع التنموية.
ت -التعاون في مجال اليد العاملة :تبرز هذه االتفاقية إجراءات خاصة لضمان شروط
العمل المالئمة والحماية االجتماعية ،للعدد المتزايد من المهاجرين واليد العاملة القادمة
)(1
من الدول المتوسطية نحو المجموعة األوروبية.
-1المرحلة الثانية:
وهي مرحلة ما بعد الحرب الباردة و حتى عام ،5881حيث أصدرت اللجنة األوروبية
تقري ار في جويلية 5888أطلق عليه نحو "سياسة متوسطية جديدة" أكدت فيه استمرار
العالقا ت التقليدية وأدخلت تطورات جديدة لتدعيم تلك العالقة حيث تفاعلت مجموعة من
المعطيات األوروبية واإلقليمية والعالمية التي تشكل في مجموعها محددات توجه الجماعة
األوروبية نحو سياسة متوسطية جديدة ،ومن ثمة نحو مشروع الشاركة األوروبية المتوسطية
بصفة خاصة.
)(1
مصطفي بخوش ،حوض البحر األبيض المتوسط بعد نهاية الحرب الباردة :دراسة في الرهانات واألهداف ،القاهرة:
دار الفجر للنشر و التوزيع ،1881 ،ص.11
90
علينا التنويه أوال إلى أن المفهوم المطروح للشراكة هو مفهوم أوروبي ،بمعنى أنه ليس
مفهوم متوسطيا نتج بعد إتفاق مختلف األطراف عليه ،فالمشروع األورو متوسطي هو
مشروع أوروبي في األساس يتجه إلى إعادة تنميط العالقات االقتصادية والتجارية ألوروبا مع
جيرانها المتوسطين ،في ضوء المتطلبات السياسية واألمنية الجديدة لالتحاد األوروبي ،
)(1
وليس على مبدأ الطبيعة المتميزة للعالقات التي تحكمها الجوار والتاريخ.
هذه المتطلبات الجديدة التي تولدت عن نهاية نظام الثنائية القطبية مثلت نقطة
انطالق للمشروع األورومتوسطي ،فكما يرى الباحث المغربي "فؤاد زعيم" فإن نقطة بداية
المسار األورومتوسطي موجودة في قلب ديناميكية البناء األوروبي ،ففي هذه المرحلة خلقت
توازنات جديدة ترتبت عن نهاية الثنائية القطبية ،حيث بات لزاما على االتحاد األوروبي أن
يبني صرحا له خارج إقليمه بسبب النزعة االمبريالية للواليات المتحدة األمريكية من أجل
السيطرة على حوض المتوسط ،وخوفا من وقوع ذلك بادرت الدول الكبرى في االتحاد
األوروبي إلى عقد مجموعة من المؤتمرات قصد منها فتح جبهات للسيطرة على الدول
)(2
الضعيفة ومواجهة الدول الكبرى كالواليات المتحدة والصين وروسيا حاليا.
إن مشروع الشراكة األورو -متوسطي هو بمثابة التوجه نحو التكتل بين الدول
بغرض تعزيز المصالح االقتصادية والسياسية للدول المكونة لهذا التكتل االقتصادي
والسياسي و األ مني ،والتي أضحت بغض النظر عن أشكالها التي تترواح مابين حرية تنقل
رؤوس األموال وانتقال السلع والخدمات بين دول المتوسط بدون قيود ،وبالتالي أصبح التوجه
نحو التكتالت االقتصادية اإلقليمية من الخصائص المميزة لالقتصاد العالمي ،إ ْذ تشير
بيانات المنظمة العالمية للتجارة أن تكثيف التكتل ما بين دول أوروبا الموحدة ودول جنوب
البحر المتوسط في إزدياد وهو مفعل بشكل كبير.
ومن بين النماذج التكاملية األكثر نجاحا حاليا هو اإلتحاد األوروبي الراغب في
توسيع مناطق نفوذه ومنافسة القوى االقتصادية األخرى ،وهذا بطرحه للمشاريع الشراكة
)(1
عبد الرحمن مطر" ،أسئلة برشلونة :قراءة في مؤتمر برشلونة للشراكة والتعاون األوروبي المتوسطي" ،مجلة المستقبل
العربي ،بيروت :العدد ، 151جانفي ،5881ص.12.
)(2
مصطفي بخوش ،مرجع سابق ذكره ،ص .82
91
والتعاون بين دول الضفة الشرقية ألوروبا والضفة الجنوبية للمتوسط والذي طرحه بغية إقامة
ترتيب إقليمي خاص به في منطقة المتوسط على غرار ما فعلته الواليات المتحدة األمريكية
)(1
مع دول أمريكا الشمالية بإنشائها لمنطقة التبادل الحر لدول أمريكا الشمالية ( .(NAFTA
وقد تمت االشارة ألول مرة نحو شراكة أوروبية متوسطية في أعمال المجلس األوروبي
المنعقد في لشبونة في جوان سنة ،5881حيث اعتبر المجلس األوروبي أن الشرق وجنوب
المتوسط لها أهمية كبيرة لالتحاد األوروبي ،وقد تم التأكيد على أن هناك حاجة لدعم
السياسات الهادفة إلى تكوين شراكة بين اإلتحاد األوروبي وجيرانه المتوسطيين.
وفي هذا السياق إنعقد مؤتمر " كان" بفرنسا يومي 11و 11جوان 5881لمناقشة
إمكانية التطوير الفعلي للسياسة المتوسط الجديدة لالتحاد األوروبي ،حيث تضمن البيان
الختامي الصادر عنه تأييد عقد المؤتمر األوروبي المتوسطي في برشلونة ،واستنادا لهذا
الموقف األوروبي تم إعداد مشروع اإلعالن الرسمي للمؤتمر األوروبي والدول المتوسطية
بهدف إنشاء تدريجي لمنطقة تجارة حرة ومنطقة سالم آمن و مستقر أوروبي متوسطي ،
وهذا ما كرسه مؤتمر برشلونة في نوفمبر 5881بوضع أسس جديدة للعالقات األوروبية
)(2
المتوسطية.
إن الفكرة المتوسطية ليست وليدة مؤتمر برشلونة فالبحر األبيض المتوسط عمود
فقري في منظومة مجتمعات يرتبط بعضها بالبعض ،و بوجود عدة دوافع أدت إلى تنظيم
مؤتمر برشلونة فهناك عوامل جغرافية وتاريخية و ديمغرافية وثقافية أسهمت في التعامل بين
شعوب المنطقة ،ويعد العامل االقتصادي من أهم العوامل المحفزة للدعوة إلى انعقاد هذا
ال مؤتمر ،خاصة وأن هذه المنطقة هي الفضاء االستراتيجي الوحيد لدول االتحاد األوروبي
نظ ار لما يحدث من تغيرات على الخارطة الجيو -سياسية واالقتصادية في العالم ،وهذا ما
يمكن إيجازه فيما يلي:
)(1
إكرام مياسي ،االندماج في االقتصاد العالمي وانعكاساته على القطاع الخاص في الجزائر ،الجزائر :المكتبة الوطنية
الجزائرية ،ب س ن ،ص.115-118
)(2
مصطفي بخوش ،مرجع سابق ذكره ،ص .82
92
-5دوافع إعالن مؤتمر برشلونة :لمؤتمر برشلونة عدة دوافع منها مايلي:
-بروز ظواهر جديدة كالعولمة واإلقليمية الجديدة اللتين أصبحتا من المالمح األساسية
لالقتصاد العالمي كما أصبحت تكوين التجمعات اإلقليمية االقتصادية نقاطا رئيسية
تشكل الخريطة الجديدة للنظام العالمي الجديد.
-إدراك الدول األوروبية بأن مشاكلها ال يمكن أن تحل داخل أوروبا فقط ،بل تحتاج إلى
الفضاء المتوسطي لحل جزء من مشاكل بلدانها ،كالهجرة التي تتطلب تعاونا متوسطيا
من خالل توفير الدافع للمهاجرين للبقاء في بلدانهم بدفع التنمية فيها مما يساعد على
وضع الحد من الهجرة غير الشرعية ،كما ال يمكن حل مشكل تلوث البيئة إال بسياسة
متوسطية.
-إدراك الدول المتوسطية األخرى بضرورة االنفتاح على التكنولوجية والمعرفة ونقل العلم
من أجل تنمية قدرات بلدانها ،وكذلك األخذ باألسلوب الديمقراطي واحترام الرأي األخر
وتكريس حقوق اإلنسان وهذا ال يمكن أن يتم إالَّ بشراكة متكافئة مع أوروبا ،مما يؤدي
إلى فكرة الش اركة التضامنية.
-أمن أوروبا هو أمن البحر األبيض المتوسط ،واألمن بمفهوم االستراتيجي ليس األمن
العسكري فحسب بل األمن االقتصادي والثقافي واالجتماعي فال يمكن أن تكون أوروبا
مستقرة وبلدان الحوض الجنوبي للبحر المتوسط مضطربة ،إذ يؤثر هذا األخير على
)(1
أمن أوروبا.
-1إنعقاد مؤتمر برشلونة:
تضمنت المقترحات األوروبية التي طرحت قمة "أسن" لالتحاد األوروبي عقد اجتماع
وزاري مع الدول المتوسطية لمناقشة العالقات في المجاالت السياسية واالقتصادية و
االجتماعية ،وقد كان لتسليم فرنسا رئاسة االتحاد األوروبي في النصف األول من عام
5881أكبر األثر في إعطاء دفعة قوية لفكرة عقد هذا االجتماع والذي تم تحديده في نهاية
عام 5881تحت الرئاسة االسبانية لالتحاد األوروبي ،وقامت فرنسا واللجنة األوروبية
بصياغة ورقة شاملة لمضمون وأهداف وآليات التعاون المقترح ،أطلق عليه" الوثيقة
)(1
إكرام مياسي ،مرجع سابق ذكره ،ص.182.182.
93
المجمعة" والتي تناول المجال السياسي واألمني واالقتصادي والمالي والثقافي ،حيث أكد
االتحاد األوروبي في تقريره السنوي بأن ":الشراكة األورو متوسطية التي انعقدت في لشبونة
5881هي من أهم المبادرات في التاريخ الحديث تعمل على إقامة روابط قوية ودائمة بين
)(1
شاطئي المتوسط".
حيث قدم عقد مؤتمر برشلونة األوروبي المتوسطي يومي 15-11نوفمبر 5881
بمشاركة وفود دول االتحاد األوروبي وإثني عشر دولة متوسطية ،باإلضافة إلى موريتانيا
كمراقب ،وحضور الواليات المتحدة وروسيا ودول شرق ووسط أوروبا ودول البلطيق وألبانيا
كضيف في الجلسة األخيرة.
وقد انتهت أعمال المؤتمر بإصدار اإلعالن السياسي بعد تعديله وفقا للمالحظات
الدول المتوسطية ،وتضمن ثالث أجزاء رئيسية وهي السياسي و األمني ،االجتماعي
)(2
والثقافي ،االقتصادي والمالي.
لقد اعتبر السالم واالستقرار في حوض البحر األبيض المتوسط هدفا جماعيا مشترك
تسعى لتحقيقه جميع األطراف وبكل الوسائل ،إذ تم التركيز على احترام مبادئ القانون
الدولي الذي يرتكز هو اآلخر على ميثاق األمم المتحدة والبيان الدولي لحقوق االنسان
والحريات األساسية واحترام التنوع والتعددية في مجتمعاتهم ،والمساواة في الحقوق بين
الشعوب وحقهم في تقرير المصير ،ومكافحة اإلرهاب و الجريمة المنظمة مع احترام مبدأ
المساواة في السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول األخرى.
مفوضية االتحاد األوروبي ،التقرير السنوي عن برنامج ميدا لعام ،1444بروكسل ،1888 :ص .82 )(1
)(2
أسامة المجدوب ،العولمة واإلقليمية -مستقبل العالم العربي في التجارة الدولية ،-ط ،1القاهرة :دار المصرية اللبنانية
للطباعة والنشر و التوزيع ،1885 ،ص .11.18
94
وقد تضمن االعالن الرسمي لمؤتمر برشلونة أهم المبادئ التالية:
-احترام حق وسالمة أراضي الدول وإقامة عالقات حسن الجوار فيما بينها.
-عدم استخدام القوة في النزاعات بين دول األطراف وحثها على حل خالفاتها بالطرق
السلمية.
-تقوية التعاون بين األطراف لمحاربة االرهاب.
)(1
-عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول األطراف.
ومن خالل ما تم اب ارزه من مبادئ الشراكة فإن الهدف من التعاون في المجال السياسي
واألمني هو تحديد عدد من المبادئ والمصالح المشتركة بحيث يتعهد الجميع األطراف
بدعمها سويا وإعادة التأكيد على أهمية احترام الحريات األساسية وإقامة دول القانون كأحد
االستقرار في المتوسط.
إن إدخال المجال االجتماعي والثقافي في عملية الشراكة بين االتحاد األوروبي والدول
المتوسطية يعتبر أم ار ضروريا من أجل تشجيع التعاون والتبادل الثقافي و التعليمي ويتسم
هذا البعد بالحركية والتنوع واالستقرار و ييسر عدة قضايا من أهمها إشكالية تنقل األشخاص
في الفضاء األورو متوسطي ومسألة حقوق االنسان و عالقات الدول بالجمعيات غير
الحكومية.
ويقوم هذا المجال أيضا على تنمية الموارد البشرية وتطويرها مع ضرورة احترام
األديان والعادات و التقاليد لشعوب المنطقة وتشجيع الحوار بين الثقافات لتحقيق التقارب
بين الشعوب ،من خالل تنشيط العالقات بين المنظمات غير الحكومية ،والتعاون بين
المجتمعات المدنية خاصة في قطاع الصحة و التعاون من أجل القضاء على البطالة
واالهتمام بالشباب بوضع برامج محلية ووطنية للتدريب المهني وإيجاد فرص شغل
)(1
بخصوص هذه مبادئ الشراكة وأهدافها فقد تم االعتماد على الوثيقة الرسمية إلعالن برشلونة المنعقد يومي 15/11
نوفمبر 5881متاح في االنترنت علىwww.ec.europa/external :
95
محلية ،للقضاء على الهجرة غير الشرعية ،باإلضافة إلى مقاومة الفساد والتعصب و
التمييز العنصري والطائفي.
يهدف مؤتمر برشلونة في هذا المجال إلى تحقيق النمو في أوروبا ودول المتوسط إضافة
إلى تحقيق التكامل وتشجيع التعاون بين المنطقتين وهذا من خالل:
ولتحقيق هذه األهداف فلقد ركز المشاركون في المؤتمر على إقامة شراكة اقتصادية
ومالية تتلخص فيما يلي:
-إنشاء منطقة للتجارة الحرة :ويهدف هذا المؤتمر من خالل إتفاق الشراكة بين االتحاد
األوروبي والشركاء المتوسطيين من جهة ،إلى إقامة منطقة تبادل حر مع األخذ بعين
االعتبار القوانين الدولية المتعلقة بالمنظمة العالمية للتجارة ،وقد تقرر تسهيل التأسيس
التدريجي لهذه المنطقة ذات التبادل الحر بـ ـ:
-إتباع سياسة مبنية على قواعد اقتصاد السوق وتكامل اقتصاد الوطني ،مع أخذ بعين
االعتبار حاجات ومستويات النمو.
-تحديث وتعديل البني االقتصادية واالجتماعية مع إعطاء األولوية لتشجيع وتطوير
القطاع الخاص والنهوض بقطاع اإلنتاج ووضع إطار قانوني مالئم القتصاد السوق.
-تبني التدابير المالئمة فيما يخص قواعد المنشأ وحماية الملكية الفكرية والصناعية
)(1
والحضارية.
)(1
بن عمر عواج ،مريم زكري ،أثر الشراكة األوروبية –المتوسطية على اإلقتصاد الجزائري ،مجلة أكاديميا ،جامعة
الشلف :العدد ،82مارس ،1851ص .115-111
96
-تحديد مجاالت التعاون االقتصادي :لقد ركز المؤتمر وبقرار من دول االتحاد
األوروبي على تحديد مجاالت التعاون الممكن قيامها بين الدول.
-تحديد أوجه التعاون المالي :إن تحقيق منطقة التجارة الحرة ونجاح الشراكة األورو-
متوسطية يرتكزان على رفع حجم القروض التي يمكن أن يمدها بنك االستثمار
األوروبي ،والمعونات التي يمكن للدول األوروبية مدها للدول في جنوب المتوسط عبر
برنامج "ميدا" لدفع عملية التنمية االقتصادية واالجتماعية في هذه الدول.
-2آليات التي تقوم عليها الشراكة ضمن مؤتمر برشلونة:
تتمثل المساعدات المالية المحور األساسي التي تقوم عليها "الشراكة" و التي يستهدف
بواسطتها إعادة تأهيل اقتصاديات دول جنوب المتوسط من جهة ،وبعث حركية التجارة
بينها وبين الضفة الشمالية من جهة ثانية ،إذ يتلقى شركاء االتحاد األوروبي الجنوبيين،
دعما ماليا من البنك األوروبي لإلستثمار في شكل قروض ميسرة وأخرى في شكل منح
وهبات ضمن ما يعرف ببرنامج "ميدا" للنمو بالمنطقة المتوسطية ،و هو عبارة عن إطار
مالي أساس للتعاون محدود بفترة خمس سنوات قابلة للتجديد والتي جاءت كبديل
للبروتوكوالت المالية التي اعتمدتها والتي أثبتت فشلها وهشاشتها فيما بعد ،أما الهدف منه
فيتمثل في مساعدات دول جنوب المتوسط لتخطي المرحلة االنتقالية بما يسهل عملية
اندماجها في منطقة تبادل الحر وفق قواعد االقتصاد األوروبي لعام 1858وقد عرف
البرنامج حتى اآلن مرحلتين وهي:
أ -فترة ( 1444-1441ميدا :) MEDA 1تم تخصيص خالل هذه الفترة 2.2
مليار أورو ،و كانت مبرمجة خالل هذه الفترة ،في حين أن المبلغ المستهلك والفعلي
قد بلغ 588مليون أورو ،وهذا ما سيوضحه الشكل الالحق و هذا التفاوت بين المبلغ
المخصص والمبلغ المستهلك يوحي لنا أن العملية التشاركية عرفت تباطؤا راجعا
المسلمة التي قامت عليها الشراكة
للظروف السياسية ،ما أدى بالبعض إلى القول إن ُ
97
األوروبية المتوسطية ،ليست كما يراها االتحاد األوروبي" االقتصاد هو الذي يحدد
)(1
السياسة" بل العكس " السياسة هي التي تحدد االقتصاد".
الشكل رقم( :)12يوضح الفرق بين المبلغ المخصص والمبلغ المستهلك من قبل ميدا
الوحدة مليون أورو 1لدول جنوب المتوسط.
800
700
600
500
400
300 المبلغ المخصص
200 المبلغ المستهلك
100
0
مصر المغرب تونس االردن لبنان الجزائر سوريا
يتضح من هذا الرسم البياني أن الفرق الكبير بين المبلغ المخصص لدول جنوب المتوسط
ومع نسبة إستهالك هذا المبلغ فرق شاسع وذلك راجع لعدم تمكن الدول الضفة الجنوبية من
انفاق هذه المبالغ في إطار تحسين المستوى المعيشي لألفراد وهناك تفاوت كبير بين بلدان
الجنوب في نسبة االستهالك هذه األموال وهو ما وضحه الشكل البياني فمثال مصر المبلغ
المخصص لها 151مليون أورو تم استهالك 511مليون أورو على العكس من سوريا التي
تم تخصيص لها 88مليون أورو لم يستهلك منها سوى 5مليون أورو وذلك حسب ظروف
كل بلد وتوجهاتها السياسية من الدعم األوروبي لها.
)(1
أحمد كاتب ،مرجع سابق ذكره ،ص .588
98
أورو في شكل هبة في إطار برنامج ميدا 1و 1.2مليار أورو في شكل قرض تحسيني
)(1
في البنك األوروبي لالستثمار.
الشكل رقم ( :)13يوضح الفرق بين المبلغ المخصص والمبلغ المستهلك من قبل ميدا 2
الوحدة مليون أورو لدول جنوب المتوسط.
900
800
700
600
500
المبلغ المخصص
400 المبلغ المستهلك
300
200
100
0
الجزائر فلسطين مصر األردن لبنان المغرب تونس سوريا
يتبين لنا من خالل الجدول أن نسبة المساعدات األوروبية لدول الجنوب قد إرتفعت
بنسبة كبيرة واإلنفاق الفعلي لدول الضفة الجنوبية للمتوسط كبيرة جدا مقارنة ببرنامج ميدا،5
حيث تم صرف 2.81مليار أورو أي ما يعادل %88من المبلغ اإلجمالي المخصص له،
وأهم الدول المستفيدة من هذا الغالف نجد المغرب األقصى ومصر وتونس في المرتبة
الثالثة.
99
تكشف الخلفيات التي تقف وراء إعالن االتحاد األوروبي لمبادرة الشراكة المتوسطية
مع دول الضفة الجنوبية للمتوسط عن األهداف الحقيقية غير معلنة ويمكن إبرازها فيما
يلي:
كانت منطقة البحر األبيض المتوسط عبر العصور مطمعا لمختلف القوى الكبرى
الساعية لإلستفادة من خيراتها ،لذا جاءت فكرة الشراكة تجسيدا لمحاوالت االتحاد األوروبي
للهيمنة على المنطقة من خالل إعطاء عالقاته مع الضفة الجنوبية والشرقية للمتوسط بعدا
)(1
يرتكز على التعاون الشامل فيما بينهم اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا.
ويعكس هذا المعطى تطلع أوروبا وبحثها عن توفير استق ارر دائم من خالل سعيها
إلى إعادة تنظيم وترتيب محيطها الخارجي ،وإحتواء كافة مصادر التهديد والخطر المؤكد
)(2
ولعلى الشراكة والمحتمل منها االرهاب ،الجريمة المنظمة ،الهجرة غير شرعية... ،الخ،
المتوسطية حين طرحت كمشروع كانت تستجيب لمثل هذا التفكير العميق والذي صادف
نهاية الحرب الباردة وزوال المعسكر االشتراكي ودخول العالم في مرحلة انتقالية غير مستقرة،
لذا وجب على االتحاد االوروبي أن يسارع لعقد شراكة من أجل ضمان أمنه واستق ارره.
طاهر جميل" ،التكامل االقتصادي بين الشرق األوسط والشراكة المتوسطية" ،مجلة العلوم االجتماعية ،الكويت :المجلد )(1
100
حتى تضمن أوروبا فائض االنتاج فيها و الحفاظ على الميزان التجاري يكون لصالحها
لمواجهة احتمال ما قد يخسره في السوق العالمية أمام المنافسة األمريكية واليابانية والصينية
على وجه الخصوص ،فالسوق المغاربية تمثل سوقا تعويضية بالنسبة ألوروبا ،وإذ كانت هذه
األخيرة تعلم أن دول المنطقة تسعى وتطمح من خالل هذا المشروع إلى اندماج أكبر في
االقتصاد العالمي ،لذا وجب على الدول االتحاد االوروبي أن تجعل من نفسها قوة إقتصادية
من أجل جذب دول الضفة الجنوبية وبالتالي السيطرة والهيمنة االقتصادية على سوق جوارية
ضخمة ،و ضمان تبعية دول جنوب المتوسط له ضد أي منافسة خارجية محتملة.
لكن الشيء الملفت للنظر هو أن دول جنوب المتوسط ترمي من وراء إحتضانها لمبادرة
الشراكة األوروبية إلى البحث عن "التنمية" فإن أوروبا تبحث عن "األمن" ،وترى دول
المجموعة األوروبية من هذا التعاون أن االستثمار السياسي واالقتصادي يمثل في الوقت
ذاته إستثما ار استراتيجيا لمواجهة أوروبا للتحديات القادمة من الجزء الجنوبي للمتوسط نتيجة
للزيادة السكانية و الفقر والهجرة والتطرف.
وفي المقابل ترى فيه إطا ار لالستفادة من مكاسب التوسع االقتصادي في أسواق
الشرق األوسط ،وهي مكاسب و إن بدت محدودة في المدى القصير لصغر السوق
المتوسطية ،إال أنها تكتسب أبعاد كبرى على المدى البعيد في ظل تزايد حدت المنافسة
العالمية بين القوى االقتصادية الكبرى ،وبالتالي فإن هذا التعامل يسمح له بأن يلعب دو ار
فعاال للتوازن على التأثير األمريكي في المنطقة األمر الذي لن يتسنى دون إطار مؤسسي
محدد ،وهو إطار مؤتمر برشلونة الذي صمم خصيصا لمنافسة آلية قيام السوق الشرق
)(1
أوسطية التي ترعاها الواليات المتحدة األمريكية.
يمكن تلخيص أهم أهداف الدول الضفة الجنوبية من سياسة الجوار فيما يلي:
)(1
دمحم لحسن عالوي " ،اتفاقية الشراكة األوروعربية :شراكة اقتصادية حقيقية ...أم شراكة واردات مع التركيز على تجارة
المنتجات الزراعية" ،مجلة الواحات للبحوث والدراسات ،الكويت :العدد ،51ب ب ن ،1851 ،ص .521
101
أ -االندماج في االقتصاد العالمي فلقد هدفت دول الضفة الجنوبية من الدخول
واالندماج في الفضاء األوروبي لإلقليم المتوسطي ،بحكم أنه يعتبر منطقة عبور،
لالندماج األوسع في االقتصاد العالمي من خالل المزايا التفاضلية لبلدان جنوب
المتوسط على حساب البلدان األخرى ،إذا رأت بلدان الجنوب لعقد هذه الشراكة
من أجل إعطاء دفعة جديدة لعجلة التنمية ومرحلة مهمة في اندماجها في
االقتصاد العالمي.
ب -ظهور أوروبا الشرقية كمنافس لدول الجنوب :إذ أن التوسع الذي يشهده
الفضاء األوروبي خاصة في انضمام دول أوروبا الشرقية لالتحاد األوروبي لكسب
مكان لها ضمن الخارطة السياسية واالقتصادية األوروبية.
ت -االستفادة من نقل التكنولوجيا :باعتبار أن المعرفة والتقنية هما المحرك
األساسي للتنمية االقتصادية فإن كل دول الضفة الجنوبية والشرقية للبحر األبيض
المتوسط تهدف إلى االحتكاك بالدول األوروبية باعتبارها قطعت شوطا كبي ار في
االستثمار في هذا المجال.
اعترض مسار برشلونة عوائق وعوامل أدت إلى تعثرها التدريجي وعلى تراجع نتائجها
حيث طغت الشراكة االقتصادية والمالية على الشراكة السياسية واألمنية التي أصابها
الشلل في بدايات المشروع إلى بعد أحداث 55من سبتمبر 1885أين عملت على
مراجعة أوراق االتحاد األوروبي ومن أهم األسباب التي أدت إلى التراجع في الشراكة
منها:
-1افتقار أوروبا إلى سياسات خارجية مشتركة فعالة وتضارب خيارات دولها حيال
بعض أزمات المنطقة ،وبالتالي عجز االتحاد األوروبي عن إنتهاج سياسة مستقلة
عن المصالح األمريكية في الشرق األوسط ،وتجلى ذلك في مواظبة األوروبيين
على االعالن عن أن مبادرتهم المتوسطية ال تشكل بديال عن عملية السالم التي
ترعاها الواليات المتحدة األمريكية ،فانحصر الدور األوروبي عندها بالتمويل دون
أي قدرة من التأثير في مجريات الشق السياسي.
102
-2تعثر عملية السالم اعتبا ار من أواخر عام 5881إثر إغتيال رئيس الوزراء
اإلسرائيلي األسبق " إسحق رابيين " وانسداد أفاق التسوية الشاملة ،إضافة إلى
إندالع انتفاضة األقصى الفلسطينية في عام .1888
-3إنهاك األوروبيين سياسيا وأمنيا خالل عقد التسعينات ،وبداية األلفية الجديدة من
خالل المساعدات التي قدمتها ألوروبا الشرقية إلجراء االصالحات السياسية
واالقتصادية الالزمة لتحولها إلى نظام إقتصاد السوق ،تمهيدا لتوسيع االتحاد
األوروبي شرقا والذي زاد عدد أعضائه من 51عضو إلى 15عضو سنة
.1852
-4وقوع أحداث 55من سبتمبر 1885وإعالن الواليات المتحدة األمريكية حربها
على اإلرهاب والتى بدأت بضربها لنظام الطالبان في أفغانستان قبل أن تجتاح
العراق في 1882بحجة إمتالك العراق ألسلحة الدمار الشامل.
-1استمرار النزاع العربي-االسرائيلي وبداية فصل جديد من سلسة الحروب التي
راحت تشنها إسرائيل على الفلسطينيين في األراضي المحتلة.
هذه العوامل مجتمعة ساهمت في تعثر مسار الشراكة األوروبية المتوسطية على
األصعدة كافة ،فتحول مؤتمر برشلونة لعام 1881إلى مجرد مناسبة إلحياء ذكرى مرور
عشر سنوات من صدور االعالن ليس إالَّ هذا من جهة ومحاولة األوروبيين صياغة نمط
جديد لعالقة شمال جنوب المتوسط من خالل سياسات ومبادرات والتي سنبرزها في الفصل
)(1
الثاني
)(1
هاني الشميطلي" ،أوروبا والمتوسط :تاريخ العالقات ومشروع االتحاد من أجل المتوسط" ،المجلة العربية للعلوم
السياسية ،العدد ،8بيروت ،1885 :ص.515.518.
103
خالصة واستنتاجات:
لقد أضحت منطقة المتوسط منذ عقود من الزمن محل للصراعات والنزاعات الدولية
واإلقليمية حيث أصبحت هذه المنطقة محل التهديدات أكثر من كونها أرض للسالم واألمن،
مما جعل الدول األوروبية تتسارع على إحتوائه والسيطرة على مناطق جنوب المتوسط
والهيمنة على مقوماته االقتصادية والتجارية باعتباره يتوسط القارات الثالث القديمة ،فلجأت
إلى عقد مجموعة من المؤتمرات والندوات واالتفاقيات لضمان بقاء سيطرتها على المتوسط
بإقامة تحالفات اقتصادية وتكتالت قصد إبعاد الواليات المتحدة من السيطرة على بعض
مناطقه .فسارعت أوروبا إلى إقامة تكتل إقتصادي متمسك بعد عدة مراحل منذ اتفاقية عام
5811للفحم والحديد و الصلب ،وكانت بادرت أولى لوضع تكتل إقتصادي فعال بعد
1881كنموذج إلعادة توحيد أوروبا من جراء الحرب العالمية الثانية ،و النزاع األلماني
الفرنسي وإنقسام ألمانيا هذا لم يمنع من إقامة تكتل نموذجي في مواجهة الغرب األمريكي
بالدرجة األولى.
إن الشراكة األوروبية -المتوسطية وعلى رغم من أنها تقوم بين طرفين غير متكافئين
بمستوياتهما االقتصادية والسياسية واالجتماعية ،فقد تمكنت من إعطاء أوروبا فرصة إلعادة
تفعيل دورها السياسي في المنطقة العربية ومواجهة المشروع األمريكي في المنطقة.
في المقابل كانت دول جنوب المتوسط تشهد حداثة اإلستقالل من جهة ونزاع على
الحدود من جهة أخرى مثلما حدث مع المغرب والجزائر هذا لم يمنعها من إقامة إتحاد
المغرب العربي إال أنه لم يكن فاعال على عكس نظيره في شمال المتوسط هذا ما جعله
يستقبل المبادرات من الشمال ويباركه بإعتباره الطرف الضعيف في المعادلة ،وبما أن لمبادرة
الشراكة المنعقد سنة 5881باسبانيا كان طرحها غربي بامتياز وأهدافها تخدم الصالح األقوى
في حين كان التفاوض لدخوله في هذه الشراكة مع الضفة الجنوبية كان على حدى ،بمعنى
أن االتحاد األوروبي يفاوض كل دولة منفردة لفرض بنوده وشروطه بمقابل إمتيازات يمنحها
للدول الضعيفة وكذا لفرض سياساته وهيمنته على المنطقة المتوسطية.
104
إن مجمل السياسات القادمة من شمال المتوسط كان هدفها عدم تدخل األطراف
الخارجية عن اللعبة السياسية – أمريكا وروسيا و الصين -من جهة والتنافس بين دولتين
فرنسا و ألمانيا على زعامة االتحاد األوروبي وإعطاء امتيازات في المتوسط لصالح كل
منهما على حساب األخرى وهذا ما سنبرزه في الفصل الثاني من خالل سياسات االتحاد
األوروبي في المتوسط بعد برشلونة وبعض تجارب الشراكة في جنوب المتوسط.
105
الفصل الثاني :تطور سياسات االتحاد
األوروبي في ظل مشروع الشراكة األورو-
متوسطية
106
تمهيد:
شهد النصف الثاني من القرن العشرين تجارب عديدة لتحقيق التكامل واالندماج
االقليمي في مناطق مختلفة من العالم ،غير أن التجربة األوربية هي وحدها التي استطاعت
أن تفرض نفسها وأن تحتل موقعا فريدا ومتمي از بين جميع هذه التجارب ،ويعود هذا التميز
إلى أن التجربة األوربية بالرغم من أنها غير متجانسة ثقافيا ،وفي حالة التشتت والصراعات
خاصة إبان الحرب العالمية األولى و الثانية ،وتقسيم أوروبا إلى شرقية يدعمها االتحاد
السوفيتي سابقا والغربية المستقلة في قراراتها والتي يدعمها الواليات المتحدة األمريكية ،فإنها
استطاعت أن تخرج من هذا الصراع إلى التعاون والتكامل ووصوال إلى الوحدة األوروبية ،فقد
استطاعت هذه التجربة أن تبتكر من األدوات والسياسيات للتغلب على الرهانات التي تحدق
بها و التغلب على أوضاع التنافر وعدم التجانس التي تقف عائقا من أجل وحدة أوروبا
وتماسكها.
وعلى الرغم من محاوالت التي بذلتها أوروبا من أجل السيطرة على منطقة البحر
المتوسط إلى أن ما يشغلها هو التنافس العالمي حول المنطقة الحيوية في جنوب المتوسط
مما جعلها تتسارع إلى إحتوائها قبل الهيمنة األمريكية على المنطقة من خالل المشاريع التي
تبنتها في المغرب العربي والشرق األوسط ،هذا كله جعل االتحاد األوروبي يفكر في
سياسات جلب دول الضفة الجنوبية خوف من الهيمنة األمريكية والصينية على المنطقة
بالعودة إلى مفهوم جديد للهيمنة واالستعمار تحت طائلة الشراكة والتعاون مع دول جنوب
المتوسط وهذا ما سنبرزه كتجارب عن الشراكة مع دول المتوسط ،من خالل تقسيم هذا
الفصل إلى ثالث مباحث وهي كآتي:
107
المبحث األول :نموذج التكامل األوروبي :دراسة في المقومات والمسار.
ومر
االتحاد األوروبي تكتل سياسي وإقتصادي أوروبي بدأ مساره منذ عام َّ 5815
بعدة مراحل توسع خاللها ليشمل 15دولة عضوا قبل خروج بريطانيا عام ،1851يلخص
أهدافه االستراتيجية في التأسيس لمواطنة تضمن الحقوق األساسية ،وتدعم التقدم االقتصادي
واالجتماعي وتقوي دول أوروبا في العالم) ،(1وذلك من خالل ما أطلقه االتحاد األوروبي-
الشراكة األوروبية المتوسطية( -عملية برشلونة) في عام 5881بمشاركة 51دولة من
جيرانه الجنوبيين كان الغرض المعلن هو خلق منطقة سالم واستقرار وأمن في البحر
المتوسط ،وكان يفترض أن تتحقق األغراض األمنية األوروبية عن طريق تعزيز التنمية
االقتصادية في بلدان جنوب المتوسط من أجل حل المشاكل االجتماعية واالقتصادية
والترويج للحكم الديمقراطي واحترام حقوق االنسان في المنطقة وتحسين الوعي االجتماعي
)*(
التي والثقافي المتبادل على جانبي البحر المتوسط ،وكان القصد من قمة "العام العاشر"
عقدت في برشلونة في أواخر نوفمبر 1881هو إعادة تأكيد سالمة األهداف المؤسسة
للشراكة األوروبية.
ثمة الحاجة إلى تناول الموقع الجيوبوليتيكي لالتحاد األوروبي ككتلة واحدة ،إذ تصل
مساحة االتحاد األوروبي إلى 2811888كلم 1وهي تقع في المرتبة السابعة عالميا من
حيث المساحة ،ويطل على المحيط األطلسي والبحر المتوسط وبحر البلطيق ،مما جعل
)(2
أبعد منطقة فيه عن سطح البحر عبر امتداد المساحة الكلية التي تقدر بـ 118كلم.
)(1
موسوعة الجزيرة" ،االتحاد األوروبي" ،تم االطالع عليه يوم 1851-81-81 :متاح في االنترنت على:
http://www.aljazeera.net/encyclopedia/organizationsandstructures/2010/12/23/
)*(
قمة العام العاشر :وهي ذكرى عشر سنوات من إعالن مؤتمر برشلونة وكان فيها تقييم ما تم إنجازه وإعادة بعض
السياسات التي لم تلقى اهتمام كبير من خالل الدعم المالي المقدم لألطراف في اتفاقية برشلونة.
)(2
علي ربيج " ،الثابت والمتغير في عالقات التعاون الجزائرية األوروبية -اتفاقيتي ، "1885-5811رسالة ماجستير،
جامعة الجزائر ،1882 :ص .2
108
تحديد عدد الدول األوربية األعضاء في االتحاد األوروبي كان دوما تحكمه مجموعة
من العوامل والمعطيات سواء على المستوى الداخلي للقارة األوروبية أو على المستوى
العالمي ،ففي سنة 5851ارتفع عدد الدول إلى 51دولة داخل اإلتحاد ليعزز أكثر بفضل
معاهدة "ماستريخت" إشارة إنطالق الوحدة النقدية "اليورو" ،وفي سنة 5881تم توقيع على
اتفاقية "أمستردام" التي بموجبها تم تم فتح باب أمام مناقشة ترشيح دول أوروبا الوسطى
والشرقية لإلنضمام في االتحاد األوروبي الذي تم في سنة .5885
وقد بلغ عدد سكان االتحاد األوروبي 288.5مليون نسمة في أول جانفي ،1888
)*(
ومطلع 1885كان عدد سكان بحسب معطيات للمكتب األوروبي لإلحصاء "يوروستات"
االتحاد األوروبي 281.1مليون نسمة ليرتفع عدد السكان 1.5مليون خالل عام بسبب
الزيادة الطبيعية 8.1مليون في السنة ،وكما ساهمت الهجرة من الدول جنوب المتوسط
بنسبة 5.1مليون نسمة بحسب "يورستات" وارتفاع النمو الطبيعي الذي بدأ في 1882إلى
غاية ،1885يفسر زيادة معتدلة لمعدل الوالدات وبمعدل وفيات مستقر نسبيا.
يبلغ عدد األعضاء االتحاد األوروبي 11دولة في عام 1885ليصل إلى 15دولة
بعد عام 1852حين انضمت كرواتيا لالتحاد – قبل خروج بريطانيا من االتحاد األوروبي
)(1
منتصف .-1851
برزت فكرة الوحدة األوروبية في القرن الثالث عشر الميالدي وتواصلت عبر القرون
من خالل عدد كبير من الفالسفة والسياسيين الذين حملوا هذه الفكرة وكان من بين األسماء
الكبيرة التي طرحت مشروعات فكرية شهيرة ومتكاملة لتحقيق حلم الوحدة األوروبية مفكرون
فرنسيون من أمثال ":بيير ديبوا" ) )5218-5118 -P.Duboisومكسمليان سولي
)*(
يوروستات :هي مديرية عامة للمفوصية األوروبية في لوكسمبورغ ،وتتمثل وظيفتها األساسية في تقديم معلومات
إحصائية إلى مؤسسات االتحاد األوروبي وتعزيز تنسيق األساليب اإلحصائية في جميع أنحاء الدول األعضاء والمرشحين
لالنضمام إلى بلدان الرابطة األوروبية للتجار الحرة.
)(1
هشام صاغور ،مرجع سابق ذكره ،ص .158.118
109
)*(
( )5155-5122و"جرمي " M.Sullyوسان بيير" ومفكرون إنجليز من أمثال "وليام بن"
)**(
الذي دعا إلى إنشاء مجلس إتحادي عام يضم نائبين عن كل دولة لمناقشة بنثام"
القضايا المشتركة قصد تحقيق األمن الدولي على أن يكونوا ينتمون إلى دول أوروبية
)(1
متعددة.
إن الوحدة األوربية كفكرة عامة اعتبرها العديد من الكتاب والمفكرين أنها مجرد
تخيالت وتأمالت ،فالبعض منهم تكلم عن الوحدة المفقودة والبعض اآلخر تكلم عن الوحدة
المستقبلية ويالحظ اآلخرون أن الوحدة الحقيقية وجدت في مؤلفات الفالسفة في القرن
الثامن عشر إذ تكلم كل من "فولتير "Voltaireو "مونتسكيور "Montesquieuعن
الوحدة حيث جسدوها في الوضع األوروبي كما كانوا يالحظونه أي "أوروبا عصر
)(2
وكما ظهرت بوادر الوحدة األوربية من خالل مشاريع أطلقها زعماء أوروبا منها األنوار".
إنشاء تنظيم دولي للتحكيم والفصل في المسائل المختلفة بهدف ضمان السلم بين الدويالت.
وكما ظهرت في القرن السابع أفكار المفكر الفرنسي "مكسمليان سولي" في عهد
"هنري الرابع" الذي إقترح إنشاء مجلس مسيحي خالص يتكون من أربعين عضوا ممثلين
لخمسة عشر دولة في ذلك الوقت مع ضرورة احترام ق اررات هذا المجلس باإلضافة إلى
انشاء قوة مسلحة أوروبية تمول بصفة مشتركة ،هذه االفكار كانت تدعو إلى إقامة وحدة
أوروبية من أجل صد العدوان الخارجي ،باإلضافة إلى كل من كتابات "جان جاك روسو"
)*(
وليام بن ( :w.peen )1844-1116شخصية إنسانية سامية كانت تنتمي إلى طبقة النبالء البريطانيين ،وهو يعد
المشرع الرسمي لجمعية ( :الكويكرز) المسيحية التي انتشرت ابتداء من القرن السابع عشر ،في بريطانيا والواليات المتحدة،
وكان يؤمن برفض العنف في العالقات االجتماعية وينادي برفض حمل السالح واعتبار الحرب جريمة انسانية .هاجر إلى
أمريكا وأسس في عام 5151مستوطنة وحاول أن يطبق فيها مبادئ الجمعية ،فحرم على أهله حمل السالح واستعمال
القوة .للمزيد أنظر :دمحم المجدوب . ،ص.12.11
)**(
جيرمي بيثام :Jeremie Bentham )1632-1146( :هو فيلسوف سياسي من مجموعة فالسفة االصالح
الراديكالي ،أكد في فلسفته على مبدأ المنفعة الذي تطور خالل القرن الثامن عشر ،وأصبح الحجر األساسي للفلسفة
السياسية خالل القرن التاسع عشر ،نشر كتابه مبادئ القانون الدولي عام . 5158
)(1
بطرس بطرس غالي ،الحكومة العالمية ،القاهرة :دار المعارف.5881 ،ص .11
)(2
Cartoon Louis, LUnion Europèenne, Traitès de paris Rome Maastricht , France :
Edition Dalloz , 1994, p31.
110
ليكمل ما بدأه القس "سان بيار" الذي دعا إلى إقامة فدرالية أوروبية بين األمراء األوروبيين ،
وتاله "إمانويل كانط" عام 5181في رسالته بعنوان ":من أجل سالم دائم" وتحدث عن فكرة
جوهرية مفادها وحدة األنظمة الجمهورية في أوروبا ألنها وحدها القادرة على أن تضمن
السالم ،وكما دعا أيضا "سان سيمون" في عام 5552في رسالة وجهها إلى برلمانيو فرنسا
وانجلت ار تحت عنوان "حول إعادة تنظيم المجتمع األوروبي" إقترح فيها بإقامة محور بين
باريس ولندن تكون على شكل كونفدرالية تعمل على توسيع نطاقها إلى أنظمة برلمانية
أخرى ،إال أن تنبآت المفكرين األوربيين بدأت تتحقق من خالل إيقاف الحروب والنزاعات بين
الدول األوروبية وتتجلى ذلك من خالل إنشاء أول بنك مركزي أوروبي ،والذي أطلق عملة
أوروبية موحدة باسم (أوروبا) ،إال أنه فشل بعد ذلك بسبب ضغوطات بريطانية و ألمانية
)(1
وكما دعا أيضا ،ويالحظ أن معظم الدعوات لوحدة أوروبا كانت تنطلق من فرنسا.
"ريشارد كودنهوف كاليرجي" عام 5812إلى إنشاء الواليات المتحدة األوروبية على غرار
الواليات المتحدة األمريكية ،ونشر كتابا سماه":بان أوروبا" حيث سوق هذا الكتاب داخل
أوروبا وخارجها من أجل الترويج لفكرة االتحاد وإقامة وحدة أوروبية.
وبناءا عليه فقد ُعقد في فيينا عام 5811المؤتمر األول لالتحاد األوروبي شارك فيه
1888مندوب من الدول األوروبية ،ووافق المؤتمر على وضع الخطوط العريضة لتنظيم
فيدرالي ألوروبا ،وبعد ثالث سنوات دعا وزير الخارجية الفرنسي "أريسيد بريان" في 1
سبتمبر 5818في خطابه أمام الجمعية العمومية لعصبة األمم في جنيف إلى إقامة إتحاد
أوروبي في إطار عصبة األمم لتشجيع التعاون بين الدول األوربية مع إحتفاظها بسيادتها،
وبهذا ردت 11حكومة أوروبية على االقتراح الفرنسي باإليجاب ،إال أن صعود األحزاب
القومية في بعض الدول األوروبية منها ألمانيا وإيطاليا وتفاقم األزمة االقتصادية في أوروبا
)(2
وفي هذا السياق سنعرض تطور عملية التكامل لالتحاد قضى على المشروع الفرنسي.
األوروبي.
)(1
Bernard Cassen , "une Europe de moins Européens" , journal le Monde diplomatique,
Bruxelles :Bruylant , 2003, p 08.
)(2
أحمد سعيد نوفل ،االتحاد األوروبي في مطلع األلفية الثالثة :الواقع والتحديات ،األردن :ب ب ن ،ب س ن،
ص.82
111
ثاليا :تطور عملية التكامل لالتحاد األوروبي:
تعتبر عملية التكامل في أوروبا واحدة من أهم التطورات التي طبعت المنتصف الثاني
للقرن العشرين الماضي ،حيث أعادت هذه العملية تركيب المنطقة سياسيا واقتصاديا ،وبعثها
من جديد لتكون فاعال مؤث ار في العالقات الدولية ،بالرغم من الخراب والدمار الذي لحقا بها
خالل الحرب العالمية الثانية ،وحتى نفهم طبيعة العملية وانعكاساتها علينا أن نشير
للمعطيات الكبرى التي قطعها البناء األوروبي على مرحلتين بارزتين وهما:
أرثر مارويك ،الحرب والتحول االجتماعي في القرن العشرين ،ترجمة :سمير عبد الرحمن الجلبي ،بغداد :دار المأمون )(1
112
إلقامة حكومات اشتراكية متعاطفة مع االتحاد السوفياتي في أوربا الغربية ،وثالثا ربط دول
أوروبا الشرقية باقتصاد أوروبا الغربية.
وفي هذا اإلطار إجتمعت ستة دول أوروبية إليجاد وسيلة لمنع وقوع حرب أخرى
وذلك عام 5815و هي كل من " :فرنسا ،ألمانيا ،بلجيكا ،لوكسمبورغ ،هولندا و إيطاليا"
بأن أفضل طريقة لمنع وقوع حرب جديدة هي التعاون على إنتاج الفحم و الصلب ،واتفقت
على حسم الصراعات والخالفات حول مناجم الفحم والحديد ،و ما يرتبط بها من صناعات
والتي كانت أحد أهم األسباب الرئيسية في نشوب الحربين العالميتين األولى والثانية ،فوقعت
للفحم األوروبية الجماعة بإنشاء القاضية باريس معاهدة الستة الدول هذه
والفوالذ( )C.E.C.Aوالذي تبناه "شومان" وزير الخارجية الفرنسي وطرحه في مبادرة فرنسية
رسمية كخطوة لتسهيل وتحرير تجارة الفحم والصلب بين الدول األعضاء ،وقد تم تحديد
تجارة الفحم بين الدول األعضاء وفرض الحماية ضد الدول غير األعضاء ،وقد تم تحديد
فترة إنتقالية لعملية التحرير التي انتهت في فيفري 5815إلزالة جميع الممارسات المقيدة
للمنافسة كرسوم االستي ارد أو التمييز بين المنتجين) ،(1كما تم إبرام معاهدة إلقامة "جماعة
أوروبية للدفاع" عام ،5812غير أن رفض الجمعية الوطنية الفرنسية عام 5812التصديق
عليها ،أدى إلى فشل المحاولة وإلنقاذ التجربة التكاملية برمتها من اإلنهيار لم يكن هناك
بديال من العودة إلى االقتصاد إلصالح ما أفسدته السياسة ،وتمكنوا في عام 5811إبرام
)(2
معاهدة روما التي أضافت جماعة أوربية جديدة.
تم التوقيع على معاهدة روما في 11مارس 5811والتي شكلت نموذج للتكامل
االقتصادي األوروبي وأولى إهتمام بالجانب االقتصادي والتجاري ،وذلك بخلق تنظيمين
جديدين آخرين :ويتعلق األمر بالجماعة االقتصادية األوروبية ( )C.E.Eوالذي عرف
)(1
دمحم محمود اإلمام ،قراءات في االتفاقيات التكاملية لالتحاد األوروبي ،القاهرة :المنظمة العربية للتنمية اإلدارية،
،1885ص .215
)(2
حسن نافعة ،االتحاد األوروبي والدروس المستفادة عربيا ،بيروت :مركز دراسات الوحدة العربية للنشر والتوزيع،
،1882ص .12
113
بالمصطلح الشائع (السوق األوربية المشتركة) ،أما التنظيم الثاني فيتعلق بالجماعة األوربية
)(1
و في ظل هذا السياق وقبل التوقيع على معاهدة روما للطاقة الذرية (. )Euratom
شهدت فترة المفاوضات تحديين كبيرين حيث كان لهما تأثير بارز على العملية التكاملية
االقتصادية األول قادم من فرنسا والثاني قادم من بريطانيا ،لكن فرنسا كان لها مطالب
واشتراطات كثيرة بسبب خشيتها من تراجع مركزها االقتصادي والسياسي مقارنة بألمانيا
وطالبت فرنسا من منح مزايا تفاضلية خاصة بسبب ما عانته في الحرب العالمية الثانية.
أما بريطانيا بحكم لم تكن متحمسة لفكرة السوق األوروبية المشتركة وبالتالي عملت
على عرقلتها بسبب العالقة التي تربطها بدول الكومنولث غير األوروبية وبذلك فإن فتح
األسواق يؤدي بها إلى شراء منتوجات زراعية أغلى ثمنا مما كانت تأتيها من دول
مستعمراتها ،و بموجب ذلك دخلت معاهدة روما حيز التنفيذ سنة 5815الموقعة بين الدول
الستة األعضاء وأصبح يطلق عليها المجموعة االقتصادية األوروبية )( EEC
)(2
وتوسعت العضوية بعد ذلك ،إذ دخلت (.(European Economic Communit
بريطانيا عام 5811بعد أن رفضت فرنسا في عهد الجنرال ديغول إنضمام بريطانيا
باعتب ارها أنها كانت لها عالقة وطيدة بالواليات المتحدة األمريكة وتخوف فرنسا من جعل
الواليات المتحدة شريكة في االتحاد األوروبي باعتبارها الطرف القوي في المعادلة ،مما
يجعلها تسيطر على عملية صنع القرار فيه وهذا ما لم تقبله فرنسا وألمانيا ،وبالرغم من أنها
قدمت طلبا للعضوية سنة ،5811في حين لحقت كل من الدانمارك وإيرلندا في عام
)(3
،5811باستثناء النرويج التي لم تقبل العضوية.
كما انضمت اليونان في عام ،5855لالتحاد بعد زوال النظام العسكري وعودة
الديمقراطية إليها ،وكذلك إسبانيا والبرتغال عام 5851بعد سقوط أنظمتها الديكتاتورية
وأصبحت المجموعة األوربية تضم في عضويتها 51دولة حتى عام ،5881بعد إنضمام
)(1
دمحم مصطفي كمال ،فؤاد نهرا ،صنع القرار في االتحاد األوربي والعالقات العربية األوربية ،بيروت :مركز دراسات
الوحدة العربية ،1885 ،ص .512
)(2
فهمي أماني محمود" ،الوحدة األوروبية بين متطلبات االندماج وعوائق السيادة" مجلة السياسة الدولية ،العدد ،551
القاهرة :أفريل ،5882ص .512
)(3
أحمد سعيد نوفل ،مرجع سابق ذكره ،ص .82
114
إليها الدول الثالث وهي السويد والنمسا وفلندا سنة ،5882إلى القافلة األوروبية التي تحولت
من الجماعة إلى اإلتحاد ،وجاءت سنة 1882لتمثل منعطفا جديدا في تاريخ االتحاد
األوروبي حيث ارتفع عدد الدول المشاركة إلى خمس وعشرين دولة باالنضمام كل من
)(1
أستوانيا،التفيا ،ليتوانيا ،بولندا ،جمهورية التشك ،سلوفكيا ،المجر ،مالطا ،وقبرص.
تأثرت الجماعة األوروبية بالتحوالت العنيفة التي شهدها النظام الدولي مع بداية
التسعينات ،فبدأت بلدان أوروبا الوسطى في عام 5858تخرج من تحت الهيمنة السوفياتية
ثم دول أوروبا الشرقية ،وتوحدت ألمانيا في عام 5888وتفكك االتحاد السوفياتي ذاته في
عام ،5885وعليه وجدت أوروبا نفسها أمام خريطة جديدة لم يكن أحد يتوقع بروزها بهذه
السرعة ،ولم تكن الحروب التي ظهرت فيها السيما في منطقة البلقان ،فحتم على أوروبا
التحرك بسرعة واسترجاع مكانتها السياسية واالقتصادية في خضم العالقات الدولية وحتى
تصبح الدولة الفاعلة في النظام العالمي الجديد كما خططت له بعيدة عن التيار األمريكي
الليبرالي ،فإقتنعت دول أوروبا للخروج من هذه األزمة البد من الوحدة األوربية و هذا ما
)(2
عبرت عنه معاهدة ماستريخت.
عمرو الشوبكي" ،أوروبا من السوق إلى االتحاد :صناعة وحدة" ،تم التصفح الموقع يوم ،1852/51/55متاح في )(1
115
)(3
و بمقتضاه أدخلت تعديالت أساسية على الوحدة األوروبية على البرتغال و إسبانيا).
النحو التالي:
-تحول إسم الجماعة االقتصادية األوروبية إلى الجماعة األوروبية ،ولعل هذا ما يشير
إلى أن أهدافها أصبحت أعم وأشمل من األهداف االقتصادية ،إذ تم تعديل أهداف
الجماعة ليشمل اختصاصات متنوعة ،مثل حماية البيئة ،الحماية االجتماعية ،البحث
العلمي ،التنمية التكنولوجية ،الصحة ،التعليم ،السياحة وغيرها.
-توحيد السياسة الخارجية والسعي إلقامة نظام دفاعي أوروبي مشترك.
-أنشأت معاهدة ماستريخت مواطنة لالتحاد األوروبي وبمقتضاها فإن كل شخص
يحمل جنسية دولة عضو في االتحاد األوروبي يكون مواطنا في جميع دول اإلتحاد
كما يتمتعوا بالحق في اإلنتقال واإلقامة بحرية داخل أقاليم جميع الدول األعضاء في
)(1
االتحاد.
-أنشأت معاهدة ما ستريخت نظام المحقق البرلماني وبمقتضاه يجوز لألفراد والهيئات
أو المؤسسات التقدم بالشكوى إلى المحقق البرلماني الذي يقوم بالتحقيق فيها وعرض
نتائج هذه التحقيقات على البرلمان األوروبي.
-وضع جدول زمنيا للوحدة االقتصادية والنقدية األوربية ونصت على إنشاء عملة
5888عندما وافقت أوربية واحدة هي اليورو ،وهو ما تحقق بإصدار اليورو عام
51دولة أوربية على استخدام اليورو كعملة أوربية موحدة ،وقد بلغ عدد الدول التي
)(2
انضمت إلى النظام العملة األوربية الموحدة اليورو 58دولة حاليا.
وكما ركزت معاهدة ماستريخت على قضايا السياسة الخارجية واألمنية ومنها:
)(3
صالح الدين حسن السيسي ،النظم والمنظمات االقليمية والدولية ،القاهرة :دار الفكر العربي ،1881 ،ص .288
)(1
هشام صاغور ،السياسة الخارجية لالتحاد االوربي تجاه دول جنوب المتوسط ،االسكندرية :مكتبة الوفاء القانونية،
،1858ص.18
)(2
أحمد عطية عمر ،النظام المؤسسي لالتحاد األوربي ،القاهرة :دار النهضة العربية ،1881 ،ص .21
116
-صيانة إستقالل االتحاد والدفاع عنه وعن حدوده الخارجية أمام أي إعتداء قد تعرض
له دول االتحاد.
-الدفاع عن أمن االتحاد والدول األعضاء مما يعني أن يكون الدفاع خارجي وأمني
وداخلي.
-حفظ األمن والسالم الدوليين حسب ميثاق األمم المتحدة.
-تعزيز التعاون الدولي وخاصة مع دول الجوار.
)(1
-تعزيز الديمقراطية ودولة القانون واحترام حقوق االنسان.
وكان االتحاد يأمل عند التوقيع على المعاهدة ،أن تستعيد أوروبا عظمتها وقوتها
المفقودة ،وأن تصبح القوة العظمى الثانية إقتصاديا وسياسيا وعسكريا ،وأن تستعيد قوتها
على الصعيد الدولي ،وهذا ال يعني إهمال الجانب االقتصادي في المعاهدة وذلك بحكم الفترة
التي جاءت فيها المعاهدة بإعادة ترتيب البيت الداخلي أمنيا وإقليميا بحكم زوال القطبيتين
وإنفراد الواليات المتحدة بقيادة العالم أمنيا وسياسيا و إقتصاديا مما إستلزم على أوروبا إعادة
النظر في سياستها العامة الداخلية والخارجية.
-تنسيق السياسات الوطنية للدول األعضاء في مجال التوظيف ووضع سياسة أوروبية
موحدة للتوظيف.
-نصت المعاهدة على حماية الحقوق األساسية ومحاربة أي نوع من التمييز وحماية
مصالح المستهلكين والحق في الحصول على المعلومات.
)(1
دمحم مصطفي كمال ،فؤاد نهرا ،مرجع سابق ذكره ،ص .521
117
-نصت على إنشاء منطقة لألمن والحرية والعدالة يتم فيها تسهيل حرية الحركة
واالنتقال وتقوية التعاون القضائي والتعاون في مجال األمن والرقابة على الحدود
الخارجية للدول األعضاء في االتحاد.
-كما وسعت معاهدة أمستردام من السلطات التشريعية للبرلمان األوروبي من خالل
)(2
المشاركة في اتخاذ القرار من المجلس ،بحيث تصدر التشريعات بالمشاركة بينهما.
نصت معاهدة أمستردام على توقيع العقوبات ومنها :الحرمان من الحق في التصويت أو
الحرمان من بعض الحقوق األخرى على الدول األعضاء التي تخالف المبادئ األساسية
لالتحاد السيما في مجال إحترام حقوق االنسان التي يجب على دول األعضاء في االتحاد
إحترامها ،بحيث جاءت هذه المعاهدة لتؤكد ما جاءت به المعاهدات السابقة وإضافة بعض
الحقوق في مجال حقوق االنسان والحريات.
وقعت الدول األوروبية معاهدة نيس 11فيفري 1885والتي تضمنت المبادئ التالية:
)(2
هشام صاغور ،مرجع سابق ذكره ،ص .15
)(1
هشام صاغور ،نفس المرجع ،ص . 12
)*(
كان لمعاهدة لشبونة أثر كبير في سياسات االتحاد األوروبي من خالل ما تم التوصل إليه وفي إعطاء نفس جديد
لالتحاد وذلك من خالل ما كان يهدف إليه االتحاد األوربي في إصالح مؤسساته وفي اتخاذ الق اررات المتعلقة به ،إذ أصبح
لهذه المعاهدة أن تحل محل الدستور األوروبي الذي لم توافق عليه فرنسا وبعض بلدان االتحاد األوروبي.
118
وقعت الدول األوروبية أحدث معاهدة أوروبية وهي معاهدة لشبونة في 52ديسمبر
1881والتي من المقرر أن تدخل حيز النفاذ في أول جانفي ،1888والهدف هو وصول
لتنفيذ هذه االتفاقية قبل آجال ،1888وقد تم في جميع دول االتحاد األوروبي تقريبا
المصادقة على معاهدة اإلصالح من خالل البرلمانات فقط ،إال في إيرلندا هناك تمسك بأن
يجرى تصويت شعبي ،وفي ألمانيا هناك سعي للحصول على موافقة من البرلمان األلماني
والمجلس اإلتحادي حتى 12ماي ، 1885وأهم ما إستحدثه من مبادئ وأحكام يتمثل فيما
يلي:
-وضعت نظام اإلنتخاب لرئيس االتحاد األوروبي ،بحيث ينتخبه زعماء الدول
األعضاء باألغلبية الموصوفة لمدة سنتين ونصف يجوز إعادة تجديدها لمدة واحدة
فقط.
-وسعت من نطاق سلطات الممثل األعلى للسياسة الخارجية لالتحاد األوروبي لكي
يقوم بمسؤولية نائب رئيس المفوضية األوروبية و مسؤول تنسيق التعاون األوروبي
وإجراء المفاوضات األوربية.
-قررت مبدأ المساواة في المواطنة بين المواطنين األوروبيين.
ضمن االتفاقية لمواطنين األوروبيين حرية التنقل و اإلقامة في كل دول االتحاد
-تْ
األوروبي ،وحق المشاركة و الترشح لعضوية البرلمان األوروبي ،وحق المشاركة في
االنتخابات المحلية في دولة اإلقامة بغض النظر عن أصل جنسية المقيم.
-تعطي للمواطنين األوربيين الحق في تنظيم وتقديم عرائض في موضوع معين إذا وقع
عليها مليون مواطن ،مما يجعل المفوضية ملزمة بصياغتها في شكل مشروع قانون
)(1
لعرضه على المؤسسات الدستورية األوروبية.
إن توقيع معاهدة لشبونة عام ، 1881توحي إلى إنشاء شخصية قانونية جديدة
لالتحاد األوروبي من خالل مراجعة إجراءات اتخاذ القرار ،وأنشأت منصبين جديدين:
)(1
أبو الخير أحمد عطية عمر ،النظام المؤسسي لالتحاد األوروبي ،القاهرة :دار النهضة العربية ،1881 ،ص .18
119
هما رئيس المجلس األوروبي والممثل السامي للشئون الخارجية والسياسية األمنية ،وهي
)(2
تعتمد بدرجة كبيرة عل عمل " اجتماع االتفاقية بشأن مستقبل االتحاد األوروبي".
إن االتحاد األوروبي ليس أحسن حال من الواليات المتحدة األمريكية ،إذ أنه هو اآلخر
يعرف نمو اقتصادي مضطردا ،ومع ارتفاع الطلب على الطاقة وتراجع في االنتاج و
اإلحتياط ،وهى معادلة التي ترهق إقتصاديات هذه القوى وتبعث على القلق لديها.
وتؤكد المعطيات بخصوص االتحاد األوروبي أنه سيعاني ارتفاعا مستم ار في وارداته
من الطاقة ،حيث تشير تقديرات إدارة معلومات الطاقة األمريكية إلى أن دول االتحاد
األوروبي ستستورد نحو ثلثي ( )2/1حاجياتها من النفط بحلول عام ،1818أما بالنسبة
للغاز فتستورد منه ( )%11من االحتياجات منه بحلول عام 1818هذا من جهة ،ومن جهة
أخرى يعرف فيه اإلنتاج األوروبي المحلي من النفط تراجعا واضحا منذ عام 5888بدأ
معدل االنتاج النفطي لبحر الشمال في التراجع بشكل ظاهر ،كما أنه يتناقص حاليا بمعدل
)(1
وحسب تقديرات خبراء أوربيين أيضا فإن مستقبل الطاقة في أوروبا يدفع % 81سنويا.
بالتفاؤل ،فاالتحاد األوروبي يسبق أمريكا وآسيا بأشواط بعيدة في السباق الهادف للتخلص
من االعتماد على الثروات الطبيعية ،واستنفادها مما يؤهله بأن تكون القارة األولى التي
تحظى بسياسة مستقلة في مجال االعتماد على الطاقة ،وهم يعلمون تماما أن الحفاظ على
)(2
الكرة األرضية لألجيال القادمة ليس تحديا فقط إنما عمل له أيضا منافعه االقتصادية.
في المقابل تعتبر أمريكا الشمالية باألساس أكبر مستهلك للنفط في العالم إ ْذ وصلت
نسبة اإلستهالك في عام 1885م إلى أكثر من ربع إجمالى الطلب العالمي ،عالوة على
ذلك يتوقع أن ينمو الطلب على النفط في أمريكا بمعدل % 5.1سنويا وسيذهب معظم
)(2
جون بيندر ،سايمون أشروود ،االتحاد األوربي -مقدمة قصيرة جدا ،-ترجمة :خالد غريب علي ،القاهرة :مؤسسة
هنداوي للتعليم والثقافة ،1851 ،ص .515
)(1
اعمر بوزيد ،مرجع سابق ذكره ،ص.215 211
مارك ليونارد ،لماذا سيكون القرن 21قرنا أوروبا ،ترجمة أحمد محمود عجاج ،االمارات العربية المتحدة ،مكتبة )(2
120
النمو المتوقع لالستخدام في قطاع النقل و المواصالت ،من جهة أخرى تقود أوروبا العالم
نحو التحول إلى مصدر قابل للتجدد كبديل للطاقة وهي( :الطاقة المتجددة) ،وهي تعمل
)*(
بحيث وصل إلى 2.511مليون طن من ثاني أكسيد الكربون فقط على تقليص التلوث
)(3
مقارنة بأمريكا التي تصل نسبتها إلى 1.851مليون طن.
وهذا ما بينه البحث الذي تلخص في" الكتاب األخضر" الصادر عن اللجنة األوربية
ببروكسل عام ":1888إن األمن الطاقوي ال يهدف إلى رفع من مستوى االستقاللية
الطاقوية ألوروبا إلى درجتها القصوى ،وال الى التقليل من مستوى التبعية إلى درجتها الدنيا،
وإنما يهدف إلى التقليل من المخاطر ذات العالقة بموضوع الطاقة هذه" ،والتي من أهمها
الصراع من أجل الهيمنة على مواردها ومصادرها في العالم ،ولهذا كانت مسألة تنويع
المصادر وعدم التركيز على مصدر واحد أو مصادر معينة (روسيا مثال) ،من أهم
)(1
االجراءات التي تبناها االتحاد األوروبي رسميا منذ عام .1881
إن أكبر دافع لالقتصاد األوروبي هو المشروع األوروبي نفسه ،كما تركز قوة أوروبا
االقتصادية على ركنين:
ثانيا :المساواة في مستويات المعيشة التي توفرها لمواطنيها ،هذان الركنان شهدا تحسنا من
خالل استمرار االتحاد األوروبي باالندماج والتوسع.
بفضل إقامة السوق األوربية الموحدة في عام 5881م ُحظي بقدر كبير من األهمية
واإلثارة ،فقد تبين حسب تقديرات المفوضية األوروبية أن الناتج القومي لدول االتحاد في عام
)*(
أن البلدان الصناعية المتقدمة تساهم بشكل كبير في زيادة ثاني أكسيد الكربون وهذا ما طرح مشكال كبي ار في اتفاقيات
العالمية لحماية البيئة وخاصة في اتفاقية كيوتو عام ،5881وما فرضته هذه االتفاقية من تقليص الصناعات الثقيلة
والملوثة مما استنكرته الدول الصناعية عن تطبيق هذا اإلجراء وهذا ما يجعل حالة البيئة في تدهور مستمر رغم االنذار
الذي ألقته األمم المتحدة لحماية البيئة ألجيال الحقة.
)(3
مارك ليونارد ،المرجع نفسه ،ص .588
)(1
اعمر بوزيد ،مرجع سابق ذكره ،ص .218
121
1881م لم يكن ليكون أعلى بنسبة ،%1وال نسبة التوظيف أعلى بنسبة 5.1لو أن السوق
األوروبي ة الموحدة لم تكن موجودة ،ألنها ساهمت في مضاعفة االستثمارات األجنبية
المباشرة في اإلتحاد وأدت المنافسة فيه إلى تخفيض األسعار للمستهلكين لمستويات قياسية
وبالمقدار ذاته فإن توسيع االتحاد قد يكون من ناحية التأثير والقدرة التحويلية مماثال للسوق
األوربية الموحد ة ،وتقدر المفوضية األوربية أيضا أن مجرد التوسع فقط في عضوية االتحاد
سيرفع نسبة النمو في الناتج القومي العام لألعضاء الجدد بمقدار 5,2و 1,5نقطة سنويا
)(2
وسيزيد معدالت النمو لألعضاء الباقين بمقدار %8.1سنويا.
