الشورى والديمقراطية في الفكر الإسلامي المعاصر
الشورى والديمقراطية في الفكر الإسلامي المعاصر
الشورى والديمقراطية في الفكر الإسلامي المعاصر
ﻤﻠﺨﺹ:
ﺘﺘﻀﻤﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻘﺎﻟﺔ ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻭﺘﺤﻠﻴل ﻭﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻭﺍﻷﺭﺍﺀ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺤﻭل ﺠﺩﻟﻴﺔ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻜﺭ
ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭ ،ﻭﻓﻬﻡ ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺒﻴﻨﻬﻤﺎ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺇﺒﺭﺍﺯ ﺃﻫﻡ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺠﺎﺀ ﺒﻬﺎ ﺒﻌﺽ ﻤﻔﻜﺭﻱ ﺍﻟﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻓـﻲ
ﺍﻟﻌﺼﺭ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ،ﺒﺤﻴﺙ ﺤﺎﻭﻟﺕ ﺃﻥ ﺘﺒﺭﺯ ﻓﻜﺭﺓ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﻓﻲ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻤﻘﺎﺒل ﻓﻜﺭﺓ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺭﺏ ،ﻭﻜﻴﻑ ﺃﻥ ﺍﻹﺴـﻼﻡ ﺠـﺎﺀ
ﺒﻔﻜﺭﺓ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﻤﺫﻫﺒﺎ ﻭﻤﻨﻬﺠﺎ ﻴﺨﺘﻠﻑ ﻋﻥ ﻓﻜﺭﺓ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﻤﺫﻫﺒﺎ ﻭﻤﻨﻬﺠﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ،ﻭﻋﻠـﻰ ﺨﻠﻔﻴـﺔ ﺃﻥ
ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻫﻲ ﺃﻭﺴﻊ ﺩﻻﻟﺔ ﻭﺃﻋﻤﻕ ﺴﻌﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ.
ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﻔﺘﺎﺤﻴﺔ :ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ،ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ،ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭ.
Abstract:
This article includes a study and analysis of different views and opinions about the dialectical
relationship between the Shura and democracy in contemporary Islamic thought, and understand the
nature of their relationship by highlighting the most important ideas that came out of some thinkers of
the Islamic movements in the modern era, so I tried to highlight the idea of Shura in Islam against the
idea democracy in the West, and how Islam came to the idea of Shura as a doctrine and a method
different from the idea of democracy as a doctrine and a method in Western culture, and against the
backdrop of the Islamic Shura is wider and deeper significance capacity of Western democracy.
Key words : Shura, democratic, Islamic thought, contemporary
ﻤﻘﺩﻤﺔ:
ﺇﺭﺘﺒﻁ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻤﻊ ﻓﻜﺭﺓ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭ ﻀﻤﻥ ﻤﺤﺎﻭﻻﺕ ﺍﻟﺘﺠﺩﻴﺩ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺼـﺭﺓ،
ﻭﻟﻜﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺘﺩﺨل ﻓﻲ ﺇﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺃﺴﺎﺴﻴﺔ ﺘﻨﻌﻜﺱ ﻋﻠﻰ ﻜل ﺍﻟﻤﺠﻬﻭﺩﺍﺕ ﺍﻟﺘﺄﺼﻴﻠﻴﺔ ﻭﺍﻹﺠﺘﻬﺎﺩﺍﺕ ،ﺨﺎﺼﺔ ﺤـﻴﻥ ﻴﺴـﻌﻰ
ﺍﻟﻤﻔﻜﺭﻭﻥ ﻭﺍﻟﻤﻨﻅﺭﻭﻥ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﻭﻥ ﻋﻤﻭﻤﺎ ﺇﻟﻰ ﺇﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﻭﻤﻨﺎﻫﺞ ﺇﺴﻼﻤﻴﺔ ﺃﺼﻭﻟﻴﺔ ،ﻓﺎﻟﻠﺠﻭﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺃﻭ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺃﻭ
ﺍﻹﺴﺘﺼﺤﺎﺏ ،ﻻ ﻴﺤل ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺽ ،ﻷﻥ ﻤﻔﻬﻭﻤﻲ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﻴﻨﺘﻤﻴﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺒﻨﻴﺘﻴﻥ ﻓﻜﺭﻴﺘﻴﻥ ﻤﺨﺘﻠﻔﺘﻴﻥ ،ﻭﻟﻬﻤﺎ ﻋﻨﺎﺼﺭ
ﻭﺠﺯﺌﻴﺎﺕ ﻭﻤﻜﻭﻨﺎﺕ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻭﻤﺘﺒﺎﻴﻨﺔ ﺘﻁﻭﺭﺕ ﻀﻤﻥ ﺴﻴﺭﻭﺭﺍﺕ ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻭﻅﺭﻭﻑ ﺇﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺘﻤﺎﻤـﺎ ،ﻟـﺫﻟﻙ ﻴﻅـل
ﺇﻨﺘﺯﺍﻉ ﺃﻱ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﻤﻥ ﺴﻴﺎﻕ ﺒﻨﻴﺘﻪ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻤﻌﻘﺩﺓ ،ﻭﻓﻲ ﺒﻌﺽ ﺍﻷﺤﻴﺎﻥ ﺘﻀﺭ ﺒﺎﻹﺜﻨﻴﻥ ،ﺇﺫ ﻴﻔﺭﻍ ﻤﻥ ﻤﻀﻤﻭﻨﻪ ﺍﻷﺼﻠﻲ
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻨﻔﺴﻪ ﻴﺼﻌﺏ ﺩﻤﺠﻪ ﺃﻭ ﺘﻤﺜﻴﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻷﺨﺭﻯ
ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻷﺴﺎﺱ ﻴﻤﻜﻥ ﻁﺭﺡ ﺍﻹﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ :ﻫل ﻫﻨﺎﻙ ﻀﺭﻭﺭﺓ ﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻹﺩﺭﺍﺝ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻀﻤﻥ ﺒﻨﻴﺔ
ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ؟ ﺃﻡ ﻴﻤﻜﻥ ﻟﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺒﺩﻴﻼ ﻜﺎﻤﻼ ﻟﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ؟
351
2016
352
2016
ﺘﻌﺩ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻤﺫﻫﺒﺎ ﻓﻠﺴﻔﻴﺎ ﻭﺃﺴﻠﻭﺏ ﻟﻨﻅﺎﻡ ﺤﻜﻡ ﻓﻲ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﻭﻗﺕ ،ﻓﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﺃﻨﻬﺎ ﻤﺫﻫﺏ ﻓﻠﺴﻔﻲ ،ﻓﻬﻲ ﺘﻌﻨـﻲ :ﺃﻥ
ﺍﻷﻤﺔ ﻫﻲ ﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﺍﻟﻘﻭﺓ ﻭﺇﺭﺍﺩﺘﻬﺎ ﻤﻨﺒﻊ ﺴﻴﺎﺩﺘﻬﺎ ﻭﻤﺼﺩﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﻭﻻ ﺘﻭﺼﻑ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﺒﺎﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ
10
ﻤﻨﺒﺜﻘﺔ ﻋﻥ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻷﻤﺔ ﻭﻤﺴﻨﺩﺓ ﺇﻟﻴﻬﺎ ،ﻭﺃﻤﺎ ﺃﻨﻬﺎ ﻜﻨﻅﺎﻡ ﻟﻠﺤﻜﻡ ﻓﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﻀﻭﺀ ﺃﻨﻬﺎ ﺘﻜﻔل ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﻭﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ.
ﺇﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﺠﺴﻴﺩ ﺍﻟﻌﻤﻠﻲ ﻟﻠﺤﺭﻴﺔ ﺒﺸﻜل ﻋﺎﻡ ،ﻭﻟﺠﺎﻨﺒﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺒﺸﻜل ﺨﺎﺹ ،ﻏﺭﻀـﻬﺎ ﺘﺤﻘﻴـﻕ ﺇﺭﺍﺩﺓ
ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺭ ﺍﻟﻤﺘﻁﻭﺭﺓ ﺩﺍﺌﻤﺎ ﺒﺈﺘﺠﺎﻩ ﻫﺩﻓﻬﺎ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻲ ،ﺇﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﻓﻕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻁﻭﺭ ﺘﺸﻜل ﻏﺎﻴﺔ ﻭﻭﺴﻴﻠﺔ ﻤﻌﺎ ،ﻓﻬﻲ ﻭﺴـﻴﻠﺔ
ﻟﻜﻭﻨﻬﺎ ﺃﺩﺍﺓ ﺍﻟﺤﻜﻡ ،ﻴﻤﺎﺭﺴﻬﺎ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﺇﻻ ﺃﻨﻬﺎ ﻭﺴﻴﻠﺔ ﻤﺘﻁﻭﺭﺓ ﺩﺍﺌﻤﺎ ﻭﻤﺘﺒﺩﻟﺔ ﻋﺒـﺭ ﺍﻟﺘـﺎﺭﻴﺦ،
ﻭﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﻴﺤﻘﻕ ﻨﺴﺒﻴﺘﻬﺎ ﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﻋﺩﻡ ﺜﺒﺎﺘﻬﺎ ﻭﺩﻭﺍﻡ ﺤﺭﻜﺘﻬﺎ ﻨﺤﻭ ﺍﻷﻤﺎﻡ ﻭﻨﺴﺒﻴﺘﻬﺎ ،ﻻ ﻴﺩﻤﺭ ﺃﻭ ﻴﺸﻭﻩ ﺠﻭﻫﺭﻫـﺎ ،ﺒـل ﻋﻠـﻰ
ﺍﻟﻌﻜﺱ ،ﺇﻥ ﺨﺼﺎﺌﺼﻬﺎ ﻫﺫﻩ ﻭﺴﻤﺎﺘﻬﺎ ،ﺘﻌﻤل ﻋﻠﻰ ﺩﻋﻡ ﺠﻭﻫﺭﻫﺎ ﻭﺘﻘﺩﻤﻪ ﻭﺩﻓﻌﻪ ﺒﺈﺴﺘﻤﺭﺍﺭ ﻟﺘﺤﻘﻴﻕ ﻜﻤﺎﻟﻪ ،ﺃﻤﺎ ﻜﻭﻨﻬـﺎ ﻏﺎﻴـﺔ
ﻓﻬﺫﺍ ﻴﻌﻭﺩ ﻹﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺃﻴﻀﺎ ﻨﻅﺎﻤﺎ ﺃﻭ ﺼﻴﻐﺔ ﻤﻥ ﺼﻴﻎ ﺍﻟﺤﻜﻡ ،ﻴﺸﻌﺭ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺒﺄﻨﻪ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺘﺠﺴﻴﺩﻩ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻨﻅـﺎﻡ
ﻓﻲ ﺼﻴﻐﺘﻪ ﺍﻟﻤﺜﺎﻟﻴﺔ ،ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﻴﺤﻘﻕ ﺸﻜﻼ ﻤﻥ ﺃﺭﻗﻰ ﺃﺸﻜﺎل ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﻼﺌﻤـﺔ ﻟﺴـﻌﺎﺩﺘﻪ ﻭﺇﺸـﻌﺎﺭﻩ ﺒﺫﺍﺘـﻪ
11
ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ.
