خصم الأوراق التجارية
خصم الأوراق التجارية
خصم الأوراق التجارية
-تطوان-
-الفوج الثاني-
السداسي :السابع
إنجاز الطلبة:
oعبد الحميد العبيوي oدنيا المنصوري
تقوم التجارة في الوقت الحاضر في معظمها على الثقة و االئتمان بين من يزاولوا العمل
التجاري و تلعب األوراق التجارية دورا هاما في تعزيز هذا االئتمان و توفير األمان لمانحه،
و الحاجة إلى االئتمان مسألة طبيعية مرتبطة بجوهر المعامالت التجارية و هي ال تدل على
ضعف أو قصورالتاجر بل إنها ضرورة تمليها طبيعة هذه المعامالت ،و صور االئتمان تتعدد
وتتنوع تبعا لما يتطلبه العمل و تقتضيه حاجات التجارة ،و يعد الخصم من أهم العمليات
االئتمانية التي تباشرها المؤسسة البنكية على هذه األوراق باعتباره آلية أساسية لتسوية األمور
المالية المرتبطة بالتجارة خصوصا في مجال االعتمادات المستندية 1يجد ذلك مبرره في كون
المبادالت التجارية غالبا ال تسوى نقدا و إنما بصورة مؤجلة ،مما يجعل البنك يلعب دورا بارزا
في هذه العملية.
و قد نظم المشرع المغربي عقد الخصم في المواد من 526إلى 528من مدونة التجارة،
حيث عرفته المادة 526بأنه " :عقد تلتز م بمقتضاه المؤسسة البنكية بأن تدفع للحامل قبل
األوان مقابل تفويته لها مبلغ أوراق تجارية أو غيرها من السندات القابلة للتداول التي يحل أجل
دفعها في تاريخ معين ،على أن يلتزم برد قيمتها إذا لم يف الملتزم األصلي ،للمؤسسة البنكية
مقابل عملية الخصم فائدة و عمولة".
و بخصوص التعريف الفقهي فقد عرفه بعض الفقه 2على أنه " :اتفاق يعجل به البنك
الخاصم لطالب الخصم قيمة ورقة تجارية أو سند قابل للتداول أو مجرد حق آخر ،مخصوما
منها مبلغ يتناسب مع المدة المتبقية حتى استيفاء قيمة الحق عند حلول أجل الورقة أو السند
أوالحق ،وذلك في مقابل أن ينقل طالب الخصم إلى البنك هذا الحق على سبيل التمليك و أن
يضمن له الوفاء عند حلول أجله".
1االعتماد المستندي هو تعهد كتابي صادر من البنك بناءا على طلب الزبون المستورد للبضائع ويسمى اآلمر ،لصالح مصدر ما ويسمى المستفيد
يلتزم البنك بمقتضاه بدفع أو بقبول كمبياالت مسحوب ة عليه من المستفيد بناء على طلب الزبون اآلمر وذلك بشروط معينة واردة في هذا التعهد
و مضمون برهن حيازي على المستندات الممثلة للبضائع المصدرة.
2علي جمال الدين عوض ،عمليات البنوك من الوجهة القانونية ،مطبعة جامعة القاهرة ،بدون طبعة ،1993 ،الصفحة .732
1
ومن خالل هذه التعريفات ،يمكن القول بأن الخصم هو أحد أنواع االئتمان القصير
األجل يتمثل في ت قديم الورقة التجارية أو أي سند قابل للتداول إلى أحد البنوك أو بنك المغرب
للتعجيل في دفعها قبل ميعاد االستحقاق ،مقابل عمولة و فائدة مقتطعة من مبلغ الورقة.
و يكتسي موضوع خصم األوراق التجارية أهمية بالغة كون أن عملية الخصم تمكن
الزبون التاجر من تحصيل مبالغ نقدية فورية دون انتظار حلول ميعاد استحقاقها متى كان في
حاجة إلى مبالغ نقدية تلزمه لمواصلة نشاطه أو الوفاء بديونه الحالة ،و لم يستطع تظهير الورقة
التجارية بو اسطة عالقات قانونية أخرى .و بالمقابل فإن هذه العملية تبقى مربحة للبنك إذا ما
توافرت في الورقة التجارية الثقة الكافية ،فهي تمثل حقال مهما من حقول االستثمار نظرا لقصر
مدة استحقاق األوراق التجارية هذه من جهة ،و من جهة أخرى ،أنها تسمح له بإعادة خصم
الورقة التجارية لدى بنك آخر أو لدى بنك المغرب.
إلى أي حد استطاع المشرع المغربي بتنظيمه لعملية الخصم تدعيم و تعزيز تداول
الورقة التجارية و مساعدتها لتأدية و ظيفتها األساسية المتمثلة في الوفاء؟ و يتمخض عن
هذه اإلشكالية جملة من التساؤالت أهمها:
3سمير الستاوي ،المسؤولية البنكية في مجال خصم األوراق التجارية ،مكتبة دار السالم ،الرباط ،الطبعة األولى ،2015 ،الصفحة .39
2
ما هي معايير التمييز بين عقد الخصم و العقود المشابهة له؟ ما هي شروط انعقاده؟ ما
هي أطرافه و آلياته؟ و ما اآلثار المترتبة عن خصم األوراق التجارية؟
ومن أجل مالمسة اإلشكالية المحورية و التساؤالت الفرعية التي يطرحها هذا
الموضوع ،سنعتمد المنهج التحليلي باألساس ،و المتمثل في دراسة النصوص القانونية وتحليلها
و مناقشتها وكذا المنهج المقارن كلما سمحت لنا الفرصة ،ليتم تقسيم هذا البحث وفق الخطة
التالية:
المبحث األول :الطبيعة القانونية لعقد الخصم الوارد على األوراق التجارية
3
المبحث األول :الطبيعة القانونية لعقد الخصم الوارد على األوراق التجارية
تقوم عملية خصم األوراق التجارية على تقديم الزبون ورقة تجارية إلى بنكه قبل ميعاد
استحقاقها بعد تظهيرها له تظهيرا ناقال للملكية سواء كانت كمبيالة أو سند ألمر مقابل أن يدفع
له البنك مقابل هذا السند قيمته بعد اقتطاع الفائدة والعمولة الواجبة على عملية الخصم
و مصاريف تحصيل الورقة التجارية .4
و لدراسة الطبيعة القانونية لعقد الخصم الوارد على األوراق التجارية سنعمل أوال على تحديد
األساس القانوني لهذا العقد وكذا تمييزه عن بعض النظم المشابهة (المطلب األول) ،لننتقل بعد
إلى تبيان أطرافه و شروط إبرامه (المطلب الثاني).
المطلب األول :تحديد األساس القانوني لعقد الخصم وتمييزه عن بعض النظم
المشابهة
يعتبر عقد الخصم من بين أهم العقود التي عرفت تطورا ملموسا في اآلونة األخيرة،
مما يقتضي دراسة الطبيعة القانونية التي ينفرد بها هذا العقد (الفقرة األولى) ،وكذا بيان ما
يميزه عن بعض النظم المشابهة له (الفقرة الثانية).
تختلف اآلراء الفقهاء حول تكييف الخصم لكونه عملية مركبة من جهة ،وبسبب
اختالف الزاوية التي ينظرون منها إلى هذه العملية من جهة أخرى ،ويمكن حصر هذه اآلراء
في اتجاهين رئيسي ين ،االتجاه األول يرتكز على وسيلة أو مظهر عملية الخصم ،واالتجاه
الثاني يأخذ بعين ا العتبار قصد الطرفين وموضوع العملية ،ونظرا لالنتقادات التي قوبلت
بها كل من نظرية الشكل ونظرية الموضوع ،ذهب اتجاه فقهي إلى الجمع بين النظريتين
واعتبر أن الخصم عملية مصرفية مركبة ،هدفها اقتصادي الحصول على ائتمان عن طريق
التظهير الناقل للملكية.