وقد أظهرت دراسة أعدتها شركة االستثمارات األمريكية "غولدن ساش" أنه سيكون في
غضون نصف قرن اقتصاديات الصين والهند والب ارزيل وروسيا أكبر من أي اقتصاديات
أوربية في مجموعة الدول الصناعية السبعة( :أمريكا واليابان وألمانيا وفرنسا وبريطانيا
وإيطاليا وكندا) .وبلغت اقتصاديات تلك الدول اليوم مجتمعة ثٌمن الناتج القومي للدول
الصناعية الستة وخلصت الدراسة للقول :إن الناتج اإلجمالي لالقتصاديات األربع المذكورة
)(1
إال أن هذا التنبؤ إلى ستتجاوز مجموعة الدول الصناعية السبع في أقل من أربعين عاما.
توقع بهشاشة االقتصاد األوروبي في القرن الواحد و العشرين ،منافي لما هو معمول به
داخل االتحاد األوربي حيث يتحدد حجم الدولة داخل اإلتحاد األوروبي من خالل مجموعة
من المعايير المختلفة على رأسها مستوى قوتها االقتصادية وتعدادها البشري ثم حجمها
الجغرافي ،باإلضافة إلى النسب و اإلعتمادات المالية التي تقدمها الدول األوربية األعضاء
إلى مؤسسات المختلفة لالتحاد األوروبي.
وإذا ما أسقطنا هذه العوامل على مختلف الدول األوروبية ،فإننا نجد ألمانيا ذات
القوة االقتصادية الهائلة تحتل المرتبة الثالثة على المستوى العالمي بعد الواليات المتحدة
األمريكية و اليابان ،واألولى على مستوى األوروبي ،وتحتل المرتبة األولى أوروبيا من حيث
)(2
كما أن التقارب الفرنسي األلماني سواء من خالل المؤسسات االقتصادية تعداد السكان،
)(2
مارك ليونارد ،مرجع سابق ذكره ،ص .581
) (1نفس المرجع ،ص .582
)(2
عبد الوهاب بن خليف ،مرجع سابق ذكره ،ص 582.
122
الثنائية مثل المجلس الفرنسي –األلماني االقتصادي والمالي ،أو على مستوى المؤسسات
األوربيةَّ ،
شكل منذ ستينات القرن الماضي إلى غاية منتصف العشرية األولى من األلفية
الجديدة أساسا متينا للبناء األوروبي ،بفضل مجموعة من الحلول التقنية ،التي تبنتها فرنسا
وألمانيا خالل المنتصف األول من عقد الثمانينات من القرن الماضي ،والتي تتعلق خاصة
بتعزيز التعاون الثنائي في إطار السوق الداخلي بين البلدين والسعي إلى خلق توازن على
المستوى المبادالت التجارية الثنائية.
خامسا :تطور سياسة الطاقة المشتركة لالتحاد األوروبي تفاديا للهيمنة الخارجية.
لفهم أعمق لطبيعة العالقة بين سياسة الطاقة لالتحاد األوروبي وعالقته بجنوب
المتوسط ،إذ يتم التعرف على تطور سياسة الطاقة المشتركة في ظل الجماعة األوربية
والمناهج المتبعة للتعامل مع أمن الطاقة األوروبي.
مع بداية القرن الحادي و العشرين ،إنتهت المقترحات في سبيل قيام سياسة طاقة
مشتركة في ظل الجماعة األوربية واالتحاد األوروبي إلى تبني مبادئ عامة عريضة نتيجة
خل من بعض التقدم في إطار إنشاء سوق إعتراض بعض الدول األعضاء ولكنها لم تُ ْ
أوروبية موحدة للطاقة ،وتبنت المفوضية األوربية المشروع وأسمته "بالورقة الخضراء")*( في
عام 1881كإستراتيجية عامة متكاملة تقوم على الحصول على طاقة مستدامة وتنافسية
وتأمين الوصول إليها.
حددت الورقة عدد من األولويات العملية والفنية فيما يتعلق بالجانب الداخلي لسياسة
الطاقة في إطار خلق سوق موحدة للطاقة ،لكن يأتي التطور األبرز بالنص إلى حاجة
االتحاد إلى سياسة طاقة خارجية متماسكة على عكس ما مضى من غياب التنسيق ،ففي
إطار سياسة طاقة خارجية تم التأكيد على أهمية عدد من األهداف واآلليات على المدى
)*(
الورقة الخضراء :مشروع اطلقه االتحاد االوروبي لبناء اقتصاد موحد يضمن حياة أفضل لألجيال الحالية وهو مشروع
محافظ على البئية الطبيعية من جهة وخلق اقتصاد أخضر من أجل الترويج له وتسويقه للدول العالم الثالث.
123
المتوسط و القصير ،منها تنويع مصادر إمدادات الطاقة وإقامة شراكة في مجال الطاقة مع
الدول المنتجة ودول الممر والمستهلكين األهم كالواليات المتحدة والصين والهند باإلضافة
)(1
إلى العديد من األهداف واآلليات األخرى.
وبنهاية عام 1881أعلن رئيس المفوضية األوروبية "خوسيه مانويل بارسو" أن
الطاقة كانت قضية منسية على األجندة األوربية ولكنها عادت لتكون من أولويات األجندة
األوربية بعد الجماعة األوربية للفحم و الصلب ،مع زيادة االتفاق بين الدول األعضاء على
الرغبة في إقامة سياسة طاقة مشتركة لالتحاد األوروبي ،وأكد على جعل الطاقة قضية ذات
أولوية في كل المباحثات مع الدول األخرى ،ووفقا للمنظمة الدولية للطاقة International
،Energy Agencyأن االتحاد األوروبي ال يمتلك إال %8.1و %1من إحتياط العالم
من النفط والغاز الطبيعي على التوالي ،في حين يمثل النفط و الغاز الطبيعي من % 18
من إجمالي استهالك االتحاد األوروبي من الطاقة ،وهذا ما سيتم توضيحه في الشكل التالي:
الشكل رقم ( :)14يوضح إجمالي إستهالك االتحاد األوروبي من الطاقة وفق مصدرها.
)(1
هايدي عصمت كارس ،السياسة الدولية واالستراتيجية :المستمر والمتغير في السياسة الخارجية لالتحاد األوروبي
تجاه جنوب المتوسط في أعقاب الثورات العربية ،القاهر :المكتب العربي للمعارف ،1851 ،ص .111.111
124
الطاقة المتجددة
%6
الوقود الصلب
%18
الغاز
%24
وحسب الشكل فإن إرتفاع معدل إعتمادية االتحاد األوروبي من إستيراد النفط والغاز
الطبيعي على مدار السنوات األخيرة على وجه الخصوص مع انخفاض اإلنتاج األوروبي في
عام ،1858وفق ما أعلنت عن المفوضية األوروبية ،وهذا يبرز أن االتحاد األوروبي له
تبعية للدول جنوب المتوسط في مجال الطاقة بمختلف أشكالها.
ظهرت أهمية الطاقة في االدراك األوروبي من خالل مبادرة االتحاد األوروبي تجاه
المتوسط من جهة ،ومن خالل وضع المتوسط كمنطقة ذات أولوية في سياسة الطاقة لالتحاد
األوروبي من جهة أخرى ،ففي إتفاقية برشلونة تم النص على الدور الهام لقطاع الطاقة
لتقوية الشراكة في المجال االقتصادي ،ازدادت إعتمادية االتحاد األوروبي على واردات النفط
125
والغاز من جنوب المتوسط خاصة ليبيا و الجزائر ،وأهمية دول جنوب المتوسط كمعبر
للطاقة إلى أوروبا ،ومحاولة التعاون في مجال الطاقة المتجددة ،لالبتعاد عن الضغط
الروسي المفروض عليها إ ْذ استخدمته روسيا كسالح سياسي في وجه االتحاد األوروبي ،وقد
عززت من هذه األزمة الناجمة عن إغالق إمداد الغاز الروسي عام 1881عن أكرانيا ،وعام
1881عن بالروسيا وإتهام روسيا بإغالق القسم الشمالي من أنبوب" دروزبا" الذي ينقل
صادرات روسيا من الخام نحو خمس دول أوروبية ،األمر الذي أدخل االتحاد األوروبي في
أزمة بسبب النزاعات بين روسيا و أوكرانيا ،هذا ما جعل االتحاد األوروبي يبحث عن شريك
له ميزة تفاضلية عن روسيا للخروج عن ضغط الصراع بين الجبهتين (روسيا واالتحاد
)(1
األوروبي).
في المقابل إنقسم تعاون االتحاد األوروبي مع دول جنوب المتوسط في مجال الطاقة،
من ناحية إلى محاولة نقل القواعد التنظيمية لسوق الطاقة األوروبي إلى دول جنوب المتوسط
لخلق فضاء تنظيمي مشترك يندرج في إطار االعتماد على منهج السوق ،لكن في بعض
األحيان يواجه ذلك بمقاومة من دول جنوب المتوسط كالجزائر ،ومن ناحية أخرى اعتمد
االتحاد على إنشاء خطوط أنابيب ومشاريع بنية تحتية للطاقة بتمويل من االتحاد أو البنك
االستثمار األوروبي تندرج في إطار منهج المقتضيات الجيوسياسية ،حيث قدم بنك
االستثمار األوروبي قرض بقيمة 1مليار يورو لدعم مشروعات البنية التحتية ذات األولوية
في مجال الطاقة إلستكمال مشروعات لربط الغاز والكهرباء في المتوسط بين الشمال
والجنوب ،وتمويل مشروع خط أنابيب "ميدا غاز" الرابط بين مدينتي "بني صاف" على
)(1
فالجزائر ذو أهمية بالنسبة الساحل الجزائري و "ألميريا" االسبانية (تم تشغيله عام ،)1855
ألمن الطاقة األوروبي إذ تعد الجزائر الثالثة في عام 1858بعد روسيا والنرويج في واردات
االتحاد األوروبي من الغاز الطبيعي ،وتعد األولى في تصدير الغاز الطبيعي للدول األوربية
المتوسطية فقد استطاع النظام الجزائري طرح نفسه كمورد موثوق فيه للطاقة ،وقد أثرت
)(1
Yuliya Tamoshenko ,Containing Russia, Foreign Affairs, vol86;n 3, May/june, 2007. P
41.
)(1
Hakim Darbouche, Third Time lucky? Euro-mediterranean Energy CO-operation under
The Union for the Mediterranean politics, N16, p 199.
126
أهمية الجزائر بالنسبة ألمن الطاقة األوروبي على سياسة االتحاد األوروبي تجاهها من
ناحية ،وأعطى الجزائر قوة في مواجهة االتحاد األوروبي من ناحية أخرى(2)،وهذا ما سنبينه
في الجدول في استثمار الشراكة األورومتوسطية في مجال الطاقة بين .1852-1881
كريم مصلوح ،التعاون والتنافس في المتوسط ،الدوحة :مركز الجزيرة للدراسات ،1852 ،ص.181 المصدر:
كلفت هذه المشاريع 18مليون أورو يبدو هذا المبلغ زهيد مقارنة بمكانة الطاقة
االستراتيجي في عالقة الشراكة بين الشمال و الجنوب ،ونالحظ أن دول شمال إفريقيا أكثر
استفادتا من هذه المشاريع وذلك راجع على األولوية سياسة االتحاد األوروبي في شمال
إفريقيا وراجع أيضا إلى البيئة التي تحتلها هذه الدول مما يسمح ألوروبا تقوية شراكتها حتى
)(2
هايدي عصمت كارس ،مرجع سابق ذكره ،ص .111
127
تسمح بتأمين طاقتها من الجنوب المتوسط وهذا ما يؤرق االتحاد األوروبي ،وقد سارع إلى
إبرام اتفاقيات منفردة مع دول جنوب المتوسط لتأمين طاقته كما حدث مع المغرب والجزائر
في مجال الطاقة الشمسية والغاز.
إذ تعد الجزائر عضو في الشراكة األورومتوسطية ووقعت على اتفاقية شراكة مع
االتحاد األوروبي في عام 1881ودخلت حيز التنفيذ في ،1881لكن رفضها لسياسة
)*(
وما الجوار األوروبية واالتفاق على خطة عمل نتيجة رفضها "للمشروطية السياسية"
تحتويه من منطق "العصا و الجزرة" ،و إعتبار التحول الديمقراطي مطلب داخلي يتم
التعامل معه داخليا دون ضغوط دولية ،ودون تدخل دول أجنبية في الشأن الداخلي ،إذ
وصف " درابوش " Darboucheأن عالقة الجزائر باالتحاد األوروبي بكونها ":روسيا
جنوب المتوسط" و لكونها من أهم مصدري الطاقة لالتحاد من ناحية ولموقفها في أجندة
االتحاد األوروبي فيما يتعلق بالترويج للديمقراطية من ناحية أخرى ،ولتمتعها بعالقات قوية
بالدول األعضاء الرئيسية المستوردين للطاقة منها أكثر من االتحاد األوروبي ككل من ناحية
ثالثة.
بالرغم من رفض الجزائر لسياسة الجوار األوروبية وعدم حدوث تقدم على المستوى
االصالح السياسي وعدم حاجة الجزائر إلى دعم االتحاد األوروبي لكونها دولة ريعية تعتمد
على إيراداتها من تصدير الغاز ،إهتم االتحاد األوروبي بتدعيم العالقات الثنائية مع الجزائر
ووفر االتحاد دعم للجزائر بقيمة 118مليون يورو و 511مليون يورو للبرامج التأشيرية
لألعوام من 1858-1881ولألعوام من 1852-1855على التوالي ،والذي يركز على
إصالح القضاء وتنويع االقتصاد وتحسين الخدمات العامة كالصحة والتعليم وغيرها من
)(1
البرامج ،لكن ال يوجد برنامج للترويج للديمقراطية.
)*(
المشروطية السياسية :مع بداية التسعينيات بدأت الدول المانحة ،والمؤسسات المالية النقدية ممارسة الضغوط
السياسية واالقتصادية على الدول النامية إلقامة نظام ديمقراطي مدني يستمد شرعيته من إجراء انتخابات تنافسية متعددة
األحزاب ،وكانت وسيلتها للوصول إلى هذا الهدف هي التهديد بإيقاف المساعدات والتسهيالت المالية ،أو إيقافها فعال
بهدف فرض نوع من العزلة والحصار على النظم التي ال تتبع النهج الديمقراطي إلجبارها على السير في طريق التحول
الديمقراطي.
)(1
هايدي عصمت كارس ،نفس المرجع ،ص .111
128
أماعلى الصعيد الدول األعضاء ،ضاعفت إسبانيا معونات إلى الجزائر ،وفي عام
َّ
،1881طلبت رسميا من الجزائر" معاملة تفضيلية" في مجال إمدادات الطاقة على غيرها
من الدول األوروبية و إقترحت شراكة ثنائية في مجال الطاقة ،أما فرنسا فبلغت المعونات
الفرنسية إلى الجزائر 111مليون دوالر أمريكي أي أكثر من ضعف ما تمنحه إسبانيا
للجزائر ،وفي عام 1881وقعت فرنسا على اتفاقية طاقة جديدة مع الجزائر ،وفي زيارة
"لنيكوال ساركوزى" الرئيس الفرنسي السابق إلى الجزائر عام ،1881عرض على الجزائر
تعهد جاد يتعلق بتوفير الجزائر امدادات الغاز على المدى القصير في مقابل التعاون
الفرنسي في مجال الطاقة النووية على المدى الطويل .ودعا إلى التحالف أو حتى إندماج
بين الشركة الفرنسية " غاز فرنسا" والشركة الوطنية "سوناطراك" لتأمين امدادات الغاز
الطبيعي لفرنسا على المدى الطويل ،لكن رفضت سونطراك هذا العرض لعدم توافقها مع
مصالح الجزائر في مجال الطاقة.
كما ساهمت اتفاقيات الطاقة الثنائية بين الدول األعضاء والجزائر على تدعيم
التعاون في مجال الطاقة خارج إطار خطة عمل سياسة الجوار األوروبية وما تحويه من
نصوص تتعلق بالديمقراطية وحقوق االنسان التي رفضتها الجزائر.
عمل االتحاد األوروبي على تخصيص تمويل إضافي للجزائر بقيمة 18مليون يورو
من "برنامج الربيع" المرتبطة بمزيد من التمويل في المقابل مزيد من االصالح ،ذلك
باإلضافة إلى تنفيذ البرنامج التأشيري لألعوام من 1855إلى ،1852ففي النصف الثاني
من عام ،1855تم االتفاق على دعم مالي بقيمة 22.1مليون يورو لدعم برامج في مجال
التراث والثقافة و 12.1مليون يورو لدعم برامج في مجال النقل وتنمية سوق العمل ،وفي
اجتماع مجلس الشراكة في 1851تم االتفاق على دعم مالي بقيمة 51مليون يورو لدعم
تنوع االقتصاد في الجزائر بالتركيز على القطاع السمكي والقطاع الزراعي ودعم آخر بقيمة
28مليون يورو لدعم تنفيذ اتفاقية الشراكة وتقوية الحوكمة في الجهاز اإلداري ،في عام
،1852تم إطالق مشروعات لدعم التنمية االقتصادية واالجتماعية والتنمية الريفية بقيمة
129
18مليون يورو ،هذا كله من أجل بقاء الجزائر كسوق أوروبية خالصة ،وفرض أوروبا على
)(1
الجزائر اإلصالحات السياسية حتى تتماشي مع خطط الشراكة بين الضفتين.
تتفق دول ا التحاد األوروبي على أن أوروبا تعتمد بصورة مفرطة على إمدادات الطاقة
القادمة من دول أو مناطق توصف بأنها غير ديمقراطية من جهة وغير مستقرة من جهة
أخرى وذلك ما يولد لديها تخوف كبير ،في حين اذا ما استمر انخفاض البترول عن سعره
الحقيقي كما شهدت أعوام 1851-1852عن تراجع أسعار النفط إلى 28دوالر للبرميل
الواحد بسبب المتغيرات في السوق الدولة واألزمات التي شهدتها الدول المصدرة للبترول إلى
استفادة الدول المستوردة للمادة ،أما إذا إرتفع سعر البترول إلى 588دوالر للبرميل فإنه
)(2
كما أن في المقابل إعتماد سترتفع فاتورة الطاقة باالتحاد األوروبي بنحو 518مليار يور،
االتحاد األوروبي المفرط على الوقود األحفوري يؤدي إلى رفع نسب ثاني أكسيد الكربون
الصادرة من دول االتحاد األوروبي ،مما يشكل تهديدا حقيقيا للبيئة وبالتالي فإن سياسيات
)(3
الطاقة المتبعة حاليا من دول االتحاد ليست مستدامة و هذا مما يطرح عدة تساءالت.
)(1
هايدي عصمت كارس ،نفس المرجع ،ص .111.111
)(2
European Commission, EU Energy Policy Data, Bruxelles: january, 2007,p 10.
)(3
دمحم مصطفى الخياط" ،الطاقة المتجددة ....تجارب أوربية" ،مجلة السياسة الدولية ،العدد ،515القاهرة :أبريل
،1881ص .51
130
المبحث الثاني :أبعاد السياسات األوروبية المتوسطية بعد مشروع برشلونة.
عندما أطلق االتحاد األوروبي الشراكة األوروبية المتوسطية ( عملية برشلونة) في
عام 5881بمشاركة 51دولة من دول جنوب المتوسط و كان الغرض المعلن هو خلق
م نطقة سالم واستقرار وأمن في البحر المتوسط ،وكان يفترض أن تحقق األغراض األمنية
األوروبية عن طريق تعزيز التنمية االقتصادية في بلدان جنوب المتوسط من أجل حل
المشاكل االجتماعية واالقتصادية والترويج للحكم الديمقراطي و إحترام حقوق االنسان في
المنطقة العربية وتحسي ن الوعي االجتماعي والثقافي المتبادل على جانب البحر المتوسط،
وهذا ما سعت له قمة العام العاشر التي عقدة في برشلونة في أواخر نوفمبر 1881وهو
إعادة تأكيد سالمة األهداف المؤسسة للشراكة األوروبية المتوسطية.
تم االعتماد على سياسة أوروبا المتوسطية ،في إعالن صادر عن اللجنة األوروبية
المجتمعة في مارس 1882حول "أوروبا الموسعة" تحت عنوان ":أوروبا الموسعة-الجوار :
إطار جديد للعالقات مع جيرانها الشرقيين و الجنوبيين" عرضت خاللها الخطوط العريضة
لهذه السياسة علما أن "المقاربة الجوارية" تم تأكيدها أيضا في العقيدة األمنية المعتمدة في
ديسمبر ،1882كما تم إعادة التأكيد عليها ثانية في 1882في اجتماع للجنة تحت عنوان":
إرساء قواعد آللية جديدة للسياسة الجوارية" كل ذلك بعد أن تمت اإلشارة إلى معانيها
ودالالتها في بيان "اللجنة" المجتمعة بالعاصمة كوبنهاغن في ديسمبر ، 1881والذي كان
بمثابة إعطاء دفع سياسي للفكرة.
وقد تم التعرض إلى هذه السياسة بالتفصيل بعد ذلك من خالل " الوثيقة االستراتيجية"
حول سياسة أوروبا الجوارية والصادرة في مارس 1882تحت عنوان ":سياسة أوروبا
)(1
وهذا ما صادقت عليه المفوضية األوروبية في بيان لها لعام الجوارية – وثيقة توجيهية"،
1882يذكر بالسياسة الجوار األوروبية تفاديا النقسامات بين االتحاد األوروبي وجيرانه ،وإن
الجديد الذي قدمه البيان يتصل بالتوصية المتعلقة باستيعاب بلدان القوقاز(أرمينيا ،أذربيجان،
)(1
هشام صاغور ،مرجع سابق ذكره ،ص .11
131
وجورجيا) في سياسة الجوار األوروبي ،وإن توسيع سياسة الجوار إلى بلدان القوقاز جرى
بناء على إلحاح من البرلمان األوروبي ،و هذا ما يحاول البيان اإلجابة عنه في النقاط
اآلتية:
-قدمت سياسة االتحاد األوروبي للجوار ،إمكانية أن يتبنى تجاه جيرانه" مقاربة أكثر
تهديفا وأفضل فهما".
-تسمح بالعبور من التعاون البسيط إلى درجة عالية من االندماج ،ويتضمن على
وجه الخصوص مشاركة البلدان المعينة بالسوق الداخلي لالتحاد األوروبي".
-تقوية التعاون السياسي بين االتحاد األوروبي وجيرانه.
-تتزود بأداة مالية مهيأة لتغطية مجاالت نوعية من التعاون تقع خارج المجاالت التي
تغطيها األدوات الموجودة.
-تسمح سياسة الجوار بأن تفتح بالتدريج بعض البرامج األوروبية لبلدان الجوار.
-تسمح هذه السياسة بتوفير دعم تقني ونشاطات توأمة للشركاء الذين يرغبون في
)(1
اإلمتثال لمعايير االتحاد األوروبي.
ويتمثل مضمون هذه السياسة في محاولة االتحاد األوروبي تطوير عالقات جديدة مع
جيرانه بشرق أوروبا وجنوب المتوسط وتقوم على ثالث مبادئ هي :سياسة تفضيلية زائد
إقامة فضاء للرفاه وحسن الجوار زائد إقامة عالقات واسعة وسلمية على أساس من التعاون،
مع اإلشارة إلى تأطير " قيم االتحاد" لهذه المبادئ ،وقد تم تحديد هذه القيم بوضوح في
العناصر اآلتية :إحترام دولة القانون ،الحكم الراشد ،حقوق االنسان وحقوق األقليات ،مبادئ
اقتصاد السوق ،التنمية المستدامة ،ترقية عالقات حسن الجوار وتعد هذه العناصر شروط
لتفعيل " السياسة الجوارية" مع شركاءها وجيرانها ،مع المالحظ أن بعضها متضمن في
مواثيق دولية وجهوية متفق عليها ،وأخرى (كحقوق األقليات) تم إزاحتها من وثيقة برشلونة
النهائية وأدمجت في الوثيقة سياسة أوروبا الجوارية ،وكما أن تماثل العناصر التي جاءت بها
)(1
بشارة خضر" ،أوروبا من أجل المتوسط من مؤتمر برشلونة إلى قمة باريس ( ،")1885-5881مرجع سابق ذكره،
ص .558-555
132
وثيقة أوروبا الجوار مع وثيقة برشلونة إلى حد كبير وخاصة بدعم التعاون السياسي و
األمني -فضال عن التعاون االقتصادي – بين االتحاد األوروبي ودول الجوار.
تقوم "السياسة الجوارية" على ما أسماه االتحاد األوروبي بـ ـ ":مخططات العمل ذات
طابع ثنائي" تخص االتحاد وكل دولة شريكة له في هذه السياسة تكون محل إتفاق بينهما،
كما يتم تطوير هذه السياسة بالتشاور المسبق مع كل دولة منهما تماشيا مع مستوى التطور
الحاصل في طريق إندماجها مع هذه السياسة وقد تم اعتماد على هذه المخططات من قبل "
المجلس األوروبي" في فيفري .1881
ويتمثل الهدف من وضع هذه المخططات في كونها تعمل على تحديد األولويات
الواجب اتخاذها مع كل شريك بناء على مبدأ الحوار والمفاوضات معه تمهيدا إلندماجه في
)(1
وهي تتضمن قائمتين من االلتزامات :األولى تخص اإلنضمام إلى إطار السياسة الجوارية،
" القيم المشتركة" وبعض أهداف " السياسة الخارجية و األمنية" لالتحاد األوروبي و الثانية،
تخص االلت ازمات التي تقرب شركاء االتحاد األوروبي من بعض المجاالت ذات األولويات،
وهي سبعة:
واألمنية -5الحوار السياسي بين الدولة ذاتها :وهو يتعلق بالسياسة الخارجية
والوقاية من األزمات وإدارتها ،والوقاية من التهديدات المشتركة كاإلرهاب وأسلحة
الدمار الشامل ،وكذا إشراك شركاء االتحاد األوروبي في بعض مظاهر" السياسة
الخارجية واألمنية المشتركة.
-1سياسة التنمية االقتصادية و االجتماعية ،وذلك من خالل تكييف الدعم
والمساعدات المالية مع فتح البرامج المتعلقة بترقية الروابط الثقافية والتربوية
والبيئية والعلمية.
)(1
خضر بشارة ،أوروبا من أجل المتوسط من مؤتمر برشلونة إلى قمة باريس( ،)2116-1441ترجمة :سليمان
الرياشي ،بيروت :مركز دراسات الوحدة العربية ،1858 ،ص .181
133
-2دعم العالقات التجارية والتفضيلية ،ومع إمكانية المساهمة في السوق األوروبية
الداخلية ،بما يتضمنه من تعديل القوانين والمقاييس ومطابقتها مع مثيالتها
األوروبية في مجاالت :اإلدارة ،الجمركية ،ال ازراعة ،الصحة و الغذاء ،وذلك
تسهيال لدخولها األسواق األوروبية.
-2العدالة والشؤون الخارجية ،وهي تخص إدارة الحدود المشتركة ،وتيسير تسليم
التأشيرات ،وإجراءات مكافحة االرهاب والجريمة المنظمة وتجارة البشر.
-1ربط الحوار بين دول ضفتي المتوسط ،وذلك في مجاالت :الطاقة ،النقل ،البيئة،
مجتمع المعلومات ،البحث العلمي.
-1االتصال بين المجموعات داخل أوروبا ،والمقصود منه تنمية الموارد البشرية
واالندماج االجتماعي والتربية والتكوين.
-1التعاون في المجال الجوي و ترقية التعاون بشكل أوسع بين االتحاد األوروبي
)(1
وجيرانه سواء في شرق أوروبا و جنوب المتوسط.
حيث قدم القائمين على مشروع السياسة الجوارية بوضع مخطط عمل يتضمن
إصالحات اقتصادية وسياسية وقانونية ،ومن بين الدول المعنية بهذه السياسة هي 51دولة
منها ما يلي :المغرب ،الجزائر ،تونس ،ليبيا ،مصر ،سوريا ،لبنان ،األردن ،السلطة
الفلسطينية ،أرمينيا ،أذربيجان ،روسيا البيضاء ،جورجيا ،مولدافيا ،وأوكرانيا.
-تعد مخططات العمل هذه بمثابة برنامج عمل بالنسبة لكل دولة معنية بالسياسة
الجوارية مع االتحاد األوروبي ،يتم من خاللها تحديد األهداف المراد تحقيقها على
المدى المتوسط والبعيد وهي مكملة للعمل المنجز في إطار الشراكة المتوسطية
بالنسبة لدول المتوسط والتفاقيات الشراكة مع دول شرق أوروبا.
-الجزائر هي البلد الوحيد الذي أعلن صراحة ورسميا رفضه االنضمام للسياسة
الجوارية ،على اعتبار أنها ليس من األولويات للجزائر على حسب تصريح السفير
الجزائري ببروكسل في نوفمبر ،1881وأن االهتمام الجزائري ينصب حاليا حول
)(1
بوزيد أعمر ،مرجع سابق ذكره ،ص .111
134
االستمرار في اتفاقية الشراكة مع االتحاد األوروبي ،فضال عن " عدم جاهزية
المؤسسات الجزائرية من حيث النجاعة والتنافسية للدخول في السوق األوروبية" ،كما
عبرت كل من سوريا واألردن وموريتانيا عن موقفها بالمتحفظ ،في حين نجد أن
المغرب يعد أكثر الدول استفادة من هذه السياسة ،بل أنه دعا االتحاد األوروبي إلى
تعميقها معه كما دعا وزيرها للمالية إلى فتح أكبر للسوق األوروبية أمام المغرب.
األول :يخص المظاهر السياسية بمعنى مدى حضور عناصر :الديمقراطية ،دولة القانون،
حقوق االنسان واحترام الحريات األساسية ،االستقرار ،العدالة والشؤون الداخلية في الدول
المعنية باالنضمام.
الثاني :يخص الوضع االقتصادي واالجتماعي فيها ،بمعنى مستويات تطور االقتصاد
المحلي وآفاقه ،إدارة الميزانية ،السياسة المالية ،الوضع االجتماعي والسياسي للتنمية البشرية،
)(1
وأن الفكرة األساسية للجوار األوروبي هي تعزيز االصالح الهيكلي ،النقل ،الطاقة...الخ.
مناخ االستقرار واألمن والرخاء لالتحاد األوروبي وجيرانه في جنوب وشرق المتوسط ،وتوفر
كذلك هذه الخطة آلية لتعاون دولي لمواجهة اإلرهاب والهجرة غير الشرعية وغيرها.
ومن الناحية العملية فإن هذه السياسة يمكن أن تتحقق من خالل التفاوض مع دول
الشركاء التي اتفقت على خطط عمل تغطي ميادين عديدة تعهدت األطراف بااللتزام بها،
وتشمل هذه الميادين :الحوار السياسي و االصالح ،و التجارة ،و االجراءات التي تعد
األطراف للحصول تدريجيا على نصيب منها في األسواق الداخلية لإلتحاد األوروبي ودعم
)(1
بوزيد أعمر ،نفس المرجع ،ص .111
135
العدالة ،والطاقة و النقل ،ومجتمع المعلومات ،والبيئة والبحوث و االبداع ،والسياسة
االجتماعية واالتصاالت بين الشعوب.
وقد قامت المفوضية األوروبية ببروكسل بحملة واسعة النطاق أدارتها "بينتا فيريرو
فالندر" مفوض العالقات الخارجية وسياسة الجوار األوروبي ،وزارت مختلف الدول الشركاء
وركزت على الدور الهام الذي تلعبه الدول األوروبية في سياسة الجوار األوروبية الناجحة
،ف الدول التي بجانب البحر المتوسط هي المحرك لهذه السياسة ،وهي بذلك تحتاج للعمل في
إطار من الشراكة في تعظيم هذه القناة كوسيلة لدعم روابط أوثق بين مواطني المنطقتين.
وتم إيضاح أن هذه السياسة وخطط العمل التابعة لها تكمل وتبنى على شراكة
األورو-متوسطية ،وهي سياسة االتحاد لجعل جيرانه في الشرق والجنوب أقرب إليه ،وبهذا
يمكن أن يمتد ازدهارها واستقرارها وأمنها إلى األخرين ،وكانت "فالدنر" تؤكد على أن هذه
السياسة تسهل على هذه الدول أن تقترب أكثر من االتحاد األوروبي و بمشاركة بحرية في
)(1
سوقه الداخلية وبناء منطقة تجارة حرة.
وبالنظر إلى كل هذه األمور ،ثمة حاجة واضحة لمراجعة الفرضيات التي ارتكزت
عليها السياسة األوروبية ،باإلضافة إلى نطاقها والطريقة التي يجب بها استخدام الوسائل
،بما في ذلك كيفية مساهمة مختلف قطاعات السياسية في التعاون بشكل أفضل لتأمين ربط
األولويات الداخلي ة و الخارجية ،وتهدف هذه المراجعة إلى ضمان تمكين السياسة األوروبية
للجوار في المستقبل من أن تدعم بفاعلية أكبر في إقامة منطقة من االستقرار واألمن
واالزدهار المشترك بين الشركاء.
هذا ومن الضروري إجراء تحليل أوضح لمصالح االتحاد األوروبي وشركائه لمالئمة
السياسة األوروبية للجوار مع الغاية المنشودة منها ،فمن جهة إستشارة الشركاء بالنسبة إلى
مصالحهم وطموحاتهم من هذه الشراكة ،ومن جهة أخرى يتعين على االتحاد األوروبي أن
يحدد بمزيد من الوضوح أهدافه ومصالحه الخاصة مع تعزيز القيم التي ارتكزت عليها
)(1
أحمد مختار الجمال" ،التعاون المصري األوروبي" ،المركز الدولي للدراسات المستقبلية واالستراتيجية ،العدد ، 18
.1881تم االطالع عليه يوم ،1851/88/51 :متاح في االنترنت علىwww.el-gammal.net. :
136
،ويجب أن تلبي المراجعة طلبات الشركاء على اختالف طموحاتهم في حين أن هناك التزاما
مطلقا بالتكامل ويجب أن تظهر المراجعة في الطريقة التي نمضي بها قدما بشراكتنا و
نعمقها ،ويبقى االتحاد األوروبي ملتزما بضمان تحقيق القدرة الكاملة لكل شراكة على أساس
االنجازات المحققة.
في المقابل أظهر الشركاء إلتزاما أقل أو عدم إلتزام بمبادئ الشراكة ،بحيث يجب أن
تنظر مراجعة السياسة األوروبية للجوار في األسباب وفي سبل مالئمة التطلعات من
الجانبين بصورة أفضل ،وقد يكون ثمة حاجة في الوقت الراهن إلى إشراك بعض الشركاء من
خارج الجوار ،كما يستوجب النظر في أفضل طريقة يمكن لالتحاد األوروبي مواجهة
األزمات و النزاعات ،بما في ذلك الطويلة منها ،مع األخذ في االعتبار مصادر التأثير
والضغوط على شركائه لتحديد مواقفهم السياسية بما فيها تجاه االتحاد األوروبي نفسه ،في
حين على السياسة األوروبية الخارجية أن تضمن داخلها سياسة الجوار وذلك قصد إعطاء
لها البعد اإلقليمي والدولي وأن ال تتج أز من سياسة خارجية شاملة لالتحاد األوروبي والتي
)(1
تتسم بمقارنة شاملة تستخدم جميع اآلليات الخاصة باالتحاد والدول األعضاء.
السياسة األوروبية للجوار وبعد مرور عام عليها قرر رئيس المفوضية األوروبية "جان
كلود يونكر" للجوار خالل السنة األولى من والية المفاوضات الجديدة ،بإجراء مراجعة لهذه
السياسة مثلما دعت إليه الدول األعضاء وقدمت اقتراحات في هذا الصدد وأعربت بلدان
شريكة على ضرورة مراجعة السياسة الجوارية ،و إشراك بما فيها منظمات المجتمع المدني
ومنظمات الشركاء االجتماعيين ،فقد وفرت السياسة األوربية للجوار إطا ار للعالقات االتحاد
األوروبي مع بلدان الجوار ،مما مكن دول األعضاء في هذه السياسة من التوافق على التزام
أكبر مع الجيران في الشرق والجنوب على حد سواء ،وتم تكثيف العالقات بين االتحاد
األوروبي من جهة و بلدان الجوار سواء على الجهة الشرقية أو جنوب المتوسط من جهة
أخرى وذلك قصد االلتزام بخطة عمل السياسة الجوارية.
)(1
كريستوف ماير" ،سياسة الجوار في االتحاد األوروبي ودول المغرب العربي" ،مجلة المجلة ،لندن ،1858 :تم االطالع
عليها يوم ،1851-81-81 :متاحة في االنترنت علىhttp://arb.majalla.com/2010/06/article556328 :
137
هذا وقد أتاحت السياسة األوروبية للجوار تلبية طلب الشركاء أنفسهم لمزيد من
التعاون مع االتحاد األوروبي وبعد 58سنوات أصبح االتحاد األوروبي الشريك التجاري
الرئيسي لغالبية البلدان الشريكة ،وارتفعت حركة المسافرين والهجرة بين بلدان الجوار واالتحاد
األوروبي باستمرار من خالل استخدام هذا األخير السياسة األوروبية للجوار لتحفيز جهود
اإلصالح في كل بلد وتقييمها بصورة سنوية ،السيما في مسائل الحوكمة ،واالصالح
االقتصادي على أساس خطط عمل متفق عليها مع كل من الشركاء.
كما سعى االتحاد األوروبي إلى تعزيز االزدهار على حدوده ويتأثر االزدهار في
البلدان الشريكة بشكل سلبي بعوامل الضعف الهيكلية على غرار عدم المساواة و الفقر،
واالقتصاد غير النظامي ومواطن القصور في الديمقراطية والتعددية واحترام حكم القانون،
باإلضافة إلى ذلك أعاقت االضطرابات الناجمة عن النزاعات أو التغييرات الداخلية السريعة
بشكل كبير التنمية االقتصادية واالجتماعية لشركاء السياسة األوروبية للجوار.
وفي هذا فقد خصص االتحاد األوروبي أموال كبيرة لهذه السياسة بحيث إستفادة الدول
المنخرطة في هذه السياسة بناءا على حاجاتها وقدراتها على إمتصاص المساعدات المالية
لتسير اندماجها في "السياسة الجوارية" وهذا اعتمدا على برنامج مرحلي لتدعيم دول جنوب
المتوسط حيث خصصت المساعدات ما بين سنتين 1881-1882ب ـ ـ 521مليون أورو
للدول المغاربية ،من أجل إصالح الجانب االقتصادي والسياسي واالجتماعي تماشيا مع
)(1
متطلبات الكفاءة بين الضفتين.
ومن بين المزايا التي أتت بها السياسة األوروبية للجوار تمسكها بمبدأ االدماج من
خالل العمل على معالجة المسائل المشتركة معا ،سواء تعلق األمر بالمسائل االقتصادية أو
السياسية ،وكذا تطرقها لمسألة ضرورة التعامل مع تنقل األفراد ومسألة التأشيرة بطابع أكثر
ليونة ،والتعبير عن رغبتها في إقامة شراكة عابرة للحدود خاصة بين المدن المتوسطية،
ولتحقيق التعاون واالندماج في مختلف التخصصات باإلضافة إلى إعادة الهيكلة الداخلية
)(1
بينيتا فيريور فالدنر" ،السياسة األوروبية للجوار" ،تم االطالع عليه يوم ،1851/85/55 :متاح في االنترنت على:
http:// www.deldz.ec.europa.eu/ar/presse20.htm
138
والخارجية ألوروبا من خالل مساعدتها للدول المتوسطية ،وقد جاء الدعم االقتصادي
والتجاري وفي ميدان االستثمار وفق "إتفاق التبادل الحر المعمق و الكامل" مع جميع
الشركاء التي تضمهم السياسة الجوارية ،عن طريق تشجيع جهود التغيير االقتصادي وخلق
)(1
مناخ االستثمار ودعم االدماج االقتصادي والتعاون في الميادين الحساسة.
بادر اإلتحاد األوروبي بالسياسة الجوارية وهي سياسة تتعلق في محتواها وجوهرها
بعروض اقتصادية وأمنية لمواجهة أربعة تحديات وهي :الديمق ارطية ،االقتصاد ،الطاقة ،و
الهجرة ،وقد تضمن الدستور األوروبي في بعض مواده االشارة إلى هذه السياسات ،وكما
يدل أن التحديات التي سبق ذكرها وكذا البيئة المحيطة باالتحاد الموسع ،كلها تعد في نظر
أوروبا "ذات أهمية استراتيجية" ،ولعل ذلك ما دفع إلى إحياء الحوار العربي األوروبي ،لكن
بصورة جديدة وهذا ما قام به مسؤولين كبار في االتحاد األوروبي من أجل إيداع وثيقة لدى
رئاسة االتحاد األوروبي في 88ديسمبر ،1852تحمل عنوان ":تقوية الشراكة بين االتحاد
األوروبي والعالم العربي" تتضمن إعتماد إستراتيجية جهوية أوروبية إتجاه منطقة " الشرق
األوسط الكبير" ،تخص كل من :دول مجلس التعاون الخليجي اليمن العراق وإيران،
باإلضافة إلى خمس دول عربية وهي موريتانيا ،الصومال ،جيبوتي وجزر القمر ،وتحدد
الوثيقة خطين أساسين للعمل بخصوص عالقة االتحاد األوروبي بالبلدان العربية أو ما
يسمى بالخط المتوسطي والخط الشرق األوسط الموسع.
وإذا كانت الفكرة العامة لسياسة الجوار التي بادرت بها أوروبا هي نفسها الشراكة
األورو متوسطية التي أتى بها مسار برشلونة من حيث األهداف والرؤى إال أن سياسة
الجوار أضافت عنصرين هامين من األولويات أال وهما مكافحة اإلرهاب الدولي و أسلحة
الدمار الشامل ،والهدف من هذه السياسات سواء سياسة الجوار أو الشراكة المتوسطية هو
تأمين الجوار األوروبي من كل خطر خارجي وتأمين أسواقها لصرف منتوجاتها باإلضافة
)(1
Communication De la commission au conseil et au parlement europeen : renforcement
de la politique europeenne de voisinge, commission des Communautés europeennes,
Bruxelles : 2006, p725.
139
إلى البحث عن أسواق ضخمة وخاصة في إفريقيا من أجل تصريف منتوجاتها المحلية
)(1
تجاهها.
يقدم مشروع االتحاد من أجل المتوسط دليال آخر على أن الفراغ الذي تعاني منه
المنطقة العربية من مشكالت إجتماعية وثقافية أصاب في نهاية المطاف هويتها وخصائصها
التاريخية ،فمنذ أن تخلى العرب عن خطط التكامل اإلنتاجي الطامح إلى تحقيق الوحدة
االقتصادية ،صارت دولهم متلقيا صافيا للمشاريع والمبادرات الخارجية ،فيما تراجعت فكرة
العالم العربي التي تمثل وجودها السياسي ،ليجري التعامل معها كإحدى مخلفات الحرب
)(2
الباردة.
وفي مطلع التسعينات من القرن الماضي اعتبرت المنطقة العربية ،حلقة مهمة في
إطالق النظام ا لعالمي الجديد ،فشهدت موجة من االهتمام الدولي الهادف إلى تأهيل دولها
على االندماج في االقتصاد العالمي ،فكان مؤتمر برشلونة سنة 5881كبادرة للشراكة
المتوسطية من أجل االندماج االقليمي في حوض المتوسط وخوفا من المشروع األمريكي
المتمثل في "مشروع الشرق األوسط الكبير" فجاء االتحاد من ـأجل المتوسط بمبادرة فرنسية
من رئيسها السابق " نيكوال ساركوزي").(3
-5ماهو االتحاد من أجل المتوسط؟ :بدأ المشروع كفكرة ألقاها الرئيس "ساركوزي"
عشية االنتخابات الرئاسية الفرنسية يوم 81ماي ،1881وأكد عليه بعد توليه
السلطة الرئاسية من خالل زيارته للجزائر وتونس في 51-55جويلية 1881في
خطاب له مع السلطات العربية ،أكد عليه في لقاءاته مع سفراء فرنسا بالخارج
كسياسة عامة تعكس المشروع الفرنسي في سياسته الخارجية خاصة نحو
المستعمرات القديمة (دول شمال إفريقيا بالخصوص) ،وخرج للعلن في خطابه
)(1
بوزيدي أعمر ،مرجع سابق ذكره ،ص .118
)(2
عبد الحليم فضل هللا ،االتحاد من أجل المتوسط :حفنة من المشاريع أم تقاسم جديد للنفوذ؟ ،ب ب ن :المركز
االستشاري للدراسات والتوثيق ،1885 ،ص.81
)(3
االتحاد من أجل المتوسط" :هل هو مشروع قابل للتنفيذ" ،جريدة األنباء ،1885/81/11 ،ص .28
140
بطنجة يوم 11أكتوبر ،1881والتي كانت بمثابة االحتفال الرسمي بالمشروع و
لكن دون إعطاء التفاصيل والمبتغى النهائي منه وإلى ما يهدف هذا المشروع –
جاء المشروع كإحياء إلخفاقات مشروع برشلونة -5881حيث جاء المشروع
الساركوزي كرد فعل على محور بارلين ومؤيديه الذين أرادو أن يدعموا شرق
أوروبا ،في حين المحور الثاني المتمثل في دول القوس الالتيني وهم فرنسا
وإيطاليا وإسبانيا باهتمامهم بدول جنوب المتوسط لهذا فإن المبادرة كانت فرنسية.
كما أن المشروع عبارة عن فكرة أوروبية تعكس طموح الدول المتشاطئة بين دول
)(1
وهي كالتالي: ضفتي المتوسط إذ تشمل هذه المبادرة 51دولة من المتوسط،
أ -دول أوروبية :فرنسا ،إيطاليا ،اسبانيا ،البرتغال ،مالطا ،قبرص ،اليونان ،تركيا(لم
تنظم إلى االتحاد األوروبي العتبارات هوياتية).
ب -دول عربية :المغرب ،الجزائر ،تونس ،ليبيا ،السلطة الفلسطينية ،األردن ،لبنان،
سوريا ،مصر.
)(2
ت -ودول أخرى :منها إسرائيل.
ويمكننا القول في سياق االتحاد من أجل المتوسط أنه في الوقت الذي تفتح فيه معاهدة
لشبونة أفقا جديدة في مسار االندماج األوروبي فإن "االتحاد من أجل المتوسط يسعى إلى
تطبيق نموذج التعددية الذي يعتبر الفضاء األورو متوسطي قطبا إقليميا ،ليس فقط على
الصعيد االقتصادي بل أيضا على الصعيدين السياسي والثقافي وكذا تشجيع مؤسسات
المجتمع المدني ،وبالتالي التحول من التشارك أو الشراكة األورومتوسطية إلى االتحاد من
أجل المتوسط إذ يحمل في طياته تحوال حتى في المعايير ،فقد انتقلنا من مسار سياسي
)(1
خليل حسين " ،أبعاد االتحاد المتوسطي في سياسة ساركوزي" ،تم االطالع عليه يوم ،1851/81/52 :متاح في
االنترنت علىDrkhplilhussein. Maktobblog.com :
)(2
جعفر عدالة " ،تطور سياسة دول االتحاد األوروبي بعد الحرب الباردة في منطقة المغرب العربي" ،مجلة العلوم
االجتماعية ،ب ب ن :العدد ،58ديسمبر ،1852ص .88
141
يرتكز على التعاون إلى وضع أسس االتحاد يرمي إلى رسم مسار تدريجي نحو االندماج
)(1
والتعاون.
كما تم ضمن إعالن مشترك بإنشاء مبادرة جديدة ترتكز على اإلنجازات التي حققها مسار
برشلونة وكذا تشجيع ديناميكية جديدة تعتمد على:
-رفع مستوى العالقات السياسية بين دول االتحاد األوروبي وشركائهم المتوسطيين من
خالل المشاركة المباشرة لرؤساء الدول والحكومات.
-تقسيم أحسن للمسؤوليات في قيادة الشراكة األورومتوسطية.
-توطيد العالقات من خالل مشاريع إقليمية وشبه إقليمية ،وأن هذه المشاريع يجب أن
)(2
تكون أكثر وضوحا وملموسة من جهة ،ومفيدة لسكان المنطقة من جهة أخرى.
لقد قيل الكثير حول أهداف االتحاد من أجل المتوسط من قبل كبار المفوضين
األوروبيين على أن أهداف االتحاد من أجل المتوسط هي نفسها أهداف عملية برشلونة التي
أسست لمرحلة جديدة باالعتماد على التجربة المتراكمة ،إال أن عملية برشلونة قد قسمت
المشاريع إلى ثالث محاور أساسية في حين المشروع االتحاد من أجل المتوسط جاء مرك از
على الجانب االقتصادي في الكثير من المشاريع المدروسة ضمن جدول األعمال من قبل
)(3
حيث سعت هذه األخيرة إلى تحقيق األهداف االستراتيجية و األمانة العامة لالتحاد.
التحضير للقمم القادمة بعد 1881تجنبا للثقل البيروقراطي ،حيث تملك صالحيات واسعة
ويطلق عليها إسم "المجلس المتوسطي" ومن األهداف التي سطرتها األمانة العامة خالل
الثالثي 1852و 1851ما يلي:
سينين فلورنسا" ،االتحاد من أجل المتوسط :تحديات وطموح" ،الكتاب السنوي IEMedللبحر األبيض المتوسط )(1
142
-التشجيع على إيجاد فرص عمل ودعم و تنمية المؤسسات الصغيرة و المتوسطة:
حيث سعت األمانة العامة لإلتحاد إلى تشجيع تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة
في إيجاد فرص العمل وتحديدا من خالل المبادرة المتوسطية للتوظيف التابعة لالتحاد
كما طورت أنشطة لدفع عجلة االقتصاد الرقمي ومساندة الصناعات االبتكارية.
-تيسير النقل والتنقل ب ار وبح ار :حيث أكد المؤتمر الوزاري لالتحاد على تنظيم مؤتمر
للمتابعة المعني بتمويل شبكة النقل عبر المتوسط وتمت إقامتها في ديسمبر ،1852
وقد طورت المشاريع اإلقليمية و االستراتيجية الرئيسية باالشتراك مع شركائها في
مجال النقل.
-تشجيع مشاريع حضرية مستدامة و مبتكرة :بناءا على مخرجات المؤتمر الوزاري
المعني بالتنمية الحضرية المستدامة في نوفمبر ، 1855سعت األمانة العامة
لالتحاد من أجل المتوسط إلى تحديد مشاريع رئيسية والترويج لها بالتعاون مع
شركائها المؤسسين في إطار مبادرة "تمويل المشاريع الحضرية" وقد تم المؤتمر بنجاح
في تفعيل السياسات المتوسطية باالهتمام بالمناطق الحضرية وتمويلها من قبل
الصندوق األوروبي في إطار زيادة المداخيل المالية لالتحاد األوروبي.
-زيادة تطوير الطاقة المتجددة وكفاءة استخدام الطاقة :كان المؤتمر الوزاري لالتحاد
من أجل المتوسط المعني بالطاقة ببروكسل في ديسمبر 1852بمثابة خطوة مهمة
نحو تطوير حوار أكثر تنظيما بشأن الطاقة في المنطقة المتوسطية عززها تشكيل
)(1
األمانة العامة لالتحاد.
-وضع تسهيالت بدعم من البنك األوروبي لالستثمار حول مجموعة المشاريع منها
التقليل من التلوث ،وهي استراتيجية مسطرة إلى غاية أفق 1818وتمول من البنك
األوروبي بقيمة 1.1مليون أورو ،باإلضافة إلى طرق استخدام الطاقة الجديدة ومنها
مخططات الطاقة الشمسية والخطة الشمسية المتوسطية وهي أحد المشاريع الهادفه
إلى تلبية متطلبات االتحاد األوروبي من الطاقة الكهربائية في غضون 1811وهدفها
)(2
التقليل من الغازات الدفيئة.
)(1
األمانة العامة لالتحاد من أجل المتوسط ،تقرير عن األنشطة لسنة ،2114إسبانيا :مارس ،1851ص .81.85
)(2
فيليب دي فونتان فيف ،االتحاد من أجل المتوسط :دور البنك األوربي لالستثمار ،بروكسل، 1885 :ص .81.81
143
الجدول رقم ( :)12يمثل األغلفة المالية األولية للمشاريع االتحاد من أجل المتوسط
للفترة ما بين .2111-2114
إذ يبين الجدول أهم المشاريع التي بادر بها االتحاد األوروبي في إطار مشروع
االتحاد من أجل المتوسط وهذه المشاريع لصالح الدول جنوب المتوسط مع شرق أوروبا
وكان هذا المشروع كرد فعل عن فشل مؤتمر برشلونة ،إالَّ أنه القى صدمة من قبل بلدان
أوروبية أنفسهم كألمانيا التي اعتبرت أن المشروع فرنسي وليس أوروبي بحكم تزامن الفكرة
مع االنتخابات الفرنسية وفوز ساركوزي وإكمال مشروعه مما إستنكرت المشروع من بداياته.
حيث جاءت أهداف المبادرة "الساركوزية" إلعتبارات عدة منها قناعة فرنسا بأن
المجال الحيوي في المحيط المتوسط ،خاصة و أن التاريخ ال يزال يحتفظ بالسجل
االستعماري الحافل لإلمبراطورية الفرنسية ،ومحاولة ساركوزي إستعادة مجد هذه االمبراطورية
من خالل مجارات الواليات المتحدة األمريكية التي تستثمر في أمريكا الجنوبية واليابان التي
144
تستثمر في أندونسيا وغيرها ،وهذا ما تفتقر إليه المنطقة المتوسطية ،إذ اعتبرته فرنسا عج از
ينبغي تداركه من دول الضفة الجنوبية للبحر المتوسط ،و حتى ال تصطدم المبادرة الفرنسية
بالمشروع "الشرق األوسط الكبير األمريكي")*( ،اتبعت فرنسا الديبلوماسية الناعمة والتي تقوم
على أساس التفاهم والتنسيق مع الواليات المتحدة األمريكية والكيان الصهيوني وتطبيع
العالقات مع الطرف االسرائيلي والجلوس على طاولة المفاوضات جنبا لجنب وهذا ما
)(1
رفضته الجزائر وبعض الدول الضفة الجنوبية في حين تم إقصاء بعض الدول األوروبية،
وكما تم تحليل مشروع ساركوزي من القول أن المشروع جاء على أنقاض فشل مؤتمر
برشلونة ليدعم سياساته وإعطاء له صبغة جديدة وهذا ما يجعلنا نتسائل :لماذا كل المبادرات
تتم من طرف واحد؟ (الضفة الشمالية للمتوسط فقط)؟ وهنا يمكن اإلجابة عليه بأن منطق
الدول القوية في سياسة العالقات الدولية هو الذي يفرض وجوده ،من أجل السيطرة على
)(2
الوضع وممارسة كل مخططاته بإرتياحية.
كما أن المشروع يحمل حاجة األوروبيين إلى منفذ طبيعي يوسع مجالهم الجغرافي
والسياسي في الظروف التي يشهدها العالم من فرض منطق التكتالت االقتصادية اإلقليمية،
مشروع الشرق األوسط الكبير :هو االمتداد الجغرافي الواسع من أندونسيا شرقا إلى موريتانيا غربا ،مرو ار بجنوب آسيا )*(
ووسطها والقوقاز وتوالت التصريحات األمريكية من أن الشرق األوسط الكبير هدفه إدخال الشرق األوسط في دائرة الدمقرطة
العالمية بالمعايير األمريكية وأعلنت هذه االدارة عن تصميمها على ضم الشرق األوسط إلى دائرة االصالح الديمقراطي
والسياسي ،ولو كان ذلك بالقوة وإن أدى إلى إغضاب األصدقاء والحلفاء من النظم العربية الصديقة التي اعتادت على
تجاهل الواليات المتحدة األمريكية لمثل هذه القضايا .وقد جاءت مبادرة الشرق األوسط الكبير تتويجا لسلسلة المبادرات
السابقة ( من أحالف عسكرية وتكتالت اقتصادية )...وكمرحلة متقدمة عنها و لتبين الوسائل التي عن طريقها ستطبق
الواليات المتحدة التوجهات السابقة وقد تم تبنيه بشكل رسمي سنة 1882في قمة الدول الصناعية الثمانية ،وهي تعتمد
بشكل أساس على ثالث توجهات رئيسة وهي:
تشجيع الديمقراطية والحكم الراشد. -
تشجيع إصالح التعليم وبناء مجتمع المعرفة. -
توسيع الفرص االقتصادية. -
للمزيد أنظر :نص المشروع الشرق األوسط الكبير المقدم من واشنطن في قمة الدول الثمانية ،مجلة السياسة الدولية،
القاهرة :العدد ،1882 ،511ص .285-181
)(1
بالل البوجداني" ،االتحاد من أجل المتوسط ..حلم فرنسا الضائع" ،جريدة المساء المصرية ،العدد ،1551يوم 15
أكتوبر ،1851ص .81
))2
فيصل قاسم" ،االتجاه المعاكس" ،قناة الجزيرة ،على الساعة ،58:88دولة قطر :يوم .1885 -88-11
145
وهذا ما جعل األوروبيون يبحثون عن إيجاد صيغة جديدة للتعاون بين دول المتوسط في
الشمال و الجنوب ،تكون بمثابة بديل عن االلتحاق بركب السوق األوروبية المشتركة ،مع
إمكانية تعاون معين مع تركيا في الوقت الحق مقابل إبعادها عن نيل عضوية االتحاد
)(1
األوروبي.
إن هدف فرنسا من هذا كله هو تضييق الهوة بين ضفتي المتوسط ،هو تحقيق غاية
رئيسية تتمثل في استعادة مكانتها في المنطقة التي تكاد تخرج عن نفوذها ،وخاصة بلدان
المغرب العربي وما تملكه من موقع استراتيجي بالنسبة إلى فرنسا ،وإلى حجم االستثمارات
االقتصادية والثقافية وتنامي دور وقوة التنظيمات االسالمية المتشددة ،وتأثير مجمل ذلك
)(2
على أمن فرنسا واستقرارها.
ومن هنا فإن حوض المتوسط الذي غدا جزءا هاما من مسرح استراتيجي شامل،
مثلما كان في الماضي المركز الحيوي ومنطقة توتر مستمر ،فإنه يشهد اليوم مولد عناصر
جديدة للتوتر وعدم االستقرار ،خاصة أن القوى التي تحكمت وسيطرت على مداخله
ومخارجه مازالت حتى اآلن قوى ال تنتمي إلى اإلقليم المتوسطي وهذا ما جعل المشاريع
االقتصادية والسياسية والعسكرية التي عامت على مياهه تتعدد وتتنوع بقدر ما يمثل هذا
)(3
الحوض وضعا معقدا ومتشابك بكل محاوره وأبعاده.
لك ن في الواقع على الرغم من أن الواليات المتحدة سعت ومنذ مطلع عقد التسعينات
لتحجيم النفوذ الفرنسي –األوروبي ليس فقط في المناطق التي كانت إلى وقت قريب أسواق
تقليدية ،بلغ فيها الحضور المدني والعسكري الفرنسي مرتبة متقدمة قياسا إلى الوجود
األمريكي زيادة على ذلك سعت واشنطن إلى التوغل في قلب الفرانكفونية من خالل بعض
االقتصادي ،والسيما عندما أخذ النموذج األوروبي بعد معاهدة الخطوات ذات الطابع
146
"ماستريخت" يغري الدول األخرى ،خاصة في عالم الجنوب التي بذلت جهودا دبلوماسية
)(4
كبيرة لتعزيز عالقاتها مع االتحاد األوروبي والحصول على أفضليات التعاون والشراكة.
صيغت فكرة اإلتحاد من أجل المتوسط بناءا على ثالث أبعاد أساسية وهي كالتالي:
أ -تفاقم تهميش المتوسط في االقتصاد العالمي :تشير مؤشرات عديدة على أن
مساهمة البلدان المتوسطية على ضفتي الجنوبية والشرقية في المبادالت التجارية في
حالة هبوط قاربت %2وتراجع االستثمارات األوروبية تراجعا ملحوظا بحيث تقدر
االستثمارات األوروبية نسبة %2عالميا هذا ما دعا إلى إعادة صياغة سياسات
جديدة خارج اإلقليم األوروبي إلعادة بسط نفوذها على مستوى الدولي.
ب -عدم مالئمة السياسات المتوسطة لالتحاد األوروبي :إن سياسات المتوسطية لالتحاد
األوروبي لم تنجح في إعطاء دفعا لنظام إنتاج إقليمي حقيقي ،بحيث يشهد قليل من
المبادالت بين القطاعات على مستوى منخفض من االندماج االقتصادي ،وبشكل عام
فإن حصة الشركاء المتوسطيين في التجارة الخارجية لالتحاد األوروبي تميل إلى الركود
هذا من جهة ،ومن جهة أخرى بروز قطبية نيوليب ارلية بزعامة الواليات المتحدة
األمريكية األمر الذي جعلها تركز في ترتيب بيتها الداخلي بتوحيد األلمانيتين والتوسع
نحو شرق أوروبا خوفا من التمدد الشيوعي الروسي وأزمة الهويات الذي إستغرقها وقتا
في حين نهضت قوى أخرى خارج أوروبا منها الصين وأمريكا واليابان وغيرها في بناء
)(1
اقتصادياتها وبناء تكتالت إقليمية قوية.
وفي هذا الشأن يدافع "جان لويس غيغو" عن إعادة ربط حقيقي بين الشمال والجنوب
المتوسط ،ربطا يقوم على تبادل المصالح وليس على نسبة القوى ،ربط يتجاوز المصالح
)(4
نفس المرجع ،ص .151
)(1
بشارة خضر ،مرجع سابق ذكره ،ص .118
147
االقتصادية ،فهو مع مجموعة متوسطية يجب إطالقها في إطار التعاون المدعوم وبمبادرة
)(2
من فرنسا.
لقد تراجع دور فرنسا من خالل خطابات ساركوزي بأقل مما هو عليه وهذا ما بينه
الواقع من تهميش لفرنسا على المستوى االقليمي خاصة في دولة المغرب ،وهذا ما يتم تفسيره
على أن السياسة الخارجية الفرنسية يكتسيها طابع الجمود ،هذا ما جعل بعض الفاعلين
يستغلون الظرف بازدياد نشاطهم االقتصادي في المنطقة كالواليات المتحدة األمريكية التي
أطلقت مبادرة "إيزنشتات "Eisenstatللمغرب العربي ،ووقعت إتفاق تبادل حر مع المملكة
المغربية عام ،1882أعتبر هجوم تجاري ضد فرنسا واالتحاد األوربي بشكل عام) ،(1وخوفا
من أمريكا أن تتحول منطقة المتوسط تحت سيطرة أوروبية ،لذا عملت كل من فرنسا
واالتحاد األوروبي بشكل عام من تجديد سياستها الخارجية.
وإذ يبدوا أن أوروبا اليوم تحت متغير استراتيجي لم يتبلور بعد في السياسة الخارجية
اليورو-أمريكية تجاه الشرق األوسط والذي ربما يحمل سياسة أوروبية أكثر فاعلية وإيجابية
ومؤثرة قد تعيد الحياة من جديد لديناميكيات وتوجهات وبرامج إعالن برشلونة لعام 5881
وهو األمر الذي فشل في تحقيق أهدافه خالل السنوات الماضية بالرغم من أخذ مبادرات
)(2
أخرى لتدعيمه.
أما العالقات الجزائرية الفرنسية فقد عرفت تطو ار كبي ار في فترة الرئيس "عبد العزيز
بوتفليقة" توجت هذه األخيرة بمصادقة البرلمان الفرنسي عام 1881على إتفاق االستثمار
)(2
jean Louis Guigou, La Reconnexion des Nord et des Sud : L Emergence de la région
méditerraneenne (ou la théorie des quartiers d orange), Géoéconomie, no.42, 2007, p
59.60.
)(1
بشارة خضر ،مرجع سابق ذكره ،ص .122
الحمد جواد " ،السياسة الخارجية األوروبية والمحدد األمريكي" ،مجلة دراسات شرق أوسطية ،األردن :عدد ،25 )(2
،1881ص .82
148
بين فرنسا والجزائر والذي كان معلقا منذ ، 5811وفي المقابل قام الرئيس الفرنسي" نيكوال
ساركوزي" بزيارة رسمية إلى الجزائر في 1-2ديسمبر ،1881والتي كانت خطوة جريئة من
الرئيس الفرنسي من أجل إعادة تثبيت أقدامها في السوق الجزائرية ،وذلك بحسب
االحصاء ات التي تثبت واردات الجزائر من دول العالم ،وفي نفس السياق إغتنمت الواليات
المتحدة األمريكية الفرصة وفرضت وجودها في السوق الجزائرية بقوة استثمارات إ ْذ تزيد عن
)(1
1مليار دوالر سنويا.
الشكل رقم( :)11أهم الشركاء الموردين االساسين التي تعتمد عليهم الجزائر لعام .2111
بلد
%النسبة الحجم االستي ار
د
)(1
أحمد أميمة" ،عالقات الجزائر وفرنسا تتأرجح على حبال الماضي" تم االطالع عليه يوم ،1851/55/11 :متاح في
االنترنت علىwww.islamonline.net:
149
المصدر :الوكالة الوطنية لتطوير االستثمار ،المركز الوطني لالعالم اآللي واالحصاء التابع للجمارك ،لسنة .2111
إذ يبين الشكل أهم الدول التي تستورد منها الجزائر مختلف السلع والبضائع وتحتل
الصين المرتبة األولى وتليها فرنسا في المرتبة الثانية ،وهذا يبرز مدى العالقات التي تربط
فرنسا بالجزائر واالستثمار التي تمنحه فرنسا في إطار عالقة تعاون وشراكة بين الطرفين
خاصة في مجال المحروقات.
تعززت زيارة الرئيس الفرنسي "ساركوزي" إلى الجزائر بالتوقيع على إتفاقية شراكة بين
)(1
البلدين وأربعة عقود اقتصادية ،تزيد قمة العقود عن 1مليارات يورو في مجاالت مختلفة.
ومن خالل ما سبق يمكن أن نقول أن المنطقة جنوب المتوسط منطقة تنافس وجذب
كبيرين بين دول الجماعة االقتصادية األوروبية بقيادة فرنسا من جهة والواليات المتحدة
األمريكية من جهة أخرى ،حيث أن تطور العملية التكاملية األوروبية خالل العقد األخير،
أثارت إنزعاج وتخوف الواليات المتحدة األمريكية ،التي كانت تنظر له على أنه تصاعد
للنفوذ االقليمي األوروبي على حساب التواجد األمريكي في أوروبا وخارجها.
وأمام التنافس األوروبي األمريكي المحتدم من أجل تحقيق مصالح لهذه الدول فإن
دول المغرب العربي مطالبة اليوم وأكثر من أي وقت مضى ببلورة إستراتيجية مغاربية موحدة
من أجل مواجهة االستغالل الغربي األوروبي – األمريكي وضمان مكانة إقتصادية مرموقة
)(2
لذا عملت فرنسا على إقناع الدول األوربية بضرورة بناء في العالم تليق بهذه الدول،
عالقات حوار سياسي واقتصادي وأمني مع دول جنوب المتوسط من منطلق أنها تمثل عمقا
استراتيجيا لدول االتحاد األوروبي في الجهة الجنوبية ،السيما الدول المغاربية منها ،في
المقابل فإن ألمانيا لم تكن متحمسة لهذه العالقات ألنها كانت تولي أهمية خاصة للعالقات
)(3
مع دول أوروبا الوسطى والشرقية من خالل فتح المجال النضمام دول جديدة.
()5
هشام صاغور " ،السياسة الخارجية لالتحاد األوروبي تجاه دول جنوب المتوسط" ،مرجع سابق ذكره ،ص .111
)(2
بن خليف عبد الوهاب " ،تجاذب المصالح األوروبية –األمريكية في منطقة المغرب العربي" ،مجلة المفكر ،الجزائر:
عدد ،1852 ،55ص .51
))3
التقرير االستراتيجي العربي ،2114-2113القاهرة :مركز الدرسات السياسية و االستراتيجية ، 1882 ،ص .515
150
وإن مستقبل العالقات األوروبية –المتوسطية التي تسعى إلى تحقيقها دول االتحاد
األوربي ودول البحر المتوسط على حد سواء تعمل على أن تكون أوروبا قاطرة المتوسط
سياسيا ،استراتيجيا ،اقتصاديا ،وثقافيا ،ولن يتجسد ذلك إال بالتركيز في بداية األمر على
دول المغرب العربي التي تمثل البوابة الرئيسية للعالم العربي من جهة والقارة اإلفريقية من
جهة أخرى.
بعد إنتهاء الرئيس الفرنسي من إطالق مشروعه تباينة وتوالت المواقف والتعليقات التي
مرور بتلك المشروطة بتقديم مزيد من التوضيحات.
ا تراوحت بين المؤيدة و المعارضة له،
-2أ :المواقف المؤيدة :ظهرت المواقف المؤيدة لمشروع االتحاد المتوسطي في عدد من
الدول األوروبية المطلة على المتوسط ،والسيما في إسبانيا وإيطاليا وفرنسا ،حيث صرح
السفير الفرنسي " آالن لورو " Alaine leroyأن 11دولة متوسطية من أصل 11أبدت
إهتمامها بفكرة هذا المشروع في انتظار تبلور إطاره العملي.
في السياق نفسه يعدد المسؤولون المؤيدون الدوافع االستراتيجية الداعمة لمواقفهم
فيما يلي:
-أن تحديات العولمة وحركة إنتقال عوامل اإلنتاج حتمت على دول الشمال المتطور
اإلنخراط في تكتالت إقليمية مع جوارها الجنوبي.
-لقد استحوذت عملية توسيع اإلتحاد األوروبي نحو أوروبا الشرقية على الجهدين
السياسي والمالي بنسبة كبيرة خالل عقد التسعينات بتشجيع جوهري من ألمانيا حيث
أدار الجانب األوروبي ظهره لجنوب المتوسط في حين حان الوقت إلعادة بعض
التوازن للعالقات اإلستراتيجية ألوروبا.
-أدت أخطاء السياسة األمريكية في الشرق األوسط ،واستعار النزاع العربي-اإلسرائيلي
إلى تأجيج الصراعات -والسيما الدينية منها -مع تنامي الحركات االسالمية المتطرفة
و إنتشار" اإلرهاب" مما بات يشكل تهديدا حقيقيا الستقرار وأمن الدول األوروبية كافة
التي يعيش فيها مواطنيها ،وخاصة تلك المطلة على بحر المتوسط.
