Amira Mahmoud's Reviews > مادونا صاحبة معطف الفرو

مادونا صاحبة معطف الفرو by Sabahattin Ali
Rate this book
Clear rating

by
23833335
's review

really liked it
bookshelves: translated, أدب-روايات, كتبي-المفضلة

في الحب؛ لا شيء يعبر عن وجهة نظري بكل دقة كتلك الجملة التي قالتها ميلينا لكافكا في أحدى رسائلهما "وإن كنت مجرد جثة في العالم فأنا أحبك" وبغض الطرف عن قائلها ومتلقيها وعن قصتهما معًا، وبغض الطرف عن تحول تلك الجملة مؤخرًا إلى أحدى التريندات كالمعتاد، وبغض الطرف عن كل شيء عدا عمق تلك الجملة فإنها تعبر تمامًا بلا زيادة ولا نقصان عن مفهوم الحب لديّ.
يُقال إنك حين تحب لا ترى إلا مزايا من تحب، تلك الأشياء اللامعة والبراقة به التي تجذبك إليه كالمغناطيس، تتأملها، تتشبعها، حتى أنك تود لو تحفرها داخلك وهناك وجهة نظر أخرى أكثر مثالية تقول أنه حتى تلك الأشياء القبيحة في الحبيب، عيوبه كبشريّ، يراها المحب مزايا حتى وإن كانت هي الأشياء عينها التي يبغضها في السابق آلاف المرات.
هل لهذا يُقال أن الحب أعمى؟ وهل لمثل هذا الحب أن يدوم؟ ماذا إذا عاد لأحدهما بصره؟

في رأيي الحب الذي يدوم حقًا هو ذلك الذي يتعرى فيه كل طرف ويتجرد عن عيوبه، هذا يتطلب ثقة أعمق، جرأة أعمق وبالتالي محبة أعمق!
هل هذا كل ما في الأمر؟ لا ليس فقط اظهار العيوب ولا حتى تقبلها والرضا بها على مضض بما يسمى سخافة التضحية، وكأننا لا نملك نحن أيضًا عيوبًا يكلف الطرف الآخر نفسه عناء تقبلها أيضًا بل الحالة الأسمى هي تلك التي ترى عيوب من تحب فيها وتتقبلها كجزء أصيل منه، من شخصيته ووجوده دون أن تقوم بتغييره وإعادة تصليحه من جديد وكأننا آلهة تقوم بنحت وترميم خلق آلهة أخرى فقط لأن ذلك الخلق لا يعجبها!
هل لهذا أحببت مادونا صاحبة معطف الفرو؟ بالطبع؛ فكلا البطلين ها هنا يدرك عيوب الآخر؛ كلاهما كان يدرك أنه ربما سيعاني مع الآخر فهو يدرك تمامًا كم هي تالفة، منهكة، وربما لن تستطيع أن تبذل جهدًا كبيرًا في الحب وهي كانت تدرك هشاشته، توحده مع ذاته، كانت تخبره دومًا أنه يشبه الفتيات هكذا وكأن الأمر لا يستحق أن تتوقف عنده كثيرًا وهذا هو تمامًا –في رأيي- جوهر جملة ميلينا؛ وإن كنت مجرد جثة في العالم فأنا-لا يهمني لأنني- أحبك.
هكذا أفهم هذه الجملة كلما قرأتها!

هل هذا فقط هو ما جعلني أحببت قصة مادونا وذلك الفتى التركي؟ لا؛ فبعيدًا عن ثرثرتي الخاصة بالعيوب وما إلى ذلك (فهذه لا تعدو كونها أحدى تحليلاتي/شطحاتي السخيفة حين اقرأ عملاً ما وأنغمس فيه) لكننى أحببتها لذاتها، لخفتها؛ أحب قصص الحب الرشيقة؛ تلك التي لا تبذل جهدًا كبيرًا كي تبرهن عن وجودها وحضورها، عن تفردها؛ بلا إفراط يفقدها رومانسيتها ويحولها إلى شيء لزج، ولا بعقلانية زائدة تحولها من شيء كلاسيكي ناعم إلى جمود لا يشبه قصص الحب أبدًا.
حين تأتي فكرة الحب إلى ذهني أتخيل أكواب كثيرة من القهوة، دخان سجائر وثرثرة لا تنتهي عن الكُتب والكتابة وكل ما يشبههما؛ أحيانًا أخرى أتخيله مقطوعة موسيقية شاعرية يصاحبها حديث محموم عن الأفلام؛ وأحيانًا أخرى أتخيله لوحة فنية لا يفهمها أحد ولا حتى الرسام يقف أمامها اثنين بصمت؛ في مادونا صاحبة معطف الفرو كانت قصتهما تشبه كثيرًا تخيلي الثالث؛ وإن كان ببعض الأختلافات الطفيفة وبعض الأضافات التي تمثل الحب القديم آنذاك كيف كان صعبًا، كيف كان عزيزًا، وكيف كان ذلك يزيد من تفرده وتوهجه عكس ما هو متوقع تمامًا.
حين أنتهيت منها رفعت رأسي بحيرة، وتساءلت؛ لما لم يعد الحب في جيلنا بمثل هذا الجمال والشاعرية؟