4محمد صبري ،األخطاء البنكية ،أساس مسؤولية البنكي عن عدم مالءمة االئتمان مع مصلحة الزبون ،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء،
الطبعة األولى ،2007ص.66
4
أوال :نظرية الشكل
يعتبر أصحاب نظرية الشكل ،أن الخصم مجرد عملية تظهير الورقة إلى البنك تظهيرا
ناقال للملكية ،يرتبه هذا التظهير من أثار لطرفيه وللغير ،فبمقتضى هذا التظهير يكون للبنك
كافة الحقوق والضمانات المقررة للمظهر إليه ،وأنه ال داعي لتحميل هذا التظهير على عقد
مدني ،وميزة هذه النظرية أنها تبرز وسيلة تحقيق عملية الخصم ،والمتمثلة في التظهير .5
وبذلك ،فإن نظرية الشكل ترى أن الخصم مجرد عملية تظهيرية ،وهو رأي العديد
من الفقهاء اإليطاليين ،والفكرة نفسها ثم األخذ بها في فرنسا ،حيث ال حاجة للجوء إلى
القانون المدني أ و عقد القرض لتفسير الخصم ،فاآللية البنكية التي بواسطتها يتحقق الخصم
وهي التظهير تكفي لتحديد طبيعته القانونية ،فالتظهير حسب هذا الرأي هو عملية ذات طبيعة
مجردة ال يؤخذ السبب فيها بعين االعتبار ،فالبنك المظهر إليه يصبح الحامل لورقة التجارية،
وهذه الخاصية وحدها كافية لتحديد حقوقه ،والزبون الذي قام بتظهير األوراق التجارية تكفي
صفته لتحديد التزاماته ،ومن ثم يبقى هو الضامن ألداء قيمة األوراق التجارية ،والقانون الذي
ينظم العالقة بين الطرفين هو وحده قانون الصرف ،وهو مستقل وال يراعي ال السبب وال
القصد الكامن و راء العملية التي كانت وراء تظهير األوراق التجارية .6
إال أنه ما يعاب على هذه النظرية كونها ال تستغرق كل صور الخصم ،فهي ال تشمل
خصم الحقوق غير الثابتة في أوراق تجارية قابلة للتظهير ،كما هو الشأن في السند لحامله،
وهذه النظرية أحيانا واسعة ،بمعنى أن هناك عمليات أخرى كثيرة -غير الخصم -تتم بتظهير
ناقل لورقة تجارية ،ففي نظر الغير حسن النية يكون التظهير في ذاته معنى واحد دائما،
بينما من الواجب أن ينظر إلى اتفاق الطرفين فإن هذه النظرية تفقد كثيرا من قيمتها ،ألنها
7
تركز كل األهمية على التظهير حده ،وهو تركيز غير منتج.
5علي جمال الدين عوض ،عمليات البنوك من الوجهة القانونية في قانون التجارة الجديد وتشريعات البالد العربية ،دار النهضة العربية القاهرة،
طبعة ، 2000الصفحة .626
6سمير الستاوي ،المسؤولية البنكية في مجال خصم األوراق التجارية ،مطبعة دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع الرباط ،الطبعة األولى ،
2015الصفحة 108
7جمال الدين عوض ،المرجع السابق ،الصفحة 735-734
5
ثانيا :نظرية الموضوع
ذهب بعض الفقهاء منهم األستاذ" هامل " Hamelو "الجارد " Lagardeإلى أن
الخصم حوالة حق تستند إلى عملية البيع ،أي أن الخصم حوالة من الزبون إلى البنك لحق له
على الغير ،فالبنك يشتري من الحامل حقه الثابت األوراق التجارية بثمن أقل من قيمتها
االسمية ،يحيل الحامل هذا الحق إلى البنك الذي يكون له إستفاءه من المحيل عليه في معاد
االستحقاق ،على أن يكون للبنك الرجوع على المحيل في حالة عدم الوفاء ،مع مراعاة أن
الحوالة في هذه الحالة هي حوالة بعوض .8
إال أنه ما يعاب على هذه النظرية أن حوالة الحق ال يضمن فيها المحيل إال وجود
الحق في وقت الحوالة ،أما الزبون الذي يظهر الورقة للخصم فإنه يضمن زيادة عن وجود
ويسار المدين ،الوفاء بقيمة الورقة في معاد استحقاقها ،كذلك من قواعد البيع أن المشتري
يرجع على البائع في حالة الفسخ بالثمن الذي دفعه فحسب ،والمظهر إليه عندما يتلقى حقا
الورقة ال يتلقاها بصفة خلفا خاصا للمظهر كما البيع ،بل يتلقى حقا مجردا من دفوع العالقات
السابق.
بينما ذهب رأي أخر إلى اعتبار الخصم قرض بفائدة ،فالبنك يقرض المبلغ الذي
يجعله لحامل األوراق التجارية على أن يسترد هذا المبلغ في معاد االستحقاق ،والبنك في ذلك
ال يختلف عن المقرض ،فالبنك ال يسترد مبلغ القرض من (الحامل) ،بل من شخص أخر،
ولكن وجود طرف آخر ال يعدل من طبيعة عملية الخصم.
ويضيف أنصار هذا الرأي ،أن القرض في عملية الخصم يكون مضمونا برهن
األوراق التجارية رهنا حيازي ا ،ويحصل البنك على األوراق التجارية ألنه يجد فيها سند
رجوعه على الموقعين عليها ،بحيث إذا امتنع الموقعون عن الوفاء كان للبنك أن يرجع على
الحامل كرجوع المقرض على المقترض .9
6
وهذا الرأي لم يسلم أيضا من النقد ،على اعتبار أن أحكام القرض ال تتفق وحقيقة
العالقة الناشئة عن عملية خصم األوراق التجارية ،ألنه إذا تقرر أن الزبون في مركز
المقترض فإنه ملتزم التزاما شخصيا ومباشرا اتجاه البنك برد قيمة األوراق التجارية التي
تمثل مبلغ القرض ،إال أن الزبون ال يكون ملتزما برد هذا المبلغ،وإنما يقوم البنك بتحصيل
قيمة األوراق ا لتجارية بعد تظهيرها إليه على وجه التملك ،عند حلول أجلها من المدين بها،
10
فأن لم يف بها المدين جاز للبنك الرجوع على الزبون الذي طلب خصم األوراق التجارية.
فنظرية القرض تتجاهل إرادة الطرفين ،ألن إرادة الحامل ال تتجه إلى االقتراض من البنك،
بدليل أن الزبون ينقل فورا األوراق التجارية إلى البنك مقابل المبلغ الذي يقدمه له ،ألنه ال
يصح القول بأن البنك دائن مرتهن رهن حيازة ،لكون رجوعه على الحامل يستند في حقيقة
األمر على صفته كحامل مالك الورقة التجارية المخصومة ،لذلك فهو يرجع على الحامل فإنه
يباشر الرجوع الصرفي وليس رجوع المقترض ،بمعنى أنه يستعمل األوراق التجارية كحامل
.11
وليس كدائن مرتهن
أمام االنتقادات التي وجهت إلى النظريات المشار إليها أنفا ،يرى اتجاه فقهي ضرورة
النظر إلى جوهر عملية الخصم دون التقييد مقدما كما فعلت النظريات السابقة بإطار قانوني
معين ،باعتبار الخصم عمال مصرفيا فريدا ،له ظروفه وأهدافه ،ومن تم ،نظامه الخاص
دون الحاجة إلى وصفه أو إفراغه في قالب مما يعرفه القانون المدني أو التجاري ،شأنه في
ذلك شأن عمليات مصرفية أخرى كثيرة.
فالخصم حسب أنصار هذه النظرية عملية مركبة تعد في حقيقتها قرض ولكن تصرف الزبون
يتم بتصرف ناقل للملكية ،باعتبار أن حامل األوراق التجارية حينما يسعى لخصمها إنما
يعمل في الحقيقة من أجل الحصول على مبلغ نقدي من البنك ،وهو يقدم له هذا المبلغ فإنه
يقبل إخراجه من حوزته واالنتظار حتى ميعاد االستحقاق حتى يسترده ،فهدف الزبون إذن
7
أن يحصل من البنك على ائتمان ،وهو ما يتمكن من الوصول إليه بتظهير الورقة التجارية
تظهيرا ناقال للملكية.12
وبناء على هذا األساس فإن تحديد نوع الخدمة الني يقدمها البنك إلى الزبون من خالل
عملية خصم األوراق التجارية يمكن كم تحديد طبيعة الخصم ،فالبنك يقدم إلى الزبون خدمتين
أساسيتين:
✓ األولى هي خدمة ائتمانية ،ذلك أن الزبون يحصل على قيمة األوراق التجارية قبل حلول
أجلها ،في حين أن البنك لن يقوم بتحصيل هذه القيمة إال عند حلول هذا األجل ،وذلك ما
لم يقم بتحصيل قيمتها لدى بنك أخر ،فقد كان البنك قد منح ائتمانه إلى الزبون عن الفترة
ما بين تاريخ الخصم وموعد الوفاء بالقيمة التجارية.
✓ الثانية تتمثل في إعفاء الزبون من الرجوع على المدين بقيمة األوراق التجارية ،مع أن
الزبون يظل ضامنا الستفاء هذه القيمة ،إال أنه يطمئن إلى البنك وقدرته على حمل المدين
على الوفاء.
لذلك يتعين األخذ بعين االعتبار المهمة المزدوجة التي يؤديها البنك الخاصم بمناسبة قبول
خصم األوراق التجارية في االعتبار ،ألن التظهير الناقل للملكية يمثل اآللية القانونية التي
يتحقق بها جانب هام من آثار عملية الخصم ،مما يترتب عنه وجوب تطبق أحكام القانون
الصرفي على العالقات التي تنشأ عن عملية الخصم ،سواء فيما يتعلق بعالقة البنك بالمدين
أو عالقة البنك بالزبون .13
يندرج عقد الخصم ضمن عمليات االئتمان البنكي الذي تقدمه البنوك لزبنائها التجار
لدعم مركزهم المالي أمام المتعاملين معهم ،و ينصب هذا االئتمان على ورقة تجارية قابلة
للتداول،وهذا قد يؤدي إلى الخلط بين عقد الخصم وغيره من التصرفات القانونية المشابهة له
كاالستخالص ،و عقد القرض ،و االعتماد بالقبول.