151
-يجب التلميح إلى أن من بين األسباب الكامنة وراء مشروع الرئيس ساركوزي هو
إعادة بعض من التوازن إلى "سياسة فرنسا العربية " التي حصرت تركيزها خالل الفترة
األخيرة من والية الرئيس جاك شيراك بقضايا الشرق األوسط على حساب مصالحها
في المغرب العربي والتغلغل األمريكي في المعاقل الفرانكفونية.
-3ب :المواقف المعارضة :كما هو الحال بالنسبة إلى المواقف المؤيدة ،سرعان ما ظهرت
تلك المعارضة على مشروع "االتحاد المتوسطي" في ألمانيا ،ومن ورائها دول أوروبا الشمالية
والشرقية والمفوضية األوروبية.
-ترى ألمانيا ودول أوروبا الشمالية – ومن ضمنها بريطانيا -أن مشروع الرئيس
ساركوزي يخفي رغبة في استخدام العنوان المتوسطي كمطية لتمويل طموح فرنسا
وتوسيع نفوذها في هذه المنطقة ،من خالل االفالت من مؤسسات وسياسات االتحاد
األوروبي.
-تعتقد ألمانيا أن الرئيس الفرنسي يهدف من خالل مشروع "االتحاد المتوسطي" إلى
إنعاش االقتصاد الفرنسي الراكد عبر تأمين عقود مربحة للشركات الفرنسية في
المنطقة المتوسطية ،و تفرد فرسا بسياسة تهم االتحاد األوروبي من شأنه أن يتسبب
في انقسامات داخل االتحاد األوروبي.
لذا رفضت ألمانيا مشروع "االتحاد المتوسطي" بشكله الحالي ،والتوجه ضمن مؤسسات
االتحاد األوروبي ،أي من خالل تفعيل وتعزيز مسار برشلونة المتعددة األطراف ،مما يجعله
)(1
باإلمكان تحديد المشاريع التي من شأنها أن تحقق المصلحة المشتركة.
)(1
هاني الشميطلي" ،أوروبا والمتوسط :تاريخ العالقات ومشروع االتحاد من أجل المتوسط" ،المجلة العربية للعلوم
السياسية ،عدد ،58بيروت :مركز د ارسات الوحدة العربية ،1885 ،ص .518 ،518
152
المبحث الثالث :تجارب الشراكة في جنوب المتوسط :تونس-المغرب-مصر.
إن دراستنا لمجال الشراكة بين االتحاد األوروبي والجزائر تقتضي علينا اإلحاطة بواقع
الشراكة لبعض التجارب من الدول المجاورة التي نجحت إلى حد كبير في تفعيل الشراكة
المتوسطية ،وهذا ما سنتناوله في هذا الفصل بالوقوف عند بعض التجارب العربية بخصوص
اتفاقيات الشراكة التي تم توقيعها مع االتحاد األوروبي والوقوف على مواقع النجاح واإلخفاق
من أجل أن تداركها الجزائر في عالقتها مع االتحاد األوروبي.
لقد كان لدولة تونس المبادرة في عقد عدة اتفاقيات ثنائية مع بعض الدول األوروبية
وخاصة فرنسا ،والتي كانت في مجملها تخضع ألحكام إتفاقيات الغات ،التي تقوم على مبدأ
المعاملة بالمثل ،والتمتع بامتيازات الدول األكثر رعاية غير أن االتفاقية الموقعة مع فرنسا
كانت أكثر شمولية حيث تمكنت من تغطية كامل الجوانب التجارية والجمركية ،من خالل
االمتيازات التي منحت لتونس الهادفة الى تأمين صادراتها الفالحية والتقليدية إلى السوق
الفرنسية وفي المقابل إستفادت المنتوجات الفالحية الفرنسية من بعض االمتيازات و
األفضليات.
دخلت تونس منذ 5812في مفاوضات مع المجموعة األوروبية إليجاد السبل الالزمة
لتنظيم العالقات التجارية وتطويرها بين الطرفين ،حيث توجت هذه المفاوضات بتوقيع
إتفاقيات التعاون سنة 5818الهادفة إلى توسيع مجال تصدير المنتوجات الفالحية التونسية
إلى أسواق جميع دول المجموعة ،لكن سرعان ما تم إعادة النظر في هذه االتفاقية بظهور
معالم السياسة األوروبية المتوسطية في بداية السبعينيات والتي تعمل على تحقيق التعاون مع
جميع الدول المتوسطية في إطار شامل يهدف إلى تغطية جميع جوانب التعاون ،ففي هذا
اإلطار تم إبرام إتفاقية التعاون سنة 5811بين المجموعة األوروبية وتونس والتي جاءت
تعويضا إلتفاقية سنة 5818التي إرتكزت على المبادئ المتمثلة في أنها غير محددة من
)(1
وبعد إنضمام تونس بصفة رسمية في حيث الزمن وعدم المعاملة بالمثل وكذا الشمولية.
)(1
جمال عمورة ،مرجع سابق ذكره ،ص .12
153
االتفاقية العامة للتعريفة الجمركية والتجارة سنة 5888إلى المنظمة العالمية للتجارة سنة
،5882وتنفيذها لبرنامج اإلصالح الهيكلي الهادف إلى تطوير االقتصاد التونسي من خالل
تشجيع االستثمار وتحرير التجارة ورفع القدرات التصديرية.
وعليه تعد تونس أول بلد من الضفة الجنوبية للمتوسط الذي أمضى إتفاقية شراكة مع
االتحاد األوروبي في جويلية 5881والذي دخل حيز التنفيذ منذ سنة ،5885ولقد تم
بموجب ه ذا االتفاق إنشاء منطقة التبادل الحر بمقتضاها تم حذف التعريفة الجمركية على
تجارة المنتجات الصناعية فقط ،ومن هذا المنطلق تُصدر المنتجات الصناعية التونسية إلى
أسواق االتحاد األوروبي معفاة من التعريفة الجمركية ،وتجدر اإلشارة إلى أنه تم وفق هذا
االتفاق حذف التعريفة الجمركية على المنتوجات التونسية بصفة تدريجية على مدى 51سنة
من ( ، )1885 -5881كما انتفعت كذلك الشركات التونسية المصنعة ببرامج لإلحاطة
والتأهيل في برنامج ميدا( )1881-5881وفي نطاق اآللية األوروبية للجوار والشراكة ابتداءا
)(1
من عام .1881
سعت تونس منذ سنة 5881إلى توسيع عالقاتها مع االتحاد األوروبي لإلنتقال بهذه
العالقات من مستوى المبادالت التجارية واإلعانات المالية إلى عالقة شراكة تكون أكثر
شمولية ترتكز على صيغ جديدة للتشاور والحوار فتم في 51جويلية 5881توقيع إتفاقية
الشراكة بين الطرفين ودخلت حيز التنفيذ في 85مارس 5885ليحل محل اتفاقيات التعاون
السابقة التي أصبحت ال تتوافق مع بعض المبادئ والقواعد الجديدة للتجارة العالمية المنبثقة
عن جولة األرغواي ،و لهذا تعتبر تونس أول بلد عربي ومتوسطي يسعى إلى قيام تكتل بين
دول االتحاد األوروبي والدول المتوسطية.
تولى تونس أهمية كبيرة لهذا االتفاق ألن دول المجموعة األوروبية تعد من أكبر شركائها
في العالم ،حيث تمثل الصادرات التونسية ما يزيد عن %18إلى السوق األوروبية مقابل
)(1
المعهد الوطني التونسي لالحصاء" ،العالقة بين تونس واالتحاد األوروبي" ،تم االطالع عليه يوم،1851 -85-15 :
http://www.aleca.tn/ar/ متاح في االنترنت على:
154
%15من وارداتها باإلضافة على أن تونس قد إستفادت عن ما يقارب مليار وعشرة ماليين
دوالر منحتها أوروبا في شكل إعتمادات مالية منها 212مليون دوالر كمساعدات وهبات
ومبلغ 121مليون دوالر في شكل قروض ميسرة.
ولإلشارة فقد دامت المفاوضات التونسية األوروبية أربع سنوات وتم التركيز فيها على
المنتوجات الزراعية التي تتمتع فيها تونس بمزايا نسبية وتشكل أهمية كبيرة لالقتصاد التونسي
كمادة زيت الزيتون التي تلقى منافسة شديدة من قبل إسبانيا والبرتغال ،باإلضافة إلى
موضوع المهاجرين التونسيين إلى دول االتحاد األوروبي الذي يقدر بحوالى 288ألف
تونسي ويشكلون مصدر تحويالت خارجية هامة بالنسبة لتونس.
ولقد إحتوى االتفاق التونسي األوروبي على أربع مجاالت تمثلت في الجوانب اآلتية:
-الجانب األول :يتمثل في إقامة حوار سياسي منتظم و التشاور في المواضيع السياسة
الدولية ذات االهتمام المشترك والتي تخص السلم و األمن واالستقرار.
-الجانب الثاني :يتعلق بالجانب التجاري بإقامة منطقة تبادل الحر خالل فترة انتقالية
محددة ب ـ ـ 51سنة كمدة أقصى (وهو في الواقع تفويض ممنوح من قبل االتحاد
األوروبي بسنتين إضافيتين للمدة المحددة من طرف GATTوهي 58سنوات).
-الجانب الثالث :يتعلق بالتعاون االقتصادي ويشمل جميع الميادين التي لها تأثير
على العالقات األوروبية –التونسية ( النقل ،السياحة ،التربية ،التكوين) ،وكذا التعاون
المالي لدعم االصالحات الهيكلية الضرورية لالقتصاد التونسي.
-الجانب الرابع :ويتعلق بالتعاون االجتماعي والثقافي ومعالجة مشاكل الهجرة غير
)(1
المشروعة.
وفي هذا السياق يعتبر إتفاق الشراكة بين االتحاد األوروبي وتونس والتي تم توقيعه عام
5881في جوهره ومضمونه الفعلي أنه إتفاقية تجارية بحتة تم بمقتضاها رفع المعالم
الجمركية على المنتوجات الصناعية بين الطرفين لم يكن مسبوقا بدراسة إستشرافية من طرف
الحكومة التونسية آنذاك الستبيان تداعياته على االقتصاد الوطني بصفة عامة وتأثيره
)(1
جمال عمورة ،مرجع سابق ذكره ،ص .112
155
المباشر على المؤسسات الوطنية الخاصة منها والعامة ،خاصة وأن البنك العالمي قد حذر
في سنة 5882من أن هذه االتفاقية يمكن أن تؤدي إلى االضمحالل ماال يقل عن % 25
من المؤسسات الوطنية نظ ار لعدم استعداداها لتحمل الضغط الناتج عن المنافسة األوروبية
لعدم التكافؤ في المستوى التكنولوجي والعلمي والحوافز المالية و اإلدارية لدى الطرفين ،في
حين لم تخضع هذه االتفاقية إلى غاية اليوم لدراسة تقييمية شفافة وموضوعية ومعلنة للعموم
للوقوف على مدى تداعياتها على المسيرة التنموية للبالد.
لكن رغم هذا التعتيم فإن هناك معطيات تبين أن تداعيات هذه االتفاقية كانت سلبية
على المستويات التالية:
-أوال :إن تفكيك المعاليم الجمركية التدريجية على المنتوجات الصناعية الموردة من
االتحاد األوروبي أدى إلى فقدان ماال يقل عن 12مليار دينار للخزينة الوطنية في
المدة المتراوحة مابين 1885-5881أي ما يعادل نصف المديونية للبالد لسنة
.1851
-ثانيا :أن هذه االتفاقية أدت إلى إندثار النسيج الوطني الصناعي المحلي بنسب تقدر
ب ـ ـ ـ % 11في المدة الممتدة مابين ،1858-5881وهذا ما أكدته دراسة قام بها
المعهد الوطني لإلحصاء بتونس بالتعاون مع البنك الدولي صدرت سنة ،1852وقد
شمل هذا االندثار أهم القطاعات المتعلقة بالتشغيل مما أدى إلى تفاقم البطالة و
إنسداد اآلمال في التشغيل داخل البالد وهذا ما يفسر تفشي ظاهرة الهجرة السرية.
-ثالثا :أن مؤسسات األجنبية المنتصبة في تونس كانت موجودة منذ قانون 5811ولم
تكن وليدة إتفاقية الشراكة ،و المنحصرة أساسا في قطاعات النسيج والمالبس والجلود
التي تعتمد على اليد العاملة غير المتخصصة وكذا تدني األجور وال تستوعب طالبي
الشغل من حاملي الشهادات العليا المتدفقة سنويا في سوق العمل ،وهذا ما سيوضحه
الشكل الالحق لبعض بلدان العربية مع االتحاد األوروبي بما يخص نسبة البطالة
المتواجدة.
156
شكل رقم ( :)18ارتفاع مجموع البطالة لبعض بلدان جنوب المتوسط بين الشباب خالل
العام )%( .2113
100%
90%
80%
70%
60%
معدل البطالة للشباب
50%
نسبة البطالة الفعلية
40%
30%
20%
10%
0%
االتحاد االوروبي المغرب مصر تونس
المصدر : :صندوق النقد الدولي ،نحو أفاق جديدة :التحول االقتصادي العربي في غمار التحول السياسي،1852 ،
ص .11منقول عن البنك الدولي.
يتبين من خالل الشكل أن النسبة المرتفعة من البطالة الفعلية متواجد في تونس وذلك
لعدة أسباب أوال الحراك االجتماعي التي ثار فيها وما نتج عنها من أزمة سياسية واقتصادية
واجتماعية في المقابل نجد االتحاد األوروبي رغم كل المشاكل المالية إال أنه يضم بطالة
منخفضة بسبب السياسات التي يتبعها في دعم الشباب وفتح فرص عمل للقطاع العام
والقطاع الخاص وهو ما يفتقد في دول جنوب المتوسط .
157
وأمام هذا التعتيم على تداعيات الحقيقية التفاق الشراكة الموقع في سنة 5881والذي
تم بمقتضاه تفكيك معاليم الجمركية على المنتوجات الصناعية يتقدم االتحاد األوروبي
بمشروع جديد غير متكافئ في حين تشهد الساحة االقتصادية التونسية ضعفا في
المنظومة االنتاجية وعجز مالى وتجاري وارتفاع نسبة البطالة واستغالل الطرف األوروبي
للوضع السياسي واالقتصادي وما جره من دعم مالي قصد نية مندسة من وراء هذا
)(1
االتفاق هو الهيمنة على السوق التونسية من خالل آليات مقننة.
ولمعرفة واقع هذا االتفاق بين تونس واالتحاد األوروبي علينا أن نعرج على نص
االتفاق واألهداف المرجوة بإيجاز فيما يلي:
)(1
جمال الدين العويدي " ،هذه االتفاقية يمكن أن تؤدي إلى اضمحالل ما ال يقل عن % 25من المؤسسات الوطنية"
مجلة الخبير ،تم االطالع عليه يوم ،1851-85-28 :متاح في االنترنت علىwww.lexperjournal.net/blog :
158
الجدول رقم ( )13قوائم السلع و المنتوجات التونسية التي تم االتفاق بشأنها بخصوص التفكيك الجمركي.
سلع تزال تدريجيا سلع تزال تدريجيا سلع تزال تدريجيا سلع تزال الرسوم عنها سنة التفكيك
فورا :القائمة األولى
القائمة الرابعة القائمة الثالثة القائمة الثانية
فترة االعفاء إلى الرسوم تخفيض إلى الرسوم تخفيض 111% 1
%42 %61
إلى الرسوم تخفيض إلى الرسوم تخفيض إلى الرسوم تخفيض 4
%66 81% %21
إلى الرسوم تخفيض إلى الرسوم تخفيض إلى الرسوم تخفيض 1
11% %12 %1
159
القائمة الثانية :المواد األولية والمدخالت غير المنتجة محليا.
ما يمكن أن نستنتجه هو أنه تعتبر المنتجات الزراعية بالنسبة لالتحاد األوروبي من
المنتجات الحساسة جدا ،وذلك من خالل السياسة الزراعية المشتركة التي يطبقها االتحاد
األوروبي والتي يتم بموجبها دعم المنتجين األوروبين وحماية االنتاج الزراعي األوروبي،
ونتيجة لذلك تم استثناء المنتجات الزراعية من التبادل الحر في إطار منطقة التجارة الحرة
األوروبية المتوسطية بصفة عامة وبصفة خاصة بالنسبة لتونس والمغرب التي تشكل نسبة
مهمة من صادراتهما تجاه االتحاد األوروبي ،حيث لم تحدد رزنامة للتفكيك التدريجي
للمنتجات الزراعية والسمكية في اتفاقيتي الشراكة بين االتحاد األوروبي وكل من تونس
)(1
والمغرب.
)(1
ابراهيم بوجلخة "دراسة تحليلية تقييمية الطار التعاون الجزائري األوروبي على ضوء اتفاق الشراكة األوروجزائرية –
دراسة تقيمية لمجموعة من المتغيرات الكلية" ،رسالة ماجستير ،جامعة بسكرة ،1852 :ص .521
160
االتحاد األوروبي ،ومع ذلك ما زالت السلع التونسية تعاني جملة من الصعوبات
والعراقيل عند دخولها لألسواق األوروبية.
-إن إتفاق الشراكة الذي وقعته تونس مع االتحاد األوروبي هو إتفاق شراكة شامل
وليس اتفاقا تجاريا فقط ،كونه ال يقتصر على الجانب التجاري فقط ،بل اشتمل إقامة
منطقة حرة للتبادل باإلضافة إلى التعاون المالي و الفني والتكنولوجي ودعم الحوار
السياسي واالجتماعي والثقافي وبالتالي سيترتب على هذا االتفاق أبعاد مختلفة على
االقتصاد التونسي ،والشكل الالحق يوضح أهم البلدان الضفة الجنوبية في عالقاتها
مع أوروبا من الصادرات.
الشكل رقم ( :)11قوة الروابط التجارية العربية مع أوروبا لعام .2113بالنسبة المئوية(.) %
80
70
60
50
20
10
0
ليبا تونس المغرب مصر
صندوق النقد الدولي ،نحو أفاق جديدة :التحول االقتصادي العربي في غمار التحول السياسي،2114 ، المصدر:
ص .14
إذ يمثل الشكل الفوارق لبعض الدول العربية من حيث الصادرات والتي حسب الشكل
مرتفعة مقارنة بإجمالي الناتج المحلي والتي سجلت فيها تونس فرق كبير بين الصادرات
األوروبية نحو البلدان العربية والناتج المحلي،وهذا يعكس مدى االعتماد العربي على
الواردات األوروبية بنسبة كبيرة بحكم عدم توفر ما تصدره البلدان العربية خارج المحروقات.
161
-إن التفكيك الجمركي و الرزنامة التي تم االتفاق بشأنها القت معارضة شديدة من
طرف الصناعيين التونسيين كونهم كانوا يستفيدون ولعدة سنوات من السياسة الحمائية
المفروضة وبالتالي سوف يواجهون بموجب هذا االتفاق منافسة شديدة من المؤسسات
األوروبية ،قصد تحطيم النسيج الصناعي التونسي وخلق مشاكل إجتماعية ،ومن أجل
تفادي المشكالت تم وضع إجراءات وقائية في إطار االتفاقية لحماية المنتوج التونسي
)(1
من المنافسة الشرسة للمنتوج األوروبي.
-ضعف االلتزام األوروبي والتعاون المالي وذلك حسب تقرير رسمي للحكومة التونسية
صدر سنة " :1885إن المفوضية األوروبية لم تفي بالوعد الذي قطعته بتمكين
البلدان الملتزمة بمسار برشلونة والتي لها القدرة على تشخيص المشاريع من الموارد
اإلضافية الالزمة التي تمك نها من مجابهة المضاعفات الناجمة عن تطبيق اتفاق
الشراكة والتسريع بإدماج اقتصادها باالقتصاد األوروبي وبالتالي تقليص الهوة بين
الطرفين على غرار التجارب التي شهدها االتحاد األوروبي مع بعض أعضائه مثل
إسبانيا والبرتغال واليونان ،كما تطلعت تونس وبصفة عامة بلدان جنوب المتوسط إلى
الزيادة في الحصة المخصصة لبلدان جنوب المتوسط خالل الفترة القادمة على غرار
بلدان أوروبا الوسطى والشرقية لم تلقى تجاوبا لدى االتحاد األوروبي الذي أقر أخي ار
)(2
المحافظة على تلك الحصة بل التقليص فيها خالل فترة ميدا.)1881-1888( 1
وكما أرسى هذا اإلتفاق الذي ينظم العالقات الثنائية بين تونس واالتحاد األوروبي آليات
للمتابعة وهي كالتالي:
)(1
جمال عمورة ،مرجع سابق ذكره ،ص .118
)(2
سامي العوادي " ،مشروع اتفاق التبادل الحر الشامل والمعمق التونسي األوروبي" ،مشروع ورقة عمل للنقاش
واإلثراء ،تونس 51 :سبتمبر ،1851ص .58
162
ومنذ سنة 1855وتبعا للتحوالت السياسية التي شهدتها تونس قام االتحاد األوروبي
بزيادة في المساعدات لتونس من أجل مساندتها في عملية انتقالها الديمقراطي وتحصلت
تونس بهذا المناسبة على صفة الشريك المميز من نوفمبر .1851
وصلت المبادالت التجارية بين تونس واالتحاد األوروبي بقيمة 18مليار أورو لسنة
1852و أعتبر االتحاد األوروبي أول شريك تجاري لتونس حيث أنه سيتأثر بأكثر من
نصف المبادالت التجارية المقدرة بـ ـ %12.2مقارنة ببقية بلدان العالم وخاصة المغرب
العربي.
وفي غضون سنة 1851بلغت حصة الصادرات الموجهة لالتحاد األوروبي %12.1
من مجموع الصادرات التونسية و %11.1من الواردات ،ويقدر المبلغ االجمالي للمبادالت
)(1
التجارية مع االتحاد األوروبي لنفس السنة بـ ـ 58.1مليار أورو.
كل هذه االمتيازات التي تحصلت عليها تونس إال أنها يبقى اقتصادها محل منافسة
أوروبية بحكم تطور هذه األخيرة في وسائل التكنولوجية سواء في مجال الفالحة أو في مجال
الصناعة مما يزيد من صعوبة المنافسة بين الطرفين هذا من جهة ،ومن جهة أخرى ما
شهده الوضع في تونس من احتجاجات شعبية في عام 1855وإسقاط النظام جعل االتحاد
األوروبي إعادة النظر في سياساته الموجهة لتونس وفي االتفاقيات المبرمة معه مما زاد من
مساعداته المالية لها للخروج من األزمة السياسية التي تعيشها تونس.
دخلت المغرب في إتفاق الشراكة مع االتحاد األوروبي في بداياته وهذا راجع إلى
السياسات التجارية السابقة بين الطرفين وما زاده عمقا التفاق الشراكة األورو-مغربية الذي
شمل كل المجاالت السياسية و االقتصادية واألمنية مما منح الرغبة الملحة للدول جنوب
المتوسط في التوقيع المبكر على االتفاقية وما تمنحه أوروبا من إمتيازات لدول جنوب
المتوسط ،هذا كله دفع بالمملكة المغربية إلى اإلسراع في التوقيع على إتفاقية الشراكة لما
تحويه من مزايا على المغرب والمنطقة المتوسطية بشكل عام.
)(1
المعهد الوطني التونسي لإلحصاء ،مرجع سابق ذكره ،ص .2
163
-1تاريخ توقيع إتفاق الشراكة بين المغرب واالتحاد األوروبي:
لقد أبرمت المملكة المغربية ودول االتحاد األوروبي إتفاق الشراكة التي وقعتها سنة
5881ودخلت حيز النفاذ في مارس عام 1888هذا ما ساعد على تعميق العالقات
السياسية واالندماج في السوق الداخلية عبر تقريب التنظيمات التشريعية وتعزيز التعاون
القطاعي وكذا الجانب االنساني للشراكة الذي ساعد على تحسين األوضاع االجتماعية
)(1
لبعض المواطنين.
ونظ ار للتشابه الكبير بين االقتصاد المغربي والتونسي في الكثير من األنشطة ولجوء
البلدين إلى إجراء عملية إصالح اقتصادي قبل تنفيذ إتفاق الشراكة فإنه سوف يتم التركيز
على أداء االقتصاد المغربي بعد دخول االتفاقية حيز التنفيذ إبتدا من مارس عام .1888
كما نصت المادة الحادية عشر من االتفاقية على كيفية إلغاء الحقوق الجمركية
والرسوم ذات المفعول المماثل المطبقة على استيراد المغرب للمواد التي مصدرها المجموعة
األوروبية – وهذا ما يبينه الجدول رقم ، -82إضافة إلى الحقوق الواردة الئحتها في
المالحق من 2إلى 1إبتداءا من تاريخ دخول هذا االتفاق حيز التنفيذ ،كما تخضع
)(2
الصادرات المغربية لنفس شروط المبادالت الصناعية بين دول اإلتحاد األوروبي.
القائمة الثانية المواد القائمة الثالثة سلع القائمة األولى سنة التفكيك
األولية وسلع غير منتجة محليا
سلع التجهيز
منتجة محليا
)(1
و ازرة الشؤون الخارجية الفرنسية " ،االتحاد األوروبي و المغرب" ،تم االطالع عليه يوم ،1851/81/51 :متاح في
االنترنت على :
http://www.diplomatie.gouv.fr/ar/afrique-du-nord-et-moyen-orient/maroc/l-union-
europeenne-et-le-maroc/
)(2عمر الكتاني" ،اتفاقية التبادل الحر بين المغرب واالتحاد األوروبي والمغرب والواليات المتحدة األمريكية :دراسة مقارنة
حسب القطاعات االقتصادية" ،مجلة العلوم اإلقتصادية وعلوم التسيير ،المغرب :العدد ،1885 ،85ص 82
164
فترة االعفاء %58 25% %588 1888
وبناءا على هذه االحصاءات فإنه كل سنة تم فيها تخفيض الرسوم الجمركية بنسبة
% 58وهذا ما يبين النية المتبادلة في التصدير واإلستي ارد بين الطرفين ،وفي المقابل قد قام
المغرب بإجراء مجموعة من اإلصالحيات قبل تطبيق إتفاق الشراكة ،إ ْذ كان لهذه
اإلجراءات الدور األكبر في رفع معدالت النمو بشكل نسبي و من بين أهم هذه اإلجراءات
نجد إصالحات تشريعية هيأت المناخ االستثماري لالستثمار األجنبي المباشر مثل :السماح
165
لألجانب بالتملك بالنسبة %588باستثناء األراضي الزراعية ،إضافة إلى تبسيط االجراءات
القانونية إلى حد كبير وتحجيم الفساد ،وبالرغم من كل هذا ظلت معدالت النمو متذبذبة
وغير مستقرة لتتراوح بين % 5سنة 1888و %12سنة ،1885كما أن اإلصالحات
اإلقتصادية مكنت المغرب من إحداث عملية تنوع في منتجاتها المصدرة حيث ارتفعت نسبة
)(1
وقد المنتجات الصناعية إلى نحو %21من إجمالي المنتجات المصدرة سنة ،5881
تضمن إتفاق الشراكة المغربية -األوروبية ثمانية محاور.
-االنتقال الحر للسلع بإنشاء منطقة للتبادل الحر تميز بين المنتوجات الصناعية
والمنتوجات الفالحية.
-الدفع رأسمال والمنافسة :حيث تعهد الطرفان بالسماح بعملية الدفع وتسوية العمليات
بعملة قابلة للتحويل.
أو الصفقات الجارية ُ
-التعاون االقتصادي الذي يشمل التعاون في القطاعات التي يتم تحرير مبادالتها بين
االتحاد األوروبي والمغرب.
-حوار سياسي يرتكز على كل المواضيع التي تمثل المصلحة المشتركة للطرفين.
-التعاون االجتماعي فيما يخص العمال األصليين داخل اإلقليم من جهة وحرية تنقلهم
وإدماجهم في إقليم آخر من جهة أخرى.
-التعاون الثقافي الهادف إلى إقامة حوار ثقافي مستدام.
-التعاون المالي والذي يقوم على ما يلي:
دعم اإلصالحات الهادفة إلى تحديث و عصرنة اإلقتصاد.
إعادة تأهيل الهياكل اإلقتصادية.
)(1
سفيان بحري ،مرجع سابق ذكره ،ص .525
166
تحريك و تفعيل االستثمار الخاص األوروبي في المغرب من خالل سياسات
)(1
التشجيع والتعريف بالمنطقة وعرض المزايا التي توفرها المنطقة.
ومن خالل دراستنا لالتفاقية المبرمة بين االتحاد األوروبي والمملكة المغربية الحظنا
نية الطرفين في قيام عالقة إقتصادية وسياسية مشتركة مبنية على التعاون المتبادل بين
الطرفين وهذا ما تم تجسيده من خالل الواقع بحيث حصل المغرب على مكانة "الشريك
المميز" في أكتوبر ،1885بحيث إستفادة المغرب من رئاسة فرنسا لالتحاد األوروبي و التي
ترمي هذه المكانة إلى تعميق العالقات السياسية واالندماج في السوق الداخلية عبر تقريب
التنظيمات التشريعية وتعزيز التعاون القطاعي والجانب اإلنساني للشراكة ،وعزم االتحاد
األوروبي على إخضاع االقتصاد المغربي إذ ال يتوقف عند هذا الحد حيث تم في عام
1851إطالق مفاوضات للتصديق على اتفاقية تبادل الحر ،وقد تميز عام 1851بتوقيع
إتفاقية زراعية بين المغرب واالتحاد األوروبي التي أطلقت المفاوضات بشأنها في عام
1881والتي تهدف إلى إسراع في تحرير التجارة في المنتجات الزراعية المصنعة والمنتجات
)(1
السمكية.
)(1
عمورة جمال ،مرجع سابق ذكره ،ص .112
)(1
ميمون الرحماني" ،اتفاقية التبادل الحر بين المغرب واالتحاد األوروبي :االختالالت المالية والتداين" ،أطاك المغرب ،تم
االطالع عليه يوم ،1851-81-58 :منتاح في االنترنت علىhttp://attacmaroc.org/?p=4243 :
)(2
الدبلوماسية الفرنسية" ،االتحاد األوروبي و المغرب" ،تم االطالع عليه يوم ،1851-81-55 :متاح في االنترنت على:
http://www.diplomatie.gouv.fr/ar/afrique-du-nord-et-moyen-orient/maroc/l-union-
europeenne-et-le-maroc/
167
-3اآلثار المتوقعة للشراكة المغربية األوروبية.
إن اآلثار المتوقعة بين االتحاد األوروبي والمملكة المغربية أو حتى جنوب المتوسط
والتي مآلها التميز األوروبي بين الشرق األوروبي الذي يدعمه ماليا وسياسيا من أجل
االندماج في االتحاد األ وروبي مستقبال وبين بعض السياسات التي يخول ألوروبا أنها ستفتح
شراكة تعاون بين بلدان جنوب المتوسط ،هذا ما سمح للملكة المغربية أن تقبل مثل هذه
الشراكة غير أنها ال تقبل التميز بين الدول جنوب المتوسط ولعب االتحاد األوروبي الدور
المحوري في عالقاته مع شعوب جنوب المتوسط باللعب على أوتار كل واحد على حدى مما
زاد من تفرقة الشعوب العربية ،وهذا ما يعرقل العالقات العربية األوروبية التي تمر بمرحلة
صعبة بعد تنامي اللوبيات المعادية لمصالح الرباط االقتصادية والتجارية داخل االتحاد،
وصدور قرار من محكمة العدل األوروبية الذي يدعو إلى مراجعة إتفاق التبادل الزراعي
والصيد البحري الموقع بين الطرفين عام ،1851والذي يسمح بتصدير كميات من السلع
الغذائية في االتجاهين من دون رسوم جمركية.
وعلى الرغم أن وزراء خارجية دول االتحاد األوروبي الـ ـ -15قبل خروج بريطانيا من
االتحاد األوروبي -قللوا خالل إجتماعهم في بروكسل من تأثير قرار المحكمة على العالقات
االستراتيجية االقتصادية والتجارية بين الطرفين ودعوا الى تعطيل القرار واستئنافه وفتح
مفاوضات جديدة مع المملكة مطلع عام ،1851وهذا ما صرح به وزير الخارجية والتعاون
المغربي "صالح الدين مزوار" لـ ـ جريدة "الحياة" أنه ال يمكن القبول بمثل هذه المماراسات
التي تضر بمصالح المغرب االقتصادية داخل االتحاد األوروبي ،مشي ار إلى أن البلدان
المغاربية دخلت في إتفاق الشراكة منفردة مع االتحاد األوروبي و المطالبة بإعادة النظر في
هذه الشراكة ،وهنا وجدت المغرب نفسها في مرحلة الالتوازن من أن تعيد النظر في اتفاق
)(1
وخضع قبلها إلى كل مراحل التفاوض واالستشارة م َّر على تنفيذها ثالث سنوات
والمصادقة من قبل اللجنة األوروبية وأقره البرلمان األوروبي باألغلبية المطلقة وقد تم كذلك
)(1
حصة تلفزيونية " ،عنوان الحصة :الواقع العربي" ،الشراكة األوروبية المغاربية ..الميزان المختل ،تم االطالع عليه
يوم ،1851-51-55 :متاحة في االنترنت علىhttp://www.aljazeera.net/programs/arab-present- :
situation/2016/6/30
168
التأكيد على أن االتفاقية الموقعة مع االتحاد األوروبي كل ال يتج أز وال يمكن فصلها عن
بعضها ،فإما اعتماد كلها أو إعادة النظر في كل االرتباطات والمعاهدات بما فيها الشراكة
االستراتيجية واألمنية.
وقد جدد البيان الختامي على أهمية الشراكة األوروبية مع المغرب في هذه المرحلة
نتيجة دور المغرب االقليمي معتب ار أن المغرب ذو قيمة أساسية لإلتحاد وشريك ذي مصداقية
ورهان إستراتيجي على األمن واالستقرار والتنمية في جنوب البحر المتوسط.
ورصد االتحاد األوروبي نحو 588مليون يورو لمساعدة المغرب ضمن خطة الدعم
المالي 1851 -1852لتطوير مجاالت التعليم والعمل والحوكمة والتنمية المحلية إذ يعتبر
المغرب أقدم شريك تجاري للسوق األوروبية المشتركة منذ العام ،5818عندما كان عدد
169
األعضاء 1دول فقط كلها طلبت اليد العاملة المغربية إلعادة بناء ما دمرته الحرب ،وإعادة
)(1
تشغيل المصانع والمناجم طيلة فترة الحرب الباردة
في ظل هذه المتغيرات حاول المغرب أثناء المفاوضات التي سبقت تحرير المنتجات
الفالحية ومنتجات الصناعة الغذائية والمنتجات السمكية أن يعيد النظر في إلتزامه بالتقدم
نحو شراكة حقيقية مبنية على االنفتاح التدريجي و المنضبط لألسواق ،بما يتسق مع موقف
أما بالنسبة لالتحاد األوروبي فتعلق بمنافسة بعض
المغرب االجتماعي واالقتصادي ،و َّ
المنتجات الفالحية المغربية للمنتجات األوروبية ،مع العلم أن دول االتحاد األوروبي
استفادت من الدعم لحماية المنتجين من خالل "السياسة الفالحية الموحدة" والتي تم تمديدها
إلى غاية سنة 1852وهو ما أدى إلى ارتفاع القدرات التنافسية لالتحاد األوروبي هذا في
الوقت الذي عملت فيه المغرب على مواصلة تقليص اإلعانات المقدمة لمواد االنتاج
)(1
مما أدى الفالحية المستهلكة وتحرير األثمان وخوصصة العديد من الشركات الفالحية.
إلى وقوع خ الف بين الجانبين حول تطبيق االتفاق الزراعي كمرحلة جديدة من تلويح المغرب
بإنهاء الشراكة االقتصادية بين الجانبين في حالة لم تلتزم المجموعة اإلقليمية بجميع
متطلبات االتفاق ،و إعتبر المغرب أن غياب االلتزام من الجانب األوروبي سيفرض على
المغرب إختيا ار حاسما بين إبقاء على الشراكة اقتصادية مع األوروبيين أو التوجه نحو
شراكات مع بلدان ومناطق متعددة خاصة روسيا والصين والهند واليابان وإفريقيا خاصة ،مما
أجبر االتحاد األوروبي إبقاء على شراكة متنوعة مع المغرب بحكم اإلرث التاريخي في
التبادل التجاري مما أكسبها صفة الشريك المتقدم وهذا ال يعني عدم الخروج عن االتفاق
)(1
جريدة الحياة المغربية" ،الشراكة المغربية األوربية على وشك االنفراج" ،تم االطالع عليه يوم ،1851-81-11 :متاح
www.elhayate.net/35236.html في اإلنترنت على:
ليلى الرطيمات " ،االتفاق الفالحي بين المغرب واالتحاد األوروبي ..تحديات السياسة واالقتصاد " ،تم اإلطالع عليه )(1
170
بحكم االمتيازات األوروبية التي تقدمها لدول أوروبا الشرقية مقابل دعم بسيط لجنوب
)(2
المتوسط وهذا ما برز في برنامج ميد 5وميدا .1
بدأ التعاون بين مصر والمجموعة األوروبية في شكل إتفاق تجاري تفضيلي خالل الفترة
( )5811-5812قصد تنمية التجارة بين الطرفين ،وبموجب هذا اإلتفاق تحصلت مصر
على تخفيضات جمركية على المنتوجات الزراعية تراوحت ما بين %50 -%52من واردات
المجموعة األوروبية ،حيث تم حل اتفاق التعاون الشامل الذي تم توقيعه في 55جانفي
،5811ودخل حيز التنفيذ في 85نوفمبر 5815محل إتفاق تجاري تفضيلي ،حيث اتسع
مجال التعاون بموجب هذا االتفاق بين مصر والمجموعة األوروبية ،فتضمن هذا االتفاق
)(3
منح تخفيضات جمركية للمنتوجات الزراعية المصرية المصدرة إلى دول المجموعة.
لقد بدأت مصر المباحثات مع االتحاد األوروبي بشأن إبرام اتفاقية الشراكة في عام
5881وتم توقيع على االتفاقية في 11جانفي 1885تمهيدا للتوقيع النهائي على االتفاقية
الذي تم في 11جوان ،1885وقد قام مجلس الشعب المصري وبرلمانات الدول األعضاء
بالتصديق على االتفاقية ودخولها حيز التنفيذ في منتصف عام ،1882وبموجب هذه
االتفاقية تم إقامة منطقة تجارة حرة خالل فترة انتقالية مدتها 51عام من تاريخ دخول
االتفاقية حيز التنفيذ.
وقد تضمنت اتفاقية الشراكة المصرية األوروبية على 88مادة تغطي كل العالقات بين
الطرفين ،ووصلت المفاوضات بعد عدة جوالت إلى مشروع متوازن يلبي مطالب الطرفين
وتكتسب مصر أهمية خاصة في عدة قطاعات تتجه نحو %18من صادرات الخضر
)(2
دمحم الحبيب هويدي " ،صراع خفي بين المغرب واالتحاد األوروبي بسبب منتوجات الصحراء المغربية" ،جريدة الحرية،
www.elhourriya.net/38898.html تم االطالع عليه يوم ،1851-81-15 :متاح في االنترنت على:
)(3
جمال عمورة ،مرجع سابق ذكره ،ص .112
171
والفواكه المصرية الى االتحاد األوروبي ،وقد حققت المفاوضات حسب تقرير و ازرة الخارجية
المصرية توسيع قائمة الصادرات الزراعية إلى أكثر من 582سلعة زراعية والحصول على
حصص من المنتجات جديدة من االتحاد األوروبي وبهذا تكون عالقة تعاون وشراكة
)(1
وعلى إثرها قامت مصر بإصالحات إقتصادية واسعة، بالتساوي بين الطرفين الشريكين،
وجهود معتبرة لالنتقال باالقتصاد المصري تدريجيا نحو التحرير التجاري و اإلقتصادي ،غير
أن هذه الجهود تحتاج إلى بعد دولى أي ينبغي أن ال تكون مقتصرة على الداخل فقط ويأتي
االتحاد األوروبي في مقدمة هذا البعد الدولي نظ ار لحجم العالقة بين مصر واالتحاد
األوروبي وهذا ما سنوضحه في مزايا هذا االتفاق.
-2خصائص ومزايا إتفاق الشراكة المصرية األوروبية :والذي يتمثل في جملة من
خصائص و مزايا لالقتصاد المصري نوجزها فيما يلي:
عبد الوهاب الديب" ،مصر التوقيع النهائي على إتفاقية الشراكة األوروبية " ،جريدة الشرق األوسط ،العدد ،5151 )(1
172
-توسيع قائمة السلع الزراعية المصرية التي يمكن تصديرها لالتحاد األوروبي إلى أكثر
من مائة سلعة مقابل 11سلعة في إتفاق .5811
-الحصول على حصص لتصدير سلع زراعية جديدة لم تتمتع من قبل بأي حصص أو
مزايا تجارية تفضيلية لدى تصديرها لبلدان االتحاد األوروبي.
-تخفيض مستوى أسعار الدخول لبعض المنتجات المصرية.
-مد مواسم التصدير لبعض السلع الزراعية.
التصدير للعديد من السلع الزراعية التصديرية الرئيسية التي -مضاعفة حصص
تصدرها مصر لعدة مرات كالبطاطس والبرتقال و الفاصولياء.
-خفض الرسوم الجمركية التي يفرضها االتحاد األوروبي على الكميات الزائدة عن
الحصص المعفاة من الرسوم الجمركية.
-تتيح االتفاقية مزيد من تحرير تجارة السلع الزراعية المصنعة عن طريق إلغاء رسم
المكون الصناعي على بعض السلع األخرى.
تتيح إتفاقية الشراكة المصرية األوروبية تقديم منح لمساعدة اإلقتصاد المصري التي بلغت
118مليون يورو ،منها منحة قيمتها 118مليون يورو لتحديث قطاع الصناعة المصرية،
إضافة إلى تمويل برامج إصالح قطاع الصحة بـ ـ 558مليون يورو ،والتعليم ب ـ ـ 588مليون
يورو ،والصندوق االجتماعي من أجل التنمية خصص له 511مليون يورو.
173
تتيح االتفاقية جذب مزيد من االستثمارات المباشرة من االتحاد األوروبي إلى مصر،
حيث نصت االتفاقية على إتخاذ اإلجراءات الالزمة لتشجيع إنتقال رؤوس األموال بين
)(1
الجانبين وذلك بهدف تشجيع االستثمار.
مقابل هذا قامت مصر بإجراء مجموعة من التعديالت االقتصادية لمواكبة التطورات
الحاصلة في المنطقة ومنها مايلي:
-إعادة هيكلة االنفاق العام وتخصيص جزء كبير من االستثمار الصناعي والزراعي
والخدمي لرفع معدل االستثمار الضروري لتوسيع الجهاز االنتاجي من جهة وخلق
أعداد ضخمة من فرص العمل الحقيقية من جهة أخرى ،وقدرت نسبة االستثمار من
الناتج المحلى اإلجمالي بسعر السوق بلغ %51سنة 1858وهذا المعدل متدني
بالمقارنة مع الدول المتقدمة إ ْذ ال يكفي من مسايرة االقتصاديات السريعة.
-إحداث تغيير جوهري في السياسات المصرفية لتتحيز لصغار ومتوسط المقترضين
وللمستثمرين في القطاعات الحيوية التي تلبى احتياجات الشعب.
-القيام بتطوير مميزات السوق لجذب االستثمارات في مصر من أجل النهوض
باالستثمارات المحلية التعاوينة والكبيرة وجذب االستثمارات األجنبية الحقيقية في
المجال الصناعي بالخصوص ،وذلك من خالل رفع مستوى تعليم وتدريب قوة العمل
وتقليص االجراءات البيروقراطية المعرقلة لألعمال والتي تفتح الباب للفساد الذي
يضيف المزيد من األعباء على من يرغبون في إقامة أيَّة استثمارات جديدة وضمان
حقوق الملكية الفكرية الداخلية على األقل والرقابة الصارمة للمواصفات القياسية
لضمان التنافس العادل بين المنتجين للسلع المتشابهة.
-عقد إتفاقيات مع جهات إقليمية ودولية لديها النية والعزم لمساندة مصر من أجل
مكافحة البطالة ،وهناك العديد من الجهات التي يمكن استهدافها مثل اإلتحاد
)(1
و ازرة الصناعة والتجارة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة" ،قطاع االتفاقات التجارية" ،تم االطالع عليه يوم-81-12 :
،1851متاح في االنترنت على:
http://www.tas.gov.eg/Arabic/EU+Partnership/Agreement/Agreement
174
األوروبي المعنية بإبقاء العمالة المصرية في مصر ومنع تدفقها على شكل هجرات
)(1
غير شرعية نحو أوروبا.
-3آثار الشراكة المصرية األوروبية:
ترتب على إتفاقية الشراكة بين الطرفين مجموعة من اآلثار السلبية واإليجابية نذكر منها:
وعليه فإن هذه الشراكة تساعد مصر من زيادة رؤوس األموال فيها خاصة األجنبية منها
وكذا زيادة مستوى التكنولوجيا وتحسين األوضاع اإلجتماعية.
)(1
أحمد السيد النجار" ،تقرير االتجاهات االقتصادية االستراتيجية" ،القاهرة :مركز الدراسات السياسية واالستراتيجية
باألهرام ،1855 ،ص .21-21
175
كما أثارت اإل ضطرابات السياسية التي شهدتها مصر في ظل حكم الرئيس السابق "دمحم
مرسي" خاصة خالل الربع األخير من عام 1851تحفظات االتحاد األوروبي و مؤسساته،
وهو ما بدا جليا عبر البيانات الرسمية الصادرة عن االتحاد األوروبي والتي غلب عليها
التعبير عن القلق العميق تجاه األحداث التي تشهدها مصر ،وقد بلغ القلق األوروبي من
مما دفع "مارتن شولتز" رئيس البرلمان األوروبي إلى المناداة
تطورات الوضع في مصر َّ
بوقف التعاون االقتصادي السياسي بين االتحاد األوروبي ومصر كوسيلة للضغط على
الرئيس دمحم مرسي وجماعة اإلخوان المسلمين التي ينتمي إليها معتب ار إياها بأنها حركة
سياسية راديكالية تستخدم المشاعر الدينية األهداف سياسية.
وبالرغم من تحفظات االتحاد األوروبي على سير عملية اإلصالح في مصر ،إال أن
هذا لم يحول دون تبادل لالتصاالت والزيارات بين االتحاد األوروبي و مصر ،والتي كان
من أبرزها االجتماع األول لفريق العمل بين مصر واالتحاد األوروبي الذي إنعقد في نوفمبر
1851وهو فريق العمل الذي كان قد تم االتفاق عليه خالل زيارة الرئيس السابق "دمحم
مرسي" لبروكسل في سبتمبر 1852كآلية جديدة لتعزيز الحوار بين الجانبين في مختلف
المجاالت.
هذا باإلضافة إلى تنظيم منتدى لإلستثمار وآخر للسياحة بمشاركة أكثر من 588من
ممثلي كبرى ا لشركات األوروبية العاملة في مصر والذي إلتقوا مع نظرائهم من قطاع أعمال
المصري ،وفي هذا الشأن دار جدل موسع داخل أروقة ومؤسسات االتحاد األوروبي بشأن
تقديم الدعم المالي لمصر من عدمه ،ولعل هذا ما يتضح من خالل تصريحات كبار
المسؤولين األوربيين في هذا الشأن ،فخالل زيارته للقاهرة في 1فيفري عام ،1852أكد
"برنارديو ليون " مبعوث االتحاد األوروبي لجنوب المتوسط أن االتحاد األوروبي يعتزم إرسال
)(1
المساعدات التي تبلغ 1مليارات يورو إلى مصر خالل العام .1852
)(1
المفوضية األوروبية ،دراسة االتحاد األوروبي حول تقييم التأثير على االستدامة نتيجة إنشاء منطقة التجارة الحرة
األوروبية المتوسطية ،جامعة مونشيستر ألمانيا :مركز البحوث بشأن تقييم التأثير ،1881 ،ص .85
)(1
السيد على أبو فرحة" ،التوجه األمريكي نحو إفريقيا :المواقف والتحديات" ،التقرير االستراتيجي األفريقي -2112
،2113االصدار التاسع ،القاهرة :معهد البحوث والدراسات األفريقية ،1852 ،ص215.211.
176
من خالل ما سبق نالحظ بأن موقف االتحاد األوروبي من األوضاع في مصر أنه
موقف الشريك األوروبي الذي غلب عليه اإلحجام عن إتخاذ أية إجراءات مشددة نحو معاقبة
مصر مثل قطع برنامج المساعدات أو فرض عقوبات اقتصادية ،مرده إلى جملة من
اإلعتبارات يأتي في مقدمتها تقدير دور مصر وإنعكاسات ما يحدث فيها على االستقرار
اإلقليمي ،فضال عن تقدير حجم السوق المصري والتبادل التجاري بين بلدان االتحاد الذي
بلغ 21مليار يورو خالل عام ،1851هذا إلى جانب حرص اإلتحاد على الحفاظ على
النفوذ السياسي له كوسيلة في تسوية األزمة المصرية.
177
خالصة واستنتاجات:
إن سياسة االتحاد األوروبي نحو دول جنوب المتوسط كانت في مجملها إعادة القوة
اإلقليمية في حوض المتوسط سواء اإلقتصادية منها أو السياسية أو األمنية كل هذا
جعلها أوال إعادة ترتيب بيتها الداخلي من خالل إتفاقيات تعاون وشراكة وكانت ثمرتها في
توحيد العملة النقدية من أجل فرض وزنها كقوة اقتصادية ومالية يجدر التعامل بها،
ناهيك عن النزاعات التي كانت قائمة بين دويالت االتحاد األوروبي ،ورغم كل التعدد
اإلثني والعقائدي واللغوي فإنه لم يقف حاجز أمام توحيد صفوفها والمبادرة بمشاريع
وسياسات للسيطرة على حوض المتوسط ،وهذا ما برز من خالل مؤتمر برشلونة سنة
5881واالتحاد من أجل المتوسط سنة 1881كسياسة واضحة من أجل إعادة الهيمنة
على منطقة جنوب المتوسط بوسائل جديد وطرق رضائية صعبة من خالل الدعم المالي
لدول الضفة الجنوبية منها برنامج ميدا 5وميدا .1
ومن خالل عرضنا لبعض التجارب للشراكة بين االتحاد األوروبي وبعض دول جنوب
المتوسط فإذا ما دل فإنه يدل على النية الدسيسة لالتحاد األوروبي من أجل تقسيم العالم
العربي من خالل منح إمتيازات لبعض الدول والتحفظ على األخرى وفي قبول دول
ورفض دولة من األساس فهذا الفعل يجعل من االتحاد األوروبي باعتباره هو صاحب
المبادرة وهو الذي يقدم المساعدات المالية أن يشتت شمل منطقة جنوب المتوسط،
والحفاظ على مصلحته في المنطقة المتوسطية بفرض هيمنته االقتصادية والتكنولوجية
بنهب ثروات هذه الدول بحجة نشر الديمقراطية والتنمية في المتوسط.
178
الفصل الثالث :االقتصاد الجزائري في ظل
الشراكة مع االتحاد األوروبي
179
تمهيد:
ورثت الجزائر بعد االستقالل وضعا اقتصاديا مزريا سواءا في القطاع الزراعي أو
الصناعة االستخراجية ،إضافة إلى التبعية المطلقة لإلقتصاد الفرنسي ،هذا الوضع
االقتصادي المزري خلَّف وضعا إجتماعيا كالفقر والجهل والمرض ،وللتعامل مع هذا
الموروث التاريخي سلكت الجزائر نهج االشتراكية كخيار أساسي لتحقيق التنمية والخروج من
التبعية والتخلف.
بحيث انتهجت الجزائر منذ حصولها على اإلستقالل عام 5811عدة مراحل من أجل
الوصول إلى أهداف التنمية الشاملة بدأ بالتنمية االقتصادية ،ففي ستينيات من القرن العشرين
الماضي شهدت مرحلة التردد في السياسات المنتهجة بحكم حداثة االستقالل وغياب
الكفاءات ،ثم االنتقال إلى مرحلة التنمية في عهد الرئيس هواري بومدين ،إلى مرحلة إعادة
النظر في السياسات التنموية االقتصادية للمرحلة السابقة ،مرو ار بمرحلة األزمة في نهاية
الثمانينيات ،إلى مرحلة إعادة الهيكلة واالنتقال نحو اقتصاد السوق في إطار العولمة ،وهذا
ما أثر سلبا على االقتصاد الوطني الجزائري.
وفي هذا السياق ،لجأت الجزائر إلى توسيع خيارات االقتصاد الوطني وتطويره إلى
عقد مجموعة من اإلتفاقيات الشراكة والتعاون سواء في المنطقة اإلقليمية للمتوسط أو على
مستوى التكتالت العالمية من أجل تطوير االقتصاد الوطني ،و االستفادة من التجارب
الناجحة في هذا اإلطار ،إضافة إلى وضع مجموعة من السياسات االقتصادية تساعدها
على التموقع االستراتيجي في المنطقة بحكم موقعها الجغرافي من جهة وتفعيل االمكانات
المادية التي تتمتع بها من جهة أخرى ،وهذا ما سنحاول معالجته من خالل هذا الفصل
الذي قسمناه إلى ثالث مباحث وهي كأتي:
المبحث األول :االقتصاد الجزائر في ظل اإلصالحات.
180
المبحث األول :االقتصاد الجزائري في ظل االصالحات.
شرعت الجزائر منذ 5858في تنفيذ سلسلة من اإلصالحات االقتصادية تتمثل في
إتفاق ماي ،5858إتفاق جوان 5885ثم إتفاق ،5885 -5882التي فرضها صندوق
النقد الدولى والتي هي عبارة عن التمويل مقابل اإلصالحات والتي نذكر منها:
وحدة حقوق سحب خاصة :DTSهي أصل احتياطي دولي إستحدثه الصندوق في عام 5818ليصبح مكمال )*(
لألصول الرسمية الخاصة بالبلدان األعضاء ،ويتم تحديد قيمة هذا األصل اعتمادا على سلة من أربع عمالت دولية
أساسية ،ويمكن مبادلته بأي من العمالت القابلة للتداول الحر ،وع التوزيع العام لوحدات حقوق السحب الخاصة الذي تم في
15أوت والتوزيع الخاص الذي تم في 8سبتمبر ،1888زاد مقدار حقوق السحب الخاصةمن 15.2مليار وحدة إلى
182.5مليار وحدة.
)(1
عبد المجيد قدي" ،فعالية التمويل بالضريبة في ظل التغيرات الدولية دراسة حالة النظام الضريبي في الجزائر في الفترة
"،5881-5855أطروحة الدكتوراه ،جامعة الجزائر :معهد العلوم االقتصادية ،5881 ،ص .118
181
أسعار النفط عام 5855و إرتفاع أسعار الحبوب المستوردة في األسواق العالمية ،فكان
مجموع القرض 118مليون دوالر.
إلى جانب هذا القرض تحصلت الجزائر على تسهيالت من الصندوق قيمته 251.1
مليون وحدة حقوق سحب خاصة( )DTSوهو مكمل لالتفاق بهدف التخفيف من مشكلة
المديونية وخدماتها وسحبته الجزائر في نفس السنة على أن يكون تاريخ إستحقاقه من 2
إلى 1سنوات.
وكنتيجة لهذه التسهيالت بدأت خالل نهاية سنة 5858بعض الخطوات الدالة على
ُمضي الجزائر نحو إقتصاد السوق مثل تحرير التجارة الخارجية وإلغاء التخصص
المركزي للنقد األجنبي ،تحديد أسعار السلع و إستقاللية المؤسسات االقتصادية والبنوك.
إن التسهيالت التي تحصلت عليها الجزائر بموجب هذا االتفاق نتج عنها ما يلي:
الهادي خالدي ،المرآة الكاشفة لصندوق النقد الدولي ،الجزائر :دار هومة ،5881 ،ص .21-22 )(1
182
وبصفة عامة فإن النتائج لم تحقق األهداف المرجوة من اإلتفاق التي كانت ترغب
الجزائر الوصول إليها وذلك بسبب طبيعة اإلتفاق بين الجزائر وصندوق النقد الدولي والذي
يتميز بقصر مدة تطبيقه و اإلجراءات والشروط المتضمنة فيه وهذا ما يميز الصندوق بغية
جعل الدول النامية دائمة في تبعية وفرض سياسته وشروطه في الدولة التى تتحصل على
قرض.
حيث جاء هذا اإلتفاق ليستكمل برنامج التعديل في معظم المجاالت ،بحيث لجأت
الجزائر لعقد هذا االتفاق مع صندوق النقد الدولي بهدف الحصول على قروض ومساعدات
إلجراء إصالحات إقتصادية عميقة ،وقد أرسلت الحكومة الجزائرية خطابا إلى الصندوق
)(1
تبين فيه إرادتها في االستمرار والمضي في اإلصالحات وبعد بتاريخ 11أفريل 5885
المشاورات السرية توصل الطرفان في جوان 5885إلى عقد إتفاق يمتد على فترة قصيرة
األجل في حدود 58أشهر بحيث ينتهي في 25مارس .5881
)(1
Ahmed Ben Bitour, L Algérie au troisiéme millénaire défis et potentialités, Alger :
Edition marinoor,1998, p 77.
)(2
الهادي خالدي ،مرجع سابق ذكره ،ص .551
183
إجراءات اإل تفاق :لتحقيق األهداف المرجوة ولكسب تأييد الصندوق والحصول على
التمويل ركزت الحكومة على اإلجراءات العملية اآلتية:
تحرير األسعار بنسبة . % 28 -
-التطهير المالي للمؤسسات.
-تخفيض التعريفات الجمركية وتوسيع قائمة اإلعفاءات.
-تخفيض قيمة الدينار.
-رفع الدعم عن أسعار الطاقة التي تشمل الكهرباء والمحروقات مع جعل األسعار
المحلية في مستوى األسعار العالمية.
وبموجب هذه اإلجراءات قدم الصندوق قرضا قيمته 288مليون دوالر وكانت ترغب
في الحصول على هذا القرض دفعة واحدة ،لكن الصندوق قسم القرض على أربعة أقساط
متساوية ،كل قسط يساوي 588مليون دوالر والتمويل يكون بالشكل التالي :القسط األول في
جوان ،5885والقسط الثاني في سبتمبر 5885والقسط الثالث في ديسمبر 5885والقسط
الرابع في مارس ،5881وقد قامت الجزائر بسحب األقساط الثالثة األولى ولم تتمكن من
سحب القسط الرابع بسبب األزمة السياسية المتمثلة في توقيف المسار االنتخابي هذا من
جهة ،و من جهة أخرى عدم التنفيذ الصارم والسريع للبرنامج التثبيت الثاني بحيث أقدمت
الحكومة على إعتماد سيا سة نقدية توسعية لحماية أفراد المجتمع من ذو الدخل المحدود من
االنعكاسات السلبية التي خلفها تطبيق البرنامج ،كما تم فتح المجال لالستثمار األجنبي
لالستغالل في القطاع النفطي بشكل غير مسبوق ) ،(1مما جعل الصندوق يتحفظ بخصوص
عدم جدية الحكومة الجزائرية في تطبيق إصالحات عميقة جعلته ال يتسرع في تقديم
المساعدات لها لتصحيح التشوهات في االقتصاد الجزائري،
نتائج االتفاق :إن النتائج المتحصل عليها بعد تنفيذ إجراءات االتفاق نوجزها فيما يلي:
)(1
عية عبد الرحمان" ،دور عوائد صادرات النفط في تحديد معالم السياسة االقتصادية الجزائرية حالة ،"1855-1888
مجلة دفاتر السياسة و القانون ،الجزائر :عدد 81جوان ،1855ص .181
184
-إرتفاع سعر صرف الدوالر بالنسبة للدينار في نهاية سنة 5885بحيث أصبح كل 5
دوالر يساوي 55.1دينار.
-إرتفاع معدل إعادة الخصم من %58.1في سنة 5888إلى % 55.1مع نهاية
5885و .5881
-بلغ معدل التضخم في سنة 5881نسبة .% 25.1
-
صدور بعض القوانين و التشريعات التي تصب في مسار اإلصالحات اإلقتصادية
مثل المرسوم التشريعي 51-82الذي أعطى نظرة جديدة لحرية االستثمار والمرسوم
)(*)(1
رقم 85-82الذي أدخل أدوات جديدة لممارسة التجارة.
بالرغم من اإلتفاق السري األول والثاني الذي عقد بين الجزائر وصندوق النقد الدولي
والذي كانت الجزائر في فترة إنتقالية من جهة و صعوبة الوضع السياسي بسبب توقيف
المسار اإلنتخابي و تدهور الوضع االقتصادي وذلك بتراجع مداخيل البترول هذا ما أدى
بعدم بلوغ األهداف المرجوة من االتفاق و ما يميز الصندوق أيضا أنه يمنح قروض مالية
بمقابل فوائد كبيرة وقصر مدة التسديد هذا ما جعل الجزائر تعيد النظر في سياساتها
االقتصادية وإعادة هيكلة إقتصادها الكلي.
بعد فشل االتفاقيتين السابقتين مع مؤسسات النقد الدولي ،وتحت ضغط األزمة
االقتصادية والمالية و األمنية ،كانت السلطات الجزائرية مرغمة باللجوء مرة ثالثة إلى
صندوق النقد الدولي والبنك العالمي إلبرام إتفاقية في إطار برنامج االتفاق الموسع أو ما
يسمى برنامج التعديل الهيكلي الذي يمتد على مرحلتين :مرحلة التثبيت الهيكلي من -5882
،5881ومرحلة برنامج التعديل الهيكلي من .5885-5881وعلى أثر هذه االتفاقية
)*(
للمزيد أنظر:الجريدة الرسمية ،المرسوم التشريعي رقم 85-82الصادر بتاريخ 11أفريل 5882والذي يحدد كيفية
ممارسة النظام التجاري في الجزائر.
)(1
نورالدين جليد ،رشيد بوعافية ،مرجع سابق ذكره ،ص . 251
185
تحصلت الجزائر على قروض ومساعدات مشروطة باإلضافة إلى إعادة جدولة ديونها
)(1
الخارجية مع نادي باريس ونادي لندن.
يندرج هذا االتفاق ضمن برنامج التعديل الهيكلي بحيث إشترط البنك العالمي على
الجزائر عقد إتفاق تثبيت لمدة سنة تطبيقا لمبدأ المشروطية المتقاطعة بين المؤسستين
الدوليتين ،إليجاد حل جذري لمشكلة المديونية الخارجية من خالل إعادة الجدولة و إعادة
اإلختالالت إلى حالة التوازن مع صندوق النقد الدولي كخطوة أولى (،)5881-5882
قبل الذهاب إلى البنك الدولي لتنفيذ الخطوة الثانية (.)5881-5882
دوافع إتفاق التثبيت الهيكلي :إن من بين الدوافع التي جعلت الجزائر تعقد إتفاق
التثبيت مايلي:
-إنخفاض إيرادات المحروقات من 55مليار دوالر سنة 5881إلى 5.1مليار دوالر
سنة .5882
-عبأ المديونية وخدماتها بحيث بلغت المديونية 11.2مليار دوالر سنة 5882في
حين سددت ما قيمته 15.2مليار دوالر للفترة ( ،)5882-5885وهذا معناه قيمة
التسديد أكبر من قيمة َّ
الدين.
-بلغ العجز في الخزينة العمومية %8.1من الناتج المحلي اإلجمالي في سنة 5882
مؤديا إلى تراجع معدل النمو بنسبة ( ،)%1.1-أي هناك ركود إقتصادي.
-بلغ إحتياط الصرف 5.1مليار دوالر في نهاية 5882ثم 5مليار دوالر في بداية
5882وهذا يضعف من قدرة البنك المركزي في مواجهة أعباء االلتزامات الخارجية.
-إنخفاض الواردات إلى 5مليار دوالر في سنة ،5882وهذا ما إنعكس بالسلب على
تموين الجهاز اإلنتاجي وبالتالي إنخفاض اإلنتاج في هذه السنة بنسبة .%1.1
-وصل معدل البطالة إلى حدود % 11مع تزايد معدل النمو السكاني بـ ـ %1.2
سنويا مما ولد ضعفا في السكن والتعليم وغيرها.
)(1
بلعزوز بن علي ،عاشور كتوش" ،دراسة لتقييم انعكاسات االصالحات االقتصادية على السياسة النقدية" ،مرجع سابق
ذكره ،ص 58
186
-إنخفاض مردودية القطاع الفالحي إلى % 2عام 5882بسبب الجفاف الذي
)(1
تعرضت له مختلف جهات الوطن.
إن هذه المشكالت فرضت على الجزائر ضرورة االتفاق مع صندوق النقد والبنك الدوليين
وقبول شروطهما للحصول على التمويالت ومساعدتها للخروج من أزمتها الخانقة.
-تحرير األسعار وذلك برفع الدعم عنها وترك المجال آللية السوق ،وهذا ال يعني
تحريرها بالكامل فقد أعفيت منها المواد االستهالكية كالدقيق والحليب.
-تخفيض قيمة الدينار الجزائري لسنة 5882بنسبة % 18مقابل الدوالر األمريكي،
وضرورة إحداث مكاتب للصرف لتحديد سعر الصرف.
-تحرير التجارة الخارجية برفع قيود االحتكار عنها وتنمية الصادرات خارج قطاع
المحروقات.
)(1
نورالدين جليد ،رشيد بوعافية ،مرجع سابق ذكره ،ص .252
)(2
رضوان سوامس" ،العالقة بين البنك والمؤسسة على ضوء االصالحات المالية والنقدية الجارية في الجزائر" ،الملتقى
الوطني األول حول " المؤسسات االقتصادية الجزائرية وتحديات المناخ االقتصادي الجديد ،الجزائر :يومي 12-11أفريل
.1882
187
-إعادة جدولة ديونها الخارجية للتخفيف من إرتفاع عبأ الدين الخارجي بواسطة إعادة
جدولة 51مليار دوالر لسنة 5885للتقليل من آثار أزمة المديونية الخارجية.
-إنشاء صندوق التأمين ضد البطالة وإلغاء تعويضات التسريح الناجمة عن غلق
المؤسسات اإلقتصادية العمومية.
-إصالح القطاع العام وتطوير القطاع الخاص وذلك بالتصريح ببيع وحدات القطاع
العام ومشاركة الخواص في أسهم رأس مال هذه المؤسسات بنسبة ،%28باإلضافة
إلى تصفية 511مؤسسة من بين 5288عامة محلية خالل الفترة(،)5881-5882
وإعطاء االستقاللية ل ـ ـ 11مؤسسة عامة التي تكبدت أكبر الخسائر ،مع وضع
برنامج خاص لمتابعتها وإعادة هيكلتها خالل الفترة (.)5881-5882
ج -2-مرحلة التعديل الهيكلي ( :)1446-1441
بعد تنفيذ الخطوة األولى مع صندوق النقد الدولي ،شرعت الجزائر في تنفيذ الخطوة الثانية
بإجراء سلسلة من المفاوضات مع البنك الدولي حول برنامج التعديل الهيكلي أو إتفاق
تسهيل التمويل الموسع للفترة ( )5885-5881لمواصلة اإلصالحات وتصحيح أوضاع
االقتصاد وتحويله من حالة التوازن إلى حالة االستقرار و اإلنطالق نحو اإلستخدام األمثل
للموارد ومتابعة مسيرة التنمية في ظروف االستقرار.
أهداف برنامج التعديل الهيكلي :تتمثل األهداف المرجوة من هذا البرنامج فيما يلي:
-تحقيق نمو إقتصادي بمعدل %1سنويا خالل( )5885-5881قابل لإلستمرار
وقادر على فتح مناصب عمل وتمويل االستثمارات.
-تخفيف الضغط على ميزان المدفوعات وتحقيق إحتياطي من الصرف يعادل ثالث
أشهر من الواردات وتخفيف العجز في الميزان التجاري.
-ضمان حماية الفئات اإلجتماعية المتضررة من عملية التعديل المطبقة.
-تحقيق التوازنات الكبرى مع إحداث تغيرات هيكلية موجهة لتحرير المبادرات الخاصة
)(1
للقطاعى الخاص ودعم النمو االقتصادي.
)(1
Leila Abdeladim, les privatisations d entreprises publiques dans les pays du
Maghreb , étude juridique , les éditions internationales, Alger : 1998, p 29.
188
إجراءات البرنامج التعديل الهيكلي :يمكن عرض أهم اإلجراءات التي قامت بها
الحكومة الجزائرية فيما يلي:
-تقرر في برنامج إلغاء التمويل النقدي وتعويضه بمنح قروض لالقتصاد بأسعار فائدة
موجبة بإستثناء قطاع السكن ،لتشجيع االستثمار.
-إنشاء سوق ما بين البنوك بالعملة الصعبة وإنشاء مكاتب الصرف.
-تخفيف الضريبة الجمركية بنسبة %18كحد أقصى.
-تحرير األسعار وإعادة إصالح نظام دعم األسعار الزراعية.
-ترشيد اإلنفاق العام والتركيز على تخفيف الوزن النسبي لألجور.
-تخفيض قيمة الدينار مقابل العملة الصعبة.
-إنشاء الصندوق الوطني لتشغيل الشباب بالتعاون مع الصندوق والبنك الدولي وكذا
)(1
تدعيم نشاط نظام التأمين على البطالة والتقاعد المبكر.
-رفع الدعم على الكثير من المواد التي كانت ذات هامش ربح محدود باستثناء
األدوية ،األمر الذي نتج عنه تخفيض نفقات الميزانية على هذه المواد باستثناء
أسعار السكر والحبوب.
-حرص البرنامج على إتخاذ إجراءات من شأنها التخفيف من معاناة العمال المسرحين
)(2
بعد حل المؤسسات و غلقها ،وكذلك إنشاء صندوق وطني لتشغيل الشباب.