ﺜﺎﻨﻴﺎ /ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﻭﺃﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ:
ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻤﺸﺘﻘﺔ ﻤﻥ ﺸﻭﺭ ﻭﻭﺭﺩ ﻓﻲ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻋﺩﺓ ﻤﻌﺎﻥ ﻟﻬﺎ ،ﻭﺸﺎﻭﺭ ﺃﻭ ﺇﺴﺘﺸﺎﺭﺓ ﺃﻱ ﺭﺠﻊ ﺇﻟﻰ ﺭﺃﻴﻪ،
12
ﺃﻤﺎ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﺇﺼﻁﻼﺤﺎ ﺠﺎﺀ ﻓﻲ ﻋﺩﺓ ﺼﻭﺭ ،ﺤﻴﺙ ﻋﺭﻑ ﺍﻷﺼـﻔﻬﺎﻨﻲ ﻭﺃﺸﺎﺭ ﻋﻠﻲ ﺒﻤﻌﻨﻰ ﺃﺭﺍﻨﻲ ﻤﺎﻋﻨﺩﻩ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ،
ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﺒﺄﻨﻬﺎ :ﺇﺴﺘﺨﺭﺍﺝ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻟﻤﺭﺍﺠﻌﺔ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﻟﻠﺒﻌﺽ ،ﻭﻋﺭﻓﻬﺎ ﺇﺒﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺒﺄﻨﻬﺎ :ﺍﻹﺠﺘﻤﺎﻉ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻤﺭ ﻟﻴﺴﺘﺸﻴﺭ ﻜـل
13
ﻜﻤﺎ ﻋﺭﻓﺕ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﺒﺄﻨﻬﺎ :ﺇﺴﺘﻁﻼﻉ ﺭﺃﻱ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﻓﻲ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻷﻤﻭﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻬﻤﻬﻡ ﻤﻥ ﻭﺍﺤﺩ ﺼﺎﺤﺒﻪ ﻭﻴﺴﺘﺨﺭﺝ ﻤﺎ ﻋﻨﺩﻩ،
14
ﻜﻤـﺎ ﺃﺠل ﺍﻟﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻌﺘﻘﺩ ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﻘﻕ ﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﺒﺸﺭﻁ ﺃﻥ ﻴﺘﻔﻕ ﻭﻗﻭﺍﻋﺩ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﺍﻹﺴـﻼﻤﻴﺔ،
ﻋﺭﻓﺕ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﺒﺄﻨﻬﺎ :ﺘﻌﻨﻲ ﺘﻘﻠﻴﺏ ﺍﻷﺭﺍﺀ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻭﻭﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﺍﻟﻤﻁﺭﻭﺤﺔ ﻓﻲ ﻗﻀﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﻀـﺎﻴﺎ ،ﻭﺇﺨﺘﺒﺎﺭﻫـﺎ ﻤـﻥ
ﺃﺼﺤﺎﺏ ﺍﻟﻌﻘﻭل ﻭﺍﻷﻓﻬﺎﻡ ﺤﺘﻰ ﻴﺘﻭﺼل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺼﻭﺍﺏ ﻤﻨﻬﺎ ،ﺃﻭ ﺇﻟﻰ ﺃﺼﻭﺒﻬﺎ ﻭﺃﺤﺴﻨﻬﺎ ،ﻟﻴﻌﻤل ﺒـﻪ ﺤﺘـﻰ ﺘﺘﺤﻘـﻕ ﺃﺤﺴـﻥ
15
ﺍﻟﻨﺘﺎﺌﺞ.
ﻭﻗﺩ ﺩل ﻋﻠﻰ ﻭﺠﻭﺏ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﻭﺇﻟﺯﺍﻤﻴﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﻡ ،ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻹﺠﻤﺎﻉ ،ﻓﻔﻲ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ ﻭﺭﺩ ﺍﻷﻤﺭ ﺒﻬـﺎ
ﺼﺭﻴﺤﺎ ﻓﻲ ﻗﻭﻟﻪ ﺠل ﻭﻋﻼ" :ﻭﺸﺎﻭﺭﻫﻡ ﻓﻲ ﺍﻷﻤﺭ" ﻭﻫﻭ ﺃﻤﺭ ﻟﻠﻨﺒﻲ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ ﺒﺎﻟﻤﺸﺎﻭﺭﺓ ﻭﻅﺎﻫﺭ ﺍﻷﻤﺭ ﻴﻔﻴﺩ ﺍﻟﻭﺠﻭﺏ ،ﻜﻤﺎ ﻫﻭ
ﻤﻘﺭﺭ ﻓﻲ ﻋﻠﻡ ﺍﻷﺼﻭل ،ﻗﺎل ﺍﻟﺭﺍﺯﻱ ﻓﻲ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻵﻴﺔ" :ﻗﺎل ﺍﻟﺤﺴﻥ ﻭﺴﻔﻴﺎﻥ ﺇﺒﻥ ﻋﻴﻨﺔ ﺇﻨﻤﺎ ﺃﻤـﺭ ﺒـﺫﻟﻙ ﺃﻱ ﺃﻤـﺭ ﺍﷲ
16
ﺭﺴﻭﻟﻪ ﺒﺎﻟﻤﺸﺎﻭﺭﺓ ﻟﻴﻘﺘﺩﻱ ﺒﻪ ﻏﻴﺭﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺸﺎﻭﺭﺓ ﻭﻴﺼﻴﺭ ﺴﻨﺔ ﻓﻲ ﺃﻤﺘﻪ.
ﻭﻗﻭﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ":ﻭﺍﻟﺫﻴﻥ ﺇﺴﺘﺠﺎﺒﻭﺍ ﻟﺭﺒﻬﻡ ﻭﺃﻗﺎﻤﻭﺍ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺃﻤﺭﻫﻡ ﺸﻭﺭﻯ ﺒﻴﻨﻬﻡ ﻭﻤﻤﺎ ﺭﺯﻗﻨﺎﻫﻡ
ﻴﻨﻔﻘﻭﻥ" ،ﻭﺃﻤﺎ ﺩﻟﻴل ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻨﺒﻭﻴﺔ ،ﻤﻨﻬﺎ ﻗﻭل ﺍﻟﻨﺒﻲ )ﺹ( "ﺇﺴﺘﻌﻴﻨﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻤﻭﺭﻜﻡ ﺒﺎﻟﻤﺸﺎﻭﺭﺓ" ﻭﻗﺎل ﺃﻴﻀﺎ "ﻤـﺎ
ﺇﺴﺘﻐﻨﻰ ﻤﺴﺘﺒﺩ ﺒﺭﺃﻴﻪ ،ﻭﻤﺎ ﻫﻠﻙ ﺃﺤﺩ ﻋﻥ ﻤﺸﻭﺭﺓ" ،ﻭﻗﺎل ﺃﻴﻀﺎ"ﻤﺎ ﺘﺸﺎﻭﺭ ﻗﻭﻡ ﻗﻁ ﺇﻻ ﻫﺩﻭﺍ ﻷﺭﺸﺩ ﺃﻤﺭﻫﻡ" ،ﻭﺃﻤـﺎ ﺍﻹﺠﻤـﺎﻉ
ﻋﻠﻰ ﻭﺠﻭﺏ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ،ﻓﻘﺩ ﺃﺠﻤﻊ ﺍﻟﺼﺤﺎﺒﺔ ﻭﻤﻥ ﺒﻌﺩﻫﻡ ﺍﻟﺘﺎﺒﻌﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﻭﺠﻭﺒﻬﺎ ﻭﻋﻤﻠﻭﺍ ﺒﻬﺎ ﻓﻌﻼ ،ﻭﺃﻭل ﺃﻤﺭ ﺨﻀﻊ ﻟﻭﺠـﻭﺏ
17
ﻋـﻥ ﻤﻴﻤـﻭﻥ ﺒـﻥ ﺍﻟﻤﺸﺎﻭﺭﺓ ﺒﻌﺩ ﻭﻓﺎﺓ ﺍﻟﻨﺒﻲ )ﺹ( ﻫﻭ ﺍﻟﺘﺸﺎﻭﺭ ﻓﻲ ﺇﻤﺎﺭﺓ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﻭﺍﻟﺒﻴﻌﺔ ﻷﺒﻲ ﺒﻜﺭ ﺭﻀﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ،
ﻤﻬﺭﺍﻥ ﻗﺎل :ﻜﺎﻥ ﺃﺒﻭ ﺒﻜﺭ ﺍﻟﺼﺩﻴﻕ ﺇﺫﺍ ﻭﺭﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﺤﻜﻡ ،ﻨﻅﺭ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺏ ﺍﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ ،ﻓﺈﻥ ﻭﺠﺩ ﻓﻴﻪ ﻤﺎ ﻴﻘﻀﻲ ﺒﻪ ﻗﻀـﻰ ﺒـﻪ،
ﻭﺇﻥ ﻟﻡ ﻴﺠﺩ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺏ ﺍﷲ ﻨﻅﺭ ﻓﻲ ﺴﻨﺔ ﺭﺴﻭل ﺍﷲ )ﺹ( ،ﻓﺈﻥ ﻟﻡ ﻴﺠﺩ ﺴﻨﺔ ﺴﻨﻬﺎ ﺍﻟﻨﺒﻲ ،ﺠﻤﻊ ﺭﺅﺴﺎﺀ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﺈﺴﺘﺸـﺎﺭﻫﻡ،
18
ﻭﻜﺎﻥ ﻋﻤﺭ ﻴﻔﻌل ﺫﻟﻙ.