12هاني محمد دويدار ،العقود التجارية والعمليات المصرفية ،مطبعة اإلشعاع اإلسكندرية مصر ،طبعة ،1994الصفحة258
13سمير الستاوي ،المرجع السابق ،الصفحة 117
8
لهذا ارتأينا أن نخصص هذه الفقرة لتمييز عقد الخصم عن كل من استخالص األوراق
التجارية(أوال) ،و عقد القرض (ثانيا) ،و االعتماد بالقبول (ثالثا).
أوال :تميز الخصم البنكي عن االستخالص
لعل أبرز التصرفات المشابهة للخصم ما يسمى باالستخالص أو ما يصطلح عليه
كذلك بالتحصيل .و تتجلى أوجه التشابه بين هاتين العمليتين في كونهما من العمليات البنكية
التي تقوم بها البنوك لفائدة زبنائها التجار ،و يكون محل العمليتين أوراقا تجارية يتم نقلها إلى
البنك عن طريق التظهير.
و بالرغم من مظاهر الشبه بينهما ،فإنه هناك فروقا جوهرية بينهما يمكن إجمالها في
مظهرين أساسين و هما:
▪ من حيث شكل التظهير :
إن عملية خصم األوراق التجارية تستلزم انتقال ملكية الورقة التجارية إلى البنك وهذا
ال يكون إال بتظهير الورقة إليه تظهيرا تاما أي ناقال للملكية ،أوعلى بياض بحيث تنتقل ملكية
الحق الثابت في الورقة من الزبون(المظهر) إلى البنك (المظهر إليه).
أما بخصوص التظهير في عملية التحصيل يتم بواسطة التظهير التوكيلي ،والذي يعد
أحد طرق تداول األوراق التجارية ويقصد به القيام بتوكيل المظهر إليه في أن يحصل قيمة
السند عند تاريخ االستحقاق ،وذلك باستعمال ما يفيد التوكيل كذكر اصطالح " القيمة للتوكيل
" أو" التحصيل" أو " القبض " ،أو أي اصطالح يؤدي ذات المعنى.
و بالتالي فباالستناد إلى شكل التظهير يمكن التمييز بين الخصم و التحصيل ،أي أنه إذا
كان التظهير تاما أو على بياض كان العقد خصما .أما إذا كان التظهير توكيليا فالعملية تعد في
هذه الحالة مجرد استخالص بمعنى أن الورقة التجارية دفعت من أجل التحصيل فقط .
▪ الدفع اآلني لمقابل الورقة التجارية:
مفاد هذا المعيار أننا نكون أمام تظهير توكيلي يتسلم فيه البنك الورقة ألجل التحصيل
إذا لم يصاحب تسليم الورقة التجارية للبنك منح مقابل الورقة بشكل آني للزبون .أما إذا سلم
البنك لحامل الورقة التجارية مبلغها فورا ،كان ذلك عقد خصم يتملك بمقتضاه البنك الورقة
التي تم تظهيرها له ،وإن ك ان البنك غالبا ما يعتمد كذلك عند تقديم الورقة التجارية إليه ألجل
9
االستخالص إلى تسجيل مبلغها فورا في الجانب الدائن لحساب الزبون ،مما ينم على وجود
التداخل بين المؤسستين .14
ثانيا :تمييز عقد الخصم البنكي عن عقد القرض
يعتبر القرض من أبسط صور االئتمان و أقربها إلى القواعد العامة الواردة في قانون
االلتزامات و العقود ،و هو يتم بموجب عقد بين البنك و أحد زبنائه ،بمقتضاه يسلم األول إلى
الثاني نقودا على أن يلتزم الزبون بردها في الوقت المحدد مع الفائدة المتفق عليها.
و جوهر الت فرقة بين الخصم و القرض يكمن في االلتزامات التي تنجم عن كل منهما،
فيلتزم البنك في عقد القرض بتسليم الزبون مبلغ القرض ،و ال يلزم أن يتم التسليم و قت التعاقد
بل يمكن أن يتم بعده ،فالقرض يعد مبلغا عينيا ،و يلتزم الزبون أن يرد المبلغ المقترض إلى
البنك في األجل المتفق عليه و يلتزم بأن يؤدي إضافة إلى ذلك الفائدة المتفق عليها و العمولة
البنكية.
أما بخصوص خصم األوراق التجارية ،فإنه يجب على الزبون طالب الخصم نقل ملكية
األوراق التجارية إلى البنك بتظهيرها إليه تظهيرا ناقال للملكية ،و على البنك أن يؤدي للزبون
قيمة الورق ة التجارية بعد تظهيرها إليه ،و يخصم من قيمتها عمولة الخصم .15
و ما ينبغي التأكيد عليه في هذا الصدد ،أن عملية الخصم ال تعتبر من قبيل العمليات
التي يقوم بواسطتها البنك بإقراض زبونه مبلغا معينا من النقود مقابل تخلي هذا الزبون عن
حيازة األوراق التجارية ،ضمانا ل لمبلغ المسلم في هذه الحالة،نظرا لالختالف القائم بين عملية
الخصم و عملية القرض ،ذلك أن حيازة البنك للورقة التجارية كضمان لمبلغ القرض الذي
منحه لزبونه ،ال يسمح له باستخالص قيمتها عند تاريخ االستحقاق إال إذا امتنع هذا الزبون
عن إبراء ذمته من مبلغ القرض الممنوح له في هذا اإلطار.
و تجدر اإلشارة إلى أنه إذا كان تظهير األوراق التجارية للبنك في عقد القرض يكون
تظهيرا تأمينيا ،16فإنه في إطار عملية الخصم يكون تظهيرا ناقال للملكية للمؤسسة البنكية.
14محمد مومن،الوجيز في أحكام وسائل األداء و االئتمان في القانون المغربي،مطبعة النجاح الجديدة-الدار البيضاء،الطبعة األولى ،2020الصفحة
.199
15سمير الستاوي ،المرجع السابق ،الصفحة .82-81
16أي بمثابة رهن في حالة القرض بضمان ورقة تجارية.
10
و رغم هذا االختالف الحاصل بين القرض و خصم األوراق التجارية ،إال أن كليهما
ينشآن بمقتضى عقد رضائي و يخضعان معا للعرف التجاري و األحكام الخاصة بهما.
ثالثا :تمييز الخصم عن االعتماد بالقبول:
إن عملية االعتماد بالقبول عملية بنكية ائتمانية مثلها مثل الخصم بدورها ترد على األوراق
التجارية ،إال أن تحقيقها يختلف تماما عن تحقيق عملية الخصم ،فاالعتماد بالقبول عقد يلعب
فيه البنك دور المسحوب عليه ،و يتم عن طريق فتح البنك اعتمادا لزبونه يستخدم كمقابل وفاء
للكمبيالة التي سحبها عليه زبونه ،أو الطرف اآلخر الذي يتعامل مع هذا الزبون ،و يلتزم البنك
بدفع قيمتها عند االستحقاق .و متى دفع البنك قيمة الكمبيالة المقبولة من قبله قام بقيد قيمتها في
الجانب المدين لحساب الزبون ،و جاز له الرجوع عليه بالمبالغ المدفوعة بمقتضى هذا
االعتماد ،في حين أن الخصم يتم بتظهير الورقة التجارية المراد خصمها إلى البنك تظهيرا
ناقال للملكية للحصول على قيمتها قبل موعد االستحقاق ،و ثمة فوارق جوهرية أخرى تميز
بين عملية الخصم و االعتماد بالقبول ،يمكن أن تحدد فيما يلي :17
✓ في الخصم يلتزم البنك ب أن يقدم لزبونه قيمة الورقة التجارية المخصومة نقدا و بصورة
مباشرة ،أما في االعتماد بالقبول فإن البنك ال يلتزم بتقديم أي مبلغ نقدي بل إن موقفه
يكون إما مجرد تعهد بالدفع في صورة توقيع بالقبول على كمبيالة مسحوبة عليه ،أو
تمكين الزبون من الحصول على قرض ،أو على مجرد األجل الذي يحتاجه.
✓ يعد البنك في عملية الخصم مالكا للورقة التجارية المخصومة بموجب التظهير الناقل
للملكية الحاصل من قبل الزبون طالب الخصم .و بالتالي فهو مظهر إليه ،و هو حامل
قانوني أخير انتقلت إليه كل الحقوق الناشئة عن الورقة التجارية ،أما في االعتماد
بالقبول ،فإن البنك يعد مسحوبا عليه ،و يلتزم صرفيا أمام حملة الورقة.
اعتبرت المادة 526من مدونة التجارة أن الخصم عقد تلتزم بمقتضاه المؤسسة البنكية
بأن تدفع للحامل قبل األوان مقابل تفويته لها مبلغ األوراق التجارية .فالخصم إذا بهذه الصفة
11
يعتبر عقدا رضائيا بين الطرفين ،و يلزم لصحته ما يلزم لصحة العقود عموما ،لذلك سنعمل
على تحديد األطراف المتدخلة لقيامه (الفقرة األولى ) ،وكذا الشروط الواجب توافرها فيه
(الفقرة الثانية).