وبموجب هذه اإلجراءات تحصلت الجزائر على قرض إلصالح الهيكلي من البنك
الدولي بهدف الخروج من األزمة التي عصفت بها بسبب أزمة البترول لعام 5851من
جهة وسياسة الدين المطبقة عليها من قبل المؤسسات الدولية في زيادة نسبة الفائدة من
جهة أخرى ،مما أثر بالسلب على السياسة الكلية للجزائر وأدخلها في دوامة مفرغة.
)(1
موسى رحماني ،فلة عاشور " ،السياسة االقتصادية الجزائرية بين ضغط الداخل والتزامات الحكومة الدولية – ،" FMI
المؤتمر الدولي حول األداء المتميز للمنظمات الحكومات ،جامعة ورقلة :يومي 5و 8مارس .1881
)(2
نور الدين جليدي ،بوعافية رشيد ،مرجع سابق ذكره ،ص .252
189
تقييم فترة اإلصالحات الهيكلية:
قبل القيام بتقييم فترة اإلصالحات االقتصادية ( )5885-5882من المفيد أن نشير إلى
أن إسترجاع التوازنات المالية الداخلية والخارجية لم يعتمد فقط عل حسن تنفيذ برنامج
التعديل ،وإنما يعود أيضا إلى تحسين أسعار النفط ،والتحسين في قيمة الدوالر بالنسبة
للعمالت األخرى ،وعليه يمكن أن نقيم برنامج التعديل الهيكلي للفترة (.)5885-5882
كما إن لجوء الجزائر إلى مؤسسات النقد الدولية إنما كان لغرض الحصول على
مساعدات صندوق النقد الدولي ،وإمكانية إعادة جدولة ديونها الخارجية دون المساس بسيادة
الدولة لكن برنامج التعديل الهيكلي عرف نتائج يمكن وصفها بالمقبولة على مستوى مؤشرات
التوازن اإلقتصادي الكلي ،باإلضافة إلى إعادة تفعيل السياسة النقدية كوسيلة ضبط مالي و
إقتصادي وكسياسة إلدارة الطلب ،وقد سجل في هذا الشأن المؤشرات التالية:
الجدول رقم( :)11يمثل تطور إحتياط الصرف ( )2111-1443باستثناء الذهب-الوحدة مليار دوالر.
1 2.25 1.52 5.81 2.1 1.5 1.1 5.1 اإلحتياطي بالعملة الصعبة
5.21 2.11 1.25 8.82 2.1 1.5 1.8 5.8 االحتياطي /شهر االستيراد
)(1
Rabah Abdoune, "un bilan du P.S.E en Algerie (94-98) ", Revue conjoncture ,
N67,Algerie: 2000, p5.
190
Source : Rabah Abdoune, un bilan du P.S.E en Algerie (94-98) Revue
conjoncture , N67,Algerie : 2000.p5.
-إنخفاض الديون الخارجية ألقل من 12مليار دوالر نهاية سنة ،1885وهذا ما
سنبينه في الجدول التالي.
الجدول رقم( :)18يمثل تطور اللجوء إلى الدين الخارجي 1441إلى .1444الوحدة مليار دوالر.
5888 5885 5881 5881 5881 5882 5882 5881 5885 5888
15.5 28.1 25 22.5 25.2 15.5 11 11.5 11.1 دين متوسط و 11.1
طويل األجل
8.51 8.15 8.51 8.21 8.11 8.12 8.18 8.18 5.12 قصير 5.18 دين
األجل
15.2 28.2 25.1 22.1 25.1 18.2 11.1 11.1 11.5 15.2 المجموع
إن اللجوء إلى الدين المتوسط والطويل األجل إرتفع من سنة 5882إلى سنة
،5881وإنخفض في سنة 5881بسبب إعادة الجدولة ،وكذا في سنة 5881اللجوء إلى
القرض المتوسط والطويل إنخفض بـ ـ 1.51مليار دوالر ،هذا كله ناتج عن عدم قدرة الجزائر
في خلق مداخيل خارج قطاع المحروقات.
191
إال أن هذه النتائج اإليجابية التي تحققت في هذه الفترة ال تخفي الحقائق السلبية التي نوجزها
فيما يلي:
-إن الكثير من النتائج المحققة كان بسبب تحسين أسعار المحروقات وبالتالي لم تكن
هذه النتائج بسبب تحسين األداء االقتصادي.
-صاحب مرحلة اإلصالحات اإلقتصادية تكلفة إجتماعية باهظة مست مختلف شرائح
المجتمع فارتفعت معدالت البطالة نتيجة إفالس وتصفية الكثير من المؤسسات ،وهذا
ما هو مبين في الجدول التالي.
الجدول رقم ( )11يبين عدد مناصب العمل ونسبة البطالة للفترة ما بين (.)2111-1448
192
الالستقرار سياسي و إقتصادي وتصريح العمال من المنشأة االقتصادية الكبرى وغلق
المؤسسات العمومية و تهميش العمال.
تبنت الجزائر منذ سنة 1888سياسة إقتصادية جديدة إعتمدت على التوسع في حجم
اإلنفاق الحكومي حيث برزت آثار هذه السياسات من خالل:
هو عبارة عن برنامج متوسط األجل إمتد على أربع سنوات خصص له مبلغ 1مليار
دوالر أي حوالى 111مليار دينار ،تمحورت أساسا حول األنشطة الموجهة لدعم المؤسسات
والنشاطات االنتاجية ،الفالحية ،وتقوية الخدمات العمومية ،إلى أن وصل 51مليار دوالر
من خالل إضفاء مشاريع جديدة له وهذا ما سيتم تبيانه الحقا) .(1ومن بين أهم خصائص
برنامج دعم االنعاش االقتصادي مايلي:
)*(
الخاصة بالطلب الكلي الفعال. -تبنى هذا البرنامج النظرة الكينزية
-تكييف البرنامج وفقا للظروف السائدة حيث أن البرنامج أُعد وفقا للقدرات الحقيقية
التمويلية للجزائر ،كما رافق هذا البرنامج مجموعة من التعديالت الهيكلية بهدف
)(1
دمحم مسعي " ،سياسة االنعاش االقتصادي في الجزائر وأثرها على النمو" ،مجلة الباحث ،الجزائر :جامعة ورقلة ،عدد
،1851 ،58ص .521
)*(
النظرية الكنزية :أسس هذه النظرية جون مينارد كينز( )5821-5552وتركز هذه النظرية على دور كال القطاعين
العام والخاص في االقتصاد بسبب الكساد العظيم ،كما قدم كينز تفسي ار نظريا للطريقة التي أثرت بها السياسة الحكومية
على االقتصاد ،ورأى آدم سميث واالقتصاديون الكالسيكيون أن أهم واجبات الحكومة هو فرض القوانين لكي تعزز اليد
الخفية –األفراد الساعون لتحقيق مصالحهم الذاتية -الثروة والسعادة ،وبينما دخل سميث وريكاردو في جدل فقد تبنى كثيرون
من خلفائهم الرأى السائد في منتصف القرن التاسع عشر والقائل بأنه ينبغى على االقتصاديين أال يتدخلوا في قوى السوق.
ألفريد إيكس االبن ،االقتصاد العالمي المعاصر منذ عام ،1461ترجمة :أحمد محمود ،القاهرة :المركز وللمزيد أنظر:
القومي للترجمة ،1852 ،ص .521-521
193
الحصول على نتائج إيجابية ومنها عصرنة إدارة الضرائب ووضع صندوق ترقية
)(2
المنافسة الصناعية وتهيئة المناطق الصناعية.
-1أ -أهداف برنامج اإلنعاش اإلقتصادي مايلي:
-الحد من الفقر وتحسين مستوى المعيشة بما يضمن حياة كريمة للمواطنين.
-دعم النشاطات المنتجة للقيمة المضافة ومناصب الشغل عن طريق رفع مستوى
االستغالل في القطاع الفالحي وفي المؤسسات المنتجة المحلية الصغيرة والمتوسطة.
-تهيئة وإنجاز هياكل قاعدية تسمح بإعادة بعث النشاطات االقتصادية وتغطية
االحتياجات الضرورية للسكان.
دعم التوازن الجهوي وإعادة تنشيط الفضاءات الريفية. -
كما أن هذا البرنامج جاء ضمن اإلصالحات االقتصادية المعمقة التي تهدف إلى تحريك
النشاط االقتصادي بعد معاناته من الركود في مجمل آلياته وذلك من خالل إعطاء دور
الميزانية في تمويل التنمية بحيث يتم تحفيز االستثمار الداخلي والخارجي وذلك لتحقيق نمو
)(1
إقتصادي ،تكون من خالله تنمية إقتصادية وإجتماعية و محلية في مختلف القطاعات،
وبلغ عدد المشاريع المدرجة ضمن هذا البرنامج 51812مشروع موزعة كأتي:
)(2
بوعشة مبارك" ،االقتصاد الجزائري من تقييم مخططات التنمية إلى تقييم البرامج االستشارية-مقاربة نقدية ، "-مداخلة
قدمت إلى المؤتمر الدولي حول تقييم أثار برامج االستثمارات العامة وإنعكاساتها على التشغيل واالستثمار والنمو
االقتصادي خالل الفترة ،1852-1885الجزائر :جامعة قسنطينة ،كلية علوم االقتصادية وعلوم التسيير 51-55 ،مارس
.1852
)(1
الوثيقة منشورة على موقع رئاسة الحكومة ،تم االطالع عليها يوم ، 1851-88-11 :متاح في االنترنت على:
www.cg.gov.dz/psre/bilane-psre.htm
194
1251 - -الري ،الفالحة والصيد البحري.
2251 - -السكن والعمران ،األشغال العمومية.
5218 - -تربية ،تكوين مهني ،تعليم عالى والبحث العلمي.
5118 - -هياكل قاعدية شبانية وثقافية .
851 - -أشغال المنفعة العمومية و هياكل إدارية.
112 - -إتصاالت ،صناعة.
112 - -صحة ،بيئة ،نقل.
211 - -حماية اجتماعية.
188 - -طاقة دراسات ميدانية.
تقرير برنامج دعم االنعاش االقتصادي .تم اإلطالع عليه يوم ،2111-14-12 :متاح في االنترنت المصدر:
www.cg.gov.dz/psre/bilane-psre.htm على:
لقد حضي قطاع الفالحة والصيد البحري الحصة األوفر من مشروع اإلنعاش ٌاإلقتصادي
بحكم أن هذا القطاع عاش فترة حرجة وتراجع في المداخيل واالعتماد على السلع الخارجية
مما أعطت الحكومة الجزائرية األولية له و يأتي قطاع السكن والعمران في المرتبة الثانية من
حيث عدد المشاريع التي قدمها البرنامج وهذا راجع إلى الفترة التي عاشتها الجزائر خالل
عقد التسعينات من القرن الماضي(العشرية السوداء) ،لتأتي فيما بعد المشاريع التكميلية
األخرى ،كالصحة والبيئة والصناعة وغيرها.
إن سياسة االنعاش االقتصادي تهدف أساسا إلى حفز النمو االقتصادي من خالل رفع
اإلنفاق الحكومي االستثماري خالل فترة زمنية محددة ،كما أن رفع االنفاق الحكومي يؤدي
إلى زيادة الطلب الكلي الذي يؤدي بدوره إلى إرتفاع معدل النمو االقتصادي مع العلم أن
195
)(1
تحقيق هذه العالقة يتطلب مرونة العرض الكلي وتجاوبه مع الزيادة في الطلب الكلي.
ويمكن حوصلة إنجازات هذا البرنامج فيما يلي:
جاء هذا البرنامج في إطار إستكمال السياسة االقتصادية المدعمة من قبل الدولة والتي
جاءت بعد اإلنتخابات الرئاسية في 85أفريل ،1882كنتيجة إلعادة تقويم مسار التنمية
االقتصادية في الجزائر و التي أكد عليها برنامج رئيس الجمهورية من جهة و اقتراحات
)(1
نبيل بوفليح " ،دراسة تقييمية لسياسة االنعاش االقتصادي المطبقة في الجزائر في الفترة ،" 1858-1888مجلة
أبحاث اقتصادية وإدارية ،جامعة بسكرة :عدد ،51ديسمبر ،1851ص .111
)(2
بوعشة مبارك ،مرجع سابق ذكره .ص . 55
)(3
نفس المرجع ،ص .51
196
)(1
والتي جاءت في المنظمة العالمية للتجارة كأحد الشروط لدخول المنظمة من جهة أخرى،
إطار تحسين الوضعية المالية للجزائر وتحسين مناخ اإلستثمار لترقية االقتصاد الوطني.
من خالل هذا البرنامج التي سخرت له إجراءات من أجل بلوغ األهداف التالية:
-وضع إستراتيجية أساسية لقطاع السياحة والصناعات التقليدية والصيد البحري من
أجل الرفع من مستوى إرادتها ومضاعفة قدراتها في إستحداث مناصب شغل جديدة.
-ترقية االستثمار وضبطه وذلك من خالل التعديالت التشريعية والتنظيمية التي سبق
إجرائها أو الواجب إستكمالها في إطار التحضير للشراكة الفعلية مع االتحاد األوروبي
)(2
و اإلنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة وكذا قانون اإلستثمار.
-تشجيع إيصال الغاز وغاز البوتان المميع والطاقات المتجددة ،وجعله متوفر عبر
كامل التراب الوطني.
-مكافحة الفقر بكل أشكاله وأنواعه في الريف والمدينة.
-وضع برنامج تسيير وتنمية الغابات والسهوب التي تستحدث مناصب الشغل وتحافظ
)(3
على الوسط الطبيعي مع مواصلة إصالح قطاع الفالحة.
-تحديث وتوسيع الخدمات العامة ،حيث أن ما مرت به الجزائر خالل فترة التسعينات
من القرن الماضي من أزمة سياسة و إقتصادية أثَّر سلبا على نوع وحجم الخدمات
العامة بشكل جعل من تحديثها وتوسيعها ضرورة ملحة قصد تحسين اإلطار المعيشي
من جهة ،ومن جهة أخرى تكمل نشاط القطاع الخاص في سبيل ازدهار االقتصاد
الوطني.
-رفع معدالت النمو االقتصادي باعتباره الهدف النهائي للبرنامج التكميلي لدعم النمو
)(1
وهو الهدف الذي تصب فيه كل األهداف.
)(1
كريم زرمان" ،التنمية المستديمة في الجزائر من خالل برنامج االنعاش االقتصادي ،"1888-1885مجلة أبحاث
اقتصادية وإدارية ،عدد ،81جامعة بسكرة ،1858 :ص .181
)(2
نفس المرجع ،ص .181
)(3
نوردين جليد ،رشيد بوعافية ،مرجع سابق ذكره ،ص . 221
197
و تتمثل خصائص هذا البرنامج منذ إعالن إنطالقه من قبل رئيس الجمهورية في 85
أفريل 1881إلى غاية نهاية ديسمبر ،1888بأنه شهد عدة عمليات توسعية سمحت بها
اإليرادات الجيدة للخزينة وقد تضمنت العمليات التوسعية مايلي:
-برنامجا تكميلي خاصا لفائدة الجنوب والذي صادق عليه في مجلس الوزراء في
جانفي 1881بمبلغ 211مليار دينار.
-برنامجا تكميليا خاصا لفائدة واليات الهضاب العليا ،صادق عليه مجلس الوزراء في
شهر فيفري 1881بمبلغ 182مليار دينار.
-برنامجا تكميليا من 118888سكن موجها إلمتصاص السكن الهش ،صادق عليه
مجلس الوزراء بمبلغ 588مليار دينار.
وعن مضمون البرنامج التكميلي لدعم النمو االقتصادي فيعتبر البرنامج التكميلي برنامج
غير مسبوق في تاريخ الجزائر االقتصادي من حيث قيمته التي بلغت 11مليار دوالر ،وقد
)(2
كما يوضحه الجدول التالي: شمل خمس محاور رئيسية
الجدول رقم( )14يوضح توزيع البرنامج التكميلي لدعم النمو ( )2114-2111حسب كل
قطاع.
)(1
مبارك بوعشة ،مرجع سابق ذكره.ص .52
مجلس األمة ،البرنامج التكميلي لدعم النمو ،2114-2111الجزائر ،1881 :ص .1-1 )(2
198
5 221.1 دعم التنمية االقتصادية
مجلس األمة ،البرنامج التكميلي لدعم النمو ،2114-2111الجزائر ،2111 :ص .1-8 المصدر:
وقد أعطى البرنامج التكميلي أهمية كبيرة للتنمية االقتصادية واالجتماعية وذلك من خالل
المبالغ المعتبرة المخصصة لمختلف القطاعات ،من أجل تحقيق تنمية محلية في كل مناطق
الوطن.
الدعم المباشر للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خالل القيام بعمليات التشخيص -
االستراتيجي للمؤسسات ،إضافة إلى دعم تكوين مسيري هذه المؤسسات.
-دعم تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بوضع وتنفيذ عقود الشراكة مع المؤسسات
المالية من أجل مساندة ودعم المؤسسات التي تدخل في نشاطات التأهيل والتطوير إضافة
إلى دعم المؤسسات المالية في نشاطاتها.
-دعم محيط المؤسسات الصغيرة و المتوسطة من خالل الدعم المؤسساتي ودعم جمعيات
أرباب العمل والجمعيات الحرفية والمهنية في إعداد إستراتيجية لتطوير المؤسسات الصغيرة و
المتوسطة ،وكذا الدعم التقني المتخصص من أجل التكوين وإنجاز الدراسات وتنظيم الندوات
)(1
والملتقيات من أجل تحسين المحيط المؤسساتي.
وفي نهاية البرنامج وحسب التقرير النهائي الصادر في ديسمبر 1881فقد تقدمت
685مؤسسة صغيرة ومتوسطة لإلنضمام للبرنامج ،ولقد تم الدخول الفعلي ل ـ ـ 221مؤسسة
)(1
مراد جنيدي" ،االصالحات واإلنعاش اإلقتصادي في الجزائر –دراسة تحليلية قياسية ،"-أطروحة الدكتوراه ،جامعة
الجزائر :كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير والعلوم التجارية ،1851 ،ص .512
199
ضمن إجراءات التأهيل بما يمثل نسبة % 11من إجمالي المؤسسات الراغبة في الدخول
للبرنامج ،وتعود األسباب الرئيسية لتخلي باقي المؤسسات عن المواصلة في إجراءات
البرنامج في تردد مسؤولي المؤسسات في متابعة اإلجراءات ،إضافة إلى الصعوبات المالية،
وكذا سوء تنظيم هذه المؤسسات وعدم شفافية التسيير.
وفيما يخص تقييم البرنامج التكميلي لدعم النمو وأثره على السياسة العامة للدولة فيمكن ذكر
أهمها فيما يلي:
وعليه ومن خالل ما سبق سنقوم بتلخيص برنامج اإلنعاش االقتصادي من خالل الجدول
التالي:
الجدول رقم ( :)11يمثل نتائج برنامج دعم االنعاش االقتصادي مابين (.)2114-2111
200
1882 1882 1881 1885 1888 السنة
المصدر :تومي عبد الرحمن" ،واقع وأفاق االستثمار األجنبي المباشر من خالل اإلصالحات االقتصادية في
الجزائر" ،أطروحة دكتوراه ،كلية العلوم االقتصادية ،جامعة الجزائر ،1881 :ص.125
من خالل قراءة تحليلية للمؤشرات االقتصادية واالجتماعية نجد أن معظم هذه
المؤشرات عرفت تحسن ،حيث إنتقل الناتج الداخلي الخام من 2225مليار دينار سنة
1888إذ قدرت بحوالي 2511مليار دينار ،1882كما أن معدل النمو االقتصادي في
تحسن وحقق أعلى نسبة سنة 1882بمعدل %1.5أما نسبة التضخم فلم تتحسن في
هذه المرحلة ،بحيث إنتقل من %8.2سنة 1888إلى %2.1سنة .1882
ونالحظ إنخفاض حجم المديونية الخارجية التي تشكل عائق كبير لعملية التنمية
لتصبح حوالي 15.28مليار دوالر سنة ،1882وإرتفاع إحتياطات الصرف لتصبح سنة
1882ب ـ ـ 28مليار دوالر ،مما أدى بالميزان التجاري إلى تحقيق فائض قدر في نفس
السنة بـ ـ ـ 52.2مليار دوالر.
201
وعلى هذا األساس وبالرغم من اإلهتمام الكبير التى أولته الدولة لعملية التنمية
االقتصادية واالجتماعية خالل هذه الفترة من خالل البرامج المختلفة نجد بأن عملية
التنم ية المحلية التي خصصت لها مبالغ ضخمة في إطار هذه البرامج ال زالت بعيدة عن
تحقيق أهدافها ،لذا عمدت الدولة من خالل البرنامج التكميلي لدعم النشاط االقتصادي
وذلك بضخ أكبر قدر ممكن من االستثمارات المحلية واألجنبية.
أطلق ع لى هذا البرنامج إسم برنامج االستثمارات العمومية ،ويندرج هذا البرنامج ضمن
ديناميكية إعادة اإلعمار الوطني التي إنطلقت قبل عشر سنوات ببرنامج دعم االنعاش
االقتصادي الذي تم مباشرته سنة ، 1885والذي بلغ غالفه المالي 151مليار دوالر
)(1
،كما تعكس قيمة االستثمارات العمومية وخصص له أكثر من %18للبنايات التحتية
للبرنامج الخماسي إرادة السلطات العمومية في المحافظة على هذه الديناميكية الخاصة التي
تشمل جميع قطاعات النشاط –السيما بالنسبة للمنشأة الطرق والنقل بالسكك الحديدية
والصحة وتوصيل الكهرباء الريفية أو التزويد بالمياه الصالحة للشرب -كما أن الجزائر لم
يسبق لها في الواقع األمر أن خصصت مثل هذا الغالف المالي لبرنامج تنموي الذي يشمل
قسمين أساسيين:
استكمال المشاريع الكبرى الجارية إنجازها على الخصوص في قطاع السكة الحديدية
والطرق والمياه بمبلغ 8.188مليار دج ما يعادل 528مليار دوالر.
إطالق مشاريع جديدة بمبلغ 55.122مليار دينار أي ما يعادل حوالي 511مليار
دوالر.
خصص هذا البرنامج أكثر من %28من الموارد المالية لتحسين التنمية البشرية ،خاصة
في المشاريع التالية:
)(1
األمم المتحدة ،اللجنة االقتصادية إلفريقيا ،االقتصاد األخضر في الجزائر ،فرصة لتنويع االنتاج الوطني وتحفيزه ،ب ب
ن ،ب س ن ،ص.81
202
-إنشاء ما يقارب 1888منشأة للتربية الوطنية ،وأكثر من 5188منشأة قاعدية
صحية.
-توصيل 1مليون وحدة سكنية منها 5.1مليون وحدة سيتم تسليمها خالل فترة
)(1
الخماسي التي تم الشروع في أشغالها مع نهاية سنة .1852
-أكثر من 1888منشأة قاعدية موجهة للشبيبة والرياضة منها 58ملعب و 518
قاعدة متعددة الرياضات و 188بيت شباب وغيرها من القطاعات األخرى.
-أكثر من 2.588مليار دينار خصصت لقطاع األشغال العمومية لمواصلة توسيع
وتحديث شبكات الطرقات وزيادة قدرات الموانئ.
-ما يقارب 5.5 88مليار دينار لتحسين إمكانات وخدمات الجماعات المحلية وقطاع
العدالة و الضرائب والتجارة والعمل.
وخصص هذا البرنامج مبلغ 5.188مليار دينار لدعم التنمية االقتصادية من خالل:
518 -مليار لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة و إنشاء مناطق صناعية وتأهيل
وتسيير القروض البنكية التي وصلت إلى 288مليار للغرض نفسه.
218 -مليار دينار لتشجيع توفير مناصب العمل من خالل دعم إنشاء المؤسسات
المصغرة وتمويل آليات إنشاء المرافقة لإلدماج المهني لخريجي الجامعات ومراكز
التكوين المهني.
-خصص مبلغ 118مليار دينار لتطوير إقتصاد المعرفة ،من خالل ( دعم البحث
العلمي ،واستعمال وسيلة اإلعالم اآللي) داخل منظومة للتعليم والمرافق العمومية.
58 -مليار دينار تم رصدها لدعم التنمية الفالحية والريفية الذي تم الشروع فيه منذ
البرامج السابقة.
ومن خالل ما تبين في هذا البرنامج من دعم مالي متكامل الذي شمل جل القطاعات
التي أغفلتها البرامج السابقة أو كان لها دعم قليل في البرامج السابقة الذي زاد من نفقات
الدولة على المرافق العمومية بسبب إرتفاع البترول إلى مستويات أعلى إلى أن حدث
)(1
بيان إجتماع مجلس الوزراء ،المنعقد يوم 12 :ماي ،1858تم االطالع عليه يوم ، 1851 -81-55 :متاحة في
http://algerianembass saudi.com/PDF/quint.pdf. األنترنت على:
203
خلل في الميزانية العامة للدول من خالل تراجع مداخيل البترول بشكل كبير خالل الثلث
األخير من سنة 1852وتأزم أكثر في ميزانية 1851وميزانية 1851مما أدى إلى
)(1
تراجع الدعم لبعض القطاعات الكبرى.
:2-5البرنامج الخماسي 2114 -2111م :لقد باشرت الحكومة الجزائرية خالل الفترة
األخيرة عددا من اإلصالحات والمبادرات الرامية بشكل خاص إلى تنويع االقتصاد وتحسين
مناخ األعمال وتطوير االقتصاد األخضر تشجيع أنماط مستديمة لإلنتاج واالستهالك مع
المساهمة في إيجاد الثروات ومناصب الشغل مع تركيز هذه االستراتيجية على مقاربة معتمدة
على الرهانات المحلية ويكون بمقدورها االستجابة لتحديات اإلستدامة البيئية.
تشجع الخطة الخماسية الجديدة التي أقرتها الحكومة الجزائرية خالل 1858-1851م
لزيادة الدعم التنموي الذي بدأ منذ بداية القرن الواحد والعشرين في القطاعات الرئيسية
لالقتصاد األخضر ،وباألخص الزراعة والمياه وإعادة تدوير النفايات ،وخصص لهذا البرنامج
ميزانية تقدر ب ـ ـ 11.588مليار دينار أي 158مليار دوالر ويشمل هذا المخطط مجموعة
من المجاالت ويمكن تلخيصها فيما يلي:
-تم إقتراح إستكمال المشاريع التي هي في طور اإلنجاز منها ما إستكمل قبل نهاية
،1852بمبلغ 51588مليار دينار والتي يصب في دعم مشاريع االستثمارات
الخاصة كالسكن بمختلف الصيغ ( عدل ،إجتماعي ،ترقوي ) .ومنها ما هو قيد
اإلنجاز.
-تنمية الصناعات الغذائية من خالل تعزيز االنتاج الزراعي وإيجاد مجال جديد
لتصدير المنتجات ذات القيمة المضافة ،كما سيتم تنفيذ مخطط خاص بتهيئة 511
ألف هكتار من المساحة الغابية ،بغية محاربة مشكلة اإلنجراف.
-ومن أجل أن تضمن الحكومة موقعها في السوق العالمي وأمنها الطاقوي طويل
المدى ،قررت تكثيف جهودها في البحث والتنقيب عن حقول النفط والغاز جديدة.
)(1
مشري دمحم الناصر ،بقة الشريف" ،تقييم حصيلة برامج ومخططات التنمية في الجزائر دراسة اقتصادية خالل الفترة
،"1851-1881مجلة االقتصاد االسالمي العالمية ،عدد ،11البحرين :مركز أبحاث فقه المعامالت االسالمية ،فيفري
،1851ص.28
204
-إنشاء برنامج واسع للطاقات المتجددة ،حيث َّ
أن أول مركز للتهجين دخل حيز العمل
في 1855باإلضافة إلى 12محطة ضوئية ومحطة لطاقة الرياح نهاية .1851
-تسعى الحكومة الجزائرية إلى تطوير إستراتيجية الدولة للشباب ،ومكافحة اآلفات
)(1
االجتماعية وتوفير مناصب العمل ،والمساواة في الحصول على السكن.
لقد كانت االصالحات االقتصادية التي تبنتها الجزائر نهاية الثمانينات من القرن
الماضي بمثابة القطيعة مع النظام االشتراكي بعد التخلي عن إقتصاد التخطيط وتوجيه
االقتصاد الوطني نحو "النظام الليبرالي" وقد تضمنت هذه اإلصالحات التراجع عن سياسات
مركزية التخطيط والتأمين والتحول نحو الخصخصة وتوزيع األراضي المؤممة ،ولقد قدمت
الجزائر من خالل هذه اإلصالحات ضمانا إلى المؤسسات الدولية ،على أن االقتصاد
الجزائري سائر في طريق التحول نحو النظام الليبرالي األمر الذي سيزيد من حظوظ الجزائر
)(2
لمنحها عضوية في المنظمة العالمية للتجارة والتي مزالت المفاوضات سارية لحد اليوم.
وعليه يمكن القول أن الجزائر بذلت مجهودات كبيرة للخروج من األزمة اإلقتصادية
التي عاشتها خالل سنوات التسعينات ،وذلك بإتخاذها لعدة إصالحات إقتصادية ،مما أهلها
من أن تكون محل إهتم ام إقليمي ودولي لإلستثمار في الجزائر وفتح الباب أمام المستثمرين
من أجل جلب العملة الصعبة وفتح مناصب شغل وترقية الصناعات المحلية.
لقد تبنت العديد من دول جنوب المتوسط إتفاق الشراكة مع االتحاد األوروبي بغرض
تقديم الدعم المالي واالقتصادي بهدف الخروج من األزمات فكانت الجزائر أحد هذه الدول
)(1
نفس المرجع ،ص .21
طارق تاحي ،الرهانات االقتصادية النظمام الجزائر إلى منظمة التجارة العالمية ،بيروت :مركز دراسات الوحدة )(2
205
ولكن بترقب شديد لما نتج عن اتفاق الشراكة مع جيرانها وهو ما دفع بها إلى التريث من عقد
الشراكة ومع مراجعة وتقييم لنتائجها وهذا ما سيتم دراسته فيما يلي:
لقد أعطت الجزائر موافقتها على مشروع تأسيس شراكة أورو-متوسطية سنة 5882
والذي تأكد في نوفمبر 5881بتصريح برشلونة الذي جمع 51دولة من االتحاد
األوروبي و 51دولة من جنوب المتوسط النامي ،وذلك بشكل متأخر نوعا ما مقارنة
بنظيرتها تونس و المغرب ،فقد حاولت الجزائر في البداية من خالل مبادرتها اإلطالع
على مساعي التجانس للدول العربية عموما ودول المغرب العربي خصوصا ،ومحاولة
السير على مبدأ جماعي موحد ،لكن هذه المبادرة بقيت دون جدوى رغم وعي الجزائر
بالقوة التفاوضية التي يمكن للمغرب العربي إكتسابها في حالة تحقيق وحدته ،و في
أكتوبر 5881أسست الجزائر لجنة مهمتها المفاوضات مع االتحاد األوروبي ،سبقت
).(1
بقليل اإلعادة الرسمية للعرض المشترك األوروبي الذي تم في ديسمبر من نفس السنة
كما أن إتفاقيات الشراكة بين الجزائر واإلتحاد األوروبي تبرزها مبررات ودوافع نوجزها
فيمايلي:
تتمثل أهم مبررات ودوافع إقامة اإلتحاد األوروبي إلتفاقية الشراكة بين الشركاء الجنوبيين
لدوافع سياسية و أمنية و إقتصادية نوجزها فيما يلي:
)(1
عبد هللا حناية ،آثار العولمة االقتصادية في ضوء السياسة السعرية (حالة الجزائر) ،االسكندرية :مؤسسة الثقافة
الجامعية ،1851 ،ص .282
206
-األمن األوروبي و اإلستقرار اإلجتماعي لدول االتحاد األوروبي اللذان تهددهما حركة
)(1
اليد العاملة من دول شمال إفريقيا.
-إنهيار جدار "برلين" في نوفمبر 5858الذي قلب الساحة األوروبية الجيو سياسية و
االستراتيجية رأسا على عقب ،حيث بادرت العديد من بلدان وسط وشرق أوروبا
)(2
اإلنضمام لإلتحاد األوروبي دور في إعادة توازن عالقات االتحاد األوروبي جنوبا.
-وعي أوروبا بأن مشاكلها ال يمكن أن تحل داخل أوروبا فقط ،بل هي تحتاج إلى
الفضاء المتوسطي لحل جزء من المشاكل األوروبية ،كالهجرة التي تتطلب تعاونا
متوسطيا من خالل توفير الدافع للمهاجرين للبقاء في بلدانهم وتقديم الدعم المالي لهم
من أجل تنمية بلدانهم.
-أمن أوروبا وإستقرارها هو من أمن البحر األبيض المتوسط ،فال يمكن أن تكون
أوروبا مستقرة وبلدان الحوض الجنوبي للبحر المتوسط مضطربة.
-إنهيار اإلتحاد السوفياتي وتفرد أمريكا بقيادة العالم و زيادة تواجدها في المنطقة
العربية سيمكنها ذلك من االستحواذ والهيمنة على منابع النفط فيها ،وسيطرتها على
حوض المتوسط الذي يعتبر مجال حيوي لإلتحاد األوروبي.
ب -الدوافع اإلقتصادية :تتمثل األسباب اإلقتصادية التي دفعت اإلتحاد األوروبي بعقد
إتفاقية شراكة مع جنوب المتوسط فيما يلي:
-حوض البحر األبيض المتوسط غني بالمواد الطبيعية التي تحتاجها أوروبا فهي متقاربة
لثالث قارات حيث تعتبر المنطقة الوحيدة للتوسع الجغرافي األوروبي لما تتمتع به من
إيجابية القرب الجغرافي.
)(1
رزيقة غراب ،نادية جسار " ،محتوى الشراكة األوروجزائرية" ،مداخلة مقدمة للملتقى الدولي حول :آثار وإنعكاسات
إتفاقية الشراكة على اإلقتصاد الجزائري ،جامعة سطيف :يومي 52-52نوفمبر ،1881ص .51
)(2
عبد الوهاب دميدي ،علي سماي "،األثار المتوقعة على اإلقتصاد الوطني من خالل إقامة منطقة التبادل الحر األورو-
جزائرية" ،مداخلة مقدمة للملتقى الدولي حول :آثار وإنعكاسات إتفاقية الشراكة على اإلقتصاد الجزائري ،جامعة سطيف:
يومي 52-52نوفمبر ،1881ص .181
207
-دعم الوضع االقتصادي لدول اإلتحاد األوروبي في دول المنطقة في إطار عمل إتفاقية
)(1
منظمة التجارة العالمية ،وفي إطار تنافس مع بلدان صناعية أخرى في المنطقة.
-رغبة اإلتحاد األوروبي في توزيع سوقه لصالح صادراته ،و دعم مراكز اإلتحاد األوروبي
في مواجهة التكتالت اإلقتصادية ،والرغبة في منع قيام أي تكتالت إقتصادية أخرى من
قبل جنوب المتوسط وشرقه ،تجنبا لضياع أمنه اإلقتصادي.
-التخوف األوروبي من إمكانية إنتشار أسلحة الدمار الشامل في المناطق العربية والتي
تعتبر قريبة جغرافيا منها ،مما يثير مخاوف االتحاد األوروبي ويهدد مصالحها و أمنها
)(2
من جهة و إستقرار المنطقة ككل من جهة أخرى.
-تنا مي ظاهرة اإلرهاب في المنطقة وما يترتب عنها من مخاطر كالجريمة المنظمة،
التطرف ،تجارة المخدرات والتي أثارت ذع ار في األوساط األوروبية ،خوفا من إنتشار
الظاهرة في أوروبا.
-سعي االتحاد األوروبي من الهيمنة األمريكية ومحاولة اإلستقالل بذاتها في مختلف
القضايا الدولية ورغبة منها بروز كقوة عالمية صاعدة تلغي قواعد النظام العالمي الجديد.
-رغبة الدول األوروبية في اإلبقاء على عالقاتها مع دول الشرق األوسط ودول شمال
إفريقيا خاصة ،نظ ار لما تلعبه هذه الدول من دور هام في إقتصاديات الدول األوروبية
خاصة في مجال النفط والغاز بحكم القرب الجغرافي من جهة وعالقات التبعية و والء
شبه تام ناجم عن الفترة اإلستعمارية.
-تسعى الدول األوروبية إلى دعم نفوذها الثقافي واللغوي في الفضاء المتوسطي من خالل
عدة وسائل ،كالمنظمة الفرانكفونية ،وتنظيم ملتقيات ومنتديات علمية وثقافية للتقارب بين
الضفتين بما يخدم مصالح أوروبا بالدرجة األولى.
)(1
عبد الرحمن يسرى أحمد ،السيد أحمد السريتي ،مرجع سابق ذكره ،ص .228
)(2
نصير العرباوي" ،مستقبل الشراكة األورو جزائرية" ،مجلة العلوم اإلجتماعية ،جامعة سطيف :العدد ،1852 ،51ص
.188
208
-2دوافع الشراكة بالنسبة للجزائر ودول جنوب المتوسط :ومن بينها مايلي:
-حاجة الجزائر إلى اإلستثمارات األجنبية وباألخص األوروبية منها لضمان تدفق
)(1
من أجل رؤوس األموال من البنوك األجنبية كالبنك األوروبي لإلستثمار(،)BEI
اإلستفادة من الخبرة والتجربة األوروبية يضاف إليها نقل التكنولوجيا لتحقيق اإلنعاش
اإلقتصادي وتطوير االستثمارات المحلية وهذا ما يتيح لها فرصا كبيرة للعمل والقضاء
على مشكل البطالة وهجرة األدمغة.
-اإلحتكاك بالخبرة والتجربة األوروبية في كافة الميادين من أجل تحسين المنتجات
واإلستفادة من برامج المساعدات المقدمة من طرف اإلتحاد األوروبي في شكل
إعانات مالية وأخرى تقنية من خالل الدورات التكوينية و التمهينية ،وإدراك أوروبا بأن
دور الجزائر له تأثير في جنوب المتوسط بحكم مكانته الجيو سياسية والجيو
)(2
إقتصادية.
-األزمة السياسية و اإلقتصادية التي عاشتها الجزائر خالل العقد األخير من القرن
العشرين والذي أدخلها في دوامة المديونية من البنوك األجنبية ،وما تمتاز به هذه
البنوك في زيادة نسبة الفائدة ،مما حتم على الجزائر القبول المبدئي للشراكة مع
اإلتحاد األوروبي لعدة إعتبارت منها القرب الجغرافي والدعم المالي والمساعدات التي
وعدت بها أوروبا تجاه جنوب المتوسط والتي ستساعد الجزائر في حل األزمة.
يعد مؤتمر برشلونة الذي وضع اللبنة األولى إلتفاق الشراكة وعلى إثره خاضت الجزائر
واإلتحاد األوروبي منذ مارس 5881عدة جوالت من المفاوضات بخصوص الشراكة ،إذ
جرت أولى جولة يومي 2و 1مارس 5881ببروكسل في ظل تباين كبير في مواقف
وتصورات الطرفين بخصوص الخطوط العريضة للجوانب السياسية واألمنية و اإلقتصادية و
المالية ،باإلضافة إلى المسائل المتعلقة بالجوانب اإلجتماعية و الثقافية واإلنسانية.
دمحم علي حوات ،مفهوم الشرق األوسط وتأثيرها على األمن القومي العربي ،القاهرة :مكتبة مدبولي للنشر،1881 ، )(1
ص .511
)(2
لخضر عزي ،دمحم يعقوبي" ،الشراكة األورومتوسطية وآثارها على المؤسسة اإلقتصادية" ،مجلة العلوم اإلنسانية ،جامعة
المسيلة :عدد ، 52أكتوبر ،1882ص .12
209
إرتكز المحور السياسي واألمني حسب التصور الجزائري على تكريس مبدأ التشاور وعدم
التدخل في الشؤون الداخلية والتنسيق في مجال مكافحة اإلرهاب ،بينما شدد الجانب
األوروبي على إحترام مبادئ الديمقراطية وحقوق اإلنسان.
ومن الناحية اإلقتصادية ،حرصت الجزائر على رفض الربط بين إلزامية النمو
اإلقتصادي وبين إنشاء منطقة للتبادل الحر وذلك حتى تضمن تحقيق التوازن في المبادالت
الجزائرية ،بينما كان يرى الطرف األوروبي حتمية اإلسراع أوال في اإلصالحات اإلقتصادية
وفي مقدمتها إتمام إعادة هيكلة المؤسسات و استكمال مسار عملية الخصخصة بالجزائر.
أما الجانب اإلجتماعي فقد تضمن حسب التصور الجزائري وضعية اليد العاملة الجزائرية
في أوروبا والتمسك بضرورة ضمان حقوق أفراد الجالية الجزائرية وحفظ كرامتها ،فيما مثلت
الهجرة غير الشرعية من شمال إفريقيا نحو أوروبا نقطة جوهرية في أجندة االتحاد األوروبي.
حيث كشفت هذه الجولة عن وجود فوارق كبيرة في المواقف من بعض القضايا ففي حين
تم التوصل على مستوى الخبراء إلى إتفاق حول أهداف ومبادئ الحوار السياسي من خالل
اإلعالن عن تطابق وجهات النظر فيما يخص مسائل حقوق اإلنسان و الديمقراطية ،كما لم
يخفي الطرف الجزائري إنشغاله لعدم ردود أحكام في مجال مكافحة اإلرهاب والتي كانت
الجزائر تعتبرها من األولويات إلستقرار منطقة المتوسط.
أما الجانب اإلقتصادي والمالي فقد بقيت خطوطه عريضة دون تحديد إلختالف وجهات
النظر بين الطرفين بين مسعى أوروبي داعي إلى إنشاء منطقة التبادل الحر والتي ترفضه
الجزائر مبدئيا وبين أمل الجزائر أن يتم ذلك على أساس شراكة تنموية دون تفضيل مصلحة
على مصلحة أخرى.
كما علقت في نهاية هذه الجولة األولى عقبات تتعلق بمسألة فتح الحدود أمام تدفق
السلع ا ألوروبية وإزالة التعريفات الجمركية وهي مسائل ال تراها الجزائر ممكنة قبل أن تتمكن
)(1
ومما عزز الموقف التفاوضي للجزائر الجانب هي من تدعيم القدرة التنافسية لمنتجاتها.
)(1
عبد الحميد زعباط" ،الشراكة األورومتوسطية وأثرها على اإلقتصاد الجزائري" ،مجلة إقتصاديات شمال إفريقيا ،جامعة
الشلف :العدد ،1881 ، 5ص .12
210
الجيو -إستراتيجي وثروات الطاقة التي أصبحت تسد الجزء األكبر من إحتياجات أوروبا بعد
تدشين أنبوب الغاز الجزائري – األوروبي.
أماَّ الجولة الثانية من المفاوضات وردت حول الشراكة الجزائرية األوروبية متزامنة مع
مواصلة مفاوضات مشروع إتفاق الشراكة األورو-متوسطي في مالطا يومي 12-11أفريل
5881ومثلت امتدادا لجولة المفاوضات األولى ،بحيث إتسمت هذه الجولة من المفاوضات
بالحذر من كال الطرفين حول بعض النقاط األساسية التي بقيت شائكة للتوصل إلى إتفاق
نهائي حول الشراكة وأبرز هذه النقاط هي مسألة التخفيض الجبائي للسلع األوروبية بحيث
تعتبر الجزائر أن رفع الرسوم الجبائية أهم ضمانة لحاجيات الخزينة العمومية خاصة مع
غياب اإلستثمارات الحقيقية والمنتجة لتنشيط السوق التجارية في الجزائر ،في المقابل أن
االتحاد األوروبي له إستثمار واسع في مجال الطاقة على غيره من المجاالت لإلستفادة من
المنتج األوروبي وبأقل تكلفة األمر الذي َّ
تحفظ عليه الطرف األوروبي وراهن على أن تكون
)(1
هناك مقابل في التخفيض الجمركي.
في ظل المصالح المتضاربة ومحاولة الجزائر إقناع الطرف األوروبي بإعطاء األولوية
لإلستثمار األوروبي في الجزائر و ضرورة منح هذه األخيرة مزايا تفاضلية للسلع والمستثمر
األوروبي ،بحيث تكون أرضية متوازنة لعقد شراكة فعلية وحقيقية دون إلحاق الضرر بأي
طرف.
وكان من أهم النقاط التي عالجتها المفاوضات بين الجزائر واإلتحاد األوروبي سنة
5881ببروكسل ،والتي جاءت مطالبها على النحو التالي:
-5االنفتاح على االقتصاد األوروبي يكون تدريجيا وهذا راجع لخصوصية االقتصاد
الجزائري.
)(1
عبد اللطيف بن أشنهو ،عصرنة الجزائر حصيلة وأفاق ،الجزائر :ب س ن ،1882 ،ص .551
211
-1توسيع مجال التعاون مع االتحاد األوروبي حيث ال يقتصر على المجال التجاري
)(1
فقط.
وهنا رفضت الجزائر إ لغاء الحماية الصناعية كما جاءت في مؤتمر برشلونة،
وعارضت مبدأ اإللغاء المستمر للحواجز الجمركية ،ودافعت على مبدأ المراجعة الدورية (كل
2أو 1سنوات) بداللة اإلسهام في تأهيل القطاع الصناعي الجزائري مع تأكيدها على:
-5خصوصية إقتصادها.
-1الفوارق في العالقات (مميزات المبادالت التجارية غير المتناظرة مع االتحاد
األوروبي ،ثقل المديونية) مما أدى إلى ضعف درجة االلتزام األوروبية.
فالمسيرة الجزائرية من خالل المفاوضات تترجم العالقة الشرطية بين إلغاء الحماية
على صناعتها من جهة ،واإلجراءات المصاحبة التي تنتظرها من االتحاد األوروبي من جهة
أخرى ،هذه اإلجراءات أبرزت خوف الجزائر والمطالبة بالحفاظ الحقيقي على قوى التعديل
مع االلتزام بـ ـ ـ :
أ -اإللتزام من االتحاد األوروبي بالتعاون مع الجزائر من أجل إعادة تأهيل القطاع
الصناعي.
ب -إلتزام االتحاد األوروبي ببرنامج خاص للحفاظ على صادرات الجزائر خارج
المحروقات.
توسيع التعاون المالي المقترح من طرف االتحاد األوروبي ،واألخذ بعين ت-
االعتبار النقائص في هذا المجال ،أما ما تعلق بالملف الزراعي فالمفاوضات لم
)(2
فاالتحاد األوروبي حريص على سوقه الزراعية المغلقة فيما ترضى الطرفين.
يخص منتجات الدول المتوسطية النامية ،وحتى وإن كان هذا اإلجراء مؤقت فقط
للحفاظ على المنتوج األوروبي من المنافسة و من إغراق السوق بفائض في بعض
المنتجات الزراعية.
)(1
مجموعة من الباحثين ،مركز الدراسات األوروبية العربية ،العالقات العربية األوروبية ومستقبلها ،بروكسل،5881 :
ص .515
)(2
حناية عبد هللا ،مرجع سابق ذكره ،ص .282
212
من خالل المفاوضات التي جرت بين اإلتحاد األوروبي والجزائر تم التوصل إلى عقد
إتفاق بين طرفين شمال المتوسط المتمثل في اإلتحاد األوروبي ككتلة واحدة وبين الجزائر من
الضفة الجنوبية.
وما يجب اإلشارة إليه أن اإلتحاد األوروبي يعتبر بالنسبة للجزائر من أهم الشركاء
التجاريين ،مما جعله يعجل بعقد إتفاقية شراكة بين الطرفين ،بحيث تستورد الجزائر من
أوروبا ما يفوق %11من الواردات الكلية بالمقابل العكس بالنسبة للجزائر إذ تمثل % 1من
التجارة الخارجية األوروبية وبالتالي المستفيد األكبر هو االتحاد األوروبي .وهذا ما يوضحه
الشكل رقم ( )85الذي يمثل هيكل الواردات الجزائرية من االتحاد األوروبي.
الشكل رقم ( : )16يوضح هيكل الواردات الجزائرية من االتحاد األوروبي مابين (.)2114-2111
45
40
5
0
2010 2011 2012 2013 2014
يتبين من خالل الشكل أن الجزائر الشريك المتميز لإلتحاد األوروبي وهذا ما ميز
حجم الواردات القادمة من اإلتحاد األوروبي إلى الجزائر بنسبة كبيرة خاصة في أجهزة
213
ومعدات النقل التي احتلت الصدارة بنسبة ،%25وهذا يبرز تبعية السوق الجزائرية كمستهلك
لالتحاد األوروبي ،باإل ضافة إلى السلع الصناعية والغذائية التي تتميز باستهالك واسع من
قبل الجزائر مما جعل االتحاد األوروبي يهتم بالسوق االستهالكية الجزائرية في حين فقد
إحتوى االتفاق الجزائري األوروبي على ثمانية محاور تتمثل في الجوانب األتية:
-5الجانب األول :والذي يتمثل في إقامة حوار سياسي بين الطرفين يسمح بإقامة
عالقات دائمة للتضامن بين المتعاملين تساهم في تحقيق رفاهية وأمن المنطقة
المتوسطية ،وهذا ما جاءت به المواد 2،2،1من اإلتفاقية.
-1الجانب الثاني :يتعلق بحرية تنقل البضائع (التبادل التجاري) ،وذلك بإقامة منطقة
حرة للتبادل خالل فترة انتقالية تم تحديدها بـ ـ 51سنة إبتداء من دخول اإلتفاقية حيز
التنفيذ طبقا إلجراءات المنظمة العالمية للتجارة( المادة ،)1أما فيما يخص بمجال
تبادل المنتوجات الفالحية ومنتوجات الصيد البحري ،تنص اإلتفاقية على أن يعمل
الطرفان على تحرير أوسع للمبادالت فيما بينها بصفة تدريجية.
-2الجانب الثالث :يتعلق بحقوق التأسيس واإلنشاء وتقديم الخدمات ،حيث إتفق
الطرفان على توسيع مجال تطبيق اإلتفاقية بشكل يسمح بإدراج الحق في إنشاء أو
تأسيس المؤسسات في إقليم الطرف اآلخر ،وتحرير الخدمات المالية والبنكية
)(1
والمواصالت.
-2الجانب الرابع :حيث تعهد الطرفان بالسماح بعملية الدفع وتسوية العمليات أو
الصفقات الجارية بعملية قابلة للتحويل أو إخراج األرباح الناتجة عن الرأسمال
المستثمر ،وحرية تنقل رؤوس األموال المتعلقة باإلستثمارت المباشرة في الجزائر التي
تقوم بها الشركات المنشأة وفقا للتشريع الجاري العمل به.
-1الجانب الخامس :التعاون اإلقتصادي إلتزم الطرفان على تقوية التعاون اإلقتصادي
الذي يخدم المصلحة المشتركة وهذا في إطار الشراكة المنصوص عليها في اإلتفاقية،
ويتعلق هذا التعاون أساسا وحسب ما جاءت به المادة 25من اإلتفاقية بالقطاعات
التي تعاني مش اكل داخلية أو التي تم اإلتفاق بشأن تحرير مبادالتها بين الجزائر
)(1
نور الدين جليدي ،رشيد بوعافية ،مرجع سابق ذكره ،ص .251
214
واإلتحاد األوروبي(1) ،وكذا القطاعات المؤدية إلى رفع مستويات النمو وخلق فرص
الشغل وتطوير المبادالت بين الجزائر واإلتحاد األوروبي وإعطاء األولوية للقطاعات
المؤدية إلى تنويع الصادرات الجزائرية وهذا حسب ما نصت عليه المواد 28 – 18
من اإلتفاقية على التعاون الجهوي وذلك كمايلي:
دعم التكامل و اإلندماج االقتصاديين السيما التعاون المغاربي البيني.
التعاون في مجال البحث العلمي والتكنولوجي.
التعاون في المجال الجمركي بهدف تنشيط الرقابة واإلجراءات الجمركية وإستعمال
وثائق إدارية موحدة.
دعم وتشجيع االستثمارات المباشرة والشراكة الصناعية.
تشجيع عمليات التحديث وإعادة الهيكلة الصناعية بما فيها الصناعات الزراعية
والغذائية.
إعطاء األولوية لتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
توفير المحيط المشجع للمبادرة الخاصة بهدف دعم تنويع اإلنتاج الموجه لألسواق
الداخلية والتصديرية.
وضع إطار قانوني يشجع االستثمار بتوقيع إتفاقيات تتعلق بتفادي االزدواج الضريبي
وهذا ما نصت عليه المادة 12من االتفاقية.
التعاون من أجل مقاربة القواعد المعيارية المشتركة عن طريق تقوية وإعادة هيكلة
المصالح أو الهيئات المالية بتحسين النظم المحاسبية ،والرقابة المالية وهذا ما نصت
-8الجانب السادس :التعاون اإلجتماعي والثقافية ،حيث تضمن هذا الجانب اإلجراءات
الخاصة بالعمل وذلك بعدم المعاملة التمييزية في شروط العمل ،والمكافآت والتسريح
)(1
نفس المرجع ،ص .252
215
واالستفادة من نفس إجراءات الضمان اإلجتماعي المعمول به في البلدان (المواد
)(1
)15-11
كما إحتوى هذا الجانب على التعاون الثقافي والتربوي وذلك بتشجيع تبادل المعلومات
وتشجيع التفاهم المتبادل بين الثقافات باستعمال كل الوسائل التي من شأنها أن تقرب بين
هذه الثقافات باستعمال كل الوسائل التي من شأنها أن تقرب بين هذه الثقافات كاإلعالم
والصحافة والوسائل السمعية البصرية.
-1الجانب السابع :التعاون المالي الذي يعتبر مشروع إقامة شراكة إقتصادية ومالية
هدفا جوهريا لسياسات اإلتحاد األوروبي تجاه بلدان العالم الثالث ،وتهدف الشراكة
االقتصادية والمالية حسب ما جاء في اإلتفاقية إلى تحقيق تنمية اقتصادية مستديمة
)(2
والذي جاء بما في حوض المتوسط ،وتحسين المستوى المعيشة لشعوب المنطقة
يلي:
-دعم اإلصالحات الهادفة إلى تحديث وعصرنة اإلقتصاد بما فيها التنمية الريفية.
-إعادة تأهيل الهياكل اإلقتصادية.
-ترقية اإلستثمارات الخاصة واألنشطة المؤدية إلى خلق فرص عمل.
-األخذ بعين اإلعتبار اآلثار الناتجة عن وضع منطقة التبادل الحر على اإلقتصاد
الجزائري خاصة عن طريق تأهيل اإلقتصاد.
-6الجانب الثامن :التعاون في مجال العدالة والشؤون الداخلية وذلك من خالل:
-تقوية مؤسسة الدولة والقانون.
-التعاون في مجال تنقل األشخاص.
-التعاون في مجال رقابة الهجرة غير الشرعية.
-التعاون في مجال محاربة الجريمة المنظمة.
)(1
دمحم لحسن عالوي " ،اتفاقيات الشراكة األوروعربية شراكة إقتصادية حقيقية ...أم شراكة واردات مع التركيز على
المنتجات الزراعية" ،مجلة الواحات للبحوث والدراسات ،جامعة غرداية :العدد ،1851 ،51ص .522
)(2
Commission européenne : euromed héritage , la venner que prend soin du passé,
luxmbourg : office de publication, 2002 , p 19.
216
-محاربة تبييض األموال وذلك بمنع إستعمال األنظمة المالية لهذه الدول في تسهيل
العملية الناتجة عن تنقل رؤوس األموال من مداخيل المخدرات واألنشطة اإلجرامية.
-التعاون من أجل القضاء على اإلرهاب الدولي ومحاربة الفساد والرشوة ،وقد خصص
ما قيمته مليون أورو لثمانية مشاريع جزء منها إلصالح العدالة وجزء أخر لتكوين
)(1
أسالك األمن.
و بناءا على ما سبق ومن خالل تفحصنا لبنود هذه اإلتفاقية فإن من جملة األهداف التي
يسعى إلى تحقيقها هذا اإلتفاق هو:
)(1
منيرة بلعيد " ،الديناميكيات األمنية الجديدة في اإلقليم المتوسطي ،دور الجزائر األمني كفاعل في المنطقة " ،الملتقى
الدولي حولى " :الجزائر واألمن في المتوسط ،واقع و آفاق جامعة قسنطينة.1885 ،
217
الجدول رقم ( :)11يوضح تفاصيل إزالة الرسوم الجمركية بين االتحاد األوروبي والجزائر.
المواد األولية معدل الحماية الجمركية يترواح إلغاء فوري %11 األولى
مابين %1و %51وتمثل الواردات من هذه
المواد تقريبا 5.5مليار دوالر.
الحقوق إلغاء المنتوجات التامة الصنع أو النهائية وتمثل يتم %28 الثالثة
هذه على %28من الواردات الجزائرية من االتحاد الجمركية
المنتوجات بعد سنتين األوروبي
االتفاقية توقيع من
ودخولها حيز التنفيذ
يمتد إلى 58سنوات
أي بنسبة .%58
يوسف مسعداوي ،دراسات في التجارة الدولية ،الجزائر :دار هومة للطباعة والنشر ،1858 ،ص المصدر: -
.558
وتؤكد الجزائر من خالل بنود اإلتفاقية وأهدافها وبالتركيز على الجانب اإلقتصادي
لإلتفاقية مع الطرف األوروبي على أن تقلل من أوجه التفاوت اإلنمائي بين جانبي البحر
المتوسط وتدعو في هذا الصدد إلى تعزيز البرنامج المالي للتعاون األوروبي -المتوسطي
باإلضافة إلى تعزيز تدفقات االستثمار األجنبي المباشر وتوزيعها توزيعا عادال هذا من
جهة ،ومن جهة أخرى ال نقلل من أهمية الشراكة في المجال السياسي و األمني التي
البد أن تقوم على اإلاردة السياسية المشتركة بروح من التضامن من خالل إحترام مبادئ
218
عدم تدخل في الشؤون الداخلية للدول وعدم استخدام القوة أو التهديد واحترام السيادة .هذا
من شأنه أن يساعد على االستقرار في منطقة البحر المتوسط ال سيما أمن الساحل
)(1
الجنوبي.
وفيما يتعلق بالشراكة في الشؤون االجتماعية والثقافية و االنسانية ،ترى الجزائر أنه ال
يمكن إقامة منطقة للتجارة الحرة يفترض فيها تدفق السلع والخدمات دون عائق ،ما لم تؤخذ
في االعتبار مسألة مهمة أخرى و هي مسألة تنقل األشخاص ،كما أن القطاع اإلجتماعي
والثقافي يهدف إلى إطالق تنمية الموارد اإلنسانية و ترقية التفاهم بين الثقافات وإقامة تبادل
)(2
منظم بين مختلف المجتمعات المدنية.
ثالثا :واقع سياسات اإلستثمار األجنبي المباشر والتجارة الخارجية للجزائر في ظل
الشراكة – .تركيز على بعض السياسات-
يعرف المفكر "برتراند رايموند" االستثمار األجنبي المباشر على أنه ":وسيلة تحويل
الموارد الحقيقية و رؤوس األموال من دولة إلى أخرى ،خاصة في الحالة اإلبتدائية عند
)(3
إنشاء المؤسسة".
بعد اتخاذ قرار إعتماد التعددية السياسية تبعها قرار االنفتاح االقتصادي ،الذي تفرضه
البيئة اإلقليمية المحيطة بالجزائر ،حيث سعت هذه األخيرة من خالل تحرير اقتصادها عن
طريق عصرنة منظومتها التشريعية في ظل التطورات الحاصلة في العالم وأقلمتها مع
التطورات الدولية وجب عليها منح امتيازات لصالح المستثمر األجنبي وذلك بوضع
)(1
األمم المتحدة ،الجمعية العامة ،الدورة السادسة والخمسون ،1885 ،ص 2تم االطالع عليه يوم.1851-82-51 :
متاح في االنترنت علىhttp://www.un.org/arabic/documents/GADocs/56/A_56_153.pdf :
)(2
أليسوندرو رومانيول ،التنمية االقتصادية والتبادل الحر األورو-متوسطية ،ترجمة حسن بن منصور ،موسوعة البحر
األبيض المتوسط ،منشورات زرياب ،الجزائر 1882ص.15
)(3
شلغوم عميروش ،أثر االستثمار األجنبي المباشر في ميزان المدفوعات :دراسة حالة الجزائر خالل الفترة(-1441
،)2111بيروت :مركز دراسات الوحدة العربية ،1852 ،ص .222
219
)(4
وهذا ما نصت عليه قوانين تخفيضات جبائية على الموارد المستوردة من الخارج،
االستثمار التي نصها المشرع الجزائري منذ اإلستقالل ،أي منذ قانون سنة 5811إلى
قانون 5851المتعلق بكيفية تنظيم االستثمارات وقانون 5851المتعلق بمجال التنقيب
)(1
وبعدها تم صدور قانون 15-85المؤرخ في -82 واالستثمار في مجال المحروقات،
5885-51و المتعلق بقانون المحروقات والذي جاء لتوسيع الشراكة مع األجانب بالنسبة
)(2
كما تم في سنة 5882سن مرسوم تشريعي رقم لألبار غير المستغلة من أبار النفط،
( ، )51-82والذي يتم بموجبه إنجاز اإلستثمارات بكل حرية مع مراعاة التشريع والتنظيم
المعمول به والتي يتم الموافقة على االستثمارات في هذا القانون عن طريق الوكالة الوطنية
لتطوير اإلستثمار(.)ANDI
غير أن هذه الفترة تميزت بسيطرة أوروبية على عدد المشاريع المصرح بها خاصة من
سنة 5882إلى سنة 1888لتزيد عن حدودها القصوى رغم االنفتاح االقتصادي والمنافسة
الدولية على االستثمار في الجزائر ،حيث بلغت نسبة %11من عدد المشاريع العامة التي
قدمتها الجزائر للمستثمر األجنبي مما سمح بفتح مناصب شغل للجزائري المقدر ب ـ ـ
22.515منصب عمل ،وتأتي في القائمة األوروبية الدولة الفرنسية بنسبة استثمارات مرتفعة
عن باقي الدول األوربية بنسبة %15ثم إيطاليا بنسبة %55ثم إسبانيا ب ـ %85هذا نتيجة
كثرة المعامالت بين الجزائر واالتحاد األوروبي في مختلف القطاعات ومعرفة البيئة الجزائرية
ومتطلباتها في مختلف مناحي الحياة من جهة وقدرة الدول األوروبية بسياستها التطويرية
)(3
نتيجة التقدم التكنولوجي والعلمي وتلبية رغبات السوق الجزائرية.
)(4
دمحم بن عزوز" ،الشراكة األجنبية في الجزائر ،واقع وآفاقها" ،رسالة ماجستير ،كلية العلوم اإلقتصادية وعلوم التسيير،
جامعة الجزائر ،1885 :ص .588
)(1
للمزيد من التفاصيل أنظر :الجريدة الرسمية ،قانون رقم 52-51المؤرخ في ،5851-85-58المتعلق بمجال
التنقيب والبحث عن المحروقات و إستغاللها ونقلها باألنابيب ،العدد 21الصادرة في .5851-85-15
)(2
الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،القانون رقم 15-85المتعلق بالمحروقات ،الجريدة الرسمية ،العدد ،12
المؤرخ في .5885-51-81
)(3
التحليل باالعتماد منشورات الوكالة الوطنية لتطوير االستثمارات.1882 ،
220
وبعد المرسوم التشريعي رقم 51-82والذي حدد امتيازات وضمانات الممنوحة
للمستثمر األجنبي جاء األمر 82-85لسنة 1885والمتعلق بتطوير االستثمار والذي منح
مزايا كبيرة للمستثمر األجنبي فصارت تتوافد على الدول الجزائرية عدة شركات خاصة
األوروبية منها للعمل في مختلف القطاعات و من أهم ما ميز قانون 5882أنه وضع
جهازين لالستثمار وهما الوكالة الوطنية لتطوير االستثمار ( )ANDIوالتي تشرف على
مساعدة المستثمرين المقيمين و غير المقيمين في تنفيذ المشاريع اإلستثمارية ،وكذا المجلس
الوطني لالستثمار ( ،)CNIوالذي يكمل الوكالة الوطنية لتطوير االستثمار ويساهم في
صياغة االستراتيجيات وأولويات اإلستثمار المحلي واألجنبي.
ومن خالل عمل الوكالة الوطنية لتطوير اإلستثمار قدمت لنا حجم المبالغ المستثمرة
المحلية واألجنبية خالل الفترة ما بين ،1881-1882وهذا ما يوضحه الجدول التالي:
% القيمة القيمة % % القيمة القيمة % القيمة % القيمة %
11 1682.1 61.2 321.6 84.1 414.2 11.4 346.8 81 231.6 41.6 411.2 استثمارات
محلية
11.1 218.3 6.1 33.6 23.3 181.4 3.1 14.1 8.1 21.4 8.1 .31.4 استثمارات
أوروبية
وزارة الصناعة وترقية االستثمار( 2116 ،القيمة مليار دينار جزائري ،النسبة )% المصدر:
إن الجدول يوضح تطور االستثمار األجنبي األوروبي بين سنوات قبل دخول الشراكة
وسنوات بعد عقد شراكة مع الجزائر إذ ثبتت االحصاءات على عدم إرتفاع نسبة االستثمارات
األجنبية األوروبية خاصة خالل السنوات األولى من الشراكة وذلك راجع لتخوف الجزائر من
فتح الباب الواسع للشراكة األجنبية و عدم قدرتها على حماية مستثمريها المحليين مما أدى
بإعادة صياغة قانون االستثمار من جديد.
221
وإن كان مستوى االستثمار األجنبي المباشر في أي بلد يعتبر مؤش ار حقيقيا لمعرفة
مدى تقدير المستثمرين األجانب للمؤسسات االقتصادية في ذلك البلد ،فالجزائر كغيرها من
البلدان النامية تعتبر في مقدمة البلدان من حيث جلب نسبة االستثمارات األجنبية وخاصة
األوروبية منها لذا سنبرز تطور االستثمار األجنبي المباشر الوارد إلى الجزائر خالل الفترة
(.)1852-5888
3
2.74
2.59
2.5
2.5
2.26
2
1.79
1.66 1.7
1.5 1.5
1.5
1.1 1.06 1.09
1 0.88
0.6 0.63
0.5
0.27 0.26 0.26 0.29 0.28
0.08 0.03 0.02 0.1
0
من إعداد الطالب باالعتماد علىUNCTAD, world investment report (1998-2014) : المصدر:
).and (2015
يتضح جليا من الشكل السابق أن تدفقات االستثمار األجنبي المباشر الوارد إتسم
بالضعف الشديد خالل الفترة ( )5881-5888كما كانت شبه منعدمة خالل الفترة
( ،)5882-5882وبالرغم من إرتفاعها في النصف الثاني من التسعينات القرن العشرين،
222
إال أنها لم تتجاوز في أحسن أحوالها 181مليون دوالر وقد تجاوزت عتبة المليار دوالر في
عام 1885لتبلغ ذروتها القصوى في عام 1888ب ـ ـ 1121مليون دوالر.
وكما جاء في التقرير الذي قدمته الجزائر في سنة 1851لمراجعة اتفاق الشراكة بين
الجزائر واالتحاد األوروبي أنه ومنذ دخول االتفاق حيز التنفيذ تبين أن هذا االتفاق لم يحقق
بشير مصيطفى ،حريق الجسد -مقاالت في االقتصاد الجزائري ،-الجزائر:جسور للنشر والتوزيع ،1855 ،ص .28 )(1
)(2
قناة النهار" ،إستثمارات االتحاد األوروبي بالجزائر فاقت 51مليار أورو" ،1851-85-51 ،تم اإلطالع عليه يوم:
،1851-85-51متاح في األنترنت على:
https://www.ennaharonline.com/ar/mobile/specialpages/economie-
223
النتائ ج المرجوة في ترقية الصادرات خارج المحروقات وإعادة بعث االستثمارات األجنبية
المباشرة ،وبحسب التقرير الذي أقرته و ازرة التجارة تم تحويل االستثمارات األوروبية إلى
صادرات نحو السوق األوربية أو نحو أسواق قريبة إضافة إلى تآكل األفضليات الممنوحة من
طرف االتحاد األوروبي للجزائر في إطار االتفاق وغياب الربط بين المؤسسات الجزائرية
واألوروبية لترقية التجارة الخارجية.
لقد أثر االستثمار األجنبي لإلتحاد األوروبي على االقتصاد الوطني من خالل ما يلي:
-ضع ف مناخ االستثمار وهو ما انعكس سلبا في ضعف قيمة التدفقات الواردة
وتمركزها في قطاع النفط إال أن هذا األخير يشهد فترة متذبذبة من حيث السعر
وقيمته الحقيقية باإلضافة إلى تهميش القطاعات اإلنتاجية األخرى كالزراعة والصناعة
في أجندات المستثمرين األجانب ،بحيث المستثمر يبحث عن الربح السريع وتراكم
رأس المال ،باإلضافة إلى تحويل نسبة كبيرة من المبالغ المالية من األرباح نحو
)(1
الخارج أو الدول األصلية للمستثمرين األجانب.
-ضعف الجهاز البيروقراطي بحيث يعتبر كمحدد سلبي لتحسين مناخ األعمال وجذب
ال أرسمال األجنبي وخاصة األوروبي منه وذلك من خالل الروتين وثقل اإلجراءات
اإلدارية في إنجاز المعامالت ونقص الخبرة في هذا الميدان وعدم وجود أنظمة
)(2
معلومات متطورة ودقيقة وكذا غياب التنسيق بين هذه األجهزة.