ﺃﻤﺎ ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻨﺘﻭﻗﻑ ﻋﻨﺩ ﻋﺩﻡ ﺇﻟﺯﺍﻤﻴﺔ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ،ﺇﺫ ﻴﻭﺠﺩ ﺘﻴﺎﺭ ﻭﺍﺴﻊ ﻭﻤﺅﺜﺭ ﻴﻘﻭل ﺒﻤﺤﺩﻭﺩﻴﺔ ﻤﺠﺎل ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ،
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻨﻔﺴﻪ ﻻ ﺘﺘﻌﺩﻯ ﺍﻟﻨﺼﻴﺤﺔ ﻤﻥ ﻨﺎﺤﻴﺔ ﺍﻟﻨﺹ ﺍﻟﻘﺭﺁﻨﻲ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻨﺒﻭﻴﺔ ،ﺒﺤﻴﺙ ﻻ ﻴﻭﺠﺩ ﻤﺎ ﻴﺜﺒﺕ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﻤﻠﺯﻤﺔ،
ﻓﻘﺩ ﻓﺴﺭ ﺒﻌﻀﻬﻡ ﻤﺎ ﻭﺭﺩ ﻓﻲ ﺇﺤﺩﻯ ﺁﻴﺎﺕ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﻗﻭﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ "ﻓﺈﺫﺍ ﻋﺯﻤﺕ ﻓﺘﻭﻜل ﻋﻠﻰ ﺍﷲ" ﺒﺄﻨﻪ ﻴﻌﻨﻲ ﺤﻕ ﺍﻟﺭﺴﻭل )ﺹ(
353
2016
ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻴﺔ ﺇﺘﺨﺎﺫ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺭﺍﻩ ﺴﻭﺍﺀ ﻭﺍﻓﻕ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﺃﻡ ﺨﺎﻟﻔﻬﺎ ،ﻭﻫﺫﺍ ﺭﺃﻱ ﺍﻟﻁﺒﺭﻱ ﻭﺇﺒﻥ ﺇﺴﺤﺎﻕ ﻭﺍﻟﻘﺭﻁﺒﻲ 19،ﻓﺄﺒﻭ ﺒﻜﺭ
ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﺨﺎﻟﻑ ﻤﺸﻭﺭﺓ ﻜل ﺍﻟﺼﺤﺎﺒﺔ ،ﻭﻤﻨﻬﻡ ﻭﺯﻴﺭﻩ ﻭﻤﺴﺘﺸﺎﺭﻩ ﻋﻤﺭ ﺒﻥ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺒﻌﺩﻡ ﻤﺤﺎﺭﺒـﺔ ﺍﻟﻤﺭﺘـﺩﻴﻥ ﻤـﻥ
ﺍﻟﻌﺭﺏ ﺤﻴﻥ ﺭﻓﻀﻭﺍ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﺯﻜﺎﺓ ،ﻭﻋﻤﺭ ﺒﻥ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﻟﻡ ﻴﺄﺨﺫ ﺒﻤﺸﻭﺭﺓ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻤﻥ ﺒﻴﻨﻬﻡ ﻋﻠﻲ ﺒﻥ ﺃﺒﻲ ﻁﺎﻟﺏ ﻭﻁﻠﺤـﺔ ﺒـﻥ
20
ﻋﺒﻴﺩ ﺍﷲ ﻓﻲ ﻤﺴﺄﻟﺔ ﺇﻤﺭﺓ ﺍﻟﺠﻴﺵ ﺍﻟﺴﺎﺌﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﺎﻡ ﻟﻤﺤﺎﺭﺒﺔ ﺍﻟﺭﻭﻡ.
ﻟﻴﺴﺕ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﺒﺤﺴﺏ ﺍﻟﻨﺹ ﺘﻔﺼﻴﻼ ﻤﻥ ﺘﻔﺎﺼﻴل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﻓﻲ ﺍﻹﺴﻼﻡ ،ﺒﺤﻴـﺙ ﻴﺴـﻭﻍ ﻟﻠﺴـﻠﻁﺎﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴـﻲ ﺃﻥ
ﻴﻀﺭﺏ ﺼﻔﺤﺎ ﻋﻨﻬﺎ ،ﻤﺎﺩﺍﻤﺕ ﻻ ﺘﻘﻊ ﻤﻨﻪ ﻤﻭﻗﻊ ﺍﻹﻟﺯﺍﻡ ،ﺒل ﻫﻲ ﺃﺼل ﻋﻘﺩﻱ ﻏﻴﺭ ﻗﺎﺒل ﻟﻠﺘﻌﻁﻴل ،ﺇﻨﻬﺎ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻋـﻥ ﻓﻜـﺭﺓ
ﺍﻹﺴﺘﺨﻼﻑ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﺃﻱ ﺇﺴﺘﺨﻼﻑ ﺍﻷﻤﺔ ﻟﻠﺤﻜﻡ ﻓﻲ ﺸﺅﻭﻨﻬﺎ ﻟﻤﻘﺘﻀﻰ ﺍﻹﺠﻤﺎﻉ ﺍﻟﻤﻨﻌﻘﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻤﻭﺭ ﻭﻻﻴﺘﻬﺎ
21
ﻋﻠﻰ ﻨﻔﺴﻬﺎ ،ﻭﻫﻲ ﻟﻠﺴﺒﺏ ﻨﻔﺴﻪ ﺠﻭﻫﺭ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻓﻲ ﺍﻹﺴﻼﻡ ،ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻋﻥ ﻭﻻﻴﺔ ﺍﻷﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻨﻔﺴﻬﺎ.
ﺇﻥ ﺍﻷﻤﻭﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻜﻭﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ،ﻫﻲ ﺍﻷﻤﻭﺭ ﺍﻹﺠﺘﻬﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻭﺤﻲ ﻓﻴﻬﺎ ،ﺃﻤﺎ ﺍﻷﻤﻭﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﺯل ﺒﻬﺎ ﺍﻟـﻭﺤﻲ،
ﻭﺤﺴﻤﻬﺎ ﺍﻟﻨﺹ ﻓﻬﻲ ﺨﺎﺭﺠﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ،ﺍﻟﻠﻬﻡ ﺇﻻ ﺍﻟﻤﺸﺎﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺘﻔﻬﻡ ﺍﻟﻤﺭﺍﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺹ ﻭﺃﻭﺠﻪ ﺘﻔﺴﻴﺭﻩ ،ﻓﺄﻤﺎ ﺍﻷﻤﻭﺭ ﺍﻟﺘﻲ
ﻻ ﻭﺤﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻬﻲ ﻤﺤل ﺍﻟﺘﺸﺎﻭﺭ ،ﻜﺈﻋﻼﻥ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﻭﻋﻘﺩ ﺍﻟﻤﻌﺎﻫﺩﺍﺕ ﻭﺇﺴﻨﺎﺩ ﺍﻟﻤﻨﺎﺼﺏ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﻤﻥ ﻴﺴـﺘﺤﻘﻬﺎ،
22
ﻭﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﺃﻜـﺩﻩ ﺇﺫﺍ ﻟﻡ ﺘﺘﻨﺎﻭﻟﻬﺎ ﻨﺼﻭﺹ ﺨﺎﺼﺔ ﺒﻬﺎ ،ﺃﻭ ﺘﻨﺎﻭﻟﺘﻬﺎ ﻭﻜﺎﻨﺕ ﻅﻨﻴﺔ ﺘﺤﺘﻤل ﺍﻟﻤﺸﺎﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺘﻔﻬﻡ ﺍﻟﻤﺭﺍﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺹ.
ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻴﻭﺴﻑ ﺍﻟﻘﺭﻀﺎﻭﻱ ﺒﻭﺠﻭﺏ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ،ﻭﺍﻷﺨﺫ ﺒﺭﺃﻱ ﺍﻹﻤﺎﻡ ،ﻭﻴﺤﺩﺩ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻭﺠﻭﺏ ﻓﻲ ﺜﻼﺜﺔ ﻤﺠﺎﻻﺕ ﻭﻫﻲ:
-1ﻓﻲ ﻤﺎ ﻻ ﻨﺹ ﻓﻴﻪ :ﻭﻴﺭﺍﺩ ﺒﻪ ﻤﺎ ﻟﻴﺱ ﻓﻴﻪ ﺩﻟﻴل ﺸﺭﻋﻲ ﻨﻘﻠﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻨﺒﻭﻴﺔ.
-2ﻓﻲ ﻤﺎ ﻴﺤﺘﻤل ﻭﺠﻭﻫﺎ ﻋﺩﺓ :ﻭﻫﺫﺍ ﻟﻪ ﻤﻌﻨﻴﺎﻥ :ﻤﺎ ﺨﻴﺭ ﻓﻴﻪ ﺍﻹﻤﺎﻡ ،ﻭﻤﺎ ﺘﻌﺩﺩﺕ ﻓﻴﻪ ﺍﻷﺭﺍﺀ ﻭﺍﻹﺠﺘﻬﺎﺩﺍﺕ.
-3ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻤﺭﺴﻠﺔ :ﺃﻱ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﻘﻴﺩﺓ ،ﻭﻨﻌﻨﻲ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﻴﺩل ﺩﻟﻴل ﺨﺎﺹ ﻤﻥ ﻨﺼﻭﺹ ﺍﻟﺸﺭﻉ ﻋﻠـﻰ
23
ﺇﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﻭﻻ ﻋﻠﻰ ﺇﻟﻐﺎﺌﻬﺎ.