تعتبر عملية الخصم البنكي إحدى العمليات االئتمانية المباشرة التي تقدمها المؤسسات
البنكية لفائدة زبناءها .وبذلك يعتبر البنك الجهاز األساسي ضمن عقد الخصم ،18وتتم عملية
الخصم بتسليم األوراق التجارية أو السندات القابلة للتداول من قبل الزبون ،ويتحقق التسليم
على وجه العموم عند التداول الصرفي المتمثل في التظهير الذي غالبا ما يكون على بياض.
وي تعين على البنك الخاصم ان يؤدي للمستفيد من الخصم قيمة الورقة التجارية وذلك في تاريخ
حيازته للورقة و يمكن ان يتم األداء نقدا و هو ما يعرف بالخصم لدى الصندوق أو عن طريق
تسجيل مبلغ الورقة التجارية في جانب الدائن لحسابه باإلطالع المفتوح لدى البنك الذي أجرى
عملية الخصم .19
ويتحمل البنك الخاصم كامل المسؤولية إذا تأخر في تسجيل قيمة الورقة أو السند
المخصوم في الجانب الدائن للحساب باالطالع ،حيث يبدأ سريان التاريخ الذي يمكن مواجهة
األغيار فيما يخص عملية الخصم من تاريخ تظهير الورقة التجارية في الجانب الدائن .ألن
الحق الثابت في الورقة التجارية ينتقل بمجرد التظهير .ويصبح بذلك البنك الحامل الشرعي
للورقة بمجرد تظهيرها له من طرف الزبون ، 20ويتعين على المؤسسة البنكية قبل أن تخصم
12
االوراق التجارية المقدمة اليها أن تستعلم عن وضعية الزبون و مركزه المالي عالوة على
ضرورة فحص تلك األوراق.
وتجدر اإلشارة إلى أن المبلغ الحقيقي الذي يؤدى للزبون في إطار عملية الخصم ال
يعادل قيمة الورقة التجارية أو السند المخصوم .ذلك انه يتعين األخذ بعين االعتبار المبلغ
المخصوم من القيمة كضمان لعملية الخصم وبصفة عامة مستحقات البنك عن هذه العملية.
ثانيا :الزبون
يقصد بالزبون في عملية خصم األوراق التجارية المستفيد من الخصم في عقد الخصم
البنكي والحامل للورقة التجارية أو المظهر إليه األخير ،والذي يجوز له تظهير الورقة التجارية
للبنك من أجل خصمها وقد يختلف بحسب ما إذا تعلق األمر بالكمبيالة والشيك والسند ألمر.
فبالنسبة للكمبيالة ،يكون الساحب ضامنا للوفاء بها وقبولها ،ويجوز له أن يعفي نفسه من
ضمان قبولها ،ويعتبر الغيا وكأن لم يكن كل شرط يعفيه من القبول حسب مقتضيات المادة
165من مدونة التجارة ،إلى جانب الضامن االحتياطي والمسحوب عليه القابل وكل موقع
على الكمبيالة.
أما فيما يخص الشيك ،فإن المدين األصلي فيه يعتبر هو الساحب ،وال يخضع الشيك للقبول
لكونه غير مستحق الوفاء بمجرد االطالع وذلك طبقا لما تنص عليه المادة 242من مدونة
التجارة.
أما بخصوص السند ألمر فالمتعهد المدين األصلي للحق الثابت في السند أي محرر السند
هو الذي يلتزم بدفع المبلغ الثابت فيه عند حلول تاريخ االستحقاق إلى المستفيد.
إال أن السند ألمر في المغرب ال يعرف تداوال واسعا مقارنة مع الكمبيالة ومن ثم فإنه ال
يتم تقديمه في إطار عملية الخصم إال في نطاق ضيق جدا .21
13
ولكون خصم األوراق يتميز بانتقال ا لحق الثابت في الورقة التجارية إلى المؤسسة البنكية
عن طريق التظهير الناقل للملكية ،فإن للمؤسسة البنكية ضمانات مزدوجة أساسها قواعد
القانون الصرفي .وعالوة على ذلك يمكن للضمانات االتفاقية أن تتخذ شكل ضمانات شخصية
أو عينية أو هما معا.
يتستلزم قيام عقد الخصم توفر شروط عامة (أوال) ،و أخرى خاصة (ثانيا).
رغم احتواء كل من القانون البنكي و مدونة التجارة بصفة خاصة على مقتضيات منظمة
لعقد الخصم فإنه ال يعني أن هذا العقد قد خرج نهائيا عن دائرة القانون المدني الذي يعتبر
الشريعة العامة لكل القوانين ،لذا فعقد الخصم تسري عليه القواعد العامة التي تسري على جميع
العقود خاصة تلك المتعلقة باإلبرام .ويتعلق األمر باألهلية والرضا والمحل والسبب.
أ -األهلية
لم يتطرق المشرع المغربي لألهلية المتطلبة إلبرام عقد الخصم في الزبون طالب
الخصم وحيث أن الخصم يتضمن نقل ملكية الحق المخصوم إلى البنك الخاصم ،فإنه يشترط
فيه اكتساب األهلية الكاملة وفق ما نص عليه القانون.
وتكون تصرفات كل طالب للخصم ال يتمتع باألهلية المنصوص عليها قانونا من تظهير
وطلب للخصم باطلة بالنسبة إليه ،غير أن هذا البطالن ال يمتد إلى التزامات باقي الموقعين ،إذ
تبقى صحيحة ومنتجة آلثارها استنادا إلى قاعدة استقالل التوقيعات.
و يجوز للشخص المعنوي إبرام عقود الخصم مع األبناك التي يتعامل معها عن طريق
ممثله القانوني.
14
أما فيما يخص المؤسسة البنكية فال يثير شرط األهلية بالنسبة إليها أي مشكلة ألنها
متمتعة بالصالحية الالزمة لممارسة جميع األعمال البنكية من بينها عملية الخصم .22
ب-الرضا
يعرف التراضي بأنه توافق إرادتي المتعاقدين على إحداث األثر القانوني المتوخى من
العقد ،ويتحقق هذا التوافق قانونا بتبادل التعبير عن إرادتين متطابقتين .ويكون ذلك بصدور
إيجاب يتضمن عرضا يوجهه شخص آلخر و صدور قبول مطابق لإليجاب من الشخص الذي
وجه إليه العرض فيقترن القبول باإليجاب و يحصل التراضي و بالتالي يتم العقد .23
ويتوجب قيام عقد الخصم توافر الرضا وخصوصا رضا البنك ،ويجب أن يكون الرضا
صحيحا وأن ينصرف إلى معنى الخصم.
وقد يشوب إرادة أحد طرفي العقد عيبا ،كأن تكون إرادة الزبون معيبة بسبب الغلط،
فيكون له حق التمسك بطلب إبطال عقد الخصم ،كما قد يكون عيب الرضا في جانب البنك
الذي يقع في غلط مؤثر ،ألنه قد يقع ضحية غش من جانب الزبون الذي يقدم له -مثال -كمبيالة
مجاملة ال تمثل دينا حقيقيا أو عالقة جدية ،هنا يكون للبنك حق طلب إبطال العقد .24
ج -المحل
أو الحق موضوع الخصم ،والذي نصت عليه المادة 528من مدونة التجارة ،حيث
خولت للمؤسسة البنكية فيما يخص األوراق التجارية موضوع عملية الخصم بأن تطالب الغير
بالوفاء بهذه األوراق ،مما جعل البنك يتمتع بحقين أال وهما الحق في مطالبة طالب الخصم،
إلى جانب حقها في الرجوع على الغير ويقصد بالغير جميع الموقعين على الورقة التجارية.25
د -السبب
15
يقصد بالسبب في التشريعات المدنية الغرض المباشر المقصود من العقد ،وعليه فإن
السبب في عقد الخصم يتمثل في قصد الزبون من إبرام هذا العقد مع البنك ،وهو الحصول على
قيمة األوراق التجارية التي تعود للزبون قبل موعد استحقاقه ،ويتمثل هذا القصد بالنسبة للبنك
في الحصول على العمولة والفائدة مقابل دفع قيمة األوراق التجارية ،وبالرجوع إلى القواعد
العامة للقانون المدني المتعلقة بالسبب فإن هذه القواعد تشترط أن يكون السبب حقيقيا بمعنى
أن يكون موجودا وليس وهميا ،وأن يكون مشروعا وغير مخالف للنظام العام واآلداب العامـة.