)(1
شلغوم عميروش ،أثر االستثمار األجنبي المباشر في ميزان المدفوعات :دراسة حالة الج ازئر خالل الفترة (-1441
،)2111بيروت :مركز دراسات الوحدة العربية ،1852 ،ص. 215
)(2
عثمان سالم على عبد المجيد ،آثار الشركات المتعددة الجنسيات على االداء االقتصادي في الجزائر منذ عام ،5882
أطروحة دكتوراه ،فلسفة في الدراسات االفريقية قسم السياسة واالقتصاد ،جامعة القاهرة ،1851 :ص .81
224
-ارتفاع مستويات الفساد بنسبة ،% 51إضافة إلى عدة معيقات منها النقص في
تكوين اليد العاملة ،ارتفاع معدالت الضرائب ،التضخم ،فضال عن تعقيد النظام
الضريبي والممارسات السيئة للقوة العاملة ونظام الصرف الخارجي وضعف مستوى
)(3
وهذا ما يوضحه الشكل التالي. الهياكل القاعدية.
والشكل رقم ( :)11أهم معيقات االستثمار في الجزائر بحسب تقرير التنافسية لعام (-2111
)2112
التضخم
%6 البيروقراطية
%19
ارتفاع معدالت
الضرائب
%7
الفساد
ضعف مستوى التكوين %16
القوة العاملة
%8
)(3
شلغوم عميروش ،مرجع سابق ذكره ،ص .215
225
The Globale Competitiveness Report. World المصدر :من اعداد الطالب باالعتماد على:
Economic forum (2011-2012)p 86.
حيث يمثل هذا الشكل أهم المعيقات التي جعلت من المستثمر األجنبي عدم المخاطرة
برؤوس أمواله وأهم عنصر هو البيروقراطية والفساد وصعوبة التمويل هذه األسباب الثالثة
تحتل الصدارة في الترتيب بما يقارب ،%18وهذا راجع إلى السياسات المنتهجة في الجزائر
وقاعدة ( )%15-28التي جعلت من المستثمر األجنبي عدم المخاطر من جهة وعدم وجود
نية وإرادة حقيقية من الحكومة الجزائر بالنهوض باالقتصاد الوطني.
يكتسي اتفاق الشراكة األوروبية –جزائرية أهمية بالغة لما سيترتب عنه بعد 51سنة
من دخول االتفاقية حيز التنفيذ إبتداءا من سنة ،1881من إقامة منطقة حرة للحركية
اإلقتصادية ،والتي سينجر عنها حتما آثار وإنعكاسات على قطاع التجارة الخارجية والتي
سنبرزها فيما يلي:
226
اإلتحاد األوروبي آثار سلبية هي :تركيا ،تونس ،المغرب ،إسرائيل ،بسبب تعرض
صادراتها لألثر المزدوج.
بالنسبة للواردات :إن دخول إتفاق الشراكة بين الجزائر واإلتحاد األوروبي حيز التنفيذ
يعني اإلزالة التدريجية للرسوم الجمركية لواردات الصناعة الجزائرية من اإلتحاد
األوروبي ،حيث سيمس ذلك أزيد من %12من مجموع الواردات الجزائرية ،فمن دون
شك فإن اآلثار المتوقعة على الواردات تكون في شكلين :أوال ارتفاع الورادات المتأتية
من اإلتحاد األوروبي ( أي إحداث أثر تحويل التجارة بسبب أن المنتوجات األوروبية
التي تدخل تفرض عليها رسوم جمركية أقل من تلك القادمة من دول أخرى) ،وثانيا
إرتفاع أسعار بعض السلع المستوردة والتي تتمثل أساسا في المنتجات الغذائية بسبب
خفض الدعم الموجه للفالحين األوروبيين.
إن غالبية الشركاء التجاريين للجزائر هم دول أوروبية ،وبالتالي فإن التأثيرات على
الشركاء التجاريين تكون جد هامة ،بإعتبار أن هذه الدول تمثل القوى المسيطرة على الوحدة
النقدية " األورو " ،بحيث تبقى طبيعة اآلثار المتوقعة على الشركاء التجاريين والمتعاملين
اإلقتصاديين متوقعة على مدى نجاح األورو وإستق ارره في المستقبل ،فلحد اآلن تسيطر دول
منطقة األورو على حجم المبادالت التجارية على حساب الشركاء اآلخرين كالواليات المتحدة
األمريكية وكندا وتركيا الذين ال يمكنهم منافسة دول "األورو" في المدى القصير والمتوسط.
يدخل إنضمام الجزائر المرتقب إلى المنظمة العالمية للتجارة في األيام القادمة وهي اآلن
في مفاوضات الجولة 52لإلنظمام لمنظمة التجارة ،والتي باشرت الجزائر بإصالحات
إقتصادية التي فرضها عليها صندوق النقد الدولي و البنك الدولي منذ تسعينيات القرن
الماضي وهذا من خالل إدماج االقتصاد الوطني في اإلقتصاديات العالمية.
227
وبسبب ضعف االقتصاد الوطني أمام اقتصاديات الدول المتقدمة فإن إنضمام إلى
المنظمة العالمية للتجارة قد يؤثر عليها من ناحيتين:
-تحميل الصناعة الجزائرية أعباء مالية إضافية تقلل من وضعها التنافسي نتيجة
)(1
كما ارتفاع أسعار المنتجات المحمية بموجب القوانين المعتمدة منها حضر التقليد.
أن صادرات الجزائر من الصناعة ال يتعدى %2من إجمالي الصادرات الجزائرية
وبالتالي استحواذ صناعة المحروقات على الصناعات الوطنية ،وهذا ما يزيد من
تبعيتها للخارج من حيث المنتجات االستهالكية الصناعية.
-ارتفاع تكاليف اإلنتاج الذي يرافقه ضعف استعمال التكنولوجيا المتطورة وغياب
الخبرات الالزمة في المكان المناسب لها ،وهذا راجع لعدم مراقبة التسيير وطرق
اإلنتاج في المؤسسات االنتاجية.
طارق تاحي ،الرهانة اإلقتصادية إلنضمام الجزائر للمنظمة العالمية للتجارة ،بيروت :مركز دراسات الوحدة العربية، )(1
،1852ص.211
)(1
قويدر عياش ،إبراهيم عبد هللا " ،أثار إنضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة بين التفاؤل والتشاؤم" ،مجلة
اقتصاديات شمال إفريقيا ،جامعة الشلف :عدد .18 ،1881 ،81
228
-إهمال الدور الفعال والريادي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة عكس ما يحدث في
الدول المتقدمة الذي يعتبر هذا القطاع أنه أساس للصناعات المحلية.
)(2
-تقليص صالحيات الدولة في اتخاذ الق اررات في عدد من المجاالت في المنظمة.
يعتبر مسار الجزائر في سعيها لالنضمام إلى هذه المنظمة والذي لم يتحقق بعد من
أطول المسارات التفاوضية وهذا يرجع إلى أنها من جهة تسعى لالنضمام لهذه المنظمة
الستعمالها كمشروع ومحفز ومرشد إلصالحات التي تقوم الحكومة بتطبيقها ،ومن جهة
أخرى فهي تخشى اإلنضمام نظ ار لآلثار المتوقعة على االقتصاد الجزائري ،حيث أن فشل
ببعض االصالحات أحد أهم معوقات اإلنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة ،و بإعتبار هذه
األخيرة أحد أهم الركائز األساسية للنظام االقتصادي العالمي الجديد ،التي تنظم العالقات
التجارية الدولية ،ونحن في ظل العولمة االقتصادية إ ْذ ال بد على الجزائر أن تنطوي تحت
التكتالت والتحالفات االقتصادية من أجل مواجهة التأثيرات الخارجية التي تنتجها فواعل
أخرى من أجل بقاء الدولة(1).وفي المقابل فإن إنضمام الجزائر للمنظمة العالمية للتجارة و
إتفاق الشراكة بين الجزائر واالتحاد األوروبي والذي دخل حيز النفاذ سنة 1881جعل
الجزائر بين تيارين أنه في حالة اإلنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة تبقى هذه األخيرة
دائما مسيطرة على هذه الدول وتفرض سياساتها اإلصالحية والدعم المالي وغيره ،والخروج
عن سياسات المنظمة إلى البحث عن بديل آخر كاالتحاد األوروبي يجعل من الدولة التي
تريد اإلنضمام أمر صعب وعراقيل في إستقطابها بإعتبارها أنها أرادت أن تجد لنفسها منافذ
متعدد قصد عدم خضوعها إلى تيار واحد ،وهو ما تشهده الجزائر اليوم.
كما إن الرهانات المستقبلية التي تواجه قطاع التجارة الخارجية في الجزائر كبيرة ومتعددة
وذلك راجع إلى توقيع الجزائر إلتفاقية مع اإلتحاد األوروبي من جهة وكذا إنضمامها
المرتقب إلى المنظمة العالمية للتجارة ،رغم إتخاذ السلطات لمجموعة من اإلجراءات إال أنها
تبقى غير كافية ،ومن بين هذه اإلجراءات مايلي:
)(2
الجياللي عجة ،مرجع سابق ذكره ،ص .55
)(1
وردة خزندار ،تأثير انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة على المنظومة المصرفية ،رسالة ماجستير ،جامعة
قسنطينة ،1851 :ص .12
229
-اإلستفادة من الفترة اإلنتقالية التي منحها إتفاق الشراكة مع اإلتحاد األوروبي والمقدرة
بإثنى عشر سنة ،والمساعدات المالية المقدمة في برنامج ميدا 5و 1هذا من جهة ،
وكذا اإلمتيازات التي تمنحها المنظمة العالمية للتجارة ألعضائها من الدول النامية
قصد مواصلة اإلصالحات في قطاع التجارة الخارجية من جهة أخرى.
-إعادة النظر في السياسة الصناعية الحالية بإعتماد دراسات للمحيط الصناعي و
التنافسي ،وكذا ترقية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمساعدة على إنشاءها
بإعتبارها أساس إقتصاديات العديد من الدول المتقدمة كما هو الحال بالنسبة
)(2
إليطاليا.
-اإلهتمام بقطاع الخدمات الذي يشكل اليوم أزيد من %18من حجم التجارة العالمية،
خاصة فيما يتعلق بالخدمات المصرفية ،وفتح المجال أمام القطاع الخاص،
باإلضافة إلى اإلهتمام بالخدمات األخرى كقطاع اإلتصاالت والتكنولوجيا ،وكذا
قطاع السياحة.
-إصالح النظام الجمركي الوطني بإعتباره أحد األجهزة الرئيسية في حماية اإلقتصاد
الوطني من المخاطر الخارجية ،و كذا إصالح المنظومة الجبائية التي مازالت تعاني،
)(1
وذلك لتخفيف األثر الموازني السلبي للتفكيك الجمركي على المالية العامة للدولة.
ومن خالل ما سبق يمكن أن نقول أن الجزائر عاشت فترة صعبة خالل التسعينات القرن
العشرين وما سايرها من طرح أوروبي للشراكة بين دول ضفتي المتوسط مما جعلها في حلقة
ضعيفة بسبب انهيار إقتصادها بعد أزمة إقتصادية سنة ، 5851وفرض عليها الدخول في
نظام إقتصادي رأسمالي وهذا ما زاد من تعقد الوضع بحكم عدم التهيئة الكافية للدخول في
نظام إقتصادي رأسمالي غربي ،إال أن الجزائر سايرة الوضع وفرضت وجودها من محاوالت
جذب االستثمار األجنبي والتسهيالت الممنوحة له من جهة وإرتفاع مداخيل البترول مما
خفف العبء الخارجي على الجزائر من مديونية من جهة أخرى ،وإعادة ترتيب البيت
)(2
فيصل بهلولي " ،التجارة الخارجية الجزائرية بين إتفاق الشراكة األورومتوسطية واإلنضمام إلى المنظمة العالمية
للتجارة" ،مجلة الباحث ،الجزائر :العدد ، 1851 ،55ص .518
)(1
نفس المرجع ،ص .518
230
الداخلي لها ،فأقحمت نفسها وقبولها مبادرات الشراكة والتعاون بين دول ضفتي المتوسط وهذا
بعد إصالحات شملت كافة القطاعت من أجل مواكبة الوضع االقتصادي العالمي.
آثار إيجابية
إن إتفاقية الشراكة الموقعة بين الجزائر واالتحاد األوروبي يترتب عليها ا
وأخرى سلبية بالنسبة لإلقتصاد الجزائري ،والتي نوجزها فيما يلي:
وصفت رئيسة وفد التعاون والتشغيل باالتحاد األوروبي بالجزائر "نفارو مانيال" لسنة
1852أن نتائج برنامج تنفيذ إتفاق شراكة االتحاد األوروبي مع الجزائر في جميع المجاالت
هي نتائج طيبة و إيجابية ،وفي الندوة الصحفية التي عقدتها الجزائر عرضت تمويالت
االتحاد األوروبي في الجزائر بين سنة 1852- 1881و التي وصلت إلى أكثر من 211
مليون أورو ،والتي شملت النمو االقتصادي والتوظيف وإصالح العدالة وتعزيز الخدمات
)(1
وأضافت "مانيال" أن الشراكة مع االتحاد العامة األساسية والتنمية المستديمة والثقافة.
األوروبي خالل السنوات القليلة الماضية واكبت مسار الجزائر نحو التطور والحداثة و
العصرنة من خالل تعزيز مؤسساتها ودعم المجتمع المدني ،وغطى التعاون بين االتحاد
األوروبي والجزائر بشكل رئيسي المجاالت التالية:
-تعزيز نظام الجودة وتسيير التجارة و تحسين مناخ األعمال وأيضا المساهمة في
التنمية البشرية وتشجيع التوظيف وتوطيد سيادة القانون والحكم الرشيد من خالل
مرافقة قطاع العدالة و إصالح نظام السجون وتعزيز المؤسسات.
-تنظيم التبادل الثقافي ودعم سياسات البيئة والتنمية المحلية.
)(1
منى لعموري ،اتفاقية الشراكة بين الجزائر واالتحاد األوروبي حقق نتائج إيجابية ،جريدة المواطن ،يوم:
،1852/58/15متاح في األنترنت علىhttp// elmouwatane.com/ p= 8655 :
231
-ساهم االتفاق كذلك في تحسين سالمة األغذية والصحة النباتية وأيضا التحضير
لمخطط وطني للمياه في سنة 1828ووضع مخطط لمكافحة األمراض المعدية.
-تقريب سياسات ضفتي البحر األبيض المتوسط واالتحاد األوروبي من خالل توفير
الموارد التقنية الالزمة من أجل تحقيق التنمية في الجزائر والتقرب من أساليب ومبادئ
)(2
التنمية األوروبية.
-
ضم ملفات األمن و الدفاع وحقوق االنسان إلى إتفاقية الشراكة مع االتحاد األوروبي،
مما يسمح بتوسيع أرضية الحوار إلى جانب العمل على معالجة ملف الهجرة غير
)(1
الشرعية ،وتحقيق ظروف االستقرار آلالف الشباب الجزائريين.
مواجهة التحديات األمنية في الفضاء المشترك بصفة جماعية وتضامنية لمواجهة الظروف اإلقليمية والدولية الصعبة التي تهدد -
-إنضمام الجزائر للمنظمة العالمية للتجارة يمثل تهديدا حقيقيا للسوق األوروبي في الجزائر وذلك بفتح
المجال أمام كل اإلقتصاديين مما يجعل أوروبا تفقد السوق الحيوية في القارة
(2).
اإلفريقية
كما زاد من تعميق العالقات بين الج ازئر واإلتحاد األوروبي الزيارات المتتالية والمتبادلة
بين الطرفين في تعميق الجهود في مختلف المجاالت ونذكر منها مايلي:
-زيادة عدد الزيارات الرسمية من طرف الزعماء األوروبيين إلى الجزائر لزيادة مشاريع
االستثمار في األراضي الجزائرية ،ومن هذه الزيارات قيام رئيس المفوضية األوروبية
"خوسيه مانويل باروسو "Khosé Manuel Barrosoتلبية لدعوة من رئيس الوزارء
"عبد المالك سالل" بزيارة للجزائر وذلك يوم 1جوان ،1852حيث تم التوقيع على
مذكرة تفاهم بشأن إقامة شراكة استراتيجية بين االتحاد األوروبي والجزائر في مجال
)(2
منى لعموري ،نفس المرجع.
بشير مصيطفى " ،الشراكة الجزائرية األوروبية :الرؤية الغائبة" ،جريدة الشروق ،تم االطالع عليه يوم: )(1
232
الطاقة .وقد تحدث باروسو خالل هذه الزيارة على أن الجزائر هي شريك مهم للغاية
بالنسبة لالتحاد األوروبي ،وفي نفس الوقت أكد على تعميق وتكثيف عالقات الشراكة
و أن الطاقة هي أحد المجاالت ذات األولوية للشراكة ،كما أنها عنصر أساسي في
بناء منطقة مشتركة من الرخاء و اإلستقرار ،فالجزائر هي المورد الرئيسي للغاز
الطبيعي إلى االتحاد األوروبي وإمكانية التعاون والتوافق كبيرة بين الطرفين في مجال
الطاقات المتجددة.
و زار الجزائر مسؤولون إيطاليون وهذا داللة قوية على الرغبة في الدخول في مشاريع
واسعة النطاق مثل صناعة السيارات ،الزراعة ،الطاقة ،السياحة ،فمن خالل تقييم مشروع
الشراكة نجد أنه مست العديد من المشاريع في مختلف القطاعات ،ويالحظ كذلك تحسين
العالقات مع االتحاد األوروبي.
كذلك زيارة الممثل الخاص لالتحاد األوروبي لمنطقة الساحل إلى الجزائر السيد"
روفيراندي دي قينيتو" "M.Reveyand de Gantonومنسق االتحاد األوروبي لمكافحة
اإلرهاب السيد "دي كريشوف "M.De Kerchoveوذلك يوم 51-52جانفي ،1852
وهدف هذه الزيارة تعزيز الحوار والتعاون بشأن القضايا األمنية و اإلقليمية ،حيث بدأت
المفاوضات إلعداد خطة عمل بشأن سياسة الحوار األوروبية ،والزيارة التي قام بها وفد
البرلمان األوروبي يوم 25-15أكتوبر 1852هي كذلك فرصة لتعزيز الحوار بين
)(1
كل هذه الزيارات جاءت لتعزز من تفعيل الشراكة األوروبية البرلمانيين من كال الطرفين.
جزائرية وهذا لتأكيد على أهمية الجزائر في حوض المتوسط ،ودورها اإلستراتيجي سواءا
األ مني أو السياسي أو اإلقتصادي بإعتبار الجزائر لها المؤهالت الكافية لتصبح دولة فاعلة
في إقليم المتوسط ،كما أن هدف اإلتحاد األوروبي و إهتمامه بالجزائر هذا يدل على
التحديات التي تجعل من أوروبا متخوفا من فقدان شريك متميز في جنوب المتوسط.
كما أن الشراكة وفي ظل إقتصاد السوق المعولم تلعب دو ار أساسيا في تحقيق إيرادات
لالقتصاد الجزائري ،وكذا مسايرة التطورات التي تحدث على الساحة العالمية هذا من جهة
)(1
هايدي عصمت كارس ،مرجع سابق ذكره ،ص .111
233
وتحقيق سوق إستهالكية لفائدة األوربيين من جهة أخرى ،مما سمح لهذه األخيرة تقديم الدعم
بمختلف أشكاله للنهوض باإلقتصاد الوطني وتتمثل فيما يلي:
-تحويل التكنولوجيا والدراسات المتطورة لتقنيات التسيير مما يؤدي إلى تنمية وتطوير
االقتصاد الوطني.
-الحد من التبعية من خالل االستفادة من التطور التكنولوجي الذي يمكن من زيادة
الكفاءة االنتاجية.
-تحرير الخدمات يوفر الجو المناسب لعمل المؤسسات اإلنتاجية مما يؤدي إلى زيادة
اإلنتاج الوطني وتحسين النوعية والتقليل من التكلفة.
)(1
-استغالل الطاقات الكامنة والغير مستغلة في االقتصاد الوطني.
-تقديم العون التقني في مجال التعليم والتدريب المهني وتدعيم البحث والتطوير في
الدول المغاربية.
-تقديم المساعدات المالية والفنية للجزائر من طرف االتحاد األوروبي لمقاومة التلوث
البيئي وضمان االستخدام العقالني للموارد المائية و الطاقوية وغيرها.
-المساهمة في تدعيم إعادة هيكلة العديد من القطاعات الهامة في الج ازئر التي تشهد
)(2
ركود فيها ومنها القطاع االنتاجي والمصرفي والتأمين.
وفي مارس 1851تم توقيع االتحاد األوروبي مع الجزائر إتفاق بشأن التعاون العلمي
وتنمية القدرات المعرفية و المعلوماتية ،واكتساب تكنولوجيات جديدة.
إن هذه الزيارات هي فرصة هامة لتبادل وجهات النظر ،فيما يخص تنويع مشاريع الشراكة
بين الجزائر واالتحاد األوروبي ،حيث حققت الجزائر العديد من االيجابيات فيما يخص
)(1
منتديات سكاي ديزاد" ،الشراكة األوروبية في الجزائر" ،تم االطالع عليه يوم ،1851-88-18متاح في االنترنت على:
http://www.alg17.com/vb/threads/thread-6823/
)(2
سلوى دمحم مرسي" ،الشراكة األورو-عربية ،مالها وما عليها وسبل تفعيلها" ،الندوة العلمية الدولية حول التكامل
االقتصادي العربي كآلية لتحسين وتفعيل الشراكة العربية األوروبية ،جامعة فرحات عباس ،سطيف 8-5 :ماي .1882
234
المكاسب واالنجازات في العديد من المجاالت االقتصادية والثقافية وعدم إغفال الحوار
)(3
السياسي ،في العديد من المجاالت األخرى لما لها من فائدة ومصلحة للطرفين.
ثانيا :اآلثار السلبية إل تفاق الشراكة بين أوروبا والجزائر على االقتصاد الوطني.
لى الحكومات من إ تفاق الشراكة إال أن هناك جملة من المخاوف التى تترجم في اآلثار
السلبية على االقتصاد الوطني نذكر منها:
-5بناء على إتفاق الشراكة ستقوم الجزائر بعملية التفكيك الجمركي وإلغاء الحواجز
والتعريفات الجمركية على مدى 51سنة ،لكن في الواقع قد انتهت هذه المدة قبل
وقتها أي عام 1858وهو تاريخ دخول منطقة التبادل الحر األورو متوسطية حيز
)(1
وهنا قدرت مصالح الجمارك الجزائرية الخسائر في مجال التحصيل التنفيذ.
الجمركي جراء اتفاق الشراكة مع االتحاد األوروبي بحجم 5.1مليار دوالر خالل 2
سنوات من حيز الخدمة ،حيث استفادت منها الشركات الفرنسية واإليطالية واإلسبانية
باإليجاب على أسعار منتجاتها أمام المنافسة الشرسة الصينية و األمريكية ،و من
)(3
هايدي عصمت كارس ،مرجع سابق ذكره ،ص .111
)(1
ناصر داودي عدون ،متناوي دمحم ،مرجع سابق ذكره ،ص.552
235
المتوقع أن تفقد قطاعات إنتاجية أخرى تنافسية كلما اقتربنا من تاريخ التفكيك
الجمركي الكامل العام ،1851و من الطبيعي أال تجني الجزائر من هذا اإلتفاق
الشيء الكثير مادامت المؤسسة المنتجة الوطنية -خارج قطاع المحروقات -ال
تملك سوقا خارجية تساعدها على إنتاج الحجم وأن الشركات األوروبية في غالبيتها
تفضل اإلستثمار في الخدمات المرافقة لإلنفاق الحكومي الذي يمثل المحدد الرئيس
للنمو).(2
-1إن الشراكة بين االتحاد األوروبي والجزائر غير متوازنة سواء من حيث اإلمكانات
المادية والقدرات البشرية والتقنية والثقل السياسي و ستؤدي حتما إلى نتائج لصالح
الطرف األوروبي القوى ومكلفة بالنسبة للجزائر باعتبارها األضعف في المعادلة ،أي
أن اآلثار االقتصادية لهذه االتفاقية ستكون غير مالئمة في بعض الجوانب ،إذ أنها
ستؤدي إلى خلق متاعب أخرى تضاف إلى تلك التي تتعرض لها المؤسسات العامة
والخاصة الوطنية ،مما يمكن أن يعرضها إلى اإلفالس الفتقادها للحماية من ناحية
)(1
وعدم قدرتها على منافسة منتجات دول االتحاد األوروبي من ناحية ثانية.
-2قيام الشراكة على عدم التكافؤ فهي تتميز بحرية تبادل السلع و عدم حرية تنقل
األشخاص خوفا من الهجرة غير الشرعية.
-2إصرار االتحاد األوروبي على إنشاء مناطق للتبادل الحر ،وذلك لضمان سوق جنوب
)*(
تبقى دول الجنوب في تحدي أمام جودة المنتجات المتوسط لسلع شمال المتوسط
األوروبية.
)(2
بشير مصيطفى ،الشراكة الجزائرية األوروبية :الرؤية الغائبة ،بوابة الشروق ،جوان ،1888تم االطالع عليه يوم -51
،1851-82متاح في االنترنت علىhttp://www.echoroukonline.com/ara/articles/38113.html :
)(1
بارة عصام ،بن جميل عزيزة" ،انعكاسات اتفاق الشراكة األورو-جزائرية على تحرير التجارة الخارجية" ،مداخلة مقدمة
إلى المؤتمر الوطني حول " :حرية المنافس" ،الجزائر ،جامعة عنابة ،كلية الحقوق والعلوم السياسية.1852 ،
للحديث عن عيوب الشراكة ال تكمن في منهجها بل في طبيعتها نفسها فتركيز الشراكة على التبادل الصناعي واستثناء الزراعي يظهر حجم الفوارق بين مجاالت ارتكاز )*(
236
-1الفوارق على مستوى التنمية البشرية والرفاهية االجتماعية و صدام و تباين الثقافات
ومستويات المعيشية المتناقضة وهي حقائق تتسبب في عرقلة بناء مشترك لعالقات
اقتصادية متطورة.
-1تحفظات الجزائر على جملة من المسائل السياسية المتعلقة باألمن وإشكالية التدخل
في الشؤون الداخلية للدول مما جعلها تخضع لجملة من االنتقادات بسبب تحفظها
على بعض األزمات الداخلية للدول ،وخاصة بعد أحداث الثورات العربية أو كما
)**( )(2
. يصطلح عليها إعالميا "الربيع العربي"
-1التدخل في الشؤون الداخلية للجزائر بإسم قواعد الديمقراطية وتم ذلك بفرض
إصالحات مقابل تقديم مساعدات ،ولقد رد "عبد العزيز بلخادم" في القمة المنعقدة في
برشلونة يومي 15-11نوفمبر 1881قائال ":من المهين أن يطلب من األوروبيون
إصالحات في المقابل حفنة من اليوروهات ليحتفظوا بأموالهم ألننا نريد إصالحات
في إطار السيادة" ) .(1وأكد عليه رمطان لعمامرة في مارس ،1851وأعتبر هذا
األخير أن تقييم للشراكة منذ دخولها حيز النفاذ سنة 1881إلى غاية 1851أن
مجموع الصادرات الجزائرية خارج المحروقات نحو اإلتحاد األوروبي لم يصل إلى
52مليار دوالر خالل العشر سنوات بينما بلغت الواردات الجزائرية من اإلتحاد
األوروبي بـ ـ 118مليار دوالر سنويا ،وهذا يبين الفرق الكبير بين أطراف الشراكة
بحيث ال مجال للمقارنة بين الطرفين بحيث أدى هذا التفاوت إلى تأجيل الجزائر
)(2
إنشاء منطقة التبادل الحر إلى غاية .1818
)**(
الربيع العربي ":هو حركة إحتجاجية سلمية ضخمة إنطلقت في بعض البلدان العربية خالل أواخر عام 1858و
مطلع عام ،1855وبدأت الش اررة األولى من تونس وتصاعدت بوتيرة سريعة إلى الحد الذي مكنها من اإلطاحة برأس
النظام وتنحيته في أيام قليلة ،وتميزت هذه الثورات بظهور هتاف عربي أصبح شهي ار في كل الدول العربية وهو ":الشعب
يريد إسقاط النظام".
)(2
بن عمر عواج ،مريم زكري" ،أثر الشراكة األوربية-المتوسطية على اإلقتصاد الجزائري" ،مجلة أكاديميا ،عدد،82 :
جامعة الشلف ،1851 :ص .151.152
)(1
سفيان بوعياد" ،إتفاق الشراكة كارثة على اإلقتصاد الوطني" ،جريدة الخبر ،عدد ،2211الجزائر 55 ،أوت .1881
)(2
" الجزائر واإلتحاد األوروبي يعتمدان وثيقة تقييم اتفاق الشراكة" ،جريدة الخبر ،تم اإلطالع عليه يوم،1851/51/55 :
متاح في االنترنت علىhttp://www.elkhabar.com/press/article/119468 :
237
-5استثناء ملف الزراعي في مفاوضات الشراكة األورو-متوسطية والذي يعتبر في غير
صالح الجزائر وذلك لما تتمتع به من مميزات في القطاع الزراعي ،هذا يعني أن
االتحاد األوروبي يمارس سياسة حمائية في مواجهة المنتجات التي للجزائر مصلحة
في تحريرها ،بينما يمارس سياسة تحريرية في العديد من المنتجات التي ليس للجزائر
مصلحة كبيرة في تحريرها ،في المقابل إن اشتداد حدت المنافسة في المستقبل قد
يشكل حاف از للجزائر لكي تعمل على تطوير القطاع الفالحي و عصرنته.
18182 18111 18851 52211 55118 55111 58881 1812 1121 1882 الواردات الجزائرية
من أوروبا
15888 12551 25121 11522 15118 11182 51281 52182 51588 51222 الصادرات الجزائرية
نحو أوروبا
يتبين من خالل الجدول أن صادرات الجزائر نحو أوروبا كبيرة جدا إال أنها تتمثل بنسبة
%85من المحروقات وذلك لقلة المنتوجات الصناعية والفالحية التي تصدرها في المقابل
وجود واردات قليلة من اإلتحاد األوروبي ،هذا ال يعكس أن الجزائر من البلدان التي تتنوع
في إقتصادها لكن إقتصادها مرهون بتذبذب األسعار الطاقة في السوق الدولية على عكس
المنتوجات الفالحية ،وهذه الفترة شهدت إرتفاع أسعار الطاقة في السوق.
ومن خالل هذه اآلثار يمكن القول أن السوق الجزائرية ال تتمتع بخاصية التنوع وتبقى
عرضة للصدمات الخارجية ،وهذا بسبب الحماية المفروضة والعوائق على المنتوجات
الجزائرية وسياسة اإلحالل محل الواردات التى إنتهجتها الجزائر خالل عشريات السابقة والتي
أدت إلى االتجاه نحو األنشطة غير تنافسية ،فضال عن االحتكار الممارس من طرف الدولة
عن طريق المؤسسات العامة في مختلف القطاعات االقتصادية ،وتهميش دور القطاع
الخاص في المساهمة في النشاط االقتصادي .ومن هذا فإن السيناريو المتوقع آلثار الشراكة
238
بين الجزائر واالتحاد األوروبي يشير إلى أن آثار التبادل الحر الذي سيدخل حيز التنفيذ –
بالنسبة لالتحاد األوروبي ستكون ضعيفة كون أن التخفيضات من الصعب تطبيقه-
التدريجية للحقوق الجمركية ستؤدي إلى ارتفاع طفيف في الصادرات األوروبية نحو الجزائر
بسبب المكاسب المتعلقة بمؤشر الكفاءة السعر التي ستحصل عليها مقارنة مع الدول األخرى
التي ال تستفيد من هذه التخفيضات الجمركية كالصين مثال وبالتالي سيكون األثر الكمي
للصادرات ضعيفا وبالمقابل على المدى القريب فلن تكون هناك ا
آثار أيضا على الواردات
الوافدة من الجزائر ،بإعتبار أن ليس هناك تفكيك أو إلغاء جمركي ينبغي أن يقوم به االتحاد
األوروبي على السلع الجزائرية ،طالما أن األسواق األوروبية للسلع الصناعية الجزائرية
مفتوحة منذ أمد بعيد ،في حين أن العراقيل على السلع الزراعية تم االحتفاظ بها ،وبالتالي
فإن الجزائر لن تكون في وضع متميز و أفضلي لدخول منتوجاتها الصناعية إلى األسواق
)(1
األوروبية
ويمكن القول أن دخول الجزائر في العالقات الدولية المتوسطية يقتضي ويستلزم تكييف
االقتصاد الوطنى مع متطلبات السوق ،و ذلك بإعادة النظر في الهياكل والتشريعات
والقوانين ومقاربتها مع الدول المحتمل التعاون معها في إطار االستثمارات المباشرة أو
الشركات المشتركة أو عقود التسيير ،وعلى هذا األساس عكفت الجزائر على إصدار جملة
)(1
جليد نور الدين ،بوعافية رشيد ،مرجع سابق الذكر ،ص .285-288
)(2
مقابلة مع السيد اسماعيل للماص ،خبير اقتصادي جزائري ومستشار و ازرة التجارة بالجزائر ،يوم 11ماي 1851على
الساعة 52.88إلى غاية 51.88بجامعة بومرداس.
239
من التشريعات مست الجوانب من بينها إصدار إطارات قانونية تتعلق بتشجيع االستثمار،
وذلك بمنح امتيازات وتسهيالت من شأنها أن تؤدي إلى جلب المستثمر األجنبي والمحلى.
ثالثا :تقييم الشراكة األورو -متوسطية إقليميا وأثرها على جنوب المتوسط:
يختلف تقييم الباحثين األكاديميين والدبلوماسيين لمسلسل برشلونة ،ولعل أكثرها تطرفا
هي األحكام الصادرة عليها بالفشل أو تلك القائلة بكونها خطوة إيجابية وفعالة دون إظهار
إختاللتها الكبرى ،ولعل أهم المالحظات التي يمكن اإلشارة إليها هو عدم حدوث أي تقييم
رسمي وفعلي لهذه الشراكة منذ أكثر من 18سنة على إنطالقها من قبل ضفتي المتوسط،
ومن المالحظات التي يمكن تسجيلها على سلبيات الشراكة في بلدان جنوب المتوسط
بالخصوص داخل األوساط األكاديمية بسبب النزعة األوروبية للمشروع.
و تركز أهم االنتقادات الموجهة لمسار الشراكة – بما فيها سياسة الجوار -على
ضآلة المساعدات المالية وهيمنة المحدد األمني لالتحاد األوروبي إزاء المنطقة و تفضيله
لألمن على الديمقراطية والتنمية االقتصادية مما إستاءت منه بلدان جنوب المتوسط بإعتبارها
بحاجة إلى عامل التنمية االقتصادية ،كما تبنت بعض دول جنوب المتوسط مثل ليبيا و
سوريا مواقف مشككة من المسار بسبب عدم التكافؤ بين النظرة األوروبية ونظرة الدول
)(1
السارية في طريق النمو (جنوب المتوسط بالخصوص).
باإلضافة إلى ما سبق هناك غموض المفهوم وخطورة التطلعات المتزايدة ،فيالحظ
وجود تباين في مدركات االتحاد األوروبي وسياسته نحو التعاون أو الشراكة مع دول
المتوسط وهو ما إنعكس على التعاون في المحيط األطلسي مع تباين المنطلقات االستراتيجية
في تحديد أطراف الشراكة ،فما يزال تعريف هذا المشروع محل جدل كبير وهل يقوم على
أساس جغرافي أي على الدول المطلة على المتوسط ،أم هو على أساس وظيفي أي االعتماد
على المؤهالت أم ماذا؟.
التفاوت االقتصادي واالجتماعي الكبير بين أطراف الشراكة ،فهذا التفاوت يمثل عقبة
إضافية أمام بلدان المتوسط النامية على االندماج في آليات الشراكة بمعدالت ناجحة بسبب
)(1
كريم مصلوح ،مرجع سابق ذكره ،ص .512
240
الفجوة الكبيرة بين األطراف واآلخذة باالزدياد ،غير أن هذا التفاوت ولد التنافس بين
المتوسطية و الشرق أوسطية ،فإذا كانت األولى هي لتأكيد المشروع األوروبي الرامي للتعاون
في الجانب االقتصادي والسياسي و األمني و الثقافي ،فإن الثانية هي مشروع أمريكي يهتم
)(2
بالجانب االقتصادي أساسا مع إعطاء دورة الريادة ل ـ (إسرائيل).
لقد أصبح المشروع المتوسطي الشغل الشاغل لصناع القرار في االتحاد األوروبي لما
تمثله المنطقة مرتك از لسياسة االتحاد ومصالحه اإلقليمية في مجالي السياسة واالقتصاد وما
له من انعكاسات على استق ارره ،كما أن هذا المشروع وما يحمله من فرص وتحديات أمام
االتحاد األوروبي فهو يحتاج إلى تفعيل لذلك المشروع لما لذلك من انعكاس على تأثيره
السياسي و الدولي ،ولكي يكون هذا المشروع ناجحا فهو بحاجة إلى جملة من المتغيرات
التي تجعل منه مشروعا حقيقيا ومنه ما يلي:
سطر إعالن برشلونة عام 5881عدة أهداف مركزية ،كما سطر عدة نتائج منتظرة و
إ نصبت أهم الدراسات حول الجوانب التجارية بالخصوص إضافة للجوانب المالية ،وتتمحور
الهدف األول في إقامة منطقة أمن واستقرار مشترك ،ولتحقيقه تم تسطير أهداف فرعية
)(2
دمحم دحام كردي ،مستقبل االتحاد األوروبي -دراسة في التأثير السياسي الدولي ،بيروت :منشورات الحلبي الحقوقية،
،1852ص .551.555
)(1
دمحم دحام كردي ،نفس المرجع ،ص .558
241
تتمثل في الرفع من معدالت النمو وتقليص فوارق التنمية في اإلقليم وتطوير التعاون
واالندماج اإلقليمي من خالل التبادل الحر ،كما أبرمت اتفاقيات الشراكة مع دول جنوب
بالتدريج وكانت تونس والمغرب ثم مصر واألردن من أولى هذه الدول ،ثم الجزائر وسوريا،
بينما يرجح إبرام هذا االتفاق مع ليبيا بعد إسقاط نظام القذافي عام .(*)1855
والمالحظ أن مشكالت الشراكة ظلت مستمرة ،وإذا كان التوجه االقتصادي الذي
ارتكز نظريا على أهمية اإلقليم الجيو اقتصادي في بناء التجمعات الكبرى للدفاع عن
التعاون المتوسطي يقوم على الدمج بين دول من الشمال وأخرى من الجنوب تتوفر لها
حظوظ خلق فضاء لالندماج يبدأ من االقتصاد ،غير أنه من جهة أخرى يسجل كون منطقة
التبادل الحر المتفاوض عليها بين الضفتين بشكل منفصل ألنها منطقة تبادل تميزت بأربع
خصائص أولها:
كما قد بين رأي آخر إلى أهمية المكتسبات والتي يذكرها "بنديكت دو سان لوران" والتي
أعطى أهم المبررات والمكتسبات لمؤتمر برشلونة ونذكر منها:
-معالج ة ماليات البلدان المتوسطية بفرض توجه شبه ماستريختي للتوازنات الماكرو
إقتصادية( الحد من التضخم ،والحد من الدين العمومي).
-توفير مؤتمر برشلونة للشروط المؤسسة ،القانونية و التجارية لتطوير األعمال في
حوض المتوسط ،ومنها إحداث تدريجي لمنطقة تبادل حر رغم كونها جزئية.
)*( طرح مقتل العقيد معمر القذافي عدة سيناريوهات محتملة في غياب البنية السياسية والدستورية والحزبية طيلة فترة
حكمه ،السيما وأن رئيس المكتب التنفيذي محمود جبريل حذر من "فوضى سياسية" وهو ما يأخذه بعض النشطاء على
محمل الجد ،مما استلزم على االتحاد األوروبي التريث والنظر في الشأن الليبي بما سيسفر من مخرجات الثورة لتباشر
التفاوض والتعاون بين االتحاد األوروبي وليبيا إن كان هناك ما يتفاوضون عليه؟.
242
-مساهمة مؤتمر الشراكة في جذب االستثمارات األجنبية المباشرة ليس عن طريق
رأسمال أوروبي ،ولكنه باكتساب المنطقة للجاذبية ومن ثم جذب األموال من دول
مجلس التعاون الخليجي ،وتشير اإلحصائيات إلى الخط التصاعدي لتدفق رؤوس
األموال األجنبية في المنطقة حيث بلغت ما بين 1881 -1888حوالي 11.1
)(1
مليار دوالر ،بينما بلغت 28.1مليار دوالر في الفترة مابين .1888-5881
)(1
كريم مصلوح،مرجع سابق ذكره ،ص .515-511-511
243
خالصة واستنتاجات:
لقد بذلت الجزائر مجهودات كبير في تطوير اقتصادها في مختلف جوانبه الصناعية
والتجارية أو حتى تطوير االستثمار المحلى و األجنبي بشكل واسع مما جعلها تصيغ قوانين
تسهل عالقة المستثمر األجنبي بالدولة الجزائرية من جهة وتشجع تطوير الصناعات
بمختلف أنواعها وذلك من خالل الدعم التي وفرته لقطاع الصناعة من جهة أخرى.
وبحكم العالقة التي تربط الجزائر باالتحاد األوروبي اقتصاديا بالخصوص جعل هذا
األخير يمنح دعما ماليا من أجل تسهيل العالقات االقتصادية بين البلدين من خالل إبرام
مجموعة من االتفاقية التي كان أبرزها التوقيع على معاهدة برشلونة التي تعتبر بمثابة إعادة
تقوية العالقات بين دول ضفتي المتوسطى بحكم ما شملته من دول القارات الثالث والتي
شملت مختلف المجاالت فكان على الجزائر أوال الخروج من األزمة السياسية التي عاشتها
خالل التسعينات وإعادة رسم سياساتها نحو التقدم و اإلزدهار ،وهذا ما أبرزته المبادالت
التجارية خارج المحروقات بين الجزائر واالتحاد األوروبي إلى ارتفاع مستمر في السنوات
األخيرة وذلك حسب إحصائيات مصالح الجمارك ،في المقابل شدد مسؤولون جزائريون إلى
إعادة تقييم فعلي وجاد للشراكة األوروبية الجزائرية بالخصوص من أجل إعادة رسم طرق
ووسائل التي تسمح للطرفين بالتقدم أكثر لتحقيق التعاون الذي نصبوا إليه جميعا.
ويهدف اإلتحاد األوروبي من خالل إتفاق الشراكة مع الجزائر إلى إقامة منطقة تبادل
حر أورو-جزائرية يترتب عليها إلغاء الحواجز الجمركية وغير الجمركية على الواردات
الجزائرية من اإلتحاد األوروبي ،مما يتبين أن نية االتحاد االوروبي في جعل الجزائر سوقه
الموسعة نحو أفريقيا لتصدير منتوجاته واالستحواذ على السوق المتوسطية.
إنطالقا من هذه المستجدات سعت الجزائر إلى التوافق مع هذه الديناميكيات الجديدة
للنظام اإلقتصادي العالمي ،وذلك من خالل سعيها للدخول إلى المنظمة العالمية للتجارة
والتي هي في مفاوضات مستمرة مع الجانب الجزائري.
244
الفصل الرابع :نحو تفعيل الشراكة األورو-
جزائرية
245
تمهيد:
لدراسة وتحليل السياسة الخارجية لبلدان المتوسط شمال وجنوب ضفتي المتوسط
وبلغة المنظور الواقعي في التحليل المنهجي للواقع المطروح في العالقات الدولية و الذي
يجمع في إطار الشراكة والتعاون بين دول المتوسط ،وإلى حجم التغيرات في المنطقة
المتوسطية والتي شهدت جملة من التحديات سواء على المستوى الداخلي لكل ضفة على
حدى أو التحديات الخارجية وما نتج عنها من قبل قوى كبرى محاولة السيطرة على المنطقة
أو تأثير التحديات الداخلية لتنشأ أزمات كبرى خارج الفضاء المتوسطي ،مما جعل على
دول حوض المتوسط أن تواجه هذه التحديات سواء منها الداخلية و الخارجية ،ومحاولة منها
إعادة تفعيل الشراكة بأسس وأساليب مكافأة حتى يجعل من الشراكة األورومتوسطية كنموذج
في عالقات التعاون بين البلدان لدول العالم ،وهذا ما نحاول التطرق إليه مع وجوب عدم
اإلغفال عن مستقبل العالقة التي تربط دول الضفتي بتفعيل نمط شراكة حقيقية دون تبعية
بالتركيز على تفعيل المغرب العربي من النواحي السياسية واالقتصادية واألمنية وهنا تكون
شراكة حقيقة وفاعلة.
ومن خالل هذا كله قسمنا هذا الفصل إلى ثالث مباحث:
246
المبحث األول :التحديات الخارجية التي تواجه منطقة المتوسط.
إن المنطقة المتوسطية شهدت تحديات داخلية وأخرى خارجية بإعتبارها منطقة
حساسة وتتوسط العالم ،وهذا ما سنبرزه في مايلي:
يتميز الدور األمريكي في البحر األبيض المتوسط بالحيوية الكبيرة ،ويبدو بذلك المنافس
الكبير لالتحاد األوروبي حول إمتيازاته في جنوب المتوسط ،ويبدو أن اإلدارة األمريكية و
بإختالف رؤسائها بقت ثابتة حول األهمية الجيو إستراتيجة للمنطقة ،بمعنى أن أي تغيير في
السياسة األمريكية إزاء المنطقة يعد تغيي ار في الوضع اإلقليمي عموما ،وتتمثل أهم هذه
السياسات األمريكية في المتوسط من خالل الحوار األطلسي الذي هو صمام األمان لألمن
األوروبي وهي حليفة تركيا ولها سياسة عبر أطلسية في البلقان والتي تطورت بعد الحرب
الباردة ،كما أنها حليفة إسرائيل وذات دور كبير في الشرق األوسط ،وتنشط في المنطقة
المغاربية إلى جانب المغرب والجزائر ،و قد عزز اتفاق "كامب ديفيد" المكانة األمريكية في
الشرق األوسط من خالل السالم العربي – اإلسرائيلي الذي قادته أمريكا الحليف االستراتيجي
)(1
إلسرائيل مما بسط نفوذ أمريكا في منطقة المتوسط.
)(1
كريم مصلوح ،مرجع سابق ذكره ،ص .211
)(2
Ian O.Lesser , Les Etats Unis et la Mèditerranèe, consultè le 10.11 2014 sur :
www.iemed .org/anuari/2004/frarticles/frarticles .pdf.
247
-اهتمامات الواليات المتحدة األمريكية بالمتوسط باعتباره جزءا مندمجا في األمن
األوروبي.
-كون المتوسط جسر نحو الخليج العربي واستعملت الواليات المتحدة البحر المتوسط
للعبور مرات عديدة خاصة في حرب الخليج عام 5885- 5888وعام 1882
حربها على العراق.
-انخراط الواليات المتحدة في عدة قضايا إقليمية واضحة كالنزاع في الصحراء الغربية
)(1
وبحر إيجة ومسلسل السالم العربي اإلسرائيلي و األزمة الليبية.
كما ترى الواليات المتحدة األمريكية أن البحر األبيض المتوسط مجاال استراتيجيا
لالستخدام العسكري والعبور التجاري عبر البحر وذلك ألهمية المضايق التي يتوفر عليها و
التي تربط بسرعة بين عدة محاور مثل مضيق جبل طارق الذي يربط األطلسي ببحر
األبيض ،الدردنيل والبوسفور اللذان يربطان المتوسط بالبحر األسود ،وقناة السويس التي
تربط بين عدة محاور منها المحيط الهندي .
كما برزت مبادرات أخرى من قبل أمريكا تجاه منطقة جنوب المتوسط الشرق األوسط من
جهة والمغرب العربي من جهة أخرى وكل واحد على حدى باعتبار هذا األخير خاضع
تاريخيا للنفوذ األمريكي فقد وجهت سياسة أمريكة من خالل إطالق مشروع سياسي اقتصادي
كأضخم المشاريع من أجل بسط نفوذها في المتوسط وهو "الشرق األوسط الموسع وشمال
إفريقيا" "BMENAوهو عبارة عن مشروع أو برنامج متعدد األطراف يهدف في بعده
االقتصادي إلى تعزيز التنمية واإلصالح االقتصادي عن طريق الليبرالية في كافة دول
الشرق األوسط وشمال إفريقيا والتي تم عرضه من قبل الرئيس األمريكي جورج بوش اإلبن
على المجموعة الثمانية ( )G8من أجل مناقشته وإثرائه في قمة ايسلندا جوان .1882
وقد أقرت مجموعة الثمانية الوثيقة األمريكية وأطلق عليها إسم " الشراكة من أجل التقدم
ومستقبل مشترك مع منطقة الشرق األوسط الموسع وشمال إفريقيا" ،بعد إخضاعها للتعديالت
،وقد جرى التركيز على المحور االقتصادي من خالل ضرورة خلق وظائف جديدة ،تعزيز
التنمية ،تحفيز التجارة البينية ،ودعم االستثمار األجنبي وغيرها ،مع تزويد المبادرة بهيكل
)(1
كريم مصلوح ،مرجع سابق ذكره ،ص .218
248
مرئي يتمثل في " منتدى من أجل المستقبل" والذي يشكل إطا ار للنقاش والحوار بين صناع
القرار االقتصادي وفعالية المجتمع المدني ،كما تبلورت هذه الشراكة عبر خلق شبكة من
الصناديق المالية وإقامة شراكة بين المؤسسات التابعة للقطاع الخاص ،إنشاء مجموعة عمل
حول االستثمار وكذا مركز إقليمي للتكوين في مجال التمويل.(1).
وفي هذا السياق نجد أن أوروبا تشعر بثقل كبير حيال المنافسة األمريكية لها حيث
تسعى هذه األخيرة إلى تكريس استراتيجية خاصة لتأمين حاجياتها سواء من الطاقة أو من
المنهكة وهذا من أجل بسط النفوذ
األمن في المنطقة أو من خالل الدعم المالي للشعوب ُ
األمريكي على المنطقة ومنافسة أوروبا لها وهذا ما أثبتاه الطرفان -األوروبي و األمريكي-
من خالل مشاريع كل من القطبين ،وترى أمريكا نفسها الدولة العظمى في العالم بعد زوال
االتحاد السوفيتي سابقا ،والتي ترى من الواجب عليها قيادة العالم وأن لديها مسؤولية أخالقية
عالمية تجاه المجتمع الدولي ولهذا فإن سياسته المنتهجة هي سياسة عالمية عابرة للقارات
)(2
مما جعل االتحاد األوروبي أمام تحدي حقيقي على عكس السياسة األوربية اإلقليمية.
فوقي ،وذلك بسبب اإلمكانيات المالية والتكنولوجية التي تمتلكها أمريكا وسياسة االحتواء
واإلغراء من جهة والردع وفرض العقوبات من المخالفين لسياستها من جهة أخرى ،كل هذا
جعل االتحاد األوروبي يفكر في سياسات أخرى أكثر فاعلية من أجل إحتواء المنطقة.
على المستوى االقتصادي بوجهيه المساعدات والتجارة وبالنظر لبيانات التجارة بين
الواليات المتحدة األمريكية ومختلف بلدان إفريقيا خاصة شمال إفريقيا في العام
1852التي تبين التزايد المتسارع للتبادل السلعي بين الواليات المتحدة األمريكية
وبلدان إفريقيا وهو ما يوضحه الجدول التالي:
دمحم بلخيرة" ،السياسة األمريكية تجاه دول المغرب العربي مع مطلع القرن الحادي والعشرين :األبعاد واالستراتيجية )(1
الغائية" أطروحة دكتوراه ،جامعة الجزائر ،كلية العلوم السياسية والعالقات الدولية ،الجزائر ،1851 :ص.118
)(2
اعمر بوزيد ،مرجع سابق ذكره ،ص .282
249
الجدول رقم( :)14التبادل السلعي بين الواليات المتحدة وإفريقيا لعام ( 2113مليون دوالر)
المصدر :صبحي قنصوه ،نادية عبد الفتاح ،التقرير االستراتيجي االفريقي ،2113-2112طبعة ،88معهد البحوث والدراسات
االفريقية ،جامعة القاهرة ،ص .1852 ،251
يتضح من خالل الجدول أن جملة التبادل التجاري بين الواليات المتحدة وإفريقيا في عام
1852ظلت في تزايد مستمر عام بعد عام وذلك من خالل جملة من االتفاقيات التي
أبرمتها أمريكا مع دول شمال إفريقيا أو إفريقيا قاطبة مما زاد من ثقة هذه األخيرة في
المبادالت التجارية التي تجمع القارتين وأصبحت بذلك أمريكا المنافس رقم واحد على شمال
إفريقا لالتحاد األوروبي وخاصة فرنسا منها باعتبار هذه األخيرة لها رؤية فوقية ألن معظم
بلدان القارة اإلفريقية مستعمرات سابقة لفرنسا وهذا ما استدعى على دول االتحاد األوروبي
250
بقيادة فرنسا السباق إلبرام جملة من االتفاقيات والتعاون والمساعدات لتضمن بقائها ولو
)(1
إقليميا.
باعتبار التحدي الطاقوي أكبر تحدي تواجهه أوروبا منذ مطلع القرن العشرين إلى حاضرنا
اليوم وهذا سبب عزم أمريكا االستباق نحو السيطرة على المراكز الطاقوية في المتوسط
والهيمنة عليها ،باعتبار أنها تستأثر لوحدها على ربع االستهالك العالمي و إتباع نهج تنويع
مصادر االستيراد لتأمين االحتياجات الضرورية ألمريكا هذا من جهة و تحكمها في الطرق
)(1
وكما أن التدخل األمريكي في جنوب واإلمدادات العالمية التي يعتبر المتوسط أحد أهمها.
المتوسط في جميع المجاالت ومحاولة منه إعطاء توجهاته تجاه القضايا المتعددة كالطاقة
االرهاب واألمن والهجرة ،...كل هذا جعل من الواليات المتحدة األمريكية تتخذ سياسة
)**( )*(
في عهد من جهة خاصة في عهد بوش اإلبن والقوة المرنة خارجية بين القوة الصلبة
الرئيس باراك أوباما ،وهذا يجعلنا نطرح تسائال:
هل عالقة االتحاد األوروبي مع الواليات المتحدة األمريكية بين ميزان التوافق أم ميزان
التعارض.
بحكم السياسات الخارجية لكلى الطرفين يتبين أن طبيعة العالقة بين االتحاد
األوروبي و الواليات المتحدة بين المد والجزر بسبب الخالفات في وجهات النظر بينهما
)(1
صبحي قنصوه ،نادية عبد الفتاح ،التقرير االستراتيجي االفريقي ،2113-2112ط ،88معهد البحوث والدراسات
االفريقية ،جامعة القاهرة ، 1852 :ص .251
)(1
أيمن خيري" ،األمن الطاقوي في الغرب والواليات المتحدة وانعكاساته على التوجهات الروسية في مجال الطاقة ،في
،"1882-82-55تم االطالع عليه يوم ،1851-55-51 :متاح في االنترنت على:
www.alriadh.com/contents/18-05-2004/economy/oil-2224.php
)*(القوة الصلبة :هي استخدام للقوة العسكرية واألمنية (السالح) في الفعل المباشر من دولة ضد دولة أخرى ومن جيش
ضد جيش ،وفي ذلك يقال أن الحرب هي امتداد للسياسة بوسائل اإلكراه والقتل والتدمير.
)**(
القوة المرنة :وهي مجموعة الوسائل السياسية والدبلوماسية واالقتصادية والقانونية و اإلعالمية ،التي تستخدمها الدول
ضد بعضها البعض لفرض إرادتها على بعضها البعض.
251
خاصة بعد إنهيار االتحاد السوفياتي ،فقد زاد الشعور لدى بعض دول االتحاد بأنها لم تعد
بحاجة إلى مساعدة الواليات المتحدة في وجه الخطر السوفياتي ،وأن أوروبا تستطيع أن
تعتمد على نفسها عند أي خطر قد تتعرض له من دون الحاجة إلى الدعم األمريكي ،كما
أدى توحيد ألمانيا إلى زيادة إيمان ألمانيا بدورها التاريخي في توحيد أوروبا ،و رأت هذه
األخيرة أن التحالف الذي كان موجودا بين الواليات المتحدة والمجموعة األوروبية خالل
الحرب الباردة في إطار حلف الناتو قد فقد الكثير من وظيفته ،ألن الخطر السوفياتي قد زال
ووجدت دول االتحاد أنها لم تعد بحاجة إلى مظلة الدفاع األمريكي التي كانت قائمة من
قبل.
ولهذا فقد زاد الخطاب السياسي األوروبي من لهجت المنتقدة للسياسة األمريكية
ودعوته إلى تقوية االتحاد بعيدا عن الواليات المتحدة ،وفي الواقع فإن العداء بينهما قديم منذ
أن هاجر المهاجرون من أوروبا متجهين إلى القارة األمريكية ،على أساس أن الواليات
المتحدة كانت تمثل مستقبل العالم و أوروبا الماضي .وخالل الحربين العالميتين األولى
والثانية وجد األمريكيون أنفسهم مجبرين على حل الخالفات بين الدول األوروبية وأنهم
ينغمسون في تفكيك القارة األوروبية وبدأ التدخل مباشرة من خالل وضع خطة اإلنعاش
االقتصادي األوروبي( خطة مارشال) بعد نهاية الحرب العالمية الثانية ،وكانت أمريكا تتوقع
من أوروبا أن ترد لها الجميل الذي قدمته لها ،ولكن أوروبا بدال من ذلك بدأت تبحث عن
إقامة تعاون مشترك في ما بينها بمعزل عن واشنطن ،وخشيت الواليات المتحدة من أن يكون
اندماج الدول األوروبية على حساب مصالحها مما جعلها تدعوا إلى إنشاء حلف عسكري
أمريكي – أوروبي مشترك يكون تحت قيادتها من أجل حماية أوروبا من الخطر السوفياتي
الشيوعي ،كما فعلت عندما دخلت الحرب العالمية الثانية للدفاع عن أوروبا أمام ألمانيا
النازية.
وصاحب الصراع على المصالح بين االتحاد األوروبي والواليات المتحدة فكرة إقامة
السوق األوروبية المشتركة ،وقد قاد هذا الصراع الرئيس الفرنسي األسبق الجنرال "شارل
ديغول" الذي أراد الخروج والتمرد على الهيمنة األمريكية منذ بداية الحرب الباردة بين
252
واشنطن وموسكو والمعروف أن ديغول قد انسحب من الذراع العسكري الذي كان قائما بين
)(1
الدول األوروبية الناشئ من طبيعة حلف األطلسي.
سبقت االشارة إلى أن الصراع بين القوى الكبرى على الطاقة في المتوسط هو الذي
حتم على االتحاد األوروبي إعادة النظر في مكانة الطاقة في العالقات األورو -متوسطية
من حيث تزايد اعتماد اإلتحاد األوروبي على واردات النفط والغاز من جنوب المتوسط
خاصة ليبيا و الجزائر ،وأهمية دول جنوب المتوسط كمعبر للطاقة إلى أوروبا ومحاولة
التعاون في مجال الطاقة المتجددة ،بحيث إنقسم االتحاد األوروبي مع دول جنوب المتوسط
في مجال الطاقة إلى محاولة نقل القواعد التنظيمية لسوق الطاقة األوروبي إلى دول جنوب
المتوسط مع منح قروض بقيمة 1مليار أورو لدعم المشروعات التي تربط بين الشمال و
الجنوب في مجال الغاز والكهرباء ،ومنها هذه المشاريع مشروع خط أنابيب "ميدا غاز" الرابط
بين مدينتي بني صاف على الساحل الجزائري وألميريا اإلسبانية والذي دخل حيز التشغيل
)(1
سنة .1855
كما أن عالقة االتحاد األوروبي بالجزائر في مجال األمن الطاقوي عالقة قوية
باعتبار هذه األخيرة تحتل المرتبة الثالثة من الغاز بعد روسيا والنرويج في واردات االتحاد
األوروبي عام ، 1858والمرتبة األولى في التصدير لبلدان المتوسطية فقد استطاعت
)(2
الجزائر أن تطرح نفسها كمصدر موثوق فيه خاصة بعد أحداث الربيع العربي بعد .1855
وهذا ما أكد عليها الباحث "حكيم درابوش" إلى وصف الجزائر وعالقتها باالتحاد
األوروبي بكونها "روسيا جنوب المتوسط" باعتبارها أهم مصدر للطاقة لالتحاد من جهة،
وموافقتها على أجندة االتحاد األوروبي فيما يتعلق بالترويج للديمقراطية من جهة أخرى،
)(1
أحمد سعيد نوفل" ،متحدون في التنوع :االتحاد األوروبي بين القدرات والتحديات" ،المجلة العربية للعلوم السياسية،
بيروت :عدد ،1858 ،11ص .521.522
)(1
هايدي عصمت كارس ،مرجع سابق ذكره ،ص .111
)(2
نفس المرجع ،ص .111
253
ولتمتع الجزائر بعالقة قوية بالدول األعضاء الرئيسية المستوردين للطاقة منها أكثر من
االتحاد األوروبي ككل من الناحية الثالثة.
في حين باشرت 12شركة ألمانية عام 1888االستثمار في مجال الطاقة الشمسية
"دزرتيك" األوروبي الذي يهدف إلى إقامة شبكة واسعة إلنتاج الكهرباء من شمس صحراء
إفريقيا ضمن اتفاقية شراكة ضخمة ضمت 51دولة ودخلت فيه في بداية المشروع كل من
الجزائر والمغرب ،وقدرت كلفة المشروع بنحو 118مليار دوالر والذي كان من المفترض
تلبية ما بين %15إلى % 18من إجمالي حاجة أوروبا من الطاقة مع بلوغ ،1818غير
أن المشروع نال نصيبه من المعوقات من الجانب األوروبي واالسباني مما استدعى هذا
األخير تأجيل التوقيع على بنود التفاهم األوروبي المتوسطي عدة مرات في المقابل تم
)(1
أما فرنسا فقد مضاعف إسبانيا معوناتها للجزائر حتى تتميز إسبانيا بمعاملة تفضيلية.
بلغت معوناتها للجزائر ب ـ 111مليون دوالر لضعف ما تمنحه إسبانيا للجزائر باعتبار
الجزائر القوة األولى في المغرب العربي العتبارات كثيرة وهذا ما يوضحه الجدول التالى:
الجدول رقم ( :)11دول المغرب العربي والفوارق بينها في حجم االحتياطات النفطية
والديون الخارجية لسنة .2113
المساحة الديون الخارجية االحتياطات ن.م.إ م .ت .ب السكان(م ن) الدول
)(1
يسرى نعمة " ،بعد النفط هل يصبح الصراع مستقبال حول الطاقة الشمسية؟" ،تم االطالع عليه يوم-58-11 :
،1851متاح في االنترنت علىhttp://raseef22.com/economy/2014/01/03/ :
254
Soures Anisse Terai ،Algérie : à l’aube du changement, diplomatie n°68, mai-juin 2014, Areion
group, paris, p. 26.
حيث يبين الجدول مدى إمتالك الجزائر من إمكانيات متعددة تجعل منها تتفوق على
جيرانها سواء من حيث المساحة أو من حيث المداخيل أو إحتياط الصرف مما أهلها أن
)(2
خاصة االستثمار في مجال المحروقات تكون بلد المقصد لسياسات االتحاد األوروبي،
والطاقات المتجددة مما تسارعت دول أوروبية على حدى من أجل كسب أكبر عدد ممكن
من المشاريع و إدراكا ألهمية التكامل بين أسواق الطاقة لتحقيق أهدافها الطموحة للطاقة
المتجددة نظر االتحاد األوروبي للطاقة بنظرة األولوية في سياساته الخارجية ،وهذا ما أعلن
عنه رئيس المفوضية االتحاد األوروبي عام .1852
وبدعم قوي من االتحاد األوروبي وافقت إسبانيا وفرنسا على إنشاء خط جديد لنقل
الكهرباء عبر جبال "برانييس" ،وفي 1851إكتمل المشروع الذي يمتد لمسافة 12.1كيلو
متر وبتكلفة 188مليون يورو ،مما ضاعف قدرة الطاقة الكهربائية داخل االتحاد األوروبي
،في حين أعلنت إسبانيا وبمباركة االتحاد األوروبي في مارس 1851عن مشروع بين
فرنسا و إسبانيا لزيادة الطاقة الكهربائية لكن من المتوقع أن سريان المشروع ودخوله حيز
)(1
هذا من أجل تقليل التبعية لخارج إقليم االتحاد األوروبي من العمل بحلول عام .1818
جهة أو التعاون في إطار مشاريع اقتصادية هامة مع طرف ضعيف للسيطرة على مخرجات
المشاريع في إطار سياسة أوروبية موحدة تعمل على الهيمنة والسيطرة.
)(2
Anisse Terai , "Algérie : à l’aube du changement, diplomatie", n°68, Areion group, paris,
mai-juin 2014, p 26 .
)(1
سامح مبارك" ،استيراد وتصدير الطاقة المتجددة :مكسب لالتحاد األوروبي وشمال أفريقيا" ،البنك الدولي ،تم االطالع
عليه يوم ،1851-58-51متاح في األنترنت على:
http://blogs.worldbank.org/voices/ar/energy/renewable-energy-export-import-win-
win-eu-and-north-africa
255
تعتبر الصين من الدول األكثر استخدام للطاقة خاصة النفطية منها وهذا بسبب النمو
المتسارع الذي شهدته الصين خاصة في الربع األخير من القرن العشرين مما زاد الحاجة
إلى طاقة هائلة ،حيث تحولت الصين من مصدرة للنفط إلى دولة تحتل المرتبة الثانية بين
)(2
كما أن العودة إلى مسألة أمن الطاقة ،وحسب ما تدل كبار المستهلكين للنفط في العالم.
عليه المعطيات أن نسبة إستيراد الصين لنفط الشرق األوسط وحده سيبلغ % 11في
)(1
مما سيجعلها منافسة ألمريكا من جهة واالتحاد األوروبي من جهة غضون عام 1828
أخرى للطلب المتزايد على الطاقة ،في حين أن العالقة التي التى تنسجها الصين إقتصاديا
مع دول جنوب المتوسط ليست بإستراتيجية واضحة المعالم أو هندسة متكاملة ،كما يرتبط
الصعود االستراتيجي المحتمل للصين بتأثير وتزايد تأثيره هذه القوى في الوقت نفسه في
القارات وذلك بإهتمامها المتزايد بإفريقيا خاصة بعد أحداث الثو ارت العربية 1855نشطت
كسياسة خارجية تجاه أزمتي سوريا وليبيا باعتبار الصين ال تطلب إصالحات مدنية مقابل
)(2
التعاون على عكس االتحاد األوروبي الذي يطلب الديمقراطية و المشروطية السياسية.
رغم االمتيازات التي يحظى بها االتحاد األوروبي كشريك ذي أولوية لكل دول
المتوسط فإن تصاعد أهمية الصين رغم بطئه يبقى حقيقة كامنة وتفرض على الجوار
األوروبي إعادة نظر مستمرة في سياساته المتوسطية ،وبذلك أصبحت الصين ثاني شريك
تجاري للمغرب وراء االتحاد األوروبي ،وثالث شريك لمصر وليبيا ورابع شريك للجزائر
وخامس شريك لتونس رغم الفارق في حجم المبادالت بين االتحاد األوروبي والصين .وال
يمنع ذلك من القول أن شمال إفريقيا تتوفر على احتياطات مهمة جدا من الغاز إذ تتوفر
الجزائر ومصر وليبيا حسب تقديرات 1858على أهم احتياطات الغاز وجاء اهتمام الصين
)(3
ويتضح أن العامل الجيو بجنوب المتوسط باعتباره ساحة لنقل ومرور الناقالت التجارية.
اقتصادي ذو أهمية بالغة في الحضور الصيني بجنوب المتوسط ،حيث ينتج عن المنطقة
)(2
سعد حقي توفيق" ،التنافس الدولي وضمان أمن النفط" ،مجلة العلوم السياسية ،جامعة بغداد :العدد ، 1855 ،22
ص 1.
كريم المفتى" ،مصالح روسيا والصين في الشرق األوسط :دراسة تحليلية" ،المجلة العربية للعلوم السياسية ،قطر :عدد )(1
256
ربط اقتصادي مع أوروبا ومع إفريقيا ومع أمريكا عبر األطلسي ويمكن لهاتين القوتين –
الصين وأمريكا -االستفادة من الشراكة األورو متوسطية ومن اتفاقية التبادل الحر التي
تربط هذه الدول باالتحاد األوروبي رغم القيود المفروضة عليها.
وبناءا على المنافسة الصينية األوروبية على شمال إفريقيا والمناطق الجيو إقتصادية وهذا ما
أكدته زيارة نائب وزير التجارة الصيني "كيان كيمينغ" إلى الجزائر كشريك إستراتيجي،
وتوقيع شراكة اقتصادية بين الجزائر يوم 1851-58-51مع وزير التجارة "عبد السالم
بوشوارب" وقدرت قيمة المبلغ المضخ أكثر من مليار ونصف مليار دوالر كمبلغ أولي ضمن
إطار شراكة صناعية بين الجزائر والصين والمبلغ مرشح لالرتفاع من خالل المشاريع
)(2
االستثمارية ،هذا من شأنه يعزز العالقة االقتصادية بين الجزائر والصين.
)(1
سمير قط "،االستراتيجية االقتصادية الصينية في إفريقيا :فترة ما بعد الحرب الباردة –قطاع النفط نموذجا ،"-رسالة
ماجستير ،كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة بسكرة ،1885 :ص .12
)(2
التلفزيون الجزائري ،أخبار الثامنة ،األحد 1851-58-51على الساعة الثامنة" ،الجزائر والصين توقعان اتفاقية اطار
لتعزيز الشراكة في المجال الصناعي".