ﺇﻥ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ،ﻫﻭ ﺍﻵﺨﺭ ﺃﺤﺩ ﻤﻘﻭﻤﺎﺕ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻓﻲ ﺍﻹﺴﻼﻡ ،ﻓﺎﻹﺴﻼﻡ ﻻ ﻴﻌﺭﻑ ﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﺍﻟﻤﺴـﺘﺒﺩ
ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ ،ﺒل ﻻﺒﺩ ﻟﻠﺨﻠﻴﻔﺔ ﺃﻥ ﻴﺸﺎﻭﺭ ﺃﻫل ﺍﻟﺤل ﻭﺍﻟﻌﻘﺩ ،ﺒﺫﻟﻙ ﺃﻤﺭﻩ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ ،ﻭﺇﻟﻴﻪ ﺩﻋﺘﻪ ﺍﻟﺴﻨﺔ ،ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺃﺠﻤﻊ ﺍﻟﻤﺴـﻠﻤﻴﻥ 24،ﺇﻥ
ﺃﻫل ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﺃﻭ ﺃﻫل ﺍﻟﺤل ﻭﺍﻟﻌﻘﺩ ﻴﻤﺜﻠﻭﻥ ﺍﻷﻤﺔ ،ﻷﻨﻬﻡ ﻴﺘﺼﺭﻓﻭﻥ ﻓﻲ ﺤﻘﻭﻕ ﺜﺎﺒﺘﺔ ﻟﻬـﺎ ﻨﻴﺎﺒـﺔ ﻋﻨﻬـﺎ ،ﻭﺘﻨﺼـﺭﻑ ﺁﺜـﺎﺭ
ﺘﺼﺭﻓﺎﺘﻬﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻤﺔ ﺫﺍﺘﻬﺎ ،ﻭﻤﻤﺜﻠﻭﺍ ﺍﻷﻤﺔ ﻓﻲ ﺇﺨﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻭﻓﻲ ﺘﻘﺩﻴﻡ ﺍﻟﻤﺸﻭﺭﺓ ﻟﻪ ﻓﻲ ﻤﺨﺘﻠﻑ ﺍﻷﻤﻭﺭ ،ﻴﺴﻤﻭﻥ ﺒﺄﺴـﻤﺎﺀ
ﻤﺘﻌﺩﺩﺓ ،ﻓﺎﻟﻤﺎﻭﺭﺩﻱ ﻴﺴﻤﻴﻬﻡ ﺃﻫل ﺍﻹﺨﺘﻴﺎﺭ ،ﻭﺍﻟﺒﻐﺩﺍﺩﻱ ﻴﺴﻤﻴﻬﻡ ﺃﻫل ﺍﻹﺠﺘﻬﺎﺩ ،ﻭﻜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺴﻤﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻌﺩﺩﺓ ﺒﺤﻴﺙ ﺘﺸـﺘﺭﻁ
ﺒﻴﻨﻬﻡ ﺸﺭﻭﻁﺎ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻭﺍﻟﻌﺩﺍﻟﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻡ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺍﻷﻤﺭﺍﺀ ﻭﺍﻟﺤﻜﺎﻡ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﺭﺅﺴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﻠﻭﻙ ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﻴﺦ ﺇﻟـﻰ
25
ﻏﻴﺭ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺼﻔﻭﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ.
ﻭﻟﻠﺸﻭﺭﻯ ﻓﻲ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻜﺒﺭﻯ ﻓﻲ ﺃﻱ ﺘﻨﻅﻴﻡ ﻜﺎﻥ ﺃﻭ ﺃﻱ ﺠﻤﺎﻋﺔ ﻭﺘﺭﺘﻜﺯ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻜل ﺩﻭﻟﺔ ﺭﺍﻗﻴﺔ ﺘﻨﺸﺩ ﻟﺭﻋﺎﻴﺎﻫـﺎ
ﺍﻷﻤﻥ ﻭﺍﻹﺴﺘﻘﺭﺍﺭ ﻭﺍﻟﻔﻼﺡ ﻭﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻷﻨﻬﺎ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻭﺍﻟﺴﻠﻴﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺘﻭﺼل ﺒﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﺤﺴـﻥ ﺍﻷﺭﺍﺀ ﻭﺍﻟﺤﻠـﻭل،
26
ﻭﻟﻬﺫﺍ ﺘﺤﻘـﻕ ﺍﻟﺸـﻭﺭﻯ ﻟﺘﺤﻘﻴﻕ ﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﻭﺍﻟﺩﻭل ،ﻭﺠﻌل ﺍﻹﺴﻼﻡ ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﺅﻤﻨﻴﻥ ﺘﻘﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ،
ﺃﺭﺒﻌﺔ ﺃﻤﻭﺭ ﺃﺴﺎﺴﻴﺔ:
-1ﺇﺸﺭﺍﻙ ﺍﻷﻤﺔ ﻤﻤﺜﻠﺔ ﺒﺄﻫل ﺍﻟﺤل ﻭﺍﻟﻌﻘﺩ ﻓﻲ ﻤﺯﺍﻭﻟﺔ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺒﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻷﻤﺔ.
-2ﺍﻟﺤﻴﻠﻭﻟﺔ ﺩﻭﻥ ﺇﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﺃﻭ ﻁﻐﻴﺎﻨﻪ.
-3ﺘﻁﻴﻴﺏ ﻨﻔﻭﺱ ﺍﻟﻤﺤﻜﻭﻤﻴﻥ ﻭﺘﺄﻟﻴﻑ ﻗﻠﻭﺒﻬﻡ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻤﻌﻪ ﻟﻨﺠﺎﺡ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻭﺘﻘﺩﻡ ﺍﻷﻤﺔ ﻭﺘﺠﻨﺏ ﺍﻟﺜﻭﺭﺍﺕ.
-4ﺘﺠﻨﺏ ﺍﻟﺨﻁﺄ ﻓﻲ ﺇﺘﺨﺎﺫ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭﺍﺕ ،ﻟﺫﻟﻙ ﻜﺎﻨﺕ ﺇﺴﺘﺸﺎﺭﺓ ﺍﻷﻤﺔ ﺍﻟﻤﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﺃﻫل ﺍﻟﺤل ﻭﺍﻟﻌﻘﺩ ﺃﻤﺭﺍ ﻻﺯﻤﺎ ،ﻟﻠﻭﺼـﻭل ﺇﻟـﻰ
27
ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻭﺍﻟﻘﺭﺍﺭ ﺍﻟﺼﺎﺌﺏ.
ﺇﻥ ﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﻓﻲ ﺍﻹﺴﻼﻡ ،ﻨﻅﺭﻴﺔ ﻋﺎﻤﺔ ﺼﺎﻟﺤﺔ ﻟﻜل ﺯﻤﺎﻥ ﻭﻤﻜﺎﻥ ،ﺒﺤﻴﺙ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﻜل ﻭﻗـﺕ ﺃﻥ
ﻴﻤﺎﺭﺴﻭﺍ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﺤﺴﺏ ﻅﺭﻭﻓﻬﻡ ،ﻭﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻜﺎﻨﺕ ﻗﺒل ﻨﺯﻭل ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﺴﻠﻁﺔ ﻤﻁﻠﻘﺔ ،ﻭﻏﻴﺭﺕ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﺫﻟـﻙ
354
2016
ﻭﺠﻌﻠﺕ ﺃﺴﺎﺱ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﻜﻤﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺤﻜﻭﻤﻴﻥ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ،ﻻ ﻗﻭﺓ ﺍﻟﺤﺎﻜﻤﻴﻥ ،ﻭﻻ ﻀـﻌﻑ ﺍﻟﻤﺤﻜـﻭﻤﻴﻥ،
ﻭﺠﻌﻠﺕ ﻟﻠﺠﻤﺎﻋﺔ ﺤﻕ ﺇﺨﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺭﻋﻰ ﻤﺼﻠﺤﺘﻬﺎ ،ﻭﺠﻌﻠﺕ ﺴﻠﻁﺘﻪ ﺤﺩﻭﺩﺍ ،ﻭﻤﻥ ﺤﻕ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺃﻥ ﺘﻌﺯﻟﻪ ﻭﺘـﻭﻟﻲ
28
ﻏﻴﺭﻩ ،ﻭﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺨﻁﺄ ﻓﺈﻨﻪ ﻴﺘﺤﻤل ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺘﻪ.
ﺇﻥ ﺭﺅﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﻗﻁﺏ ﻟﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﺘﺘﻤﺜل ﻓﻲ ﻋﺩﻡ ﺘﻤﻠﻙ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻷﻱ ﺴﻠﻁﺔ ﺤﻘﻴﻘﺔ ،ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻠﺴﻠﻁﺔ
ﻫﻭ ﺍﷲ ،ﻭﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻫﻲ ﻤﻭﺯﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﻜﻜل ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤﻭﻡ ،ﻭﺘﺼﺒﺢ ﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺘﻔﻭﻴﺽ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻌﺏ ،ﻭﻴﻤﻜﻥ
29
ﺭﺩﻫﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻓﻲ ﺤﺎﻻﺕ ﻋﺩﺓ ﺃﻭﻟﻬﺎ ﻋﺩﻡ ﺍﻹﻟﺘﺯﺍﻡ ﺒﺎﻹﺴﻼﻡ ﺃﻭ ﻋﺩﻡ ﺘﻁﺒﻴﻕ ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻊ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ.
ﺃﻤﺎ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﻓﻲ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺭﺍﺸﺩ ﺍﻟﻐﻨﻭﺸﻲ ،ﻟﻴﺴﺕ ﺤﻜﻤﺎ ﻓﺭﻋﻴﺎ ﻤﻥ ﺃﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻴﺴﺘﺩل ﻋﻠﻴﻪ ﺒﺂﻴﺔ ﺃﻭ ﺁﻴﺘﻴﻥ
ﻭﺒﻌﺽ ﺍﻷﺤﺎﺩﻴﺙ ﻭﺍﻟﻭﻗﺎﺌﻊ ،ﻭﺇﻨﻤﺎ ﻫﻲ ﺃﺼل ﻤﻥ ﺃﺼﻭل ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻭﻤﻘﺘﻀﻰ ﻤﻥ ﻤﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻹﺴﺘﺨﻼﻑ ،ﺃﻱ ﺃﻴﻠﻭﻟـﺔ ﺍﻟﺴـﻠﻁﺔ
ﺍﻟﺭﺒﺎﻨﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ،...ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﺍﻟﻌﻤﻭﺩ ﺍﻟﻔﻘﺭﻱ ﻓﻲ ﺴﻠﻁﺎﻥ ﺍﻷﻤﺔ ،ﻭﻨﻬﻭﻀﻬﺎ ﺒﺄﻤﺎﻨﺔ ﺍﻟﺤﻜـﻡ ﻋﻠـﻰ ﺃﺴـﺎﺱ
30
ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻭﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ.