لتطبيق أحكام الخ صم وتحقيق آثاره على عملية الخصم يجب أن تتوفر في الورقة
التجارية محل الخصم شروط عامة إلى جانب الشروط الخاصة التي سبق وأن ذكرناها وتتمثل
هذه الشروط فيما يلي:
✓ أن تمثل الورقة المقدمة للخصم مبلغا نقديا :األصل أن األوراق التجارية وبالخصوص
الكمبيالة جاءت لتحل محل النقود في المبادالت التجارية تجنبا لألخطار التي تعترض
حامليها أثناء التنقل ،مما يجعل الحق الذي تمثله هذه األوراق ال يمكن أن يكون إال مبلغا
من النقود مهما ك ان مصدرها ،سواء كانت نتيجة شراء بضاعة أو القيام بعمل أو تقديم
خدمة أو أي مصدر آخر مشروع ،ألن العبرة بالمبلغ النقدي الذي تمثله.
وبذلك ال يصح خصم السندات التي تمثل التزاما بعمل أو بضاعة كسندات الشحن وتذاكر
النقل ،وسندات إيداع البضائع في المخازن ألن محلها ال يمثل مبلغا نقديا بل تمثل بضاعة قد
ترتفع قيمتها وقد تنخفض.
✓ أن يكون الحق الثابت في الورقة المقدمة للخصم معين المقدار :وبذلك ال تصلح األسهم
للخصم لصعوبة تحديد قيمتها الحقيقية بالرغم من أنها تصدر بقيمة اسمية ثابتة ،وذلك ألن
قيمتها متغيرة من وقت آلخر ،باإلضافة إلى ذلك أن األسهم ال تمثل دينا على الشركة التي
أصدرتها وإ نما تمثل حق المساهم في الشركة ،فهي ال تخول حاملها سوى صفة المساهم
16
في الشركة وما لهذه الصفة من حقوق في األسهم تصلح ألن تكون محال للشراء
والمضاربة ،ولكن ال تصلح ألن تكون محال للخصم .26
✓ يجب أن تكون الورقة المقدمة للخصم مستحقة األداء بعد أجل معين :ذلك أن الغرض من
تقديم طالب الخصم الورقة للبنك هو حاجته العاجلة للنقود التي ال تتحمل انتظار وصول
أجل االستحقاق ،لذلك يخرج من نطاق الخصم الشيك باعتباره أداة وفاء إذ ال مبرر لخصمه
في الوقت الذي يستحق فيه .فالشيك أداة وفاء مستحق األداء بمجرد االطالع ،فال فائدة من
خصمه بال نسبة لحامله فهو واجب الدفع فورا وحامله يستطيع أن يقبض قيمته كاملة من
البنك المسحوب عليه .27
✓ يجب أن تخول الورقة المقدمة للخصم البنك الخاصم حق مطالبة الغير :فال بد أن يكون
تظهير الورقة من قبل الزبون طالب الخصم للبنك على سبيل التمليك ،وبهذا الشرط نستطيع
التميي ز ما بين الخصم والقرض ،ففي القرض يكون تقديم الورقة للبنك على سبيل الرهن
من خالل التظهير التأميني ،بينما يكون التظهير في الخصم على سبيل التمليك من خالل
التظهير التام الناقل للملكية ،ويكون هذا التمليك مقابل ما يعجلها البنك للزبون طالب الخصم،
وهذا ما سبق شرحه عند التفرقة بين الخصم والقرض .28
✓ أن تكون الورقة مملوكة للزبون طالب الخصم وقت الخصم :حيث ال يمكن للزبون طالب
الخصم نقل ملكية الورقة للبنك إال إذا كان مالكا لها بدوره سواء بصفته ساحبا لها أو مستفيدا
منها أوآلت إليه بموجب تظهير تام .29
✓ أن تكون الورقة المقدمة للخصم قابلة للتداول بالطرق التجارية وهي التظهير ،وأن يقبل
العرفا لتجاري الورقة المقدمة للخصم كأداة ائتمان .30
لذلك فإن الخصم يرد أكثر على السفتجة والسند ألمر باعتبارهما أدوات ائتمان ،وتبدو فائدة
تاريخ االستحقاق في تمكين البنك من احتساب أجرته عن العملية بالنظر ألجل استحقاق الورقة
17
التجارية ،كما يمكنه أيضا من معرفة التاريخ الذي يتقدم فيه المدين بها استيفاء قيمتها منه،
لذلك فإن تاريخ االستحقاق هو الذي ينهي عملية الخصم -إن لم يتم إلغاء العقد أو فسخه -سواء
بوفاء المدين بقيمة الورقة أو حتى برفضه الوفاء ،كما أن هذا التاريخ هو الذي يأخذه البنك
بعين االعتبار عند تحرير االحتجاجات واحتساب مدة دعوى الرجوع الصرفي بعد رفض
المدين الوفاء في تاريخ االستحقاق.
يرتب عقد الخصم التزامات متبادلة بين طرفيه (المطلب األول) ،كما يمنح للبنك عدة
ضمانات في حالة عدم الوفاء بالسند المخصوم (المطلب الثاني).
المطلب األول :التزامات األطراف في عقد الخصم.
بما أن عقد الخصم من عقود المعاوضة كما رأينا سابقا ،فإنه يرتب حقوقا و التزامات
ألطرافه ( البنك والزبون) ،وبما أن حقوق أحدهم تعتبر التزامات بالنسبة لألخر ،فإننا ارتأينا
أن نتناول في هذا المطلب كل من التزامات الزبون (الفقرة األولى) والتزامات البنك (الفقرة
الثانية).
إذا كان المشرع المغربي في تعريفه لعقد الخصم في المادة 526من مدونة التجارة،
أشار إلى التزام الزبون بدفع فائدة وعمولة للبنك (ثانيا ) ،فإن هناك التزام آخر مهم وهو نقل
الزبون لملكية الورقة التجارية إلى البنك (أوال).
إذا كان المشرع المغربي أثناء تعريفه لعقد الخصم أغفل اإلشارة إلى هذا االلتزام المهم،
فإن الفقه تدارك األمر في تعريفاته لعقد الخصم ،نذكر على سبيل المثال تعريف الدكتور علي
جمال الدين عوض " :الخصم هو العملية التي بمقتضاها يعجل البنك إلى المستفيد من ورقة
تجارية لم يحل أجلها بعد ،قيمة الورقة مقابل تنازل المستفيد للبنك عن ملكية الحق الثابت
بالورقة ،من تاريخ دفعه إلى تاريخ استحقاق الورقة".
18
هذا االلتزام يترتب في ذمة طالب الخصم مما يعني ضرورة اتخاذ الوسيلة المناسبة
لنقل ملكية الورقة إلى البنك وتسليمها له تسليما ماديا ،وهذا االلتزام حتمي على الزبون بما
يعني أنه التزام بتحقيق نتيجة .31
فالبنك الخاصم يكتسب ملكية السند أو الورقة التجارية في إطار عملية الخصم عن
طريق التظهير الناقل للملكية ،فالتظهير هو الوسيلة التي تعطي البنك أكبر قدر من الحقوق
والضمانات .32
إذا فالمستفيد من الخصم يضع الورقة أو األوراق التجارية بين يدي البنك عن طريق
تظهيرها له تظهيرا ناقال للملكية مما يخول للمؤسسة البنكية الخاصمة حرية التصرف في
الورقة التجارية المخصومة ،إذ تستطيع إعادة خصمها لدى البنك المركزي(بنك المغرب) أو
لدى أي بنك آخر ،أو تحتفظ بالورقة إلى حين حلول أجل استحقاقها فتقدمها للمسحوب عليه
قصد أداء مبلغها .33
وهنا يصبح البنك يتمتع بجميع االمتيازات والحقوق التي يمنحها قانون الصرف للحامل
الشرعي للورق التجارية ،وفي هذا الصدد جاء في قرار لمحكمة االستئناف بفاس بأن" :
للمؤسسة البنكية اتجاه المدينين الرئيسيين باألوراق التجارية وكذا المستفيدين من الخصم
والملتزمين اآلخرين جميع الحقوق المرتبطة بالسندات المخصومة إذ لها حق الرجوع عليهم
جميعا بأداء ما أدته في إطار عملية الخصم طبق المادتين 526و 528من مدونة التجارة.