الرواية ممتعة، كنت أشعر وأنا اقرأ الجزء الأول منها وكأنني بداخل أحدى روايات دوستويفسكي بشخوصها الكثيرة والمتشعبة وفي الجزء الثاني كنت أشعر وكأنني في أحدى روايات غيوم ميسو الرومانسية وروايات كونديرا التي تمزج بين الفلسفة والحب؛ الفارق ها هنا هو أن فلسفة هذه الرواية بسيطة وخفيفة كما أسلوب كاتبها.

تمنيت لو أنه حين عاد إلى الجزء الأول مرة ثانية في النهاية كان حاول استكماله بشكل أعمق، بطريقة يتعرض معها لكل شخصية من شخصيات تلك العائلة الكبيرة ومصير كل منهم بعد تحول الأحداث.
وددت لو كان أستغل كاتبها غزارة مادته في خلق مزيد من الصفحات/الحيوات الأخرى
لكنها وفي كل الأحوال تظل رواية ممتعة ولطيفة.

تمّت
84 likes · flag

Sign into Goodreads to see if any of your friends have read مادونا صاحبة معطف الفرو.
Sign In »

Reading Progress

Started Reading
December 28, 2016 – Shelved
December 28, 2016 – Shelved as: translated
December 28, 2016 – Shelved as: أدب-روايات
December 28, 2016 – Shelved as: كتبي-المفضلة
December 28, 2016 – Finished Reading

Comments Showing 1-5 of 5 (5 new)

dateDown arrow    newest »

حلوى القطن لقد حلّقت هنا بشكلٍ مُلفت.. مراجعتكِ مذهلة، وشطحاتك بالتحليل كذلك.. كنت سأهمّ في قراءة الرواية بعد يومين ولكني تشوقت للشعور الّذي ستتركه بي بعد الإنتهاء منها. سلمتِ أميرة.


Amira Mahmoud حلوى wrote: "لقد حلّقت هنا بشكلٍ مُلفت.. مراجعتكِ مذهلة، وشطحاتك بالتحليل كذلك.. كنت سأهمّ في قراءة الرواية بعد يومين ولكني تشوقت للشعور الّذي ستتركه بي بعد الإنتهاء منها. سلمتِ أميرة."

كلماتك أسعدتني والله، شكرًا لكِ ♥


 Ahmet Sbaai حين تأتي فكرة الحب إلى ذهني أتخيل أكواب كثيرة من القهوة، دخان سجائر وثرثرة لا تنتهي عن الكُتب والكتابة وكل ما يشبههما؛ أحيانًا أخرى أتخيله مقطوعة موسيقية شاعرية يصاحبها حديث محموم عن الأفلام؛ وأحيانًا أخرى أتخيله لوحة فنية لا يفهمها أحد ولا حتى الرسام يقف أمامها اثنين بصمت.
بدأت قراءتها وفي البال هذه الجملة ..
شكرا


Nouf "حين تأتي فكرة الحب إلى ذهني أتخيل أكواب كثيرة من القهوة، دخان سجائر وثرثرة لا تنتهي عن الكُتب والكتابة وكل ما يشبههما؛ أحيانًا أخرى أتخيله مقطوعة موسيقية شاعرية يصاحبها حديث محموم عن الأفلام؛ وأحيانًا أخرى أتخيله لوحة فنية لا يفهمها أحد ولا حتى الرسام يقف أمامها اثنين بصمت"


ما أجملك


message 5: by Mostafa (new) - added it

Mostafa Ashraf أعجبني مراجعتك للكتاب،، و شعرت بالفعل في أول الكتاب اني أقرأ ل دوستويفسكي.
وطالما أردت أن اقرأ رسائل كافكا لميلينا


back to top