257
ثانيا :التنافس الروسي في المتوسط:
تتميز روسيا في المتوسط بكونها قوة تاريخية تراجعت أهميتها بعد الحرب الباردة
وأخذت تتطور هذه األهمية لها في المنطقة في العقد األول من هذا القرن ،وتنطلق روسيا
من محددات جيو سياسية وتسعى للحضور في أسواق الطاقة وبيع السالح وتقديم تحالفات
سياسية لهذه الدول من منظور أن روسيا قوة دولية وحاضرة في المؤسسات الدولية كمجلس
األمن لألمم المتحدة ،لكن مشكلة روسيا في أنها ال تشكل نموذجا وال تقاسم عناصر ثقافية
أو مجاالت جغرافية في الساحة المتوسطية .كما يسهل على المالحظ وهو ينظر للخريطة
الروسية في عالقتها بجوارها جنوب نحو المتوسط مالحظة وضعيتها المزاحمة للجارة تركيا ،
التي تري نفسها دولة متوسطية معنية بالمنطقة بل ولديها مشكالت جيو استراتيجية ،ترى
وجوب حلها ،في مقابل ذلك تقدم تركيا نفسها أو على األقل تتميز في حوض المتوسط
بكونها أصبحت دولة مؤثرة في بعض المواقف ،في حين أن السلوك الروسي تتحكم فيه
نزعة برية –بحرية موروثة من القرن الثامن عشر وهو تاريخ وصول روسيا إلى حوض
المتوسط بعد هزم العثمانيين في حرب استمرت من ،5112-5115وانتصار الروس على
العثمانيين لو ال تدخل األوربيين وإنهاء الحرب خوفا منهم من سيطرة الروس على المجال
العثماني في المتوسط ،كما يشكل المتوسط في حد ذاته قيمة جيو استراتيجية خاصة كونه
يعطي للبحر األسود قيمة زائدة وبالغة األهمية إلى حد ال يمكن فصله فيها عن البحر
المتوسط لروسيا ،وتسعى هذه األخيرة للحفاظ على عناصر التوازن التقليدية موروثة عن
نتائج الحروب العثمانية الروسية والحرب العالمية األولى ،وذلك بتأمين المرور عبر قناتي
الدردنيل والبوسفور ،وترتبط روسيا وتركيا بعالقات تعاون ناتجة عن تداخل عالقات الجوار
وألجل الحد من عناصر الحذر المتبادل بين الدولتين ،كما تتنافس الدولتان على عدة
جبهات .كما تستند روسيا منذ وصول " فالدمير بوتين" إلى الحكم بعد "بوريس يلتسين" إلى
)(1
قصد تنشيط سياستها الدولية وفي المجاالت االقليمية القريبة من روسيا ومنها األوروبية.
منها الوصول إلى المياه الدافئة وتنشيط إقتصادها ،خاصة في الميدان العسكري من بيع
سالح لبلدان جنوب المتوسط وهذا ما استغلته روسيا في زيادة صادراتها نحو بلدان عربية
)(1
كريم مصلوح ،مرجع سابق ذكره ،ص .112.111
258
التي عاشت الثورات العربية كسوريا ،مما جعل بلدان أوربية تدق ناقوس الخطر في التغلغل
الروسي في المنطقة أمنيا وإقتصاديا.
توضح الدراسات االستشرافية بأن ظاهرة التدفؤ المناخي ستزداد شدة إذا لم يتم
السيطرة عليها من طرف الجميع ،إذ من المقدر أنها ستبلغ في سنة 1588من 5.5درجة
مئوية إلى 1.2درجة مئوية كما سيبلغ ارتفاع مستوى الوسط للبحر ما بين 55و 18سم.
كما يتوقع ذوبان الغطاء الثليجي والطافية الجليدية وارتفاع في حموضة المحيطات.
لقد سعت دول ضفتي المتوسط إلى إيجاد حلول من أجل التخفيف من التهديدات
البيئية التي تواجهها حاليا والتي ستتفاقم مستقبال بمجموعة من السياسيات من بينها الشراكة
"األوروـ ـ متوسطية" التي رأت النور في "مؤتمر برشلونة" 5881و هي أهم مبادرة في
)(1
ليندة عكروم ،تأثير التهديدات األمنية الجديدة على العالقات بين دول شمال وجنوب المتوسط ،األردن :دار ابن
بطوطة للنشر والتوزيع ،1855 ،ص .581
259
)(2
حيث أصبح التاريخ الحديث تعمل على إقامة روابط قوية ودائمة بين شاطئي المتوسط.
األمن البيئي المتوسطي في المنطقة من أهم القضايا التي أخذت حي از كبي ار من اهتمامات
صانعي القرار في المنطقة العربية واألوروبية على حد سواء ،لذا فإن الشراكة والتعاون بين
ضروري ليخفف من حدت المشكالت البيئية ،مما يتطلب تكثيف التعاون المنطقتين
المشترك (العربي – األوروبي) في مجال المحافظة على التنوع الحيوي وتفعيل مختلف
االتفاقيات الخاصة بحماية البيئة البحرية ومنع التلوث اعتبا ار بأن إتفاقية الشراكة مع االتحاد
األوروبي من ناحية ،والدول المتوسطية كل على حدى من ناحية أخرى ،والتي كانت تهدف
لتحقيق الشراكة االقتصادية – المالية المنصوص عليها في كل من إعالن وبرنامج عمل
برشلونة بشكل خاص) .(1ومن أهم مشاريع التعاون األورو -متوسطي في مجال البيئة منها:
مشروع اليف ،برنامج المساعدة التقنية في ميدان حماية بيئة البحر األبيض المتوسط و
التعاون المتوسطي و خطة عمل البحر األبيض المتوسط ،اللجنة المتوسطية للتنمية
)(2
المستديمة باإلضافة إلى اتفاقيات التعاون األخرى.
كما وقعت أغلب الدول العربية على اتفاقيات فردية بينها وبين اإلتحاد األوروبي في
)(3
بما في ذلك الجزائر التي شتى المجاالت منها مجال حماية البيئة والطاقات المتجددة.
وقعت اتفاقية شراكة مع االتحاد األوروبي في 52ديسمبر 1885م ببروكسل واحتوى االتفاق
)(4
الجزائري_األوروبي على ثمانية جوانب من بينها التعاون في مجال البيئة ومقاومة التلوث.
أما حاليا ،هناك وفرة من األنشطة البيئية الجارية في البحر المتوسط ،لوعي بلدان
المنطقة بالحاجة إلى ضمان اإلدارة المناسبة والحماية لبيئتنا المشتركة ،غير أن الضغوطات
-علي الكنز ،المشروع االورو متوسطي بين الواقع والخيال ،ترجمة :سعد الطويل ،القاهرة :مركز البحوث العربي، )(2
،1881ص.55.
)(1
-دمحم عبد هللا أبو القاسم" ،اتفاقية الشراكة األورو-مغاربية وتأثيرها على التجارة الخارجية والبينية لدول االتحاد
المغاربي" ،مجلة الجامعة المغاربية ،طرابلس :العدد ،1888 ،1ص.28.
)(2
-رشيد فيرادي"،الحالة البيئية بالمغرب" ،ورقة مقدمة إلى :دورة المجلس الوطني للبيئة ،المغرب 28-27 :فيفري
،2002ص.21 .
)(3
-صالح صالحي " ،التحديات المستقبلية لالقتصاديات المغاربية في مجال الشراكة مع االتحاد األوروبي" ،مجلة
العلوم االقتصادية وعلوم التسيير ،جامعة سطيف ،العدد ،1882 ،81ص.15 .
-عزيزة سمينة" ،الشراكة األورو جزائرية بين متطلبات االنفتاح االقتصادي والتنمية المستقلة "،مجلة الباحث ،جامعة )(4
260
على البيئة في منطقة البحر المتوسط مستمرة في التنامي ،لذلك فنحن نحتاج إلى مضاعفة
الجهود لضمان العمل الفعال على أرض الواقع ،والتطورات األخيرة التي أحدثها توسيع
االتحاد األوروبي تؤكد على ضرورة تطوير التعاون األورو -متوسطي ،الذي يشمل البيئة
والتنمية المستديمة ،وقد أوضحت المفوضية األوروبية مقاربتها لمستقبل الشراكة األور-
متوسطية في بيانها في 51أفريل 1881م بمناسبة العيد "العاشر لمسار برشلونة" أن هذه
الوثيقة تعيد التأكيد على المبادئ الرئيسة التي تحكم التعاون المتوسطي وتحدد عددا من
)(1
والمتمثلة في مبادرة أفق 1818والتي تبنتها المبادرات المستقبلية لتقوية مسار برشلونة،
الحكومات األورو-متوسطية لمعالجة المصادر الرئيسية للتلوث في حوض البحر األبيض
المتوسط بحلول سنة .2121
باإلضافة إلى َّ
أن المنطقة معرضة بشكل متزايد للفيضانات والزالزل والجفاف
والحرائق وعدم التوازن البيئي ،التي تؤثر على مصدر رزق فئة كبيرة من السكان .والزيادة
المحتملة في الضغوطات البيئية على المناطق الساحلية خالل العشرين سنة القادمة تبدو
كبيرة خاصة في مجاالت السياحة ،والمواصالت هذا ما جعل الشراكة األورو-متوسطية
تعمل بصيغتين مكملتين لبعضهما من التعاون :إحداهما إقليمية واألخرى ثنائية .وكل من
هاتين الصيغتين تشتمل على عنصر بيئي (2).و هذا سيحسن من احتماالت تطوير السياحة،
ويساهم في الحد من التدهور في مخزون مصائد األسماك المحلية وكذلك في توفير مياہ
)(3
الشرب اآلمنة للماليين من المواطنين.
وعليه ،نجد بأن من مصلحة دول البحر المتوسط التعاون من أجل إصالح البيئة
واالستثمار في الموارد البيئية المشتركة ،والعمل على تقليص حدة تلوث المتوسط وتخفيف
الضغوطات على البيئة ،من خالل التكثيف من الندوات والمؤتمرات الرامية إلى البحث عن
بيئة نظيفة من أجل الجيل الحالي واألجيال القادمة ،و دعوة راسمي السياسات البيئية في
المنطقة إلى تفعيل القوانين واالتفاقيات الدولية وهذا من أجل إرساء أمن بيئي شامل ومتوازن.
)(1
-االتحاد األوروبي" ،البيئة والتنمية المستديمة في منطقة البحر المتوسط" ،الوكالة األوروبية للبيئة ،عشر سنوات من
التعاون ،"1881 "،5881ص .55.
-االتحاد األوروبي ،الوكالة األوربية للبيئة ،البيئة والتنمية المستدامة في منطقة البحر المتوسط "عشر سنوات من )(2
261
رابعا :تحديات الثورات العربية وأثرها على منطقة المتوسط:
تبنى االتحاد األوروبي في مراجعته لسياسته تجاه جنوب المتوسط في أعقاب الثورات
العربية على "مبدأ التميز" نتيجة للتنوع أحيانا والتباين في الظروف السياسية أحيانا أخرى
لبلدان المنطقة وللتعامل مع خصوصية كل دولة على حدى حسب ما تستدعيه الظروف
الدولية .كما ال نخفي أن الثورات العربية قد اندلعت في توقيت تأججت فيه أزمة" اليورو"
وهي األ زمة التي هددت تماسك االتحاد األوروبي كنموذج تكاملي إلى حد تهديد وجوده
ككيان ،فقد ركز االتحاد على كيفية حل األزمات الداخلية مما جعل السياسات الخارجية في
ذيل أولوياته مما أثر بالسلب في سياسته الخارجية تجاه الثورات العربية ،في ظل زحف ما
يسمى بـ ـ ":إعادة تأميم السياسة الخارجية األوروبية" في إتجاه معاكس لفكرة " ْأوربة السياسة
الخارجية" ،وقد تضافرت العديد من المحددات الداخلية السابقة فقد أثرت الشراكة األطلسية
بين الواليات المتحدة وأوروبا في سياسة االتحاد األوروبي تجاه جنوب المتوسط وثوراته
العربية ،ففي ظل غلبة االنقسامات الداخلية والصراع المؤسسي ،فشل االتحاد في طرح رؤية
للتعامل مع الثروات العربية ،فأصبح دوره تابعا للواليات المتحدة يراقب األوضاع ثم ينتظر
الموقف األمريكي ليأتي ثانيا على إثره.
تجلى ذلك األمر في التعامل مع االتحاد األوروبي مع صعود التيار االسالمي إلى
سدة الحكم في العديد من الدول المتوسطية ،عقب الثورات العربية مما زاد من تخوف أوروبا
في فشل سياستها الخارجية تجاه حوض المتوسط بسبب الحركات االسالمية في السلطة مما
زاد قلقها وكان ما قامت به هي إحتواء هذه الحركات التي وصلت إلى سدة الحكم في بعض
الدول وتدعيمها أو تدعيم الحركات المناهضة لها قصد تحقيق مكاسب من ورائها وتمرير
مشاريعها االقتصادية واألمنية وغيرها .وفي المقابل كان لهذه الثورات هجرة عدد كبير من
البشر ألوطانه قاصدين أوروبا أمال منهم في حمايتهم مما زاد قلق أوروبا وتزايد مظاهر
العنف في أواسط أوروبا والعمليات اإلرهابية التي كان االعالم الغربي يصورها على أنها
)(1
عمليات إرهابية .
)(1
هايدي عصمت كارس" ،السياسة الخارجية لالتحاد األوروبي تجاه جنوب المتوسط في أعقاب الثورات" ،السياسة
الدولية ،مؤسسة االهرام ،تم االطالع عليه يوم ،1851-85-51 :متاح في االنترنت على:
http://www.siyassa.org.eg/NewsContent/4/95/7608/
262
المبحث الثاني :التحديات الداخلية التي تواجه منطقة المتوسط.
لقد واجهت منطقة المتوسط تحديات داخلية كان لها األثر على منطقة المتوسط بحكم
التغيرات اإلقليمية والدولية التي يشهدها العالم ومن بين هذه التحديات الداخلية مايلي:
منذ انضمام بريطانيا إلى االتحاد األوروبي في عام ، 5812أصبح أداؤها االقتصادي
أفضل مقارنة ببقية الدول األوروبية فقد حقق الناتج المحلي للفرد في بريطانيا نموا سريعا
مقارنة بالناتج المحلي للفرد في كل من إيطاليا وألمانيا و فرنسا ،وهي ثالث من كبرى
االقتصاديات في أوروبا والتي تخلفت عنها بريطانيا في الفترة التي سبقت االتحاد ،وفي عام
1852وألول مرة منذ عام ،5811أصبح اقتصاد بريطانيا أكثر ازدها ار من متوسط
اقتصادات الدول الثالث مجتمعة ،ومن العوامل األخرى التي ساعدت على ذلك هو طلب
بريطانيا للمساعدة من صندوق النقد الدولي عام 5811باإلضافة إلى قيام "مارغريت تاتشر"
رئيسة الوزراء السابقة بخصخصة الشركات الحكومية وتحرير االقتصاد في عام 5858ومع
ذلك يتفق معظم الباحثين االقتصاديين أن إنضمام إلى االتحاد األوروبي كان له األثر ولو
)(1
بجزء بسيط بتحسين األداء االقتصادي لبريطانيا على مدى العقود األربعة الماضية.
وعلى صعيد التداعيات الخارجية لبريطانيا شكل االستفتاء صدمة للعديد من األوساط
السياسية في بلدان االتحاد وخصوصا في فرنسا وألمانيا وهما اللتان كانتا تشكالن مع
بريطانيا ثالثي أركان الهرم األوروبي وعمود اقتصاديات اإلتحاد لذلك بدأنا نسمع أصوات
األحزاب اليمينية في فرنسا وهولندا وبلدان أخرى تدعوا إلى إجراء استفتاءات مماثلة لما جرى
في بريطانيا ،وبالمقابل سمعنا دعوات فرنسية وألمانية إلى االسراع في اتخاذ عقوبات ضد أي
)(1
الباحثون السوريون" ،تأثير خروج بريطانيا من االتحاد األوروبي" ،تم االطالع عليه يوم ،1851-55-81 :متاح في
www.syr-res.com?R10592 | June 18, 2016, 4:54 pm االنترنت على:
263
دولة يمكن أن تنوي الخروج من االتحاد األوروبي مع العلم أن بقية الدول باستثناء الدول
الثالث المذكورة وربما السويد والدانيمارك وإيطاليا ،هي دول مستفيدة من العضوية ومن
المستبعد أن تفكر أي منها في الخروج من االتحاد.
لذلك فبريطانيا اليوم تقف أما مفترق طرق فأنصار الخروج من االتحاد الذي يبتهجون
بالنتيجة يبشرون المواطن البريطاني بمزيد من الرفاهية وفرص العمل وقليل من البطالة
والعنف و اإلرهاب ،بينما يحذر الدول الباقية في عضوية االتحاد من تداعيات اقتصادية قد
تتمثل في ارتفاع البطالة وتقلص العائدات من تلك التجارة وربما حصول كساد إقتصادي،
)(1
وعلى الرغم من أن وتعرض بريطانيا لعزلة لم تعرفها منذ خمسينيات القرن الماضي.
المادة 18من اتفاقية لشبونة لتأسيس االتحاد األوروبي تحتوي على نص يتعامل مع احتمال
خروج أح د األعضاء االتحاد ،إال أن خروج بريطانيا سيشكل سابقة في تاريخ اإلتحاد
،وخروجها سيشكل ضربة قاسية للفكرة األوروبية ومسيرتها نحو االندماج والتوسع في
المستقبل ،وسيعد انتكاسة وخطوة كبيرة إلى الوراء والخروج البريطاني سيزيد من الهيمنة
األلمانية و تأثيرها ،ويؤدي إلى توجيه محور االتحاد نحو الشرق حيث الثقل األلماني
التقليدي ،وفي ضوء التشديد األلماني على النواحي االقتصادية في عالقاته مع باقي الدول
األعضاء يتوقع أن يطغى االقتصاد على السياسة والواقع أن االنسحاب البريطاني ليس حدثا
معزوال يفسر بخصوصية هذا البلد المكتفى بذاته ،الذي دأب على تحديد هويته باستقالل
على المحيط األوروبي ،بل يعكس أزمة عميقة يعرفها المشروع االندماجي األوروبي في
العصر الراهن ،والمعروف أن هذا المشروع عرف منذ التسعينيات تطو ار نوعيا باالنتقال من
منطق الشراكة االقتصادية إلى منطق السيادة المتقاسمة ،ما طرح إشكاال محوريا يتعلق بأثر
البناء االقليمي الجديد على الهويات القومية في منطقة شهدت قيام نموذج الدولة القومية
)(2
الحديثة.
)(1
نصر النقيب عيد روس" ،بريطانيا خارج االتحاد األوروبي" ،تم االطالع عليه يوم ،1851-55-81 :متاح في
االنترنت علىhttp://shabwaahpress.net/pdf/35679/ :
)(2
ماجد أحمد الزاملي" ،مستقبل االتحاد األوروبي بعد خروج بريطانيا " ،تم االطالع عليه يوم ،1851-55-81 :متاح
في االنترنت علىhttps://www.kitabat.com/ar/pdf/79883.php :
264
وكما أن هناك عوامل تقسيم أوروبا اليوم أكثر من العوامل التى توحدها ،فالحركات
الشعبوية تقودها العنصرية وكراهية األجانب وكراهية االسالم تنتشر في جميع أنحاء القارة
وهذا يطرح سؤال جوهري :متى سينهار االتحاد األوروبي؟ ،باعتبار أن السالم الطويل الذي
تمتعت به أوروبا لعدة عقود هو اآلن على سرير الموت ،ويعتقد الخبراء أنه ستندلع حرب
واسعة النطاق في القارة ،وأمريكا قلقة من فقدان أحد أعمدة مفاهيمها الليبرالية الجديدة ،حيث
تواجه هي األخرى مصي ار مماثال من التفكك في مجتمعها ،وقد أصبح الوقت مواتيا لمن
يرغب في عزل أمريكا عن الساحة الدولية وتحريض الملونيين (العنصر األسود) فيه ضد
)(1
العنصريين البيض ،وهو ما يبدو أنه قادم في السنوات القريبة.
هذا من جهة ومن جهة أخرى سيتراجع االقتصاد البريطاني خاصة بعد فقدان المزايا
التجارية مع الشركاء األوروبيين وهذا ما أكدته دراسة خاصة كشفت أن خروج بريطانيا من
االتحاد األوروبي سيكلفها خسائر تقدر بنحو 112مليار جنيه إسترليني ،فاقتصاديا سيخسر
البريطانيون خاصة في الشركات الكبرى التابعة لالتحاد األوروبي فرص عمل قدرت
بالماليين وكما ذكرت صحيفة" االندبندت" البريطانية فالقطاعات االقتصادية ستكون أكثر
تضر ار في بريطانيا من فقدان الصلة مع السوق الموحد لالتحاد األوروبي ،ومن جهة ثانية
وكما تؤكده صحيفة " الدايلي تلغراف" البريطانية بأن األضرار ستمتد لتطال االتحاد
األوروبي كذلك ،ألن المملكة المتحدة هي أكبر متعامل تجاري لمنطقة اليورو ،ومعروفة أنها
تشكل % 2من النتاج المحلي اإلجمالي للمنطقة بأسرها .وهنا يقول رئيس منظمة "
برتلسمان ستيفتونج :دي جيوس :إن خروج بريطانيا سيكون لعبة خاسرة للجميع في أوروبا
من منظور اقتصادي واحد وخاصة بالنسبة للمملكة المتحدة ،ولكن بغض النظر عن العواقب
االقتصادية تكون بمثابة انتكاسة مريرة وخاصة بالنسبة للتكامل األوروبي ،وكذلك دور أوروبا
)(1
عبد المجيد بهاتي" ،خروج بريطانيا من االتحاد األورروبي وما سيتبعه من فوضى" ،تم االطالع عليه يوم -55-81
،1851متاح في االنترنت على:
http://www.bbc.com/arabic/worldnews/2016/06/160624_brexit_europe_shock
265
في العالم ،حيث إن تحديد المسار لخروج المملكة المتحدة في انتخابات عامة من شأنه أن
)(2
يضعف االتحاد األوروبي.
:2-1الهجرة غير الشرعية من جنوب المتوسط لشماله ومدى تأثيرها على االتحاد
األوروبي.
خالل عقد الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي ،نظرت الدول األوروبية للهجرة
باعتبارها تهديدا ألمنها ،فتمثل الهجرة في اعتقاد األوروبيين خطر على االندماج والتجانس
المجتمعي بما تفرضه من تحدي أمام الحفاظ على الهوية القومية ،كما تعد تهديد لألمن العام
فتم ربطها باإلرهاب والجريمة المنظمة عبر الحدود كاالتجار بالبشر وتهريب المخدرات و
غيرها ،هذا باإلضافة إلى ما تفرضه الهجرة من تحدي أما استقرار سوق العمل ،باعتبار
المهاجرين منافسين للعمالة المحلية ،وتحدي لدولة الرفاهية لما تضعه من ضغط على
الخدمات العامة لهذا تبنت الدول األوروبية سياسة هجرة صارمة لتقييد هجرة األفراد من
الدول غير األعضاء مما دفع البعض للحديث عن "القلعة األوروبية".
)(2
عوف ميرفت" ،ماذا تخسر بريطانيا في حالة خروجها من االتحاد" ،ساسة بوست ،تم االطالع عليها يوم-55-5 :
،1851متاح في االنترنت علىhttp://www.sasapost.com/britain-and-the-european-union/ :
)(1
هايدي عصمت كارس ،مرجع سابق ذكره ،ص .522-521
266
-تعدد الممرات البحرية للعبور من دول جنوب المتوسط إلى أوروبا عبر البحر
المتوسط ،ويؤدي تشديد الرقابة على إحدى هذه الممرات إلى ممرات بديلة قد تكون
أكثر خطورة ،ومن أهمها:
من المغرب إلى الساحل الجنوبي إلسبانيا ( كان يعد مضيق جبل طارق من
أهم ممرات العبور إلى أوروبا).
من مصر وتونس وليبيا إلى إيطاليا ( إلى جزر صقلية أو لمبدو از أو بانتيليريا
أو البر الرئيسي إليطاليا) وأحيانا مالطا.
وبالرغم من أن الهجرة غير الشرعية تصل معظمها إلى الدول األوروبية المتوسطية
خاصة إيطاليا وإسبانيا إال أنها ليست دائما دول المقصد االخير لعدد من المهاجريين فمنهم
)(1
من يذهب إلى فرنسا أو دول البنيليكس وغيرها.
كانت بعض الدول األوروبية قد أبرمت اتفاقية في عام ،5851خارج نطاق مؤسسات
االتحاد األوروبي ،والتي تسمح نصوصها بإلغاء عمليات المراقبة على الحدود بين البلدان
المشاركة ،إال أنها لم تدخل حيز النفاذ إال في عام ،5881وبعدها بدأ التعاون في مجال
محاربة الهجرة غير الشرعية من خالل عدة معاهدات منها اتفاقية ماستريخت لعام 5882و
دخول اتفاقية شينغن حيز النفاذ عام ،5881ومن خالل المعطيات تشير الى أن حقيقة
قضايا الهجرة أصبحت لها مكانة مركزية في داخل االتحاد األوروبي في التسعينات القرن
العشرين و أن الهدف األوروبي تمثل في تقليل تدفقات الهجرة إلى أوروبا ،وتم بلورة هذه
السياسة في خطة عمل والتي تم طرحها في اطار سياسة الجوار األوروبية الجديدة تجاه
دول جنوب أوروبا وشرقها وذلك في سياق تحول الهجرة إلى قضية أمنية في أوروبا ،وكما
قررت الدول األوروبية تأسيس وكالة أوروبية للتعاون وإدارة الحدود الخارجية لدول االتحاد
األوروبي التي أصبحت تعرف باسم فرونتكس ( ) FRONTEXالوكالة األوروبية لمراقبة
)(1
هايدي عصمت كارس ،نفس المرجع ،ص .528
267
الحدود ،وكان قد تم تأسيس هذه الوكالة في أكتوبر 1882بهدف التقليل من الهجرة
)(2
السرية.
وكما يدخل المهاجرون غير القانونين من ستة بلدان لها حدود مع ليبيا و هي:
الجزائر وتونس و التشاد و نيجيريا والسودان ومصر التي وصلت منها ليبيا بعد الربيع
العربي أعداد كبيرة من المهاجرين من جنسيات عربية وأفريقية غير أن هذه األعداد التي
تدخل ليبيا عبر الحدود المصرية تراجعت اليوم بسبب التشديد األمني الذي فرضته مصر
على حدودها .وكما قامت دول شمال المتوسط بوضع قوانين للحد من الظاهرة كذلك وضعت
دول الجنوب بنود للحد لمثل هذه الظواهر منها تشديد العقوبات على شبكات تهريب
المهاجرين غير القانونين وهذا ما أصدرته مملكة المغرب قانون خاص في عام ،1852
ودخل حيز التنفيذ في عام 1852والذي يعاقب كل أجنبي يدخل المغرب بطريقة غير
قانونية بالسجن لمدة تتراوح بين 1أشهر وسنة وغرامة مالية ،وبهذا جعلت السياسات التي
انتجتها دول ضفتي المتوسط كأحد اآلليات للتقليل من ظاهرة غير القانونية وخاصة لما
شهدته المنطقة العربية من ثورات شعبية أدى بشعوبها إلى الهجرة خوفا من االضطهاد وهذا
ما شكل نوع من القلق للدول التي تعرف استقرار سياسي والخوف من تفاقم ظاهرة الهجرة
السرية مما يؤدي إلى تنظيم جماعات إرهابية أو إجرامية تؤدي بالدول المستقرة إلى حالة
)(1
إستنفار.
-2-1ب :التعاون كأحد المكانيزمات بين االتحاد األوروبي والدول جنوب المتوسط
لمواجهة الهجرة:
)(2
دمحم مطاوع" ،االتحاد األوروبي وقضايا الهجرة :االشكاليات الكبرى واالستراتيجية و المستجدات" ،المستقبل العربي ،ص
.18.28تم االطالع عليه يوم ،1851-55-18متاح في االنترنت على:
http://www.caus.org.lb/PDF/EmagazineArticles/mustaqbal_431_mhmd_mtw3.pdf
)(1
عبد الواحد أكمير " ،الربيع العربي والهجرة غير القانونية في البحر المتوسط" ،المستقبل العربي ،ص .25.21تم
االطالع عليه يوم 58.55.1851 :متاح في االنترنت على:
http://www.caus.org.lb/PDF/EmagazineArticles/mustaqbal_433_3bd_alwahd_akmeer.p
df
268
في إطار غلبة االقتراب األ مني في سياسة االتحاد األوروبي للهجرة ،يركز االتحاد
على مراقبة الحدود األوروبية بداية من الشواطئ جنوب المتوسط بدأ بليبيا فكان التعاون بين
دول الضفتين قبل الثورات العربية في إطار برنامج يورميد للهجرة األول والثاني ،وكما وفرت
كذلك من خالل ميدا 1في عام 1881قيمة 28مليون يورو للمغرب إلنشاء نظام لمراقبة
الحدود يتكون من رادارات ومعدات متقدمة على طول الساحل الشمالي لمنع الهجرة غير
الشرعية وتجارة المخدرات إلى إسبانيا في الوقت الذي تم تخصيص 58مليون يورو للجزائر
في إطار مشروع "بوليس "1وهدفه العام تحسين قدرة الشرطة الجزائرية لمكافحة الهجرة غير
الشرعية إذ يمثل المشروع %51من إجمالي الدعم الموجه للجزائر عام 1881البالغ 18
مليون يورو ،باإلضافة إلى التعاون في إطار األداة الجغرافية قام برنامج ()AENEAS
للدعم المالي والفني للدول في مجال الهجرة واللجوء لألعوام من 1882إلى 1881بتمويل
العديد من المشروعات في دول جنوب المتوسط ترتكز في معظمها على إدارة الحدود وإعادة
)(1
وكما تم في قمة المجلس األوروبي في بروكسل في نهاية أكتوبر ، 1852إلى العودة.
وضع هذه المسألة في األجندات األوروبية وذلك من خالل تقوية وكالة فرونتكس ،إال أنهم
أكدوا على الجانب الذي يجب أن يشتمل على أي حل لقضية الهجرة وعلى مواجهة جذور
المشكلة وذلك في إشارة إلى الصراعات والفقر ومحاربة المهربين وتنظيم سوق العمل.
وكما شهدت القمة األوروبية خالفات عميقة بين الدول التي على خط المواجهة
المباشر مع الهجرة :قبرص ،اليونان ،إيطاليا ،مالطا ،وإسبانيا ،والتي طالبت بدورها باقي
الدول األوروبية بالمشاركة في تحمل عبء الالجئين والمهاجرين غير الشرعيين من خالل
إعادة توزيع بعضهم بشكل مؤقت في باقي الدول األوروبية ،وبين الدول األبعد جغرافيا عن
نطاق الهجرة من دول شمال أفريقيا :ألمانيا وفرنسا وبريطانيا التي رفضت بدورها ذلك
وأعربت عن استعدادها لتقديم مساعدات لهذه الدول فقط ،من دون استعدادها الستقبال مزيد
من المهاجرين ،وعلى جانب أخر حاول االتحاد األوروبي استحداث أدوات ومؤسسات
أوروبية (فوق قومية) يمكن أن تساهم في التقليل من التأثير السلبي للهجرة غير الشرعية إلى
دولة األعضاء ،وفي هذا اإلطار جاء إنشاء وكالة فرونتكس ( الوكالة األوروبية إلدارة
)(1
هايدي عصمت كارس ،مرجع سابق ذكره ،ص .121.121
269
حدود االتحاد األوروبي) في العام 1882ودخولها حيز التنفيذ في عام ،1881وتأسيس
"اليوروسوم" ( نظام مراقبة الحدود األوروبية) في العام 1885ودخولها حيز التنفيذ في
أواخر عام 1852ومع ذلك ظلت هذه المؤسسات غير قادرة على منع تدفق الهجرة غير
)(2
الشرعية وطلبات اللجوء السياسي إلى أوروبا.
الجدول رقم ( :)18تطور تدفق الهجرة المغربية نحو أوروبا ما بين (.2116-2111باآلالف)
1885 1881 1881 1881 1882 1882 1881 1885 1888 الدول
21155 25811 25818 25111 25218 28255 21115 15282 12121 الجزائر
511212 512111 521228 521251 522118 88588 551182 582111 582555 المغرب
51258 55851 51522 51218 18811 52112 18185 55511 51181 تونس
الجدول رقم ( : )11المهاجرون الموقوفون لدى وصولهم إلى إسبانيا على حدودها
(باآلالف).
)(1
الجنوبية البحرية ما بين 2111و 2114
1112 8555 51215 25115 2151 5211 8251 8511 2551 جزر
الكناري
1828 2122 1118 1181 1811 1128 8182 1181 52281 جزر
البليار
5585 5158 5112 1888 غم غم غم غم غير سبتة
متوفرة ومليلة
5285 52122 58158 25558 55155 51111 58511 51118 55151 المجموع
)(2
دمحم مطاوع ،مرجع سابق ذكره ،ص .22
)(1
دمحم بخيرة ،مرجع سابق ذكره ،ص.555.
270
دمحم بخيرة ،مرجع سابق ذكره ،ص .141 المصدر:
وكما يوضحه الجدوالن السابقين أن الهجرة المغاربية نحو الضفة الشمالية للمتوسط
عرفت منذ بواكير العشرية األولى من القرن الحادي والعشرين زيادة معتبرة ال سيما اتجاه
إسبانيا و إيطاليا ،حيث بلغت خالل الفترة ( )1881-1881نحو %21وهذا ما يوضحه
الجدول السابق ،فقد تحولت منطقة المغرب العربي منذ منتصف التسعينات إلى منطقة
العبور المفضلة ل لمهاجرين الوافدين من دول الساحل االفريقي في اتجاه أوروبا باعتبار هذه
)(2
األخيرة ستظل الوجهة الرئيسية للمهاجرين الوافدين من المغرب العربي والساحل اإلفريقي،
السيما إذا استمرت دول مجلس التعاون الخليجي في تقييد الهجرة الخارجية من أجل حماية
أسواق العمل وضمان توفير وظائف لشعوبها ،األمر الذي دفع بعض األوروبيين المتطرفين
إلى دق ناقوس الخطر ،حيث ورد صدر الصفحة األولى " لمجلة لوفيغارو" الفرنسية وبالبند
)(1
العريض عنوان استفزازي " هل يمكن أن نكون فرنسيين عام ."1811
وكما أظهرت سياسات دول االتحاد األوروبي في مؤتمر برشلونة عام 5881تأكيدها
محاربة العنصرية والتطرف والتعصب العرقي وعدم التسامح واحترام التنوع والتعدد في
مجتمعاتها ،والتعاون في منع ومحاربة اإلرهاب وتهريب المخدرات والجريمة المنظمة ،وقد
تعهدت الدول األوروبية بتدعيم دول الضفة الجنوبية لتخفيف ضغوط الهجرة من خالل برامج
التدريب والمساعدة في إيجاد فرص العمل ،مع التعهد من جانب الدول األوروبية بحماية
جميع الحقوق المعترف بها ،في ظل التشريعات الراهنة للمهاجرين المقيمين بصورة شرعية
على أراضيها ،واتفقت البلدان العربية المتوسطية ودول االتحاد األوروبي على ضرورة تحقيق
تفاهم متبادل إلنهاء التطرف على كل المستويات ،وتحقيق التسامح والتعاون بين أديان إقليم
)(2
أوروبا وبلدان جنوب وشرق المتوسط.
لقد إحتلت ظاهرة الهجرة غير الشرعية من المنطقة العربية إلى دول االتحاد
األوروبي ،أولويات السياسات األوروبية ما دفع دول االتحاد األوروبي إلى القيام بعدد من
)(2
نفس المرجع ،ص .558
(1) Bichara Khader, le monde arabe explique l’Europe, l’harmattan , CERMAC, paris
" " : 2009, p. 457.
)(2
على الحاج" ،سياسات دول االتحاد األوروبي في المنطقة العربية بعد الحرب الباردة" ،مرجع سابق ذكره ،ص .121
271
االجراءات التشريعية والعسكرية واألمنية واالقتصادية بغية الحد منها ،ولكن وأمام تزايد تدفق
المهاجرين باتجاه دول شمال حوض المتوسط وفي ظل تردي الحالة االقتصادية وتراجع
فرص العمل في جنوبه فإن مشكلة الهجرة ستبقى محافظة على أهميتها لدى الطرف
األوروبي في تعاونه االقتصادي والسياسي مع بلدان المنطقة ،األمر الذي يدعو إلى التساؤل
عن مدى إمكانية إيجاد حلول للحد من الظاهرة بالرغم من تصور بعض الدول األوروبية أنه
باإلمكان الحد من الهجرة غير الشرعية من خالل إجراءات تشريعية أو حتى عسكرية ،بما
في ذلك اإلعادة القصرية للمهاجرين غير الشرعيين ،إال أنه ال يمكن تصور وقف هذا التدفق
أو على األقل الحد منه دون تحقيق تنمية اقتصادية لبلدان جنوب وشرق البحر األبيض
)(1
المتوسط.
في أواخر عام 1888كان االتحاد األوروبي في حالة أزمة عرفت بـ ـ " :أزمة منطقة
اليورو" هددت بقاء العملة الموحدة " اليورو" وفرضت تحدي أمام رخاء االتحاد ،وتماسكه
االقتصادي و االجتماعي ،وقوته الناعمة كنموذج تكاملي أمام رأي العام األوروبي وفي
الساحة الدولية ،بل هددت وجود االتحاد األوروبي ككيان ،و أثارت تساؤالت حول ما ستؤول
إليه التجربة التكاملية األوروبية ،ولكن في عام 1855اندلعت الثورات في جنوب المتوسط
التي أثرت على عالقات التعاون بين بلدان الضفتين خاصة الدول التي شهدت تغير أنظمتها
السياسية مما أستدعى على االتحاد األوروبي إعادة صياغة سياسة خارجية تخرج هذه البلدان
من األزمة التي تعيشها ،في المقابل عاشت أوروبا قبل الثورات العربية أزمة منطقة اليورو
بحيث أثرت على سياسة االتحاد األوروبي تجاه جنوب المتوسط خاصة تنفيذ مراجعة سياسة
الجوار األوروبي وذلك من خالل:
-أزمة الديون السيادية وعجز الموازنة :ففي أعقاب األزمة المالية واالقتصادية العالمية
لعام ، 1885عانت العديد من دولة منطقة اليورو عجز في الموازنة أكبر مما تم
)(2
االتفاق عليه في ميثاق االستقرار والنمو لعام .5881
)(1
على الحاج ،نفس المرجع ،ص.125
)(2هايدي عصمت كارس ،مرجع سابق ذكره ،ص .12
272
-ضعف النظام البنكي :حيث كانت البنوك تستثمر في الديون السيادية وهددت أن
تنكشف.
-أزمة ركود مع انخفاض معدالت النمو لتصبح سالبة وارتفاع معدالت البطالة ،ففقدت
عدد من الدول األعضاء قدرتها التنافسية.
-العجز التجاري المستمر خاصة في دول هامش االتحاد.
بالرغم من إعالن عدد من قادة الدول عام 1852أن أزمة منطقة اليورو قد انتهت إال أن
)(1
البعض شكك في ذلك بما فيهم المستشارة األلمانية "أنجيال ميركل".
وقد أثارت األزمة المالية واالقتصادية األوروبية وأزمة منطقة اليورو خصوصا هزة في
السياسات المالية األوروبية المشتركة ،و إكراهات حلول دينامكية االتحاد األوروبي في
مجال تدخله االقتصادي ،وظهر من جديد االتحاد األوروبي يسير بثالث سرعات :دول
خارج األزمة وخارج منطقة اليورو ،وأخرى في قلب األزمة وداخل منطقة اليورو ،وأخرى في
أزمة ناتجة عن مخلفات االقتصاد السياسي ،بالنظر لتحملها عبء الحفاظ التماسك
االستراتيجي لالتحاد وإيجاد السياسات المناسبة لمعالجة األزمة من جهة ،ومن جهة ثانية
تحمل جزء من تكلفة هذه األزمة ،وكل هذه الدول معنية بالتعاون األورومتوسطي سواء من
حيث االهتمام الجيو سياسي أو من حيث األدوار األوروبية عموما.
)(1
نفس المرجع ،ص .11
273
الجنوبيين من عدم االستقرار االقتصادي في االتحاد األوروبي الذي يضمن لهذه األخيرة
)(2
صفة الشريك االستراتيجي.
إن أزمة منطقة اليورو ترجع إلى واقع الكساد االقتصادي والناتج بدوره عن تراجع
معدالت النمو والتي أقلقت بدورها المستفيدين من استقرار منطقة اليورو ومنها الدول
المتعاملة مع االتحاد األوروبي والتي أثرت على المنطقة المتوسطة بكل ضفافها .ويمكن
النظر إلى تأثير وتأثر منطقة اليورو من خالل عالقاتها الجيو اقتصادية مع حوض المتوسط
من زاويتين أولهما إذا ما كانت منطقة اليورو تتأثر سلبيا من االستمرار في توثيق العالقات
األورومتوسطية أثناء األزمة ونتيجة لتزايد انتظارات دول الجنوب من االتحاد األوروبي،
وثانيهما إذا ما كانت منطقة اليورو من شأنها االستفادة من انفتاح العالقات مع المجال
)(1
المتوسطي لتنشيط العمليات االقتصادية للنمو مثل رفع االستهالك لرفع االنتاج.
ونالحظ أن بعض دول االتحاد األوروبي من دعت إلى دمج دول جنوب المتوسط في
حل األزمة األوروبية وذلك بالنظر للشراكة التي تربط االتحاد بهذه الدول ونسب النمو
المرتفع فيها ما يؤدي إلى إمكانية تطوير التنافسية ،ولم تتضح هذه الدعوات رغم أهميتها
فهي ال توضح كيفية دمج هذه الدول في حل األزمة بالخصوص في غياب مؤسسات
مشتركة يمكن التداول فيها وبشكل متعدد األطراف في هذه الضغوط ،لقد كانت الشراكة
األورومتوسطية –على األقل -بحاجة إلى مثل هذه الخطوة أمام ضغط أزمة منطقة اليورو
وضغط التحول الجيو سياسي في المنطقة الجنوبية والشرقية.
)(2
كريم مصلوح ،مرجع سابق ذكره ،ص .228
)(1
نفس المرجع ،ص .222
274
-صادرات أكثر ضعفا ،العجز في الحساب الجاري أكثر ارتفاعا وأشد صعوبات على
أداء خدمة الدين بالعملة الصعبة.
اقترح التقرير للتعاطي مع هذه الصعوبات مجموعة من التوصيات العامة والهيكلية ،منها
توسيع السوق اإلقليمية (بتحرير المبادالت الزراعية مع البلدان األوروبية ،وإزالة الحواجز
)(2
الجمركية بين دول المتوسط و أوروبا والدول المتوسطية فيما بينها).
شرعت دول أوروبا الشرقية مؤخ ار في ممارسة المزيد من الضغوط على دول أوروبا
الغربية إلدخال إصالحات على نظام عمل مؤسسات االتحاد األوروبي ،وذلك من أجل
تقليص هيمنة وسيطرة االتحاد على الدول األعضاء مقابل تعزيز سلطات المؤسسات
والحكومات الوطنية في الدول األعضاء ،حيث تنظر دول أوروبا الشرقية بزعامة المجر
التي تقودها حكومة "فيكتور أوروبان" اليمينية المحافظة أنه حان الوقت لتمرير
التعديالت المطلوبة بناءا على معطيات جديدة تتمثل في تولي حكومة يمينية محافظة
مقاليد الحكم في بولندا وظهور رغبة لدى رئيس الوزراء البريطاني " ديفيد كاميرون" سابقا
في التعاون مع دول أوروبا الشرقية األعضاء في االتحاد األوروبي ،لتمرير اإلصالحات
التي ينادي بها في إتجاه عودة السيطرة إلى الحكومات و البرلمانات الوطنية على مقاليد
األمور في بلدانهم مقابل تقليص صالحيات االتحاد والمفوضية األوروبية ،كبديل لخروج
)(1
في حين أن حكومتي المجر وبولندا المملكة المتحدة من عضوية االتحاد األوروبي.
عازمتان على عدم تفويت الفرصة المتاحة إلعادة انتزاع جزء من سلطات االتحاد
األوروبي لصالح الحكومات والبرلمانات الوطنية لدول األعضاء بالتعاون مع دول أوروبا
الشرقية أخرى منها سلوفاكيا والتشيك ودول البلطيق (استوانيا التفيا و ليتوانيا) بالتنسيق
)(2
كريم مصلوح ،نفس المرجع ،ص .221
)(1
سميحة عبد الحليم " ،االتحاد األوروبي يواجه خطر التفكك" ،أخبار مصر ،تم االطالع عليه يوم،1851-55-12 :
متاح في االنترنت على:
http://www.egynews.net/814414/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA%D8%AD%D8%
A7%D8%AF-
275
مع " ديفيد كاميرون" ،حيث ترى هذه الدول أن االتحاد األوروبي تعرض مؤخ ار لعدة
أزمات أدت إلى إضعافه في إشارة إلى أزمة اليونان ومشكلة تدفق الالجئين إلى أوروبا
وارتباطها بخطر انتشار اإلرهاب والتهديدات اإلرهابية المحتملة في أوروبا ،حيث تعتقد
أن تلك األزمات جعلت الظروف مواتية إلدخال إصالحات على نظام عمل مؤسسات
االتحاد والتي تساهم في استرداد جزء من سلطات الحكومات الوطنية وإطالق أياديها
المغلولة في مواجهة سيطرة االتحاد األوروبي واستغالل الضعف النسبي الذي لحق بدول
أوروبا الغربية السيما ألمانيا وفرنسا في تمرير االصالحات المطلوبة ،فيما يرى محللون
نمساويون أن المشاكل التي تواجه دول أوروبا الغربية فتحت الباب على مصراعيه أمام
دول أوروبا الشرقية التي تحاول استغالل هذه الفرصة عن طريق تجميع الجهود ضد
نظيرتها الغربية.
كما أن التسريبات التي نشرت عن دوائر قريبة من الحكومة المجرية اليمينية تكشف
النقاب عن هدف حكومة "فيكتور أوربان" التي ترغب في تقليص النزعة األوروبية وجعل
االتحاد األوروبي بمثابة تجمع يهتم بتعزيز المصالح االقتصادية للدول األعضاء مقابل
تقليص دور االتحاد في تقييم أداء وسلوكيات الدول األعضاء وتعزم حكومة المجر لتحقيق
هذا الهدف على تعزيز التعاون بين دول مجموعة " فيشجراد" المكونة من المجر وبولندا
وسلوفاكيا والتشيك بالتعاون مع رومانيا ودول البلطيق ،كما يعتقد رئيس وزراء المجر في
القوة التي يتمتع بها هذه الدول في مواجهة دول أوروبا الغربية التي بدأت تعتريها مظاهر
الضعف بسبب األزمات المعتمدة التي تعاني منها.
واهتمت صحف نمساوية بتصريح جاء على لسان الخبير اإلعالمي البولندي اليميني
"إيجور يانك" القريب من رئيس حكومة المجر "فيكتور أوربان" قال فيه ":إذا ما اتحدت دول
)(1
أوروبا الوسطى وتعاونت مع "دافيد كاميرون" تستطيع تغيير االتحاد األوروبي".
)(1
سميحة عبد الحليم ،نفس المرجع.
276
تحديات كبيرة شهدتها أوروبا خالل 1851من الهجرة غير الشرعية وصوال إلى
االرهاب الذي ضرب العاصمة الفرنسية انطالقا من بروكسل في بلجيكا مخلفا وراءه أكثر
من 518قتيال وعشرات الجرحى ،إذ لم تشهد أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية مثل
هذا العمل االجرامي بدأ بهجمات " شارلي ايبدو" في قلب العاصمة الفرنسية والتي راح
ضحيتها عدد من القتلى والجرحى وبعدها بوقت قصير جرت أحداث مدينة " ليون" في عام
1851في اق تحام مصنع وقتل شخص وجرح عدد آخر وكل هذا وسط تخبط أمني وسياسي
تعيشه البالد في محاولتها الستعادة السيطرة على األمن المتفلت.
ومع دخول أعداد كبيرة من المهاجرين إلى أوروبا تخوفت بعض الدوائر األوروبية من
التحديات األمنية التي يمكن أن تنشأ ،وباتت تتعالى األصوات عن دخول أشخاص كانوا قد
خرجوا من أوروبا إلى سوريا والعراق للقتال إلى جانب الجماعات اإلرهابية وعادوا ضمن
)(1
أفواج المهاجرين إلى األراضي األوروبية
كما يعتبر تهديد اإلرهاب الدولي في المنطقة المتوسطية محل تجاذب وتناقض الكثير
من األطروحات الفكرية والنظرية والمواقف الرسمية وغير الرسمية ،من خالل تحليل
المبررات المفسرة لهذه الظاهرة التى تتراوح بين جذورها التقليدية لما قبل الحرب الباردة و
محدوديتها ،كما أن دول شمال المتوسط تسعى لترويج خطاب إعالمي يستجيب ألطروحات
متجذرة للصراع التاريخي بين الغرب (المسيحي واليهودي) و المسلمين ،فدول القوس الالتيني
كثي ار ما تعتبر أن المسلمين هم إرهابيين ،وما حدث في دولها من أعمال إرهابية هي بتنظيم
من الجماعات اإلسالمية ،في حين دول جنوب المتوسط تعتقد أن اإلرهاب ال يزال ذو طابع
محلي بالرغم من حساسية الموضوع بالنسبة لرفض أي تحركات غربية على المجال اإلقليمي
لدول المغرب العربي باعتباره يؤثر على سيادتها وقدراتها على استتباب األمن بمفردها دون
)(2
تدخل طرف أجنبي.
)(1
حسين سمور" ،االرهاب والهجرة..تحديات صبغت العام األوروبي" ،موقع قناة المنار ،تم االطالع عليه يوم-55-58 :
،1851متاح في االنترنت علىhttp://archive.almanar.com.lb/article.php?id=1385998 :
) (2ليندة عكروم ،تأثير التهديدات األمنية الجديدة على العالقات بين دول شمال وجنوب المتوسط ،األردن :دار ابن
بطوطة للنشر والتوزيع ،1855 ،ص .555
277
ثانيا :التحديات التي تواجه الجزائر في ظل الشراكة األورومتوسطية.
لقد واجهت الجزائر عدة تحديات جعلت تعرقل مسارها نحو التعاون مع األطراف
المتوسطين والتي سنبرزها فيما يلي:
-5شلل السياسة النقدية في الجزائر :لقد ميز فائض السيولة الظرف االقتصادي الكلي
منذ سنة ، 1888وسيستمر هذا الوضع بالتأكيد في السنوات القادمة ،إذ لم تتخذ
السلطات الجزائرية إجراءات إحتياطية لمواجهة األزمة و نظ ار إلى االختالالت
الهيكلية المسببة لهذه الظاهرة ال يمكن معالجتها في األمد القصير ،وهنا تبرز أهمية
السياسة النقدية في المساهمة في عالج هذه االختالالت ،إذ أن السياسة النقدية في
الجزائر تجد نفسها اليوم أمام مجموعة من التحديات يصعب التعامل معها منها:
-موارد مالية فائضة ومعطلة حتى نهاية 1852وبعدها تراجع هذا المورد بسبب األزمة
االقتصادية التي عصفت بالجزائر
-عدم تنوع االقتصاد ،مما أدى إلى حدوث تدهور في النشاط االقتصادي.
-حدوث انخفاض في االستثمارات اإلنتاجية والذي نجد أن أحد أسباب هو ضعف
البيئة المصرفية والمالية وعدم وجود ائتمان الزم لذلك ،فضال عن أن السياسة النقدية
غير متناسقة مع بقية السياسات االقتصادية األخرى.
-عودة الضغوط التضخمية لالقتصاد.
لذا على أصحاب القرار إجراء العديد من اإلصالحات و اإلجراءات لرفع كفاءة السياسة
النقدية للمساهمة في تغيير الوضع القائم ،إذ يجب إعادة السياسة النقدية إلى مسارها األصلي
الذي يركز على المراقبة واإلشراف وتوجيه االقتصاد الوطني ،وذلك بواسطة أدواتها المباشرة
وغير المباشرة بشكل رئيسي والمتمثلة في (سعر البنك ونسبة االحتياط القانوني وعمليات
السوق المفتوحة) ،ويمكن أن يتم رفع كفاءة هذه األدوات وتعزيزها برفع فاعلية البنوك
)(1
التجارية وذلك بوضع سياسة إئتمان محددة ،والترويج لها للوصول إلى أهداف المنشودة.
)(1
فضيل رايس" ،تحوالت السياسة النقدية في الجزائر خالل الفترة ( ،")1888-1888مجلة الباحث ،الجزائر :عدد ،58
،1851ص .11
278
فعلى بنك الجزائر اإلهتمام ببعض األدوات المباشرة للسياسة النقدية وتفعليها ،مثل
)*(
من أجل تخصيص االئتمان لقطاعات اقتصادية معينة، "سياسة اإلقناع األدبي"
كالمشاريع االستثمارية في مجال الزراعة والصناعة التحويلية والمؤسسات الصغيرة
والمتوسطة كما يمكن البنك التمييز بين القطاعات ،من حيث حصولها على القروض من
خالل سعر الفائدة ،أو فترة التسديد إذ يمس بهذا اإلجراء المشاريع التي يمكن أن تساهم في
توظيف اليد العاملة وتنويع اإلنتاج.
إن مهمة بنك الجزائر في اإلشراف على النظام المالي ،تجعل منه المسؤول األول
عن تخلف هذا النظام ،وعدم استق ارره ،وهو ما يحتم على مسؤولي النقد في الجزائر البحث
عن شتى الطرق إلحداث ظاهرة التعمق النقدي ،إذ تعتبر هذه الظاهرة في الجزائر غير
)(1
معبرة ،فإذا ما قيست بنسبة االئتمان الممنوح إلى الناتج المحلي اإلجمالي
سجل الميزان التجاري للجزائر عجز قدره 5.511مليار دوالر خالل جانفي 1851
مقابل عجز ب ـ ـ 5.511مليار دوالر لعام 1851و هذا حسب ما صرحت به الجمارك
الجزائرية وسبب هذا االختالل وتزايد عجز ميزان التجاري راجع باألساس لالعتماد المفرط
)(2
بينما نما الناتج الداخلي الخام على مداخيل البترول الذي هو مرتبط بتذبذبات السوق،
للجزائر في 1851بنسبة %2.8بما يقارب نتيجة العام لسنة 1852وهي نتيجة إيجابية في
)*(
سياسة االقناع األدبي ":ويتمثـل هذا األسلوب في قيام البنك المركزي ممثال للسلطة النقديـة في االقتصاد الوطني بإقناع
البنوك التجارية باإلجراءات والتوجيهات المطلوب تنفيذها للتخلص من المشكالت التي يعاني منها االقتصاد الوطني ،أو
التخفيف من حدتها ،باعتبار أن له سلطة أدبية إشرافية على البنوك التجارية ،وعادة ما يتم هذا األسلوب عند طريق
اللقاءات المباشرة مع مديري البنوك المتنوعة ويتم خالله إقناعهـم باألوامر والتوجيهات المطلوبة في تلك المرحلة ،والشك
في أن نجاح هذا األسلوب يتوقف على درجة تطور الجهاز المصرفي و تنوعه ،وكذا خبرة البنك المركزي وسلطته
ومكانته.
)(1
فضيل رايس " ،تحديات السياسة النقدية ومحددات التضخم في الجزائر" ،مجلة بحوث اقتصادية عربية ،ب ب ن:
عددان ،1852 ،15.11ص .581
)(2
و ازرة التجارة " ،إحصائيات التجارة الخارجية لسنة ،"1851تم االطالع عليها يوم ،1851-51-81 :متاحة في
االنترنت علىhttp://www.mincommerce.gov.dz/arab/?mincom=tidja_arkam14 :
279
سياق أزمة الموازنة للدولة ألنها تعكس وضعية أفضل لقطاعي الفالحة والصيد البحري
والصناعة الذين أظه ار مقاومة واضحة بينما تراجعت القطاعات المرتبطة بالمحروقات و
اإلنفاق الحكومي .وإذا استمر تراجع بند تمويل التجهيز في موازنة العام 1851فال يستبعد
أن ت لتحق القطاعات التي سجلت تقدما في النمو بالقطاعات المتأثرة بالظرف المالي الحالي
مما قد ينعكس سلبا على رقم النمو المتوقع للعام القادم حيث تلتقي التوقعات عند %2.1
وبنفس التحليل ستتراجع النسبة إلى %1.8العام 1851ما يؤكد مشهد اإلشارات القوية
التابعة لوضعية االرتباط بالنفط.
ويؤكده المشهد الحالي الذي يتطلب مزيدا من الحذر من واضعي السياسات ليس فقط
في الجزائر ولكن في جميع الدول شديدة االرتباط بالريع ،وهنا يجب االشارة إلى أن الظرف
االقتصادي نهاية شهر مارس لعام 1851حيث تراجعت الصادرات بنسبة % 28من سقف
8.5مليار دوالر نهاية الربع األول للعام 1851إلى عتبة 1.8مليار دوالر ما يعني
إحتمال إقفال العام على 12مليار دوالر في حالة استمرار ركود سوق النفط وفي نفس
االتجاه يستمر نزيف النقد األجنبي للدولة تحت ضغط االستيراد حيث لم تعد الصادرات
تغطي أكثر من %51من الواردات خالل الربع األول لسنة 1851متراجعا عن سقف 12
نهاية مارس 1851ولو تستمر تجارتنا الخارجية في نفس االتجاه فربما تتراجع نسبة %
)(1
كما أن إلقاء نظرة على العالقات التجارية بين التغطية إلى حدودها الدنيا تاريخيا.
الجزائر واالتحاد األوروبي قبل وبعد االتفاقية نجد أنه لم تط أر تغيرات ملحوظة على هيكل
التجارة الخارجية بين الطرفين.
فالتوزيع الجغرافي للصادرات الجزائرية يبين تراجع طفيف لنسبة الصادرات نحو
االتحاد األوروبي ،فرغم االرتفاع في قيمتها إال أن حصتها من إجمالي الصادرات الجزائرية
تراجعت نوعا ما ،فبينما كانت تتراوح نسبتها بين %11و % 11قبل دخول اتفاقية الشراكة
حيز التنفيذ ،أصبحت أقل من ذلك بعد دخول حيز التنفيذ ،ففي سنتي 1882و 1882
بلغت النسبة %11.11و %11.51على التوالي ،أما في 1881سنة دخول االتفاقية
حيز التنفيذ فقد بلغت النسبة ، %11.12في حين لم تسجل سوى %25.11سنة 1881
)(1
بشير مصيطفى" ،إقتصادنا :الفرصة المتبقية ،سلسلة صناعة الغد" ،الجزائر :جسور للنشر والتوزيع ،1851 ،ص.21
280
و %28.88سنة .1858ويعود هذا التراجع إلى اتجاه الدول األوروبية نحو تشجيع التبادل
التجاري الداخلي خاصة مع أوروبا الشرقية ومجموعة العشر التي انضمت لالتحاد األوروبي
في ماي ، 1881وفي المقابل فهو مؤشر ايجابي لقدرة الصادرات الجزائرية على الدخول
والمنافسة في األسواق العالمية غير األوروبية ،لكن هذه الحالة لم تعمر طويال فسرعان ما
استرجع االتحاد األوروبي هيمنته على الصادرات الجزائرية ،مسجلة نسبة % 12.11سنة
1851و %12.55سنة .1852
أما بالنسبة للتركيب السلعي فنجد أن قطاع المحروقات ما زال يشكل من %81إلى
% 85من الصادرات الجزائرية العالمية و %81إلى % 85من الصادرات األوروبية رغم
االمتيازات التي كانت تحصل عليها الجزائر قبل عقد اتفاق الشراكة والتي حصلت عليها
بموجب عقد الشراكة ،ويرجع سبب ذلك إلى صعوبة إحداث تغيير هيكلي في بنية االقتصاد
الوطني وبالتالي التركيبة السلعية للصادرات الجزائرية في األجل القصير و المتوسط ،إال أنه
يالحظ أن قيمة الصادرات خارج المحروقات سجلت نمو ملحوظ منذ دخول االتفاقية حيز
التنفيذ مما يبعث بمؤشرات تنبئ بنجاح الشراكة ،خصوصا في ما يتعلق بالسلع المتفق على
تفكيك رسومها الجمركية.
وكذلك الشيء نفسه ينطبق على الواردات فقبل دخول االتفاقية حيز التنفيذ كانت
الواردات األوروبية تفوق نسبة %11بينما سجلت نسب أقل من ذلك بعد دخول االتفاقية
حيز التنفيذ ،حيث بلغت % 15.11و %11.11سنتي 1882و 1882على التوالي ،
في حين لم تسجل سوى % 11.15سنة 1881و % 15.51سنة 1858و 18.85
%سنة ،1851أما سنة 1852فبلغت ،% 11.55وذلك رغم نمو قيمة الوارادات إال أن
هذا النمو كان أقل من معدل نمو الواردات العالمية ،وربما يرجع ذلك إلى منع الجزائر
لواردات السيارات القديمة ،وكذلك منع استيراد األدوية المنتجة محليا ،فهذين العنصرين كانا
يشكالن رقم معتبر من حصة الوارادات الجزائرية من السوق األوروبية.
281
وفيما يخص االستثمارات األجنبية المباشرة يالحظ تزايد حصة االتحاد األوروبي من
سنة إلى أخرى ،حيث بلغت سنة .1882حوالي 582.81مليون دوالر لترتفع إلى 111
)(1
سنة 1881أي بنسبة %11.21من إجمالى االستثمارات األجنبية في الجزائر
إن تحديد تعريف معين لالقتصاد غير الرسمي يتوقف أساسا على الزاوية التي ننظر منها
لهذا االقتصاد وعلى اإليديولوجية التى تتبناها الدولة.
ويعرف "سميث فليب" االقتصاد غير الرسمي على أنه ":انتاج السلع والخدمات القائم
على أساس السوق سواء كان إنتاجا مشروعا أو غير مشروع والذي يتجنب الكشف عنه في
)(1
إذ تعتبر هذه الظاهرة من الظواهر السلبية التي التقديرات الرسمية للناتج الداخلى الخام.
تنتشر في أرجاء دول العالم ولكن بتفاوت نسبي حسب التنظيم لألسواق والتجارة الداخلية
للدولة وتكثر خاصة في دول النامية بحكم عدم التنظيم المحكم القتصادياتها والجزائر من
بين هذه الدول وكان العامل الرئيسي الذي سبب خلق االقتصاد الموازي في الجزائر هو
النظام االقتصادي الذي تبنته الحكومة الجزائرية بعد االستقالل وهو النظام االشتراكي
)(2
واالقتصاد الموجه والمخطط وكذا مركزية الق اررات.
وقد انعكس االقتصاد غير الرسمي بشكل سلبي على االقتصاد الجزائري فقد انحسرت
حصة الشركات المحلية في السوق ،من جراء النشاطات الصناعية والتجارية غير الرسمية
وكذا ارتفاع ظاهرة المن تجات المقلدة وما رافقها من عمليات تزوير للفواتير وخسارة الخزينة
العامة لمداخيل من جراء التهرب الضريبي .وهذا تسبب في ارتفاع إجمالي الواردات في
انحصار حصة الشركات المحلية في السوق ،وسجل القطاع الصناعي المحلي أكبر تراجع
)(1
دمحم لحسن عالوي ،كريم بروشة "،تفعيل الشراكة األورو-جزائرية كآلية لالندماج في االقتصاد الوطني" ،المجلة
الجزائرية للتنمية االقتصادية ،الجزائر :عدد ،82جوان ،1851ص .25
)(1
عبد الحكيم مصطفى الشرقاوي" ،التهرب الضريبي واالقتصاد األسود" ،االسكندرية :الدار الجامعية الجديدة للنشر،
،1881ص.51
)(2
رشيدة حمودة" ،استراتيجيات إدارة االقتصاد غير الرسمي في ظل التخطيط للتنمية المستديمة دراسة مقارنة بين تجربتي
:الجزائر ومصر" ،رسالة ماجستير ،جامعة سطيف ،1851 :ص .111
282
مسجال نسبة نمو سلبية قدرت بـ ـ % 1.1نتيجة المنافسة غير قانونية ،وعدم تنافسية القطاع
الصناعي وهو ما فتح الباب للقطاع الموازي ليغطي الطلب المتنامي على المنتجات
الصناعية التي تراجعت أسعارها في السوق الموازية ،مستفيدة من رداءة نوعيتها وإلغاء
الرسوم الجمركية ،وهي الممارسات التي امتدت خالل السنوات الماضية لتشمل القطاع
التجاري ،كما أن العمل غير الرسمي يمثل %21من قوة العمل ،و أن نسبة %21من
العمالة غير الزراعية غير مصرح بها في الضمان االجتماعي إضافة إلى نسبة مهمة
)(1
( )%51من العمالة الرسمية غير مصرح بها.
يعرف القطاع التجاري أكبر نسبة من النشاطات غير الرسمية ،فمن بين 5.52
مليون شخص يشتغلون في القطاع التجاري ،يشتغل 125ألف بصفة قانونية ،مقابل 181
ألف يعملون بطريقة غير قانونية أو دون وجود قانوني لنشاطهم ،ويوجد من بين الذين
يشتغلون بطريقة قانونية 588ألف غير مصرح بهم لدى مصالح الضمان االجتماعي
،وبإضافة الرقم نفسه إلى الذين يعملون بصفة قانونية ،يرتفع العدد إلى 188ألف وظيفة
غير قانونية ،وهو ما يعادل %18من العاملين في القطاع التجاري وبلغت مساهمة القطاع
التجاري في الناتج الداخلي سنة 1881ما قيمته %51من القيمة المضافة خارج قطاع
المحروقات و % 11من فائض االستغالل خارج القطاع وهو مستوى متواضع بالنظر إلى
العدد القليل للمؤسسات التجارية البالغة عددها 228ألف موزعة على 115ألف مؤسسة
تنشط في قطاع التجزئة.
)(1
نفس المرجع ،ص .111
283
يقول السوسيولوجي عدي الهواري ":أن الدولة الجزائرية ليس لها أهداف اقتصادية في حد
ذاتها بقدر ما لها أهداف سياسية ال يمكن بلوغها إال من خالل تنمية اقتصادية" ،كما أن
العالمة ابن خلدون وماركس يلتقيان في قضية العمل ألن هذا األخير يريانه أنه العنصر
)(2
وكل منهما يرى بأن هذا العنصر " الهام في تكاثر الثروات الطبيعية وتوفير المعاش،
العمل" مرتبط بقانون العرض والطلب ،وهذا يعني قوانين االقتصاد السياسي ،وكما أن
السلطة في الجزائر باالعتماد على الريع الطاقوي إختنق االقتصاد الجزائر لعدة أسباب منها:
- 5عدم وضوح االجراءات القانونية لالستثمار واإلنتاج مما يعرقل العملية التنموية.
- 1غياب روح المسؤولية لدى المسئولين الجزائري وتفشي ظاهرة الفساد في القطاع
االقتصادي.
- 2طبيعة النظام السياسي وكيفية تسيره للبلد من خالل التصريح بالتعددية الحزبية،
والبلد مازال بنمط الحزب الواحد والتخطيط المركزي الذي أدخل الجزائر في دوامة.
كل هذه األسباب وأخرى جعلت االقتصادي الجزائري في ذيل الترتيب مما استدعى على
الحكومات المتعاقبة إصالح المتتالي للمنظومة االقتصادية من أجل الخروج باالقتصاد
الوطني والدخول في االقتصاد العالمي والمن افسة العالمية من خالل المنظمة العالمية
للتجارة .كما ال يفوتنا أنه غياب تام لإلرادة السياسية للتغير نحو األحسن ،ألن أزالم النظام
والمنتهزون هم المستفيدون األوائل من الوضع القائم.
هذا ما جعل من التحديات التي تواجه الجزائر ابتداء من داخل الوطن سواء االقتصادي
منها والسياسي و األمني والثقافى إلى التحديات اإلقليمية بدأ باالحتجاجات أو ما يسمى
بثورات الربيع العربي التي اجتاحت المنطقة العربية والتي كان لها أثر سلبي على المنطقة
ككل مما ظهر الالستقرار السياسي واألمني فيها مما تطلب تدخل األجنبي فيها وهذا ما زاد
من تطور لألزمة في المنطقة وجعل المستفيد األكبر منها االتحاد األوروبي والواليات المتحدة
األمريكية من جهة وروسيا من جهة أخرى.
)(2
قدوسي دمحم ،مرجع سابق ذكره ،ص .511
284
المبحث الثالث :مستقبل الشراكة األورو-جزائرية وآليات ترقيتها وتطويرها.
يعد االتحاد األوروبي أهم شريك تجاري بحصة ،% 18بحيث انتقلت الواردات
القادمة من االتحاد األوروبي من 5.1مليار دوالر قبل تطبيق اتفاقية الشراكة (-1881
)1882إلى 12.15مليار دوالر في 1855أي بزيادة تقدر ب ـ ـ ،% 188أما بالنسبة
للصادرات نحو االتحاد األوروبي فقد انتقلت من 51مليار دوالر قبل توقيع اتفاقية الشراكة
إلى 21.2مليار دوالر في 1855أي بزيادة تصل إلى ،% 528إال أن الجزائر وجدت أن
وتيرة التفكيك الجمركي أدت إلى زيادة حصة االتحاد األوروبي في السوق الجزائرية ،دون
التوصل إلى سياسة حقيقية للشراكة التي تعد أحد أهداف االتفاق ،بعد أن أصبحت وتيرة
التفكيك عائقا أمام تطبيق سياسات المؤسسات الجزائرية ،وبالتالي طلبت الجزائر تأجيل
التفكيك الجمركي طبقا للمادتين 55و 51من اتفاق الشراكة واللتان تنصان على إمكانية
العودة إلى مراجعة رزنامة التعريف الجمركي وتعديل االمتيازات في حالة تغير السياسات
الفالحية ،وبعد ثمان جوالت من المفاوضات حصلت الجزائر على تأجيل إقامة منطقة
التجارة الحرة من 1851إلى 1818ويعد هذا األمر سابقة أولى في المنطقة ومعطى جديد
ومهم للمؤسسات الجزائرية لتحضير نفسها لستة سنوات إضافية ،من أجل مواجهة المنافسة
التي تنتظرها في منطقة التبادل الحر.