ﺇﻥ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﻓﻲ ﺠﻭﻫﺭﻫﺎ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻥ ﺼﻴﻐﺔ ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻭﺘﻘﻠﻴﺏ ﻭﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻭﺘﻤﺤﻴﺼﻬﺎ ﻟﻠﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺭﺃﻱ
ﺍﻷﺼﻭﺏ ﺍﻟﻤﻨﺴﺠﻡ ﻤﻊ ﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻷﻥ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺸﺎﺭﻙ ﻓﻲ ﺼﻨﻌﻪ ،ﻭﻟﻡ ﻴﺼﻠﻭﺍ ﺇﻟﻴﻪ ﺇﻋﺘﺒﺎﻁﻴﺎ ﺃﻭ ﺒﺸﻜل ﻤﺴﺘﻌﺠل ،ﺒـل
ﺘﺤﺩﻴﺩ ﺍﻷﻓﻀل ﻭﺍﻷﺼﻠﺢ ،ﻓﻬﻲ ﺼﻴﻐﺔ ﺘﺠﻤﻊ ﻜل ﺍﻟﻌﻘﻭل ﻭﺘﺴﺘﻔﻴﺩ ﻤﻥ ﻜل ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﺒﻴل ﺍﻟﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ ﺍﻟـﺭﺃﻱ
31
ﺍﻷﺼﻭﺏ...ﻓﻼ ﻴﺤﻕ ﻷﻱ ﻓﺭﺩ ﻓﻲ ﺍﻷﻤﺔ ﻤﻬﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺇﻤﻜﺎﻨﺎﺘﻪ ﺍﻟﺫﻫﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ،ﺃﻥ ﻴﺴﺘﺒﺩ ﺒﺭﺃﻴﻪ ﺃﻭ ﻴﺴﺘﻔﺭﺩ ﺒﻘﺭﺍﺭ ﺍﻷﻤﺔ.
ﺜﺎﻟﺜﺎ /ﺠﺩﻟﻴﺔ ﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻓﻲ ﻓﻜﺭ ﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ.
-1ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﺘﻭﺍﻓﻕ ﻭﺍﻟﻘﺒﻭل ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ :ﺇﻥ ﻤﻥ ﺃﻫﻡ ﺍﻟﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟـﻰ ﺇﻋـﺎﺩﺓ
ﺼﻴﺎﻏﺔ ﺭﺅﻴﺘﻬﺎ ﻭﻨﻅﺭﺘﻬﺎ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻫﻲ ﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﺒﻜل ﻤﺎ ﺘﺤﻤﻠﻪ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻤﻥ ﻤﻌﻨﻰ ﻭﺁﻟﻴـﺎﺕ ﻭﺃﻨﺴـﺎﻕ ﺇﺠﺘﻤﺎﻋﻴـﺔ
ﻭﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺠﺎل ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﺍﻟﻴـﻭﻡ ،ﻻ ﻴﻤﻜﻨـﻪ ﺃﻥ ﻴﺴـﺘﺄﻨﻑ ﺩﻭﺭﻩ ﺍﻟﺘـﺎﺭﻴﺨﻲ ﻭﺍﻟﺤﻀـﺎﺭﻱ ﺒـﺩﻭﻥ ﺍﻟﺤﺭﻴـﺔ
ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ 32.ﻓﺎﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺒﻜل ﺁﻟﻴﺎﺘﻬﺎ ﻭﺁﻓﺎﻗﻬﺎ ﻭﻤﺅﺴﺴﺎﺘﻬﺎ ﻭﺸﺭﻭﻁﻬﺎ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ،ﻫﻲ ﺍﻟﻘـﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠـﻰ ﺇﻋـﺎﺩﺓ
ﺘﺄﻫﻴل ﺍﻟﻤﺠﺎل ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭ ﻹﺴﺘﺌﻨﺎﻑ ﺩﻭﺭﻩ ﻭﺸﻬﻭﺩﻩ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ ،ﻓﻜل ﻗﻴﻡ ﺍﻟﻨﻬﻭﺽ ﻭﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺘﻁﻭﺭ ﺒﺤﺎﺠﺔ ﺇﻟﻰ ﻗﻴﻤﺔ
33
ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ،ﻓﻬﻲ ﺃﻡ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺒﺩﻭﻨﻬﺎ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﻨﺠﺯ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻤﻲ ﻭﺍﻟﻘﻴﻤﻲ ﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻟﻨﻬﻭﺽ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ.
ﻴﻌﺘﺒﺭ ﺭﺍﺸﺩ ﺍﻟﻐﻨﻭﺸﻲ ﻤﻥ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﻔﻜﺭﻴﻥ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺼﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺭﻯ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻜﺎﻟﺸـﻭﺭﻯ،
ﻭﺍﻟﻐﺭﺏ ﻓﻲ ﻨﻅﺭﻩ ﺃﺨﺫ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﻭﻁﻭﺭﻫﺎ ﻭﻟﺫﻟﻙ ﻓﻬﻭ ﻻ ﻴﺭﻯ ﻤﺎﻨﻌﺎ ﻤﻥ ﺍﻷﺨﺫ ﺒﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻷﻨﻬﺎ ﺒﻤﺜﺎﺒـﺔ ﺒﻀـﺎﻋﺔ
ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﺭﺩﺕ ﺇﻟﻴﻬﻡ ،ﻭﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻐﻨﻭﺸﻲ ﻻ ﻴﺭﻯ ﺤﺭﺠﺎ ﺍﻷﺨﺫ ﺒﺎﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﺴﻤﺎﻫﺎ ﺃﻱ ﻓﻲ ﻤﻀﻤﻭﻨﻬﺎ ﺒﻤﺎ ﻴﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺭﻓﻀﻪ
ﻴﺘﺠﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺼﻁﻠﺢ ﻭﻟﻴﺱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻀﻤﻭﻥ ،ﻭﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﻴﺘﺄﻜﺩ ﻓﻲ ﻤﻭﻀﻊ ﺁﺨﺭ ﺤﻴﻥ ﻴﻘﻭل ﺒﺄﻥ ":ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺇﻋﺘﺭﺍﻑ ﺒﺎﻟﺠﻤﻴﻊ،
ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﻭﺘﺩﺍﻭل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﺤﻕ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺃﻥ ﻴﺨﺘﺎﺭ ،ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻟﻴﺴﺕ ﺃﻥ ﺘﺨﺘـﺎﺭ ﻤﻌﺎﺭﻀـﻴﻙ ﻭﺇﻨﻤـﺎ ﺃﻥ
ﺘﺭﻭﺽ ﻨﻔﺴﻙ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻭﺍﻟﺘﻔﺎﻫﻡ ﻤﻌﻬﻡ ،ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻜﺎﻟﺸﻭﺭﻯ ﻟﻴﺴﺕ ﻤﺠﺭﺩ ﺃﺴﻠﻭﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜـﻡ ﻟﻠﺘﻌﺒﻴـﺭ ﻋـﻥ ﺇﺭﺍﺩﺓ
ﺍﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻹﺠﻤﺎﻉ ﻭﺇﻨﻤﺎ ﺃﻴﻀﺎ ﻤﻨﻬﺞ ﻟﻠﺘﺭﺒﻴﺔ ﻭﻋﻼﺝ ﺍﻟﺘﻁﺭﻑ ﺒﺎﻟﺤﻭﺍﺭ" ،ﺇﻥ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻴﻤﺘﻠﻙ ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺇﺴﺘﻴﻌﺎﺏ ﺍﻟﺼـﻴﻐﺔ
34
ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺘﺭﺸﻴﺩﻫﺎ.
ﻴﻨﻁﻠﻕ ﺍﻟﻐﻨﻭﺸﻲ ﻓﻲ ﺤﺩﻴﺜﻪ ﻋﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﻤﻥ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﻓﻜﺭﻴﺔ ﺭﺍﺴـﺨﺔ ﻓـﻲ ﻭﻋﻴـﻪ ﻤﻔﺎﺩﻫـﺎ ﻫـﻭ ﺃﻥ
ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺘﻘﺩﻡ ﺃﻓﻀل ﺁﻟﻴﺔ ﺃﻭ ﺠﻬﺎﺯ ﻟﻠﺤﻜﻡ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ،ﺒﺈﺴﺘﻌﻤﺎﻟﻪ ﻤﻥ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻭﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﺤﺭﻴـﺎﺕ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ 35،ﻭﻟﻌل ﺍﻟﻐﻨﻭﺸﻲ ﻜﺎﻥ ﺍﻷﺠﺭﺃ ﻤﻥ ﺴﺎﺌﺭ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﻴﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﻴﻥ ،ﺤﻴﻥ ﺸﺩﺩ ﻋﻠـﻰ ﺃﻨـﻪ ،ﻭﻓـﻲ ﺇﻁـﺎﺭ ﺍﻟﻨﻅـﺎﻡ
ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻲ ،ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﺘﻡ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺘﻔﻌﻴل ﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺠﺎﺀ ﺒﻬﺎ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻜﺎﻟﺸﻭﺭﻯ ،ﺇﺫ ﻴﻤﻜﻥ ﻟﻶﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴـﺔ ﺃﻥ
ﺘﻌﻤل ﻓﻲ ﻤﻨﺎﺨﺎﺕ ﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﺃﺭﻀﻴﺎﺕ ﻓﻜﺭﻴﺔ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻭﻫﺫﺍ ﻤﻌﻨﺎﻩ ﺃﻨﻪ ﻻ ﺴﺒﻴل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﻓﻲ ﻓﺭﻀﻴﺔ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﺨـﺎﺭﺝ
36
ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ.