األمر القاضي باألداء اعتمادا على األوراق المدلى بها والتي ثبت انقضاء المديونية
بشأنها يعد في محله ويتعين تأييده ." 34
31محمد الكيالني :األوراق التجارية -دراسة مقارنة -الموسوعة التجارية والمصرفية ،المجلد الثالث ،مطبعة دار الثقافة عمان ،الطبعة األولى
االصدار الثاني ،2009ص .62
32محمد الكيالني ،المرجع السابق ،ص.62:
33بكور المختار " ،األوراق التجارية في القانون المغرب ي" ،شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع الطبعة األولى ، 1999ص.202 :
34القرار عدد 1544الصادر بتاريخ 2011/11/22في الملف عدد ،2011/1410نقال عن الموقع التالي:
، /https://www.droitetentreprise.comتم االطالع عليه بتاريخ .2021-03-05 :
19
ثانيا :دفع الفائدة والعمولة
لقد نص المشرع المغربي على هذا االلتزام في الفقرة األخيرة من المادة 526من مدونة
التجارة ،التي جاء فيها" :للمؤسسة البنكية مقابل عملية الخصم فائدة وعمولة"
➢ بالنسبة للفائدة :يشمل سعر الخصم الفائدة المستحقة على مبلغ الورقة التجارية خالل
فترة األجل المضمن فيها ،وتمتد هذه الفقرة بين تاريخ إجراء عملية الخصم وتاريخ
االستحقاق ،ويستند هذا الحق إلى االئتمان الذي يقدمه البنك لزبونه طيلة المدة التي
تمكن فيها من الحصول على قيمة الورقة أو السند نقدا قبل حلول أجله .35
ويمكن للزبون أن يتفق مع البنك على سعر محدد للفائدة ،شريطة عدم تجاوز الحد
األقصى المعين لسعر الفائدة من طرف البنك المركزي "بنك المغرب"
➢ بالنسبة للعمولة :تمثل العمولة نسبة معينة من قيمة الورقة التجارية ،ويتقاضاها البنك
عن كل عملية خصم يقوم بها وذلك قصد تغطية النفقات العامة ،36ويدخل في إطار هذه
العمولة المبالغ التي يحددها البنك وفقا للمخاطر التي قد يتعرض لها عند عدم الوفاء،
كذلك مقدار قيمة الورقة والمدة المتبقة لميعاد االستحقاق.
➢ بالنسبة للمصاريف :فتتمثل في المبالغ التي سينفقها البنك بمناسبة تقديمه الورقة
التجارية للمسحوب عليه للوفاء ،أما المبالغ التي سيضطر البنك لصرفها بمناسبة رفعه
لدعوى الرجوع لعدم الوفاء فال تعتبر مصاريف لتحصيل الورقة التجارية ،وإنما هي
مصاريف الدعوى .37
إن الهدف الرئيسي من عملية الخصم يتمثل في حصول الزبون على قيمة الورقة
التجارية قبل حلول أجل استحقاقها ،لذلك فإن أول التزام يقع على المؤسسة البنكية هو التعجيل
20
بدفع قيمة الورقة إلى الزبون (أوال ) ،مع ضرورة التزام البنك باتخاذ اإلجراءات الالزمة
لتحصيل قيمة الورقة التجارية المخصومة(ثانيا).
من خالل تعريف المشرع المغربي لعقد الخصم ،نجد أن أول التزام يقع على المؤسسة
البنكية في عملي ة الخصم هو الوفاء بمبلغ الورقة التجارية للعميل قبل حلول أجل استحقاقها.
هذا األداء الذي يقوم به البنك لزبون في إطار عملية الخصم يتميز بصفات معينة ،أوال مونه
أداء مقدم ،بمعنى أن يعجل البنك قيمة الورقة التجارية المخصومة قبل ميعاد استحقاقها ،38ثانيا
يجب أن يتم هذا األداء بصورة فعلية ال قانونية فقط ،بمعنى أنه ليس للبنك أن يدعي انقضاء
التزامه بوقوع مقاصة بينه وبين حق له في مواجهة العميل ،وذلك ما لم تنصرف إرادة
األطراف إلى معنى مختلف .39
وتجدر اإلشارة إلى أن المقصود بالتنفيذ الفعلي ليس دفع المبلغ نقدا ،بل يكفي أن يوضع
فورا تحت تصرف الزبون ،مثال بأن يقيد في الجانب الدائن لحسابه الجاري .40
وأخيرا يتصف هذا األداء بكونه غير كامل ،وذلك ألن البنك لن يدفع قيمة الورقة
المخصومة كلها بل سيقتطع مما يدفعه للزبون مبلغا يمثل مصاريف الخصم .41
وفي هذا اإلطار ،نشير إلى أن محكمة االستئناف التجارية بفاس قضت في قرار لها بتاريخ
2003/11/12بإلزام المؤسسة البنكية بدفع مقابل األوراق التجارية إلى الزبونة المستفيدة من
عملية الخصم ومما جاء في قرارها هذا " ...وحيث إن البنك المستأنف دفع لوكيل المستأنف
عليها قبل األوان مقابل تفويتها له مبلغ الشيكات التي يحل أجل دفعها في تاريخ معين مقابل
حصول البنك على فائدة وعمولة مقابل عملية الخصم.42 ...
21
إلى جانب دفع قيمة الورقة التجارية إلى العميل ،يلتزم البنك باتخاذ اإلجراءات الالزمة لتحصيل
قيمة الورقة التجارية المخصومة.
ثانيا :التزام البنك باتخاذ اإلج راءات الالزمة لتحصيل قيمة الورقة التجارية المخصومة
لقد سبق وقلنا أن الورقة التجارية في عقد الخصم تنقل من العميل إلى البنك عن طريق
التظهير الناقل للملكية ،بمعنى يصبح البنك الحامل الشرعي للورقة ،وبالتالي فهو ملزم بالقيام
بجميع الواجبات المفروضة على الحامل الشرعي والمنصوص عليها في مدونة التجارة.
وتتمثل هذه الواجبات فيما يلي:
➢ تقديم الورقة التجارية للمسحوب عليه للقبول :لقد أعطى المشرع المغربي للحامل الحرية في
تقديم الكمبيالة للقبول كمبدأ عام ،43وألزمه بهذا التقديم في حاالت معينة وتتمثل هذه األخيرة
في حالة ال ورقة المستحقة األداء بعد مدة من االطالع وحالة وجود شرط التقديم االلزامي
للقبول ,كما أن المشرع أتاح للساحب الحق في وضع شرط عدم التقديم للقبول .44
➢ تقديم الورقة التجارية أو السند للوفاء في ميعاد االستحقاق :الزم المشرع الحامل بتقديم الورقة
التجارية للوفاء في مي عاد االستحقاق ،وفي حالة عدم احترامه لهذا األجل يسقط حقه في
الرجوع على المظهرين وبقية الملتزمين حيث يعتبر حامال مهمال .45
➢ مطالبة المدين األصلي :هذا االلتزام يترتب بذمة البنك الخاصم ،بحيث يتعين عليه أن يطالب
المدين األصلي أوال سواء أكان هذا المدين هو المسحوب عليه أو المحرر ،ونتيجة لذلك
فإنه ليس للبنك أن يطالب العميل إال بالرجوع لعدم الوفاء .46
➢ إقامة محضر االحتجاج لعدم الوفاء :في حالة عدم حصول الوفاء في ميعاد االستحقاق،
يكون من الضروري على المؤسسة البنكية إقامة محضر االحتجاج لعدم الوفاء ،وتبليغه
إلى جميع الموقعين على الورقة التجارية ،تحت طائلة اعتبارها حامال مهمال وسقوط حقها
في الرجوع الصرفي .ويعتبر االحتجاج ذلك المحرر الرسمي الذي يحرره مأمور كتابة
22
الضبط حسب المادة 209من مدونة التجارة إلثبات امتناع المدين األصلي (المسحوب
عليه) عن الوفاء ،فالحامل يكون مل زما بإقامة هذا االحتجاج حتى يحفظ حقه في الرجوع
على الموقعين في إطار الرجوع الصرفي ،غير أنه في بعض الحاالت يكون البنك معفى
من هذا اإلجراء ،كحالة الحكم بالتسوية أو التصفية القضائية للمسحوب عليه ،حالة إقامة
احتجاج عدم القبول حيث يغني هذا األخير عن احتجاج عدم الوفاء ،وحالة إيراد شرط
الرجوع بدون مصاريف ،....كما أن لهذا اإلجراء ميعاد يجب أن يقام داخله نص عليه
المشرع في المادة 197من مدونة التجارة .47
وتجدر اإلشارة إلى أنه يمكن تأجيل استحقاق الورقة أو السند ،إما باالتفاق بين البنك
الخاصم و المدين األصلي ،لكن هذا ا التفاق ال يلزم إال من كان قد وقع عليه ،وبمقتضاه يتم
إطالة حياة الورقة التجارية أو السند ،وإما بإنشاء ورقة تجارية جديدة تتضمن جميع البيانات
المشار إليها في الورقة السابقة باستثناء تاريخ االستحقاق األصلي ،وتكون هذه الورقة مستقلة
عن الورقة األصلية ،وال تلزم إ ال الموقعين عليها .48
المطلب الثاني :ضمانات البنك الخاصم في حالة عدم الوفاء بالسند المخصوم
خول المشرع للبنك الخاصم في الحالة التي ال يتم فيها الوفاء بالورقة التجارية
المخصومة في تاريخ االستحقاق ،مجموعة من اإلجراءات تمكنه من استفاء حقوق وتؤمنه من
أخطار عدم الوفاء وتتمثل هذه الضمانات واإلجراءات في دعوى الرجوع الصرفي ( الفقرة
األولى) ،والقيد العكسي ( الفقرة الثانية).
47جاءت المادة 197من مدونة التجارة بأجلين إلقامة احتجاج عدم الوفاء وذلك بالنظر إلى تاريخ استحقاق الكمبيالة ،فبالنسبة للكمبيالة المستحقة
األداء في يوم معين أو بعد مدة من االطالع أو من تاريخ إنشائها ،فإن إقامة االحتجاج بالنسبة لها يجب أن يتم داخل أحد أيام العمل الخمسة الموالية
ليوم االستحقاق ،أما بالنسبة للكمبيالة المستحقة األداء عند االطالع ،فيجب إقامة االحتجاج بالنسبة لها داخل المدة القانونية لتقدي م الكمبيالة للوفاء،
أي داخل أجل سنة من تاريخها.