أما من الناحية الجبائية فإن الجزائر خسرت 1.5مليار دوالر بين 1888-1881
بسبب إلغاء التعريفة الجمركية وكانت ستخسر 5.1مليار دوالر بين 1851-1858لو
أبقى على نفس وتيرة التفكيك التعريفي المرسم في االتفاقية قبل تعديل رزنامته.
أظهرت الجزائر من خالل قدرتها على تأجيل منطقة التبادل الحر وزنها التفاوضي
ورغبتها الحقيقية في بناء شراكة عادلة ومتوازنة وهو ما يفتح لها األفاق واسعة لقيادة الشراكة
مستقبال مع االتحاد األوروبي وإرغامها على مشاركتها له في سياسات أهم تتعلق بصياغة
الخارطة الجيوسياسية في المنطقة ،خصوصا مع ما شهدته الجزائر من إنزال اقتصاد أوروبي
285
منذ اندالع األزمة األوكرانية ،حيث يعول األوروبيون على الجزائر لتعويض أي خلل يتعلق
باإلمدادات الطاقوية من روسيا).(1
وإلعادة تفعيل الشراكة بإعطاء لها صبغة الندية بين الضفتين يجب على دول الجنوب
أن تعيد تفعيل اندماجها في ما بينها وخاصة ونحن بصدد الحديث عن الجزائر البد من
تفعيل المغرب العربي.
الكتاب العرب مصطلح المغرب العربي بأنه اإلتجاه األصلي الذي يحدد لقد عرف ُ
غروب الشمس والتي تشمل إفريقيا من طرابلس في ليبيا إلى الرباط في المحيط األطلسي.
وبالتالي فالمغرب العربي يمثل % 2من مساحة اليابسة في الكرة األرضية % 18،
من مساحة القارة اإلفريقية و %28من مساحة العالم العربي.
وتعتبر اللغة العربية هي اللغة الرسمية التي يتكلم بها غالبية السكان باإلضافة إلى
بعض اللغات العرقية مثل لغة األمازيغ ،الفرنسية ،االيطالية ،نتيجة الخضوع للفترة
االستعمارية الممتدة فيها ،وما يميز تاريخ المغرب العربي هو التاريخ المشترك في العصور
)(1
ابراهيم قلواز " ،مستقبل الشراكة األورومتوسطية في ظل التحوالت السياسية واالقتصادية في المنطقة" ،الحوار
المتمدن ،العدد ،1115تم االطالع عليه يوم 1851-.58.5 :متاح في االنترنت على:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=527500
286
القديمة والحديثة بعد أن مرت أقطاره بالتجارب والتحديات التاريخية وإن اختفت في بعض
)(1
األحيان وبالتالي عرفت تأثيرات اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية مشتركة.
إذ تعتبر فكرة تأسيس مغرب عربي موحد فكرة متجذرة لدى شعوب المنطقة ونخبتها
السياسية والفكرية والثقافية عملت جميعها ومن مواقع مختلفة على نشرها وتكريسها في الواقع
وذلك من خالل ممارستها السياسية والثقافية والفكرية طيلة الفترة االستعمارية واتخذ هذا
النشاط أبعاد سياسية نضالية أكثر وضوحا خاصة بعد تأسيس مكتب المغرب العربي في
دمشق والقاهرة سنة .5821وبعد االستقالل كل من تونس والمغرب األقصى انعقد مؤتمر
طنجة بتاريخ 15و 28أفريل 5815الذي بلورت فيه األحزاب الوطنية المغاربية أرضية
لتوحيد المنطقة ،ورغم فشل تلك الصيغة في تحقيق الكثير من أهدافها غير أن هاجس إقامة
مغرب عربي موحد استمر كأحد ثوابت األحزاب والتنظيمات السياسية واالجتماعية في
المغرب العربي فاستمرت محاوالت توحيد المنطقة متخذة أشكاال تتماشى مع الواقع الجديد
لدول وحكومات المغرب العربي وكان االعالن عن قيام اتحاد المغرب العربي في -81-51
5858بمدينة مراكش تحقيقا لحلم ناضلت من أجل تحقيقه أجيال متعاقبة من شعوب
المغرب العربي ورحبت به جميع األطراف االقليمية.
كما أنه ال شك أن شعوب المغرب العربي بحاجة لتفعيل المؤسسات المختلفة التى
تولدت عن اتفاقية مراكش بل أن األمر أصبح ضروريا وحيويا حتى بالنسبة إلى األنظمة
السياسية المغاربية والمتوسطية ،غير أن ذلك يتطلب اعتماد سياسات ووسائل مختلفة من
ذلك تعميق النظام الديمقراطي ومبادئ العدالة االجتماعية وإعادة النظر في الكثير من
النصوص القانونية المنشئة لالتحاد وإعطاءها دفعا جديدا يجعلها تتماشى والمستجدات
الوطنية واإلقليمية والدولية مع ضرورة أن تسرع الدول المغاربية وتيرة االندماج االقليمي بينها
وتنسيق سياستها المالية واالقتصادية والتشريعي ،وفتح الحدود أمام الشركات الدولية وتنقل
رؤوس االموال والسلع واعتماد الشفافية و الحكامة الرشيدة وتبسيط اإلجراءات إلجتذاب
)(1
سفيان أبحري" ،الشراكة األور-مغاربية وآثارها على أداء وتأهيل القطاع الصناعي في منطقة المغرب العربي"،
أطروحة الدكتوراه ،جامعة الجزائر :2كلية العلوم االقتصادية والعلوم التجارية و علوم التسيير ،1852 ،ص .81
287
المزيد من االستثما ارت الدولية وتخفيض نفقات التسلح واالستفادة من التوجه الدولي الداعم
لالندماج المغاربي ،كما يمكن لمنظمات المجتمع المدني أن تبادر كل من موقع اختصاصها
بتوحيد جهودها بتحويل نشاطها على المستوى المغاربي شكال ومضمونا وأن تهتم بتفعيل
عالقات التعاون في ما بينها وإلى إقامة شراكات دعم التعاون والتشبيك في ما بينها وأن
تضغط باتجاه أن يتحول هذا االندماج أم ار واقعا على الحكومات المغاربية للوضع شراكة
حقيقية ومتوازنة مع الطرف األوروبي ندا للند دون جر بالبلدان المغاربية كل على حدا وهذا
)(1
هو قوة االتحاد األوروبي في تشتيت المنطقة المغاربية بشكل خاص والعربية بشكل عام.
كما يجب على دول إتحاد المغرب العربي أن يطرحوا مبادرات التفاوض من الضفة
الجنوبية للضفة الشمالية حتى يتسنى لها المشاركة في الق اررات المتوسطية دون فرض قوة
إقليمية كاإلتحاد األوروبي يفرض مشاريعه التنموية واإلصالحية وبرامج تدعيم من أجل
مكاسب ذيقة هذا ما يضعف الدول المغاربية والجزائر خصوصا ،وكما يمثل اتحاد المغرب
العربي مجموعة اقتصادية وسياسية تضم خمسة دول وهو تكتل يهدف إلى تمتين أواصر
األخوة بين دوله وإقامة التعاون والتنسيق من أجل تحقيق التكامل المغاربي.
فبرغم من التحديات التي يواجهها المغرب العربي منذ نشأته في جميع أقطاره جعله
سبب في تأجيل تطبيقه وتفعيله ومنها األزمة الجزائرية خالل عشرية السوداء وحادثة لوكاربي
الليبية وفرض حضر جوي على ليبيا و التوتر الذي شهدته المنطقة بين الجارتي الجزائر
والمغرب حول قضية الصحراء المغربية وتواطئ أممي في القضية هذا التحديات جعلت من
الطرف األوروبي المتفوق والمستغل للوضع في المنطقة ،ومن هنا ال بد من إعادة النضر
في تفعيل التكامل المغاربي خاصة في مجاالت االقتصادية والسياسة واألمنية حتى تصبح
قوة يعد لها ألف حساب وذلك من خالل كل ما تزخر به المنطقة من امكانيات مادية وبشرية
وطبيعية تجعل منها منطقة تسيطر على القارة االفريقية بشرط أن تكون إرادة سياسية حقيقة
للتكامل المغاربي وفرض بنود الشراكة على الطرف األخر( االتحاد األوروبي واألمريكي
وغيرهم) ومن بين أهم االمكانيات نذكر منها:
)(1
عبد اللطيف الحناشي" ،تفعيل مؤسسات اتحاد المغرب العربي :بين اكراهات الواقع وضرورات المستقبل" ،أوراق
سياسية ،مركز الدراسات المتوسطية والدولية ،مارس ،1851ص .1
288
-5الثروات الطبيعية:
حيث تشمل المنطقة المغاربية على أراضي متعددة المناخات وموارد مائية وثروات
بحرية ونهرية و غابي ة وموارد معدنية و طاقوية تتباين من قطر إلى قطر مما ساعد على
إتجاه كل دولة في إطار تحقيق مصلحتها إلى التكامل مع الدول األخرى فهذا التباين يعتبر
العنصر األساسي للتكامل االقتصادي الجماعي ويعتبر بمثابة الدافع األول نحو التكامل وإن
الدول إنما تسعى إلى التكامل م ع غيرها ابتغاء تالفي ما لديها من حاالت عوز ونواقص ألن
التكامل يتيح لها إمكانية حصولها على امدادات ومنافع تنالها من األطراف التي تتكامل
)(1
وكما تمتد دول االتحاد المغاربي على مساحة شاسعة تقدر ب ـ ـ 215.5مليون هكتار معها
تتوزع بنسب متفاوتة بين تلك الدول وتأتي في مقدمتها الجزائر بـ ـ 152.1مليون هكتار ،ثم
ليبيا بـ ـ 511مليون هكتار ثم موريتانيا بـ ـ 581.1مليون هكتار ثم المغرب بحوالي 22.1
مليون هكتار وتونس بـ ـ 51.1مليون هكتار.
الجدول رقم ( )16إجمالي المساحات ونسبة األراضي الصالحة للزراعة ونسبة الرعوية
منها في دول االتحاد المغاربي.
المروية نسبة األراضي االراضي األراضي األراضي الصالحة نسبة المساحة الدول
من للزراعة بالمليون الصالحة للزراعة كنسبة من االراضي الرعوية بالمليون هكتار
المجموع الصالحة للزراعة إلى المجموع هكتار
)(1
دمحم الحمصي ،خطط التنمية العربية واتجاهاتها التكاملية والتنافرية ،لبنان :مركز دراسات الوحدة العربية،5858 ،
ص .81
289
/ %04 %4.5 15.5 215.5 المجموع
المصدر :رقية بلقاسمي" ،التكامل اإلقليمي المغاربي :دراسة في التحديات واآلفاق المستقبلية" ،رسالة ماجستير ،في العلوم
السياسية ،جامعة بسكرة ،1855 :ص .525
حيث يبين الجدول األراضي الزراعية المتاحة لالستغالل كنسبة مئوية إلى إجمالي
مساحة الدول المغاربية ،فرغم أنها ال تزيد عن % 2.1من المساحة الكلية إال أنها مساحة
معتبرة بالمقارنة مع مجموع السكان فهي تبلغ 15مليون هكتار وتشكل % 28من المساحة
المزروعة في العالم العربي ،هذا فضال عن األراضي القابلة للزراعة والممكن إصالحها سواء
في المناطق الجافة أو المناطق الصحراوية والتي تجعل النسبة الممكنة أكبر من النسبة
الفعلية الحالية .هذا من حيث المساحة األراضي أما من حيث الثروات المنطقة المغاربية
فهي تزخر بنوعية الموارد االقتصادية الهامة التي تشكل المدخالت األساسية للصناعات
المتنوعة ،ومصادر الطاقة لالقتصاديات الحديثة فهي تشتمل على حجم احتياطات غازية
يزيد عن 1888مليار م 2واحتياطي البترول يتجاوز 1مليار طن مع إحتمالية شبه مؤكدة
الكتشافات أخرى في المنطقة ،إضافة إلى احتياطات من الفوسفات التي تزيد عن 1مليار
طن خاصة في المغرب وتونس ،إضافة إلى إنتاج معدني وطاقوي هام يجعل المنطقة في
)(1
حالة تكاملها مجاال الستقطاب االستثمارات اإلنتاجية
الجدول رقم ( )14إنتاج الثروة المعدنية الطاقوية لسنة 2113لبعض بلدان جنوب المتوسط.
البترول :بالنسبة المؤوية عالميا /الغاز :مليار م / 2الحديد والفوسفات :مليون طن.
)(1
رقية بلقاسمي" ،التكامل اإلقليمي المغاربي :دراسة في التحديات واآلفاق المستقبلية" ،رسالة ماجستير ،في العلوم
السياسية ،جامعة بسكرة ،1855 :ص .525
290
الطبيعي
يتبين من خالل الجدول أن الجزائر تحتل المراتب األولى بين البلدان المغاربية
إلمتالكها على إحتياطي غازي ونفطي بكميات معتبرة ،من معدني الفوسفات والحديد
فبكميات قليلة على عكس المغرب الذي يمتلك ثروة هائلة من الفوسفات وموريتانيا تمتلك
نسبة كبيرة من الحديد ،وهذا يوحي إلى وجود بوادر للتكامل وذلك بإختالف الثروات المعدنية
كعينة للتقارب المغاربي.
الشكل رقم ( :)12يمثل صادرات الدول العربية من التجارة البينية في العالم ما بين
.2114-2112
منظمة التجارة العربية الحرة مجلس التعاون لدول الخليج العربي اتحاد دول المغرب العربي دول اتفاقية أغادير
)*(
منطقة التجارة الحرة تشمل جميع الدول العربية باستثناء :جيبوتي ،الصومال ،القمر ،موريتانيا.
)*(أودعت الجزائر لدى األمانة العامة للجامعة العربية بالقاهرة وثائق تصديقها على إنضمام إلى المنطقة العربية الحرة
ابتداءا من 5جانفي ، 1888وقد بدأ العمل بالمنطقة العربية في جانفي 1881بمشاركة 51دولة من أصل 11دولة
أعضاء في الجامعة العربية ،وهي تمثل %82من مجمل التجارة العربية حسب تقديرات أعلن عنها نهاية ،1881وتجدر
االشارة إلى أن حجم المبادالت التجارية العربية البينية تضاعفت منذ 1881من %1إلى %58في .1881
291
مجلس التعاون لدول الخليج العربي تضم :االمارات والبحرين والسعودية وعمان وقطر و الكويت.
المصدر :تقرير االقتصادي العربي الموحد ،صندوق النقد العربي ،لسنة ،2111ص .211
ي مثل الشكالن السابقين صادرات وواردات بلدان عربية والتي تمثل نسبة الصادرات
العربية نحو الخارج كبيرة خاصة في المجال الطاقوي من بترول وغاز طبيعي ،في المقابل
وارداتها كبيرة باستثناء دول مجلس التعاون الخليجي التي اصبحت تعتمد بشكل كبير على
منتوجاتها واستثماراتها في الخارج في مختلف القطاعات ،والسبب الرئيس من ارتفاع واردات
بلدان عربية على صادراتها هو ضعف سياستها االقتصادية وبالرغم من توفر االمكانات
المادية والبشرية والطبيعية وهذا سبب يجعنا نطرح تسائل كبير لماذا ال نتقدم؟.
وإن انضمام الجزائر إلى منطقة التجارة العربية سيفتح لها المجال لدخول السوق العربية والتعريف بالمنتج الجزائر ،كما
سيمنحها الفرصة لالرتقاء بالتبادل التجاري بين الدول العربية وتطوير نشاطها االقتصادي للشركات الجزائرية.
292
-3العمالة الوطنية المغاربية ومساهمها في الدخل القومي المغاربي:
إن معرفة توزيع العمالة على قطاعات االقتصاد الوطني ،ونسبة مساهمة في االنتاج
الوطني تساعدنا على تتبع بعض الظواهر السلبية في الدول النامية والمغاربية ومنها ظاهرة
تحرك العمالة عبر قطاعات االقتصاد بشكل فوضوي أدى إلى انخفاضها في القطاعات
اإل نتاج المادي وتركزها في قطاع الخدمات وظاهرة ضعف مساهمة العمالة في بعض
القطاعات الهامة مثل قطاع الزراعة.
وهذا يعني أنه من بين االجراءات االستخدامية لهذه االمكانيات البشرية هو ضبط
حراكها في إطار استراتيجية تعيد االعتبار للقطاعات الحيوية في االقتصاد الوطني كالزراعة
والخدمات والفروع الصناعية المتطورة ،كما أن تلك االجراءات تثمن وترفع من مردودية
العمل بتلك الفروع واألنشطة بشكل يؤدي إلى رفع نسبة مساهمتها في الناتج الوطني.
وإن حجم العمالة المتاحة بمنطقة االتحاد المغاربي وتركيبها العمري والنوعي
والتكويني الحالى تشكل إحدى عوامل تنافسيتها بالمقارنة مع دول االتحاد األوروبي ،التي
تعاني من ضعف نموها السكاني وتزايد نسب الشيخوخة وارتفاع أجور عمالتها وهي من أهم
التحديات في القرن الواحد و العشرون ،ولهذا فإن تعظيم جوانب الشراكة مع تلك الدول سيتم
في إطار إعادة اإلعتبار لعنصر الموارد البشرية في المفاوضات واالتفاقيات فتشير األرقام
المتعلقة بمستوى األجور بأن متوسط األجر الساعي في المدن الكبرى في أوروبا يترواح بين
51إلى 51أورو ،بينما يصل في العواصم المغاربية إلى 1أورو.
ولتفعيل االندماج وجب على صناع القرار اتخاذ تدابير محددة وواقعية يسفر تنفيذها في
المدى القصير عن نتائج ملموسة ،والتركيز على القطاعات معينة تشكل قاطرة لمشروع
االندماج ويمكن إيجاز أهم التدابير في ما يلي:
-رفع القيود الجمركية التي تعرقل تدفق البضائع ،وتحد من التجارة والنشاط
االقتصادي بين البلدان المغاربية ،و إن تخفيض الرسوم والضرائب المطبقة على
الواردات من شأنه أن يؤدي في شكل آلي إلى زيادة التبادل التجاري بين البلدان
الخمسة األعضاء.
293
-إعادة فتح الطرق والسلك الحديدة بين الجزائر والمغرب ،والعمل على تخفيض الشحن
في بلدان المغرب العربي ،وتصل هذه التكاليف في المتوسط إلى ضعف ما هي عليه
في البلدان الصناعية.
-رفع الحواجز االدارية والفنية التي تعيق زيادة تدفق حركة التجارة بين البلدان الشريكة،
وال سيما تلك الحواجز التي ليس لها أساس قانوني ،والتي تفرض في شكل تعسفي
تبعا للظروف.
-ينبغي إعادة المصداقية إلى مشروع اإلدماج ،من خالل تنفيذ آليات شفافة لرصد
وتقييم وتسوية المنازعات التجارية بين الشركات في البلدان المغاربية.
وأخي ار ال تتوقف عملية االندماج االقتصادي بين بلدان المغرب العربي فقط عند إصالح
السياسات التجارية ،بل تنطوي على تأهيل البيئة االستثمارية ،وتحسين الحوكمة االقتصادية
التي تقتضي التخلص من الحواجز اإلدارية والتنظيمية التي تشكل عبئا على النشاط
التجاري ،وترفع من تكاليف المعامالت وينبغي أن ينظر إلى االندماج اإلقليمي بإعتباره
صرحا مكمال للعالقات متعددة األطراف في إطار المنظمة العالمية للتجارة ،واتفاق التبادل
)(1
الحر مع تركيا وأوروبا والواليات المتحدة وليس بديال عنها.
ومن خالل ما سبق فما هو مستقبل العالقات األوروبية المغاربية في ظل تحديات الواليات
المتحدة األمريكية؟.
لقد أدى الصراع القائم بين االتحاد األوروبي والواليات المتحدة األمريكية حول منطقة
المغرب العربي لما يحمله هذا األخير من أهمية بالغة في الجغرافية العالمية سواء تعلق
األمر بالجانب االقتصادي أو السياسي.
الحسن عاشي" ،االندماج المغاربي في ضوء الربيع العربي" ،مركز كارنجي للشرق األوسط ،تم االطالع عليه يوم: )(1
294
فالتنافس األمريكي األوروبي على منطقة المغرب العربي بدأ بعد أحداث 55من
سبتمبر ،1885وذلك بحرص الواليات المتحدة األمريكية على التواجد السياسي واالقتصادي
والعسكري في شتى مناطق العالم للحفاظ على مصالحها الحيوي.
وألن المتوسط يعتبر أحد العناصر المهمة لالستراتيجة األمريكية الشاملة وباعتبار الجزائر
جزء منه ،فقد سارعت الواليات المتحدة األمريكية للتقرب من الدول المغاربية وشعوبها في
إطار ما يسمى " الدوائر األمريكية" نظ ار إلعتبارات اآلتية:
ولتعدد األسباب السابقة وغيرها ،جعل من منطقة البحر األبيض المتوسط وضفته
الجنوبية منطقة تباين وتنافس بين دول االتحاد األوروبي واألمريكي من خالل بعدين
أساسين:
ويمكن أن نلتمس من هذا التنافس بين الواليات المتحدة األمريكية مع بعض دول
أوروبا الجنوبية حول من تكون له اليد العليا في المجال االقتصادي والسياسي في شمال
إفريقيا ويعتبر المغرب العربي والجزائر خاصة المنطقة االستراتيجية التي تضم مصادر
الطاقة في الشمال اإلف ريقي ،ومن ثمة فهي تلقى اهتماما متزايد من جانب الواليات المتحدة
األمريكية التي تسعى إلى تعزيز وجودها في المنطقة على حساب العالقات المتميزة مع
)(1
أوروبا والتي تعتبر المغرب العربي منطقة نفوذ تاريخي لها.
)(1
سفيان بحري ،مرجع سابق ذكره ،ص .555
295
وكما أن االستشراف لمغرب عربي قوي الذي إحتضنته تونس في جويلية 1851وهو
االستشراف للمغرب العربي لسنة 1828وذلك على هامش الملتقى اللذي تنظمه سنويا
جمعية "يوغرطة" لالندماج المغاربي حول ترقية قطاع السياحة في المنطقة المغاربية التي ال
تتج أز عن الفضاء العربي األوسع ،وقد حضر أعمال الندوة مسؤولون وبرلمانيون وجمعيات
مدنية وخبراء ،حيث نتج عن هذا الملتقى والندوات األخرى وثيقة تسمى " نشرية اليقظة"
والتي تلخص ندوات االستشراف المغرب العربي لعام 1828في شكل معطيات ،تحليل
معطيات ،وتوصيات عملية وترسل النشرية إلى جميع هيئات المغرب العربي والحكومات
)(2
والجمعيات وتنشر النشرية عبر االعالم ووسائط التواصل االجتماعي.
وعند نهاية كل مرحلة يتم قياس منسوب الوعي الجماهيري ودرجة اليقظة لدى الحكومات
بجدوى تطبيق رؤية التقدم وفق معايير قياس علمية محددة كما يتم تقييم أداء المبادرة في
حفز الحكومات على تجسيد تلك الرؤية.
)(2
بشير مصيطفى ،مرجع سابق ذكره ،ص .515.511
)(2
نفس المرجع ،ص .512.512
296
ثالثا :السيناريوهات المحتملة للعالقة بين االتحاد األوروبي واالتحاد المغاربي –الجزائر
بالخصوص-
في ضوء استعراض لعالقة التعاون والشراكة بين االتحاد األوروبي و المغرب العربي
يمكن أن نتساءل ما هي السيناريوهات المحتملة مستقبال لعالقة الطرفين.
يمكن القول أن هناك سيناريوهين للعالقات ،األول يميل إلى إحداث اندماج حقيقي
لمصلحة الطرفين والثاني هو اندماج لمصلحة طرف وتبعية الطرف اآلخر.
يتوقف نجاح هذا السيناريو على التعاون والتضامن بين الجزائر وجيرانها من المغرب
العربي لتحقيق أهدافها وذلك من خالل تفعيل مشروع اإلتحاد المغاربي ،يمكن إعتبار أن
مشروع "إتحاد المغرب العربي" قد يحقق ألطرافه العديد من المزايا مما يمكنهم من مواجهة
الظروف الدولية بأسلوب مناسب وفعال زيادة على أن إتحاد المغرب مؤهل من الناحية
الموضوعية مع دول الجوار الجغرافي –خاصة في إطار عالقته مع االتحاد األوروبي -ذلك
كله في حالة السعي إلى التكامل االقتصادي ،والمؤسسي لهذه الدول والتضحية بمفهوم
السيادة الوطنية والتقدم بخطوات عميقة نحو االستقرار السياسي واالجتماعي وتقييم مفهوم
الشراكة الجماهيرية وتطور الحريات والديمقراطيات لهذه البلدان ومع وضع تصور مستقبلي
للشكل المغاربي المنشود نتيجة تماثل الروافد الثقافية المتماثلة وحل النزاعات القطرية
المتنوعة وظهور مفهوم وحدوي و إقليمي ،ومن خالل عقد مقارنة بسيطة بين اإلتحاد
األوروبي واإلتحاد المغاربي نجد أن التجربة اإلندماجية األوروبية نجحت إلى حد بعيد
بالمقارنة بتجربة المغرب العربي ،وقد أكدت التجارب أن العاملين اإلقتصادي والسياسي
يعدان جانبا أساسيا تحت تأثير الضرورة اإلقتصادية والسياسية ولها صلة وطيدة بتطور رأس
المال وحرية الحركة فيها باإلضافة إلى مفهوم الليبرالية االقتصادية ،وهذا يفتقده مشروع
)(1
اإلتحاد المغاربي.
)(1
بحري سفيان ،مرجع سابق ذكره ،ص .551
297
ومن منظور المستقبلي لتطور العالقات بين االتحاد األوروبي والمتوسطي في مجال
إقامة مناطق للتبادل الحر فإن هذا اإلحتكاك سيولد تحديات إقتصادية وسياسية للدول
المغاربية وقد يزيد من حدت الصعوبات والمشاكل التي تعترض البنية المغاربية ،والوضع
القائم يفرض على الدول المغاربية تعجيل إنشاء منطقة للتبادل الحر من أجل اإلستعداد
للمواجهة األوروبية.
ويرى بعض المحللين أنه من الضروري تجاوز التباطؤ واإلخفاق اللذان حاال حتى
اآلن دون تحقيق منطقة التبادل الحر وتبادل جمركي على المستوى المغاربي حتى تتمكن
أقطار اإلتحاد من تنظيم نفسها داخل منطقة التبادل الحر األورو -مغاربي.
ويبرز هنا أربع عناصر موضوعية تبين الفرص الدافعة والمحفزة لهذا التبادل
التجاري:
إذا كانت الشراكة األورو-متوسطية وبصفة خاصة المغاربية منها والجزائرية بالخصوص
قد قامت بهدف تنمية حوض المتوسط على دعم التحول اإلقتصادي المترافق مع إنشاء
مناطق للتبادل الحر بين الدول الموقعة على إتفاقية الشراكة مع اإلتحاد األوروبي والمساعدة
298
على تحقيق التنمية الشاملة وتنمية المجتمعات المدنية ،فإن معظم هذه األهداف لم تتحقق
وذلك لعدم وجود المؤسسات المنوطة بها القيام على تحقيق مثل هذه األهداف ،فنجد رئيس
اللجنة األوروبية" رومانوبرودي" يصرح بأن الدول المتوسطة وخاصة المغاربية يشاطرون
اإلتحاد األوروبي في كل شيء ما عدا المؤسسات.
وهذا التصريح إنما يهدف إلى جذب الدول إلى عالقة أوثق مع اإلتحاد األوروبي وفقا
ألهداف االستراتيجية األمنية األوروبية.
أما أمين إتحاد المغرب العربي " حبيب بولعراش" فيشير إلى هذا اإلخفاق في إيجاد
المؤسسات القادرة على إحداث اإلندماج بقوله أن عملية برشلونة لم تراوح مكانها فحسب بل
لم تعد قادرة على الدفاع عن مبرر وجودها.
إن الشراكة التي يدعو إليها ويعمل على تجسيدها االتحاد األوروبي مع الدول
المغاربية ،وإن بدت شاملة للمجاالت السياسية واألمنية واالقتصادية واإلجتماعية واالنسانية،
فإنها شكلت فصال تاما بين المجال االقتصادي األوروبي من ناحية والمجال االقتصادي
المغاربي بصفة عامة والجزائر بصفة خاصة من ناحية أخرى وهذا ما أدى إلى تعثر تحقيق
هدف اإلندماج الكلي القتصاديات الدول األور -مغاربية أو بمفهوم آخر إدماج إقتصاديات
المغرب العربي في اإلقتصاد األوروبي على الحدود الفاصلة بين األشخاص مع رفض
اندماج المجتمعات فى االتحاد األوروبي يطرح مفهوم يقوم على حرية حركة رؤوس األموال
والسلع والخدمات وإنتقال وسائل اإلنتاج ،لكنه يرفض حرية حركة األشخاص في الفضاء
األورو-مغاربي وفي ظل غياب إستراتيجية مغاربية للمواجهة فإن الشراكة مع االتحاد
األوروبي رهينة اإلرادات والتوجهات األوروبية.
ومن منظور آخر فإن الهوة اإلقتصادية ،االجتماعية السياسية بين دول اإلتحاد
األوروبي والمغرب العربي ليست من األمر السهل تجاوزه على األقل خالل المستقبل القريب.
كما نرى أنه على البلدان المغرب العربي عامة والجزائر خاصة أن تسرع في تحرير
التدريجي والسريع في التشريعات وتطوير البنية التحتية والمالية واإلدارية وتحديث أنظمة
االستثمارات بالت ازمن مع سياسة دقيقة للتنمية المنهجية للرأس مال بشري خصوصا من خالل
299
سياسة التعليم مع األخذ في االعتبار التحديات االجتماعية الضخمة التي تواجه بلدان حوض
المتوسط من نواحي ديناميكية صنع القرار والمؤسسات القادرة على تطوير وتغيير السريع
تبعا لمتطلبات العالم الجديد وتطوير أنظمتها الديمقراطية وتفعيل المجتمع بمشاركة شعبية
أوسع وتطوير المفاهيم والمرونة في معالجة الجمود والمشكالت البيروقراطية إلمكانية
مواجهة التحديات المتالحقة في التطوير العالمي والمحيط اإلقليمي إن أرادت تحقيق
)(1
االندماج والتكامل في عالقاتها مع دول االتحاد األوروبي والنظام العالمي الجديد.
وعليه أعتقد أن األولوية التي تعطيها أوروبا ،وكذلك الجزائر وبعض حكومات جنوب
وشرق المتوسط ،هي أولويات األمن على التعاون االقتصادي وفي مجاالت تنموية كذلك،
وهذه الحقيقة فرضت نفسها منذ نهاية الحرب الباردة وانفجار نزاعات داخلية في عدد من
دول جنوب المتوسط -وإن كان للتعاون كذلك أبعاد أمنية.-
ولكن السؤال الذي قد يطرح ،هل أوروبا جادة في مسعاها هذا ،أم أن األمر ال يعدوا
أن يكون تكتيكا بديال ..لالحتواء؟.
إن الشراكة قد تكون وسيلة يمكن أن يتواصل من خاللها احتواء الجزائر ومنطقة
المغرب العربي( وغيرهما) -أمنيا وسياسيا واقتصاديا وعسكريا ،ويمكن حتى التشكيك في
الهوية األصلية لبعض الدول ،وصنع هوية جديدة عمادها الطائفية والقطرية الضيقة محلها،
فبعد عوامل النفط والغاز والهجرة باتجاه الشمال و مسار الصراع العربي االسرائيلي ودورها
في منطقة الشرق األوسط ،...تأتي ظاهرة الشراكة كتكتيك جديد في استراتيجية اإلحتواء.
)(2
كما أن الشراكة بين دول الضفتين ال يعكس الجدية في الطرح لهذه الشراكة بإعتبار أن
صاحب الفكرة االتحاد األوروبي و تهميش االتحاد المغاربي من أجل السيطرة على المنطقة
من جهة والبحث عن عوامل التفرقة بين دول االتحاد المغاربي بإعتباره األقرب إلى التكامل
بحكم المقومات المشتركة والخوف من الزعامة الجزائرية لالتحاد المغاربي بحكم القوة
)(1
بحري سفيان ،نفس المرجع ،ص .551
)(2
دمحم بوعشة ،مرجع سابق ذكره ،ص .251
300
االقليمية في المنطقة وما تحوزه من إمكانيات مادية وبشرية وغيرها ومن هذا المنطلق وجب
على الدول المغاربية دعم التكامل االقتصادي المغاربي وذلك من خالل مايلي:
-ال بد أن تلغي كافة الصعوبات والعوائق أمام حركة تدفق السلع والخدمات والمواطنين
ورؤوس األموال (عناصر االنتاج) ،وهذا ال يمكن إدراكه إال عبر التنسيق االقتصادي
في مرحلة تليه وهي التخفيف من الحواجز الجمركية وصوال إلى قيام إتحاد جمركي
مغاربي.
-خلق شبكة من المصالح االقتصادية المشتركة بين رجال األعمال المستثمرين
)(1
المغاربيين للضغط على النخب السياسية لدعم التكامل ومشاريعه المشتركة.
-إعادة تشكيل الهياكل والمؤسسة االقتصادية للدول المغاربية على المنتوجات الزراعية
الموسمية والتي تعتمد على التساقط الموسمي وتأسيس استراتيجية زراعية مغاربة
موحدة.
-تنويع مصادر الدخل القومي المغاربي واإلبتعاد على الريع البترولي ،بالنسبة للجزائر
وليبيا والفوسفات في المغرب وموريتانيا والسياحة التونسية التي تعتمد على االستقرار
األمني.
وذلك بدعم القطاع الز ارعي عن طريق تشجيع الزراعة المغاربية التي تشكل قطاعا
إستراتيجيا يحقق األمن الغذائي المغاربي ويخفض من فاتورة االستيراد ويمكن أن تمتص
أكثر من % 18من اليد العاملة في دول المغرب العربي وذلك عن طريق استراتيجية
كبرى تعنى باستغالل األراضي الصالحة للزراعة واستصالح األراضي الصحراوية سواء
)(2
للزراعة أو الستغالل الطاقة الشمسية التي تتجه الجزائر نحو ترقية االستثمار فيها.
-إيجاد صيغة لقطاع حيوي مغاربي من شأنه أن يخلق حركية بين الشركات ورجال
األعمال في المنطقة المغاربية لخلق شبكة مصالح اقتصادية من شأنه زيادة نسب
)(1
مصطفى الصالحين الهوني ،كيف نحقق التكامل واالندماج المغاربي االقتصادي و االجتماعي و الثقافي" الندوة
السادسة لألمانة العامة للدول العربية ،حول ":المغرب العربي في مفترق الشراكات ،تونس ،1881-81-25 ،ص .81
)(2
لعجال اعجال دمحم أمين ،مرجع سابق ذكره ،ص .581
301
االنتاج اال قتصادي وزيادة تنافسية السلع المغاربية أمام السلع األوروبية واألمريكية في
مواجهة المشاريع االقتصادية التي تهدف إلى إقامة منطقة تبادل اقتصادي حر.
ثم إن فكرة إلغاء القيود الجمركية على التجارة البينية ال يمكن أن يحقق زيادة التبادل
التجارى بينهما إلى حد معين فقط هو الحد الذي يسمح به حجم الطاقات اإلنتاجية
المغاربية وبالتالي فتحرير التجارة ال يكفي وحده لفض التبعية االقتصادية على الدول
األجنبية والتي تحرر الدول المغاربية سياسيا واقتصاديا.
-إقامة سوق مغاربية حرة مشتركة وإلغاء القيود الجمركية ،وفتح الحرية النتقال العمالة
المغاربية ورؤوس األموال لزيادة نسب المبادالت البينية المغاربية إلمتصاص نسب
)(1
البطالة وتبادل الخبرات في شتى المجاالت االقتصادية وغيرها.
-إنشاء آلية اقتصادية ممثلة في هيئة إقتصادية عليا تهتم بالمسائل االقتصادية
المغاربية ذات استقاللية عن إتحاد المغرب العربي لتفادي الضغوط السياسية أو
التوترات في العالقات الثنائية بين الدول المغاربة.
-زيادة مستوى التنسيق االقتصادي الذي يجب أن يشمل تنسيق الخطط االقتصادية
للدول المغاربية و تنسيق السياسات االقتصادية التي تطبقها الدول المغاربية في
المجاالت المالية والنقدية والضريبية و التجارية بإعتبار هذا التنسيق للسياسات شرطا
أساسيا للتفاعل بين إقتصاديات المغاربية و إليجاد األسس الضرورية لتسيير التعاون
والتكامل فيما بينها.
-تنسيق العالقات االقتصادية المغاربية مع العالم الخارجي إذ ينبغي االستفادة من حجم
الكبير لهته العالقات في دعم مصالح الدول المغاربية مع العالم الخارجي إذ ينبغي
االستفادة من حجم الكبير لهته العالقات في دعم مصالح الدول المغاربية المشتركة
وتقوية مركز المساومة والتفاوض في األسواق التجارة والمال العالمية ومما يتطلبه
ذلك أن تتعامل البلدان المغاربية كوحدة مع بقية التكتالت االقتصادية واإلقليمية في
)(1
دمحم محمود اإلمام ،التجارب التكاملية العالمية ومغزاها للتكامل العربي ،بيروت :مركز دراسات الوحدة العربية،1882 ،
ص .288
302
مناطق العالم المتقدم وأن يحتل التعاون العربي والقاري األولوية أو المكانة الخاصة
في كل ذلك.
-تنسيق السياسات المغاربية في المنظمات االقتصادية العالمية.
-إيجاد عملة مغاربية موحدة قابل للتحويل مع العمالت الوطنية األخرى وتطوير
إستخدامه عربيا وعالميا.
-إيجاد سياسة نفطية موحدة بين البلدان المغاربية وحتى العمق العربي االسالمي حيث
أن ليبيا والجزائر يعتمد اعتمادا أساسيا على المداخيل النفط و الغاز بسبب األهمية
االستراتيجية للنفط في استراتيجية القوى الكبرى (االتحاد األوروبي والواليات المتحدة
األمريكية) وتنافس شركاتهم على االستثمارات النفطية والغازية في المنطقة.
-دعم التدفقات المالية للجالية المغاربية في الخارج نحو الدول المغاربية المرتبطة
بتحويالت العاملين المغاربيين.
-العمل على تنويع اقتصاديات الدول المغاربية المتصاص نسبة التبعية التكنولوجية
والغذائية و الصناعية للخارج.
-تنسيق الهياكل االقتصادية األساسية للنمو االقتصادي ،ألنه بدون ذلك ال تأتي ما
يستلزمه التكامل المغاربي االقتصادي من تزايد في إنتقال السلع والخدمات وإستثمار
)(1
مشترك للموارد المغاربية.
ولإلشارة أن التكامل المغاربي سيفرض نفسه إذا ما إتحد كقوة إقليمية جنوب المتوسط
تجاه االتحاد األوروبي ،وهذا ما جعل هذا األخير األسراع في عقد شراكة وتعاون مع بلدانه
متفرقة حتى يفاوض من منطق القوة معها ويقدم لها مساعدات مالية في المقابل يجعل من
البلدان المغاربية سوق له وحده ،وأن االتحاد المغاربي في جموده يخدم المصالح األوروبية .
)(1
دمحم محمود اإلمام ،نفس المرجع ،ص .188
303
خالصة واستنتاجات:
إن من خالل التحديات التي واجهتها المنطقة المتوسطية أو التي ستواجهها مستقبال
منها الداخلية والخارجية أو تلك التحديات الناتجة عن سوء رسم السياسة العامة للدول
وعالقتها مع محيطها الخارجي لذا وجب على دو االتحاد األوروبي من الضفة الشمالية
للمتوسط ودولة الجزائر خاصة وإتحاد المغرب العربي بشكل عام في مواجهة التحديات من
خالل وجوب وضع سياسات إقتصادية وأمنية وإجتماعية وكل ما تعلق لحماية فعالية الشراكة
وإعادة تحيين بعض المواد التي لم تكن في ميزان التكافؤ وذلك ما ورد من قبل االتحاد
األوروبي والتفاوض مع كل دول جنوب المتوسط على حدى هذا ما يعكس عدم وجود نية
صريحة وصادقة في تفعيل مثل هذه المبادرات.
لذا وجب على دول ضفتي المتوسط لبناء إقتصاد متكافئ بين أوروبا وشمال إفريقيا
البد من التخلي عن "شراكة التبعية" التي هي مليئة باألخطار أحيانا وفي شراكة وهمية سوف
تعبر عن ذاتها بالتأكيد في الوقت المناسب أحيانا أخرى مثل ما حدث مع مؤتمر برشلونة
الذي ينظر إليه المحللون أنه جاء قبل أوانه ودون سياسة مدروسة وجاء متسارع مع الزمن
بدليل الخوف من تالشي المنطقة من النفوذ األوروبي بالنفوذ األمريكي من جهة واألسيوى
من جهة أخرى.
ومعنى هذا كله أن مفهوم الشراكة -كما تمت صياغة في وثيقة برشلونة -يبقى على
العموم مفهوما أوروبيا ويعبر عن طموحات وأهداف أوروبية أساسا ،و هذه الشراكة
كإستراتيجية تريد أوروبا من خالله بروزها كقطب في النظام الدولي ،ورغبة منها قيادة
المنطقة المتوسطية.
304
الخاتمة
305
الخاتمة:
تعتبر منطقة المتوسط مهدا لحضارات متعددة وعريقة هذا ما جعل المنطقة محل
صراع ونزاع بحكم التغيرات في بنية المجتمعات فكريا وعقائديا وتاريخيا وجغرافيا ،فالمنطقة
الشمالية للمتوسط يسودها مناخ معتدل وبارد أحيانا على عكس ما هو في الجنوب بين
معتدل وشبه الجاف كما يتميز الجنوب بثروات باطنية هائلة على خالف الشمال الذي يمتلك
ويحتكر التكنولوجيا الستغالل ما في باطن الجنوب وغيرها من المتغيرات التي جعلت من
منطقة حوض المتوسط محل إهتمام دولي كبير ،سواء إهتمام داخل المتوسط أو خارجه
خاصة من قبل دول كبرى كروسيا والصين والواليات المتحدة األمريكية ،فكان لدول االتحاد
األوروبي المبادرة في عقد شراكة أورومتوسطية تشمل جميع المجالت وهذه الشراكة ضرورة
حتمية زمنية خاصة ونحن في عصر التكتالت والتحالفات.
لذا كان هدفنا الرئيسي من الدراسة هو إبراز عالقة الجزائر باإلتحاد ،فكانت الجزائر
في ظل االستعمار الفرنسي تعاملها أوروبا و كأنها قطعة من التراب الفرنسي النتهاك
سيادتها وأما بعد االستقالل التام فكانت العالقة بين أوروبا والجزائر شبه منعدمة التخاذ
الجزائر نظرة الحياد تجاه أوروبا واإلنحياز نحو المعسكر الشرقي بقيادة االتحاد السوفياتي من
جهة ونزعة رؤساء الجزائر في عدم التعامل وخاصة في الجانب اإلقتصادي مع االتحاد
األوروبي بحكم ما يحمله من نظرة إحتكارية وهيمنة على دول جنوب المتوسط لكن بعد
خروج الجزائر من النهج االشتراكي وسعيها نحو النهج الرأسمالي وفتح التعددية السياسية
واإلنفتاح نحو السوق العالمية ،بحيث كانت أوروبا من المبادرين األوائل في االستثمار في
الجزائر في مختلف القطاعات.
قامت ا لجزائر بعقد شراكة مع اإلتحاد األوروبي في مختلف المجاالت منها :األمنية
والسياسية واإلقتصادية واإلجتماعية ،ولقد أبرزنا في دراستنا البعد االقتصادي للشراكة بين
الطرفين لما يحمله من مزايا بالنسبة للجانبين بحيث تم فتح المجال الواسع لالستثمار
306
األوروبي في الجزائر من أجل زيادة المداخيل االقتصادية الجزائرية ،من جهة ،والقيام بسن
مجموعة من القوانين لحماية المستثمر األجنبي ،من جهة أخرى ،ورغم هذا لم تستقبل
الجزائر مبادرات كبيرة من االتحاد األوروبي بحكم ما عانته من ويالت العشرية السوداء
وهروب المستثمرين ورؤوس األموال األجنبية والمحلية واستثمارها خارج الجزائر مما زاد من
انهاك االقتصاد الوطني ،وللخروج من األزمة إتخذت الجزائر سياسات المصالحة الوطنية
التي أعادت األمل إليها في جلب أكبر قدر ممكن من االستثمارات واستغاللها داخل الجزائر
وكان لالتحاد األوروبي حصة األسد في هذه االستثمارات.
ولقد حمل إتفاق الشراكة بين االتحاد األوروبي والجزائر عدة إيجابيات ،يمكن ذكر
أهمها المتمثل في االستفادة من الخبرات األوروبية لتحقيق التوازن في التنمية االقتصادية
واالجتماعية وزيادة معدالت االستثمار وتدعيم المنافسة المحلية وتخفيض معدالت أسعار
السلع.
ومقابل هذه اإليجابيات نجد ،انعكاسات سلبية جراء دخول هذه اإلتفاقية حيز التطبيق
خاصة على إقتصاديات الدول المغاربية و الجزائر بالخصوص ،فالتحرير التجاري وإنفتاح
السوق الجزائرية على الصناعات األوروبية له أثره المباشر على المؤسسات الصناعية
الجزائرية التي تعيش مرحلة إعادة هيكلة صناعتها ،والتي تعاني من منافسة المنتوجات
األوروبية التي تتميز بانخفاض تكلفة إنتاجها وذلك على المدى القصير ،األمر الذي سيدفع
ببعض المؤسسات الجزائرية التي ال تستطيع المنافسة إلى غلق مؤسساتها وتسريح عمالها.
وعموما ،مهما قيل عن انعكاسات الشراكة مع اإلتحاد األوروبي سواء تعلق األمر
باالنعكاسات اإليجابية أو السلبية ،فإنه يجب اإلدالء بأمور أخرى أبعدت تماما من مناقشات
االتفاقيات وتم التغاضي عنها بالرغم من أهميتها ودورها الحاسم في التنمية االقتصادية
للجزائر ،األمر يتعلق بإقصاء المنتجات الفالحية الحيوية للجزائر من منطقة التبادل الحر،
وكذلك إقصاء ملف الصيد البحري.
307
من خالل دراستنا تم التوصل إلى النتائج التالية:
-إن الجزائر تسعى جاهدة لتعزيز الشراكة والتعاون مع دول اإلتحاد األوروبي،و ذلك لتفادي
التخلف و مواكبة التطور االقتصادي السريع .
-التكتالت االقتصادية العربية شبه اإلقليمية بقدر ما تؤدي إلى التقارب بين األعضـاء بها
فإنها تؤدي إلى تعلية األسوار بين الدول العربية ككل و ترفع تكلفة التكامل العربــي الشامل .
-سعي الجزائر لعقد شراكة قوية مع االتحاد األوروبي كان البد عليها من إعادة ترتيب
سياستها االقتصادية وكل االجراءات المرافقة لهذه السياسة حتى ال تجعل منها دولة تابعة
لها.
-إن أسباب التباعد في وجهات النظر والتعاون بين الجزائر واالتحاد األوروبي نفسها هي
األسباب والمقدمات التي تدفع إلى التقارب ومن بينها الديمقراطية والتنمية واإلنعاش
االقتصادي بإعتبارها مقومات التعاون والشراكة.
-2النتائج الميدانية:
-عمليات اإلصالح االقتصادي في الجزائر يجب أن تقوم بها هذه الدولة بنفسـها و بناءا
على رغبتها و بمساعدة الغير إذا رغبت هي بذلك ،و هذا ما إتبعته الدول األوربية في
إصالح إقتصادياتها في السنوات الماضية .
-قبل توقيع إتفاقية الشراكة بين الجزائر واالتحاد األوروبي كانت الجزائر تأمل من أن هذه
الشراكة تكون بديال للمحروقات بحكم أن أوروبا لها مقومات إقتصادية كبيرة لكن صادمة بعد
التوقيع أن هذه الشراكة تخدم االتحاد األوروبي أكثر مما تخدم الجزائر والفترة التي أعلن فيها
308
أوروبا بعقد اتفاق شراكة أورو متوسطي الذي جاء بعد تحوالت على المستوى الدولي
واإلقليمي منها زوال القطبيتين ونهاية الحرب الباردة و تراجع القوة التقليدية ألوروبا وبالتالي
فإن هذه الشراكة كإستراتيجية تخدم االتحاد األوروبي وآلية للخروج من األزمات المتتالية التي
لحقت به.
-الدول العربية عرفت أن " األورو" قد إحتل مكانة هامة في المعامالت الدولية خاصة في
معامالت األسهم و السندات ،و قد آن األوان إلجراء تعديالت و إصالحات اقتصادية
تتكيف و الوضع االقتصادي الجديد .
-ضعف المساعدات المالية والفنية المقدمة من الطرف اإلتحاد األوروبي للجزائر مقارنة
بالدعم المقدم ألوروبا الشرقية.
-يحتاج العالم العربي إلى تفعيل مقوماته( الثروة المالية ،المساحات الزراعية والمورد
البشري ...الخ) من أجل بناء ذاته و عقد إتفاقيات شراكة مع الطرف األوروبي يكون في
مستوى الكفاءة.
-عدم قدرة الجهاز االنتاجي للجزائر من التكيف السريع مع ما تقتضيه الشراكة من إلغاء
للحواجز الجمركية وتحرير المبادالت التجارية وما يترتب عنها من آثار سلبية على هذه
االقتصاديات إما على المستوى الكلي أو الجزئي.
-عدم التوازن أو التكافؤ في القدرات التفاوضية لدى الطرفين ،عالوة على ضعف
التحضيرات الوطنية على مستوى دول الجنوب المتوسط ،مقابل التحضير الجماعي والتقني
المدروس الذي يتميز به أداء دول االتحاد األوروبي ،هذا من أجل أن يضفر هذا األخير
بامتيازات تفاضلية في المنطقة بحكم المبادرات التي يباشر بها تجاه جنوب المتوسط.
309
ثالثا :نتائج إختبار فرضيات الدراسة:
تما في فصول هذا البحث ،تمكنا من البرهنة على
من خالل الدراسة والتحليل اللذين َّ
صحة الفرضيات الموضوعة والتي نوردها على النحو التالي:
الفرضية األولى :وهي مؤكدة ،بحيث أثبتت الدراسة أن أهمية منطقة المتوسط لها مكانة في
عالقات شعوب المنطقة ،وذلك أنها منطقة إستراتيجية سواءا إقتصاديا باعتبارها لها عدة
منافذ بحرية وتجارية تجمع القارات الثالث ،وأمنيا بحيث أن إستقرار المنطقة يؤدي باستقرار
وأمن المناطق األخرى والعكس صحيح.
الفرضية الثانية :وهي مؤكدة أيضا ،وتمت البرهنة عليها في المبحث الثاني من الفصل
األول من خالل إبراز أهم الدول التي أخذت نهج التكامل اإلقتصادي بالقيام بالتنسيق بين
سياسات اإلقتصادي للدول وذلك إلزالة التميز واإلختالفات وزيادة معدل اإلستثمار بينها.
الفرضية الثالثة :تأكدت صحة هذه الفرضية في ثنايا هذا البحث ،حيث الحضنا أن دخول
إلى شراكة بين الدول أصبح أم ار ضروريا بحكم ما فرضته العولمة اإلقتصادية ،إ ْذ أصبح
للجزائر حتمية الدخول في شراكة مع األطراف دولية أخرى وخروج عن عزلتها الدولية وهذا
ما تم تأكيده.
الفرضية الرابعة :لم نتمكن من إثبات أو نفي الفرضية الرابعة بسبب أن السياسات
اإلقتصادية في الجزائر تارة تكون محلية بحتة وتارة محتومة من بيئة خارجية مفروضة
عليها ،والسبب األساسي هو عدم جدية هذه السياسات بحكم أن الجزائر تعيش دائما
سياسات إصالحية داخل سياسات إصالحية وهذا ما جعلنا بين اإلثبات و النفي ،فتارة تكون
فرضيتنا صحيحة وتارة أخرى ننفي صحتها وهذا راجع إلى عدم االستقرار في السياسة العامة
اإلقتصادية المتخذة من قبل الجزائر.
الفرضية الخامسة :فهي مؤكدة وذلك أن الشراكة كانت بمبادرة أوروبية بحتة فكان لها آثار
إيجابية بالنسبة ألوروبا بحكم أنها هي التي صاغت بنود اإلتفاق ،وسلبية على الطرف
الجزائري باعتبارها الحلقة األضعف بدليل ما عاشتها الج ازئر من أزمات جعلت منها تقبل
310
الشراكة باعتبارها أنها تخفف أعباء أزمتها اإلقتصادية فكانت هي الخاسر األكبر مقارنة بما
يجنيه اإلتحاد األوروبي من إيجابيات جراء هذه الشراكة.
311
-تشجيع االحتكاك المباشر بين المؤسسات المحلية والمؤسسات الخارجية لالستفادة
أكثر من تقنيات اإلنتاج الجديد ومن التطور التكنولوجي الحاصل ،وكذا ترقية العقار
الصناعي من أجل فتح مناطق النشاط والتخزين وتزويدها بكافة الخدمات األساسية.
رابعا :آفاق الدراسة :على ضوء ما توصلت إليه هذه الدراسة من نتائج نقترح القيام
بالدراسات التالية:
-دراسة تحليلية لبنود إتفاق الشراكة بين الجزائر واإلتحاد األوروبي وضرورة إعادة
النظر في بنود اإلتفاق لما له من آثار سلبية على اإلقتصاد الوطني.
-جعل من الدراسة مصدر للباحثين في حقل العلوم السياسية و اإلقتصادية من أجل
تحليل وتقييم واقع الشراكة بين دول ضفتي المتوسط.
-ضرورة تفعيل إتحاد المغرب العربي بإعادة إحيائه من جديد من أجل شراكة فعلية
وحقيقية.
312
قائمة المراجع العلمية
313
أوال :القرآن الكريم.
أ -الكتب:
ابراهيمي عبد الحميد ،أبعاد االندماج االقتصادي العربي واحتماالت المستقبل، -5
بيروت :مركز دراسات الوحدة العربية .5858 ،
أبو الخير أحمد عطية عمر ،النظام المؤسسي لالتحاد األوروبي ،القاهرة :دار -1
النهضة العربية.1881 ،
االتحاد األوروبي ،الوكالة األوربية للبيئة ،البيئة والتنمية المستدامة في منطقة البحر -2
المتوسط "عشر سنوات من التعاون "2111-1441االتحاد األوروبي ،لكسمبورغ.1881 :
أحمد عطية عمر ،النظام المؤسسي لالتحاد األوربي ،القاهرة :دار النهضة العربية، -2
.1881
آصيفا طايع ،العولمة والديمقراطية والتنمية في إفريقيا :التحديات والتوقعات، -1
القاهرة :مركز البحوث العربية للدراسات العربية واالفريقية والتوثيق ،ب ب ن.
األعرج طارق دمحم خليل ،مقرر :العولمة المالية ،الدانمارك :األكاديمية العربية -1
المفتوحة في الدانمارك ،كلية االدارة واالقتصاد.1851 ،
اإلقداحي هشام محمود ،العالقات االقتصادية الدولية المعاصرة ،االسكندرية: -1
مؤسسة شباب الجامعية.1888 ،
اإلمام دمحم محمود ،التجارب التكاملية العالمية ومغزاها للتكامل العربي ،بيروت: -5
مركز دراسات الوحدة العربية.1882 ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ،قراءات في االتفاقيات التكاملية لالتحاد األوروبي ،القاهرة: -8
المنظمة العربية للتنمية اإلدارية.1885 ،
-58إيكس االبن ألفريد ،االقتصاد العالمي المعاصر منذ عام ،1461ترجمة :محمود
أحمد ،القاهرة :المركز القومي للترجمة.1852 ،
314
-55بخوش مصطفي ،حوض البحر األبيض المتوسط بعد نهاية الحرب الباردة :
دراسة في الرهانات واألهداف ،القاهرة :دار الفجر للنشر و التوزيع.1881 ،
-51ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ،حوض البحر األبيض المتوسط بعد نهاية الحرب
الباردة -دراسة في الرهانات و األهداف ،الجزائر :دار الفجر للنشر والتوزيع.1858 ،
-52بالسا بيال ،نظرية التكامل االقتصادي ،ترجمة :رشيد البراوي ،القاهرة :دار
النهضة العربية.5812 ،
-52بوعشة دمحم ،التكامل والتنازع في العالقات الدولية الراهنة –دراسة المفاهيم و
النظريات ،-بيروت :دار الجيل.5888 ،
-51بوالك جاك ،البنك الدولي وصندوق النقد الدولي عالقة متميزة ،ترجمة :منيب أحمد
،القاهرة :الدار الدولية لالستثمارات الثقافية.1885.
-51بيلوا والدن ،من أجل عولمة بديلة أفكار حول اقتصاد عالمي جديد ،ترجمة :النقاش
فريدة ،مصر :المركز القومي للترجمة ،ب س ن.
-51بيندر جون ،أشروود سايمون ،االتحاد األوربي -مقدمة قصيرة جدا ،-ترجمة:
غريب علي خالد ،القاهرة :مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة .1851
-55تاحي طارق ،الرهانات االقتصادية النظمام الج ازئر إلى منظمة التجارة العالمية،
بيروت :مركز دراسات الوحدة العربية.1852 ،
-58التازي عبد الهادي ،محطات مضيئة من تاريخ البحر المتوسط ،الرباط :مطبوعات
أكاديمية ،سلسلة دوريات.5881 ،
-18تيلور بيتر ،فلنت كولن ،الجغرافيا السياسية لعالمنا المعاصر :االقتصاد العالمي،
الدولة القومية ،المحليات ،الجزء األول ،ترجمة :رضوان عبد السالم ،عبيد إسحق ،
الكويت :عام المعرفة.1881 ،
-15ثابت أحمد ،العولمة وتداعياتها على الوطن العربي ،بيروت :مركز الدراسات
الوحدة العربية.1882 ،
315
-11الجاسور ناضم عبد الواحد ،تأثير الخالفات األمريكية –األ وروبية على قضايا األمة
العربية حقبة مابعد نهاية الحرب الباردة ،بيروت :مركز دراسات الوحدة العربية.1881 ،
-12جليد نور الدين ،بوعافية رشيد ،االقتصاد الجزائري خمسين ستة من االستقالل،
الجزائر :منشورات مخبر االقتصاد الرقمي في الجزائر.1851 ،
-12الجمهورية اليمنية ،مستقبل التكتالت االقتصادية العربية في ظل العولمة
االقتصادية ،اليمن :المركز الوطني للمعلومات.1881 ،
-11حاتم سامي عفيف ،اإلتجاهات الحديثة في اإلقتصاد الدولي والتجارة الدولية،
التكتالت اإلقتصادية بين النظرية والتطبيق ،القاهرة :الدار المصرية اللبنانية.1881 ،
االقتصاد الدولي نظريات التجارة الدولية ،ميزان -11الحصري طارق فاروق ،
المدفوعات ،سعر الصرف ،السياسات التجارية الدولية ،المنظمات االقتصادية الدولية،
التجارة االلكترونية ،األزمة المالية العالمية ،مصر :المكتبة العصرية.1858 ،
-11حكومة دبي ،العولمة االقتصادية فرص أم تحديات؟ ،إدارة الدراسات االقتصادية و
المالية ،االمارات العربية :دائرة المالية.1881 ،
-15حمدان جمال الدين ،استراتيجية االستعمار والتحرر ،القاهرة :دار الهالل.5811 ،
-25حناية عبد هللا ،آثار العولمة االقتصادية في ضوء السياسة السعرية (حالة الجزائر)،
االسكندرية :مؤسسة الثقافة الجامعية.1851 ،
-21حوات دمحم علي ،مفهوم الشرق األوسط وتأثيرها على األمن القومي العربي،
القاهرة :مكتبة مدبولي للنشر1881 ،
-22خالدي الهادي ،المرآة الكاشفة لصندوق النقد الدولي ،الجزائر :دار هومة .5881 ،
316
أي مستقبل لحوض البحر األبيض المتوسط واالتحاد -22الدجاني أحمد صديق َ ،
األوروبي؟ رؤية لمستقبل العالقات الثقافية والتعاون بين ارجاء المتوسط ،الرباط:
مطبوعات أكاديمية ،سلسلة دوريات.5881 ،
-21دحام كردي دمحم ،مستقبل االتحاد األوروبي -دراسة في التأثير السياسي الدولي،
بيروت :منشورات الحلبي الحقوقية.1852 ،
-21دريد محمود السامرائي ،االستثمار األجنبي المعوقات والضمانات القانونية ،بيروت:
مركز دراسات الوحدة العربية.1881 ،
-21دورتي جيمس ،بالتسغراف روبرت ،النظريات المتظاربة في العالقات الدولية،
ترجمة :وليد عبد الحي ،الكويت :دار كاضمة للنشر والترجمة و التوزيع.5851 ،
-25رومانيول أليسوندرو ،التنمية االقتصادية والتبادل الحر األورو-متوسطية ،ترجمة:
حسن بن منصور ،الجزائر :موسوعة البحر األبيض المتوسط ،منشورات زرياب.1882 ،
-28الزهاوي صالح فاضل حمه ،المشروعات المشتركة وفقا لقوانين االستثمار ،بغداد:
بيت الحكمة.5888 ،
-28السحمراني خليل ،منظمة التجارة العالمية والدول النامية ،بيروت :دار النفائس،
.1882
-25السريتي السيد دمحم أحمد ،التجارة الخارجية ،مصر :الدار الجامعية.1888 ،
-21السليمان أحمد ،موجز االقتصاد السياسي ،جزء ،1سوريا :مطبعة جامعة دمشق،
.5811
-22السيد عاطف ،العولمة في ميزان الفكر ،مصر :مطبعة االنتصار.1885 ،
-22السيد ياسين ،البحر األبيض المتوسط باعتباره منطقة إستراتيجية ،اإلسكندرية:
مركز البحوث البحر األبيض المتوسط ،ديسمبر .1881
-21السيد ياسين ،العولمة والطريق الثالث ،القاهرة :ميريت للنشر والمعلومات.5888 ،
-21السيسي صالح الدين ،الشركات المتعددة الجنسيات وحكم العالم ،القاهرة :عالم
الكتاب.1882 ،
317
-21الشرقاوي عبد الحكيم مصطفى ،التهرب الضريبي واالقتصاد األسود ،االسكندرية:
الدار الجامعية الجديدة للنشر.1881 ،
-25شيف ول موريس ،وينترز ألف ،التكامل االقليمي و التنمية ،مصر :مركز
معلومات قراء الشرق األوسط.1882 ،
-28صاغور هشام ،السياسة الخارجية لالتحاد االوربي تجاه دول جنوب المتوسط،
االسكندرية :مكتبة الوفاء القانونية.1858 ،
-18صالح الدين حسن السيسي ،النظم والمنظمات االقليمية والدولية ،القاهرة :دار
الفكر العربي.1881 ،
-15الطويل رواء زكي ،األمن الدولي واستراتيجيات التغيير واإلصالح ،األردن :دار
أسامة للنشر والتوزيع ،ب س ن.
-11
عابد دمحم سيد ،التجارة الدولية ،االسكندرية :مكتبة ومطبعة االشعاع الفنية.1885 ،
-12عبد الحليم فضل هللا ،االتحاد من أجل المتوسط :حفنة من المشاريع أم تقاسم جديد
للنفوذ؟ ،ب ب ن ،المركز االستشاري للدراسات و التوثيق.1885 ،
-12عبد الحميد عبد المطلب ،السوق العربية المشتركة ،الواقع والمستقبل في األلفية
الثالثة ،القاهرة :مجموعة النيل العربية.1882 ،
-11عبد القادر دمحم عطية ،اتجاهات حديثة في التنمية ،االسكندرية :الدار الجامعية،
. 1882
-11عدون ناصر دادي ،متناوي دمحم ،الجزائر والمنظمة العالمية للتجارة ،الجزائر:
المكتبة الوطنية الجزائرية للنشر و التوزيع.1882 ،
-11العفوري عبد الواحد ،العولمة و الجات -الفرص والتحديات ،القاهرة :مكتبة مدبولي،
.1888
-15عفيفي حاتم سامي ،االتجاهات الحديثة في االقتصاد الدولي والتجارة الدولية،
القاهرة :الدار المصرية اللبنانية.1881 ،
-18عكروم ليندة ،تأثير التهديدات األمنية الجديدة على العالقات بين دول شمال
وجنوب المتوسط ،األردن :دار ابن بطوطة للنشر و التوزيع.1855 ،
318
-18عمر حسين ،التكامل االقتصادي أنشودة العالم المعاصر ،مصر :دار الفكر
العربي.5885 ،
-15عميروش شلغوم ،أثر االستثمار األجنبي المباشر في ميزان المدفوعات :دراسة
حالة الجزائر خالل الفترة ( ،)2111-1441بيروت :مركز دراسات الوحدة العربية،
.1852
-11عويسات جمال الدين ،العالقات االقتصادية الدولية والتنمية ،الجزائر :دار هومة
للنشر ،ب ب ن.
-12غالي بطرس بطرس ،الحكومة العالمية ،القاهرة :دار المعارف.5881 ،
-12فلورنسا سينين " ،االتحاد من أجل المتوسط :تحديات وطموح" ،الكتاب السنوي
IEMedللبحر األبيض المتوسط ،2111ترجمة ، ) WWW.boletin.org) :عمان :دار
الفضاء للنشر والتوزيع.1855 ،
-11فونتان فيف فيليب دي ،االتحاد من أجل المتوسط :دور البنك األوربي لالستثمار ،
بروكسل :ب د ن. 1885 ،
كابرون ميشال ،أوروبا في مواجهة الجنوب :العالقات مع العالمين العربي واالفريقي ،ترجمة :أديب نعيمة ،لبنان :ب د ن،
-11
.5881
-11كاتب أحمد ،خلفيات الشراكة األوروبية المتوسطية ،الجزائر :إبن نديم للنشر و
التوزيع.1852 ،
-18الكنز علي ،المشروع االورو متوسطي بين الواقع والخيال ،ترجمة :سعد الطويل،
القاهرة :مركز البحوث العربي.1881 ،
319
-15لبيب شقير دمحم ،الوحدة اإلقتصادية العربية :تجاربها وتوقعاتها ،الجزء األول،
بيروت :مركز دراسات الوحدة العربية.5851 ،
-11ليونارد مارك ،لماذا سيكون القرن 21قرنا أوروبا ،ترجمة :أحمد محمود عجاج،
االمارات العربية المتحدة :مكتبة العبيكان.1888 ،
-12مارويك أرثر ،الحرب والتحول االجتماعي في القرن العشرين ،ترجمة :سمير عبد
الرحمن الجلبي ،بغداد :دار المأمون للترجمة والنشر.5888 ،
-12المجدوب أسامة ،العولمة واإلقليمية -مستقبل العالم العربي في التجارة الدولية،-
ط 1القاهرة :دار المصرية اللبنانية للطباعة والنشر والتوزيع .1885 ،
-11مجلس األمة ،البرنامج التكميلي لدعم النمو ،2114-2111الجزائر.1881 :
-11مجموعة من المؤلفين ،العالقات العربية األوروبية ومستقبلها ،بروكسل :مركز
الدراسات األوروبية العربية.5881 ،
-11دمحم سلطح فضل هللا ،العولمة السياسية :انعكاساتها – وكيفيت التعامل معها،
جامعة االسكندرية :مكتبة بستان المعرفة لطبع ونشر والتوزيع.1888 ،
-15دمحم مبروك نزية عبد المقصود ،التكامل االقتصادي العربي وتحديات العولمة مع
رؤية اسالمية ،االسكندرية :دار الفكر الجامعي.1881 ،
دمحم مصطفي كمال ،فؤاد نهرا ،صنع القرار في االتحاد األوربي والعالقات العربية -18
األوربية ،بيروت :مركز دراسات الوحدة العربية .1885 ،
-58دمحم مصطفي نادية محمود ،أوروبا والوطن العربي ،بيروت :مركز دراسات الوحدة
العربية.5851 ،
-55دمحم يونس دمحم ،النجا علي عبد الوهاب ،اقتصاديات دولية ،مصر :الدار الجامعية،
.1881
-51المخادمي عبد القادر رزيق ،اال تحاد من أجل المتوسط –االبعاد واآلفاق ،-الجزائر:
ديوان المطبوعات الجامعية.1888 ،
-52المخادمي عبد القادر رزيق ،التكامل االقتصادي العربي في مواجهة جدلية االنتاج
والتبادل ،الجزائر :ديوان المطبوعات الجامعية.1888 ،
320
-52مصيطفى بشير ،حريق الجسد -مقاالت في االقتصاد الجزائري ،-الجزائر :جسور
للنشر و التوزيع.1855 ،
-51مصيطفى بشير ،اقتصادنا :الفرصة المتبقية ،سلسلة صناعة الغد ،الجزائر :جسور
للنشر و التوزيع.1851 ،
-51مطر دمحم ،االلتزام بالمعاير المحاسبة والتدقيق كشرط النضمام الدول إلى المنظمة
العالمية للتجارة ،ب ب ن.5885 ،
-51المطوي دمحم العروسي ،الحروب الصليبية في المشرق و المغرب ،تونس :دار
الغرب اإلسالمي.5858 ،
-55المفوضية األوروبية ،دراسة االتحاد األوروبي حول تقيم التأثير على االستدامة
نتيجة إنشاء منطقة التجارة الحرة االوروبية المتوسطية ،جامعة مونشيستر ،ألمانيا :مركز
البحوث بشأن تقييم التأثير.1881 ،
-58مهاب درويش ،البحر األبيض واألحمر في تاريخ المصري القديم ،مصر :مكتبة
اإلسكندرية ،ب س ن.