355
2016
ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻤﻔﻜﺭ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﻤﺤﻤﺩ ﻋﻤﺎﺭﺓ ﻴﺭﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﻻ ﺘﺘﻤﻴﺯ ﻋﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻵﻟﻴـﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺅﺴﺴـﺎﺕ
ﻭﺍﻟﺨﺒﺭﺍﺕ ،ﺇﺫ ﻴﻌﺘﺒﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﻜﻤﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺤﻜﻭﻤﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﺘﺘﺤﺩﺩ ﻭﻓﻕ ﻤﺒﺩﺃ ﺍﻟﺘﻌﺎﻗﺩ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻱ
ﺒﻴﻥ ﺍﻷﻤﺔ ﻭﺃﻭﻟﻲ ﺍﻷﻤﺭ ،ﻭﻜﺫﻟﻙ ﻴﺅﻜﺩ ﺍﻟﻤﻔﻜﺭ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﻤﺤﻤﺩ ﺤﻨﻔﻲ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺍﻟﺫﻱ ﺫﻫﺏ ﺇﻟﻴﻪ ﻤﺤﻤﺩ ﻋﻤﺎﺭﺓ ﺤﻭل ﻗﻨﺎﻋﺘﻪ
ﺒﻜﻭﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻻ ﺘﺘﻨﺎﻓﻰ ﻤﻊ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﻓﻲ ﺍﻹﺴﻼﻡ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺘﺴﺘﻤﺩ ﺸﺭﻋﻴﺘﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻘـﺩ ﺍﻹﺠﺘﻤـﺎﻋﻲ ،ﺃﻱ
ﺍﻟﺒﻴﻌﺔ ،ﺇﻥ ﺍﻟﻬﻡ ﺍﻷﺴﺎﺴﻲ ﻫﻭ ﻜﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﺤﺩ ﻤﻥ ﺇﺴﺘﺒﺩﺍﺩﻴﺔ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ،ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻋﻨﺩﻩ ﻴﻤﻜﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﺤﺩ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻹﺴـﺘﺒﺩﺍﺩ ،ﻷﻥ
ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﺍﻹﻤﺎﻡ ﻤﺒﺎﻴﻊ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻭﺍﻟﺒﻴﻌﺔ ﻜﻤﺎ ﺃﻭﻟﻬﺎ ﺇﺨﺒﺎﺭ ﻭﺇﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ﺤﺭﺓ ،ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻬﻲ ﺘﺠﺴﻴﺩ ﻟﻠﻌﻘﺩ ﺍﻹﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻜﻤـﺎ ﻓـﻲ
ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﻐﺭﺒﻲ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ،ﻭﻴﺄﺘﻲ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺒﻤﻬﻤﺔ ﺍﻟﻨﺼﺢ ﺃﻱ ﺍﻷﻤﺭ ﺒﺎﻟﻤﻌﺭﻭﻑ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻨﻜﺭ ،ﺍﻟـﺫﻱ ﻫـﻭ
37
ﺘﺭﺠﻤﺔ ﻟﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺒﻤﻌﻨﺎﻫﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ.
ﺇﻥ ﻤﻥ ﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﻭﺍﻟﺘﻘﺩﻡ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﺤﺴﺏ ﺭﺃﻱ ﻓﻬﻤﻲ ﻫﻭﻴﺩﻱ ،ﻫﻭ ﺃﻨﻪ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﻘﻭﻡ ﻟﻨﺎ ﻗﻴﺎﻤﺔ ﺒﻐﻴـﺭ
ﺍﻹﺴﻼﻡ ،ﺃﻭ ﺃﻥ ﻴﺴﺘﻘﻴﻡ ﻟﻨﺎ ﺤﺎل ﺒﻐﻴﺭ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﺇﺫ ﺒﻐﻴﺭ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﺘﺯﻫﻕ ﺭﻭﺡ ﺍﻷﻤﺔ ،ﻭﺒﻐﻴﺭ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﺭﻯ ﻓﻴﻬـﺎ
ﻤﻘﺎﺒﻼ ﻟﻠﺸﻭﺭﻯ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻴﺤﺒﻁ ﻋﻤﻠﻬﺎ ،ﺒﺴﺒﺏ ﺫﻟﻙ ﻴﻌﺘﺒﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﻤﻊ ﺒﻴﻥ ﺍﻹﺜﻨﻴﻥ ﺃﻱ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻫﻭ ﻤـﻥ ﻗﺒﻴـل
ﺍﻟﻤﻌﻠﻭﻡ ﺒﺎﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﻤﻥ ﺃﻤﻭﺭ ﺍﻟﺩﻨﻴﺎ ،ﻭﻴﻤﺜل ﻫﻭﻴﺩﻱ ﻫﻨﺎ ﻗﻤﺔ ﺍﻟﺘﻭﻓﻴﻘﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴـﺔ ﻋﻠـﻰ ﺭﻏـﻡ ﺇﺨـﺘﻼﻑ
38
ﺍﻟﺴﻴﺎﻗﻴﻥ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﻥ ﻟﻠﻤﻔﻬﻭﻤﻴﻥ.
ﻴﻼﺤﻅ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭ ،ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻗﺭﺍﺭﺍﺕ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﺘﺨﺘﻠﻑ ﻨﻭﻋﻴﺎ ﻋﻤﺎ ﻫـﻭ ﻓـﻲ ﺍﻟﺴـﺎﺒﻕ ﻟـﺒﻌﺽ
ﺍﻟﻤﺴﺎﺌل ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﺩ ﺠﺩﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﻜﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺤﻭل ﻤﻥ ﺍﻹﻁﻼﻕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﺇﻟﻴﻬـﺎ
ﻋﻥ ﻜﻭﻨﻬﺎ ﻤﺫﻫﺒﺎ ﺇﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺎ ﻭﻓﻠﺴﻔﻴﺎ ﻴﻐﺎﻴﺭ ﻤﺎﻫﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﺒﺘﻠﻙ ﺍﻟﺤﺩﻭﺩ ﻭﺍﻟﻨﺴﺒﺔ ،ﻓﻤﻨﺫ ﻋﻘﺩ ﺍﻟﺘﺴﻌﻴﻨﻴﺎﺕ ﻤـﻥ ﻫـﺫﺍ
ﺍﻟﻘﺭﻥ ،ﻭﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺘﻁﺭﺡ ﺒﻭﺘﻴﺭﺓ ﻤﺘﺼﺎﻋﺩﺓ ﻭﻤﻜﺜﻔﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭ ،ﺒﺄﻨﻤﺎﻁ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻤـﻥ ﺍﻟﻔﻬـﻡ
ﻭﺍﻟﺘﺤﻠﻴل ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ﻭﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻟﻠﻐﻭﻱ ،ﺘﻜﺸﻑ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﺤﻭل ﻓﻲ ﺍﻟﺭﺅﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺘﻐﻴﺭ ﻓـﻲ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴـﺔ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴـﺔ
39
ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ.
ﺠﺎﻨﺏ ﺁﺨﺭ ﻟﻠﻤﻭﻗﻑ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺍﻷﺨﺫ ﺒﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ،ﻫﻭ ﺼﻴﺎﻏﺔ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻤﺸـﺭﻭﻋﻬﺎ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺇﻋﻁﺎﺀ ﺍﻷﻭﻟﻭﻴﺎﺕ ﻟﻠﺤﺭﻴﺎﺕ ﻭﺤﻘﻭﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﻜﻤﺎ ﺤﺼل ﻓﻌﻼ ﻓﻲ ﻋـﺩﺩ ﻤـﻥ ﺍﻟﺤﺭﻜـﺎﺕ
ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺘﻐﻴﺭ ﻓﻲ ﺼﻴﺎﻏﺔ ﺒﻨﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ،ﺇﺩﺍﺭﻴﺎ ﻭﺤﺭﻜﻴﺎ ﺒﻨﻤﻁ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻋﺒﺭ ﺘﻭﺴﻴﻊ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﻓﻲ ﺍﻟـﺭﺃﻱ
ﻭﺼﻴﺎﻏﺔ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﻭﺍﻟﻘﺭﺍﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻟﺤﺭﻜﻲ ،ﻭﺇﻋﺘﻤﺎﺩ ﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺘﺭﺸﻴﺢ ﻭﺍﻹﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ﻭﺍﻷﺨﺫ ﺒﺄﻜﺜﺭﻴﺔ ﺍﻷﺭﺍﺀ ﻓﻲ ﺇﺠﺘﻤﺎﻋـﺎﺕ
40
ﻭﻤﺅﺘﻤﺭﺍﺕ ﻤﻭﺴﻌﺔ ﺍﻟﺤﻀﻭﺭ.
ﺘﻘﻭﻡ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﻓﻀل ﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻤﻥ ﻤﺒﺎﺩﺉ ،ﺒﻴﺩ ﺃﻨﻬﺎ ﻟﻴﺴﺕ ﻨﺴﺨﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴـﺔ
ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ،ﺇﻨﻬﺎ ﺘﻭﺍﻓﻕ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﻀﺭﻭﺭﺓ ﺇﺨﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻟﺸﻌﺏ ،ﺇﺫ ﻻ ﻴﺠﻭﺯ ﺃﻥ ﻴﻔﺭﺽ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺭﻏﻤـﺎ
ﻋﻨﻬﺎ ،ﻭﺘﻭﺍﻓﻘﻬﺎ ﻓﻲ ﺃﻨﻪ ﻤﺴﺅﻭل ﺃﻤﺎﻡ ﻤﻤﺜﻠﻴﻬﺎ ﻤﻥ ﺃﻫل ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﻭﻟﻬﻡ ﺤﻕ ﻋﺯﻟﻪ ،ﻭﺘﺯﻴﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻨﻬﺎ ﺘﺠﻌل ﻟﻜل ﻓﺭﺩ ﻓﻲ ﺍﻷﻤﺔ
ﺃﻥ ﻴﻨﺼﺢ ﻟﻠﺤﺎﻜﻡ ﻭﻴﺄﻤﺭﻩ ﺒﺎﻟﻤﻌﺭﻭﻑ ﻭﻴﻨﻬﺎﻩ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻨﻜﺭ ،ﺃﻤﺎ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﻓﻼ ﺘﺤﻜﻤﻬﺎ ﺃﺼﻭل ﺘﻘﻴﺩﻫﺎ ﻭﻻ ﻗﻴﻡ ﺘﻀﺒﻁ
ﺴﻴﺭﻫﺎ ،ﻓﺘﺴﺘﻁﻴﻊ ﺒﺈﺴﻡ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺃﻥ ﺘﻠﻐﻲ ﺍﻟﻔﻀﺎﺌل ﻭﺃﻥ ﺘﻘﺭﺭ ﺍﻟﺭﺫﺍﺌل ﻭﺃﻥ ﺘﻘﻨﻥ ﺍﻟﻤﻅﺎﻟﻡ ،ﻭﺃﻥ ﺘﺤﻠـل ﺍﻟﺤـﺭﺍﻡ ،ﻭﺃﻥ ﺘﺤـﺭﻡ
41
ﺍﻟﺤﻼل.
