What do you think?
Rate this book
173 pages, Hardcover
First published September 1, 2019
من أين لك يا سعود بهذه اللغة الثرية الغنية الجزلة السلسة المحببة إلى النفس. من أين لك بهذا السحر؟
لم أفتقد شيئًا إلا مفازةً لا يُرى آخرُها. وخيامًا مُتناثرة في العراء مثلَ حَّبات خالٍ تُرصِّع ظهرَ فتاة عارية. وعُواء ذئاب الليل. وعَزيف رمالٍ تسوقُها الزوابع. وعيون الماء العذب. وغناء حادي الإبل. وتمايل أعناق جِمالِه طربًا مع الحِداء. وأرضًا تلفظُ كمأها في الرَّبيع. وأراضيَ خبراء بعد ليالٍ مطيرة. ونطيط اليرابيع الوجِلة في الليل. ونبتات الرَّمرام يستظلُّ بها الوَرَلُ أو يحكُّ جسَدَهُ بأوراقِها يُبرئ نفسه من لدغةِ عقرب أو حَيَّةٍ رَقطاء. وحليبَ نوقٍ بطعمِ الورد. ونقوش الحِنَّاء في كفوفِ بنات القبيلة. واسمي.. اسمي الذي نذرتُ على نفسي أن أُعانق من يذكره أمامي. وإن بالخطأ. وأُعانق فيه نفسي التي أشتاقُها في غير هذا المكان.
لم أفتقد شيئًا إلا ما ذكرت. والنُّجوم. حتى النُّجوم تبدو في الصَّحراء أقرب. تكادُ تقطفُها بيدِكَ مثلَ بلحِ نخلةٍ فتِيَّة. أما النُّجوم هُنا فتبدو بعيدةً في سماء مدينة الطِّين. مثل صالحة.
"من يشيل الأمس على ظهره تغوص قدماه في اليوم ولا يُدرك الغد"