Raya راية's Reviews > دمعة وابتسامة

"نظرت تلك الساعة نحو الطبيعة الراقدة وتأملت مليًا فوجدت فيها شيئًا لا حد له ولا نهاية. شيئًا لا يُشترى بالمال. وجدت شيئًا لا تمحوه دموع الخريف ولا يُميته حزن الشتاء. شيئًا لا توجده بحيرات سويسرا ولا منتزهات إيطاليا. وجدت شيئًا يتجلّد فيحيا في الربيع ويُثمر في الصيف، وجدت فيها المحبة."

قلائل هم من أحسّوا بألم بني الإنسان واستشرفوا حالهم، خصوصًا مع انتشار وتوسّع الأنظمة الرأسمالية والإقطاعية، ووصفوا حال الإنسان أدق وصف، سواء أكان العبد أم السيد. وأدركوا ما يقاسيه المسكين والفقير في توفير قوت عياله. وكان على رأس هؤلاء، جبران خليل جبران، صاحب الروح الشفّافة، والبصيرة النافذة، والإحساس المرهف.

لعل أهم ما يميّز كتاب جبران هذا هو تجلّي النزعة الإنسانية فيه، فكان مدركًا لمعاناة وألم الإنسان في هذه الحياة، وإن السبيل لخلاصه هو في الحب وفي الإحساس بالغير. وتتجلّى كذلك النزعة الرومانسية المتمثّلة في حُب الطبيعة ووصفها بأعذب الأوصاف والهروب إليها حين تُظلم الحياة، فيكتب عنها وكأنها كائن حيّ يشعر ويحس. وظهرت أيضًا النزعة الوجودية في العديد من الشذرات، وما هدف الإنسان من كنز المال وهو في النهاية سائر إلى الفناء..

وبكلماته الرقاقة العذبة كجدول ماء صافٍ، كتب لنا جبران هذا الإنجيل المليء بالمشاعر، المليء بالدموع والابتسامات.

لروحك السلام يا أيها الملاك البشري. ❤

...