ﻴﻤﻴل ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻭل ﺒﺘﺸﺎﺒﻪ ﻤﻌﻁﻴﺎﺕ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﺒﺘﻠـﻙ ﺍﻟﻤﺘﻘـﺭﺭﺓ ﻓـﻲ ﺍﻟﻨﻅـﺎﻡ
ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻲ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ،ﻭﻓﻲ ﺃﺴﺎﺱ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﺍﻟﺤﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺒﺤﺴﺒﺎﻨﻪ ﺤﻘﺎ ﻤﻜﻔﻭﻻ ﻟﻸﻗﻠﻴﺔ ﻭﻀﻤﺎﻨﺔ ﻟﺭﻋﺎﻴﺔ ﻤﺼﺎﻟﺤﻬﺎ
42
ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﺤﺎﻜﻤﺔ.
356
2016
357
2016
ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻤﻬﻤﺘﻬﺎ ﻤﻘﺼﻭﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺘﻨﺴﻴﻕ ﺤﺭﻴﺎﺕ ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ ﺤﺘﻰ ﻻ ﺘﺘﺼﺎﺩﻡ ،ﺇﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺘﺨﺘﻠﻑ ﻤﻥ ﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻹﺴﻼﻡ
ﺇﺨﺘﻼﻓﺎ ﻜﺒﻴﺭﺍ ،ﻓﻬﻲ ﺘﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﺒﻴﻥ ﺍﻹﻴﻤﺎﻥ ﻭﺍﻹﻟﺤﺎﺩ ﻓﻲ ﻤﺠﺎل ﺍﻟﻔﻜﺭ ،ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻹﺒﺎﺤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻘﻴﻴﺩ ﻓﻲ ﻤﺠﺎل ﺍﻟﺴـﻠﻭﻙ
48
ﺍﻟﺨﻠﻘﻲ ،ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺭﻓﺔ ﺍﻟﻁﺎﻏﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻘﻴﻴﺩ ﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ،ﻭﺍﻹﺴﻼﻡ ﻻ ﻴﻘﺒل ﺍﻟﺘﺴﻭﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻹﺘﺠﺎﻫﺎﺕ.
ﺭﻏﻡ ﻜل ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻋﻨﺩ ﻤﻔﻜﺭﻱ ﺍﻟﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ،ﺇﻻ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻜﺘﺎﺒﺎﺕ ﻏﺭﺒﻴﺔ ﺘـﺩﻋﻭﺍ ﺇﻟـﻰ
ﻋﺩﻡ ﺘﻭﺍﻓﻕ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻤﻊ ﻗﻴﻡ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﺒﺤﻴﺙ ﺘﺭﻯ ﺠﻭﺩﻴﺙ ﻤﻴﻠﻠﺭ ﺇﻟﻰ ﺘﻭﻅﻴﻑ ﺘﻭﺠﻪ ﻏﻴﺭ ﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻲ ﻭﺇﺴـﺘﺒﻌﺎﺩﻱ ﺘﺠـﺎﻩ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ،ﺇﺫ ﺃﻥ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻻ ﻴﺘﻨﺎﺴﺏ ﻤﻊ ﻗﻴﻡ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻴﻌﻨﻲ ﻜل ﻫﺫﺍ ﺃﻥ ﻋﻠﻰ ﺼﺎﻨﻌﻲ ﺍﻟﻘـﺭﺍﺭ ﻓـﻲ ﺍﻟﻐـﺭﺏ ﺃﻻ
ﻴﺅﻴﺩﻭﺍ ﺍﻹﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ،ﻷﻨﻬﺎ ﺴﺘﻭﺼل ﺃﺼﻭﻟﻴﻴﻥ ﻤﺘﺸﺩﺩﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺘﺭﻯ ﺃﻨﻪ ﺒﻐـﺽ
ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻋﻥ ﺇﻟﺘﺯﺍﻡ ﺍﻟﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺒﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻓﺈﻥ ﻜل ﺍﻷﺼﻭﻟﻴﻴﻥ ﻴﺭﻓﻀﻭﻨﻬﺎ ،ﻭﻴﺭﻯ ﻜﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﺴـﻴﺎﻕ
ﻤﺎﺭﺘﻥ ﻜﺭﺍﻴﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﻭل ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻭﻜﺫﻟﻙ ﺭﺃﻱ ﺒﺭﻨﺎﺭﺩ ﻟﻭﻴﺱ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘـﻭل
49
ﺃﻨﻪ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﺠﻤﻊ ﺒﻴﻥ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ.
ﺍﻟﺨﺎﺘﻤﺔ:
ﺘﻌﺘﺒﺭ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻤﻥ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻭﻫﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺎﻭﻟﻬﺎ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭ ،ﺭﻏـﻡ
ﺍﻹﺨﺘﻼﻓﺎﺕ ﻭﺍﻟﻔﻭﺍﺭﻕ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺓ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﺇﻻ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻗﻭﺍﺴﻡ ﻤﺸﺘﺭﻜﺔ ﻭﻋﻼﻗـﺔ ﺘﻭﺍﻓـﻕ ﻭﻗﺒـﻭل ﺒـﻴﻥ
ﺍﻟﻤﻔﻬﻭﻤﻴﻥ ،ﻓﻤﻥ ﺠﻬﺔ ﻴﻜﺎﺩ ﺍﻟﻤﻔﻜﺭﻭﻥ ﻭﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﻭﻥ ﻴﺠﻤﻌﻭﻥ ﺤﻭل ﺇﺨﺘﻼﻑ ﻤﻀﻤﻭﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﻓﻠﺴـﻔﺘﻬﺎ ﻤـﻊ
ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﻓﻲ ﺍﻹﺴﻼﻡ ،ﻤﻊ ﺇﺨﺘﻼﻑ ﺩﺭﺠﺎﺕ ﺍﻟﺘﻭﻓﻴﻕ ﻭﺍﻟﺭﻓﺽ ،ﻓﺎﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻜﻤﺼﻁﻠﺢ ﺃﻭ ﻜﻤﺫﻫﺏ ﻭﻓﻠﺴﻔﺔ ﺘﻌﺘﺒﺭ ﻟﺩﻯ
ﺍﻟﻜﺜﻴﺭﻴﻥ ﺃﻨﻬﺎ ﺠﺯﺀ ﻤﻥ ﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻴﺔ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ،ﻟﺫﻟﻙ ﺘﺭﻓﺽ ﺒﺈﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﻤﻥ ﺼﻤﻴﻡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻤﺎﺭﺱ
ﺍﻟﻘﻬﺭ ﻭﻤﺎﺯﺍل ﻴﺴﻌﻰ ﺒﻭﺴﺎﺌل ﺠﺩﻴﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻴﻁﺭﺓ ﻭﺘﻜﺭﻴﺱ ﺘﺒﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ،ﻭﺒﺈﻋﺘﺒﺎﺭ ﻜﺫﻟﻙ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻤﻨﺎﻗﻀـﺔ
ﻟﻠﺸﺭﻴﻌﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻭﻤﻨﻅﻭﻤﺔ ﺘﺴﺘﻨﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ،ﺃﻤﺎ ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﺃﺼﺒﺢ ﺍﻟﺘﺤﻭل ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﻓﺽ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺒـﻭل
ﻭﺍﻟﺘﻭﺍﻓﻕ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﻔﻬﻭﻤﻴﻥ ﻷﻨﻪ ﻻ ﻴﻭﺠﺩ ﻤﺎ ﺘﺘﻨﺎﻓﻰ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﻓﻲ ﺍﻹﺴﻼﻡ ،ﻭﻴﺘﺼل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﻤـﺎ ﺃﻗـﺩﻤﺕ
ﻋﻠﻴﻪ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻋﻁﺕ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ،ﻭﻗﻀﺎﻴﺎ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻹﻨﺴـﺎﻥ ،ﻭﺤـﻕ ﺍﻟﻤﺸـﺎﺭﻜﺔ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﻭﺍﻹﻋﺘﺭﺍﻑ ﺒﺎﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺤﻕ ﺍﻹﺨﺘﻼﻑ ﻭﺍﻟﻔﺼل ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﻭﺘﺩﺍﻭل ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺒﺸﻜل ﺴﻠﻤﻲ،
ﺃﻭﻟﻭﻴﺔ ﺃﺴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﺸﺭﻭﻋﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ.
358
2016
ﺍﻟﻬﻭﺍﻤﺵ:
1
ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺭﺯﻴﻕ ﺍﻟﻤﺨﺎﺩﻤﻲ ،ﺍﻹﺼﻼﺡ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﻭﺍﻟﻔﻭﻀﻰ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀﺓ ،ﻁ ،1.ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ :ﺩﺍﺭ
ﺍﻟﻔﺠﺭ ﻟﻠﻨﺸﺭ ﻭﺍﻟﺘﻭﺯﻴﻊ ،2007 ،ﺹ.19.
2
ﻤﺤﻤﺩ ﺭﻓﻌﺕ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻭﻫﺎﺏ ،ﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﻨﻅﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﺒﻴﺭﻭﺕ :ﻤﻨﺸﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﺤﻠﺒﻲ ﺍﻟﺤﻘﻭﻗﻴﺔ ،2002 ،ﺹ.179.
3
ﻤﺤﻤﺩ ﻨﺼﺭ ﻤﻬﻨﺎ ،ﺘﻁﻭﺭ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺫﺍﻫﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﻁ ،1.ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ :ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﺠﺭ ﻟﻠﻨﺸﺭ ﻭﺍﻟﺘﻭﺯﻴﻊ ،ﺹ.222.