-88موني أنابيل ،إفان بيتيسي ،العولمة :المفاهيم األساسية ،ترجمة :آسيا دسوقي،
بيروت :الشبكة العربية لألبحاث و النشر.1888 ،
-85مياسي إكرام ،االندماج في االقتصاد العالمي وانعكاساته على القطاع الخاص في
الجزائر ،الجزائر :المكتبة الوطنية الجزائرية ،ب س ن .
-81نافعة حسن ،االتحاد األوروبي والدروس المستفادة عربيا ،بيروت :مركز دراسات
الوحدة العربية للنشر و التوزيع.1882 ،
-82نافعة حسن ،أوربا في مطلع القرن الجديد ،عمان :دار الشروق ومؤسسة عبد
الحميد شومان.1881 ،
-82نوري منير ،السياسات االقتصادية في ظل العولمة ،الجزائر :ديوان المطبوعات
الجامعية.1858 ،
-81نوفل أحمد سعيد ،االتحاد األوروبي في مطلع األلفية الثالثة :الواقع والتحديات،
األردن :ب ب ن ،ب س ن.
321
: المراجع باللغة األجنبية-ب
: الكتب باللغة الفرنسية
322
107- Yadwiga Forowicz , Economie Internationale, Benchemin,
Quebeq : 1995.
108- Abdeladim Leila , les privatisations d entreprises publiques
dans les pays du Maghreb , étude juridique , les éditions
internationales, Alger : 1998.
: الكتب باللغة االنجليزية
109- European Commission, EU Energy Policy Data, Bruxelles:
january, 2007.
110- F.Machlup, A history of Thought on Economic Integration,
Macmillan, London : 1977.
111- Miroslavn Jovanovic and Richard g.n lipsey, International
Economic integration –limits and prospects-, Second edition
London: routledge,1998.
112- Sidney.j.Wells , with revisions by E.W Brassloff, International
Economics, Manchester, General Editor Brian Chapman, N A.
: الرسائل واألطروحات:ثالثا
مغاربية وآثارها على أداء وتأهيل القطاع الصناعي- "الشراكة األور، أبحري سفيان-552
كلية العلوم االقتصادية: جامعة الج ازئر، أطروحة الدكتوراه،"في منطقة المغرب العربي
.1852 ،والعلوم التجارية و علوم التسيير
، رسالة ماجستير،" "الشراكة األجنبية والمؤسسات االقتصادية الجزائرية، أوشن ليلي-552
. 1855 ، كلية الحقوق والعلوم السياسية:جامعة تيزي وزو
" إتحاد المغرب العربي بين دوافع التكامل االقتصادي والمعوقات، بخوش صبيحة-551
قسم العلوم السياسية والعالقات: جامعة الجزائر، أطروحة دكتوراه،"1881-5858 السياسية
.1881 ،الدولية
323
بلخيرة دمحم " ،السياسة األمريكية تجاه دول المغرب العربي مع مطلع القرن -551
الحادي و العشرين :األبعاد االستراتيجية الغائية" ،أطروحة الدكتوراه ،جامعة الجزائر :كلية
العلوم والسياسية والعالقات الدولية.1851 ،
-551بلقاسمي رقية " ،التكامل اإلقليمي المغاربي :دراسة في التحديات واآلفاق المستقبلية"،
رسالة ماجستير في العلوم السياسية ،جامعة بسكرة.1855 :
-555بن عزوز دمحم " ،الشراكة األجنبية في الجزائر ،واقع وأفاقها" ،رسالة ماجستير،
جامعة الجزائر :كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير.1885 ،
-558بوجلخة ابراهيم" ،دراسة تحليلية تقييمية إلطار التعاون الجزائري األوروبي على ضوء
اتفاق الشراكة األوروجزائرية –دراسة تقيمية لمجموعة من المتغيرات الكلية" ،رسالة ماجستير،
جامعة بسكرة.1852 :
-518حمودة رشيدة " ،استراتيجيا ت إدارة االقتصاد غير الرسمي في ظل التخطيط للتنمية
المستديمة دراسة مقارنة بين تجربتي :الجزائر ومصر" ،رسالة ماجستير ،جامعة سطيف:
.1851
-515خاطر إسمهان " ،دور التكامل االقتصادي في تفعيل االستثمار األجنبي المباشر
دراسة حالة دول مجلس التعاون الخليجي" ،رسالة ماجستير ،جامعة بسكرة :كلية العلوم
االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير.1852 ،
-511خزندار وردة " ،تأثير انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة على المنظومة
المصرفية " ،رسالة ماجستير ،جامعة قسنطينة.1851 :
-512ربيج علي " الثابت والمتغير في عالقات التعاون الجزائرية األوربية -اتفاقيتي
، "1885-5811رسالة ماجستير ،جامعة الجزائر :قسم العلوم السياسية والعالقات الدولية،
.1882
-512رزق هللا العيد "،العالقات التجارية بين الدول العربية واالتحاد األوروبي" ،رسالة
ماجستير ،جامعة الجزائر :كلية العلوم االقتصادية فرع نقود ومالية.1881 ،
الرميدي عبد الوهاب "،
التكتالت االقتصادية اإلقليمية في عصر العولمة وتفعيل التكامل -511
االقتصادي في الدول النامية :دراسة تجارب مختلفة" ،أطروحة دكتوراه في العلوم
االقتصادية ،جامعة الجزائر :كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير.1881 ،
324
التحديات التكاملية لدول إتحاد المغرب العربي في إطار مشروع الشراكة األورو -متوسطية ،رسالة سمارة دمحم سليم ،
" " -511
ماجستير ،جامعة الجزائر :كلية العلوم السياسة واإلعالم.1881 ،
-511شريط عابد " ،دراسة تحليلية لواقع وأفاق الشراكة االقتصادية األورو-متوسطية –
حالة دول المغرب العربي ،"-أطروحة دكتوراه في العلوم االقتصادية ،جامعة الجزائر :كلية
العلوم االقتصادية وعلوم التسيير.1882 ،
-515عثمان سالم على عبد المجيد " ،آثار الشركات المتعددة الجنسيات على االداء
االقتصادي في الجزائر منذ عام ،"5882أطروحة دكتوراه فلسفة في الدراسات االفريقية،
جامعة القاهرة :قسم السياسة و االقتصاد.1851 ،
-518عثمان سالم على عبد المجيد ،آثار الشركات المتعددة الجنسيات على االداء
االقتصادي في الجزائر منذ عام ،5882أطروحة دكتوراه ،فلسفة في الدراسات االفريقية
قسم السياسة واالقتصاد ،جامعة القاهرة.1851 :
-528عجيل إبراهيم محسن" ،الشركات متعددة الجنسيات وسيادة الدولة دراسة قانونية-
اقتصادية-سياسة مقارنة" ،رسالة ماجستير في القانون الدولي ،الدانمارك :كلية القانون
والسياسة في االكاديمية العربية المفتوحة في الدانمارك.1888 ،
-525العقون نادية " ،العولمة االقتصادية واألزمات المالية :الوقاية والعالج – دراسة ألزمة
الرهن العقاري في الواليات المتحدة األمريكية ،"-أطروحة دكتوراه في العلوم االقتصادية،
وعلوم التسيير.1852 ، كلية العلوم االقتصادية والتجارية
جامعة باتنة:
-521فوضيل فارس " ،االستثمار األجنبي المباشر في الدول النامية -حالة الجزائر" ،
رسالة ماجستير ،جامعة الجزائر :معهد العلوم االقتصادية.5885 ،
-522قط سمير "،االستراتيجية االقتصادية الصينية في إفريقيا فترة ما بعد الحرب الباردة –
قطاع النفط نموذجا ،"-رسالة ماجستير ،جامعة بسكرة :كلية الحقوق والعلوم السياسية
.1885
-522لزهر عبد العزيز "،الجزائر والمقاربة األمنية االستراتيجية حالة الحوار المتوسطي
لحف الناتو" ،أطروحة الدكتوراه ،جامعة الجزائر :قسم العلوم السياسة والعالقات الدولية،
.1851
325
-521مقروس كمال " ،دور المشروعات المشتركة في تحقيق التكامل االقتصادي :دراسة
مقارنة بين التجربة األوروبية والتجربة المغاربية" ،رسالة ماجستير ،جامعة سطيف :كلية
العلوم االقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير.1852 ،
-521الوافي آسيا " ،التكتالت االقليمية وحرية التجارة في إطار المنظمة العالمية للتجارة"،
رسالة ماجستير ،جامعة باتنة :قسم العلوم االقتصادية.1881 ،
326
-521تنيرة بكرة مصباح " ،الوطن العربي في المنظور االستراتيجي لالتحاد األوروبي:
التحديات والطموح " مجلة شؤون عربية ،القاهرة :عدد 558جوان .1881
-521حقي توفيق سعد " ،التنافس الدولي وضمان أمن النفط" ،مجلة العلوم السياسية،
جامعة بغداد :العدد .1855 ،22
-521الجابري دمحم عابد " ،العولمة والهوية والثقافة :عشرة أطروحات" ،مجلة المستقبل
العربي ،بيروت.5885 :
جفال عمار " ،قوي ومؤسسات العولمة :التجليات واالستجابة
العربية" ،المجلة الجزائرية للعلوم السياسية -525
واالعالمية ،الجزائر :العدد.1885 ،85
-528جواد الحمد " ،السياسة الخارجية األوروبية والمحدد األمريكي" ،مجلة دراسات شرق
أوسطية ،األردن :عدد .1881 ،25
-518الجوزي جميلة" ،ميزان المدفوعات الجزائري في ظل السعي لالنضمام إلى المنظمة
العالمية للتجارة" ،مجلة الباحث ،الجزائر :عدد .1851 ،55
-515حداد حامد عبيد " ،التكامل االقتصادي والتنسيق الصناعي العربي دراسة تحليلية"،
مجلة كلية اآلداب ،عدد ،88ب س ن.
-511حسين رحيم " ،اإلطار الفكري والمؤسسي للعولمة االقتصادية :من كينز إلى
ستيغليتز" ،مجلة اقتصاديات شمال إفريقيا ،جامعة الشلف :العدد .1885 ،81
-512خالفي علي ،رابطة دول جنوب شرق آسيا (االسيان) " ،نموذج الدول النامية
لإلقليمية المنفتحة " ،مجلة إقتصاديات شمال إفريقيا ،الجزائر :العدد .1885 ،1
-512خدا فوزية كرم " ،التكتالت االقتصادية العالمية وانعكاساتها على الدول النامية"،
مجلة العلوم السياسية ،بغداد :العدد ،22ب س ن.
-511الخيري نوار دمحم ربيع ،مجلس التعاون الخليجي واالتحاد األوروبي مسار العالقات
وحدود مجاالت التعاون ،مجلة دراسات دولية ،الجامعة المصرية :العدد .1888 ،28
-511الداوي الشيخ " ،االصالحات االقتصادية في الجزائر وإشكاليات البحث عن كفاءة
المؤسسات العامة" ،مجلة جامعة دمشق للعلوم االقتصادية و القانونية ،سوريا :المجلد
،11العدد .1888 ،1
327
-511رايس فضيل ،تحوالت السياسة النقدية في الجزائر خالل الفترة (،)1888-1888
مجلة الباحث ،الجزائر :عدد .1851 ،58
-515زرمان كريم "،التنمية المستديمة في الجزائر من خالل برنامج االنعاش االقتصادي
،"1888-1885مجلة أبحاث اقتصادية و إدارية ،الجزائر :عدد .1858 ،81
-518زغيب شهرزاد ،ليلي عيساوي" ،أفاق انضمام الجزائر للمنظمة العالمية للتجارة" ،مجلة
العلوم االنسانية ،جامعة بسكرة :عدد ،82ماي .1882
-518سليمان ناصر " ،التكتالت االقتصادية اإلقليمية كاستراتيجية لمواجهة تحديات
اإلنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة –دراسة حالة الجزائر ،" -مجلة الباحث ،الجزائر:
العدد.1881 ، 85
-515سمينة عزيزة " ،الشراكة األورو جزائرية بين متطلبات االنفتاح االقتصادي والتنمية
المستقلة "،مجلة الباحث ،جامعة بسكرة :العدد .1855 ، 88
-511الشميطلي هاني " ،أوروبا و المتوسط :تاريخ العالقات ومشروع االتحاد من أجل
المتوسط" ،المجلة العربية للعلوم السياسية ،بيروت :عدد ،58مركز دراسات الوحدة
العربية.1885 ،
-512صالحي صالح " ،التحديات المستقبلية لالقتصاديات المغاربية في مجال الشراكة
مع االتحاد األوروبي "،مجلة العلوم االقتصادية وعلوم التسيير ،جامعة سطيف :العدد
.1882 ،81
-512طاهر جميل" ،التكامل االقتصادي بين الشرق أوسط والشراكة المتوسطية" ،مجلة
العلوم االجتماعية ،الكويت :المجلد ،11العدد ،82ب ب ن :مجلس النشر العلمي،
.5885
-511عدالة جعفر " ،تطور سياسة دول االتحاد األوروبي بعد الحرب الباردة في منطقة
المغرب العربي" ،مجلة العلوم االجتماعية ،العدد ،58ديسمبر .1852
-511عزي لخضر ،يعقوبي دمحم ،الشراكة األورومتوسطية وآثارها على المؤسسة
اإلقتصادية ،مجلة العلوم اإلنسانية ،جامعة المسيلة :عدد ، 52أكتوبر .1882
-511عالوي دمحم لحسن ،بروشة كريم "،تفعيل الشراكة األورو-جزائرية كآلية لالندماج في
االقتصاد الوطني" ،المجلة الجزائرية للتنمية االقتصادية ،الجزائر :عدد ،82جوان .1851
328
-515عالوي دمحم لحسن ،اتفاقيات الشراكة األوروعربية شراكة إقتصادية حقيقية ...أم
شراكة واردات مع التركيز على المنتجات الزراعية ،مجلة الواحات للبحوث والدراسات،
جامعة غرداية :العدد .1851 ،51
-518عواج بن عمر ،زكري مريم " ،أثر الشراكة األوربية-المتوسطية على اإلقتصاد
الجزائري" ،مجلة أكاديميا ،جامعة الشلف :عدد ،1851 ،82
-518عياش قويدر ،إبراهيم عبد هللا " ،أثار انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة
بين التفاؤل و التشاؤم" ،مجلة اقتصاديات شمال افريقيا ،جامعة الشلف :عدد ،81
.1881
-515غربي دمحم " ،تحديات العولمة وأثرها على العالم العربي" ،مجلة اقتصاديات شمال
إفريقيا ،جامعة الشلف :العدد .1885 ،81
-511فضيل اريس ،تحديات السياسة النقدية ومحددات التضخم في الجزائر ،مجلة بحوث
اقتصادية عربية ،ب ب ن :عددان 15و.1852 ،11
-512فالحي صالح " ،اآلثار المتوقعة النضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة"،
مجلة العلوم االقتصادية وعلوم التسيير ،جامعة سطيف :عدد.1885 ،85
-512كلود توري جون " ،سياسة االتحاد األوروبي المتوسطي :حصيلة وأفاق" ،منتدي
السياسة العامة ،الجزائر :الفضاء المتوسطي :قضايا راهنة ،عدد ،85مؤسسة الطباعة
الشعبية للجيش.1851 ،
-511الكواز أحمد " ،التجارة الخارجية والتكامل االقتصادي اإلقليمي" ،مجلة جسر التنمية،
العدد ،55 :المعهد العربي للتخطيط بالكويت ،مارس .1888
-511دمحم لحسن عالوي " ،اتفاقية الشراكة األوروعربية :شراكة اقتصادية حقيقية ...أم
شراكة واردات مع التركيز على تجارة المنتجات الزراعية" ،مجلة الواحات للبحوث
والدراسات ،العدد .1851 ،51
-511دمحم مصطفى الخياط " ،الطاقة المتجددة ...تجارب أوربية " ،مجلة السياسة
الدولية ،القاهرة :العدد ،515أبريل .1881
329
-515مسعي دمحم " ،سياسة االنعاش االقتصادي في الجزائر وأثرها على النمو" ،مجلة
الباحث ،الجزائر :عدد .1851 ،58
-518مشري دمحم الناصر ،بقة الشريف" ،تقييم حصيلة برامج ومخططات التنمية في الجزائر
دراسة اقتصادية خالل الفترة ،"1851-1881مجلة االقتصاد االسالمي العالمية ،عدد ،11
البحرين :مركز أبحاث فقه المعامالت االسالمية ،فيفري .1851
-558مطر عبد الرحمن "،أسئلة برشلونة :قراءة في مؤتمر برشلونة للشراكة والتعاون
األوروبي المتوسطي" ،مجلة المستقبل العربي ،ب ب ن ،العدد ،151 :جانفي .5881
-555مفتاح صالح" ،العولمة المالية" ،مجلة العلوم االنسانية ،جامعة بسكرة :عدد .1881 ،81
-551المفتى كريم " ،مصالح روسيا والصين في الشرق األوسط :دراسة تحليلية" ،المجلة
العربية للعلوم السياسية ،قطر :عدد 1851 ،25
-552نازلي معوض أحمد" ،السياسة المتوسطية للجماعات االقتصادية األوروبية" ،مجلة
السياسة الدولية ،مصر.5852 :
-552نص المشروع الشرق األوسط الكبير المقدم من واشنطن في قمة الدول الثمانية ،مجلة
السياسة الدولية ،القاهرة :العدد .1882 ،511
-551نصير العرباوي" ،مستقبل الشراكة األورو جزائرية" ،مجلة العلوم اإلجتماعية ،جامعة
سطيف :العدد .1852 ،51
-551نوفل أحمد سعيد " ،متحدون في التنوع :االتحاد األوروبي بين القدرات و التحديات"،
المجلة العربية للعلوم السياسية ،بيروت :عدد.1858 ،11 :
-551هاني الشميطلي" ،أوروبا والمتوسط :تاريخ العالقات ومشروع االتحاد من أجل
المتوسط" ،المجلة العربية للعلوم السياسية ،بيروت :العدد .1885 ،8
ب :المقاالت باللغة الفرنسية:
188- Abdoune Rabah , "un bilan du P.S.E en Algerie (94-98) ",
Revue conjoncture, N67,Algerie: 2000.
330
190- jean Louis Guigou, "La Reconnexion des Nord et des Sud : L
Emergence de la région méditerraneenne (ou la théorie des quartiers
d orange)", Géoéconomie, no.42, 2007.
191- Yuliya Tamoshenko ,Containing Russia, Foreign Affairs, vol
86,n 3, May/june, 2007.
331
االقتصاد الجزائري في األلفية الثالثة" ،كلية العلوم االقتصادية والتسيير ،جامعة البليدة ،ماي
.1881
-581صالحي نجية ،مخناش فتيحة " ،األثر برنامج دعم االنعاش االقتصادي والبرنامج
التكميلي لدعم النمو وبرنامج التنمية الخماسي على النمو االقتصادي ( )1852-1885نحو
تحديات أفاق النمو االقتصادي الفعلى و المستديم" ،مداخلت قدمت للملتقى الدولي تقييم
آثار برنامج االستثمارات العامة وانعكاساتها على التشغيل واالستثمار والنمو االقتصادي
خالل الفترة ،1852-1885جامعة سطيف ،يومي 51-55مارس .1852
-585عطايا غالب أحمد ،العولمة و انعكاساتها على الوطن العربي ،ورقة مقدمة إلى
الملتقي التربوي األول لمواد الجغرافيا واالقتصاد والدراسات االجتماعية وعلم النفس،
اإلمارات العربية المتحدة :يوم.1881/82/28-18 :
-588فيرادي رشيد "،الحالة البيئية بالمغرب" ،ورقة مقدمة إلى :دورة المجلس الوطني
للبيئة ،المغرب 28-27 ،فيفري .2002
-188مرسي سلوى دمحم " ،الشراكة األورو-عربية ،مالها وما عليها وسبل تفعيلها" ،الندوة
العلمية الدولية حول التكامل االقتصادي العربي كآلية لتحسين وتفعيل الشراكة العربية
األوروبية ،جامعة فرحات عباس ،سطيف 8-5 :ماي .1882
-185سوامس رضوان " ،العالقة بين البنك والمؤسسة على ضوء االصالحات المالية
والنقدية الجارية في الجزائر" ،الملتقى الوطني األول حول " المؤسسات االقتصادية الجزائرية
وتحديات المناخ االقتصادي الجديد ،الجزائر :يومي 12-11أفريل .1882
332
-181أبو فرحة السيد علي " ،التوجه األمريكي نحو إفريقيا :المواقف والتحديات" ،التقرير
االستراتيجي األفريقي ،2113-2112ط ،88معهد البحوث والدراسات األفريقية ،القاهرة:
.1852
333
-155الحناشي عبد اللطيف " ،تفعيل مؤسسات اتحاد المغرب العربي :بين اكراهات الواقع
مركز الدراسات المتوسطية والدولية ، ،مارس وضرورات المستقبل" ،أوراق سياسية،
.1851
-151قنصوه صبحي ،عبد الفتاح نادية ،التقرير االستراتيجي االفريقي ،2113-2112
ط ،88جامعة القاهرة :معهد البحوث والدراسات اإلفريقية .1852 ،
-152مفوضية االتحاد األوروبي ،التقرير السنوي عن برنامج ميدا لعام ،1444بروكسل:
.1888
-152مفوضية االتحاد األوروبي ،وثيقة مقدمة من المفوضية إلى المجلس األمن
والبرلمان األوروبي " ،تنشيط أعمال االتحاد األوروبي لحقوق االنسان وتطبيق الديمقراطية
مع شراكة البحر األبيض المتوسط الخطوط االستراتيجية" ،بروكسل.1882 :
-151النجار أحمد السيد ،تقرير االتجاهات االقتصادية االستراتيجية ،القاهرة :مركز
الدراسات السياسية و االستراتيجية باألهرام.1855 ،
-151الهوني مصطفى الصالحين ،كيف نحقق التكامل واالندماج المغاربي االقتصادي و
االجتماعي و الثقافي" الندوة السادسة لألمانة العامة للدول العربية ،حول ":المغرب العربي
في مفترق الشراكات ،تونس.1881-81-25 :
-151و ازرة التخطيط والتهيئة العمرانية ،تقرير عام للمخطط الخماسي الثاني-5851( ،
.)5858الجزائر.5888 :
334
219- Wourld Economic Forum, The Globale Competitveness,
Report: 2014-2015, Geneva :2014.
220- Hamadouch Bachir Mohammed Chater, "Impacte des accords
de libre-echange euro-mediterannees cas du MAROC" , Rapport
Final , IEMISE , Rebat :, Janvier 2001.
سادسا :الجــــــــرائد:
335
-111البوجداني بالل " ،االتحاد من أجل المتوسط ..حلم فرنسا الضائع" ،جريدة المساء
المصرية ،العدد ،1551يوم 15أكتوبر .1851
-115بوكروح عبد الوهاب " ،اتفاق الشراكة يسمح لـ ـ 5581منتوج جديد لالستفادة من
تخفيض الرسوم الجمركية" ،جريدة الشروق ،العدد 5 ،1282سبتمبر .1885
-118حمادي فاطمة الزهراء "،الشراكة بين الجزائر واالتحاد األوروبي ال يجب أن تقتصر
على الطاقة" ،جريدة الفجر ،العدد 18 ،11112 :أفريل . 1851
سابعا :مواقع األنترنت:
-128ملكاني عبد الحميد " ،دور الشركات المتعددة الجنسيات في ظل العولمة" ،الحوار المتمدن،
العدد ،1881 ،5811تم االطالع عليه يوم ،1852/51/51 :متاح في االنترنت على:
WWW.REZGAR.COM/DEBAT/SHOW.ART.ASP.AID-29704.
-125بخصوص هذه مبادئ الشراكة وأهدافها فقد تم االعتماد على الوثيقة الرسمية إلعالن
برشلونة المنعقد يومي 15/11نوفمبر 5881متاح في االنترنت على:
www.ec.europa/external
- 125موسوعة الجزيرة" ،االتحاد األوروبي" ،تم االطالع عليه يوم 1851-81-81 :متاح
على: االنترنت في
http://www.aljazeera.net/encyclopedia/organizationsandstructur
-121الشوبكي عمرو " ،أوروبا من السوق إلى االتحاد :صناعة وحدة" ،تم التصفح
على: االنترنت في متاح ،1852/51/55 يوم الموقع
www.ahram.org.eg/acpss/ahram/ 2001/1/1/SB2425.HTM.
-122أحمد مختار الجمال" ،التعاون المصري األوروبي" ،المركز الدولي للدراسات
المستقبلية واالستراتيجية ،العدد 18سنة .1881تم االطالع عليه يوم ،1851/88/51
متاح في االنترنت علىwww.el-gammal.net. :
-122فيريور فالدنر بينيتا " ،السياسة األوروبية للجوار" ،تم االطالع عليه يوم:
،1851/85/55متاح في االنترنت على:
http:// www.deldz.ec.europa.eu/ar/presse20.htm
336
-121حسين خليل " ،أبعاد االتحاد المتوسطي في سياسة ساركوزي" ،تم االطالع عليه
Drkhplilhussein. على: االنترنت في متاح ،1851/81/52 يوم:
Maktobblog.com
-121فيصل قاسم" ،االتجاه المعاكس" ،قناة الجزيرة يوم ،1885على الساعة 58:88
متاح في االنترنت علىwww.aljazira.com :
-121أميمة أحمد " ،عالقات الجزائر وفرنسا تتأرجح على حبال الماضي" تم االطالع عليه
يوم ،1851/55/11 :متاح في االنترنت علىwww.islamonline.net:
- 125المعهد الوطني التونسي لإلحصاء " ،العالقة بين تونس واالتحاد االوروبي" ،تم
على: االنترنت في متاح ،1851 -85-15 يوم عليه االطالع
http://www.aleca.tn/ar/
العويدي جمال الدين " ،هذه االتفاقية يمكن أن تؤدي إلى اضمحالل ما ال يقل -128
عن % 25من المؤسسات الوطنية" الخبير ،تم االطالع عليه يوم ،1851-85-28متاح
في االنترنت علىwww.lexperjournal.net/blog :
- 128و ازرة الشؤون الخارجية الفرنسية" ،االتحاد االوروبي و المغرب" ،تم االطالع عليه
يوم ،1851/81/51متاح في االنترنت على :
http://www.diplomatie.gouv.fr/ar/afrique-du-nord-et-moyen-orient/maroc/l-union-europeenne-
et-le-maroc/
- 125الوثيقة منشورة على موقع رئاسة الحكومة ،تم االطالع عليها يوم 1851-88-11
،متاح في االنترنت علىwww.cg.gov.dz/psre/bilane-psre.htm :
-121بن بادة مصطفي ،وزيرة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ،في منتدي الشروق ،يوم
28جوان ،1888تم االطالع عليه يوم ،1851-58-51متاح على االنترنت على:
www.echorouk onlliane.com.
- 122الوكالة الوطنية لتطوير االستثمار ،المجلة الصحفية :1852-1882 " ،الجزائر
تحتفظ بمؤشراتها االقتصادية في مستويات مقبولة .تم االطالع عليه يوم ،1851-55-81
على: االنترنت في متاح
http://www.andi.dz/index.php/ar/presse/1034
337
- 122األمم المتحدة ،الجمعية العامة ،الدورة السادسة والخمسون ،1885 ،ص 2تم
على االنترنت في متاح .1851-82-51 يوم عليه االطالع
http://www.un.org/arabic/documents/GADocs/56/A_56_153.pdf
- 121القانون الشامل ،تم االطالع عليه يوم ،1851/82/11متاح في االنترنت على:
http://droit7.blogspot.com/2013/11/blog-post_15.html
-121وكالة األنباء الجزائرية" ،مراجعة اتفاق الشراكة مع االتحاد األوروبي :الجزائر تهدف
إلى رفع االستثمارات األجنبية المباشرة والصادرات نحو االتحاد" ،تم االطالع عليه يوم:
على: االنترنت في متاح ،1851/82/52
http://www.aps.dz/ar/economie/28738
- 121وكالة األنباء الجزائرية" ،مراجعة اتفاق الشراكة مع االتحاد األوروبي :الجزائر تهدف
إلى رفع االستثمارات األجنبية المباشرة والصادرات نحو االتحاد" ،تم االطالع عليه يوم:
على: االنترنت في متاح ،1851/82/52
http://www.aps.dz/ar/economie/2873
-125لعموري منى " ،اتفاقية الشراكة بين الجزائر واالتحاد األوروبي حقق نتائج إيجابية"،
جريدة المواطن ،يوم ،1852/58/15متاح في االنترنت على
http// : elmouwatane.com/ p= 8655.
-128مصيطفى بشير ،الشراكة الجزائرية األوروبية :الرؤية الغائبة ،جريدة الشروق ،يوم
،1888/81/51متاح على االنترنت على:
WWW.Echoroukonline.com/ara/articles/38113.html.
-118منتديات سكاي ديزاد" ،الشراكة األوروبية في الجزائر" ،تم االطالع عليه يوم -18
على: االنترنت في متاح ،1851-88
http://www.alg17.com/vb/threads/thread-6823/
-115مصيطفى بشير " ،الشراكة الجزائرية األوروبية :الرؤية الغائبة" ،بوابة الشروق،
جوان ،1888تم االطالع عليه يوم ،1851-82-51متاح في االنترنت على:
http://www.echoroukonline.com/ara/articles/38113.html
338
-111مقابلة مع السيد للماص اسماعيل ،خبير اقتصادي جزائري ومستشار و ازرة التجارة
بالجزائر ،يوم 11ماي 1851على الساعة 52.88إلى غاية 51.88بجامعة بومرداس.
-112خيري أيمن " ،األمن الطاقوي في الغرب والواليات المتحدة وانعكاساته على
التوجهات الروسية في مجال الطاقة ،في ،"1882-82-55تم االطالع عليه يوم -51
،1851-55متاح في االنترنت علىwww.alriadh.com/contents/18-05- :
2004/economy/oil-2224.php
- 111نعمة يسرى ،بعد النفط هل يصبح الصراع مستقبال حول الطاقة الشمسية؟ تم
على: االنترنت في متاح ،1851-58-11 يوم عليه االطالع
http://raseef22.com/economy/2014/01/03/
-111مبارك سامح " ،استيراد وتصدير الطاقة المتجددة :مكسب لالتحاد األوروبي وشمال
أفريقيا" ،البنك الدولي ،تم االطالع عليه يوم ،1851-58-51متاح في األنترنت على:
http://blogs.worldbank.org/voices/ar/energy/renewable-energy-
export-import-win-win-eu-and-north-africa
-115التلفزيون الجزائري ،أخبار الثامنة ،األحد 1851-58-51على الساعة الثامنة
"الجزائر والصين توقعان اتفاقية اطار لتعزيز الشراكة في المجال الصناعي".1851 .
-118جمهورية مصر العربية ،و ازرة الزراعة واستصالح الزراعي ،الهيئة العامة لتنمية
الثروة السمكية" ،التعاون األورو-متوسطي في مجال المياه "1885تم االطالع عليه
على: االنترنت في متاح يوم،1851/81/11:
http://www.gafrd.org/posts/567863
- 111كارس هايدي عصمت " ،السياسة الخارجية لالتحاد األوروبي تجاه جنوب المتوسط
في أعقاب الثورات" ،السياسة الدولية ،مؤسسة األهرام ،تم االطالع عليه يوم-85-51 :
على: االنترنت في متاح ،1851
http://www.siyassa.org.eg/NewsContent/4/95/7608/
339
-112الباحثون السوريون" ،تأثير خروج بريطانيا من االتحاد األوروبي" ،تم االطالع عليه
www.syr-res.com?R10592 يوم ،1851-55-81 :متاح في االنترنت على:
| June 18, 2016, 4:54 pm
-112عيد روس نصر النقيب " ،بريطانيا خارج االتحاد األوروبي" ،تم االطالع عليه يوم:
على: االنترنت في متاح ،1851-55-81
http://shabwaahpress.net/pdf/35679/
-111الزاملي ماجد أحمد " ،مستقبل االتحاد األوروبي بعد خروج بريطانيا " ،تم االطالع
على: االنترنت في متاح ،1851-55-81 يوم عليه
https://www.kitabat.com/ar/pdf/79883.php
-111بهاتي عبد المجيد ،خروج بريطانيا من االتحاد األورروبي وما سيتبعه من فوضى،
على: االنترنت في متاح ،1851-55-81 يوم عليه االطالع تم
_http://www.bbc.com/arabic/worldnews/2016/06/160624_brexit
europe_shock
-111ميرفت عوف " ،ماذا تخسر بريطانيا في حالة خروجها من االتحاد" ،ساسة بوست،
على: االنترنت في متاح ،1851-55-5 يوم: عليها االطالع تم
http://www.sasapost.com/britain-and-the-european-union/
-115مطاوع دمحم " ،االتحاد األوروبي وقضايا الهجرة :االشكاليات الكبرى و االستراتيجية
و المستجدات" ،المستقبل العربي ،تم االطالع عليه يوم ،1851-55-18متاح في
على: االنترنت
http://www.caus.org.lb/PDF/EmagazineArticles/mustaqbal_431_mhm
d_mtw3.pdf
أكمير عبد الواحد " ،الربيع العربي والهجرة غير القانونية في البحر المتوسط"، -118
المستقبل العربي .تم االطالع عليه يوم، 58.55.1851 :متاح في االنترنت على:
_http://www.caus.org.lb/PDF/EmagazineArticles/mustaqbal_433
3bd_alwahd_akmeer.pdf
340
عبد الحليم سميحة " ،االتحاد األوروبي يواجه خطر التفكك" ،أخبار مصر ،تم -118
على: االنترنت في متاح ،1851-55-12 يوم: عليه االطالع
http://www.egynews.net/814414/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D
8%AA%D8%AD%D8%A7%D8%AF
- 115سمور حسين " ،االرهاب والهجرة..تحديات صبغت العام األوروبي" ،موقع قناة
المنار ،تم االطالع عليه يوم ،1851-55-58 :متاح في االنترنت على:
http://archive.almanar.com.lb/article.php?id=1385998
-111و ازرة التجارة ،إحصائيات التجارة الخارجية لسنة ،1851تم االطالع عليها يوم
على: االنترنت في متاحة ،1851-51-81
http://www.mincommerce.gov.dz/arab/?mincom=tidja_arkam14
-قلواز ابراهيم " ،مستقبل الشراكة األورومتوسطية في ظل التحوالت السياسية 112
واالقتصادية في المنطقة" ،الحوار المتمدن ،العدد ،1115تم االطالع عليه يوم-.58.5 :
على: االنترنت في متاح 1851
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=527500
- 112عاشي الحسن " ،االندماج المغاربي في ضوء الربيع العربي" ،مركز كارنجي للشرق
األوسط ،تم االطالع عليه يوم ،1851-51-51 :متاح في االنترنت على:
http://carnegie-mec.org/diwan?lang=ar
" -111التكنولوجية و العولمة" ،تم االطالع عليه يوم ،1851-82-51 :متاح في
http://www.globalization101.org االنترنت على:
-111الدبلوماسية الفرنسية" ،االتحاد األوروبي والمغرب" تم االطالع عليه يوم -81-55
على: االنترنت في متاح ،1851
http://www.diplomatie.gouv.fr/ar/afrique-du-nord-et-moyen-
orient/maroc/l-union-europeenne-et-le-maroc/
-111جريدة الحياة المغربية" ،الشراكة المغربية األوربية على وشك االنفراج" ،تم االطالع
على: االنترنت في متاح يوم،1851-81-11: عليه
http://www.alhayat.com/search.aspx?searchtex
341
-115الرطيمات ليلى " ،االتفاق الفالحي بين المغرب واالتحاد األوروبي ..تحديات السياسة
واالقتصاد" ،تم االطالع عليه يوم ،1851-81-11 :متاح في االنترنت على:
http://www.hespress.com/writers/338811.htl
-118دمحم الحبيب هويدي" ،صراع خفي بين المغرب واالتحاد األوروبي بسبب منتوجات
الصحراء المغربية" ،جريدة الحرية ،تم االطالع عليه يوم ،1851-81-15 :متاح في
www.elhourriya.net/38898.html االنترنت على:
-158الديب عبد الوهاب " ،مصر التوقيع النهائي على اتفاقية الشراكة األوروبية منتصف
الشهر المقبل" ،جريدة الشرق األوسط ،العدد ،1885 -81-11 ،5151تم االطالع عليه
على، االنترنت في متاح ،1851-1-11 يوم:
http://archive.aawsat.com/details.asp?article=39866&issueno=8
21WLA3jH-Zh-z
-155و ازرة الصناعة والتجارة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ،قطاع االتفاقات التجارية،
على: االنترنت في متاح ،1851-81-12 يوم: عليه االطالع تم
http://www.tas.gov.eg/Arabic/EU+Partnership/Agreement/Agree
ment
-151الرحماني ميمون " ،اتفاقية التبادل الحر بين المغرب واالتحاد األوروبي :االختالالت
المالية والتداين" ،أطاك المغرب ،تم االطالع عليه يوم ،1851-81-58 :منتاح في
http://attacmaroc.org/?p=4243 االنترنت على:
342
264-", Le Programme integrated management Sustainable water ،
Sur le Site "Gestion Intégrée Durable de l'Eau (SWIM)
http://www.swim-sm.eu/images/wadis- mar. 1851:17/04/
151 - Ian O.Lesser , Les Etats Unis et la Mèditerranèe, consultè le
10.11 2014 sur : www.iemed
.org/anuari/2004/frarticles/frarticles .pdf.
الشراكة األوروبية المغاربية، "الواقع العربي: " عنوان الحصة، حصة تلفزيونية-151
: متاحة في االنترنت على،1851-51-55 : تم االطالع عليه يوم،الميزان المختل..
http://www.aljazeera.net/programs/arab-present - situation
343
المالحق
344
345
الملحق رقم :11إعالن برشلونة
إعالن برشلونة الذي تم تبنيه في المؤتمر األورو -متوسطي في 21و 26نوفمبر من
.1441 العام
الوزراء ..المشاركون في المؤتمر األوروبي -المتوسطي في برشلونة :
مشددون على األهمية اإلستراتيجية للبحر األبيض المتوسط ومدفوعون باإلرادة
إلعطاء عالقتهم المستقبلية بعدا جدديا ،يرتكز على تعاون شامل ومتضامن على
مستوى الطبيعة الممتازة لعالقات سبكها الجوار والتاريخ؛
مدركون بأن الرهانات السياسية واالقتصادية واالجتماعية الجديدة تشكل ،على جانبي
سيتم التركيز عليها بإتمام اتفاقات تجمع أوروبية -متوسطية وعلى ضوء خالصات
المجلس األوروبي ،بإنجاز بدء التنفيذ الكامل لالتحاد الجمركي مع تركيا والتوسيع
المتوقع لالتحاد األوربي نحو الجنوب بما يخص قبرص ومالطا ،الذي من شأنه
توطيد البعد المتوسطي لهذا االتحاد؛
مشددون على أن هذه المبادرة األوروبية -المتوسطية ال تهدف إلى الحل محل
المبادرات األخرى المباشر بها من أجل السالم واالستقرار والنمو في المنطقة ،ولكن
ستساهم في دفع هذه إلى األمام .يدعم المشاركون تحقيق تسوية سالم عادلة وشاملة
ومستديمة في الشرق األوسط ترتكز على الق اررات المالئمة لمجلس أمن األمم
المتحدة وعلى المبادئ المذكورة في الدعوة إلى مؤتمر مدريد حول السالم في الشرق
األوسط؛
مقتنعون بأن الهدف العام الذي يقضي بجعل البحر األبيض المتوسط منطقة حوار
346
ومكافحة الفقر وتنمية أفضل للتفاهم بين الثقافات ،كلها عناصر رئيسية للمشاركة .
يوافقون على إقامة مشاركة عامة أوروبية -متوسطية ،بين المشاركين عبر حوار سياسي
معزز وتنمية التعاون االقتصادي والمالي وإضفاء أكبر على قيمة األبعاد االجتماعية
والثقافية واإلنسانية .وتشكل هذه المحاور الجوانب الثالثة للمشاركة األوروبية المتوسطية.
مشاركة سياسية وأمنية :تعريف مجال مشترك من السالم واالستقرار يعبر المشاركون عن
قناعتهم بأن السالم واالستقرار واألمن في منطقة البحر األبيض المتوسط يشكلون مكسبا
مشتركا يتعهدون على تشجعيه وتوطيده بكل الوسائل التي بحوزتهم .من أجل هذا يوافق
المشاركون على قيادة حوار سياسي مكثف ومنتظم يرتكز على االحترام للمبادئ الجوهرية
للقانون الدولي ويعيدون التأكيد على عدد من األهداف المشتركة في مجال االستقرار
. والخارجي الداخلي
عمال بهذا يتعهد المشاركون عبر البيان المبدئي التالي على :
العمل وفقا لميثاق األمم المتحدة والبيان الدولي لحقوق اإلنسان وكذلك للواجبات
األخرى الناتجة عن القانون الدولي وبالتحديد تلك التي تنجم عن األدوات اإلقليمية
والدولية المشاركين فيها؛
تنمية دولة القانون والديمقراطية في جهازهم السياسي مع االعتراف ضن هذا اإلطار
والمشروعة(*) لهذه الحقوق والحريات ،بما فيه حريات الرأي وحرية التجمع ألهداف
سلمية ،وحرية التفكير والضمير والدين فرديا وجماعيا مع أعضاء آخرين في نفس
المجموعة ،بدون أي تمييز بسبب العنصر والجنسية واللغة والدين والجنس؛
التقدير برضا عبر الحوار بين كل الفرقاء ،إلى تبادالت المعلومات حول المسائل
347
مجموعاتها والمكافحة ضد مظاهر التعصب وباألخص العنصرية وكره األجانب.
يشدد المشاركون على أهمية التأهيل المناسب في مجال حقوق اإلنسان والحريات
األساسية؛
احترام مساواتهم المستقلة وكذلك كل الحقوق المتعلقة باستقالليتهم وتنفيذ واجباتهم
لحظة طبقا ألهداف ومبادئ ميثاق األمم المتحدة والنماذج المالئمة في القانون
الدولي ،بما فيه تلك التي تتعلق بوحدة األراضي للدول (،نص مأخوذ عن مرسوم
هيلسينكي النهائي)؛
متابعة إعادة التأكيد على حق الشعوب في تدبير شئونها بنفسها مع األخذ بعين
لشريك آخر وعن كل أسلوب ال يتوافق مع أهداف األمم المتحدة( ،بما فيه كسب
األراضي بالقوة) وحل خالفاتهم بأساليب سلمية؛
توطيد التعاون من أجل الوقاية ضد اإلرهاب ومكافحته تحديدا بالتصديق على
األدوات الدولية التي يشاركون فيها وتطبيقها ،وباالنضمام إلى تلك األدوات ،وكذلك
بكل التدابير المالئمة؛
المكافحة ضد انتشار وتنوع الجرائم المنظم ومحاربة آفة المخدرات بكل أشكالها؛
العمل على عدم انتشار األسلحة الكيمائية والبيولوجية والنووية بتعهد كل المشاركين
348
على االنضمام إلى معاهدة الحد من األسلحة النووية واتفاقية حظر األسلحة
الكيميائية واتفاقية حظر األسلحة البيولوجية وعلى التنفيذ بحسن نية للتعهدات في
إطار االتفاقيات التي تربطهم بما يخص السيطرة على التسلح وتجريد السالم وعدم
انتشار األسلحة.
عدم التجهز بقدرات عسكرية تتعدى الحاجات المشروعة للدفاع مؤكدين في نفس
الوقت إرادتهم للوصول إلى نفس الدرجة من األمان والثقة المتبادلة على أدنى
المستويات الممكنة من القوة والسالح.
تشجيع الظروف التي من شأنها تنمية عالقات حسن الجوار فيما بينهم ودعم
العمليات التي تهدف االستقرار واألمن واالزدهار والتعاون على المستوى اإلقليمي
والتحت إقليمي.
دراسة وسائل واستقرار في منطقة البحر األبيض المتوسط" ( بما في ذلك إمكانية
تحسين ظروف الحياة للسكان ،ورفع مستوى االستخدام وتخفيف فوارق النمو في
349
من أجل تحقيق هذه األهداف ،يوافق المشاركون على إقامة مشاركة اقتصادية ومالية ترتكز
مع األخذ بعين االعتبار لمختلف درجات النمو على :
زيادة ضخمة للمعونة المالية من االتحاد األوروبي إلى شركائه .
تبني التدابير المالئمة فيما يخص قواعد األصل ،والتصديق اإلثباتي ،وحماية الملكية
350
لتشجيع وتنمية القطاع الخاص ،ورفع القطاع اإلنتاجي إلى المستوى المطلوب،
ووضع إطار دستوري وقانوني مالئم لسياسة االقتصاد الحر .إضافة إلى ذلك،
سيجدون لتخفيف العواقب السلبية التي قد تنجم عن هذا االستواء على المستوى
االجتماعي وذلك بتشجيع برامج لصالح السكان األكثر فقرا؛
تشجيع األولويات الهادفة إلى تنمية تبادالت التكنولوجيا .
يعترف المشاركون بواجب دعم النمو االقتصادي بالتوفير الداخلي ،قاعدة كل
استثمار ،وباالستثمارات الخارجية المباشرة معا .يشددون على أنه من المهم تأسيس
جو منساب لهما وبالتحديد عبر إزالة العوائق في وجه هذه االستثمارات تدريجيا ،التي
قد تؤدي إلى تبادالت للتكنولوجيا وزيادة اإلنتاج والتصدير .
يؤكد المشاركون بأن التعاون اإلقليمي ،المحقق على أساس اختياري وباألخص من
أجل تنمية التبادل بين الشركاء أنفسهم ،يشكل عامال رئيسيا في سبيل التشجيع على
تأسيس منطقة تبادل حر؛
يشجع المشاركون الشركات على عدة اتفاقات فيما بينها ويتعهدون بدعم هذا التعاون
والتحديث الصناعي وذلك بمنح جو وإطار قانوني مواتيين .يعتبرون القيام ببرنامج
دعم تقني للشركات ذات الحجم الصغير والمتوسط أم ار ضروريا؛
يشدد المشاركون على ترابطهم في مجال البيئة الذي يفرض تحليال إقليميا وتعاونا
مكثفا وكذلك تنسيقا أفضل للبرامج المتعددة األطراف الموجودة بالتأكيد على تعلقهم
باتفاقية برشلونة وبـ "بام" .يعترفون بضرورة التوفيق بين النمو االقتصادي والحفاظ
على البيئة ،وإدراج المسائل البيئوية في األوجه المناسبة للسياسة االقتصادية،
وتخفيف العواقب السلبية التي قد تنتج عن النمو في مجال البيئة يتعدون بإنشاء
برنامج أعمال ذات أولوية على المديين القصير والمتوسط ،بما في ذلك المكافحة
ضد التصحر ،وتكثيف الدعم الفني والمالي المالئم لهذه األعمال؛
يعترف المشاركون بالدور الرئيسي للنساء في التنمية وينهضون بتشجيع مشاركة
351
النساء الفعالة في الحياة االقتصادية واالجتماعية وفي خلق فرص العمل؛
يشدد المشاركون على أهمية الحفاظ على الموارد السمكية وإدارتها إدارة منطقية،
والتحسين للتعاون في مجال البحث عن الموارد بما فيها تربية المائيات ،ويتعهدون
بتسهيل التأهيل والبحث العلمي والنظر في خلق األدوات المشتركة؛
يعترف المشاركون بالدور البناء لقطاع الطاقة في المشاركة األوروبية -المتوسطية
مسألة أولوية لكل الشركاء المتوسطيين وأنه من الضروري تنمية التعاون في هذه
المجاالت؛
يوافق المشاركون على التعاون من أجل تحديث وإعادة بنيان الزراعة وتشجيع النمو
الريفي المتكامل .سيتوجه هذا التعاون بالتحديد نحو محاور المعونة الفنية والتأهيل،
والدعم للسياسات المعمول بها من قبل الشركاء من أجل تنويع اإلنتاج وتخفيف
التبعية الغذائية ،وتشجيع زراعة تحترم البيئة .يوافقون أيضا على التعاون في هدف
استئصال الزراعات غير الشرعية .
يوافق المشاركون أيضا على التعاون في مجاالت أخرى وفي هذا الصدد :
يشددون على أهمية تنمية وتحسين البنية التحتية بما في ذلك خلق جهاز مواصالت
فعال ،وتنمية تكنولوجيات المعلوماتية وحديث االتصاالت .في سبيل هذا ،يوافقون
على إعداد برنامج لألولويات؛
يتعهدون باحترام مبادئ القانون البحري الدولي وباألخص األداء الحر للخدمات في
تنظيم األراضي؛
يوافقون على توطيد القدرات الذاتية في البحث العملي والتطوير ،والمساهمة في
352
تأهيل العاملين في القطاعين العلمي والتقني ،والحث على المشاركة في مشاريع
البحث المشتركة انطالقا من خلق الشبكات العلمية؛
يوافقون على تشجيع التعاون في مجال اإلحصائيات من أجمل التوفيق بين الطرق
إن الجلسة األوربية في كان وافقت على احتياطي بمبلغ 2151مليون إيكي لهذه
المعونة خالل الفترة التي تتراوح ما بين 5881و ،5888وذلك بشكل اعتمادات
مالية متوفرة لدى المجموعة األوروبية .يضاف على هذا تدخل ، BEIبشكل ديون
بمبلغ اضخم وكذلك المساهمات المالية الثنائية للدول األعضاء؛
إن تعاونا ماليا فعاال تتم إدارته في إطار برمجة متعددة السنوات ،تأخذ ذاتيات كل
تأمين النجاح لمشاركتهم .يوافقون في سبيل هذا على تشجيع الحوار حول سياساتهم
االقتصادية وحول أسلوب تحسين التعاون المالي إلى أقصى الحدود .
يؤكدون من جيد بان الحوار واالحترام بين الثقافات واألديان هما شرطان ضروريان
لتقارب الشعوب .يشددون في هذا الصدد على أهمية الدور الذي تستطيع أجهزة
353
اإلعالم القيام به بشأن المعرفة والتفاهم للثقافات كمنبع لإلثراء المتبادل بين
األطراف؛
يلحون على الميزة الرئيسية لنمو الموارد السنينة سواء بما يخص التعليم والتأهيل
اقتصادي يعلقون أهمية خاصة على احترام الحقوق االجتماعية الجوهرية بما فيها
الحق في النمو؛
يعترفون بالدور الرئيسي الذي بإمكان المجتمع المدني القيام به في عملية تنمية كل
جوانب المشاركة األوروبية -المتوسطية كعامل أساسي لتفاهم أفضل وتقارب بين
الشعوب؛
نتيجة لذلك ،يوافقون على توطيد و /أو ترتيب األدوات الالزمة لتعاون غير مركزي
في سبيل تشجيع التبادالت بين فعاليات النمو في إطار القوانين الوطنية :المسئولون
عن المجتمع السياسي والمدني ،العالم الثقافي والديني ،الجامعات ،البحث ،أجهزة
اإلعالم ،الجمعيات ،النقابات والشركات الخاصة والعامة؛
يعترفون بأهمية تشجيع االتصاالت والمتبادالت بين الشباب في إطار برامج تعاون
غير مركزية؛
يشجعون أعمال الدعم لصالح المؤسسات الديمقراطية وتوطيد دولة القانون والمجتمع
المدني؛
يعترفون بأن التطور السكاني الحالي يشكل تحديا رئيسيا تتم مواجهته بواسطة
354
فيما بينهم من أجل تخفيف وطأة الهجرة بواسطة برامج تأهيل مهني ومساعدة على
خلق فرص العمل وغيرها .يتعهدون بتأمين الحماية لمجمل الحقوق المعترف بها في
القانون الموجود حل المهاجرين المستقرين شرعيا على أراضيهم[ .يعترف الشركاء
بواجباتهم من أجل إعادة قبول مواطنيهم الذين تركوا بالدهم .من أجل هذا سيعتبر
االتحاد األوروبي مواطني الدول األعضاء كمقيمين طبقا لتعريف المجموعة
األوروبية؛ ]
يقررون إقامة تعاون وثيق في كل مجاالت الهجرة الخفية؛
يوافقون على دعم التعاون عبر تدابير مختلفة تهدف إلى الوقاية من اإلرهاب
355
المؤتمر متابعة
المشاركون :
باعتبارهم أن مؤتمر برشلونة وضع أسس عملية مفتوح ومدعوة للتطور
باعتبار تأكيدهم على إرادتهم بتأسيس مشاركة ترتكز على مبادئ وأهداف معرفة
باإلعالن الحاضر؛
بعزمهم على إعطاء هذه المشاركة األوروبية -المتوسطية صيغة واقعية؛
بقناعتهم بأنه من الضروري متابعة الحوار الشامل المفتوح وتحقيق مجموعة من
356
. المتبادلة المشاورات من المزيد في الشروع
عمل برنامج برشلونة: مؤتمر
مقدمــة:
يهدف البرنامج الحاضر إلى ترجمة أهداف مؤتمر برشلونة ترجمة عملية واحترام مبادئه عن
طريق تدابير إقليمية ومتعددة األطراف .يعتبر أيضا تكميال للتعاون الثنائي المعمول به
نتيجة االتفاقيات المعقودة بين االتحاد األوروبي وشركائه المتوسطيين والتعاون الموجود
حسب التجمعات المتعددة األطراف األخرى .سيتم التحضير والمتابعة لمختلف التدابير وفقا
للمبادئ والكيفيات المشار إليها في بيان برشلونة .في ما يلي ،يتبع تعديد للتدابير األولوية
التى يجب اتخاذها لتنمية التعاون .ال تمنع هذه توسيع التعاون األوروبي -المتوسطي ليشمل
الشركاء. عن القرار نتج إذا أخرى تدابير
تتوجه هذه التدابير إلى الدول ووحداتها المحلية أو اإلقليمية وإلى فعاليات المجتمع المدني.
تستطيع دول أخرى االنضمام إلى التدابير المتوقعة في برنامج العمل وذلك بعد موافقة
المشاركين.
. وشفاف مرن بأسلوب التنفيذ يتم أن يجب
في المستقبل وبعد موافقة المشاركين ،سيأخذ التعاون األوروبي -المتوسطي بعين االعتبار،
وكما يليق ،اآلراء والتوصيات الناجمة عن الحوارات المناسبة على مختلف المستويات في
المنطقة.
يجب البدء بتنفيذ البرنامج حالما أمكن بعد مؤتمر برشلونة .سيتم تحضير تقييم
خالل المؤتمر األوروبي -المتوسطي المقبل على شكل تقرير ناجم عن دوائر المفوضية
األوروبية وبالتحديد انطالقا من التقارير الناتجة عن مختلف االجتماعات ومختلف الفرق
المذكورة في مايلي ،وبالتنسيق مع [المجموعة المناسبة] المعينة وفقا لبيان برشلونة .
2.مشاركة سياسية وأمنية :تعريف مجال مشترك من السالم واالستقرار
من أجل المساهمة في الهدف الذي يقضي بتشييد تدريجي لمنطقة سالم واستقرار في حوض
البحر األبيض المتوسط سيجتمع موظفون كبار دوريا وذلك اعتبا ار من الفصل األول لعام
: 5881
357
سيجرون حوا ار سياسيا من أجل تحديد األساليب األكثر تناسبا لرجمة مبادئ بيان
المتوسطي لوزراء الشئون الخارجية المقبل .سيتم تشجيع معاهد السياسة الخارجية في
المنطقة األوروبية -المتوسطية لتكوين شبكة تعاون أكثر نشاطا بإمكانها دخول حيز
العمل ابتداء من . 5881
التوفيق بين القواعد والطرق في مجال الجمارك وباألخص احتمال اإلدخال التدريجي
لألصل التراكمي .سيتم عند االقتضاء فحص الحلول المالئمة لحاالت معينة وبروح
إيجابية؛
التوفيق بين النماذج وبالتحديد بواسطة اجتماعات يتم تنظيمها من قبل التنظيمات
األوروبية للنماذج؛
اإلزالة لكل العوائق التقنية التي ال مبرر لها من وجه تبادل المنتوجات الزراعية وتبني
التدابير المناسبة بما يتعلق بقواعد الصحة النباتية والحيوانية وغيرها من أساليب
التقنين حول المواد الغذائية؛
358
-التعاون بين دوائر اإلحصائيات للحصول على معطيات عملية ناتجة عن استخدام
طرق متوافقة -إمكانيات التعاون اإلقليمي والتحت إقليمي (بدون المس بالمبادرات
المعمول بها ضمن أطر أخرى ).
: استثمار
يهدف التعاون إلى المساهمة في خلق الجو اإليجابي إلزالة الحواجز أمام االستثمار،
وبالتحديد بالتفكير المعمق حول تحديد الحواجز واألساليب لتشجيع هذه االستثمارات بما فيه
: .صناعة المصرفي القطاع في
التحديث الصنعي وتحسين التنافسية يشكالن عنصرين رئيسيين في نجاح المشاركة
األوروبية -المتوسطية .في هذا الصدد ،باستطاعة القطاع الخاص أن يلعب دو ار أكبر في
النمو االقتصادي للمنطقة وخلق فرص العمل .سيتوجه التعاون بالتحديد نحو :
توافق البنية الصناعية مع متغيرات البيئة الدولية وبالخصوص مع انبثاق مجتمع
المعلوماتية؛
اإلطار والتحضير لتحديث وإعادة تركيب بنية الشركات الموجودة وبالتحديد في
ستعطي أساليب تشجيع التعاون بين الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم وخلق الظروف
المؤاتية لنموها ،اهتماما خاصا بما في ذلك تنظيم المنتديات عندما تقتضي الحاجة مع
االعتماد على الخبرة المكتسبة في إطار البرنامج MED INVESTوضمن االتحاد.
: زراعة
مع التذكير بأن هذه المسائل تدخل في مجمعلها ضمن العالقات الثنائية ،سيتناول التعاون
في هذا المجال المحاور التالية :
الدعم للسياسات المعمول بها من قبل الشركاء من أجل تنويع اإلنتاج؛
359
تخفيف التبعية الغذائية؛
التقارب بين الشركات والتجمعات والتنظيمات المهنية للشركاء على قاعدة اختيارية؛
التقارب بين نماذج الصحة النباتية والحيوانية -النمو الريفي المتكامل بما في ذلك
: مواصالت
الوجود للروابط الفعالة والمتداخلة بين االتحاد األوروبي وشركائه المتوسطيين وبين الشركاء
أنفسهم وكذلك المنفذ الحر إلى سوق الخدمات في قطاع المواصالت البحرية الدولية يشكالن
عاملين رئيسيين لتنمية التدفقات التجارية ولحسن سير المشاركة األوروبية -المتوسطية .
لقد تم خالل العام 5881عقد اجتماعين لوزراء المواصالت لدول غرب حوض البحر
األبيض المتوسط ،وعلى أثر المؤتمر اإلقليمي لتنمية المواصالت في حوض البحر األبيض
المتوسط ،تبنت المجموعة المتوسطية للمواصالت عبر المجاري المائية برنامجا متعدد
السنوات.
وضع جهاز فعال ومتعدد الجهات عقد المواصالت الجوية والبحرية عبر -
المتوسطية وذلك بتحسين وتحديث المرافئ والمطارات ،وحذف القيود التي ال مبرر
لها ،وتسهيل اإلجراءات وتحسين األمان البري والجوي ،وتوفيق القواعد البيئوية على
مستوى رفيع بما فيه تدقيق أكثر فعالية في التلوث الناجم عن النقل البحري ووضع
أجهزة متوافقة إلدارة حركة المرور؛
خلق روابط برية شرق -غرب على السواحل الجنوبية والشرقية للبحر األبيض
360
المتوسط .
ربط شبكات المواصالت المتوسيطة بالشبكة األوروبية بطريقة تؤمن عملها المتداخل .
: طاقة
على أثر المؤتمر ذي المستوى الرفيع الذي عقد عام 5881في تونس واجتماع المتابعة في
أثينا ،لقد تم خلق "ندوة للطاقة" أوروبية -متوسطية تضم وزراء وموظفين كبا ار .من أجل
خلق الجو المالئم الستثمار وعمل الشركات المنتجة للطاقة يتركز التعاون المستقبلي
بالتحديد على :
األساليب لتشجيع انضمام دول البحر األبيض المتوسط إلى المعاهدة حول الميثاق
األوروبي للطاقة؛
التخطيط في مجال الطاقة؛
الكشف والتكرير والنقل والتوزيع والتجارة اإلقليمية وعبر اإلقليمية للنفط والغاز؛
البنيات التحتية في مجال المعلوماتية واالتصاالت (إطار تقنين أدنى ،نماذج تجارب
361
الخدمات - .الخدمات الجديدة في مجاالت تطبيق أولوية .
وجود بنيات تحتية أكثر فعالية في مجالي المعلوماتية واالتصاالت سيسهل تعزيز التبادالت
األوروبية -المتوسطية والمنفذ إلى مجتمع المعلوماتية الجديد الذي يتكون حاليا .من المتوقع
أن يعقد مؤتمر إقليمي خالل 5881من أجل التحضير لتحقيق المشاريع الرائدة والتي
المعلوماتية. مجتمع عن الناجمة الفعلية الفوائد إظهار إلى تهدف
: سياحة
اعتمد وزراء السياحة ،خالل اجتماعهم في الدار البيضاء عام ،5881الميثاق المتوسطي
التأهيل. وتشجيع اإلعالم مجاالت باألخص التعاون سيتناول للسياحة.
: بيـئـة
يتناول التعاون بشكل خاص :
تقييم المشاكل البئوية في حوض البحر األبيض المتوسط وتحديد اإلجراءات التي
القصير والمتوسط في مجال البيئة ،يتم تنسيقه من قبل المفوضية األوروبية ويكمل
بأعمال على المدى البعيد .من بين مجاالت العمل الرئيسية يجب أن يضم هذا
البرنامج :اإلدارة المتكاملة للمياه واألراضي والمناطق الساحلية ،إدارة النفايات ،الوقاية
ضد تلوث الهواء والبحر األبيض المتوسط ومكافحة هذا التلوث حفظ وإدارة التراث
الطبيعي والمشاهد والمواقع الطبيعية ،حماية وحفظ وإعادة بناء الغابات المتوسطية
362
وخصوصا بالوقاية والسيطرة على انجراف وتلف األراضي وحرائق الغابات والمكافحة
ضد التصحر ،نقل خبرة المجموعة بما يخص تقنيات التمويل والتقنين والتدقيق
البئوي ،أخذ المشاكل البيئوية بعين االعتبار في كل السياسات؛
أداء حوار مطرد لمتابعة تطبيق برنامج العمل؛
دعم التعاون اإلقليمي والتحت إقليمي وتمتين التنسيق مع خطة العمل للبحر األبيض
المتوسط؛
التشجيع لتنسيق أفضل لالستثمارات المختلفة األصل ولوضع العقود الدولية في هذا
المجال؛
رعاية وتبني وتنفيذ التدابير القانونية والقضائية عند الضرورة وبالتحديد التدابير
تشجيع البحث والتنمية بمواجهة مشكلة االختالل المتصاعد لإلنجازات العلمية مع
على أثر االجتماع الوزاري الذي عقد في "صوفيا انتيبوليس" في مارس /آذار ، 1995لقد تم
تأسيس لجنة للرقابة .ستعقد هذه اجتماعها األول مباشرة بعد مؤتمر برشلونة .ستهتم بتقديم
الوزراء. مستوى على تحدد أولوية أعمال تطبيق أجل من توصيات
مـياه:
لقد تم تبني الميثاق المتوسطي للماء في روما عام :5881لقد تم تبني الميثاق المتوسطي
363
للماء في روما عام : 5881تعتبر المياه مسألة أولوية لكل الشركاء المتوسطيين وستزداد
أهميتها مع تضاؤل الموارد المائية .سيهدف التعاون في هذا القطاع إلى :
تقديم اقتراحات من أجل تسويغ التخطيط واإلدارة -معا إن اقتضى الحال -للموارد
المائية؛
المساهمة في خلق منابع جديدة للماء .
364
. الحديثة اإلدارة مفاهيم مقارنة هدف في
سيعقد اجتماع لممثلين لقطاع التدريب المهني (أصحاب القرار ،الجامعيون ،المدربون..
الخ ).بهدف مقارنة مفاهيم اإلدارة الحديثة .سيعقد اجتماع لممثلي العالم الجامعي والتعليم
MED CAMPUS برنامجها األوروبية المفوضية ستعزز العالي.
التربية. قطاع في التكنولوجيا مجال حول الجتماع أيضا سيدعى
: بلديات
يجب أن تشارك البلديات في سير المشاركة األوروبية المتوسطية .سيشجع ممثلو المدن
على اللقاء سنويا الستعراض التحديات المشتركة التي يجب عليهم مجابهتها ومن أجل
مقارنة تجاربهم .سيتم تنظيم هذه اللقاءات من قبل المفوضية األوروبية في إطار برنامج
التحضر المتوسطي MED URBSاعتمادا على الخبرة الماضية .حوار بين الثقافات
: والحضارات
نظ ار لألهمية التي تكسو تحسين التفاهم المتبادل عبر تشجيع التبادالت الثقافية وتعدد
اللغات سيجتمع موظفون وخبراء من أجل طرح اقتراحات عمل فعلية تتعلق بالمجاالت التالية
دون الحصر :التراث الثقافي والفني ،التظاهرات الثقافية والفنية ،النتاج المشترك (مسرح
وسينما) الترجمات وإمكانيات نشر الثقاة األخرى ،التأهيل .سيشجع التفاهم األفضل بين
األديان الرئيسية الموجودة في المنطقة األوروبية -المتوسطية على التسامح المتبادل
والتعاون .ستدعم عملية عقد اجتماعات دورية بين ممثلي األديان وكذلك علم الدين
والجامعيين واألشخاص اآلخرين الذين يهمهم األمر بهدف التغلب على سوء الفهم والجهل
والتعصب الديني وتشجيع التعاون على القاعدة .يمكن استخدام المؤتمرات التي عقدت في
استوكهولم (من 15إلى 55يونيو /حزيران )5881وتوليد (من 2نوفمبر /تسرين الثاني
5881وبون ( 51و 51نوفمبر /تشرين الثاني )5881كأمثلة في هذا الصدد.
365
اإلطار. هذا في
: شبيبة
ستساهم عملية تبادل الشباب في تحضير األجيال القادمة لتعاون أوثق بين الشركاء
األوروبيين والمتوسطيين .ومن ثم يجب وضع برنامج تبادل أوروبي -متوسطي للشباب
يرتكز على الخبرة المكتسبة في أوروبا ومع أخذ حاجات الشركات بعين االعتبار .يجب أن
تأخذ هذه البرامج بعين االعتبار أهمية التأهيل المهني وباألخص للذين ال يملكون لكفاءات
وتأهيل المرشدين والمساعدين االجتماعيين الموجهين للعمل مع الشباب .ستقدم المفوضية
األوروبية االقت ارحات الالزمة قبل االجتماع األوروبي -المتوسطي المقبل لوزراء الشئون
الخارجية.
: المدنية المجتمعات بين تبادالت
اجتماعية: تنمية
يجب أن تساهم المشاركة األوربية -المتوسطية في تحسين ظروف الحياة والعمل لشعوب
الشركاء المتوسطيين .في هذا الصدد ،يعلق الشركاء اهتماما خاصا على احترام وتشجيع
الحقوق االجتماعية األساسية .من أجل هذا ستجتمع فعاليات السياسة االجتماعية دوريا على
المالئم. المستوى
هجرة:
نظ ار ألهمية مسألة في العالقات األوروبية -المتوسطية ،سيتم تشجيع عقد االجتماعات من
أجل الوصول إلى اقتراحات تخص التدفق والضغط الناتجين عن الهجرة .ستأخذ هذه
االجتماعات بعين االعتبار ،ودون الحصر ،الخبرة المكتسبة في إطار برنامج MED
MIGRATIONوبالخصوص في ما يتعلق بتحسين ظروف الحياة للمهاجرين المستقرين
االتحاد. في شرعيا
366
سيجتمع موظفون دوريا من أجل تحديد التدابير الفعلية التي يجب أخذها لتحسين التعاون
بين السلطات البوليسية والعدلية والجمركية واإلدارية وغيرها للمكافحة ضد تهريب المخدرات
واإلجرام الدولي .سيجتمع موظفون دوريا لتفحص التدابير الفعلية التي يجب أخذها لتحسين
التعاون بين السلطات البوليسية والعدلية والجمركية واإلدارية وغيرها للمكافحة ضد الهجرة
غير الشرعية .سيتم تنظيم كل هذه االجتماعات مع األخذ بعين االعتبار وكما ينبغي
دولة. لكل الخاصة الحالة يراعي متفارقة مختلف تمهيد بضرورة
يجب أن تشكل المكافحة ضد اإلرهاب أولوية لكل الفرقاء .في سبيل هذا سيجتمع موظفون
وغيرها. والعدلية البوليسية السلطات بين التعاون توطيد بهدف في دوريا
سيجتمع موظفون دوريا من أجل تحديد التدابير الفعلية التي يجب أخذها لتحسين التعاون
بين السلطات البوليسية والعدلية والجمركية واإلدارية وغيرها للمكافحة ضد تهريب المخدرات
واإلجرام الدولي .سيجتمع موظفون دوريا لتفحص التدابير الفعلية التي يجب أخذها لتحسين
التعاون بين السلطات البوليسية والعدلية والجمركية واإلدارية وغيرها للمكافحة ضد الهجرة
الشرعية. غير
سيتم تنظيم كل هذه االجتماعات مع األخذ بعين االعتبار وكما ينبغي بضرورة تمهيد
. دولة لكل الخاصة الحالة يراعي متفارقة مختلف
دستورية: 5.اتصاالت
: متوسطي أوروبي- برلماني حوار
يدعى البرلمان األوربي ألخذ المبادرة قرب مجالس برلمان أخرى ،في طرح الحوار
األوروبي -المتوسطي المستقبلي الذي بإمكانه أن يسمح للمنتخبين في مختلف الدول
الشركاء باإلقدام على تبادالت أوجه النظر حول سلسلة واسعة من الموضوعات .
367