48لبنى كطيبي ،المرجع السابق،ص.78:
23
الفقرة األولى :دعوى الرجوع الصرفي
إذا أصبح البنك حامال للورقة المظهرة إليه على سبيل التمليك ،فإنه يتقيد بواجبات
الحامل المعروفة في قانون الصرف ومن أهمها إقامة دعوى الرجوع ،فالبنك في هذه الحالة
يكون صاحب حق أصلي ومباشر في الرجوع على ا لمدين بالورقة التجارية . 49
والمقصود بدعوى الرجوع الصرفي تلك الدعوى التي تستند إلى القانون الصرفي
نتيجة الدين الثابت في الورقة التجارية ،والتي تمكن الدائن من الرجوع على كل الملتزمين
صرفيا بشكل تضامني ودون مراعاة الترتيب الذي ورد به التزامهم ،وتتميز هذه الدعوى بأنها
صرفية مصدرها القانون التجاري وهي تختلف بذلك عن دعوى ملكية المؤونة التي تحكمها
قواعد االلتزام العادي .50
وبالرجوع إلى المادة 528من مدونة التجارة نجدها تنص على أنه" للمؤسسة البنكية
تجاه المدي نين الرئيسيين والمستفيد من الخصم والملتزمين اآلخرين جميع الحقوق المرتبطة
بالسندات المخصومة" .وهكذا يكون للبنك الخاصم الرجوع على المستفيد من الخصم وباقي
الموقعين على الورقة التجارية .هذا ما أكده القضاء المغربي في قرار للمجلس األعلى بتاريخ
..." 200/05/08للمؤسسة البنكية التي قامت بالخصم حقا مرتبطا بالسند المخصوم حسب
القانون المنظم له،كقانون الصرف بالنسبة لخصم األوراق التجارية ،وذلك في مواجهة كل
موقع على السند ،وحقا مستقال عن السند وهو الناتج عن الخصم في مواجهة المستفيد فقط.51 "...
وعلى البنك الخاصم الذي سيباشر هذه الدعوى أن يلتزم باإلجراءات المحددة لذلك
ويمكن إجمال هما في شرطين أساسيين وهما االحتجاج واإلعالم ويلزم على البنك في حالة التقيد
بهذه اإلجراءات وإال اعتبر مهمال .
49سمير ستاوي ،المسؤولية البنكية في مجال خصم األوراق التجارية ،مرجع سابق ،ص.295
50جليل الباز ،دعوى الرجوع الصرفي ،مقال متوفر على الموقع االلكتروني التالي WWW.FRSSIWA.BLOGSPOT.COMتم
االطالع عليه في .2021/05/16
51قرار عدد 659بتاريخ 2002/05/08ملف تجاري عدد ،01/165أورده سمير ستاوي ،المسؤولية البنكية في مجال خصم
األوراق التجارية ،مرجع سابق ،ص.296
24
الفقرة الثانية :القيد العكسي
تنص المادة 502من مدونة التجارة على أنه" :حينما يكون تسجيل دين في الحساب
ناتجا عن ورقة تجارية مقدمة للبنك ،يفترض أن التسجيل لم يتم إال بعد التوصل بمقابلها من
المدين الرئيسي ،ونتيجة لذلك إذ لم تؤد الورقة التجارية في تاريخ االستحقاق فللبنك الخيار في
متابعة الموقعين من أجل استخالص الورقة التجارية.
أو تقييد في رصيد المدين لحساب الدين الصرفي الناتج عن عدم أداء الورقة أو دينه
العادي ردا للقرض ،ويؤدي هذا القيد على انقضاء الدين ،وفي هذه الحالة ترجع الورقة التجارية
إلى الزبون"
ويتضح من خالل مضمون المادة 502أعاله أنه إذا تم خصم الورقة التجارية عن
طريق تسجيلها في الجانب الدائن لحساب الزبون المستفيد من الخصم ،فإنه من حق البنك
الخاص م تقييد قيمتها في الجانب المدين للحساب في حالة عدم أداء المسحوب عليه بقيمتها ،هو
ما يعرف بالقيد العكسي لألوراق التجارية.52
وإن القيد العكسي إجراء يقصد به تحقيق آثار معينة ،ويشترط لصحة القيد العكسي أن
تتوافر فيه مجموعة من الشروط فال يجوز القيام بالقيد العكسي في أي صورة من صوره ،إال
بعد حلول أجل استحقاق الورقة التجارية وعدم الوفاء بقيمتها (أوال) ،وأن يرد في الحساب
باطالع (ثانيا).
اشترط المشرع للقيام بالقيد العكسي حلول أجل استحقاق الورقة التجارية مع عدم الوفاء
بقيمته من طرف المدين األصل ،ما لم يكن البنك المستفيد قد مدد أجل االستحقاق قبل حلول
موعده ،فال يجوز إال متى حل األجل الجديد ،أما إذا حل األجل األصلي وطولب المدين فاستمهل
52سمير الستاوي ،المسؤولية البنكية في مجال خصم األوراق التجارية ،مرجع سابق ،ص 290
25
البنك فأمهله ،فإن وفاء الورقة يعتبر مرفوضا ،فيكون من حف البنك إجراء القيد العكسي
بالرغم من هذا اإلمهال.53
وقد أكد المشرع المغربي على هذا الشرط من خالل المادة 502السالفة الذكر ،حيث
خير البنك من خاللها بين إمكانية متابعة الموقعين على الورقة التجارية ،أو إجراء القيد العكسي
في الجانب المدين لحساب الزبون المستفيد من وذلك إذا لم ِيدي قيمة تلك الورقة عند حلول
54
أجل استحقاقها
وباعتبار القيد العكسي إمكانية تعزز الضمانات المتاحة للبنك ،فهي ترتبط أساسا بحلول
أجل استحقاقها وعدم الوفاء بقيمتها ،حينها فقط يمكن للبنك إما متابعة جميع الموقعين عليها،
أو إجراء القيد العكسي ويؤدي هذا القيد إلى انقضاء دين البنك في جانب الزبون. 55
بهذا الخصوص نجد أن اإلشكال المطروح هو مدى إمكانية البنك القيام في حالة عدم
الوفاء بقيمة الورقة التجا رية محل عقد الخصم في تاريخ االستحقاق من قبل الملزم بها،
وتفضيلها الرجوع صرفيا عن طريق القيد العكسي ،إلى إرجاعه في حساب آخر غير الحساب
باالطالع.
وبالرجوع إلى مضمون المادة 502من مدونة التجارة السالفة الذكر بحيث هي المادة
الوحيدة التي تناولت الحديث المقتضيات المتعلقة بالقيد العكسي ،نجدها لم تتعرض بتاتا لهذا
اإلشكال ،األمر الذي يتطلب معه الرجوع إلى االجتهاد الفقهي والقضائي.
ب حيث أن الفقه والقضاء الفرنسيين يتفقان على أن القيد العكسي الذي يجرى في الحساب
الخاص ال يعتبر بمثابة وفاء وال يجرد البنك من حقه في االحتفاظ بملكية الورقة التجارية من
أجل متابعة الملتزمين بها.
53علي جمال الدين عوض ،عمليات البنوك من الوجهة القانونية ،م س ،ص 852
54وقد نصت عبى هذا الشرط معظم التشريعات القانونية ،نذكر منها القانون المصري في المادة 375من قانون التجارة التي جاء فيها" :ال يجوز
إجراء القيد العكسي إال فيما يتعلق باألوراق التجارية التي لم تفع في مواعيد استحقاقها ،ويقع باطال كل اتفاق على غير ذلك"
55ياسين مساعف ،عملية استخالص األوراق التجارية على ضوء القانون والممارسة البنكية،رسالة لنيل دبلوم الدراسات المعمقة في القانون
الخاص ،وحدة قانون التجارة واألعمال ،جامعة محمد الخامس الظسوسيس الرباط ،2004 ،ص .106
26
وعليه فإن القيد العكسي ال يؤدي وظيفته وال يرتب آثاره القانونية من انقضاء دين البنك
اتجاه الزبون ،وإلزامه بإرجاع الورقة غير المؤداة إليه ،إال إذا تم في الحساب باالطالع وليس
ما يعرف بالحساب الخاص ، 56ولعل الغاية من ذلك تتجلى في أن البنوك عملت على إيداع تقنية
الحساب الخاص من أجل عزل دينها حتى ما إذا كانت وضعية الزبون مدينة بشكل ال يسمح
للبنك باستيفاء دينه ،وقام بإجراء قيد عكسي فإن ذلك ال يخول للبنك االحتفاظ بملكية الورقة
التجارية للرجوع صرفيا وتضامنيا على الملتزمين بها.