4
ﺃﺤﻤﺩ ﺼﺎﺒﺭ ﺤﻭﺤﻭ ،ﻤﺒﺎﺩﺉ ﻭﻤﻘﻭﻤﺎﺕ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﻤﻔﻜﺭ ،ﻉ ،5.ﺹ.322.
5
ﺇﺴﻤﺎﻋﻴل ﺼﺒﺭﻱ ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ﻭﺁﺨﺭﻭﻥ ،ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ،ﻁ ،2.ﺒﻴﺭﻭﺕ :ﻤﺭﻜﺯ ﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﻭﺤـﺩﺓ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴـﺔ،
،2002ﺹ .18-17 ،
6
ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ ،ﺹ .15-14 ،
7
ﺨﺎﻟﺩ ﻤﺤﻤﺩ ﺼﺎﻓﻲ ،ﺃﻴﻤﻥ ﻁﻼل ﻴﻭﺴﻑ ،ﺇﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻜـﺭ ﺍﻹﺴـﻼﻤﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼـﺭ :ﺩﺭﺍﺴـﺔ
ﻤﻔﺎﻫﻴﻤﻴﺔ ،ﻤﺠﻠﺔ ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺍﻷﻗﺼﻰ ،ﻉ ،1.ﻴﻨﺎﻴﺭ ،2009ﺹ.100.
8
ﺜﻨﺎﺀ ﻓﺅﺍﺩ ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ،ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺭ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ،ﻁ ،2.ﺒﻴﺭﻭﺕ :ﻤﺭﻜـﺯ ﺩﺭﺍﺴـﺎﺕ ﺍﻟﻭﺤـﺩﺓ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴـﺔ،2004 ،
ﺹ.16.
9
ﺨﺎﻟﺩ ﻤﺤﻤﺩ ﺼﺎﻓﻲ ،ﺃﻴﻤﻥ ﻁﻼل ﻴﻭﺴﻑ ،ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ،ﺹ.102-101
10
ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﺨﻀﺭ ،ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﻟﻭﻫﻡ ،ﻁ ،1.ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ :ﻋﺎﻟﻡ ﺍﻟﻜﺘﺏ ،2006 ،ﺹ.21.
11
ﻋﺩﻨﺎﻥ ﻋﻭﻴﺩ ،ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﻭﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ :ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺃﻨﻤﻭﺫﺠﺎ ،ﺩﻤﺸﻕ :ﺍﻟﺘﻠﻭﻴﻥ ﻟﻠﻁﺒﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ ﻭﺍﻟﺘﻭﺯﻴـﻊ،2006 ،
ﺹ.10.
12
ﺤﺴﻥ ﻋﻘﻴل ﺃﺒﻭ ﻏﺯﻟﺔ ،ﺍﻟﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻷﺼﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺭﻕ ﺍﻷﻭﺴﻁ )ﺇﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ( ،ﻁ ،1.ﺍﻷﺭﺩﻥ :ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﻟﻠﻁﺒﺎﻋـﺔ
ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ ﻭﺍﻟﺘﻭﺯﻴﻊ ،2002 ،ﺹ.184.
13
ﺨﺎﻟﺩ ﻤﺤﻤﺩ ﺼﺎﻓﻲ ،ﺃﻴﻤﻥ ﻁﻼل ﻴﻭﺴﻑ ،ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ،ﺹ.102.
14
ﻤﺤﻤﺩ ﺤﻤﺩ ﺍﻟﻘﻁﺎﻁﺸﺔ ،ﺠﺩﻟﻴﺔ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ :ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻔﻬﻭﻡ ،ﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴـﺔ ،ﻉ ،2.ﺩﻤﺸـﻕ،
،2004ﺹ.275.
15
ﺤﺴﻥ ﻋﻘﻴل ﺃﺒﻭ ﻏﺯﻟﺔ ،ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ،ﺹ.184.
16
ﻤﻨﻴﺭ ﺤﻤﻴﺩ ﺍﻟﺒﻴﺎﺘﻲ ،ﺍﻟﻨﻅﻡ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ،ﻁ ،1.ﺍﻷﺭﺩﻥ :ﺩﺍﺭ ﻭﺍﺌل ﻟﻠﻨﺸﺭ ،2006 ،ﺹ.264.
17
ﻋﻠﻲ ﺤﻴﺩﺭ ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ،ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻭﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻁ ،2.ﺒﻴﺭﻭﺕ :ﻤﺭﻜﺯ ﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،1999 ،ﺹ-265
.266
18
ﻤﻨﻴﺭ ﺤﻤﻴﺩ ﺍﻟﺒﻴﺎﺘﻲ ،ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ،ﺹ.266-265.
19
ﻋﻠﻲ ﺤﻴﺩﺭ ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ،ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ،ﺹ.154.
20
ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ ،ﺹ.155.
21
ﻋﺒﺩ ﺍﻹﻟﻪ ﺒﻠﻘﺯﻴﺯ ،ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭ ،ﻁ ،2.ﺒﻴﺭﻭﺕ :ﻤﺭﻜﺯ ﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﻭﺤـﺩﺓ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴـﺔ ،2004 ،ﺹ-172.
.173
22
ﻤﻨﻴﺭ ﺤﻤﻴﺩ ﺍﻟﺒﻴﺎﺘﻲ ،ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ،ﺹ.268-267.
23ﻋﺒﺩ ﺍﻹﻟﻪ ﺒﻠﻘﺯﻴﺯ ،ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ،ﺹ.177.
24ﻤﻨﻴﺭ ﺤﻤﻴﺩ ﺍﻟﺒﻴﺎﺘﻲ ،ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ،ﺹ.263.
25ﻋﻠﻲ ﺤﻴﺩﺭ ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ،ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ،ﺹ.269-268.
26ﺤﺴﻥ ﻋﻘﻴل ﺃﺒﻭ ﻏﺯﻟﺔ ،ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ،ﺹ.184.
27ﻤﻨﻴﺭ ﺤﻤﻴﺩ ﺍﻟﺒﻴﺎﺘﻲ ،ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ،ﺹ.267-266.
359
2016
28ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻤﻨﻌﻡ ﺍﻟﺤﻨﻔﻲ ،ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺍﻟﻔﺭﻕ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺫﺍﻫﺏ ﻭﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ﻭﺍﻟﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻹﺴـﻼﻤﻴﺔ ،ﻁ ،2.ﻤﻜﺘﺒـﺔ ﻤـﺩﺒﻭﻟﻲ،1999 :
ﺹ.44.
29ﺤﺴﻥ ﻋﻘﻴل ﺃﺒﻭ ﻏﺯﻟﺔ ،ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ،ﺹ.185.
30ﺭﺍﺸﺩ ﺍﻟﻐﻨﻭﺸﻲ ،ﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ،ﻁ ،1.ﺒﻴﺭﻭﺕ :ﻤﺭﻜﺯ ﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،1993 ،ﺹ.109.
31ﻤﺤﻤﺩ ﻤﺤﻔﻭﻅ ،ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻭﺭﻫﺎﻨﺎﺕ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻁ ،1.ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ :ﺍﻟﻤﺭﻜﺯ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ،2002 ،ﺹ.60-59.
32ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ ،ﺹ.17.
33ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ ،ﺹ.18.
34ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﺃﻋﺭﺍﺏ ،ﺍﻹﺴﻼﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻟﺤﺩﺍﺜﺔ ،ﺍﻟﺩﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ :ﺇﻓﺭﻴﻘﻴﺎ ﺍﻟﺸﺭﻕ ،2000 ،ﺹ.102-101.
35ﻋﺒﺩ ﺍﻹﻟﻪ ﺒﻠﻘﺯﻴﺯ ،ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ،ﺹ.178.
36ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ ،ﺹ.181.
37ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﺃﻋﺭﺍﺏ ،ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ،ﺹ.105-104.
38ﻋﻠﻲ ﺤﻴﺩﺭ ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ،ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ،ﺹ.144.
39ﺤﺴﻥ ﻋﻘﻴل ﺃﺒﻭ ﻏﺯﻟﺔ ،ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ،ﺹ.167.
40ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ ،ﺹ.167.
41ﺩﺍﻭﺩ ﺍﻟﺒﺎﺯ ،ﺍﻟﻨﻅﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﻓﻲ ﻀﻭﺀ ﺍﻟﺸـﺭﻴﻌﺔ ﺍﻹﺴـﻼﻤﻴﺔ ،ﺍﻹﺴـﻜﻨﺩﺭﻴﺔ :ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜـﺭ ﺍﻟﺠـﺎﻤﻌﻲ،2006 ،
ﺹ.234-233.
42ﻋﺒﺩ ﺍﻹﻟﻪ ﺒﻠﻘﺯﻴﺯ ،ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ،ﺹ.184.
43ﺯﻜﻲ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ ،ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ :ﻗﺭﺍﺀﺍﺕ ﻭﻤﺭﺍﺠﻌﺎﺕ ،ﻁ ،1.ﺒﻴﺭﻭﺕ :ﺍﻟﺸﺒﻜﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻟﻸﺒﺤﺎﺙ ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ ،2012 ،ﺹ.60.
44ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ ،ﺹ.61-60.
45ﻋﻠﻲ ﺤﻴﺩﺭ ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ،ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ،ﺹ.149.
46ﻤﺤﻤﺩ ﺃﺒﻭ ﺭﻤﺎﻥ ،ﺍﻹﺼﻼﺡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ :ﺍﻟﻤﻘﺎﺭﺒﺎﺕ ،ﺍﻟﻘﻭﻯ ،ﺍﻷﻭﻟﻭﻴﺎﺕ ،ﺍﻹﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻴﺎﺕ ،ﻁ ،1.ﺒﻴﺭﻭﺕ :ﺍﻟﺸﺒﻜﺔ
ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻟﻸﺒﺤﺎﺙ ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ ،2010 ،ﺹ.264.
47ﻋﻠﻲ ﺤﻴﺩﺭ ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ،ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ،ﺹ.151.
48
ﺯﻜﻲ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ ،ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ،ﺹ.65-64.
49
ﺃﺤﻤﺩ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻠﻲ ،ﺍﻟﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻭﺃﺜﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻹﺴﺘﻘﺭﺍﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ،ﻁ ،1.ﺃﺒﻭ ﻅﺒـﻲ :ﻤﺭﻜـﺯ ﺍﻹﻤـﺎﺭﺍﺕ
ﻟﻠﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺒﺤﻭﺙ ﺍﻹﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻴﺔ ،2002 ،ﺹ.115.
360