خاتمة
وختاما يمكن القول بأن عملية الخصم االئتمانية التي تباشرها األبناك على األوراق
التجارية تعد أبرز وسيلة لتعبئ ة الديون القصيرة و المتوسطة األجل ،كونها تمكن الزبناء من
الحصول على المبالغ المالية التي هم بحاجة ماسة إليها قبل ميعاد استحقاق الورقة التجارية
لتسديد ديونهم الحالة ،و بذلك يكون للخصم دورا مهما في تنمية مناخ األعمال والتجارة والدفع
بعجلة االقتصاد نحو التقدم.
✓ رغم األهمية الكبيرة التي تتمتع بها عملية الخصم في مجال التجارة واألعمال فإن المشرع
المغربي لم يعرها اهتماما كبيرا ،حيث لم يخصص لها سوى ثالثة مواد في مدونة التجارة
( 526و 527و ،)528الشيء الذي يطرح إشكاالت عديدة يصعب معالجتها في ظل غياب
ترسانة قانونية محك مة وشاملة ،وبالتالي على المشرع المغربي أن يعمل على مواكبة
التطور الذي يعرفه مجال االستثمار واألعمال ،وذلك من خالل صياغة نصوص قانونية
وإدخال تعديالت جديدة على المدونة تواكب هذا التطور.
✓ يجب تقوية الضمانات التي تشترطها البنوك على زبنائها للقيام بعمليات الخصم ،وذلك
عبر وضع قواعد قانونية مضبوطة بشكل يحفظ التوازن في العالقات التعاقدية بين البنك
والزبون ،وكذا تأمين البنك من أي خطر قد يعترضه في حالة عجز الزبون أو عدم وفائه.
أوهروش محمد ،خصم األوراق التجارية كعملية بنكية على ضوء التشريع المغربي والمقارن ،المرجع السابق ،ص .80 56
27
✓ بالنسبة لآلليات التي يتم بها خصم الورقة التجارية فإن مدونة التجارة لم تحدد المراحل
والكيفية التي تتم بها ،فعلى المشرع أن يتدارك هذا الفراغ التشريعي وأن يزيل اللبس عن
هذا األمر.
كما نشير إلى أن هذا الموضوع رغم المكانة التي يحظى بها في الواقع العملي إال أن
الدراسات و األبحاث القانونية التي تناولت الموضوع تبقى قليلة مقارنة بأهميته ،وهذا ربما
يمكن إرجاعه للفراغ التشريعي الحاصل.
وعليه ندعو كل المهتمين والباحثين في المجال القانوني عامة ومجال األعمال خاصة
إلى البحث في الموضوع والتركيز على الفراغات التشريعية التي تعتريه حتى يتفطن المشرع
لذلك ويعمل على معالجتها.
28
قائمة المراجع
❖ الكتــــــــب
-علي جمال الدين عوض ،عمليات البنوك من الوجهة القانونية في قانون التجارة الجديد
وتشريعات البالد العربية ،دار النهضة العربية القاهرة ،طبعة .2000
-سمير الستاوي ،المسؤولية البنكية في مجال خصم األوراق التجارية ،دار السالم
للطباعة والنشر والتوزيع الرباط ،الطبعة األولى .2015
-حسني المصري ،القانون التجاري عمليات البنوك – الودائع النقدية الخزائن الحديدية
-فتح االعتماد -القبول االئتماني ،دون ذكر المطبعة .1987 ،
-
هاني محمد دويدار ،العقود التجارية والعمليات المصرفية ،مطبعة اإلشعاع
اإلسكندرية مصر ،طبعة .1994
-
محمد مومن،الوجيز في أحكام وسائل األداء و االئتمان في القانون المغربي،مطبعة
النجاح الجديدة-الدار البيضاء،الطبعة األولى .2020
-
محمد جنكل ،العمليات البنكية ،الجزءاألول ،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء،
الطبعة األولى.2003 ،
-مأمون الكزبري ،نظرية االلتزامات في ضوء قانون االلتزامات و العقود المغربي،
دون ذكر المطبعة ،بيروت .1978
-محمد صبري ،األخطاء البنكية ،مطبعة النجاح الدار البيضاء ،الطبعة األولى.2007،
-محمد جنكل ،العمليات البنكية ،الجزء األول -العمليات البنكية المباشرة ،الجزء األول،
م طبعة النجاح،الدار البيضاء،الطبعة الثانية.2010،
-عبد اإلاله المحبوب و حنان البكوري ،شرح وسائل األداء و االئتمان ،مطبعة سجلماسة
مكناس ،طبعة .2018
أحمد شكري السباعي ،الوسيط في األوراق التجارية ،مطبعة المعارف الجديدة ،طبعة -
.1998
29
-
محمد الكيالني :األوراق التجارية -دراسة مقارنة -الموسوعة التجارية والمصرفية،
المجلد الثالث ،مطبعة دار الثقافة عمان ،الطبعة األولى االصدار الثاني .2009
-
بكور المختار " ،األوراق التجارية في القانون المغربي" ،شركة بابل للطباعة والنشر
والتوزيع الطبعة األولى .1999
❖ الرسائــــل
-لبنى كطيبي ،العمليات البنكية-الخصم نموذجا ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون
الخاص ،جامعة عبد المالك السعدي ،كلية الحقوق بطنجة.2018/2017،
-محمد أو هروش ،خصم األوراق التجارية كعملية بنكية على ضوء التشريع المغربي و
المقارن ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون األعمال والمقاوالت ،جامعة محمد
الخامس-السويسي ،الرباط.2008،
-مصطفى الهوامي ،خصم األوراق التجارية في إطار العمليات البنكية ،رسالة لنيل دبلوم
الماستر في القانون الخاص،جامعة القاضي عياض ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
و االجتماعية بمراكش.2011-2010 ،
-ف ائزة لبيض ،عملية الخصم في السفتجة و السند ألمر"دراسة مقارنة" ،رسالة ماجستير،
قسم القانون الخاص،جامعة منتوري ،كلية الحقوق قسنطينة.2006-2005 ،
-
ياسين مساعف ،عملية استخالص األوراق التجارية على ضوء القانون والممارسة
البنكية،رسالة لنيل دبلوم الدراسات المعمقة في القانون الخاص ،وحدة قانون التجارة
واألعمال ،جامعة محمد الخامس الظسوسيس الرباط.2004 ،
-
عبد هللا الخطيب،خصم الورقة التجارية ،رسالة ماجستير ،قسم القانون الخاص ،جماعة
اليرموك ،كلية القانون،األردن.2011،
❖ مواقع إلكترونية
https://anibrass.blogspot.com/2014/11/blog-post.html
https://www.droitetentreprise.com
WWW.FRSSIWA.BLOGSPOT.CO
30
مقدمة1..............................................................................................
المبحث األول :الطبيعة القانونية لعقد الخصم الوارد على األوراق التجارية4.......
المطلب األول :تحديد األساس القانوني لعقد الخصم وتمييزه عن بعض النظم المشابهة4....
الفقرة األولى :التكييف القانوني لعقد الخصم4........................................................
أوال :نظرية الشكل5........................................................................................
ثانيا :نظرية الموضوع6...................................................................................
ثالثا :الخصم عملية مصرفية مركبة7...................................................................
الفقرة الثانية :تمييز الخصم عن بعض التصرفات القانونية المشابهة8..........................
أوال :تميز الخصم البنكي عن االستخالص9...........................................................
ثانيا :تمييز عقد الخصم البنكي عن عقد القرض10 .....................................................
ثالثا :تمييز الخصم عن االعتماد بالقبول11 ..............................................................
المطلب الثاني :إبرام عقد الخصم11 .....................................................................
الفقرة األولى:أطراف عقد الخصم12 ....................................................................
أوال:الشروط الموضوعية14..............................................................................
ثانيا:الشروط الشكلية 16..................................................................................
المبحث الثاني :آثار الخصم على األوراق التجارية18...................................
المطلب األول :التزامات األطراف في عقد الخصم18................................................
الفقرة األولى :التزامات الزبون في عملية الخصم18 .................................................
أوال :تسليم الورقة للبنك على وجه التملك18 ............................................................
ثانيا :دفع الفائدة والعمولة20 ...............................................................................
الفقرة الثانية :التزامات المؤسسة البنكية في إطار عملية الخصم20 ..............................
31
أوال :دفع مقابل الحق المخصوم21 .......................................................................
ثانيا :التزام البنك باتخاذ اإلجراءات الالزمة لتحصيل قيمة الورقة التجارية المخصومة22....
ال مطلب الثاني :ضمانات البنك الخاصم في حالة عدم الوفاء بالسند المخصوم23 ...........
الفقرة األولى :دعوى الرجوع الصرفي24 ..............................................................
الفقرة الثانية :القيد العكسي 25 ..........................................................................
أوال :حلول أجل االستحقاق وعدم األداء25 ..............................................................
ثانيا :ضرورة إجراء القيد العكسي في الحساب باالطالع26 ..........................................
خاتمة27.....................................................................................................
قائمة المراجع29 ............................................................................................
الفهرس31...................................................................................................
32